نقد للطبري ]
( نقد للطبري ) حجة ( 1 ) احتج بها الطبري على بعض من خالفه في تفضيل علي عليه السلام وما عليه من الحجة مع إقراره بفضله .
ومما رواه في اثبات خلافته وامامته مما قد حكيت ذلك عنه في الباب الذي قبل هذا الباب مع تصحيحه ذلك وانه كبعض من قدمت ذكره ممن يتعاظم أن يكفر غيره ولا يتعاظم التكفير لنفسه ، فمن ذلك أن كتابه الذي ذكرناه وهو كتاب لطيف بسيط ذكر فيه فضائل علي عليه السلام وذكر إن سبب بسطه إياه ، إنما كان لان سائلا سأله عن ذلك لأمر بلغه عن قائل زعم أن عليا عليه السلام لم يكن شهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله حجة الوداع التي قيل أنه قام فيها بولاية علي بغدير خم ( 2 ) ليدفع بذلك بزعمه عنه الحديث .
‹ صفحة 131 ›
( 61 ) لقول رسول الله صلى الله عليه وآله : من كنت مولاه فهذا علي مولاه . فأكثر
‹ صفحة 132 ›
الطبري التعجب من جهل هذا القائل ، واحتج على ذلك بالروايات الثابتة ( 1 ) على :
( 62 ) قدوم علي ( صلوات الله عليه ) من اليمن على رسول الله صلى الله عليه وآله عند وصوله إلى مكة ، وبأنه أتاه بهدي ساقه معه وأصابه ، ( و ) وقد انزل عليه ما انزل في أمر المتعة بالعمرة إلى الحج ، وأنه أمر من لم يسق الهدي أن يتمتع بها وأقام هو صلى الله عليه وآله على إحرامه لمكان الهدي الذي كان قد ساقه معه لقول الله تعالى : ( ولا تحلقوا رؤسكم حتى يبلغ
‹ صفحة 133 ›
الهدي محله ) ( 1 ) وأنه قال لعلي صلوات الله عليه لما وصل إليه : بماذا أهللت يا علي ؟
قال : قلت : اللهم إني أهل بما أهل به رسولك .
قال : فلا تحلل ( 2 ) . فاني قد سقت الهدي ، ولو استقبلت من أمري ما استدبرته لم أسقه ولجعلتها متعة .
‹ صفحة 134 ›
( إشراكه في الهدي )
( 63 ) وإنه أشركه في هديه ، ونحر هو بعضه ونحر علي بعضه واكد ذلك الطبري بالروايات الثابتة عن حجة الوداع وكون علي عليه السلام فيها مع رسول الله صلى الله عليه وآله واجماع أصحاب الحديث والعلماء ( 1 ) عنده على ذلك ، ليدفع به قول من نفي ذلك .
( الرسول في حجة الوداع ) ثم جاء أيضا في هذا الكتاب بباب أفرد فيه الروايات الثابتة التي جاءت من رسول الله صلى الله عليه وآله .
( 64 ) بأنه قال - قبل حجة الوداع وبعدها - : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
‹ هامش ص 130 ›
( 1 ) هذا أول ما في النسخة ( الف ) واما ما تقدم من الكتاب فقد كان ساقطا من هذه النسخة إلا أنا أكملناه بالنسخة ( ب ) .
( 2 ) ( الطبري وكتابه ) ( وهو أبو جعفر محمد بن جرير المتولد سنة 224 ه والمتوفى 310 كتابه : الولاية في طرق حديث الغدير .
وقد روى فيه من نيف وسبعين طريقا . قال الحموي في معجم الأدباء 18 / 80 في ترجمة الطبري : له كتاب فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه تكلم في أوله بصحة الأخبار الواردة في غدير خم ، ثم تلاه بالفضائل ولم يتم . وقال في ص 74 : وكان إذا عرف من إنسان بدعة أبعده وأطرحه ، وكان قد قال بعض الشيوخ ببغداد بتكذيب غدير خم .
وقال : إن علي بن أبي طالب كان باليمن في الوقت الذي كان رسول الله صلى الله عليه وآله بغدير خم وقال هذا الانسان في قصيدة مزدوجة يصف فيها بلدا بلدا ومنزلا منزلا أبياتا يلوح فيها إلى معنى ( حديث غدير خم ) فقال : ثم مررنا بعد بغدير * خم كم قائل فيه بزور رجم .
على علي والنبي الأمي وبلغ أبا جعفر ذلك فابتدأ بالكلام في فضائل علي بن أبي طالب عليه السلام وذكر طريق حديث خم فكثر الناس لاستماع ذلك واستمع قوم من الروافض من بسط لسانه بما لا يصلح في الصحابة ره .
فابتدأ بفضائل أبي بكر وعمر . وقال الذهبي في طبقاته ( 2 / 254 ) : لما بلغ ( محمد بن جرير الطبري ) ان ابن داود تكلم في حديث غدير خم عمد كتابه الفضائل وتكلم في تصحيح الحديث .
وقال السيد ابن طاووس في الاقبال : ومن ذلك ما رواه محمد بن جرير الطبري صاحب التاريخ الكبير صنفه وسماه كتاب الرد على الحرقوصية .
روى حديث يوم الغدير وروى ذلك . من خمس وسبعين طريقا ) . الغدير 1 / 153 .
وقال الشيخ آغا بزرگ الطهراني في الذريعة إلى تصانيف الشيعة 16 / 35 حول شخصية الطبري وكتابه ما نصه : ( كتاب غدير خم وشرح أمره كما عبر عنه كذلك في الفهرست وفي تهذيب التهذيب وفي معالم العلماء وقال هذا بعد ذلك وسماه كتاب الولاية .
وقال النجاشي : ذكر طرق خبر يوم الغدير ، وصرح الجميع بأنه لأبي جعفر محمد بن جرير العامي صاحب التاريخ والتفسير الذي توفي سنة 310 ه ومر رده على الحرقوصية . أقول : ظاهر توصيف هذا الكتاب وتسميته ب ( كتاب الولاية ) وكذا رد الحرقوصية لا يلائم مذهب أبي جعفر الطبري العامي بشهادة كلماته في تاريخه وتفسيره بل المظنون أنها لأبي جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري الامامي المعاصر لصاحب الترجمة وهو مصنف كتاب المسترشد في الإمامة وإنما وقع الخلط من اتحاد الاسم والكنية واسم الأب والنسبة ، ويدل عليه عدم ذكر ابن النديم هذين الكتابين للطبري العامي مع بسطه القول في ترجمته وتصانيفه ، وترجمة تلاميذه وناصريه في مذهبه المعروف بمذهب أبي جعفر الطبري في قبائل سائر المذاهب كما وقع لابن النديم خلط في نسبة المسترشد إلى هذا العامي مع أن في كل صفحة منه ردود على العامة .
مع أن الذي نسب كتاب الغدير إلى العامي في طريق الفهرست ، هو أبو بكر بن أحمد بن كامل الذي هو على مذهب أستاذه أبي جعفر العامي ، ونصر مذهبه ، ومخلد والد أبي إسحاق إبراهيم بن مخلد الغير المذكور في رجالنا ، ولعله أيضا عامي .
ومن تأليفات الطبري - الأخرى - الآداب الحميدة ، الايضاح ، دلائل الأئمة ، المسترشد ، غريب القرآن . فضائل أمير المؤمنين ) .
والذي يؤيد كلام الشيخ آغا بزرگ ما نقله الأمين العاملي في أعيان الشيعة المجلد 9 / 199 بعد ذكر الكلمات التي أوردها ابن أبي الحديد جوابا عن كلام المرتضى في الشافي ما لفظه : وأما الاخبار التي رواها عن عمر فأخبار غريبة ما رأيناها في الكتب المدونة .
وما وقفنا عليها إلا من كتاب المرتضى ، وكتاب آخر يعرف بكتاب المستبشر لمحمد بن جرير الطبري وليس ابن جرير صاحب التاريخ بل هو من رجال الشيعة .
والعجب من الشيخ آغا بزرگ رحمه الله أنه عاد ( في نفس الجزء 16 / 256 ) ونسب تأليف فضائل أمير المؤمنين إلى الطبري العامي واستدل بقول الحموي في معجم الأدباء .
قد ذكر كارل بروكلمان في كتابه : ( تاريخ الأدب العربي 3 / 45 ) ترجمة محمد بن جرير الطبري ، وادعى أنه كان صاحب مذهب فقهي وسرد مؤلفاته ولم يتعرض إلى هذا الكتاب .
والخلاصة : أن أبا جعفر محمد جرير الطبري الآملي ، المعروف بهذا الاسم رجلان من كبار العلماء : أحدهما محمد بن جرير بن يزيد المولود في آمل طبرستان والساكن في بغداد المفسر والمحدث والمؤرخ والفقيه من أئمة أهل السنة .
والثاني محمد بن جرير بن رستم الطبري الآملي من أكابر علماء الإمامية في المائة الرابعة ومن أجلاء الأصحاب - وهو ثقة - .
‹ هامش ص 132 ›
( 1 ) ذكر أحمد بن حنبل في مسنده عدة طرق للحديث راجع ج 1 / 79 / 123 / 143 / 154 .
‹ هامش ص 133 ›
( 1 ) وتمام الآية : ( وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ، ولا تخلقوا رؤسكم حتى يبلغ الهدي محلة ) . البقرة : 196 .
( 2 ) وفي المناقب لابن شهرآشوب 2 / 130 : كن على إحرامك مثلي وأنت شريكي في هديي .
‹ هامش ص 134 ›
( 1 ) وقد صنف العلامة الأميني موسوعة قيمة حول حديث الغدير وطرق اسناده ورواته في 11 جزء لا يستغني عنه الباحث .
تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
المصدر
شرح الأخبار - القاضي النعمان المغربي - ج 1 - ص 130 - 134
تخريج احاديث نقد الطبري في كتاب شرح الاخبار ]
شرح الأخبار - القاضي النعمان المغربي - ج 1 - ص 426 – 427
( 61 ) رواه أحمد بن إسماعيل القزويني المتوفي 590 في كتاب الأربعين الباب الثاني ، عن موفق بن سعيد ، عن الحسين بن محمد بن حمويه الصفار ، عن عبد الرحمان بن حمدان ، عن عبد الله بن محمد بن زياد عن أحمد بن إبراهيم بن عبد الله ، عن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، عن شابة بن سوار المدائني ، عن نعيم بن حكيم ، عن أبي مريم ، عن علي : أن النبي صلى الله عليه وآله أخذ بيده يوم غدير خم . فقال : اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه .
( 62 ) روى أحمد بن حنبل في مسنده 1 / 253 عن عفان ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله حجاجا . . . إلى قوله : وقدم علي من اليمن فقال له رسول الله : بما أهللت ؟ فقال : أهللت بما أهللت به . قال : فهل معك هدي . قال : لا .
قال صلى الله عليه وآله : فأقم كما أنت ولك ثلث هديي . قال : وكان مع رسول الله صلى الله عليه وآله مائة بدنة .
( 63 ) روى أحمد بن حنبل في مسنده 1 / 260 عن يعقوب ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق ، عن رجل ، عن عبد الله بن بخيع ، عن مجاهد بن جبر ، عن ابن عباس ، قال : أهدى رسول الله صلى الله عليه وآله في حجة الوداع مائة بدنة نحر منها ثلاثين بدنة بيده ، ثم أمر عليا عليه السلام فنحر ما بقي منها ، وقال : قسم لحومها وجلودها بين الناس ، ولا تعط جزارا منها شيئا ، وخذ لنا من كل بعير خذية من لحم ، ثم اجعلها في قدر واحدة حتى نأكل من لحمها ونحسو من مرقها ، ففعل . وقد ذكر أحمد بن حنبل في مسنده طرقا عديدة للحديث راجع 1 / 159 و 320 و 123 و 79 و 143 و 154 و 112 و 132 وفي 3 / 331 .
( 64 ) رواه الكنجي في كفاية الطالب ط 3 ص 63 عن الحسين بن ‹ صفحة 427 › إسماعيل المحاملي عن الكاشغري ، عن أحمد بن عبد الغني ، عن ابن البطر ، عن ابن البيع ، عن المحاملي ، عن يوسف بن موسى ، عن عبيد الله بن موسى ، عن فطر بن خليفة ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو ، وعن سعيد بن وهب ، وعن زيد بن يثيع ، قالوا : سمعنا عليا يقول في الرحبة : أنشدكم الله ولا انشد إلا من سمعت أذناه ووعى قلبه .
فقام نفر فشهدوا أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا : بلى يا رسول الله . قال : فأخذ بيد علي بن أبي طالب ، ثم قال : من كنت مولاه فهذا مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وأحب من أحبه وأبغض من أبغضه وانصر من نصره واخذل من خذله .
تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .