طعوناتهم في عائشة رضي الله عنها
قال شيخ الإسلام في رده على الرافضي :
وأما الحديث الذين رواه وهو قوله لها: «تقاتلين عليًّا وأنت ظالمة له» فهذا لا يُعرف في شيء من كتب العلم المعتمدة، ولا له إسناد معروف، وهو بالموضوعات المكذوبات أشبه منه بالأحاديث الصحيحة، بل هو كذب قطعاً، فإن عائشة لم تقاتل ولم تخرج لقتال، وإنما خرجت لقصد الإصلاح بين المسلمين، وظنت أن في خروجها مصلحة للمسلمين، ثم تبين لها فيما بعد أن ترك الخروج كان أَوْلى، فكانت إذا ذكرت خروجها تبكي حتى تبل خمارها.
وهكذا عامة السابقين ندموا على ما دخلوا فيه من القتال، فندم طلحة والزبير وعليّ – رضي الله عنهم – أجمعين، ولم يكن يوم الجمل لهؤلاء قصد في الاقتتال، ولكن وقع الاقتتال بغير اختيارهم، فإنه لما تراسل عليّ وطلحة والزبير، وقصدوا الاتفاق على المصلحة، وأنهم إذا تمكّنوا طلبوا قتلة عثمان أهل الفتنة، وكان عليّ غير راض بقتل عثمان ولا مُعِيناً عليه، كما كان يحلف فيقول: والله ما قتلت عثمان ولا مالأت على قتله، وهو الصادق البار في يمينه، فخشي القتلة أن يتفق عليٌّ معهم على إمساك القتلة، فحملوا على عسكر طلحة والزبير، فظن طلحة والزبير أن عليًّا حمل عليهم، فحملوا دفعاً عن أنفسهم، فظن عليّ أنهم حملوا عليه، فحمل دفعاً عن نفسه، فوقعت الفتنة بغير اختيارهم، وعائشة – رضي الله عنها – راكبة: لا قاتلت، ولا أمرت بالقتال. هكذا ذكره غير واحد من أهل المعرفة بالأخبار.
وأما قوله: «وخالفت أمر الله في قوله تعالى: }وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى{[سورة الأحزاب: 33]» فهي – رضي الله عنها – لم تتبرج تبرج الجاهلية الأولى. والأمر بالاستقرار في البيوت لا ينافي الخروج لمصلحة مأمور بها، كما لو خرجت للحج والعمرة، أو خرجت مع زوجها في سفرة، فإن هذه الآية قد نزلت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد سافر بهن [رسول الله صلى الله عليه وسلم] بعد ذلك، [كما سافر] في حجة الوداع بعائشة – رضي الله عنها – وغيرها، وأرسلها مع عبد الرحمن أخيها فأردفها خلفه، وأعمرها من التنعيم. وحجة الوداع كانت قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بأقل من ثلاثة أشهر بعد نزول هذه الآية، ولهذا كان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يحججن كما كن يحججن معه في خلافة عمر – رضي الله عنه – وغيره، وكان عمر يوكّل بقطارهن عثمان أو عبد الرحمن بن عوف، وإذا كان سفرهن لمصلحة جائزاً فعائشة اعتقدت أن ذلك السفر مصلحة للمسلمين، فتأوّلت في ذلك.
وهذا كـما أن قول الله تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ{ [سورة النساء: 29]، [وقوله]: }وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ{ [سورة النساء: 29] يتضمن نهي المؤمنين عن قتل بعضهم بعضًا، كما في قوله:}وَلاَ تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ{ [سورة الحجرات: 11]، وقوله: }لَوْلاَ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا{ [سورة النور: 12].
وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا» وقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار». قيل: يا رسول الله، هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: «كان حريصاً على قتل صاحبه».
فلو قال قائل: [إن] عليًّا ومن قاتله قد التقيا بسيفيهما، وقد استحلّوا دماء المسلمين، فيجب أن يلحقهم الوعيد.
لكان جوابه: أن الوعيد لا يتناول المجتهد المتأوّل وإن كان مخطئاً، فإن الله تعالى يقول في دعاء المؤمنين: }رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا{ [سورة البقرة: 286] قال: «قد فعلت». فقد عُفِيَ للمؤمنين عن النسيان والخطأ، والمجتهد المخطئ مغفور له خطؤه، وإذا غُفر خطأ هؤلاء في قتال المؤمنين فالمغفرة لعائشة لكونها لم تقرّ في بيتها إذا كانت مجتهدة أَوْلى.
وأيضاً فلو قال قائل: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن المدينة تنفي خَبَثَها وينصع طِيبُها». وقال: «لا يخرج أحد من المدينة رغبة عنها إلا أبدلها الله خيراً منه» أخرجه في الموطأ. [كما في الصحيحين عن زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنها طَيْبة (يعني المدينة) وإنها تنفي الرجال كما تنفي النار خبث الحديد»، وفي لفظ: «تنفي الخبث كما تنفي النار خبث الحديد، وفي لفظ: «تنفي الخبث كما تنفي النار خبث الفضة»]. وقال: إن عليًّا خرج عنها ولم يقم بها كما أقام الخلفاء قبله، ولهذا لم تجتمع عليه الكلمة. لكان الجواب: أن المجتهد إذا كان دون عليّ لم يتناوله الوعيد، فعليّ إلى أن لا يتناوله الوعيد لاجتهاده، وبهذا يجاب عن خروج عائشة – رضي الله عنها -. وإذا كان المجتهد مخطئاً فالخطأ مغفور بالكتاب والسنة.
وأما قوله: «إنها خرجت في ملأ من الناس تقاتل عليًّا على غير ذنب».
فهذا أولاً: كذب عليها. فإنها لم تخرج لقصد القتال، ولا كان أيضاً طلحة والزبير قصدهما قتال عليّ، ولو قدر أنهم قصدوا القتال، فهذا هو القتال المذكور في قوله تعالى: }وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ{ [سورة الحجرات: 9، 10] فجعلهم مؤمنين إخوة مع الاقتتال، وإذا كان هذا ثابتًا لمن هو دون أولئك المؤمنين فهم به أَوْلى وأحرى.
وأما قوله: «إن عائشة كانت في كل وقت تأمر بقتل عثمان، وتقول في كل وقت: اقتلوا نعثلاً، قتل الله نعثلاً، ولما بلغها قتله فرحت بذلك».
فيقال له: أولاً: أين النقل الثابت عن عائشة بذلك؟
ويقال: ثانياً: المنقول الثابت عنها يكذّب ذلك، ويبين أنها أنكرت قتله، وذمّت من قتله، ودعت على أخيها محمد وغيره لمشاركتهم في ذلك.
ويقال: ثالثاً: هب أن واحداً من الصحابة: عائشة أو غيرها قال ذلك على وجه الغضب، لإنكاره بعض ما ينكر، فليس قوله حجة، ولا يقدح ذلك لا في إيمان القائل ولا المقول له، بل قد يكون كلاهما وليَّا لله تعالى من أهل الجنة، ويظن أحدهما جواز قتل الآخر، بل يظن كفره، وهو مخطئ في هذا الظن.
كما [ثبت] في الصحيحين عن عليّ وغيره في قصة حاطب بن أبي بلتعة، وكان من أهل بدر والحديبية. وقد ثبت في الصحيح أن غلامه قال: يا رسول الله، والله! ليدخلن حاطب النار. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «كذبت، إنه قد شهد بدراً والحديبية». وفي حديث عليّ أن حاطباً كتب إلى المشركين يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أراد غزوة الفتح فأطلع الله نبيه على ذلك، فقال لعليّ والزبير: «اذهبا حتى تأتيا روضة خاخ، فإن بها ظعينة معها كتاب». فلما أتيا بالكتاب، قال: «ما هذا يا حاطب؟» فقال: والله يا رسول الله ما فعلت هذا ارتداداً ولا رضاً بالكفر، ولكن كنت امرئ ملصقًا في قريش، ولم أكن من أنفسهم، وكان من معك من المهاجرين لهم بمكة قرابات يحمون بها أهليهم، فأحببت إذ فاتني ذلك أن أتخذ عندهم يداً يحمون بها قرابتي. فقال عمر – رضي الله عنه -: دعني أضرب عنق هذا المنافق. فقال: «إنه شهد بدراً، وما يدريك أن الله اطَّلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم». وأنزل الله تعالى أوّل سورة الممتحنة: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ{ الآية. [سورة الممتحنة: 1]. وهذه القصة مما اتفق أهل العلم على صحتها، وهي متواترة عندهم، معروفة عند علماء التفسير، وعلماء الحديث، وعلماء المغازي والسير والتواريخ، وعلماء الفقه، وغير هؤلاء. وكان عليّ – رضي الله عنه – يحدّث بهذا الحديث في خلافته بعد الفتنة، وروى ذلك عنه كاتبه عبد الله بن أبي رافع ليبيّن [لهم] أن السابقين مغفور لهم، ولو جرى منهم ما جرى.
فإن عثمان وعليًّا وطلحة والزبير أفضل باتفاق المسلمين من حاطب بن أبي بلتعة، وكان حاطب مسيئاً إلى مماليكه، وكان ذنبه في مكاتبة المشركين وإعانتهم على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أعظم من الذنوب التي تضاف إلى هؤلاء، ومع هذا فالنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتله، وكذََََّب من قال: إنه يدخل النار، لأنه شهد بدراً والحديبية، وأخبر بمغفرة الله لأهل بدر. ومع هذا فقد قال عمر – رضي الله عنه -: دعني أضرب عنق هذا المنافق. فسمَّاه منافقاً، واستحلَّ قتله، ولم يقدح ذلك في إيمان واحدٍ منهما، ولا في كونه من أهل الجنة.
وكذلك في الصحيحين [وغيرهما] في حديث الإفك لما قام النبي صلى الله عليه وسلم خطيباً على المنبر يعتذر من رأس المنافقين عبد الله بن أُبَيّ فقال: «من يعذرني من رجل [قد] بلغني أذاه في أهلي، والله! ما علمت على أهلي إلا خيراً، ولقد ذكروا رجلاً ما علمت عليه إلا خيراً». فقام سعد بن معاذ سيد الأوس، وهو الذي اهتز لموته عرش الرحمن، وهو الذي كان لا تأخذه في الله لومة لائم، بل حكم في حلفائه من بني قريظة بأن يقتل مقاتلهم وتسبى ذراريهم وتغنم أموالهم، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة». فقال: يا رسول الله! نحن نعذرك منه. إن كان من إخواننا من الأوس ضربنا عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا فيه أمرك. فقام سعد بن عبادة فقال: كذبت لعمر الله، لا تقتله ولا تقدر على قتله. فقام أُسَيْد بن حضير، فقال: كذبت لعمر الله لنقتلنه، فإنك منافق تجادل عن المنافقين. وكادت تثور فتنة بين الأوس والخزرج، حتى نزل النبي صلى الله عليه وسلم وخفَّضهم.
وهؤلاء الثلاثة من خيار السابقين الأوَّلين، وقد قال أُسيد بن حضير لسعد بن عبادة: «إنك منافق تجادل عن المنافقين» وهذا مؤمن وليٌّ لله من أهل الجنة، وذلك مؤمن وليٌّ لله من أهل الجنة؛ فدل على أن الرجل قد يكفِّر آخر بالتأويل، ولا يكون واحداً منهما كافر.
وكذلك في الصحيحين حديث عتبان بن مالك لما أتى النبي صلى الله عليه وسلم منزله في نفر من أصحابه، فقام يصلِّي وأصحابه يتحدثون بينهم، ثم أسندوا عظم ذلك إلى مالك ابن الدُّخْشُم، وودوا أن النبيصلى الله عليه وسلم دعا عليه فيهلك، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته وقال: «أليس يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله؟» قالوا: [بلى] وإنه يقول ذلك، وما هو في قلبه. فقال: «لا يشهد أحد أن لا إله إلا الله وأنّي رسول الله فيدخل النار أو تَطْعَمَهُ».
وإذا كان ذلك فإذا ثبت أن شخصاً من الصحابة: إمّا عائشة، وإمّا عمار بن ياسر، وإما غيرهما: كفّر آخر من الصحابة: عثمان أو غيره، أو أباح قتله على وجه التأويل – كان هذا من باب التأويل المذكور، ولم يقدح ذلك في إيمان واحد منهما، ولا في كونه من أهل الجنة؛ فإن عثمان وغيره أفضل من حاطب بن بلتعة، وعمر أفضل من عمَّار وعائشة وغيرهما، وذنب حاطب أعظم، فإذا غُفر لحاطب ذنبه، فالمغفرة لعثمان أَوْلى، وإذا جاز أن يجتهد مثل عمر وأُسيد بن حضير في التكفير أو استحلال القتل، ولا يكون ذلك مطابقاً، فصدور مثل ذلك من عائشة وعمّار أَوْلى.
ويقال: رابعاً: [إن] هذا المنقول عن عائشة من القدح في عثمان: إن كان صحيحاً فإما أن يكون صواباً أو خطأً، فإن كان صواباً لم يُذكر في مساوئ عائشة، وإن كان خطأ لم يذكر في مساوئ عثمان، والجمع بين نقص عائشة وعثمان باطل قطعاً. وأيضاً فعائشة ظهر منها من التألم لقتل عثمان، والذم لقتلته، وطلب الانتقام منهم ما يقتضي الندم على ما ينافي ذلك، كما ظهر منها الندم على مسيرها إلى الجمل؛ فإن كان ندمها على ذلك يدل على فضيلة عليّ واعترافها له بالحق، فكذلك هذا يدل على فضيلة عثمان واعترافها له بالحق، وإلا فلا.
وأيضاً فما ظهر من عائشة وجمهور الصحابة وجمهور المسلمين من الملام لعليّ أعظم مما ظهر منهم من الملام لعثمان؛ فإن كان هذا حجة في لوم عثمان فهو حجة في لوم عليّ، وإن لم يكن حجة في لوم عليّ، فليس حجة في لوم عثمان. وإن كان المقصود بذلك القدح في عائشة لمَّا لامت عثمان وعليًّا، فعائشة في ذلك مع جمهور الصحابة، لكن تختلف درجات الملام.
وإن كان المقصود القدح في الجميع: في عثمان، وعليّ، وطلحة، والزبير، وعائشة، واللائم والملوم.
قيل: نحن لسنا ندّعي لواحد من هؤلاء العصمة من كل ذنب، بل ندَّعي أنهم من أولياء الله المتقين، وحزبه المفلحين، وعباده الصالحين، وأنهم من سادات أهل الجنة، ونقول: [إن] الذنوب جائزة على من هو أفضل منهم من الصدِّيقين، ومن هو أكبر من الصدِّيقين، ولكن الذنوب يُرفع عقابها بالتوبة والاستغفار والحسنات الماحية والمصائب المكفِّرة، وغير ذلك، وهؤلاء لهم من التوبة والاستغفار والحسنات ما ليس لمن هو دونهم، وابتلوا بمصائب يكفِّر الله بها خطاياهم، لم يبتل بها من دونهم، فلهم من السعي المشكور والعمل المبرور ما ليس لمن بعدهم، وهم بمغفرة الذنوب أحق من غيرهم ممن بعدهم.
والكلام في الناس يجب أن يكون بعلم وعدل، لا بجهل وظلم كحال أهل البدع؛ فإن الرافضة تعمد إلى أقوام متقاربين في الفضيلة، تريد أن تجعل أحدهم معصوماً من الذنوب والخطايا، والآخر مأثوماً فاسقاً أو كافراً، فيظهر جهلهم وتناقضهم، كاليهودي والنصراني إذا أراد أن يثبت نبوّة موسى أو عيسى، مع قدحه في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، فإنه يظهر عجزه وجهله وتناقضه، فإنه ما من طريق يثبت بها نبوّة موسى وعيسى إلا وتثبت نبوة محمد صلى الله عليه وسلم بمثلها أو بما هو أقوى منها، وما من شبهة تعرض في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم إلا وتعرض في نبوة موسى وعيسى - عليهما السلام - بما هو مثلها أو أقوى منها، وكل من عمد إلى التفريق بين المتماثلين، أو مدح الشيء وذم ما هو من جنسه، أو أولى بالمدح منه أو بالعكس، أصابه مثل هذا التناقض والعجز والجهل. وهكذا أتباع العلماء والمشايخ إذا أراد أحدهم أن يمدح متبوعه ويذم نظيره، أو يفضّل أحدهم على الآخر بمثل هذا الطريق.
( المرجع : منهاج السنة لشيخ الإسلام ابن تيمية ، 4 / 290-322) ، ( 4 / 329-337).