وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا / تهدم أحلام الرافضة بالإمامة
الحمد لله رب العالمين
دأب الرافضة إلي محاولة إثبات الإمامة في القرآن الكريم , بالألفاظ المتشابهات وليس المحكمات , فكانت حججهم خاويات وواهانت أوهن من بيت العنكبوت , فمنها أية الطاعة , والولاية , وإمامة إبراهيم , التي فشلوا فشلاً فشلاً ذريعاً في إثبات الإمامة عن طريقهن , فدمت الإمامة على العمائم السوداء , ومنها أياتٌ إخريات يحاول الرافضة إثبات الإمامة بها , ومنها قوله تعالى : ( وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا ) , فهل هذه تثبت الإمامة , وإمامة الدين والطاعة , هل هي الإمامة بمفهومهم ومنظورهم , إنما المراد بالإمامة هي الهدى والإقتداء في فعل الخيرات ولكن الرافضة لا يفقهون , فهل للتأويل قانوون أيها المفلسون , إن التأويل لا يعرفه إلا أهل العلم والراسخون في العلم , فهل تأويلكم مبني على أهوائكم وما ترونه نصراً لمذهبكم ولكن في الحقيقة علمائكم يخالفونكم الرأي فهذه الأية , ليست دليلاً على الإمامة وليس فيها ما يثبت الإمامة التي تحلمون إثباتها في الأيات المتشابهات .
قال تعالى :
( وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِمْ فِعْلَ ٱلْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ ٱلصَّلاَة وَإِيتَآءَ ٱلزَّكَـاةِ وَكَانُواْ لَنَا عَابِدِينَ) .
تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق
{ وجعلناهم أئمة } يقتدى بهم في أفعالهم وأقوالهم يهدون الخلق إلى طريق الحق وإلى الدين المستقيم { بأمرنا } فمن اهتدى بهم في أقوالهم وأفعالهم فالنعمة لنا عليه { وأوحينا إليهم فعل الخيرات }. قال ابن عباس: شرائع النبوة { وإقام الصلاة } أي إقامة الصلاة { وإيتاء الزكاة } أي إعطاء الزكاة { وكانوا لنا عابدين } أي مخلصين في العبادة.
قلتُ : وفي هذا بيان واضح لحقيقة قوله تعالى : ( وجعلناهم أئمة ) , وهي الهداية وهذ مصداق لقول الله تبارك وتعالى في إمامة إبراهيم التي يزعم الرافضة أنها الإمامة التي يؤمنون بها , من قوله تعالى : ( إني جاعلك للناس إماما ) , ومعلوم أن القرآن يفسر أولاً بالقرآن , وقوله تعالى هنا ( وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا ) , إذاً صفة الإمامة المراد بها في هذ الأية الكريمة الهداية , وهي الإقتداء بالأفعال والأقوال , ويهدون إلي الله تبارك , وهذا المراد من الأية الكريم , وليس ما ينظر إليه الرافضة نظرة الأموات , فالتأويل ليس بالأهواء , والتأويل بالقرآن وهنا القرينة القوية على بطلان الإمامة .
تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق
احدهما - انه جعلهم بالتسمية على وجه المدح بالصلاح أي سميناهم صالحين.
والثاني - انا فعلنا بهم من اللطف الذي صلحوا به. ثم وصفهم بأن قال { وجعلناهم أئمة } يقتدى بهم فى افعالهم { يهدون } الخلق الى طريق الحق { بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات } اي أوحينا اليهم بأن يفعلوا الخيرات { وإقام الصلاة } اي وبأن يقيموا الصلاة بحدودها وانما قال { وإقام الصلاة } بلا (هاء) لان الاضافة عوض الهاء { وإيتاء الزكاة } أي بأن يؤتوا الزكاة، التي فرضها الله عليهم.
ثم اخبر: أنهم كانوا عابدين لله وحده لا شريك له، لا يشركون بعبادته سواه.
قلتُ : وفي هذا القول للطوسي يهدم الإمامة والأحلام التي يبنيها الرافضة على الإمامة , إذ أنه يقول المراد من الإمامة في الأية , الإقتداء بالأفعال , ثم يفسر قوله تعاىل ( يهدون ) , أي أنهم يهدون إلي الحق وهكذا يكون الإمام يقتدى به في الأفعال والأقوال إنما الإمامة إمامة هداية وإقتداء , وليس التأويل المنحرف الذي يبني عليه الرافضة معتقداتهم الهشة , فالإمام يقتدى به , والمراد بالإمامة في القرآن الكريم إنما هي إمامة الهدى والإقتداء , وهذا حال إبراهيم عليه السلام والرسل الذين قبله وبعده , فالاية تهدم الإمامة لا تسعف الإمامية في إثبات هذا الركن الهش , فأين الركن من القرآن . !!
تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق
{ (73) وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً } يقتدى بهم { يَهْدُونَ } النّاس الى الحق { بِأَمْرِنَا } .
في الكافي عن الصادق عليه السلام انّ الأئمّة في كتاب الله عزّ وجلّ امامان قال الله تبارك وتعالى { وجَعَلْناهُمْ أَئِمّةً يَهْدُونَ بأَمْرِنَا } لا بأمر الناس يقدّمون ما امر الله قبل امرهم وحكم الله قبل حكمهم قال { وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ }[القصص: 41] يقدّمون امرهم قبل امر الله وحكمهم قبل حكم الله ويأخذون بأهوائهم خلاف ما في كتاب الله { وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ } من عطف الخاصّ على العامّ { وَكانُوا لَنا عَابِدينَ } موحّدين مخلصين في العبادة ولذا قدّم الصلة.
قلتُ : أما الإمام الأول الذي أخبر عنه المعصوم في لأية الكريم , إنما هي إمامة الهدى والإقتداء , والحكم بما أمر الله تبارك وتعالى , وهدي الناس إلي الله تبارك وتعالى والي الحق م أنزل من الله تبارك وتعامل , ولا يحكمون إلا بما أمر الله تبارك وتعالى , فالنوع الأول من الأئمة هم الذين يقتدى بهم في فعل الخير وعبادة الله تبارك وتعالى .
أما الإمام الثاني , وهو الذي يتمثل في عمائم الرافضة الأشرار فالذين تزعمون أنهم علماء وتقلدونهم وتهتدون بقولهم وفعلهم إنما هم يقدونكم إلي النار وأنتم لا تشعرون ويعلم القاسي والداني أن عمائم الرافضة يقدمون أمرهم على الحق , وهم يحكمون ويفتون فتاوي الدين منها براء , وهذا ينقض الإمامة عن بكرة أبيها , وينهي الخلاف في هذه المسألة فكما نعلم أن الرافضة يقولون أن الإمام واجب الطاعة في في كل مكان وزمان , وأن الإمام لا يكون إلا منصب من الله تبارك وتعالى , وهذا القول لم يتمثل في أئمتهم , فالله تبارك وتعالى نصب الأنبياء , غير قادر على تنصيب الإمام أيها الرافضة , والإمام الثاني الذي أخبر عنه المعصوم في الأية الكريمة هم علمائكم فأنقذوا أنفسكم .
وفي تفسير إبن كثير رحمه الله تبارك وتعالى .
وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّة " أَيْ يُقْتَدَى بِهِمْ " يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا " أَيْ يَدْعُونَ إِلَى اللَّه بِإِذْنِهِ وَلِهَذَا قَالَ " وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْل الْخَيْرَات وَإِقَام الصَّلَاة وَإِيتَاء الزَّكَاة " مِنْ بَاب عَطْف الْخَاصّ عَلَى الْعَامّ " وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ " أَيْ فَاعِلِينَ لِمَا يَأْمُرُونَ النَّاس بِهِ ثُمَّ عَطَفَ بِذِكْرِ لُوط وَهُوَ بْن هَارَان بْن آزَر كَانَ قَدْ آمَنَ بِإِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام وَاتَّبَعَهُ وَهَاجَرَ مَعَهُ .
قلتُ : وفي ذلك بيانٌ واضح على أن المراد من قوله ( أئمة ) إنما هي إمامة الإقتداء والهدى إلي السبيل , ليس ما تذهبون إليه أيها الرافضة , وإنما الإمامة إمامة خيرٍ وهدى , وهي المراد منها في أية ( إني جاعلك للناس إماما ) , وهي التفسير العظيم لها من القرآن الكريم , وقوله تعالى ( يهدون بأمرنا ) أي أن المراد من الإمامة والأئمة في الأية الكريمة , هي الهداية بما أمر الله تبارك وتعالى والعمل بما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة , ولكن الرافضة لا يفقهون حديثاً .
وفي تفسير الإمام الطبري رحمه الله تعالى .
وَقَوْله : { وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّة يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَجَعَلْنَا إِبْرَاهِيم وَإِسْحَاق وَيَعْقُوب أَئِمَّة يُؤْتَمّ بِهِمْ فِي الْخَيْر فِي طَاعَة اللَّه فِي اِتِّبَاع أَمْره وَنَهْيه , وَيُقْتَدَى بِهِمْ , وَيُتْبَعُونَ عَلَيْهِ . كَمَا : 18648 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّة يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا } جَعَلَهُمْ اللَّه أَئِمَّة يُقْتَدَى بِهِمْ فِي أَمْر اللَّه . وَقَوْله : { يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا } يَقُول : يَهْدُونَ النَّاس بِأَمْرِ اللَّه إِيَّاهُمْ بِذَلِكَ , وَيَدْعُونَهُمْ إِلَى اللَّه وَإِلَى عِبَادَته .
قلتُ : أما آن لكم أن تهتدوا إلي الحق أيها الرافضة . !!!!!!!!!!
وفي تفسير القرطبي رحمه الله تعالى .
أَيْ رُؤَسَاء يُقْتَدَى بِهِمْ فِي الْخَيْرَات وَأَعْمَال الطَّاعَات . وَمَعْنَى " بِأَمْرِنَا " أَيْ بِمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ مِنْ الْوَحْي وَالْأَمْر وَالنَّهْي ; فَكَأَنَّهُ قَالَ يَهْدُونَ بِكِتَابِنَا وَقِيلَ : الْمَعْنَى يَهْدُونَ النَّاس إِلَى دِيننَا بِأَمْرِنَا إِيَّاهُمْ بِإِرْشَادِ الْخَلْق , وَدُعَائِهِمْ إِلَى التَّوْحِيد .
قلتُ : أما أن الحق قد بان , والنور طغى على الظلام , والحقيقة مرةٌ أهل الضلال والخسران , هذه الإمامة التي تتمسكون بها أيها الرافضة أحلامٌ اسقطت مبانيها على رؤسكم وعلى رؤس من تتبعون , إن المراد بها حقاً وهي القدوة والإمتثال إلي القرآن الكريم وأمر الله تبارك وتعالى , ولكنكم قومٌ عميت أبصارهم وغرتهم الأماني وقلدوا من عبدوا من أصحاب العمائم وأهل الضلال , فتعستم أينما كنتم , وما أنا إلا لكم ناصحٌ اميين هذه الحقيقة فهل أنتم بها مؤمنون . والحمد لله رب العالمين والله تعالى أعلم .