رزيقة المدير العام
عدد الرسائل : 1459 العمر : 43 تاريخ التسجيل : 29/12/2009
| موضوع: دروسٌ نستلهمها من ذكرى عاشوراء الحسين الجمعة ديسمبر 17, 2010 9:59 pm | |
|
دروسٌ نستلهمها من ذكرى عاشوراء الحسين
كلمات وجمل مضيئة وخالدة فيها دروس وعبر، نستلهم منها العظة والحكمة أنها منهج عمل وحياة يوصل الحسيني إلى جادة الخير والفضيلة والهدى والصلاح... ويسمو بنا إلى عالم الملكوت فيغمرنا بالروحية العالية المتحررة من ماديات الجسد الفاني حيث تحلق الأرواح مسبحة لله الواحد الأحد فتتجلى نقية ناصعة بعد أن نزعت عنها جلبات الشهوات فتعلو بأجنحة الرحمة وهي ترفرف راضية دون أن يعوق تحليقها إلى بارئها شيء هكذا تفعل الكلمات والجمل الطيبة فعلها في القلوب المؤمنة النقية... والعقول النيّرة... إنها خطب الحسين (ع) البليغة المؤثرة الرائعة فتغوص في قلوب السامعين... وتفيض بأنوار الهداية المحمدية... كانت خطابات الإمام الهادية اللاهبة حافزاً قوياً ينذر بالخطر المهلك، وتقريعاً شديداً يهز النفوس الضعيفة التي استولى عليها الشيطان فأنساها ذكر الله... لعلها تصحو من سباتها... وتعود إلى رشدها. فإن نهزم فهزّامون قدماً وإن نغلب فغير مغلبينا وما أن طبّنا جبنٌ ولكن منايانا ودولة آخرينا إذا ما الموت رُفِّعَ عن أناس بكلكلهِ أناخ بآخرينا فأفنى ذلكم سروات قومي وكما أفنى القرون الغابرينا فلو خلد الملوك إذن خلدنا ولو بقّيّ الكرام إذن بقينا فقل للشامتين بنا أفيقوا سيلقى الشامتون كما لقينا إن من أهم الدروس التي ينبغي أن نتعلمها خلال هذا الموسم العظيم هو أن نتحلى بأخلاق الحسين (ع) ونقتفي أثره، ونخطو خطاه، وذلك من خلال: القراءة الواعية لسيرة الحسين (ع) ومعرفة الحسين معرفة كاملة، وتنمية محبة الحسين في النفس عبر تنمية أخلاقياته، فليس من الصحيح أن نحب الحسين ولا نلتزم بأخلاقه، على الخطباء أن يكرّسوا ويركزوا في خطاباتهم على الصور الحيّة لأخلاق الحسين (ع) وأن لا يفرغوها من محتواها، وعدم إعطاء صورة باهتة عن تلك الأخلاقيات الرفيعة. وأخيراً، إن الحسين إنما بقي ذكره مخلداً، وسيبقى كذلك إلى قيام الساعة، بسبب هذه المعجزة الأخلاقية، فحريٌ بكل إنسان أن يلتحق بصفوف هذه المدرسة الكريمة، وأن يتحلى بالخلق الكريم ما استطاع إلى ذلك سبيلاً. يوم عاشوراء كان يوماً حافلاً بالأحداث والمصائب، والمآسي، فقد استشهد فيه الكثير من أهل بيت الرسالة وخيرة الأصحاب، ولكن الإمام الحسين (ع) بقيّ صامداً كالطود الشامخ، لم يتأثر، لم يتراجع، لم يطالب بهدنة، بقيّ مصرّاً على موقفه، فما سبب ذلك؟ وكانت من أصعب اللحظات وأشدّها عندما خرج الإمام حاملاً طفله الرضيع متجهاً إلى القوم، طالباً منهم أن يسقوا هذا الطفل الذي لا ذنب له، ولكن كانت الإجابة أن سدّدوا سهماً إلى نحر الرضيع، وبعد أن استقر السهم في نحره أخرج يديه من قماطه وجعل يرفرف على صدر أبيه كالطير المذبوح وانحنى الطفل رافعاً رأسه إلى السماء ومات على ذراع أبيه. فهل هناك أعظم من هذه المصيبة؟ فما كان من الإمام إلا أن رمى بقطرات الدم نحو السماء ولم تسقط قطرة واحدة إلى الأرض وأخذ يناجي ربه قائلاً: هوّن ما نزل بي أنه بعين الله تعالى... اللهم لا يكون أهون عليك من فصيل، إلهي إن كنت حبستَ عنا النصر فاجعله لما هو خير منه، وانتقم لنا من الظالمين، واجعل ما حلّ بنا في العاجل ذخيرة الآجل، اللهم أنت الشاهد على قوم قتلوا أشبه الناس برسولك محمد (ص)». هذه الكلمات وهذا الموقف نفهم منه أن الحسين عندما انطلق في حركته لم ينطلق من هذا المنطلق، ولهذا فإن الحسين كان شديد التعلق بالله في كل خطوة يخطوها، وفي كل حركة يتحركها، ومن تكون هذه صبغته فإن تلك المصاعب لا تساوي شيئاً في حياته، فإنه يعلم أن العاقبة والنتيجة ستكون إلى الأفضل. | |
|