فمن يدقق فيما يفعله علماء الإمامية في أحداث كربلاء في العاشر من محرم عن طريق تفجير العاطفة لدى عوامهم في كل عام لتجديد روح الغضب والحقد والانتقام في قلوبهم حتى تراهم يساقون إلى فعل تلك الشعائر الحادثة بلا شعور وكأنهم أمرٌ مسلَّمٌ لا جدال في شرعيته ( !!! )
ولكن الذي استوقفني في القضية جانب آخر لعبه علماء الإمامية بمكر ودهاء كي يسوقوا عوامهم إلى ما يريدون والمتمثل بتصويرهم في أذهان العوام أن الأمة الإسلامية اليوم إزاء أحداث كربلاء عبارة عن معسكرين هما:
المعسكر الأول:
مع الحسين رضي الله عنه قلباً وقالباً مستنكرين ما جرى له ولأهل بيته في أحداث كربلاء وهؤلاء هم الشيعة الذين يلبسون السواد ويلطمون وينوحون ويضربون رؤوسهم وأجسادهم بالسلاسل.
المعسكر الثاني:
هم الراضون بما جرى عليه وعلى أهل بيته من القتل وهؤلاء يمثلون معسكر يزيد ومن يميل إليهم من الأمويين والنواصب.
فمن خلال جعلهم القسمة ثنائية نجحوا في تكوين صورة في أذهان العوام بأن من يلطم وينوح ويلبس السواد فهو مع الحسين رضي الله عنه في مأساته ، وأن من لم يفعل ذلك ولا يشاركهم في طقوسهم المبتدعة فهو ضده وهو مع يزيد ومعسكره ، حتى جعلوا بمكرهم هذا الكثير من أهل السنة - وللأسف الشديد - يفعلون تلك الأفعال لكي يثبتوا للشيعة المتعايشين معهم بأنهم رافضين لما جرى عليهم رضي الله عنه ، وصار من لم يفعل ذلك متهماً بالعداء لأهل البيت والمؤيدين لقتلهم وما جرى عليهم ، أي أنهم طبقوا قانون إما معي أو ضدي.
مع أن أهل السنة والجماعة يقفون الموقف الوسط بلا إفراط وتفريط ، فهم كما يرفضون ما جرى على الإمام الحسين رضي الله عنه وأهل بيته ويتألمون لذلك ، نجدهم في الوقت نفسه يرفضون القيام بتلك الممارسات المبتدعة المحرمة لأنها ليست من دين الإسلام بل من عادات الجاهلية التي جاء الإسلام للقضاء عليها.
ومن الشواهد لوجود قسم ثالث هم كبار الصحابة الذين نصحوا الحسين رضي الله عنه بعدم الخروج خوفاً عليه أمثال عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - وعبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - وغيرهم.
فهؤلاء الصحابة الأجلاء كما أنهم كانوا مع الحسين رضي الله عنه ورافضين لتعرضه وأهل بيته للأذى نراهم لم يفعلوا تلك الأفعال الجاهلية المحرمة.
ومن ثم نقول لعوام الشيعة المخدوعين أن القسمة في الأمة الإسلامية إزاء أحداث كربلاء ليست ثنائية كما صورها لكم علماؤكم بل هي ثلاثية وكما يلي:
1- قسم يرفضون ما جرى للإمام الحسين رضي الله عنه وأهل بيته ويقومون بأفعال وطقوس محرمة مثل اللطم وشق الجيوب وضرب السلاسل لإدماء أجسادهم وهم الإمامية.
2- قسم يفرحون بمقتله ويعتبرونه نصراً كبيراً بكبت المعارضة وتثبيت نظام الحكم ليزيد وهم النواصب ومن لفَّ لفهم.
3- قسم يرفضون ما جرى للإمام الحسين رضي الله عنه وأهل بيته ولكنهم لا ينساقون وراء عواطفهم للقيام بأفعال نهى عنها الشرع الحكيم كاللطم والنياحة وضرب السلاسل ، وهؤلاء هم أهل السنة والجماعة.
فتأملوا كيف حاول علماء الإمامية بمكر ودهاء إخفاء القسم الثالث عن أذهان عوام الشيعة ليجعلوا الشيعي ينظر إلى كل سُنِّي يتعايش معه ولا يشاركه بتلك الطقوس الباطلة المحرمة على أنه من المؤيدين لقتل الحسين رضي الله عنه ومن ثم يتعامل معه على أنه ناصبي الواجب بغضه والبراءة منه بل وتطبيق أحكام الكفار بحقه عند التمكين كالحكم بنجاسته وتحريم ذبحه ونكاحه واستباحة دمه وماله وعرضه !!!