| (في رحاب العقيدة)للسيد الحكيم.مفصّل سهل التناول | |
|
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: (في رحاب العقيدة)للسيد الحكيم.مفصّل سهل التناول السبت يوليو 07, 2012 9:19 pm | |
| [font=Traditional Arabic] [b]أرجو المعذرة من الجميع،فقد ارتأيت أن أنقل الكتاب من موقع السيد الحكيم حفظه الله حيث إنه أدق وأفضل ترتيبًا فتحملونا جزاكم الله خير الجزاء.
c][size=24]enter][b]في رحاب العقيدة
حوار مع
سماحة المرجع الديني الكبير
السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم (مد ظله)
الجزء الاول
دار الهلال
-[ 4 ]-
الطبعة الرابعة
1425 هـ / 2004 م
مزيدة ومصححة
جميع الحقوق محفوظة
-[ 5 ]-
مقدمة الطبعة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلقه سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين. واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين.
وبعد.. كانت ولا زالت جامعة النجف الأشرف العلمية حاضنة لفكر وتراث أهل البيت (عليهم السلام) كما أنها المنهل العذب الذي ينهل منه الباحث والمفكر والفقيه وغيرهم.
وكانت هذه الجامعة ـ التي جاهد علماؤها ومفكروها ورجلاتها بعلمهم وفكرهم لحفظ هذا التراث وصونه من أن يعبث به العابثون والحاقدون ـ هي الحصن المنيع في حفظ الأمانة الإلهية المتمثلة بحفظ العقيدة السليمة من الشوائب، محققة بذلك صيانة للتاريخ والتراث، ساعية في جمع وحدة الكلمة ونبذ كل ما يفرق بين المسلمين على مختلف توجهاتهم.
وقد عانت النجف من محاولات التهميش تارة والإلغاء أخرى على أيدي أنظمة تعاقبت على الحكم، محاولة تفريغها من مفكريها وعلمائها حين، أو محاولة احتوائهم حيناً آخر، وذلك توصلاً إلى أغراض تخدم هدف السلطات الحاكمة على حساب الحقيقة المتمثلة بحفظ العقيدة.
لكن قد قيض الله أعلام بارزة في مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) حملوا الأمانة بأمانة وإخلاص، في سراء كانوا أو ضراء، مُتَحَدّين بذلك ظلم الظلمة وجبروت الجبابرة وطغيان الطغاة في ظل أنظمة حاقدة على كل
-[ 6 ]-
ما له علاقة بالعقيدة الدينية، يحاول فيها هؤلاء الطغاة طمس معالم الدين والرسالة بتزوير وتشويه التاريخ والحقيقة.
وكان من أبرز هؤلاء الأعلام سليل بيت علم وفكر، ونتاج هذه المدينة العريقة وأحد أعمدتها وعلم من أعلامه، سماحة المرجع الديني الكبير آية الله العظمى السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم (دام ظله) الذي خطّت يراعته الشريفة أجوبة مسائل سائل يبحث عن الحقيقة في زمن قد شوّهت فيه الحقيقة، فكان (دام ظله) العالم في الجواب والأمين في التبليغ والصادق في القول.
ونحن إذ نتشرف من خلال مؤسسة المرشد بإعادة طباعة هذا السفر الجليل إنما نرجو بذلك أن نكون من الذين دعوا فأجابوا وكانوا من المساهمين في نشر تراث أهل البيت (عليهم السلام).
ونود أن نلفت نظر القرّاء الكرام بأن سماحته (دام ظله) قد زاد مصححاً ومنقحاً ومضيفاً في أجوبته للسائل على ما أرسله إليه وطبع في الطبعة الأولى، وذلك إتماماً وإجلاء لبعض الأجوبة التي لم يسع الوقت أو المقام في التفصيل في بيانها فأرجأ التفصيل إلى وقت لاحق وقد حان.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظ المسلمين ويأخذ بيدهم ويقيهم شر أعدائهم ويجمع كلمتهم على الحق والخير، كما نسأله تبارك وتعالى أن يحفظ ويبارك في الحضن الذي حضن تراث أهل البيت (عليهم السلام)، ألا وهي جامعة النجف الأشرف بعلمائها ومفكريها ورجلاتها وعلى رأس الجميع مراجعها العظام الذين حفظوا تراث أهل البيت (عليهم السلام)، وفي مقدمتهم سماحة سيدنا المؤلف (دام ظله الشريف).
الناشر
-[ 7 ]- مقدمة الطبعة الأولى
بسم الله الرحمن الرحيم
((إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُول)) (الأحزاب:72).
في الوقت الذي تمثل العقيدة محوراً رئيساً للأمانة الإلهية في عاتق الإنسان، مما يستدعي الموضوعية واعتماد البرهان في كل مفاصله، بعيداً عن التعصّب والتزمّت، باعتبار أن الهدف منها الحقيقة والخروج عن عهدة المسؤولية.
إلاّ أنها من الناحية الواقعية تحوّلت ـ لدى الكثيرين ـ إلى سبب رئيس للفرقة والعداء بين الجماعات والاتجاهات المختلفة، وأحياناً محوراً للصراع وممارسة الضغوط الظالمة، والتعدي على الحرمات، وسفك الدماء من دون حق. بينما يفترض في البحث العقيدي ان يساهم ـ عندما تخلص النوايا ويسمو أطرافها ـ في تعميق أواصر المحبة والوئام بين أبناء الأُمة، بل وإثراء الفكر والبحث العلمي.
ويمثل هذا الكتاب نموذجاً بارزاً للبحث العقيدي الإيجابي حيث يتضمن حوارات متنوعة ومتتالية، أجراها أحد الباحثين الأردنيين ـ الذي شاء عدم ذكر اسمه بسبب ظروف خاصة نأمل أن لا تطول ـ مع عَلَم بارز من أعلام مدرسة آل البيت (عليهم السلام)، وأحد أعمدة الحوزة العلمية العريقة في النجف الأشرف، سماحة المرجع الديني الكبير السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم (مد ظله) الذي أثرى
-[ 8 ]-
المكتبة العربية والإسلامية بمجموعة من الكتب والبحوث العلمية والثقافية المتنوعة، والمعروف بانفتاحه على قضايا الأُمة وهمومه.
وسوف يلمس القارئ الكريم في إجابات السيد الحكيم (حفظه الله) العمق والموضوعية العلمية والنَفَس الطويل الهادئ، البعيد تماماً عن التشنج والمصادرة، وهو ما حفّز المحاور الفاضل إلى متابعة حواره وتنويعه، ليكتمل نتاجاً ضخماً ثرياً في مضمونه، ومبدعاً في منهجه، فاتحاً أفقاً رحباً للعلماء والباحثين المسلمين من مختلف اتجاهاتهم ومذاهبهم في تعاطيهم لقضايا الفكر والعقيدة، وانفتاحهم على بعضهم بما يساهم في وحدة الصف الإسلامي وتقوية أواصر اللحمة الإسلامية، بدلاً من الانغلاق والتعصّب الأعمى المقيت الذي يشتت شمل الأُمة ويخدم خطط أعدائها والمتربصين به.
ونحن إذ نقدم هذا الكتاب لرواد العلم والحقيقة نسأل الباري تعالى أن يجمع المسلمين على الخير والهدى تطبيقاً لقوله عزّ من قائل:
[وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا] (آل عمران:103).
الناشر
-[ 9 ]-
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين وصحبه الأكرمين سلاماً إلى يوم الدين.
أما بعد سماحة المرجع الديني العلامة السيد محمد سعيد الحكيم المحترم.
إلى الطيب الكريم سلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
أرجو من فضيلتكم التكرم بالإجابة على بعض الاستفسارات التي سأوردها في هذه الرسالة. فأقول.
س1: نحن معاشر المسلمين من أهل السنة والشيعة يلزمنا التعرف على التراث الإسلامي لكلا الطائفتين، وخصوصاً أن أهل السنة في غياب عن تراثهم أولا ًً، وعن تراث الشيعة ثاني. فما أهم الكتب المعتمدة في العقيدة والفقه والحديث والسيرة عندكم؟ أدام الله فضلكم.
س2: قضية سب الصحابة أو تكفيرهم من جهة الشيعة هل هو صحيح النسبة لهم؟ وخصوصاً تكفير أبي بكر وعمر وعثمان ـ رضي الله عنهم ـ هل يقول الشيعة به؟ وكذلك بالنسبة لعائشة (رضي الله عنه)؟
-[ 10 ]-
س 3: قضية تحريف القرآن الذي ينسبه بعض أهل السنة للشيعة هل هذا صحيح نسبته لأهل الشيعة؟ مع إنني قرأت كلاماً للشيخ محمد أبي زهرة في كتابه (الإمام جعفر الصادق) نقلاً منه عن المحقق الطوسي عدم صحة هذ. فما رأيكم أطال الله في أعماركم؟.
س 4: الإمام المهدي المنتظر عند السنة هو غير الإمام المهدي عند الشيعة. هل يمكن القول بصحة الرأيين معاً أم ل. وما وجه الصواب أهو عند السنة أم عند الشيعة؟
س 5: الاستدلال عند الشيعة بوجوب نصب الإمام استدلال باللطف الإلهي، وهو يوجب وجود العدل بين الناس من خلال الإمام، لكنه ألا يعارضه الآن خلوّ الناس من إمام عادل، فيسقط الاستدلال باللطف الإلهي؟
س6: ما وجه الدلالة بحديث العترة على وجوب نصب سيدنا علي (عليه السلام) للإمامة؟ وهل يمكن أن يفهم الحديث على أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يوصي الصحابة بآل البيت خير، وأن يعتنوا بهم، لا أنه نص بالخلافة له؟
س7: واقعة الغدير يقول الشيعة: إنها متواترة. لكن أهل السنة لم ينقلوها بكتب الحديث. فكيف تكون بالمتواترة ولم يروها أهل السنة ولو بخبر آحاد ضعيف؟!
س 8: هل هناك بحسب علمكم كتاب في الردّ على كتاب (منهاج السنة) لابن تيمية للشيعة، الذي ألفه في الردّ على الحلي، مع أن أهل السنة قد قاموا بالردّ على ابن تيمية في كتابه هذ، منهم الشيخ أبو حامد بن مرزوق في كتابه (براءة الأشعريين)؟
س 9: هل من الممكن على حسب رأيكم التلاقي بين أهل
-[ 11 ]-
السنة والشيعة؟ وخصوصاً أنني أعلم أن أهل السنة ـ من الأشاعرة والماتريدية ـ لا يكفرون الشيعة، بل على العكس يذكرون آراءهم العقيدية في كتبهم ويناقشونه. وإن رأوا ضلال بعض المغالين من الشيعة، وكذلك يضللون بعض المغالين من السنة.
س10: أرجو التكرم منكم بالإيعاز إلى طلبة العلم بالردّ على كتاب تحت عنوان: (حتى لا ننخدع) للمدعو (عبد الله الموصلي) الذي قد ملأه صاحبه بالنقل عن الشيعة وعلمائهم في تكفير أهل السنة، وإباحة أموالهم ودمائهم. فإنني أعلم أنه لا وقت لكم، لانشغالكم. ولهذا اقترحت عليكم ذلك الاقتراح، وإلا فأنتم الأعلم في ذلك.
والكتاب هذا طبع في مصر، والقائم على طبعه (دار سلامة للنشر والتوزيع). وخصوصاً أن بعض السلفية قد قاموا بنشره والاعتماد على ما فيه.
وفي النهاية أرجو مسامحتي على الإطالة، وقلة الأدب معكم. وأرجو من الله توفيقكم ـ وأن تخدموا المسلمين ـ لما يحبه ويرضى.
وأرجو التكرم بالدعاء لي.
3 /12/ 1999 م
(...................)
الأردن ـ عمان
ملاحظة: أرجو التكرم بالإجابة المفصلة والموثقة بالمراجع. وشكر.
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام علي أشرف الخلق أجمعين، سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين وصحبه الأكرمين سلاماً إلى يوم الدين. أما بعد سماحة المرجع الديني العلامة السيد محمد سعيد الحكيم المحترم. إلى الطيب الكريم سلام الله عليكم ورحمته وبركاته. أرجو من فضيلتكم التكرم بالإجابة على بعض الاستفسارات التي سأوردها فى هذه الرسالة. فأقول: (بداية جواب سماحة السيد بعد أن ذكر جزءًا مما قدمه السائل) بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد.. فقد وصلنا كتابك الكريم، ونظرنا في الأسئلة التي تضمنها فوجدناها قد حامت حول مواضيع هامة حقيقة بالبحث والنظر، والحوار فيها نافع مثمر. إلا أن بعض تلك المواضيع قد يكون مثاراً للحساسية، فيحتاج الحوار فيها إلى موضوعية كاملة، وسعة صدر، وتجرد عن التراكمات -[ 14 ]- والمسلمات الموروثة، من أجل الوصول للحقيقة التي يجري الحوار حوله. أما بدون ذلك فيكون الحوار فيها عقيم، لأن الجمود على تلك التراكمات، والتمسك بتلك المسلمات، يمنع من مصداقية الرؤية، ومن الوصول للحقيقة التي يحوم الحوار حوله. بل قد يزيد الأمر تعقيد، لأن تلك التراكمات والمسلمات قد توغلت في الضمائر، وأحيطت بهالة من الاحترام والتقديس، وتجندت العواطف لحراسته، فيكون مسها سبباً لتأجيج العواطف وإثارته، وما قد يترتب على ذلك من بغضاء وشحناء، وردود فعل سيئة، نحن في غنى عنه، خصوصاً في هذه الظروف الحرجة التي يمرّ المسلمون به. والأفضل حينئذٍ أن يحتفظ كل طرف بعقيدته لنفسه، ونكتفي بحسن المخالطة والمعاشرة، كما قال الله جل شأنه: ((قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيل)) (1).
النهي عن المراء والخصومة شرعًا ولعله لذا ورد عن النبي وآله صلوات الله عليهم أجمعين النهي عن المراء والخصومة. ففي حديث مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق (عليه السلام) : "قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ثلاث من لقي الله بهن دخل الجنة من أي باب شاء: من حسن خلقه، وخشي الله في المغيب والمحضر، وترك المراء وإن كان محقاً" (2). وفي حديث إسماعيل بن أبي زياد عنه (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) قال: "قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أنا زعيم ببيت في أعلى الجنة وبيت في وسط الجنة ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة الإسراء الآية: 84. (2) الوسائل 8: 567 باب: 135 من أبواب أحكام العشرة حديث:2. -[ 15 ]- وبيت في رياض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً" (1). وزاد في خبر جبلة: "ولمن ترك الكذب وإن كان هازل، ولمن حسن خلقه" (2). وفي حديث أبي أمامة قال: "قال رسول الله-: أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محق. وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازح. وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه" (3). وفي حديث أبي هريرة: "قال: قال رسول الله-: لا يؤمن العبد الإيمان كله حتى يترك الكذب من المزاحة، ويترك المراء وإن كان صادقاً" (4). وفي حديث مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق (عليه السلام) : "قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : إياكم والمراء والخصومة، فإنهما يمرضان القلوب على الإخوان، وينبت عليهما النفاق" (5)... إلى غير ذلك. ويبدو من كتابك أنك لست بصدد المماراة والخصومة، بل تريد البحث عن الحقيقة، وتحاول الوصول إليه. ولذا رأينا أنه لا يحسن منا ردّك وسدّ الطريق عليك، فإنه ظلم لك، وللحقيقة التي تتوخاه. بل يلزمنا الاستجابة لك فيما أردت. ونرجو لنا ولك التوفيق في ذلك. ـــــــــــــــــــــــ (1)، (2) الوسائل 8: 567 باب: 135 من أبواب أحكام العشرة حديث: 7، 8. (3) سنن أبي داود 4: 253 كتاب الأدب: باب في حسن الخلق، واللفظ له. سنن ابن ماجة 1: 19 باب اجتناب البدع والجدل. السنن الكبرى للبيهقي 10: 249 كتاب الشهادات: باب المزاح لا ترد به الشهادة ما لم يخرج في المزاح.... سنن الترمذي 4: 358 كتاب البر والصلة عن رسول الله-: باب ما جاء في المراء. (4) مسند أحمد 2: 352 في مسند أبي هريرة، واللفظ له. مجمع الزوائد 1: 92 كتاب الإيمان: باب ما جاء أن الصدق من الإيمان. المعجم الأوسط 5: 208. (5) الوسائل 8: 567 باب: 135 من أبواب أحكام العشرة حديث:1.
-[16]- لا بد من تهيئة الجو المناسب للحوار المثمر غير أن الجدير بالذكر أنه ما من حقيقة إلا ويمكن التشكيك فيه، بل الإنكار لها والخصام حوله، وما من دليل إلا ويمكن الإشكال عليه والتكلف في رده. وكفانا شاهداً على ذلك وجود الباري جل شأنه، فإنه مع بداهته ـ لبداهة حاجة الموجودات الكونية للعلة الموجدة لها ـ صار مورداً للشك والإنكار والجدل والخصام في جميع العصور، وحتى عصورنا التي تعتبر متقدمة متنورة. كل ذلك لأن الأهواء والعواطف، والمسلمات الموروثة، وما تستتبعه من تراكمات، تحول دون مصداقية الرؤية، وتمنع النفس من الإذعان بالحقيقة، والاستجابة للدليل، وتحملها على التكلف في ردّه، وعلى التشبث بالأوهام والشبهات في مقابل الأدلة الحقيقة بالقبول. وإذا أردت أن تصل في حوارنا هذا إلى الحقيقة فعليك ـ بعد التوكل على الله تعالى، وطلب العون والتسديد منه ـ أن تتهيأ لذلك، وتتحرر من كل ما يحول دونه من تراكمات ومسلمات، وتنظر إلى ما نذكره في حديثنا هذا نظرة موضوعية هادئة. ثم اجعل نفسك ميزاناً فيما بيننا وبينك. فإذا ذكرنا لك شيئاً من الأدلة والشواهد على خلاف ما عندك، ولم تذعن به نفسك، فافترض أنك تملك نظيره في الاستدلال. فإن رأيته بوجدانك صالـحاً لأن يكون حجة لك، فهو صالـح لأن يكون حجة لن، وعليك الإذعان له، وقد أوصلناك للحقيقة، ولزمتك الحجة. وإن لم ترَه بوجدانك صالـحاً لأن يكون حجة لك، فأرشدنا إلى وجه -[ 17 ]- الخلل فيه والمؤاخذة عليه، لننظر فيما تذكره، ونتعرف على وجهة نظرك، ثم نرى كيف نعقب عليه. وبذلك يكون حوارنا هادفاً مثمراً إن شاء الله تعالى، وحريّاً بصرف الوقت الثمين فيه. ومن الله سبحانه نستمد العون والتوفيق والتأييد والتسديد. وهو حسبنا ونعم الوكيل.[/b]
عدل سابقا من قبل تراب أقدام المهدي في الإثنين يوليو 09, 2012 6:01 am عدل 5 مرات | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: مصادر التراث الشيعي السبت يوليو 07, 2012 9:38 pm | |
| س1: نحن معاشر المسلمين من أهل السنة والشيعة يلزمنا التعرف على التراث الإسلامي لكلا الطائفتين، وخصوصاً أن أهل السنة في غياب عن تراثهم أول، وعن تراث الشيعة ثاني. فما أهم الكتب المعتمدة في العقيدة والفقه والحديث والسيرة عندكم؟ أدام الله فضلكم. ج: قد أدرك علماء الشيعة وأهل البحث منهم من يومهم الأول إلى يومنا هذا ما تقول، فهم على اطلاع وبصيرة تامين بتراثهم وتراث جمهور السنة. وهم لا يتحسسون من تراث جمهور السنة، بل يجدون في الاطلاع عليه تتميماً لثقافتهم، وتأكيداً لحجتهم، لأن فيه الكثير من الشواهد لهم. ولأنهم أهل حجة واستدلال، ولا تتم لهم الحجة إلا بالاطلاع على ما عند الآخرين وتمحيصه ومحاكمته. ويشهد بذلك أمران: الأول: أن مكتباتهم العامة والخاصة مملوءة من تراث الجمهور وكتبهم. وهي في المكتبات العامة مذكورة في الفهارس المعروضة في متناول كل من يطلبه. الثاني: أن كثيراً من مؤلفيهم، يشيرون للمصادر التي يرجعون إليها ويأخذون منه، وفيها الكثير من ذلك التراث. بل كثيراً ما تزيد مصادرهم السنية على مصادرهم الشيعية.
-[ 19 ]- مصادر التراث الشيعي في الحديث وبعد بيان ذلك نقول: التراث الشيعي كثير جداً وقد تضمنته كتب كثيرة، نذكر منها في الحديث.. 1 ـ (الكافي) تأليف أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي (قدس سره)، المتوفى سنة (328 أو 329ه). وهو في أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة من أهل البيت (عليهم السلام). مبوب تبويباً جيد. يبدأ بالأصول ـ في العقائد والأخلاق والآداب وما يناسب ذلك ـ ثم بالفروع مستوعباً لكتب الفقه وأبوابه المختلفة، وينتهي بالروضة في متفرقات متنوعة. ويمتاز هذا الكتاب ـ مضافاً إلى جامعيته للأصول والفروع ـ بأمرين: أحدهما: أنه الكتاب الوحيد التامّ الموسع الذي وصل إلينا مما ألف في عصور الأئمة (عليهم الصلاة والسلام)، فإنه ألف في أواخر عصر الغيبة الصغرى، الذي يعتبر من عصور حضور الأئمة (عليهم السلام)، لإمكان الرجوع فيه للإمام من طريق نوابه الخاصين الذين كانوا على اتصال مباشر به. كما أنه العصر الذي تكامل فيه للشيعة عقائدهم وفقههم وثقافتهم الدينية. فقد استطاع الأئمة (عليهم السلام) في المدة الطويلة التي قضوها مع الشيعة ـ مع الضغط الشديد عليهم ـ أن يبثوا تعاليمهم تدريجاً حتى تبلورت وتركزت، وقام للشيعة كيان علمي ـ متمثل في الحوزات العلمية ـ يحمل تلك التعاليم ويحفظه، بحيث أمنوا (عليهم السلام) عليها من الضياع والتحريف. ومن أجل ذلك أمكن وقوع الغيبة الكبرى (سنة 329 ه) بانقطاع الإمام (عليه السلام) عن الاتصال المباشر بالشيعة، لاكتفائهم بما عندهم من تعاليم أئمتهم (عليهم السلام)، وقيام الحجة به عليهم وعلى الناس ((لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ)) (1). -[ 20 ]- ثانيهما: أن مؤلفه (قدس الله تعالى روحه) قد صرح في مقدمته بأنه قد توخى جمع الأخبار الصحيحة عن المعصومين (عليهم أفضل الصلاة والسلام). ولا يريد بصحة أخباره أنه رواها بطرق صحيحة كل رجالها ثقات، لعدم ظهور هذا المصطلح في عصره (رضوان الله عليه)، بل الظاهر أنه يريد أنه رواها من كتب مشهورة معروفة في عصور الأئمة (عليهم السلام) معول عليها عند الشيعة، على مرأى من الأئمة ومسمع منهم. بل قد ثبت عرض بعضها على الأئمة (عليهم السلام) وتصحيحهم له. ويشهد بصدقه في ذلك، وبحسن اختياره للأحاديث، ثناء قدماء علماء الطائفة ـ ممن تأخر عنه ـ على الكتاب المذكور وعلى مؤلفه، وأنه جليل القدر عارف بالأخبار عالم به، وأنه أوثق الناس في الحديث وأثبتهم، حتى عرف بين علماء الشيعة بثقة الإسلام. ولا نعني بذلك التعهد بصحة كل خبر من أخباره. فإن ذلك أمر متعذر مع بُعد العهد، وخفاء كثير من قرائن الصحة وشواهدها علين، وتعرض الإنسان للخطأ والغفلة. بل نعني أن الكتاب يصلح أن يعكس صورة عامة إجمالية عن مفاهيم أهل البيت (عليهم السلام)، ويعطي ملامح واضحة له، في المجالات التي طرقه. فإن الواقع الإجمالي للكتاب هو الصحة، وصدق الخبر. خصوصاً إذا كان رجال السند ثقات، أو تعددت الأخبار في مضمون واحد، أو مضامين متقاربة. نعم قد لا يعول على الخبر وإن كان موثوقاً بصدوره، لعلةٍ فيه، كالتقية، ووجود المعارض له، وغير ذلك مما يعرفه أهله. -[ 21 ]- 2 ـ كتاب (من لا يحضره الفقيه) تأليف أبي جعفر محمد بن علي ابن الحسين بن بابويه القمي، المعروف عند الشيعة بالصدوق (قدس سره)، المتوفى سنة 381 ه. وهوأيضاً في أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة من أهل البيت (عليهم السلام)، ومستوعب لأبواب الفقه. قد التزم مؤلفه فيه غالباً الاقتصار على ما يناسب اختياراته الفقهية. 3 ـ (تهذيب الأحكام) لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (قدس سره)، المتوفى سنة 460ه. وهو أيضاً في أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة من أهل بيته (عليهم السلام) مستوعب لأبواب الفقه. 4 ـ (الاستبصار) لشيخ الطائفة السابق الذكر. مستوعب لأبواب الفقه. قصد فيه الجمع بين الأخبار المتعارضة، ولو بصورة متكلفة، ذهاباً منه إلى أن الجمع مهما أمكن أولى من الطرح. وقد استخرجه من كتابه السابق (التهذيب)، فهو مختصر منه. وهذه الكتب لما لها من الأهمية والمكانة تعرف عند الشيعة بـ (الكتب الأربعة). 5 ـ (وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة) تأليف محمد بن الحسن الحر العاملي (قدس سره)، المتوفى سنة 1104 ه. قد جمع فيه أحاديث الكتب السابقة، وزاد عليها أحاديث كثيرة مأخوذة من كتب أخرى لم تبلغ شهرتها شهرة تلك الكتب. وقد استوعب فيه أبواب الفقه. 6 ـ (بحار الأنوار) تأليف الشيخ محمد باقر بن الشيخ محمد تقي المجلسي (قدس سره)، المتوفى سنة 1111ه. وهو في الحديث أيض. جمع فيه الحديث من كتب كثيرة. وقد استوعب أصول العقيدة، والسماء والعالم، والمعاد، وقصص الأنبياء (عليهم السلام) وسيرهم، وسيرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل -[ 22 ]- بيته (عليهم السلام)، والفقه، والأدعية، والأخلاق، وغير ذلك. ويبدأ في كل باب بما يناسبه من الآيات القرآنية، ويتكلم فيه، ثم يتعرض للأحاديث المناسبة لذلك الباب، ويشرح منها ما يحتاج للشرح. ولم يقتصر فيه على الأحاديث المعتبرة، بل ذكر حتى شواذّ الأخبار وغرائبه، منبهاً في كثير من الموارد إلى غرابته. فهو كتاب كبير جامع طبع مؤخراً فيما يقرب من مائة مجلد. وهناك كتب كثيرة في الحديث لا يسعنا استقصاؤه. وهي تشتمل على فنون العلم المختلفة من العقيدة والفقه والسيرة، وعلل الأحكام، وأحوال الأئمة (عليهم السلام)، وغير ذلك.
مصادر التراث الشيعي في الفقه أما كتب الفقه فهي تنقسم إلى قسمين: الأول: المتون الفقهية. وهي التي يقتصر فيها على فتاوى مؤلفيه، على اختلافهم في الآراء. ونذكر منه.. 1، 2 ـ المقنع، والهداية. للشيخ الصدوق المتقدم. 3 ـ المقنعة. للشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان (قدس سره)، المتوفى سنة 413 ه. 4 ـ النهاية. للشيخ الطوسي المتقدم. 5 ـ المراسم. لحمزة بن عبد العزيز الديلمي (قدس سره)، المعروف بسلار، المتوفى سنة 448 أو 463ه. 6 ـ الوسيلة. لابن حمزة (قدس سره)، من علماء القرن الخامس الهجري. -[ 23 ]- 7 ـ شرايع الإسلام. لأبي القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن الحلي المعروف بالمحقق (قدس سره)، المتوفى سنة 676ه. وقد تناوله كثير من الفقهاء شرحاً وتعليق. وهو من الكتب التي تدرس في الحوزات العلمية حتى عصرنا الحاضر. 8 ـ المختصر النافع. له أيض. وقد تناوله بعض الفقهاء شرحاً وتعليق. وهو الذي طبعته دار التقريب بين المذاهب الإسلامية بمصر سنة 1376ه. 9 ـ قواعد الأحكام. للشيخ جمال الدين الحسن بن علي بن المطهر الحلي (قدس سره)، المعروف بالعلامة، المتوفى سنة 726ه. وقد تناوله كثير من الفقهاء شرحاً وتعليق. 10، 11 ـ الدروس الشرعية، واللمعة الدمشقية. كلاهما للشيخ أبي عبد الله محمد بن مكي المعروف بالشهيد، المقتول في سنة 786ه. وهناك متون فقهية أخرى كثيرة للقدماء والمتأخرين في جميع العصور، وإلى أيامنا هذه، حيث جرت سيرة الفقهاء على تأليف الرسائل العملية المتضمنة لفتاواهم، ليعرفها مقلدوهم ـ الذين يرجعون إليهم في أمور دينهم ـ ويعملوا عليه. الثاني: الكتب الفقهيةالاستدلالية. وهي التي يعنى مؤلفوها بالاستدلال على الفتاوى، وبيان مآخذها من الكتاب والسنة وغيرهما ممايصلح للاستدلال حسب نظرهم. وقد عني علماء الشيعة بذلك قديماً وحديث، لفتح باب الاجتهاد عندهم، فلا يكون الرجل منهم فقيهاً حتى تكون له اختياراته الفقهية، ويستطيع الاستدلال عليه. غير أن بعضهم لم يسجل استدلاله في كتاب ألفه، وبعضهم سجله في كتاب أو أكثر. ونذكر من هذه الكتب.. -[ 24 ]- 1 ـ كتاب من لا يحضره الفقيه المتقدم، حيث سبق أنه اقتصر فيه غالباً على ذكر الأحاديث التي تناسب اختياراته الفقهية. 2 ـ كتاب المبسوط. لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (قدس سره) المتقدم. وقد عني فيه بتفريع الفروع الفقهية والإكثار من ذلك، على غرار ما عند المذاهب الأخرى. 3 ـ كتاب الخلاف. للشيخ الطوسي المتقدم أيض. في الفقه المقارن بين مذاهب المسلمين. 4 ـ كتاب الغنية في أصول الفقه وفروعه.تأليف أبي المكارم عز الدين حمزة بن علي بن زهرة الحسيني (قدس سره)، المتوفى سنة 585ه. 5 ـ كتاب المعتبر. للمحقق الحلي المتقدم (قدس سره). شرح فيه كتابه المختصر النافع المتقدم، ولم يكمله. 6، 7، 8 ـ كتاب تذكرة الفقهاء، وكتاب منتهى المطلب، وكتاب مختلف الشيعة. وهو في الفقه الشيعي المقارن. كلها للعلامة الحلي (قدس سره) المتقدم ذكره. 9 ـ كتاب جامع المقاصد في شرح كتاب قواعد العلامة المتقدم. تأليف المحقق الثاني الشيخ علي بن الحسين بن عبدالعالي العاملي الكركي (قدس سره)، المتوفى ـ على ما ذكره الأكثرـ سنة 940ه. 10، 11 ـ كتاب مسالك الأفهام في شرح كتاب شرايع الإسلام المتقدم، وكتاب الروضة البهية في شرح كتاب اللمعة الدمشقية المتقدم. كلاهما تأليف الشيخ زين الدين بن نور الدين علي، المعروف بالشهيد الثاني، المقتول سنة 965هـ أو 966ه. 12 ـ كتاب مدارك الأحكام في شرح كتاب شرايع الإسلام المتقدم. -[ 25 ]- تأليف السيد محمد بن علي الموسوي العاملي (قدس سره)، المتوفى سنة 1009ه. 13 ـ كتاب كشف اللثام في شرح قواعد العلامة المتقدم. تأليف الشيخ محمد بن الحسن الأصفهاني، الشهير بالفاضل الهندي (قدس سره)، المتوفى سنة 1137ه. 14 ـ كتاب مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة المتقدم. تأليف السيد محمد جواد الحسيني العاملي (قدس سره)، المتوفى حدود سنة 1226 ه. وهو كتاب كبير طبع في عدة مجلدات كبيرة. وقد عني مؤلفه فيه بجمع أقوال العلماء من الإمامية في مسائل الفقه. مع استدلال مختصر في بعض المواضع. 15 ـ رياض المسائل في شرح كتاب المختصر النافع للمحقق الحلي المتقدم. تأليف السيد علي الطباطبائي (قدس سره)، المتوفى سنة 1231ه. 16 ـ كتاب جواهر الكلام في شرح كتاب شرايع الإسلام المتقدم ذكره. تأليف مرجع الطائفة في عصره الشيخ محمد حسن الشيخ باقر (قدس سره)، المتوفى سنة 1266ه. وهو أوسع كتاب فقهي استدلالي صار موضع عناية العلماء واهتمامهم حتى أيامنا هذه. وقد طبع أخيراً في ثلاثة وأربعين مجلد. بعد أن طبع فيما سبق في ست مجلدات كبار. 17 ـ كتاب مستمسك العروة الوثقى. تأليف سيدنا الاستاذ الجد مرجع الطائفة في عصره السيد محسن الطباطبائي الحكيم (قدس سره)، المتوفى سنة 1390ه. وغير ذلك من الكتب الكثيرة في جميع العصور، وإلى أيامنا هذه.
-[ 26 ]- مصادر التراث الشيعي في السيرة أما كتب السيرة فهي غالباً تتداخل مع كتب العقيدة عند الشيعة، لأنهم إنما يعنون غالباً بسيرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام). وهم يركزون فيها على أدلة النبوة والإمامة وشواهدهم، وعلى فضائلهم ومناقبهم (صلوات الله عليهم). ونذكر منها على سبيل المثال.. 1 ـ الإرشاد. تأليف الشيخ المفيد المتقدم ذكره. وهو يعنى بترجمة الأئمة الاثني عشر، وبيان فضائلهم، وشواهد إمامتهم. 2 ـ إعلام الورى بأعلام الهدى. تأليف أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي (قدس سره)، المتوفى سنة 548 ه. وهو يعنى بترجمة المعصومين الأربعة عشر ـ النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) والصديقة فاطمة الزهراء والأئمة الاثني عشر (صلوات الله عليهم) ـ والاستدلال على عصمتهم، وعلى نبوة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وإمامة الأئمة (عليهم السلام) واحداً بعد واحد. 3 ـ إثبات الوصية. تأليف أبي الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي الهذلي، صاحب كتاب مروج الذهب، وهو من علماء القرن الرابع الهجري. 4 ـ كفاية الأثر في النص على الأئمة الاثني عشر. تأليف علي بن محمد ابن علي الخزاز الرازي، وهو من علماء القرن الرابع الهجري. 5 ـ مناقب آل أبي طالب. تأليف الحافظ رشيد الدين أبي عبدالله محمد ابن علي بن علي بن شهرآشوب السروي المازندراني، المتوفى سنة 558ه. وهو يعنى بترجمة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وإثبات نبوته، وبترجمة الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) وإثبات إمامتهم، وذكر فضائلهم ومناقبهم. -[ 27 ]- 6 ـ كشف الغمة في معرفة الأئمة. تأليف أبي الحسن علي بن عيسى ابن أبي الفتح الإربلي، وهو من علماء القرن السابع الهجري. ويعنى بترجمة المعصومين الأربعة عشر ـ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والصديقة فاطمة الزهراء والأئمة الاثني عشر (صلوات الله عليهم) ـ وما يتعلق بالنبوة والإمامة. وهناك كتب أخرى لا يسع المقام استقصاءه.
مصادر التراث الشيعي في العقيدة أما كتب العقيدة فهي على قسمين: الأول: ما تضمن التعريف بعقائد الشيعة إجمالاً من دون استدلال، أو مع استدلال مختصر نذكر منه.. 1 ـ الاعتقاد. تأليف الشيخ الصدوق (قدس سره) المتقدم ذكره. 2 ـ تصحيح الاعتقاد. تأليف الشيخ المفيد (قدس سره) المتقدم ذكره. شرح فيه كتاب الاعتقاد للصدوق (قدس سره) المتقدم، وذكر مؤاخذته عليه. 3 ـ أوائل المقالات في المذاهب والمختارات. تأليف الشيخ المفيد (قدس سره) المتقدم ذكره. 4 ـ جمل العلم والعمل. تأليف الشريف المرتضى علي بن الحسين الموسوي (قدس سره)، المتوفى سنة 436 ه. 5 ـ الاقتصاد. تأليف الشيخ الطوسي (قدس سره) المتقدم ذكره. 6 ـ العقائد الجعفرية. تأليف الشيخ الطوسي (قدس سره) المتقدم أيض. 7 ـ عقائد الإمامية. تأليف الشيخ محمد رضا المظفر، المتوفى سنة 1384ه. وقد جمع فيه عقائد الإمامية ببيان موجز واضح حديث. وهو من الكتب المنشورة المشهورة في أيامنا هذه. الثاني: ما عني فيه بالاستدلال على العقائد، وهي كتب كثيرة نذكر منها: -[ 28 ]- 1 ـ الشافي. تأليف السيد المرتضى (قدس سره) المتقدم ذكره. 2 ـ تلخيص الشافي. تأليف الشيخ الطوسي المتقدم ذكره. وقد اختصر فيه كتاب الشافي المذكور. 3 ـ كتاب الألفين. تأليف العلامة الحلي (قدس سره) المتقدم ذكره. وقد عني فيه بتكثير الأدلة على الإمامة. 4 ـ نهج الحق. تأليف العلامة الحلي أيض. وهو الكتاب الذي ردّ عليه ابن روزبهان في كتابه الذي سماه: إبطال الباطل. 5 ـ منهاج الكرامة. تأليف العلامة الحلي أيض. وهو الكتاب الذي ردّ عليه ابن تيمية في كتابه الذي سماه: منهاج السنة. 6 ـ إحقاق الحق. تأليف القاضي نور الله بن شريف الدين الحسيني المرعشي (قدس سره)، المقتول في القرن الحادي عشر الهجري. وهو ردّ على كتاب إبطال الباطل لابن روزبهان، الذي ردّ به على كتاب نهج الحق المتقدم ذكره. وقد طبع هذا الكتاب مؤخراً مع تعليقات موسعة وإضافات قام بها المرحوم المرجع الديني السيد شهاب الدين المرعشي (قدس سره) المتوفى حدود سنة 1410ه. 7 ـ دلائل الصدق. تأليف المرجع الديني الشيخ محمد حسن المظفر (قدس سره) المتوفى سنة 1375ه. وهو ردّ على كتاب إبطال الباطل لابن روزبهان المتقدم ذكره. وتعرض بالمناسبة للردّ على ابن تيمية في بعض المواضع. 8 ـ حق اليقين في معرفة أصول الدين. تأليف السيد عبد الله شبر (قدس سره)، المتوفى في أواسط القرن الثالث عشر الهجري. 9 ـ صراط الحق في أصول الدين. تأليف الشيخ محمد آصف المحسني المعاصر. -[ 29 ]- 10 ـ التوحيد. تأليف الشيخ الصدوق (قدس سره) المتقدم ذكره. وهو في الحديث، لكن عني مؤلفه بالتأكيد على تنزيه الله تعالى عن التجسيم والتشبيه والجبر. وهو من شؤون العقيدة. 11 ـ تنزيه الأنبياء. تأليف الشريف المرتضى (قدس سره) المتقدم ذكره. وهو يعنى بإثبات عصمة الأنبياء وتنزيههم عن المعاصي. 12 ـ الغدير في الكتاب والسنة والأدب. تأليف الشيخ عبدالحسين الأميني (قدس سره)، المتوفى سنة 1390ه. وقد تعرض فيه لحديث الغدير، وذكر طرقه، وترجم للشعراء الذين ذكروا الغدير في شعرهم. واستطرد بالمناسبة لكثير من فضائل أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليه أفضل الصلاة والسلام) ولكثير مما يتعلق بمذهب أهل البيت (صلوات الله عليهم). وناقش كثيراً ممن هاجم المذهب. وأفاض في ذكر المصادر، فهو موسوعة مهمة في جوانب العقيدة والتاريخ. 13ـ إكمال الدين وإتمام النعمة. تأليف الشيخ الصدوق (قدس سره) المتقدم ذكره. وهو يعنى بقضية غيبة الإمام الثاني عشر الحجة بن الحسن المهدي (صلوات الله عليه وعلى آبائه)، والاستدلال عليها والدفاع عنه. وهناك كثير من الكتب والرسائل المختصة بهذه القضية لكل من الشيخين المفيد والطوسي (قدس سرهم) المتقدم ذكرهما وغيرهم، يضيق المقام عن استقصائه. 14 ـ المراجعات. تأليف السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي (قدس سره). تحدث فيه عن بعض الأمور العقائدية في حوار هادئ بين المؤلف والشيخ سليم البشري شيخ الجامع الأزهر في وقته. وببيان سهل شيق. وهو من الكتب النافعة المشهورة. 15 ـ الفصول المهمة في تأليف الأمة. للسيد عبدالحسين شرف الدين -[ 30 ]- الموسوي (قدس سره) المتقدم، حاول فيه التقريب بين الشيعة والسنة. وهناك كتب كثيرة أخرى تتعلق بالعقائد لمن ذكرناهم ولغيرهم، لا يسعنا استقصاؤه. وفيما ذكرناه كفاية. هذ، ولابد لمن يريد التعرف على المصادر الشيعية من أمرين:
ليس كل ما تضمنته المصادر الشيعية متفقاً عليه بينهم الأول: أن كثيراً مما تتضمنه المصادر الشيعية ليس أمراً متفقاً عليه بين الشيعة. وإنما اتفقوا على أصول العقيدة، من التوحيد وما يتعلق به، من تنزيه الله سبحانه وتعالى عن الظلم والجبر والتجسيم والتشبيه والمكان والزمان. ثم النبوة. ثم إمامة الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام)، وما يتعلق بهما من عصمة الأنبياء والأئمة (صلوات الله عليهم)، ثم المعاد الجسماني. كما اتفقوا على بعض الأمور الأخرى التي ثبتت بأدلة قطعية من النصوص المتواترة أو الإجماع أو حكم العقل القطعيين. وتلك الأمور تتعلق بالفقه والسيرة وما بعد الموت وغير ذلك. وقد اختلفوا في كثير من الأمور، لأن باب الاجتهاد مفتوح عندهم. والاختلاف المذكور يجري حتى في النصوص والأحاديث الشريفة، فليس كل حديث يذعنون بمضمونه أو يتفقون عليه. وكم من حديث متروك لا يعمل عليه، على معايير وضوابط لا يسعنا تفصيلها في هذه العجالة، أو هو مورد للخلاف بينهم، لاختلافهم في تلك الضوابط والمعايير. والمهم أنه لا ينبغي التسرع في نسبة ما يوجد في تلك المصادر ـ من مضامين الأحاديث أو أقوال العلماء ـ إلى الشيعة بأجمعهم وتحميلهم مسؤوليته إلا بعد التأكد من إذعانهم به واتفاقهم عليه. نعم لا ريب في أن تلك المصادر تكشف عن الملامح العامة لآراء الشيعة وأقوالهم، وتوضح الخطوط العريضة لثقافتهم ومنهجيتهم.
-[ 31 ]- لابد للباحث من الموضوعية والتجرد الثاني: أن من الطبيعي أن من لم يألف الثقافة الشيعية، وعاش الثقافة السنية وألفه، سيصدم عند الرجوع للمصادر الشيعية، خصوصاً في الأمور المذهبية الحساسة، التي يحمل لها في نفسه قدسية واحترام. فإن ما تتضمنه المصادر الشيعية من ذلك وإن وجد متفرقاً في المصادر السنية، أو وجدت له شواهد فيه، إلا أنه ليس بحيث يلتفت إليه في خضمّ الكثرة الكاثرة من الأحاديث والمسلمات الموروثة عند السنة. ومن هنا فاللازم التثبت عند الرجوع للمصادر الشيعية وعدم التسرع في الإنكار والاستبشاع عند الاطلاع على بعض ما تتضمنه، لأن ذلك كله يبتني على أصول مؤصلة، قد أتعب الشيعة أنفسهم في الاستدلال عليه، وذكر الشواهد لها من مصادر سنية وغيره، في مسيرة طويلة شاقة، من أحاط بها وخرج منها يهون عليه سماع ما تتضمنه مصادرهم مما يخالف مسلماته وموروثاته، ولا يفاجأ به، ولا يصدم. ولا نريد بذلك أن ندعي صحة جميع ما يذكره الشيعة، إذ لا موجب لتعجل الأمور قبل أوانه. بل كل ما نريده عدم تعجل الإنكار والاستبشاع، والانتظار بهما حتى يطلع على أصول الشيعة وأدلتهم وتستوعب، ثم ليختار المنصف لنفسه بعد ذلك ما يحلو له، ويقتضيه وجدانه وبرهانه الذي يراه مقنعاً أمام الله سبحانه وتعالى ومعذراً بين يديه. فإن المهم إرضاؤه جل شأنه والخروج عن المسؤولية معه، وهو نعم الرقيب والحسيب. ولا أهمية لإرضاء الناس أو إسكاتهم. كما لا يغني إرضاء العواطف وإشباع الرغبات. فإن أمد ذلك كله قصير، وهو صائر إلى زوال، وبعد ذلك الحساب العسير، ثم الخلود في الجنة أو في النار.
عدل سابقا من قبل تراب أقدام المهدي في الإثنين يوليو 09, 2012 2:42 am عدل 1 مرات | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: هل يكفر الشيعة الصحابة؟ السبت يوليو 07, 2012 10:31 pm | |
| -[ 32 ]- س2: قضية سب الصحابة أو تكفيرهم من جهة الشيعة هل هو صحيح النسبة لهم؟ وخصوصاً تكفير أبي بكر وعمر وعثمان ـ رضي الله عنهم ـ هل يقول الشيعة به؟ وكذلك بالنسبة لعائشة (رضي الله عنه)؟ ج: يحوم السؤال حول أمرين: الأول: التكفير. وليس من رأي الشيعة تكفير الصحابة، بل ولا عامة المسلمين، على اختلاف طوائفهم. وذلك يبتني على حقيقة الإسلام وتحديد أركانه عندهم. ويعرف ذلك من أحاديثهم عن أئمتهم (صلوات الله عليهم) ومن فتاوى علمائهم وتصريحاتهم.
معيار الإسلام والكفر عند الشيعة ففي موثق سماعة: "قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : أخبرني عن الإسلام والإيمان أهما مختلفان؟ فقال: إن الإيمان يشارك الإسلام، والإسلام لا يشارك الإيمان. فقلت: فصفهما لي. فقال: الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله، والتصديق برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). به حقنت الدماء وعليه جرت المناكح والمواريث، وعلى ظاهره جماعة الناس. والإيمان الهدى..." (1). وفي حديث سفيان بن السمط: "سأل رجل أبا عبدالله (عليه السلام) عن الإسلام والإيمان ما الفرق بينهم؟فقال: الإسلام هو الظاهر الذي عليه الناس شهادة: أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده -[ 33 ]- ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصيام شهر رمضان. فهذا الإسلام..." (1). وفي صحيح حمران بن أعين عن أبي جعفر (عليه السلام) : "سمعته يقول: الإيمان ما استقر في القلب وأفضى به إلى الله عزوجل، وصدقه العمل بالطاعة لله والتسليم لأمره. والإسلام ما ظهر من قول أو فعل. وهو الذي عليه جماعة الناس من الفرق كله. وبه حقنت الدماء، وعليه جرت المواريث، وجاز النكاح، واجتمعوا على الصلاة والزكاة والصوم والحج، فخرجوا بذلك من الكفر..." (2)... إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة. وهي تشهد بأنه يكفي في الإسلام الشهادتان والإقرار بالفرائض الضرورية في الدين، وبأن غير الشيعة من فرق المسلمين لا يخرجون عن الإسلام، وتجري عليهم أحكامه من حرمة المال والدم وغيرها إلا بحق. عدا النواصب، وهم الذين يناصبون أهل البيت (صلوات الله عليهم) العداء، على كلام وتفصيل لا يسعنا الحديث عنه، ولا يهمنا فعل، لأن الكلام في غيرهم. وعلى هذا جرت فتاوى علماء الشيعة في جميع العصور، دونوها في كتبهم المنشورة، والتي هي في متناول كل من يريد معرفة رأي الشيعة. تجد ذلك في مسائل الطهارة والنكاح والذباحة والمواريث والقصاص وغيره. وليسوا في مقام التقية أو المجاملة. ولذا صرّحوا في بعض الموارد الأخرى باشتراط الإيمان زائداً على الإسلام. فلتلحظ. ـــــــــــــــــــــــ (1) الكافي 2: 24 كتاب الإيمان والكفر: باب إن الإسلام يحقن به الدم (وتؤدى به الأمانة) وأن الثواب على الإيمان حديث:4. (2) الكافي 2: 26 كتاب الإيمان والكفر: باب إن الإيمان يشرك الإسلام والإسلام لا يشرك الإيمان حديث:5. -[ 34 ]- ويحسن إثبات ما تضمنه مصدر واحد، وهو كتاب شرايع الإسلام المتقدم، الذي هو من الكتب المعروفة. وقد شرحه كثير من الفقهاء. ويدرس في الحوزة، كما تقدم. وعليه تقاس بقية المصادر. قال في مبحث تغسيل الميت: "وكل مظهر للشهادتين يجوز تغسيله عدا الخوارج والغلاة والشهيد..." (1). وقال في كتاب الحدود في مسائل حدّ المرتد: "كلمة الإسلام أن يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله. وإن قال مع ذلك: وأبرأ من كل دين غير الإسلام، كان تأكيداً" (2). وقال في فصل الصلاة على الميت: "الأول: من يصلى عليه. وهو كل من كان مظهراً للشهادتين، أو طفلاً له ست سنين ممن له حكم الإسلام" (3). وقال في عدد النجاسات: "العاشر: الكافر. وضابطه كل من خرج عن الإسلام، أو من انتحله وجحد ما يعلم من الدين ضرورة، كالخوارج والغلاة" (4). وقال في كتاب النكاح، في مسائل لواحق العقد: "الأولى: الكفاءة شرط في النكاح، وهي التساوي في الإسلام. وهل يشترط التساوي في الإيمان؟ فيه روايتان، أظهرهما الاكتفاء بالإسلام، وإن تأكد استحباب الإيمان. وهو في طرف الزوجة أتم، لأن المرأة تأخذ من دين بعله. نعم لا يصح نكاح الناصب المعلن بعداوة أهل البيت (عليهم الصلاة والسلام)، ـــــــــــــــــــــــ (1) شرايع الإسلام 1: 37. (2) شرايع الإسلام 4: 185ــ 186. (3)، (4) شرايع الإسلام 1: 104ــ 105، 53. -[ 35 ]- لارتكابه ما يعلم بطلانه من دين الإسلام" (1). وقال في أول كتاب الذباحة: "أما الذابح فيشترط فيه الإسلام أو حكمه، فلا يتولاه الوثني... ولا يشترط الإيمان. وفيه قول بعيد باشتراطه. نعم لا يصح ذباحة المعلن بالعداوة لأهل البيت (عليهم السلام) ـ كالخارجي ـ وإن أظهر الإسلام" (2). وقال في مسائل اللواحق: "ما يباع في أسواق المسلمين من الذبائح واللحوم يجوز شراؤه، ولا يلزم الفحص عن حاله" (3). وقال في كتاب الفرائض ـ وهي المواريث ـ عند الكلام في موانع الإرث: "الثالثة: المسلمون يتوارثون وإن اختلفوا في المذاهب. والكفار يتوارثون وإن اختلفوا في النحل" (4). وقال في كتاب القصاص عند التعرض لشروطه: "الشرط الثاني: التساوي في الدين، فلا يقتل مسلم بكافر، ذمياً كان، أو مستأمن، أو حربي..." (5). وقال في مبحث قصاص الطرف:"ويشترط في جواز الاقتصاص التساوي في الإسلام، والحرية، أو يكون المجني عليه أكمل" (6). وعلى ذلك تبتني نظرة الشيعة وتعاملهم مع الصحابة عموماً ـ بما فيهم من سبق النص في السؤال عنهم ـ وغير الصحابة من المسلمين الذين يشهدون الشهادتين، ويعتنقون الإسلام ويعلنون دعوته، ويقيمون ـــــــــــــــــــــــ (1) شرايع الإسلام 2: 299. (2)، (3) شرايع الإسلام 3: 204، 206. (4)، (5)، (6) شرايع الإسلام 4: 13، 211، 234. -[ 36 ]- فرائضه. من دون نظر إلى فرقهم واختلافاتهم فيما زاد على أصول الإسلام، ومن دون نظر إلى بواطن نفوسهم وما تكنه صدورهم وتنطوي عليه ضمائرهم، فإن التعامل إنما يكون على الظاهر. وعلى ذلك جرت سيرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثم سيرة أئمتنا (صلوات الله عليهم) في جميع عصورهم. وقد كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول عمن قاتله: إنهم إخواننا بغوا علين، ولم يقل إنهم كفرو. ولم يسترق نساءهم ولا استحل أموالهم، لأنهم أهل القبلة، يعني: مسلمين. وعلى هذا جرى شيعته. بل الظاهر أن أكثر المسلمين على ذلك. التوسع في إطلاق الكفر في الكتاب والسنة وكلمات المسلمين نعم كثيراًًً ما يطلق الكفر في الكتاب المجيد والحديث الشريف وكلمات المسلمين عموماً على بعض من يشهد الشهادتين، ويعلن الإسلام تارة: بنحو من المبالغة، من أجل الإغراق في التنفير. وأخرى: بلحاظ الخروج عن مقتضى الإسلام التام المبتني ـ مع الشهادتين ـ على الاستقامة في العقيدة والعمل، والوفاء بجميع ما عهده الله تعالى إلى عباده وطلبه منهم. وثالثة: بلحاظ عدم مطابقة دعوى الإسلام للعقيدة الباطنة. وهو ما يرجع لطعن الشخص بالنفاق. وعلى أحد هذه الوجوه يجري قوله تعالى: [وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ] (1). وقوله سبحانه: [وَلِلّهِ علَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ] (2). ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة المائدة الآية:44. (2) سورة آل عمران الآية:97. -[ 37 ]- وقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) المروي بطرق متعددة: "لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض" (1). وقول عائشة عن عثمان: "اقتلوا نعثلاً فقد كفر" (2). وقول عمر بن الخطاب عن حاطب بن أبي بلتعة: "يا رسول الله اضرب عنقه فقد كفر" (3). وقول حذيفة: "إنما كان النفاق على عهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). فأما اليوم فإنما هو الكفر بعد الإيمان" (4). وفي كلام لأبي شعيب: "ان حفص الفرد ناظر الشافعي، فقال حفص: القرآن مخلوق. فقال له الشافعي: كفرت بالله العظيم" (5). وفي حديث ياسر الخادم: "سمعت أبا الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) يقول: من شبّه الله تعالى بخلقه فهو مشرك، ومن نسب إليه ما نهى عنه فهو كافر" (6). وفي حديث أبي الصلت الهروي عنه (عليه السلام): "فقلت له: يا ابن رسول الله، فما معنى الخبر الذي رووه: أن ثواب لا إله إلا الله النظر إلى وجه الله؟ ـــــــــــــــــــــــ (1) صحيح البخاري 1: 56 كتاب العلم: باب الإنصات للعلماء، 2: 619 كتاب الحج: باب الخطبة أيام منى، وغيرهم. (2) تاريخ الطبري 3: 12 في ذكر (قول عائشة (رضي الله عنه) : والله لأطلبن بدم عثمان وخروجها وطلحة والزبير في من تبعهم إلى البصرة). السيرة الحلبية 3: 356 باب: ذكر نبذ من معجزاته. (3) الأحاديث المختارة 1: 286 فيما رواه (عبدالله بن عباس عن عمر). وقال: إسناده صحيح. مسند عمر بن الخطاب 1: 55. (4) صحيح البخاري 6: 2604 كتاب الفتن: باب:إذا قال عند قوم شيئاً ثم خرج فقال بخلافه. (5) السنن الكبرى للبيهقي 10: 43 كتاب الأيمان: باب: ما جاء في الحلف بصفات الله تعالى كالعزة والقدرة.... سير أعلام النبلاء 10: 30 في ترجمة الإمام الشافعي. (6) عيون أخبار الرضا 1: 93. -[ 38 ]- فقال (عليه السلام): يا أبا الصلت من وصف الله بوجه كالوجوه فقد كفر، ولكن وجه الله أنبياؤه ورسله وحججه (صلوات الله عليهم) هم الذين بهم يتوجه إلى الله وإلى دينه ومعرفته... فالنظر إلى أنبياء الله ورسله وحججه (صلوات الله عليهم) في درجاتهم ثواب عظيم للمؤمنين يوم القيامة، وقد قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من أبغض أهل بيتي لم يرني ولم أره يوم القيامة. وقال (عليه السلام) : إن فيكم من لا يراني بعد أن يفارقني..." (1). وغير ذلك مما هو كثير جد.
التوسع في إطلاق الارتداد والانقلاب على الأعقاب وكذلك الحال في الارتداد والانقلاب على الأعقاب، حيث قد يراد بهما نكث عهد الطاعة لله تعالى والخروج عما يفرضه الدين الحق، ولو مع إعلان دعوة الإسلام وعدم الخروج عنه، كما هو المناسب لقوله تعالى: ((وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ)) (2)، لظهور أنه قد ورد مورد التأنيب لهم لفرارهم في حرب أحد، وانهيارهم لما سمعوا النداء بقتل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). وقوله سبحانه حكاية لخطاب النبي موسى (عليه السلام) لأصحابه: ((يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ)) (3). وقوله عزوجل: ((إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى ـــــــــــــــــــــــ (1) التوحيد للصدوق: 117ـ 118. (2) سورة آل عمران الآية: 144. (3) سورة المائدة الآية: 21. -[ 39 ]- الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ)) (1)، كما يظهر من سياق الآيات التي بعده. ويأتي في روايات الحوض من قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): "فأما النسب فقد عرفته، ولكنكم أحدثتم بعدي وارتددتم القهقرى" (2). وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): "ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى" (3)، ونحو ذلك (4). وقد صرح بعضهم بأن قسما من أهل الردة ليسوا مرتدين حقيقة، بل نسب لهم الارتداد لامتناعهم من دفع الزكاة لأبي بكر، مع بقائهم على الإسلام (5). وعلى ذلك يجري حديث أبي الرجاء العطاردي قال: "أتيت المدينة فإذا الناس مجتمعون، وإذا في وسطهم رجل يقبل رأس رجل، وهو يقول: أنا فداؤك ؛ لولا أنت هلكن. فقلت: مَن المقبِّل ومَن المقبَّل؟ قال: ذلك عمر ابن الخطاب يقبل رأس أبي بكر في قتال أهل الردة الذين منعوا الزكاة" (6)، إلى غير ذلك. لكن ذلك كله لا يرجع إلى نفي الإسلام بالمعنى المتقدم، ولا إلى عدم ترتب أحكامه المتقدمة ـ من حرمة المال والدم إلا بحق، وحلّ الذبائح والنكاح وثبوت الميراث ونحوها ـ كما هو المعلوم من مباني ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة محمد الآية: 25. (2) مجمع الزوائد 10 ص 364، كتاب البعث باب ما جاء في حوض النبي -. (3) التمهيد ج2: ص: 297. (4) تأتي إن شاء الله في ص: 168. (5) راجع فتح الباري 12: 277، والمحلى 11: 193، وتحفة الأحوذي 7: 282، وشرح نهج البلاغة 13: 187، وغيرهم. (6) تاريخ دمشق 43: 502 في ترجمة عمران بن خالد بن يزيد بن أبي جميل. -[ 40 ]- المسلمين عموماً في فقههم، وتعاملهم مع بعضهم، وسيرتهم فيما بينهم، إلا بعض فرق الخوارج أو نحوهم ممن عدّ من الشواذ وباينه المسلمون. ولا نعهد من عموم الشيعة الخروج عن ذلك في الصحابة، ولا في غيرهم من المسلمين. اللهم إلا أن يكون هناك شاذ لا يتيسر لنا فعلاً معرفته والوقوف على حديثه. ولو وجد فهو وحده يتحمل مسؤولية قوله وموقفه، من دون أن يتحمل عموم الشيعة مسؤولية ذلك، فضلاً عن أن ينسب إليهم ويحمل عليهم.
عدل سابقا من قبل تراب أقدام المهدي في الإثنين يوليو 09, 2012 2:48 am عدل 2 مرات | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: هل يسب الشيعة الصحابة؟ السبت يوليو 07, 2012 10:43 pm | |
| الثاني: السب والطعن. ولا يتيسر لنا إعطاء موقف عملي عام للشيعة في ذلك، وتحديد ممارساتهم بنحو مسؤول. فإن الشيعة شعب، بل شعوب. وهم يختلفون فيما بينهم ـ كسائر الناس ـ في قوة الشخصية وتماسك الأعصاب، وفي ثقافتهم العامة والدينية، وتعرفهم على واقع الصحابة كأفراد وككل، وفي التزامهم الديني والخلقي، وفي تربيتهم وبيئتهم ومجتمعاتهم، وفي اندفاعاتهم العاطفية والانفعالية. ولكل ذلك أثر مهم في ممارساتهم العملية من هذه الجهة. وكل ما نستطيعه بيان موقف الشيعة النظري من الصحابة ورأيهم فيهم حسب ما تمليه عليهم تعاليمهم وتفرضه عليهم أدلتهم، فنقول: للشيعة في ذلك مذهب يشترك فيه معهم الصحابة والتابعون، ومن بعدهم.
نظرة الصحابة لأنفسهم لا تناسب القدسية فإن من يقرأ تاريخ الصحابة، وما شجر بينهم، وصدر عنهم، يعلم علم اليقين أنه لا أساس لهالة التقديس الجماعي التي يحاول أن يحيطهم بها بعض الناس. بل يظهر له أن الصحبة ـ حتى بنظر الصحابة أنفسهم ـ غير عاصمة عن الذنوب، ولا مانعة من العيوب، وأنها لا تحجز بعضهم عن النيل -[ 41 ]- والطعن في البعض الآخر، وعن سبه ولعنه. بل شاع طعن بعضهم في بعض، ونيله منه، وتهمته، وشتمه، ولعنه، من دون أن تمنعهم الصحبة من ذلك. ما حدث بين الصحابة في أمر عثمان فقد بات من مسلمات التاريخ ما حدث منهم في أمر عثمان من طعن بعضهم في بعض قولاً وعمل. وكان من أشد الطاعنين على عثمان والمؤلبين عليه طلحة والزبير وعائشة. وقد رووا أن طلحة منع من إدخال الماء عليه (1)، ومن دخول الناس عليه وخروجهم منه (2). وقال ابن أبي الحديد: "روى المدائني في كتاب مقتل عثمان أن طلحة منع من دفنه ثلاثة أيام... وأن حكيم بن حزام أحد بني أسد بن عبد العزى وجبير بن مطعم بن الحارث بن نوفل استنجدا بعلي (عليه السلام) على دفنه، فأقعد طلحة لهم في الطريق ناساً بالحجارة... وروى الواقدي قال: لما قتل عثمان تكلموا في دفنه فقال طلحة: يدفن بدير سلع. يعني مقابر اليهود" (3). وقال: "وروى الناس الذين صنفوا في واقعة الدار أن طلحة كان يوم قتل عثمان مقنعاً بثوب قد استتر به عن أعين الناس يرمي الدار بالسهام. ورووا أيضاً أنه لما امتنع على الذين حصروه الدخول من باب الدار حملهم طلحة إلى دار لبعض الأنصار، فأصعدهم إلى سطحها وتسوروا منها على عثمان داره فقتلوه. ـــــــــــــــــــــــ (1) الإمامة والسياسة 1: 38 في (حصار أهل مصر والكوفة عثمان (رحمه الله) ). أنساب الأشراف 5: 71 في (مسير أهل الأنصار إلى عثمان واجتماعهم إليه مع من اجتمع من أهل المدينة). (2) تاريخ الطبري 2: 668 ـ 669 في ذكر (الخبر عن قتله (عثمان) وكيف قتل). (3) شرح نهج البلاغة 10: 6ـ 7 في (ذكر ما كان من أمر طلحة مع عثمان). -[ 42 ]- ورووا أيضاً أن الزبير كان يقول: اقتلوه فقد بدل دينكم. فقالوا: إن ابنك يحامي عنه بالباب، فقال: ما أكره أن يقتل عثمان ولو بدئ بابني. إن عثمان لجيفة على الصراط غداً" (1). وقد سبق عن عائشة أنها كانت تقول: "اقتلوا نعثلاً فقد كفر". وقال اليعقوبي: "وكان بين عثمان وعائشة منافرة، وذلك أنه نقصها مما كان يعطيها عمر بن الخطاب، و صيرها أسوة غيرها من نساء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإن عثمان يوماً ليخطب، إذ دلت عائشة قميص رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ونادت: يامعشر المسلمين، هذا جلباب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يبل وقد أبلى عثمان سنته. فقال عثمان: ربّ اصرف عني كيدهن إن كيدهن عظيم" (2). وقد ألَّبت هي وحفصة الناس عليه وهو يصلي، فلما سلّم قال: "إن هاتان الفتانتان فتنتا الناس في صلاتهم. وإلا تنتهيان أو لأسبّنكما ما حلّ لي السباب، وإني لأصلِكما لعالم" (3). ولما أنكر عليه سعد ذلك قصده عامد، فانسلّ سعد فخرج من المسجد، فتبعه عثمان، وصادف الإمام علياً (عليه السلام) بباب المسجد، فشتم سعداً أمامه (4). وفي حديث لعائشة مع مروان حينما طلب منها أن تصلح بين عثمان والناس قالت: "أترى أني في شك من صاحبك؟! اما والله لوددت أنه ـــــــــــــــــــــــ (1) شرح نهج البلاغة 9: 35ـ 36 في شرح كلام للإمام (عليه السلام) في شأن طلحة والزبير: (والله ما أنكروا عليَّ منكر...). (2) تاريخ اليعقوبي ج 2:: 175 أيام عثمان بن عفان، ومثله في شرح نهج البلاغة 3: 9. وقربب منه في الفتوح لابن أعثم 2: 420 في خروج عائشة إلى الحج لما حوصر عثمان وأشرف على القتال ومقالها فيه. (3)، (4) الجامع للأزدي 11: 355، 356 باب الفتن. -[ 43 ]- مقطع في غرارة من غرائري، وأني اطيق حمله، فأطرحه في البحر" (1). وفي رواية أخرى انّها قالت لمروان: " وددت والله انك وصاحبك هذا الذي يعنيك أمره في رجل كل واحد منكما رح، وأنكما في البحر" (2). وقد اتهم جماعة طلحة والزبير وعائشة بالتأليب عليه وقتله، منهم عثمان نفسه (3). وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : "وإني بليت بأربعة: أدهى الناس وأسخاهم طلحة، وأشجع الناس الزبير، وأطوع الناس في الناس عائشة، وأسرع الناس إلى فتنة يعلى بن أمية... وإنهم ليطلبون حقاً تركوه ودماً سفكوه، ولقد ولوه دوني، وإن كنت شريكهم في الإنكار لما أنكروه. وما تبعة عثمان إلا عندهم. وإنهم لهم الفئة الباغية... والله إن طلحة والزبير وعائشة ليعلمون أني على الحق وأنهم مبطلون" (4). وقال في مقام آخر: "أما إنهم لن يدعوا أن يخرجوا يقولون نطلب بدم عثمان، والله نعلم أنهم قتلة عثمان" (5)، وغير ذلك من كلامه (عليه السلام). وقال محمد بن طلحة: "دم عثمان ثلاثة أثلاث: ثلث على صاحبة الهودج ـ يعني عائشة ـ وثلث على صاحب الجمل الأحمر ـ يعني طلحة ـ وثلث على علي بن أبي طالب" (6). ـــــــــــــــــــــــ (1) تاريخ اليعقوبي ج 2: 176 في أيام عثمان بن عفان. (2) الطبقات الكبرى 5: 38 في ترجمة مروان بن الحكم بن أبي العاص، تاريخ دمشق 57: 258 في ترجمة مروان بن الحكم بن أبي العاص. (3) تاريخ الطبري 2: 668 ـ 669 في ذكر (الخبر عن قتله (عثمان) وكيف قتل). (4) الاستيعاب 2: 213ـ 214 في ترجمة طلحة بن عبيدالله. (5) تاريخ الطبري 3: 2 في ذكر (إتساق الأمر في البيعة لعلي بن أبي طالب (عليه السلام)). (6) تاريخ الطبري 3: 16 في ذكر (دخولهم البصرة والحرب بينهم وبين عثمان بن حنيف). -[ 44 ]- وقال سعد بن أبي وقاص لمن سأله عن قتل عثمان: "إني أخبرك: إنه قتل بسيف سلته عائشة، وصقله طلحة، وسمّه علي ابن أبي طالب، وسكت الزبير وأشار بيده، وأمسكنا نحن، ولو شئنا دفعنا عنه. ولكن عثمان غير وتغير" (1). وقال إسرائيل بن موسى: "سمعت الحسن يقول: جاء طلحة والزبير إلى البصرة، فقال لهم الناس: ما جاءكم؟ قالوا: نطلب دم عثمان. قال الحسن: أيا سبحان الله، أفما كان للقوم عقول فيقولون: والله ما قتل عثمان غيركم" (2). وقد اشتهر النقل عن مروان بن الحكم أنه قتل طلحة ثأراً لعثمان (3). بل قال في الاستيعاب: "ولا يختلف العلماء الثقات في أن مروان قتل طلحة يومئذٍ، وكان في حزبه" (4). كما روي عن طلحة أنه ندم على ما كان منه مع عثمان، وذكر أن كفارة ذلك أن يقتل هو (5). ـــــــــــــــــــــــ (1) الإمامة والسياسة 1: 48 في ذكر (بيعة علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه) وكيف كانت). وقريب منه العقد الفريد 4: 295 كتاب العسجدة الثانية في الخلفاء وتواريخهم وأخبارهم: في (ما قالوا في قتلة عثمان). (2) المستدرك على الصحيحين 3: 128 كتاب معرفة الصحابة: في ذكر (إسلام أمير المؤمنين علي (رضي الله عنه) ). (3) الطبقات الكبرى 3: 223 في ذكر (طلحة بن عبيدالله)، 5: 38 في (سن طلحة ابن عبيدالله ووفاته (رضي الله عنه) ). المستدرك على الصحيحين 3: 417، 418 كتاب معرفة الصحابة: في (مناقب طلحة بن عبيدالله التيمي). المعجم الكبير 1: 113 (وفيه أن مروان قتل طلحة). الاستيعاب 2: 212، 214 في ترجمة طلحة بن عبيدالله. (4) الاستيعاب 2: 213 في ترجمة طلحة بن عبيدالله. (5) الطبقات الكبرى 3: 222، 223 في ذكر (طلحة بن عبيدالله). الاستيعاب 2: 213 في ترجمة طلحة بن عبيد الله. المستدرك على الصحيحين 3: 419 كتاب معرفة الصحابة: في (مناقب طلحة بن عبيد الله التيمي). -[ 45 ]- وقد كان من جملة المنكرين على عثمان والطاعنين عليه عمار بن ياسر، وقد قال هو ومحمد بن أبي بكر عنه: إنه كفر بالله من بعد إيمانه، ونافق (1). وكان لا يرى لدمه حرمة تقتضي القصاص (2). قال الباقلاني: "وقد روي أنه (أي عمار) كان يقول: عثمان كافر. وكان يقول بعد قتله: قتلنا عثمان ويوم قتلناه كافر. فلعل عثمان انتهره وأدبه لكثرة قوله: قد خلعت عثمان، وأنا بريء منه..." (3). وروى كلثوم بن جبر عن أبي الغادية الجهني قاتل عمار: "قال: بايعت رسول الله- يوم العقبة، فقال: يا أيها الناس ألا إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذ، في شهركم هذ، في بلدكم هذ. ألا هل بلغت؟ فقلنا: نعم. فقال: اللهم اشهد. ثم قال: ألا لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض". قال كلثوم: "ثم اتبع ذا فقال: إنا كنا نعد عمار بن ياسر فينا حنان، فبينا أنا في مسجد قباء إذ هو يقول: ألا إن نعثلاً هذ، لعثمان، فالتفت فلو أجد عليه أعواناً لوطأته حتى أقتله. قال: قلت: اللهم إنك إن تشأ تمكني من عمار. فلما كان يوم صفين أقبل يستن أول الكتيبة رجل، حتى إذا كان بين الصفين فأبصر رجل عورة فطعنه في ركبته بالرمح فعثر، فانكشف المغفر عنه، فضربته، فإذا رأس عمار". يقول كلثوم: "فلم أرَ رجلاً أبين ضلالة عندي منه، إنه سمع من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما سمع ثم قتل عمار... وأخبر عمرو بن العاص فقال: سمعت ـــــــــــــــــــــــ (1) المعجم الكبير 1: 79 في ذكر (سن عثمان ووفاته). (2) مجمع الزوائد 9: 97، 98 باب: فيما كان من أمره (عثمان) ووفاته (رضي الله عنه). المعجم الكبير 1: 81 في ذكر (سن عثمان ووفاته). (3) التمهيد: 220. -[ 46 ]- رسول الله- يقول: إن قاتله وسالبه في النار..." (1). وفي حديث أبي معشر، قال: "بينما الحجاج جالس، إذ أقبل رجل مقارب الخطو، فلما رآه الحجاج قال: مرحباً بأبي غادية، واجلسه على سريره، وقال: أنت قتلت ابن سمية؟ قال نعم... فقال الحجاج لأهل الشام من سره أن ينظر إلى رجل عظيم الباع يوم القيامة فلينظر إلى هذ. ثم ساره أبو غادية ليسأله شيئاً فأبى عليه فقال: أبو غادية نوطئ لهم الدنيا ثم نسألهم فلا يعطونن، ويزعم أني عظيم الباع يوم القيامة.. والله لو ان عماراً قتله أهل الأرض لدخلوا النار" (2). وقد سبق من عثمان أن شتم عمار..تارة: بقوله له: "يا ابن المتكاء" (3). وأخرى: بقوله: "كذبت يا ابن سمية" (4). وثالثة: بقوله: "يا عاضّ أير أبيه" (5). ورابعة: بقوله: "ويلي على ابن السوداء" (6). كما أنه أمر به فضرب حتى غشي عليه وفاتته صلوات (7)، أو ضربه برجليه وهما في الخفين على مذاكيره فأصابه الفتق وغشي عليه (8)، أو أمر فضربوه وضربه معهم حتى فتقوا بطنه فغشي عليه، فجروه حتى طرحوه على باب الدار (9)، أو قام إليه فوطأه حتى غشي عليه (10) (10). وقد أراد نفيه إل ـــــــــــــــــــــــ (1) الطبقات الكبرى 3: 260 ـ 261 في ذكر (ومن حلفاء بني مخزوم: عمار بن ياسر). (2) أسد الغابة ج 5 /: 267 في ترجمة أبي الغادية الجهني. (3) أنساب الأشراف 5: 48 في (أمر عمار بن ياسر العنسي (رضي الله عنه) ). قال في القاموس: "والمتكاء البظراء، والمفضاة، والتي لا تمسك البول". (4) أنساب الأشراف 5: 49 في (أمر عمار بن ياسر العنسي (رضي الله عنه) ). (5) أنساب الأشراف 5: 54 في (أمر أبي ذر جندب بن جنادة الغفاري (رضي الله عنه) ). (6) تاريخ اليعقوبي 2: 171 في (أيام عثمان بن عفان). (7)، (8) أنساب الأشراف 5: 48، 49 في (أمر عمار بن ياسر العنسي (رضي الله عنه) ). (9) الإمامة والسياسة 1: 33 في (ما أنكر الناس على عثمان (رحمه الله) ). (10) مصنف ابن أبي شيبة 6: 199 كتاب الأمراء: ما ذكر من حديث الأمراء والدخول عليهم. العقد الفريد 4: 307 كتاب العسجدة الثانية في الخلفاء وتواريخهم وأخبارهم: في (مانقم الناس على عثمان). -[ 47 ]- أن بني مخزوم تكلموا في ذلك فأمسك (1). أما عبد الرحمن بن عوف فقد أشتد على عثمان لما أحدث ما أحدث، فقال لأمير المؤمنين (عليه السلام) : "إذا شئت فخذ سيفك وآخذ سيفي إنه قد خالف ما أعطاني" (2). وحلف أن لا يكلم عثمان مدة حياته (3). وعاده عثمان في مرضه فلم يكلمه (4)، ومات وهو مهاجر له (5)، وأوصى أن لا يصلي عليه (6). وقال له عبد الرحمن عندما بنى داره، ودعا الناس فيها إلى طعامه: "يا ابن عفان لقد صدقنا عليك ما كنا نكذب فيك، وإني أستعيذ الله من بيعتك"، فغضب عثمان وقال: "أخرجه عني يا غلام"، فأخرجوه، وأمر الناس أن لا يجالسوه (7). ـــــــــــــــــــــــ (1) أنساب الأشراف 5: 54 ـ 55 في (أمر أبي ذر جندب بن جنادة الغفاري (رضي الله عنه) ). تاريخ اليعقوبي 2: 173 في (أيام عثمان بن عفان). (2) أنساب الأشراف 5: 57 في (قول عبدالرحمن بن عوف في عثمان (رضي الله عنه) ). (3) أنساب الأشراف 5: 57 في (قول عبدالرحمن بن عوف في عثمان (رضي الله عنه) ). تاريخ أبي الفداء 1: 166 في (ذكر مقتل عمر (رضي الله عنه) ). العقد الفريد، كتاب العسجدة الثانية في الخلفاء وتواريخهم وأخبارهم:4: 280 في (أمر الشورى في خلافة عثمان بن عفان)، و 4: 305 في (ما نقم الناس على عثمان). (4) تاريخ أبي الفداء 1: 166 في (ذكر مقتل عمر (رضي الله عنه) ). شرح نهج البلاغة 1: 196. العقد الفريد 4: 280 كتاب العسجدة الثانية في الخلفاء وتواريخهم وأخبارهم: في (أمر الشورى في خلافة عثمان بن عفان). (5) تاريخ أبي الفداء 1: 166 في (ذكر مقتل عمر (رضي الله عنه) ). شرح نهج البلاغة 1:196. العقد الفريد كتاب العسجدة الثانية في الخلفاء وتواريخهم وأخبارهم 4: 280 في (أمر الشورى في خلافة عثمان بن عفان)، و4: 305 في (ما نقم الناس على عثمان). المعارف لابن قتيبة: 550 في (المتهاجرون). (6) أنساب الأشراف 5: 57 في (قول عبدالرحمن بن عوف في عثمان (رضي الله عنه) ). (7) شرح نهج البلاغة 1: 196. -[ 48 ]- وذكر عثمان عند عبدالرحمن في مرضه الذي مات فيه، فقال عبد الرحمن: "عاجلوه قبل أن يتمادى في ملكه"، فبلغ ذلك عثمان، فبعث إلى بئر يسقى منها نَعَم عبد الرحمن فمنعه إياها (1). وكان عثمان يتهم عبد الرحمن بن عوف بالنفاق، ويعده منافقاً (2). حتى روي عن عبدالرحمن أنه قال: "ما كنت أرى أن أعيش حتى يقول لي عثمان: يا منافق" (3). وقد اشتهر ما وقع بين عثمان وبين أبي ذر حتى نفى أبا ذر إلى الربذة إلى أن مات بها (4) في تفاصيل طويلة لا يسعنا استقصاؤه. وعن أبي إسحاق: "قال: جاء أبو ذر إلى عثمان فعاب عليه شيئ، ثم قام فجاء علي معتمداً على عصا حتى وقف على عثمان، فقال له عثمان: ما تأمرنا في هذا الكتاب [الكذاب. ظ] على الله ورسوله؟ فقال علي: أنزله منزلة مؤمن آل فرعون، إن يك كاذباً فعليه كذبه، وإن يك صادقاً يصبكم بعض الذي يعدكم. فقال له عثمان: اسكت في فيك التراب. فقال علي: بل في فيك التراب. استأمرتنا فأمرناك" (5). ـــــــــــــــــــــــ (1) أنساب الأشراف 5: 57 في (قول عبدالرحمن بن عوف في عثمان (رضي الله عنه) ). (2) الصواعق المحرقة: 112 تتمة الفصل الثالث من الباب السابع: في (نقم الخوارج عليه (رضي الله عنه)...). السيرة الحلبية 2: 273 باب الهجرة إلى المدينة. (3) شرح نهج البلاغة 20: 25. (4) المستدرك على الصحيحين 3: 52 كتاب المغازي والسراي، 3: 387 كتاب معرفة الصحابة: في (محنة أبي ذر). مسند أحمد 5: 144 في حديث أبي ذر الغفاري (رضي الله عنه). الطبقات الكبرى 4: 227، 234 في ذكر (أبي ذر (رضي الله عنه) ). السنة لابن أبي عاصم 2: 501 باب: (في ذكر السمع والطاعة). شرح سنن ابن ماجة للسيوطي وآخرين: 15 باب: اتباع السنة. الاستيعاب 1: 215 في ترجمة أبي ذر. سير أعلام النبلاء 2: 57، 71، 77 في ترجمة أبي ذر. السيرة النبوية 5: 205 غزوة تبوك (في خبر أبي ذر). تاريخ الطبري 2: 184 في (ذكر الخبر عن غزوة تبوك). (5) الجامع للأزدي 11: 349 باب الأمراء. -[ 49 ]- وعن سعيد بن المسيب أن الإمام علياً (عليه السلام) أنكر على عثمان أنه اشترى ضيعة في مائها حق لوقف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). قال سعيد: "وجرى بينهما كلام حتى ألقى الله عزوجل، وجاء العباس فدخل بينهم، ورفع عثمان على علي الدرة، ورفع علي على عثمان العص، فجعل العباس يسكنهم..." (1). وعرّض عثمان بعبد الله بن مسعود، فقال: "ألا إنه قد قدمت عليكم دويبة سوء من يمشي على طعامه يقيء ويسلح". وأمر فضرب به الأرض حتى كسر ضلعه، متهماً ابن مسعود أنه قال: إن دم عثمان حلال (2)، ومنعه من عطائه (3)، ومات ابن مسعود ولم يعلم عثمان بموته (4). وكان محمد بن أبي حذيفة ومحمد بن أبي بكر أظهرا عيب عثمان في مصر، وقالا: إن دمه حلال (5). وما جرى بين الصحابة وعثمان من المشاجرات والمنافرات والتنكيل والتهريج والتشنيع أكثر من أن نحصيه في هذه العجالة، وأظهر من أن يحتاج للبيان، حتى كتب من بالمدينة من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى من ـــــــــــــــــــــــ (1) مجمع الزوائد 7: 226 في باب لم يعنونه بعد باب: (فيما كان بين أصحاب رسول الله2 والسكوت عما شجر بينهم)، واللفظ له. المعجم الأوسط 7: 367. (2) أنساب الأشراف 5: 36 في (أمر عبدالله بن مسعود الهذلي (رضي الله عنه) ). (3) تاريخ اليعقوبي 2: 147 في (أيام عثمان بن عفان). أنساب الأشراف 5: 37 في (أمر عبدالله بن مسعود الهذلي (رضي الله عنه) ). تاريخ الخميس 2: 268 في الثالث من (ذكر ما نقم على عثمان مفصلاً والاعتذار عنه بحسب الإمكان). (4) تاريخ الخميس 2: 268 في الثالث من (ذكر ما نقم على عثمان مفصلاً والاعتذار عنه بحسب الإمكان). أنساب الأشراف 5: 37 في (أمر عبدالله بن مسعود الهذلي (رضي الله عنه) ). (5) تاريخ الطبري 2: 620 في ذكر (حوادث سنة إحدى وثلاثون). -[ 50 ]- بالآفاق منهم: "إنكم إنما خرجتم أن تجاهدوا في سبيل الله عز وجل تطلبون دين محمد-، فإن دين محمد قد أفسد من خلفكم وترك، فهلموا فأقيموا دين محمد - ". فأقبلوا من كل أفق حتى قتلوه (1).
ما حدث بين الصحابة بعد عثمان أما بعد عثمان فما وقع بين الصحابة أظهر من ذلك وأبشع، حيث اتهم بعضهم بعضاً بالعظائم، وبالفتنة حباً للدني، وبنقض المواثيق والعهود. وتقدم عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله: "إن طلحة والزبير وعائشة ليعلمون أني على الحق وإنهم مبطلون". وكلام أمير المؤمنين وجماعة من الصحابة والتابعين الذين معه عنهم وعن معاوية ومن معه أشد وأقسى. مثل قوله (عليه السلام) في خطبته: "إني أنا فقأت عين الفتنة. ولو لم أكن فيكم ما قوتل فلان وفلان وفلان وأهل النهر. وأيم الله لولا أن تتكلوا فتدعوا العمل لحدثتكم بما سبق لكم على لسان نبيكم لمن قاتلهم مبصراً لضلالتهم عارفاً بالذي نحن عليه..." (2). وقوله في خطبة أخرى: "أما بعد فإن هذا صريخ محمد بن أبي بكر وإخوانكم من أهل مصر قد سار إليهم ابن النابغة عدوّ الله وولي من عادى الله، فلا يكونن أهل الضلال إلى باطلهم والركون إلى سبيل الطاغوت أشد اجتماعاً منكم على حقكم..." (3). وما حدث بينه وبين عمرو بن العاص حين كتابة كتاب التحكيم ـــــــــــــــــــــــ (1) تاريخ الطبري 2: 662 في ذكر (الخبر عن قتله (عثمان) وكيف قتل). (2) مصنف ابن أبي شيبة 7: 528 كتاب الفتن: ما ذكر في عثمان، واللفظ له. كتاب السنة لعبد الله ابن أحمد 2: 627 في (سئل عن الخوارج، ومن قال هم كلاب النار). حلية الأولياء 4: 186 في ترجمة زر بن حبيش. (3) تاريخ الطبري 3: 134 في ذكر (الخبر عن مقتله (محمد بن أبي حذيفة) ). -[ 51 ]- وإباء أهل الشام أن يكتب فيه: (علي أمير المؤمنين). فقال (عليه السلام) : "الله أكبر سنة بسنة، ومثل بمثل. والله إني لكاتب بين يدي رسول الله- يوم الحديبية، إذ قالوا: لست رسول الله، ولا نشهد لك به، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك. فكتبه". فقال عمرو بن العاص: "سبحان الله، ومثل هذا أن نشبه بالكفار ونحن مؤمنون". فقال علي: "يا ابن النابغة ومتى لم تكن للفاسقين ولياً وللمسلمين عدو؟ وهل تشبه إلا أمك التي وضعت بك". فقام، فقال: "لا يجمع بيني وبينك مجلس أبداً بعد هذا اليوم". فقال له علي: "وإني لأرجو أن يطهر الله عز وجل مجلسي منك ومن أشباهك" (1). وفي حديث عمار في ساحة الحرب بصفين: "أيها الناس اقصدوا بنا نحو هؤلاء الذين يبغون دم ابن عفان، ويزعمون أنه قتل مظلوم. والله ما طلبتهم بدمه، ولكن القوم ذاقوا الدنيا فاستحبوها واستمرؤوه، وعلموا أن الحق إذا لزمهم حال بينهم وبين ما يتمرغون فيه من دنياهم ولم يكن للقوم سابقة في الإسلام يستحقون بها طاعة الناس والولاية عليهم، فخدعوا أتباعهم أن قالوا: إمامنا قتل مظلوم، ليكونوا بذلك جبابرة ملوك... ثم مضى ومضت تلك العصابة التي أجابته حتى دنا من عمرو، فقال: يا عمرو بعت دينك بمصر، تباً لك تب، طالما بغيت في الإسلام عوج. وقال لعبيد الله بن عمر بن الخطاب: صرعك الله، بعت دينك من عدوّ الإسلام وابن عدوه. قال: ل، ولكن أطلب بدم عثمان بن عفان (رضي الله عنه) قال له: أشهد على علمي فيك أنك لا تطلب بشيء من فعلك وجه الله عزوجل..." (2). ـــــــــــــــــــــــ (1) تاريخ الطبري 3: 103 في ذكر (ما روي من رفعهم المصاحف ودعائهم إلى الحكومة). (2) تاريخ الطبري 3: 98 في ذكر (مقتل عمار بن ياسر). -[ 52 ]- وكلام معاوية ومن معه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) وعن أصحابه لا يقصر عن ذلك. وقد استحل بعضهم قتال بعض، ووقعت بينهم تلك الحروب الطاحنة التي ذهب ضحيتها عشرات الآلاف من المسلمين، حتى انتهى الأمر بالتحكيم وما أنتج. وحتى ذكر الطبري أن أمير المؤمنين (عليه السلام) ـ وهو من أعيان الصحابة ـ كان إذا صلى الغداة يقنت، فيقول: "اللهم العن معاوية وعمراً وأبا الأعور السلمي وحبيباً وعبدالرحمن بن خالد والضحاك ابن قيس والوليد". وقنت معاوية ـ وهو وكثير من جماعته من الصحابة ـ بلعن علي والحسن والحسين (عليهم السلام) وابن عباس والأشتر (1). وبقي لعن أمير المؤمنين (عليه السلام) على منابر المسلمين، وقتل أهل بيته وشيعته، سنة لمعاوية ومن بعده من الأمراء، في تفاصيل يضيق عنها المقام.
عدل سابقا من قبل تراب أقدام المهدي في الإثنين يوليو 09, 2012 2:55 am عدل 1 مرات | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: تابع1 (هل يسب الشيعة الصحابة؟) السبت يوليو 07, 2012 11:08 pm | |
| ما حدث بين الصحابة بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والحقيقة أن نظير ذلك قد بدأ بين الصحابة بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في أول نزاع على الخلافة بين قريش من جانب والأنصار من جانب آخر. ثم بين قريش وأهل البيت (عليهم السلام)، وكان الطعن والشتم والهجاء ونَيل كل طرف من الآخر وتهمته، قد بلغت أشده. وقد قال عمر: "قتل الله سعد بن عبادة" (2). أو "اقتلوه قتله الله" (3)، ـــــــــــــــــــــــ (1) تاريخ الطبري 3: 113 في ذكر (اجتماع الحكمين بدومة الجندل). (2) صحيح البخاري 6: 2506 كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة: باب رجم الحبلى في الزنا إذا أحصنت. (3) مصنف ابن أبي شيبة 7: 432 كتاب المغازي: ما جاء في خلافة أبي بكر وسيرته في الردة. فتح الباري 7: 32. الرياض النضرة 2: 208 الفصل الثالث عشر: (بيعة السقيفة وما جرى فيه). تاريخ الطبري 2: 244 في ذكر (الخبر عما جرى بين المهاجرين والأنصار في أمر الإمارة في سقيفة بني ساعدة). -[ 53 ]- أو: "قتله الله إنه منافق" (1). وكان ما كان بين قريش وأهل البيـت (عليهم السلام) مما لا نـريـد تفصيــل الكلام فيه. غير أن شدة الحال تبدو من أحاديث أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) في المناسبات المختلفة، ومن خطبتي الصديقة فاطمة الزهراء (صلوات الله عليه) ـ المرويتين في كل من بلاغات النساء (2) وأعلام النساء (3) وغيرهما ـ ومما ذكره المؤرخون. إلا أن الفتنة لم تتطور؛ لفشل الأنصار وخمود أمرهم بعد انشقاقهم على أنفسهم، ولأن زعيم أهل البيت أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) رأى أن في الإصرار على المجانبة، والتمسك بالمواقف الصلبة، خطراً على الإسلام يفوق خطر فوت حقه. فاكتفى في مطالبته بحقه بالمقدار الذي ينبه من الغفلة ويرفع العذر. كما فعل ذلك في الشورى عند بيعتهم لعثمان. وبقي يؤكد ذلك في المناسبات المختلفة إقامة للحجة. وعلى من يهمه معرفة الحقيقة أن يبحث عنها بموضوعية كاملة، بعد أن يتحرر من التراكمات والمسلمات، فإنها لا تشتبه حينئذٍ، لأن حجة الله تعالى هي الواضحة [وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ] (4). وبذلك يخرج عن المسؤولية مع الله تعالى يوم العرض الأكبر ـــــــــــــــــــــــ (1) تاريخ الطبري 2: 244 في ذكر (الخبر عما جرى بين المهاجرين والأنصار في أمر الإمارة في سقيفة بني ساعدة). (2) ص: 23 في (كلام فاطمة بنت رسول الله-). (3) ج4: 116، 128 في ترجمة فاطمة بنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب-. (4) سورة التوبة الآية: 115. -[ 54 ]- ((يَوْمَ لاَ يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئًا وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ)) (1)، ((يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَـئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً * وَمَن كَانَ فِي هَـذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيل)) (2). على أن مواقف الصحابة ونظرة بعضهم لبعض بالنحو الذي ذكرنا لا تختص بحال ظهور الخلافات والانشقاقات بينهم، بل هي ظاهرة طبيعية لهم كسائر الناس فيما بينهم. وها نحن نذكر جملة من الأحداث والتصريحات التي وقعت منهم، والتي لا تناسب هالة التقديس الـجَماعي التي يحاول بعض الناس أن يحيطوهم به. بل هي تصرفات سلبية مؤشرة على نقاط الضعف فيهم، أو راجعة إلى عدم نظرة بعضهم لبعض نظرة الاحترام والتقديس، أو إلى عدم تعامله معه بما يناسب ذلك. وهي على قسمين:
بعض مواقف الصحابة السلبية التي فيها جنبة عمومية الأول: ما كان فيه جنبة عمومية، ولا يخص شخصاً أو أشخاصاً خاصين. وهو عدة حوادث.. 1 ـ مثل حديث الإفك المشهور الذي نالوا فيه من عٍرض النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآذوه بذلك وأحرجوه، سواءً منه ما روي من تهمة عائشة التي قام بها بعض الصحابة ـ ومنهم مسطح الذي شهد بدر، وحسان ابن ثابت، وغيرهما ـ أم ما روي من تهمة مارية بابن عمها وادعائهم عليها أنها حملت بإبراهيم منه، لا من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، كما يأتي الحديث عنه من عائشة. ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة الدخان الآية: 41. (2) سورة الإسراء الآية:71 ـ 72. -[ 55 ]- وقد شدد الله تعالى النكير عليهم في الإفك بقوله سبحانه: ((إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَخَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ)) (1). وقوله عز من قائل: ((وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ لَمـَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللهِ عَظِيمٌ)) (2). 2 ـ وكذا إيذاؤهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالنيل من أصله وعشيرته بني هاشم، حتى أغضبوه، وخطب منكِراً عليهم. مثل قولهم: "إنما مثل محمد كمثل نخلة نبتت في كناس" (3) وهو من الكناسة، وهي الزبالة. وقولهم: "إنما مثل محمد في بني هاشم مثل الريحانة في وسط النتن" (4)، أو "في كبوة من الأرض" (5). وهي الغبرة. أو "مثل نخلة نبتت في كباء". وهو الزبالة أو موضعه. فعن عبدالمطلب بن ربيعة قال: "أتى أناس من الأنصار النبي- قالوا: إنا لنسمع من قومك، حتى يقول القائل منهم: إنما مثل محمد مثل ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة النور الآية:11. (2) سورة النور الآية:14 ـ 15. (3) المستدرك على الصحيحين 3: 275 كتاب معرفة الصحابة في (ذكر مناقب الحارث بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف). (4) المعجم الكبير 12: 455 فيما رواه (عمرو بن دينار عن ابن عمر). مجمع الزوائد 8: 215 كتاب علامات النبوة باب: في كرامة أصله-. معرفة علوم الحديث: 166 في النوع الثامن والثلاثين. الكامل في الضعفاء 6: 200 في ترجمة محمد بن ذكوان. (5) فضائل الصحابة 2: 937 في (فضائل أبي الفضل العباس بن عبدالمطلب عم رسول الله-). -[ 56 ]- نخلة نبتت في كباء. قال: فقال رسول الله-: أيها الناس من أن؟ قالوا: أنت رسول الله- قال: أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ـ قال: فما سمعناه قط ينتمي قبلها ـ ألا إن الله عزوجل خلق خلقه فجعلني من خير خلقه، ثم فرقهم فرقتين، فجعلني من خير الفرقتين، ثم جعلهم قبائل، فجعلني من خيرهم قبيلة، ثم جعلهم بيوت، فجعلني من خيرهم بيت. وأنا خيركم بيت، وخيركم نفساً" (1). وفي بعض الوقائع أنهم أسمعوا ابنته لما مرت عليهم فأخبرته (2). وفي بعضها أن العباس شكى للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ذلك (3). وفي بعضها أن عمر ابن الخطاب سمع ذلك وأخبر به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (4). 3 ـ وفي تتمة حديث الإفك: "وبلغ ذلك النبي-فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وقال: يا أيها الناس من يعذرني ممن يؤذيني؟ فقام إليه سعد بن معاذ، فسل سيفه، فقال: يارسول الله أنا أعيذك منه، إن يكن من الأوس أتيتك برأسه، وإن يكن من الخزرج أمرتنا بأمرك ـــــــــــــــــــــــ (1) مسند أحمد 4: 165 في (ذكر حديث عبدالمطلب بن ربيعة بن الحرث بن عبدالمطلب (رضي الله عنه) ) واللفظ له. مصنف ابن أبي شيبة 6: 303 كتاب الفضائل: باب ما أعطى الله تعالى محمداً-. السنة لابن أبي عاصم 2: 632ـ 633 باب في ذكر (فضل قريش ومعرفة حقها وفي ذكر بني هاشم على سائر قريش). المعجم الكبير 20: 286 في (حديث مطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبدالمطلب بن هشام ابن عبد مناف). مجمع الزوائد 8: 215ـ 216 كتاب علامات النبوة: باب في كرامة أصله-. (2) معرفة علوم الحديث: 166 في النوع الثامن والثلاثين. الكامل في الضعفاء 6: 200 في ترجمة محمد بن ذكوان. المعجم الكبير 12: 455 فيما رواه (عمرو بن دينار عن ابن عمر). مجمع الزوائد 8: 215 كتاب علامات النبوة: باب في كرامة أصله-. (3) فضائل الصحابة 2: 973 في (فضائل أبي الفضل العباس بن عبدالمطلب عم رسول الله-). (4) مجمع الزوائد 8: 216 كتاب علامات النبوة: باب في كرامة أصله-. -[ 57 ]- فيه. فقام سعد بن عبادة، فقال: كذبت لعمر الله لا تقدر على قتله، إنما طلبتنا بذحول كانت بيننا وبينكم في الجاهلية. فقال هذا: يا للأوس، وقال هذا: يا للخزرج. فاضطربوا بالنعال والحجارة وتلاطمو. فقام أسيد بن حضير. فقال: ففيم الكلام؟ هذا رسول الله- يأمرنا بأمره، فنفذ عن رغم أنف من رغم..." (1). وفي لفظ البخاري عن عائشة: "...فقام رجل من الخزرج ـ وكانت أم حسان بنت عمه من فخذه، وهو سعد بن عبادة، وهو سيد الخزرج. قالت (أي عائشة): وكان قبل ذلك رجلاً صالـح، ولكن احتملته الحمية ـ فقال لسعد: كذبت لعمرو الله لا تقتله، ولا تقدر على قتله. ولو كان من رهطك ما أحببت أن يقتل. فقام أسيد بن حضير ـ وهو ابن عم سعد ـ فقال لسعد ابن عبادة: كذبت لعمرو الله، لنقتلنه، فإنك منافق تجادل عن المنافقين. قالت: فثار الحيان الأوس والخزرج، حتى هموا أن يقتتلو، ورسول الله- قائم على المنبر. قالت: فلم يزل رسول الله- يخفضهم حتى سكتوا" (2). 4 ـ وفي حديث ابن عباس: "أن عبد الرحمن بن عوف وأصحاباً له أتوا النبي - بمكة، فقالوا: يا نبي الله، إنا كنا في عز ونحن مشركون، فلما آمنا صرنا أذلة. فقال: إني أمرت بالعفو، فلا تقاتلوا القوم. فلما حوَّله الله إلى المدينة أمر بالقتال، فكفُّو. فأنزل الله عزوجل: ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ ـــــــــــــــــــــــ (1) مجمع الزوائد 9: 238 كتاب المناقب: باب حديث الإفك، والمعجم الكبير 23: 127 في (عائشة بنت أبي بكر الصديق زوج رسول الله-) مع اختلاف يسير. (2) صحيح البخاري 4: 1520 كتاب المغازي: باب حديث الإفك. -[ 58 ]- وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ...)) (1). 5 ـ ويبدو من بعض الأحاديث أن جماعة من أهل المدينة كانوا لا يأتون صلاة الجمعة، تسامحاً منهم في أمره، حتى ضاق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) منهم، فأنبهم وأنذرهم. ففي حديث كعب بن مالك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: "لينتهين أقوام يسمعون النداء يوم الجمعة ثم لا يأتونه، أو ليطبعن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين" (2). 6 ـ وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يخطب بالجمعة، إذ أقبلت عير تحمل طعام، فتركوه وذهبوا إليها حتى لم يبق معه إلا اثنى عشر رجلاً (3). وفي الحديث: " بينا النبي- يخطب الجمعة، وقدمت عير المدينة، فابتدرها أصحاب رسول الله- حتى لم يبق معه- إلا اثنا عشر رجل، فقال رسول الله-: والذي نفسي بيده لو تتابعتم حتى لا يبقى منكم أحد لسال لكم الوادي نار، فنزلت هذه الآية: ((وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّو ـــــــــــــــــــــــ (1) السنن الكبرى للنسائي 6: 325. كتاب التفسير: سورة النساء: قوله تعالى: [فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين]، واللفظ له. المستدرك على الصحيحين 2: 76 كتاب الجهاد، وقال بعد ذكر الحديث:"هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، 2: 336 كتاب التفسير: سورة النساء. السنن الكبرى للبيهقي 9: 11 كتاب السير: باب مبتدأ الإذن بالقتال. تفسير القرطبي 5: 281 تفسير الطبري 5: 170. تفسير ابن كثير 1: 527. وغيرها من المصادر. (2) مجمع الزوائد 2: 193 كتاب الصلاة: باب فيمن ترك الجمعة، واللفظ له. مسند الشاميين 2: 285 فيما رواه عبدالعزيز عن محمد بن عمرو بن عطاء. المعجم الكبير 19: 99 فيما رواه محمد بن عمرو بن عطاء عن ابن كعب بن مالك. الترغيب والترهيب 1: 295 كتاب الجمعة: الترغيب في صلاة الجمعة والسعي إليها وما جاء في فضل يومها وساعته. (3) صحيح البخاري 1: 316 كتاب الجمعة: باب الساعة التي في يوم الجمعة. صحيح مسلم 2: 590 كتاب الجمعة: باب في قوله تعالى: [وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائماً]. -[ 59 ]- إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمً)) (1). 7 ـ وفي أول تشريع الصوم حرّم على الصائم إذا نام الأكل والشرب، ونكاح النساء، فكان جماعة من المسلمين ينكحون سر، وهو محرم عليهم، فعاتبهم الله تعالى وخفف عنهم في قوله سبحانه: ((أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْر)) (2). 8 ـ ولما انتهت معركة بدر نفل كل أمرىٍ ما أصاب، وكانوا ثلاث فرق: ثلث يقاتلون العدو ويأسرون، وثلث يجمعون النفل، وثلث قيام دون رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يخشون عليه كرة العدو، حرساً له. فاختلفوا في النفل. قال الذين أصابوا النفل: هو لن، وقال الذين كانوا يقتلون ويأسرون: والله ما أنتم بأحق من، لنحن شغلنا عنكم القوم، وخلينا بينكم وبين النفل، فما أنتم بأحق به من، وقال الذين كانوا يحرسون رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما أنتم بأحق به من، لقد رأينا أن نقتل الرجال حين منحونا أكتافهم، ونأخذ النفل، ليس أحد دونه ليمنعه وكلنا خشينا على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كرة العدو، فقمنا دونه، فما أنتم بأحق به منا (3). ـــــــــــــــــــــــ (1) صحيح ابن حبان 15: 299 كتاب إخباره- عن مناقب الصحابة في (ذكر وصف الآية التي نزلت عندما ذكرنا قبل)، واللفظ له. مسند أبي يعلى 3: 468 في (مسند جابر). وقريب منه في تفسير الطبري 28: 104 في تأويل الآية من سورة الجمعة. (2) سورة البقرة الآية: 187، صحيح البخاري 4: 1639 كتاب التفسير: باب أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم. تفسير ابن كثير 1: 221 في تفسير الآية. وغيرهم. (3) راجع السنن الكبرى للبيهقي 6: 292 كتاب قسم الفيء والغنيمة: باب بيان مصرف الغنيمة في ابتداء الإسلام، والثقات لابن حبان 1: 179 في ذكر السنة الثانية من الهجرة، وفيه: (نفل رسول الله-). -[ 60 ]- قال عبادة بن الصامت: "...فلما اختلفنا وساءت أخلاقنا انتزعه الله من أيدين، فجعله إلى رسول الله-، فقسمه على الناس عن بواء، فكان في ذلك تقوى الله وطاعته، وطاعة رسول الله-، وصلاح ذات البين. يقول الله عز وجل: ((يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ)) (1). 9 ـ ونظير ذلك في اهتمامهم بالغنائم، بل أشد منه، ما عن الحارث ابن مسلم التميمي عن أبيه، قال: "بعثنا رسول الله- في سرية، فلما هجمنا على القوم تقدمت أصحابي على فرسي، فاستقبلنا النساء والصبيان يضجون. فقلت لهم: تريدون أن تحرزوا أنفسكم؟ قالوا: نعم. قلت: قولوا: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله. فقالوه. فجاء أصحابي فلاموني، فقالوا: أشرفنا على الغنيمة، فمنعتن. ثم انصرفنا إلى رسول الله- فقال: ما تدرون ما صنع، لقد كتب الله له من كل إنسان كذا وكذا من الأجر..." (2). فانظر إليهم لم يسروا بإسلام من أسلم، ولم يشكروه على ذلك، بل أسفوا على ما فاتهم من الغنيمة، ولاموه على أن منعهم منه. 10ـ وعن ابن عباس قال: فقدوا قطيفة يوم بدر فقالوا لعل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أخذها فأنزل الله ((وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَ ـــــــــــــــــــــــ (1) السنن الكبرى للبيهقي 6: 292 كتاب قسم الفيء والغنيمة: باب بيان مصرف الغنيمة في ابتداء الإسلام، واللفظ له. مجمع الزوائد 7: 26 كتاب التفسير: سورة الأنفال. مسند أحمد 5: 322 حديث عبادة بن الصامت. تاريخ الطبري 2: 38 ذكر وقعة بدر. السيرة النبوية 3: 219 نزول سورة الأنفال تصف أحداث بدر. (2) المعجم الكبير 19: 433 فيما رواه مسلم بن الحارث بن بدل التميمي. مجمع الزوائد 1: 26 كتاب الإيمان: باب فيما يحرم دم المرء وماله. -[ 61 ]- غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)) (1). وفي لفظ آخر أن بعض الناس قالوا: لعل رسول الله- أخذه، وأكثروا في ذلك (2). وروى الطبري عن ابن عباس أنهم قالوا: "إن رسول الله- غله..." (3). وفي تفسير ابن كثير أن ابن عباس قال: "اتهم المنافقون رسول الله- بشيء فقد" (4). 11 ـ وعن البراء بن عازب، قال: "جعل رسول الله- على الرماة يوم أحد ـ وكانوا خمسين رجلاً ـ عبدالله بن جبير. قال: ووضعهم موضعاً وقال: إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم، وإن رأيتمونا ظهرنا على العدو وأوطأناهم فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم. قال: فهزموهم. قال: فأنا والله رأيت النساء يشتددن على الجبل، وقد بدت أسوقهن وخلاخلهن رافعات ثيابهن. فقال أصحاب عبد الله بن جبير: الغنيمة أي قوم الغنيمة، ظهر أصحابكم، فما تنظرون؟. قال عبدالله بن جبير: أنسيتم ما قال لكم رسول الله- قالوا: إنا والله لنأتين الناس ـــــــــــــــــــــــ (1) تفسير ابن كثير 1: 422 في تفسير قوله تعالى [وما كان لنبي أن يغل] من سورة آل عمران (161)، واللفظ له. تفسير الطبري 4: 155 في تفسير الآية من سورة آل عمران. سنن أبي داود 4: 31 أول كتاب الحروف والقراءات. سنن الترمذي 5: 230 كتاب تفسير القرآن عن رسول الله-: باب ومن سورة آل عمران. مسند أبي يعلى 4: 327 في أول مسند ابن عباس، 5: 60 في تابع مسند ابن عباس. المعجم الكبير 11: 364 فيما رواه (عكرمة عن ابن عباس). (2) تفسير ابن كثير 1: 422 في تفسير قوله تعالى [وما كان لنبي أن يغل] من سورة آل عمران (161)، واللفظ له. تفسير الطبري 4: 154 في تفسير الآية من سورة آل عمران. (3) تفسير الطبري 4: 155 في تفسير الآية من سورة آل عمران. (4) تفسير ابن كثير 1: 422 في تفسير قوله تعالى [وما كان لنبي أن يغل] من سورة آل عمران (161). -[ 62 ]- فلنصيبن من الغنيمة. فلما أتوهم صرفت وجوههم، فأقبلوا منهزمين. فذلك الذي يدعوهم الرسول في أخراهم. فلم يبق مع رسول الله- غير اثني عشر رجل. فأصابوا منا سبعين رجل..." (1). وإلى ذلك يشير قوله تعالى: ((وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ...)) (2). قال ابن مسعود: "ما كنت أرى أن أحداً من أصحاب رسول الله- يريد الدنيا حتى نزلت فينا يوم أحد ((مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ)) (3). وذكروا أن أنس بن النضر سمع نفراً من المسلمين يقولون لما سمعوا أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قتل: "ليت لنا رسولاً إلى عبد الله بن أبي، فيأخذ لن ـــــــــــــــــــــــ (1) مسند أحمد 4: 293 (حديث البراء بن عازب) في أول مسند الكوفيين، واللفظ له. السنن الكبرى للنسائي 6: 315 كتاب التفسير: قوله تعالى [والرسول يدعوكم في أخراكم]. سنن أبي داود 3: 51 كتاب الجهاد: باب في الكمناء. مسند ابن الجعد: 375 من حديث أبي خيثمة زهير ابن معاوية الجعفي. تفسير ابن كثير 1: 415 في ذكر معركة أحد، ورواه في صحيح البخاري 3: 1105 كتاب الجهاد والسير: باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب وعقوبة من عصى إمامه مع اختلاف يسير. وروي أيضاً باختصار في صحيح البخاري 4: 1486 كتاب المغازي: باب غزوة أحد، وصحيح ابن حبان 11: 40 باب: الخروج وكيفية الجهاد ذكر ما يستحب للإمام أن يوصي بعض الجيش إذا سواهم للكمين...، وتفسير ابن كثير 1: 414. (2) سورة آل عمران الآية: 152، ذكر نزول الآية الشريفة في المناسبة المذكورة في تفسير الطبري 4: 128، وتفسير القرطبي 4: 236. (3) تفسير ابن كثير 1: 414 في تفسير الآية من آل عمران في الحديث عن معركة أحد، واللفظ له. مجمع الزوائد 6: 327ــ 328 كتاب التفسير: قوله تعالى [منكم من يريد الدنيا]. تفسير الطبري 4: 130 في تفسير الآية. تفسير القرطبي 4: 237 في تفسير الآية. -[ 63 ]- أمنة من أبي سفيان. يا قوم إن محمداً قد قتل، فارجعوا إلى قومكم قبل أن يأتوكم فيقتلوكم"، فقال لهم أنس: "يا قوم إن كان محمد قد قتل فإن رب محمد لم يقتل، فقاتلوا على ما قاتل عليه محمد. اللهم إني أعتذر إليك مما يقول هؤلاء، وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء". ثم شدّ بسيفه، فقاتل حتى قتل (1). 12 ـ ولما صدت قريش رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن دخول مكة في عمرة الحديبية، واتفقوا معه على أن يرجع إلى المدينة، ويقضي عمرته في العام الثاني، وكتب كتاب الصلح بينه وبينهم بذلك، ثارت ثائرة جماعة من المسلمين، وأبَوا الصلح. وفي الحديث: "فقال عمر بن الخطاب: والله ما شككت منذ أسلمت إلا يومئذٍ. قال: فأتيت النبي- فقلت: ألستَ نبي الله حق؟ قال: بلى. قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى. قلت: فَلِمَ نعطي الدنية في ديننا إذ؟ قال: إني رسول الله، ولست أعصي ربي، وهو ناصري. قلت: أو ليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال: بلى، فخبرتك أنك تأتيه العام؟ قال: ل. قال: فإنك تأتيه وتطوف به. قال: فأتيت أبا بكر الصديق (رضوان الله عليه). فقلت: يا أبا بكر أليس هذا نبي الله حق؟ قال: بلى. قلت: أوَلسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى. قلت: فَلِمَ نعطي الدنية في ديننا إذ؟ قال: أيها الرجل إنه رسول الله، وليس يعصي ربه، وهو ناصره، فاستمسك بغرزه حتى تموت، فوالله إنه على الحق. قلت: أوليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ ـــــــــــــــــــــــ (1) تاريخ الطبري 2: 67، 68 غزوة أحد. تفسير الطبري 4: 112 في تفسير آية: [وما محمد إلا رسول]. وذكره في فتح الباري 7: 351 باختلاف يسير. -[ 64 ]- قال: بلى، فأخبرك أنا نأتيه العام؟ قلت: ل. قال: فإنك آتيه وتطوف به. قال عمر بن الخطاب (رضوان الله عليه): فعملت في ذلك أعمال. يعني في نقض الصحيفة" (1). ولما فرغ من الكتاب قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأصحابه: "قوموا فانحروا ثم احلقو. قال: فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات. فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة، فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يا نبي الله أتحب ذلك؟. اخرج لا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك. فخرج فلم يكلم أحداً منهم حتى فعل ذلك، نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه. فلما رأوا ذلك قاموا فنحرو، وجعل بعضهم يحلق بعض، حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غماً" (2). وقد أخرج الواقدي من حديث أبي سعيد: "قال عمر: لقد دخلني أمر عظيم، وراجعت النبي- مراجعة ما راجعته مثلها قط" (3). ـــــــــــــــــــــــ (1) صحيح ابن حبان 11: 224ــ 225 كتاب السير: باب الموادعة والمهادنة (ذكر ما يستحب للإمام استعمال المهادنة بينه وبين أعداء الله...)، واللفظ له، ورويت بألفاظ متقاربة في المصنف لعبد الرزاق 5: 339 كتاب المغازي: في (غزوة الحديبية)، إلا أنه لم يذكر قوله: (يعني في نقض الصحيفة)، وفي صحيح البخاري 2: 977. (كتاب الشروط: باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط). إلا أنه أيضاً لم يذكر ذلك، ولم يذكر أيضاً قوله في أول الحديث: "والله ما شككت منذ أسلمت إلا يومئذ". (2) صحيح البخاري 2: 978 كتاب الشروط: باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط، واللفظ له. صحيح ابن حبان 11: 225 كتاب السير: باب الموادعة والمهادنة (ذكر ما يستحب للإمام استعمال المهادنة بينه وبين أعداء الله...). المصنف لعبد الرزاق 5: 340 كتاب المغازي: في (غزوة الحديبية). (3) فتح الباري 5: 346. نيل الأوطار 8: 200 باب جواز مصالحة المشركين على المال وإن كان مجهول. -[ 65 ]- وفي حديث آخر: "فقال عمر: اتهموا الرأي على الدين، فلقد رأيتني أرد أمر رسول الله- برأي، وما ألوت عن الحق"، وفيه: قال: "فرضي رسول الله- وأبيت، حتى قال لي: يا عمر تراني رضيت وتأبى؟!" (1). وعن سهل بن حنيف أنه قال: "يا أيها الناس اتهموا رأيكم... فلو رأيتني يوم أبي جندل ولو أجد أعواناً على رسول الله لأنكرت" (2). وفي رواية ابن إسحاق في حديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مع أم سلمة: "فقال لها: ألا ترين إلى الناس آمرهم بالأمر فلا يفعلونه" (3). وفي رواية أبي المليح: "فاشتد ذلك عليه، فدخل على أم سلمة. فقال: هلك المسلمون، أمرتهم أن يحلقوا وينحرو، فلم يفعلوا" (4). وفي رواية ابن إسحاق: "كان الصحابة لا يشكون في الفتح لرؤيا رآها رسول الله-، فلما رأوا الصلح دخلهم من ذلك أمر عظيم حتى كادوا يهلكون" (5). 13 ـ وتكرر نظير ذلك من بعضهم حينما أفطر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)في السفر، ففي حديث جابر بن عبد الله الأنصاري: "أن رسول الله- خرج ـــــــــــــــــــــــ (1) فتح الباري 5: 346. (2) المعجم الكبير 6: 90 في (أبي وائل شقيق ابن سلمة عن سهل بن حنيف) وفي لفظ آخر: "ولو نستطيع أن نرد على رسول الله- أمره لرددنا". المعجم الصغير للطبراني 2: 57 باب: الميم من (اسمه محمد). الفتن لنعيم بن حماد 1: 93 ما يستحب من خفة المال والولد في الفتن.... تاريخ بغداد 4: 116 ذكر من اسمه أحمد واسم أبيه الحجاج، في ترجمة أحمد بن الحجاج الشيباني الذهلي. ومع اختلاف يسير تجده في تفسير ابن كثير 4: 201. صحيح البخاري 3: 1161 أبواب الجزية والموادعة: باب إثم من عاهد ثم غدر وقوله.... صحيح مسلم 3: 1412 كتاب الجهاد والسير: باب صلح الحديبية في الحديبية. (3)، (4) فتح الباري 5: 347. (5) فتح الباري 5: 346. نيل الأوطار 8: 200 باب جواز مصالحة المشركين على المال وإن كان مجهول. -[ 66 ]- عام الفتح إلى مكة في رمضان، فصام حتى بلغ كراع الغميم فصام الناس، ثمّ دعا بقدح من ماء فرفعه حتى نظر الناس إليه، ثم شرب، فقيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام، فقال: أولئك العصاة، أولئك العصاة" (1). 14ـ ومثل ذلك ما حصل منهم في حجة الوداع حينما شرعت متعة الحج، حيث أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من لم يسق الهدي منهم أن يحل من إحرامه ويجعلها عمرة، ثم يجدد الإحرام للحج بعد ذلك في أيامه، فضاقت صدورهم وكبر ذلك عليهم ـ كما في حديث جابر (2)ـ لأنه على خلاف ما تعودوه في الجاهلية، وحسبوا أن فيه هتكاً لحرمة الحج والمشاعر المقدسة، وردوا على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وتجاهلوا أمره وأصروا على مخالفته حتى غضب. ـــــــــــــــــــــــ (1) صحيح مسلم 2: 785 كتاب الصيام: باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر في غير معصية إذا كان سفره مرحلتين فأكثر وأن الأفضل لمن أطاقه بلا ضرر أن يصوم ولمن يشق عليه أن يفطر، واللفظ له. صحيح ابن حبان 6: 423 باب المسافر: ذكر ما يستحب للمرء أن يستعمل في سفره إذا صعب عليه المشي والمشقة، 8: 318 باب صوم المسافر، ذكر خبر قد يوهم من لم يحكم صناعة الحديث أن الصوم في السفر غير جائز، 8: 319 ذكر خبر قد يوهم غير المتبحر في صناعة الحديث أن الصائم في السفر يكون عاصي. سنن الترمذي 3: 89 كتاب الصوم عن رسول الله-:باب ما جاء في كراهية الصوم في السفر. سنن البيهقي الكبرى كتاب الصيام، 4: 241 باب تأكيد الفطر في السفر إذا كان يريد لقاء العدو، ص: 246 باب المسافر يصوم بعض الشهر ويفطر بعضاَ ويصبح صائماً في سفره ثم يفطر. السنن الكبرى 2: 101 كتاب الصيام: ما يكره من الصيام في السفر، وغيرها من المصادر الكثيرة جد. (2) راجع صحيح مسلم 2: 884 كتاب الحج: باب بيان وجوه الإحرام وأنه يجوز إفراد الحج والتمتع والقران وجواز إدخال الحج على العمرة ومتى يحل القارن من نسكه، والسنن الكبرى للبيهقي 4: 356 كتاب الحج: جماع أبواب ما يجزي من العمرة إذا جمعت إلى غيرها: باب المتمتع بالعمرة إلا الحج إذا أقام بمكة حتى ينشئ الحج إن شاءه من مكة لا من الميقات، والسنن الكبرى للنسائي 2: 417 كتاب الحج: المتمتع متى هل بالحج، ومسند أحمد 3: 302 في (مسند جابر بن عبدالله (رضي الله عنه) ). -[ 67 ]- ففي حديث جابر الآخر، قال: "أهللنا مع رسول الله- بالحج خالصاً لا نخلطه بعمرة فقدمنا مكة لأربع ليال خلون من ذي الحجة، فلما طفنا بالبيت وسعينا بين الصفا والمروة أمرنا رسول الله- أن نجعلها عمرة وأن نحل إلى النساء فقلنا: ما بيننا ليس بيننا وبين عرفة إلا خمس فنخرج إليها ومذاكيرنا تقطر مني، فقال رسول الله-: إني لأبركم وأصدقكم ولولا الهدي لأحللت، فقال سراقة بن مالك: أمتعتنا هذه لعامنا هذا أم لأبد، فقال: لا بل لأبد الأبد" (1). وفي حديث البراء بن عازب قال: "خرج رسول الله- وأصحابه، قال: فأحرمنا بالحج، فلما قدمنا مكة، قال: اجعلوا حجكم عمرة، قال: فقال الناس: يا رسول الله قد أحرمنا في الحج، فكيف نجعلها عمرة، قال: انظروا ما آمركم به فافعلو، فردوا عليه القول، فغضب، ثم انطلق حتى دخل على عائشة غضبان، فرأت الغضب في وجهه، فقالت: من أغضبك أغضبه الله، قال: وما لي لا أغضب وأنا آمر بالأمر فلا أتبع" (2). وبقيت هذه العقدة في نفوس بعضهم حتى إذا تسنى لهم أن يعلنوا خلاف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ويرجعوا إلى ما تعودوه فعلو، فقد حرم عمر ـــــــــــــــــــــــ (1) سنن ابن ماجه 2: 992 كتاب المناسك: باب فسخ الحج، واللفظ له. صحيح ابن حبان 9: 232 باب التمتع: ذكر الخبر الدال على استحباب التمتع لمن قصد البيت العتيق وإيثاره على القران والإفراد. شرح معاني الآثار 2: 192. وغيره. (2) مسند أحمد 4: 286 حديث البراء بن عازب (رضي الله عنه)، واللفظ له. مسند أبي يعلى 3: 233 مسند البراء بن عازب. مجمع الزوائد 3: 233 كتاب الحج: باب فسخ الحج إلى العمرة. تذكرة الحفاظ 1: 115ـ 116 في ترجمة أبي إسحاق السبيعي. سير أعلام النبلاء 5: 400 في ترجمة أبي إسحاق السبيعي، 8: 498 في ترجمة أبي بكر بن عياش. مصباح الزجاجة 3: 199. السنن الكبرى للنسائي 6: 56 كتاب عمل اليوم والليلة: ما يقول إذا رأى الغضب في وجهه. سنن ابن ماجة: 993 كتاب المناسك: باب فسخ الحج. عمل اليوم والليلة 1: 226. شرح النووي على صحيح مسلم 1: 115ـ 116. نيل الأوطار 5: 62. وغيره. -[ 68 ]- حينما استولى على السلطة متعة الحج ـ كما حرم متعة النساء ـ ومنع منها وجرى بعده عثمان وغيره على ذلك، حتى كادت تضيع معالم التشريع الإلهي. ففي حديث محمد بن عبدالله بن نوفل بن عبدالمطلب، أنه سمع سعد ابن أبي وقاص والضحاك بن قيس عام حج معاوية بن أبي سفيان وهم يذكران التمتع بالعمرة إلى الحج فقال الضحاك: "لا يصنع ذلك إلا من جهل أمر الله، فقال سعد بن أبي وقاص: بئس ما قلت يا ابن أخي، فقال الضحاك: كان عمر بن الخطاب قد نهى عن ذلك، فقال سعد: وقد صنعها رسول الله-، وصنعناها معه" (1). وفي حديث مطرف قال: "بعث إلي عمران بن حصين في مرضه الذي توفي فيه، فقال: إني كنت محدثك بأحاديث لعل الله أن ينفعك بها بعدي، فإن عشت فاكتم عني، وإن مت فحدث بها إن شئت إنه قد سلم علي، أن نبي الله- قد جمع بين حج وعمرة، ثم لم ينزل فيها كتاب الله ولم ينه عنها نبي الله-، قال رجل فيها برأيه ما شاء" (2). 15 ـ وربما ظهر على ألسنتهم ما يكشف عن بقايا رواسب الجاهلية فيهم. ـــــــــــــــــــــــ (1) صحيح ابن حبان 9: 246 باب ما جاء في حج النبي- واعتماره: ذكر خبر ثالث يصرح باستعمال المصطفى- الفعل الذي ذكرناه، واللفظ له. سنن الترمذي 3: 185 كتاب الحج عن رسول الله ص1: باب ماجاء في التمتع. السنن الكبرى للبيهقي 5: 16 كتاب الحج: جماع أبواب الاختيار في إفراد الحج والتمتع بالعمرة: باب من اختار التمتع بالعمرة إلى الحج وزعم أن النبي- كان متمتعاً أو تأسف عليه ولا يتأسف إلا على ما هو أفضل. مسند الشافعي: 218. موطأ مالك 1: 344 كتاب الحج: باب ماجاء في التمتع. مسند الشاشي 1: 210ــ 211 فيما رواه محمد بن عبد الله بن الحارث عن سعد. مسند أحمد 1: 174 مسند أبي إسحاق سعد بن أبى وقاص (رضي الله عنه). مسند أبي يعلى 2: 130 مسند سعد بن أبي وقاص. وغيره. (2) صحيح مسلم 2: 899 كتاب الحج: باب جواز التمتع، واللفظ له. الطبقات الكبرى 4: 290 في ترجمة عمران بن حصين. مسند أحمد 4: 428 حديث عمران بن حصين (رضي الله عنه). -[ 69 ]- ففي حديث أبي واقد الليثي: "لما افتتح رسول الله مكة خرج بنا معه قِبَل هوازن، حتى مررنا على سدرة الكفار، سدرة يعكفون حوله، ويدعونها ذات أنواط، قلنا: يارسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط. قال رسول الله-: الله أكبر، إنها السنن. هذا كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون. ثم قال رسول الله-: إنكم لتركبن سنن من قبلكم" (1). وفي الدر المنثور: "...مررنا بشجرة دنوا عظيمة سدرة كان يناط بها السلاح، فسميت ذات أنواط، وكانت تعبد من دون الله، فلما رآها رسول الله- صرف عنها في يوم صائف إلى ظل هو أدنى منه، فقال له رجل: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم..." (2). وفي لفظ ابن أبي عاصم: "خرجنا مع رسول الله- إلى حنين ونحن حديثو عهد بكفر، وكانوا أسلموا يوم الفتح. قال: فمررنا بشجرة..." (3). ويناسب ذلك ما عن سعد بن أبي وقاص قال: "حلفت باللات والعزى، فقال رسول الله-: قل: لا إله إلا الله، وحده لا شريك، ثم ـــــــــــــــــــــــ (1) صحيح ابن حبان 15: 94 في (ذكر الإخبار عن اتباع هذه الأمة سنن من قبلهم من الأمم). (2) الدر المنثور 3: 114 أخرجها عن ابن أبي حاتم وابن مردويه والطبراني عند تفسير قوله تعالى [وجاوزنا ببني إسرائيل]. (3) السنة لابن أبي عاصم 1: 37 باب فيما أخبر به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن أمته ستفترق على اثنتين وسبعين فرقة وذمه الفرق كله...، ورويت مع اختلاف يسير في كل من: السنن الكبرى للنسائي 6: 346 كتاب التفسير سورة الأعراف في قوله تعالى: [فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلهاً]. سنن الترمذي 4: 475 باب: ماجاء لتركبن سنن من كان قبلكم، وقال عنه: (هذا حديث حسن صحيح). مصنف ابن أبي شيبة 7: 479 كتاب الفتن: باب من كره الخروج في الفتنة وتعوذ عنه. مسند الحميدي 2: 375 في (حديثا أبي الواقد الليثي (رضي الله عنه) ). الجامع للأزدي 11: 369 باب: سنن من كان قبلكم. مسند أحمد 5: 218 في (حديث أبي الواقد الليثي (رضي الله عنه) ). -[ 70 ]- انفث عن يسارك ثلاثاً وتعوذّ ولا تعد" (1). بل قد يظهر من النصوص شيوع ذلك في عهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، لذا صدر منه بيان الوظيفة لمن يقوم بذلك بنحو العموم، من دون خطاب لشخص معين، ففي حديث أبي هريرة قال: "قال رسول الله-: من حلف فقال في حلفه: واللات والعزى، فليقل: لا إله إلا الله، ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك، فليتصدق" (2). 16 ـ ولما فرغ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من ردّ سبايا هوازن ركب راحلته وتعلق به الناس يقولون: "اقسم علينا فيئنا بيننا"، حتى ألجؤوه إلى سمرة، فخطف رداؤه. فقال: "يا أيها الناس ردّوا علي ردائي، فوالله لو كان لكم بعدد شجر تهامة نَعَم لقسمته بينكم، ثم لا تلقوني بخيلاً ولا جباناً ولا كذوباً". ثم دنا من بعيره، فأخذ وبرة من سنامه، فجعلها بين أصابعه السبابة والوسطى، ثم رفعها فقال: "يا أيها الناس ليس لي من هذا الفيء هؤلاء هذه إلا الخمس، والخمس مردود عليكم" (3). 17 ـ ولما قسم (صلى الله عليه وآله وسلم) غنائم حنين، وخص المؤلفة قلوبهم من ـــــــــــــــــــــــ (1) سنن ابن ماجة 1: 678و اللفظ له، مسند أحمد 1: 183، 186، سنن النسائي 7: 8، السنن الكبرى 6: 245، مصنف ابن أبي شيبة 3: 79، صحيح ابن حبان10: 206، 207، المحلى 8: 51. (2) صحيح البخاري5: 2264، 2321، 6: 2450، صحيح مسلم3: 1267، سنن الترمذي 4: 116، وغيرها من المصادر. (3) مسند أحمد 2: 184 مسند عبدالله بن عمرو بن العاص، واللفظ له. السنن الكبرى للنسائي 4: 120 كتاب الهبة: هبة المشاع. السيرة النبوية لابن هشام 5: 168 في (أمر أموال هوازن وسباياها وعطايا المؤلفة قلوبهم منه...). مجمع الزوائد 5: 338ــ 339 كتاب الجهاد: باب ما جاء في الغلول. تاريخ الطبري 2: 174ـ 175 في (ذكر الخبر عن غزوة رسول الله- هوازن بحنين. السنن الكبرى للبيهقي 6: 336 في جماع أبواب تفريق القسم: باب التسوية في الغنيمة والقوم يهبون الغنيمة مع اختلاف يسير. -[ 71 ]- قريش وغيرهم بالعطاء الكثير غضبت الأنصار، وتكلموا في ذلك، فغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لذلك، وذهب إليهم فخطب فيهم وأنبهم، ثم استرضاهم بتواضعه وخلقه الرفيع وحديثه العاطفي (1). 18 ـ وجهز رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في أواخر أيامه جيش أسامة بن زيد، وجعل فيه المهاجرين والأنصار (2)، وقال هشام بن عروة: "فخرج معه سروات الناس وخيارهم..." (3). وممن كان في الجيش أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح (4). وأمره أن يخرج إلى أرض الروم حيث قتل أبوه. فطعنوا في إمارة أسامة، فبلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فخطب منكراً عليهم وقال: "أيها الناس أنفذوا بعث أسامة، فلعمري لئن قلتم في إمارته لقد قلتم في إمارة أبيه من قبله، وإنه لخليق بالإمارة، وإن كان أبوه لخليقاً بها" (5). ـــــــــــــــــــــــ (1) تجد ذلك بمضامين متقاربة وبتفصيل في مصنف ابن أبي شيبة 7: 418 ـ 419 كتاب المغازي: غزوة حنين وما جاء فيه. مجمع الزوائد 10: 29ـ 30، 30ـ 31 كتاب المناقب: في فضل الأنصار. المعجم الكبير 7: 151 في (ما أسند السائب بن يزيد) في (الزهري عن السائب بن يزيد). الجامع للأزدي 11: 64 باب: في فضائل الأنصار. وغيره. وذكرت باختصار في صحيح البخاري 4: 1574 كتاب المغازي: باب غزوة الطائف، صحيح مسلم 2: 738 كتاب الزكاة: باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوى إيمانه، السنن الكبرى للبيهقي 6: 339 في جماع أبواب تفريق الخمس: باب سهم الله وسهم رسوله- من خمس الفيء والغنيمة، وغيره. (2) الطبقات الكبرى 2: 249 في (ذكر ما قال رسول الله- في مرضه لأسامة بن زيد (رحمه الله) ). (3) الطبقات الكبرى 4: 67، 68 الطبقة الثانية من المهاجرين والأنصار في ذكر (أسامة). تاريخ دمشق 8: 62 في ترجمة أسامة بن زيد. (4) الطبقات الكبرى 4: 68 الطبقة الثانية من المهاجرين والأنصار في ذكر (أسامة). تاريخ دمشق 8: 63 في ترجمة أسامة بن زيد. (5) الطبقات الكبرى 2: 249 في (ذكر ما قال رسول الله- في مرضه لأسامة بن زيد (رحمه الله) ). السيرة النبوية 6: 65 أمره بإنفاذ بعث أسامة. -[ 72 ]- ثم أكد في مرضه على إنفاذ ذلك الجيش (1)، ولعن من تخلف عنه (2). لكنهم تقاعسو، ولم يخرجوا مع ذلك الجيش حتى توفي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). 19 ـ وأراد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في أواخر أيام مرضه أن يكتب لأمته كتاباً يعصمهم من الضلال، فاختلفوا عليه، وحالوا دون ذلك. فعن ابن عباس قال: "لما حضر رسول الله-، وفي البيت رجال، فيهم عمر بن الخطاب، فقال النبي-: هلموا أكتب لكم كتاباً لا تضلون بعده. فقال عمر: إن رسول الله- قد غلب عليه الوجع، وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله. فاختلف أهل البيت فاختصمو، فمنهم من يقول: قربوا يكتب لكم رسول الله- كتاباً لن تضلوا بعده، ومنهم من يقول ما قال عمر. فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند رسول الله- قال رسول الله-: قومو. قال عبيد الله: فكان ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله -وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم" (3). وفي حديث آخر: "فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع، فقالوا: هجر رسول الله-. قال: دعوني، فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه" (4). وهناك صور أخرى لا مجال لاستقصائه. ـــــــــــــــــــــــ (1) الطبقات الكبرى 4: 67 الطبقة الثانية من المهاجرين والأنصار في ذكر (أسامة). كما قد ذكر أمر هذا الجيش بصور متقاربة في صحيح البخاري 3: 1365 كتاب فضائل الصحابة: باب مناقب زيد بن حارثة، 4: 1620 كتاب المغازي: باب بعث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أسامة ابن زيد (رضي الله عنهم) في مرضه الذي توفى فيه، ومصنف ابن أبي شيبة 7: 415 (ما حفظت في غزوة مؤته)، والطبقات الكبرى 2: 249 في (ذكر ما قاله رسول الله- في مرضه لأسامة ابن زيد (رحمه الله) )، وغيره. (2) الملل والنحل للشهرستاني 1: 23 في المقدمة الرابعة: في الخلاف الثاني. شرح نهج البلاغة 6: 52. (3) صحيح مسلم 3: 1259 كتاب الوصية: باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه. (4) صحيح البخاري 3: 1111 كتاب الجهاد والسير: باب يقاتل عن أهل الذمة ولا يسترقون. -[ 73 ]- 20 ـ وانهزامهم في غزوة أحد، وغزوة حنين، وغزوة خيبر، وتخاذلهم في غزوة الأحزاب، كل ذلك معلوم مشهور. 21ـ وكذلك ارتداد جماعة من الصحابة ـ بالمعنى العام الذي يريده الجمهور وهو كل من رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وسمع حديثه ـ وإن رجع بعضهم بعد ذلك، كالأشعث بن قيس.
عدل سابقا من قبل تراب أقدام المهدي في الإثنين يوليو 09, 2012 3:00 am عدل 1 مرات | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: تابع2 (هل يسب الشيعة الصحابة؟) السبت يوليو 07, 2012 11:36 pm | |
| المواقف الفردية غير المناسبة لقدسية عموم الصحابة القسم الثاني: الحوادث الفردية التي صدرت من نفر أو أنفار قليلين. وهي حوادث كثيرة.. 1 ـ قال الله تعالى: ((وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِالله إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ* وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ* وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِين* وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ)) (1). ولم تنزل هذه الآيات الكريمات إلا بعد أن رمى بعض الصحابة زوجته بأنه قد رأها تزني في بيته يزني بها رجل من المسلمين. ولما نزلت الآيتان تلاعنا (2). فإن صدق في دعواه لزم كون صحابية اعتدت على زوجها فأدخلت بيته صحابياً زنى به، ولم تكتف بذلك حتى شهدت أربع شهادات بالله ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة النور الآية:6 ـ 9. (2) راجع تفسير الطبري 18: 82،83،84،85، وتفسير ابن كثير 3: 266، 267، 268، وصحيح البخاري 4: 1771 كتاب التفسير: باب تفسير سورة النور: باب قوله عز وجل: [والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين]، وصحيح مسلم 2: 1133 كتاب اللعان، وغيره. -[ 74 ]- كذب، والخامسة أن غضب الله عليه. وإن كذب في دعواه لزم كون صحابي قد رمى مؤمنة محصنة بالزنى، والله سبحانه وتعالى يقول: ((إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)) (1). ولم يكتف بذلك حتى شهد أربع شهادات بالله كذب، والخامسة أن لعنة الله عليه. 2 ـ وقال سبحانه: ((وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمً)) (2). ولم تنزل هذه الآية الكريمة إلا بعد أن اعتدى بعض المسلمين في المدينة على مال رجل، فشكاه، وحاول هو ورهطه حمل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على ردع الشاكي وتكذيبه، فنزلت هذه الآية إنكاراً عليه، وإيضاحاً للحقيقة ونصراً للمظلوم (3). 3 ـ وقال الله عزوجل: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)) (4). وقد نزلت هذه الآية الكريمة في حق الوليد بن عقبة بن أبي معيط ـ وهو من الصحابة بالمعنى الذي يريده الجمهور ـ حينما أرسله النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ليجبي صدقات بني المصطلق، وكان حاقداً عليهم، فرجع وادعى كاذباً إنهم قد ارتدوا محاولاً حمل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والمسلمين على ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة النور الآية:23. (2) سورة النساء الآية:107. (3) راجع تفسير القرطبي 5: 375ـ 376، وتفسير الطبري 5: 265، 266، 267، وتفسير ابن كثير 1: 552، 553، وسنن الترمذي 5: 224 كتاب تفسير القرآن عن رسول الله-: باب ومن سورة النساء، وغيره. (4) سورة الحجرات الآية:6. -[ 75 ]- قتالهم، فنزلت هذه الآية الشريفة تثبيتاً للمسلمين وتنكيلاً به (1). وكان هذا الرجل قد فاخر أمير المؤمنين الإمام علياً (عليه السلام)، فقال (عليه السلام) له: "اسكت فإنك فاسق"، فنزل قوله تعالى تصديقاً له (عليه السلام) : ((أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقاً لا يَسْتَوُونَ)) (2)، وقد اتفقت الآيتان الكريمتان على وصفه بالفسق وهو من أقذع الذم. وهناك آيات أخر نزلت في رجال من الصحابة ـ بالمعنى الذي يريده الجمهور ـ إنكاراً على بعض السلبيات الصادرة منهم لا يسعنا استقصاؤه. وربما يأتي التعرض لبعضها في تتمة حديثنا هذ. 4 ـ وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأصحابه يوم بدر: "إني عرفت أن رجالاً من بني هاشم وغيرهم قد أخرجوا كرهاً لا حاجة لهم بقتالن، فمن لقي منكم من بني هاشم فلا يقتله، من لقي العباس بن عبد المطلب عم النبي- فلا يقتله، فإنما أخرج مستكرهاً". ـــــــــــــــــــــــ (1) راجع تفسير ابن كثير 4: 210، ومجمع الزوائد 7: 108،109، 111، والسنن الكبرى للبيهقي 9: 54، كتاب السير: جماع أبواب السير: باب قسمة الغنيمة في دار الحرب، ومسند إسحاق بن راهويه 1: 118ـ 119 ما يروى عن رجال أهل البصرة مثل بريدة وسفينة ومسة الأزدية وغيرهم عن أم سلمة (رضي الله عنه) عن رسول الله-، والآحاد والمثاني 4: 309 ـ 310 فيما رواه علقمة بن ناجية الخزاعي (رضي الله عنه)، والمعجم الكبير 3: 274 فيما رواه الحارث بن ضرار الخزاعي، والطبقات الكبرى 2: 161 ذكر عدد مغازي رسول الله- وسراياه وأسمائها وتواريخها وجمل ما كان في كل غزاة وسرية منها: سرية عيينة بن حصن الفزاري إلى بني تميم، والإصابة 4: 561 في ترجمة علقمة بن ناجية بن الحارث بن المصطلق الخزاعي، وغيره. (2) راجع تفسير القرطبي 14: 105، وتفسير الطبري 21: 107، وتاريخ دمشق 63: 235 في ترجمة الوليد بن عقبة بن معيط، والكامل في ضعفاء الرجال 6: 118 في ترجمة محمد بن السائب الكلبي، وتاريخ بغداد 13: 321 في ترجمة نوح بن خلف بن محمد، وفضائل الصحابة لابن حنبل 2: 610 ومن فضائل علي (رضي الله عنه) من حديث أبي بكر بن مالك عن شيوخه غير عبد الله، وغيره. -[ 76 ]- فلما سمع ذلك أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة قال: "نقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا وعشائرنا ونترك العباس؟. والله لئن لقيته لألحمنه السيف". ورووا أنه قال عمر بن الخطاب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم): "دعني ولأضرب عنق أبي حذيفة بالسيف، فوالله لقد نافق" (1). 5 ـ وذكروا أن رجلاً أتى بعض نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فكلمها وهو ابن عمه، فنهاه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يعود لمثل ذلك غَيرةً منه (صلى الله عليه وآله وسلم). فقال: "أيحجبنا محمد عن بنات عمن، ويتزوج نساءنا من بعدئذٍ؟! لئن حدث به حدث لنتزوج نساءه من بعده". فنزل قوله تعالى: ((وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللهِ عَظِيمً)) (2). وروي من طرق متعددة أن المرأة هي عائشة، وأن ذلك الرجل هو طلحة (3). 6 ـ وفي حديث أبي سعيد الخدري قال: "بينا نحن عند رسول ـــــــــــــــــــــــ (1) الطبقات الكبرى 4: 10 ـ 11 الطبقة الثانية من المهاجرين والأنصار ممن لم يشهد بدر ولهم إسلام قديم، في الحديث عن (العباس بن عبدالمطلب). وقريب منه في تفسير ابن كثير 2: 327ـ 328 في تفسير الآية: [ما كان لنبي أن يكون له أسرى] من سورة الأنفال، السيرة النبوية لابن هشام 3: 177 نهي النبي عن قتل البعض وسببه، عند الحديث عن غزوة بدر الكبرى، تاريخ الطبري 2: 34 (فيما ذكر لي في وجه سعد بن معاذ الكراهية...). الثقات 1: 169 السنة الثانية من الهجرة. (2) سورة الأحزاب الآية:53. (3) راجع فتح القدير 4: 299، 300 عند تفسير الآية، وزاد المسير 6: 416 عند تفسير الآية، وتفسير ابن كثير 3: 506، 507 عند تفسير الآية، وروح المعاني 22: 69 عند تفسير الآية، والدر المنثور 5: 214 عند تفسير الآية [وما كان لكم أن تؤذو...]. -[ 77 ]- الله- وهو يقسم قسماً أتاه ذو الخويصرة، وهو رجل من بني تميم، فقال: يا رسول الله إعدل. فقال رسول الله-: ويلك ومن يعدل إن لم إعدل. قد خبت وخسرت إن لم أعدل. فقال عمر بن الخطاب (رضي الله عنه): يا رسول الله: ائذن لي فيه أضرب عنقه. قال رسول الله-: دعه، فإن له أصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يقرؤون القرآن لايجاوز تراقيهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية..." (1). وفي رواية أخرى أنه قال للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم): "لم أرك عدلت" (2). 7 ـ وفي حديث ابن عباس في قوله تعالى: ((وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنً)) (3)، قال: "كان رجل في غنيمة له، فلحقه المسلمون، فقال، السلام عليكم، فقتلوه وأخذوا غنيمته فأنزل الله في ذلك إلى قوله: ((تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَ)) تلك الغنيمة" (4). ـــــــــــــــــــــــ (1) صحيح مسلم 2: 744 كتاب الزكاة: باب ذكر الخوارج وصفاتهم. وروي مع اختلاف يسير في كل من: صحيح البخاري 3: 1321 كتاب المناقب: باب علامات النبوة في الإسلام، والسنن الكبرى للبيهقي 8: 171 كتاب قتال أهل البغي: جماع أبواب الرعاة باب ما جاء في قتال أهل البغي والخوارج، والسنن الكبرى للنسائي 5: 159 كتاب الخصائص: ذكر ما خص به علي من قتال المارقين، ومصنف ابن أبي شيبة 7: 562 كتاب الجمل: ما ذكر في الخوارج. (2) مجمع الزوائد 6: 228 كتاب قتال أهل البغي: باب ما جاء في الخوارج. مسند أحمد 2 ص219 (مسند عبد الله بن عمرو بن العاص). السنة لابن أبي عاصم 2: 453، 454 باب المارقة والحرورية والخوارج السابق لها خذلان خالقه. السنة لعبد الله بن أحمد 2: 632 (سئل عن الخوارج ومن قال هم كلاب النار). تاريخ الطبري 2: 176 ذكر الخبر عن غزوة رسول الله هوازن بحنين. فتح الباري 12: 292. (3) سورة النساء الآية: 94. (4) صحيح البخاري 4: 1677 كتاب التفسير، باب تفسير سورة النساء: باب ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمن، السلم والسلم والسلام واحد، واللفظ له. صحيح مسلم 4: 2319 كتاب التفسير. سنن الكبرى للبيهقي 9: 115. كتاب السير: باب المشركين يسلمون -[ 78 ]- وفي حديث عبد الله بن ابي حدرد قال:"بعثنا رسول الله- في سرية إلى إضم. قال: فلقينا عامر بن الأضبط، قال: فحيا بتحية السلام، فنزعنا عنه، وحمل عليه محلم بن جثامة، فقتله، فلما قتله سلبه بعيراً له ومتيعاً كان له. فلما قدمنا جئنا بشأنه إلى رسول الله -، فأخبرناه بأمره، فنزل هذه الآية ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُو...الآية)) (1). وقال زيد بن ضميرة: حدثني ابي وعمي وكانا شهدا حنيناً مع رسول الله - قالا: "...فقالوا: ائتوا بصاحبكم يستغفر له رسول الله- قال: فجيء به... فقال: ما اسمك؟ قال: محلم بن جثامة، فقال النبي- بيديه، ووصف أنه رفعهما: اللهم لا تغفر لمحلم بن جثامة..." (2). ـــــــــــــــــــــــ قبل الأسر وما على الإمام وغيره من التثبت إذا تكلموا بما يشبه الإقرار بالإسلام ويشبه غيره. السنن الكبرى للنسائي 5: 174. كتاب السير: سلام المشرك، 6: 326. كتاب التفسير: سورة النساء: قوله تعالى ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم. تفسير القرطبي 5: 336. تفسير الطبري 5: 333. تفسير ابن كثير 1: 540. وغيرها من المصادر. (1) المصنف لابن أبي شيبة 7: 425. كتاب المغازي: حديث عبد الله بن أبي حدود الأسلمي، واللفظ له. السنن الكبرى للبيهقي 9: 115 كتاب السير: جماع أبواب السير: باب المشركين يسلمون قبل الأسر وما على الإمام وغيره من التثبت إذا تكلموا بما يشبه الإقرار بالإسلام ويشبه غيره. الطبقات الكبرى 2: 133 ذكر عدد مغازي رسول الله - وسراياه وأسمائهم وتواريخها وجعل ما كان من كل غزاة وسرية منها:سرية أبي قتادة بن ربعي الأنصاري. الاستيعاب 3: 888 في ترجمة عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي. 4: 1463 في ترجمة محلم بن جثامة. المحلى 10: 369. الأحاديث المختارة 9: 249 فيما رواه عبد الله بن أبي حدرد لأسلمي (رضي الله عنه). مجمع الزوائد 7: 8. كتاب التفسير: سورة النساء. وغيرها من المصادر الكثيرة. (2) المصنف لابن أبي شيبة 7: 425ـ426. كتاب المغازي: حديث عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي، واللفظ له. المتقى لابن الجارود 1: 196. السنن الكبرى للبيهقي 9: 116. كتاب السير: جماع أبواب السير: باب المشركين يسلمون قبل الأسر وما على الإمام وغيره من التثبت اذا تكلموا بما يشبه الإقرار بالإسلام ويشبه غيره. مسند أحمد 5: 112 حديث3 ضمرة بن سعد السلمي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). والآحاد و المثاني 2: 224 ذكر سعد الضمري وأبوه رضي الله عنهم. وغيرها من المصادر. -[ 79 ]- فقال ابن إسحاق: فأخبرني عمر بن عبيد عن الحسن قال: "وقال له رسول الله -: أمنته بالله ثم قتلته! فوالله ما مكث إلا سبعاً حتى مات محلم. قال: فسمعت الحسن يحلف بالله لدفن ثلاث مرات، كل ذلك تلفظه الأرض. قال: فجعلوه بين سدي جبل ورصوا عليه من الحجارة، فأكلته السباع..." (1). 8 ـ وبعد فتح مكة بعث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خالد بن الوليد إلى بني جذيمة. فعن سالم عن أبيه قال: "بعث النبي- خالد بن الوليد إلى بني جذيمة، فدعاهم إلى الإسلام، فلم يحسنوا أن يقولوا: أسلمن، فجعلوا يقولون: صبأنا صبأن، فجعل خالد يقتل منهم ويأسر، ودفع إلى كل رجل منا أسيره، حتى إذا كان يوم أمر خالد أن يقتل كل رجل منا أسيره. فقلت: والله لا أقتل أسيري، ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره، حتى قدمنا على النبي- فذكرناه، فرفع النبي- يديه فقال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد، مرتين" (2). ـــــــــــــــــــــــ (1) المصنف لابن أبي شيبة 7: 476. كتاب المغازي: حديث عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي، واللفظ له. السيرة النبوية لابن هشام 6: 40 غزوة ابن أبي حدرد بطن إضم وقتل محلم ابن جثامة عامر ابن الأضبط الأشجعي. مجمع الزوائد 7: 294. كتاب الفتن:باب حرمة دماء المسلمين وأمواليهم وإثم من قتل مسلم. المعجم الكبير 6: 47 فيما رواه سعد ابن ضميرة. وقريب منه في تفسير ابن كثير 1: 540، وتفسير الطبري 5: 222، ومعجم ما استعجم 1: 166. وغيرها من المصادر. (2) صحيح البخاري 4: 1577 كتاب المغازي: باب بعث النبي- خالد بن الوليد إلى بني جذيمة، واللفظ له. السنن الكبرى للنسائي 3: 474 كتاب القضاء: إذا قضى الحاكم بجور هل يرد حكمه. السنن الكبرى للبيهقي 9: 115 كتاب السير: في جماع أبواب السير: باب المشركين يسلمون قبل الأسر وما على الإمام وغيره من التثبت إذا تكلموا بما يشبه الإقرار بالإسلام ويشبه غيره.المصنف لعبد الرزاق 5: 221 ـ 222 باب: دعاء العدو. صحيح ابن حبان 11: 53 كتاب السير: (ذكر ما يستحب للإمام إذا سمع من الأعداء كلمة الإسلام وإن لم تكن بلغة أهل الإسلام...). مسند أحمد 2: 150 مسند عبدالله بن عمر بن الخطاب (رضي الله عنهم). -[ 80 ]- ورويت هذه الـحادثة بوجه آخر، وهو أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعث خالد ابن الوليد إلى بني جذيمة داعياً للإسلام لم يبعثه مقاتل، وكان بنو جذيمة قد قتلوا عمه الفاكه وعوفاً أبا عبدالرحمن بن عوف، فلما ورد عليهم أخذوا السلاح، فقال لهم خالد: ضعوا السلاح، فإن الناس قد أسلمو، فوضعوا السلاح، فأمر بهم خالد فكتفو، ثم عرضهم على السيف، فقتل منهم من قتل. فلما انتهى الخبر للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) رفع يديه إلى السماء ثم قال: "اللهم إني أبرأ إليك مما فعل خالد" (1). وكان بين عبد الرحمن بن عوف وخالد كلام في ذلك فقال له: "أخذت بأمر الجاهلية، قتلتهم بعمك الفاكه قاتلك الله. قال: وأعابه عمر. فقال خالد: أخذتهم بقتل أبيك، فقال عبدالرحمن: كذبت، لقد قتلت قاتل أبي بيدي. ولو لم أقتله لكنت تقتل قوماً مسلمين بأبي في الجاهلية؟ قال: ومن أخبرك أنهم أسلمو؟ فقال: أهل السرية كلهم، قال: جاءني رسول الله- أن أغير عليهم فأغرت. قال: كذبت على رسول الله. وأعرض رسول الله- عن خالد وغضب..." (2). 9 ـ وقد سب خالد بن الوليد عبد الرحمن بن عوف في هذه المناسبة أو غيرها (3). ـــــــــــــــــــــــ (1) الطبقات الكبرى 2: 148 في (سرية خالد بن الوليد إلى بني جذيمة من كنانة). السيرة النبوية لابن هشام 5: 94ـ 98 في (مسير خالد بن الوليد بعد الفتح إلى بني جذيمة من كنانة ومسير علي لتلافي خطأ خالد). سير أعلام النبلاء 1: 370ــ 371 في ترجمة خالد بن الوليد. تاريخ الطبري 2: 164 في (ذكر الخبر عن فتح مكة). (2) سير أعلام النبلاء 1: 370 ـ 371 في ترجمة خالد بن الوليد. وقريب منه في السيرة النبوية لابن هشام 5: 97 في (مسير خالد بن الوليد بعد الفتح إلى بني جذيمة من كنانة ومسير علي لتلافي خطأ خالد)، وتاريخ الطبري 2: 164ـ 165 في (ثم دخلت سنة ثمان من الهجرة) في (ذكر الخبر عن فتح مكة). وتاريخ دمشق 16: 234 في ترجمة خالد بن الوليد بن المغيرة. (3) صحيح مسلم 4: 1967 كتاب فضائل الصحابة (رضي الله عنهم) : باب تحريم سب الصحابة (رضي الله عنهم). -[ 81 ]- 10 ـ كما استب هو وعمار (1). وعنه أنه قال: "فقلت: يا رسول الله لولاك ما سبني ابن سمية. فقال: مهلاً يا خالد، من سب عماراً سبه الله، ومن حقر عماراً حقره الله" (2). 11 ـ ووقعته ببني يربوع، وقتله مالك بن نويرة، ونكاحه امرأته، كل ذلك معروف مشهور. ومهما قيل في أمره وحاولوا الاعتذار له، فإن ما قام به قد أغضب عليه جماعة من الصحابة. فعن أبي قتادة: "خرجنا في الردة حتى إذا انتهينا إلى أهل أبيات، حتى إذا طلعت الشمس للغروب فأرشفنا إليهم الرماح فقالوا: من أنتم؟ قلنا: نحن عباد الله. فقالوا: ونحن عباد الله، فأسرهم خالد بن الوليد، حتى إذا أصبح أمر أن يضرب أعناقهم. قال أبو قتادة: فقلت: اتق الله يا خالد، فإن هذا لا يحل لك. قال: اجلس، فإن هذا ليس منك في شيء. قال: فكان أبو قتادة يحلف لا يغزو مع خالد أبداً" (3). وفي هذه المناسبة أكثر عمر بن الخطاب مع أبي بكر في أمر خالد، وشجب عمله، فقال أبو بكر: إنه تأول فأخط. وودى مالك، وردّ السبي. ـــــــــــــــــــــــ صحيح ابن حبان 15: 455 (كتاب إخباره- عن مناقب الصحابة...): في (ذكر عبد الرحمن بن عوف الزهري (رضي الله عنه) ). فتح الباري 7: 34، 35. مسند أبي يعلى 2: 396 من مسند أبي سعيد الخدري. أسباب ورود الحديث: 228 باب الأدب. البيان والتعريف 2: 278 (حرف ل). عون المعبود 12: 269 باب النهي عن سب أصحاب رسول الله-. تحفة الأحوذي 10: 245 باب في سب أصحاب النبي-. تغليق التعليق 4: 59. (1) تفسير الطبري 5: 148 في تفسير آية [أطيعوا الله وأطيعوا الرسول] من سورة النساء. تفسير ابن كثير 1: 519 في تفسير آية [أطيعوا الله وأطيعوا الرسول] من سورة النساء. (2) المعجم الكبير 4: 113 فيما رواه (مالك بن الحارث بن الأشتر عن خالد بن الوليد)، واللفظ له. مجمع الزوائد 9: 294 كتاب المناقب: باب في فضل عمار بن ياسر وأهل بيته. المستدرك على الصحيحين 3: 441 كتاب معرفة الصحابة: ذكر مناقب عمار بن ياسر (رضي الله عنه). (3) المصنف لعبد الرزاق 10: 174 باب: في الكفر بعد الإيمان. -[ 82 ]- ولما رجع خالد ودخل المسجد وعليه قباء وقد غرز في عمامته أسهم، قام إليه عمر فنزعها وحطمه، وقال له: قتلت امرأ مسلم، ثم نزوت على امرأته. والله لأرجمنك بأحجارك. إلا أنه لم يستطع بالآخرة أن يفعل معه شيئ، لأن أبا بكر قد لزم جانب خالد (1). 12 ـ ولما توفى أبو بكر وولي عمر من بعده كان أول ما تكلم به عزل خالد، وقال: لا يلي لي عملاً أبد، وكتب إلى أبي عبيدة: إن أكذب خالد نفسه فهو الأمير على ما كان عليه، وإن لم يكذب نفسه فأنت الأمير على ما هو عليه. وانزع عمامته عن رأسه، وقاسمه ماله. فذكر أبو عبيدة ذلك لـخالد، فاستشار خالد أخته فاطمة ـ وكانت عند الحارث بن هشام ـ فقالت له: والله لا يحبك عمر أبد، وما يريد إلا أن تكذب نفسك ثم ينزعك. فقبل رأسه، وقال: صدقت، فأبى أن يكذب نفسه، فأمر أبو عبيدة فنزع عمامة خالد، وقاسمه ماله (2). 13 ـ وكتب عمر إلى خالد: " انه بلغني أنك دخلت حماماً بالشام، وان من بها من الأعاجم أعدوا لك دلوكاً عجن بخمر. وإني أظنكم آل المغيرة ذرء (ذرو) النار" (3). ـــــــــــــــــــــــ (1) تاريخ الطبري 2: 272 ـ 274 ذكر البطاح وخبره. وذكر طرف منه الذهبي في سير أعلام النبلاء 1: 377ـ 378 في ترجمة خالد، وابن حجر في الإصابة 5: 755 في ترجمة مالك بن نويرة. (2) تاريخ الطبري 2: 356 ـ 357 في (ثم دخلت سنة ثلاثة عشر، وذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث) في (ذكر أسماء قضاته وكتابه وعماله على الصدقات). الكامل في التاريخ 2: 427. وقريب منه في تاريخ دمشق 16: 268 في ترجمة خالد بن الوليد بن المغيرة. (3) غريب الحديث لابن سلام 3: 328ـ 329 واللفظ له. لسان العرب 10: 427 في مادة: -[ 83 ]- 14ـ وفي غزوة ذات السلاسل ضاق عمر بن الخطاب بتسليم أبي عبيدة إمارة الجيش لعمرو بن العاص، فقال: "أتطيع ابن النابغة وتؤمره على نفسك وعلى أبي بكر وعلين؟! ما هذا الرأي" (1). 15ـ وفي حديث مسروق عن عائشة قال: "ذكر عندها أن علياً (رضي الله عنه) قتل ذا الثدية فقالت لي: إذا أنت قدمت الكوفة فاكتب لي ناساً ممن شهد ذلك ممن تعرف من أهل البلد. فلما قدمت وجدت الناس أشياعاً فكتبت لها من كل شيع عشرة ممن شهد ذلك، قال: فأتيتها بشهادتهم. فقالت: لعن الله عمرو بن العاص، فإنه زعم لي أنه قتله بمصر" (2). 16 ـ واستأذن الزبير عمر في خلافته في الخروج للجهاد. فمنعه، وقال: قد قاتلتَ مع رسول الله -. فانطلق الزبير وهو يتذمر، فقال عمر: "من يعذرني من أصحاب محمد-؟. لولا أني أمسك بفم هذا الشغب لأهلك أمة محمد" (3). 17 ـ وقال نوفل بن مساحق: "بينا عثمان بن حنيف يكلم عمر بن ـــــــــــــــــــــــ دلك، 1: 79 ـ80 في مادة: ذر. النهاية في غريب الحديث 2: 156 في مادة: ذر. كنز العمال 9: 522 ـ523. الفائق في غريب الحديث 1: 434 في مادة: الدال مع اللام. شرح نهج البلاغة 12: 141. (1) المصنف لعبد الرزاق 5: 453 ـ 454 كتاب المغازي: غزوة ذات السلاسل وخبر علي ومعاوية. تاريخ دمشق 2: 25 عند الحديث عن غزوة ذات السلاسل. (2) المستدرك على الصحيحين 4: 14 كتاب معرفة الصحابة: ذكر الصحابيات من أزواج رسول الله- وغيرهن (رضي الله عنهن) فأول من نبدأ بهن الصديقة بنت الصديق عائشة بنت أبي بكر (رضي الله عنهم)، واللفظ له، وقال بعد ذكر هذا الحديث: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه". سير أعلام النبلاء 2: 200 في ترجمة عائشة أم المؤمنين. (3) تاريخ بغداد 7: 453 حرف الياء من أباء الحسنين في ترجمة الحسن بن يزيد بن ماجة القزويني. وفي تاريخ دمشق 18: 403 في ترجمة الزبير بن العوام قال عمر: (من يعذرني من أصحاب محمد- لولا أني أمسك بفمي هذا الشعب لأهدموا أمة محمد-). -[ 84 ]- الخطاب، وكان عاملاً له. قال: فأغضبه، فأخذ عمر من البطحاء قبضة فرجمه به، فأصاب حجر منها جبينه، فشجه، فسال الدم على لـحيته. فكأنه ندم، فقال: امسح الدم عن لـحيتك، فقال: لا يهلك هذا يا أمير المؤمنين، فوالله لما انتهكتُ ممَّن وليتني أمره أشد مما انتهكتَ مني. قال: فكأنه أعجب عمر ذلك منه، وزاده عنده خيراً" (1). 18 ـ وقد تشاجر عمر وأبو بكر بمحضر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ورفعا أصواتهما عنده، فقال أحدهما: أمّر الأقرع بن حابس، وأشار الثاني برجل آخر، فقال أبو بكر لعمر: ما أردت إلا خلافي ـ متهماً إياه بأن ما أشار به لم يكن نصيحة لله ولرسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، بل حباً في خلافه ـ فقال عمر: ما أردت خلافك. فتماريا حتى ارتفعت أصواتهم. فأنزل الله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ)) (2). 19 ـ وكان معهما يوماً رجل يخدمهم، فاستيقظا فوجداه نائم، فاغتاباه وقالا: إنه نؤوم. ثم أرسلاه إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يطلب لهما أدام. فقال: إنهما ائتدم، فجاءاه فقالا: بأي شيء ائتدمن. قال: بلحم أخيكم. والذي نفسي ـــــــــــــــــــــــ (1) الجامع للأزدي 11: 332 باب: السمع والطاعة، واللفظ له. مجمع الزوائد 9: 371 كتاب المناقب: باب ما جاء في عثمان بن حنيف (رضي الله عنه). المعجم الكبير 9: 29 في أخبار عثمان بن حنيف. (2) سورة الحجرات الآية:2. وقد ذكرت هذه الحادثة في كل من: صحيح البخاري 4: 1833 كتاب التفسير: باب لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي، 4: 1834 كتاب التفسير: باب إن الذين ينادوك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون، واللفظ له، 4: 1587 كتاب المغازي: باب وفد بني تميم، 6: 2662 كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة: باب ما يكره من التعمق والتنازع في العلم والغلو في الدين والبدع، وتفسير القرطبي 16: 303، 304، ومسند أحمد 4: 6 في (أول مسند المدنين) في (حديث عبدالله بن الزبير بن العوام (رضي الله عنه) ). تفسير ابن كثير 4: 206، 207 في تفسير قوله تعالى [يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم...]. -[ 85 ]- بيده إني لأرى لحمه بين ثناياكم. فقالا: استغفر لنا يارسول الله. قال: مراه فليستغفر لكما (1). 20 ـ وعن المقدام بن معد يكرب قال: "استب عقيل بن أبي طالب وأبو بكر" (2). 21 ـ وعن سليمان بن صرد، قال: "استب رجلان عند النبي- فجعل أحدهما تحمر عيناه، وتنتفخ أوداجه. قال رسول الله-: اني لأعرف كلمة لو قالها لذهب عنه الذي يجد. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. فقال الرجل: وهل ترى بي من جنون؟!" (3). 22 ـ وعن صفوان بن عبد الله عن عميه سلمة بن أمية ويعلى بن أمية قالا: "خرجنا مع رسول الله- في غزوة تبوك ومعنا صاحب لن، فقاتل رجلاً من المسلمين، فعض الرجل ذراعه، فجذبها من فيه، فطرح ثنيته، فأتى الرجل النبي- يلتمس العقل. فقال: ينطلق أحدكم إلى أخيه، فيعضه ـــــــــــــــــــــــ (1) راجع تفسير ابن كثير 4: 217 في تفسير قوله تعالى [أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه...] من سورة الحجرات في (تحريم الغيبة)، والدر المنثور 6: 96 عند تفسير قوله تعالى [ولا يغتب بعضكم بعضاً]، والأحاديث المختارة 5: 71، 72 فيما روى (حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أنس بن مالك). (2) تاريخ الخلفاء: 54 فصل في الأحاديث الواردة في فضله وحده، سوى ما تقدم. الرياض النضرة 2: 18 الفصل التاسع: في خصائصه (أبي بكر) في (ذكر اختصاصه بمواساته النبي- بنفسه...). الخصائص الكبرى 2: 86 في باب لم يعنونه. تاريخ دمشق 30: 110 في ترجمة أبي بكر تحت عنوان: عبدالله ويقال عتيق بن قحافة. (3) صحيح مسلم 4: 2015 كتاب البر والصلة والآداب: باب فضل من يملك نفسه عند الغضب وبأي شيء يذهب الغضب، واللفظ له. صحيح البخاري 5: 2248 كتاب الأدب: باب ما ينهى من السباب واللعن. سنن أبي داود 4: 249 كتاب الأدب: باب ما يقال عند الغضب. مصنف ابن أبي شيبة 5: 216 كتاب الأدب: ما ذكر في الغضب مما يقوله الناس. المعجم الكبير 7: 99 فيما أسند سليمان بن صرد. -[ 86 ]- عضيض الفحل، ثم يأتي يطلب العقل، لا عقل له. فأبطلها رسول الله" (1). 23 ـ ولما عزم أبو بكر على تجهيز جيش أسامة بعد ارتحال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للرفيق الأعلى طلب بعض الأنصار من عمر أن يشير عليه بتأمير غير أسامة، فذكر له عمر ذلك، فوثب أبو بكر، فأخذ بلحية عمر، فقال له: "ثكلتك أمك وعدمتك يا ابن الخطاب، استعمله رسول الله- وتأمرني أن أنزعه. فخرج عمر إلى الناس، فقال: امضوا ثكلتكم أمهاتكم ما لقيت في سببكم" (2). فانظر إليهم لم يتورعوا من شتم بعضهم لبعض وسبه، والاعتداء عليه. 24 ـ وقال عبد الرحمن بن أبي بكر: "جاء أبو بكر بضيف أو بأضياف له، فأمسى عند النبي-، فلما جاء قالت أمي: احتبست عن ضيفك أو أضيافك الليلة. قال: ما عشيتِهم. فقالت: عرضنا عليه أو عليهم فأبوا أو فأبى. فغضب أبو بكر، فسب وجدع وحلف لا يطعمه..." (3). 25 ـ وقال أبو بكر في خلافته: "فإذا رأيتموني استقمت فاتبعوني، وإن رأيتموني زغت فقوموني. واعلموا أن لي شيطاناً يعتريني، فإذا رأيتموني غضبت فاجتنبوني، لا أوثر في أشعاركم وأبشاركم" (4). ـــــــــــــــــــــــ (1) السنن الكبرى للنسائي 4: 255 كتاب القسامة: ذكر الاختلاف على عطاء في هذ الحديث، واللفظ له، 4: 224 باب الرجل يدفع عن نفسه. سنن الدارقطني 4: 222. صحيح مسلم 3: 1301 كتاب القسامة: باب الصائل على نفس الإنسان أو عضوه إذا دفعه.... المعجم الكبير 7: 55 فيما رواه سلمة بن أمية أخو يعلى بن أمية بن خلف الجمحي. (2) تاريخ الطبري 2: 246 في (ذكر الخبر عما جرى بين المهاجرين والأنصار في أمر الإمارة في سقيفة بني ساعدة)، واللفظ له. تاريخ دمشق 2: 50 باب ذكر بعث النبي- أسامة قبل الموت.... (3) صحيح البخاري 5: 2274 كتاب الأدب: باب قول الضيف لصاحبه لا آكل حتى تأكل. (4) الطبقات الكبرى 3: 213 في (ذكر وصية أبي بكر)، واللفظ له. الجامع للأزدي 11: 336 باب: لا طاعة في معصية الله. تاريخ الطبري 2: 245 في (ذكر الخبر عما جرى بين المهاجرين
عدل سابقا من قبل تراب أقدام المهدي في الإثنين يوليو 09, 2012 3:03 am عدل 1 مرات | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: تابع3 (هل يسب الشيعة الصحابة؟) الأحد يوليو 08, 2012 12:32 am | |
| -[ 87 ]- 26 ـ وقال عندما رأى طيراً واقعاً على شجرة:" طوبى لك يا طـيـر والله لوددت أني كنت مثلك تقع على الشجرة، وتأكل من الثمر، ثم تطير، وليس عليك حساب ولا عذاب. والله لوددت أني كنت شجرة إلى جانب الطريق مرّ عليّ جمل، فأخذني فأدخلني فاه، فلاكني ثم ازدردني، ثم أخرجني بعر، ولم أكن بشراً " (1). حيث يشهد ذلك بأنه يرى نفسه كسائر البشر معرضاً للخطر، وليست صحبته عاصمة له، ولا يقطع بسببها بالفوز أو السلامة. 27 ـ وفي حديث قتادة قال: "قال أبو عبيدة بن الجراح: وددت أني كنت كبش، فيذبحني أهلي يأكلون لحمي، ويحسون مرقتي، قال: وقال عمران ابن الحصين: وددت أني رماد على أكمة تسفيني الرياح في يوم عاصف" (2). 28 ـ وروى مسلم حديث عائشة عن طلب نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) العدل بينهن وبينه، قالت فيه: "فأرسل أزواج النبي- زينب بنت جحش زوج النبي-، وهي التي كانت تساميني منهن في المنزلة عند رسول الله- ولم أرَ امرأة قط خيراً في الدين من زينب، وأتقى لله، ـــــــــــــــــــــــ والأنصار في أمر الإمارة في سقيفة بني ساعدة). الرياض النضرة 2: 231 مناقب خليفة رسول الله أبي بكر (رضي الله عنه) في (ذكر استقالة أبي بكر من البيعة)، ومثله في مجمع الزوائد 5: 183 كتاب الخلافة: باب الخلفاء الأربعة. تاريخ دمشق 30: 303 في ترجمة أبي بكر تحت عنوان: عبدالله ويقال عتيق بن قحافة. صفوة الصفوة 1: 261 ذكر خلافة أبي بكر (رضي الله عنه). (1) مصنف ابن أبي شيبة 7: 91 كتاب الزهد في كلام أبي بكر الصديق (رضي الله عنه)، واللفظ له. الزهد لـهناد بن السري 1: 258 باب من قال ليتني لم أخلق. شعب الإيمان للبيهقي 1: 485 في الحادي عشر من شعب الإيمان وهو باب في الخوف من الله تعالى. تاريخ دمشق 30: 330، 331 في ترجمة أبي بكر تحت عنوان: عبدالله ويقال عتيق بن قحافة. (2) المصنف لعبد الرزاق الصنعاني 11: 307، أسد الغابة 3: 86، سير أعلام النبلاء 1: 18، تاريخ مدينة دمشق 52: 482، كنز العمال 13: 218. -[ 88 ]- وأصدق حديث، وأوصل للرحم، وأعظم صدقة، وأشد ابتذالاً لنفسها في العمل الذي تصدق به وتقرب به إلى الله تعالى، ما عدا سورة من حَدّ كانت فيها تسرع منها الفيئة. قالت: فاستأذنت على رسول الله-...فأذن لها رسول الله- فقالت: يا رسول الله إن أزواجك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة. قالت: ثم وقعت بي فاستطالت علي، وأنا أرقب رسول الله-، وأرقب طرفه هل يأذن لي فيه؟ قالت: فلم تبرح زينب حتى عرفت أن رسول الله- لا يكره أن أنتصر. قالت: فلما وقعت بها لم أنشبها حين أنحيت عليه. قالت: فقال رسول الله- وتبسم: إنها ابنة أبي بكر. حدثنيه محمد بن عبد الله بن قهرزاد قال عبد الله بن عثمان حدثنيه عن عبد الله بن المبارك عن يونس عن الزهري بهذا الإسناد مثله في المعنى، غير أنه قال: فلما وقعت بها لم أنشبها أن أثخنتها غلبة" (1). 29 ـ ولما صلى معاذ بجماعة، وأطال في صلاته، انفرد فتى من خلفه وأتم صلاته. فلما فرغ معاذ من صلاته أقبل الفتى عليه فسبه ونقصه. ولما شكى معاذ الفتى للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) اعتذر الفتى بأنه صاحب عمل وشغل، وقد طول معاذ في صلاته، فعذل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) معاذاً على إطالته في الصلاة (2). 30 ـ وقد سب أبو هريرة رجلاً في الإسلام بأم له في الجاهلية، فاستعدى الرجل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على أبي هريرة، فقال له رسول ـــــــــــــــــــــــ (1) صحيح مسلم 4: 1891ــ 1892 كتاب فضائل الصحابة: باب في فضل عائشة (رضي الله عنه)، واللفظ له. السنن الكبرى للبيهقي 7: 299 كتاب القسم والنشوز: باب ما جاء في قول الله عزوجل: [ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم...]. السنن الكبرى للنسائي 5: 281 كتاب عشرة النساء حب النساء. (2) المصنف لعبدالرزاق 2: 365ـ 366 كتاب الصلاة: باب تخفيف الإمام. -[ 89 ]- الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "إن فيك شعبة من الكفر". فحلف أبو هريرة له أن لا يسب بعده مسلماً أبداً (1). 31 ـ ويأتي عند التعرض لواقعة بدر أن عبدالرحمن بن عوف قد سب بلالاً من أجل أسيريه. 32ـ وعن ابن أبي حازم قال: "كان لابن مسعود على سعد مال، فقال له ابن مسعود: أدِّ المال الذي قبلك. فقال له: والله لأراك لاقٍ مني شر. هل أنت إلا ابن مسعود وعبد من هذيل؟ فقال: أجل والله إني لابن مسعود، وإنك لابن حمنة. فقال لهما هاشم بن عتبة: إنكما صاحبا رسول الله- ينظر الناس إليكم..." (2). 33 ـ ولما أراد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فتح مكة حاول مباغتة قريش وإخفاء أمره عليهم، فكتب حاطب بن أبي بلتعة مع امرأة يخبرهم بذلك، فعلم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالأمر، وأرسل خلف المرأة من استرجع منها الكتاب. وقد سبق قول عمر: "يا رسول الله، اضرب عنقه فقد كفر" (3). ونزل قوله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ...)) (4). ـــــــــــــــــــــــ (1) مجمع الزوائد 8: 86 كتاب الأدب: باب فيمن يعير بالنسب أو غيره. (2) مجمع الزوائد 9: 154 كتاب المناقب: باب مناقب سعد بن أبي وقاص في (باب إجابة دعوته)، واللفظ له. المعجم الكبير 1: 139 في (سن سعد بن أبي وقاص ووفاته). تاريخ الطبري 2: 595 (ثم دخلت سنة ستة وعشرين) في (ذكر سبب عزل عثمان عن الكوفة سعداً واستعماله عليها الوليد). سير أعلام النبلاء 1: 114 في ترجمة سعد بن أبي وقاص. تاريخ دمشق 20: 343 ـ 344 في ترجمة سعد بن مالك أبي وقاص. (3) الأحاديث المختارة 1: 286 فيما رواه (عبدالله بن عباس عن ابن عمر). (4) سورة الممتحنة الآية:1. تجد هذه الحادثة في صحيح البخاري 4: 1557 كتاب المغازي: باب غزوة الفتح وما بعث به حاطب بن أبي بلتعة، 4: 1855 كتاب التفسير: باب لا تتخذوا عدوي -[ 90 ]- 34 ـ وروي عن أبي برزة الأسلمي أنه كان يقول: إن كلاً من مروان وابن الزبير يقاتل على الدنيا (1). مع أن كلا الرجلين أو أحدهما من الصحابة حسب مصطلحهم. 35 ـ وبلغ عمر بن الخطاب أن سمرة بن جندب باع خمر، فقال: قاتل الله سمرة، ألم يعلم أن رسول الله- قال:لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها (2). 36 ـ وقد فعل سمرة الأفاعيل في أيام عمله لمعاوية وزياد، حتى قال بعد أن عزله معاوية: "والله لو أطعت الله كما أطعت معاوية ما عذبني أبداً" (3). وقد أخذه الزمهرير، ومات شر ميتة (4). 37 ـ وتوفي رجل من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم حنين أو خيبر، فامتنع (صلى الله عليه وآله وسلم) من الصلاة عليه، لأنه غلّ في سبيل الله، ففتشو ـــــــــــــــــــــــ وعدوكم أولياء، وصحيح مسلم 4: 1941 كتاب فضائل الصحابة: باب من فضائل أهل بدر (رضي الله عنهم) وقصة حاطب بن أبي بلتعة، والسنن الكبرى للبيهقي 9: 146 كتاب السير: جماع أبواب السير باب المسلم يدل المشركين على عورة المسلمين، وغيره. (1) صحيح البخاري 6: 2603 كتاب الفتن: باب إذا قال عند قوم شيء ثم خرج فقال بخلافه. المستدرك على الصحيحين 4: 517 كتاب الفتن والملاحم. (2) صحيح مسلم 3: 1207 كتاب المساقاة: باب تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام، واللفظ له. مسند أحمد 1: 25 في (مسند عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) ). السنن الكبرى للنسائي 3: 87 كتاب الفرع والعتيرة: في (النهي عن الانتفاع بما حرمه الله تبارك وتعالى)، 6: 342 كتاب التفسير: سورة الأنعام قي قوله تعالى [وعلى الذين هادوا حرمن...]. سنن ابن ماجة 2: 1122 كتاب الأشربة: باب التجارة في الخمر. السنن الكبرى للبيهقي 6: 12 كتاب البيوع: جماع أبواب بيوع الكلاب وغيرها مما لا يحل باب: تحريم التجارة في الخمر. المصنف لعبد الرزاق 6: 75 كتاب أهل الكتاب: في (بيع الخمر). صحيح ابن حبان 14: 146 كتاب التاريخ: في (ذكر لعن المصطفى- اليهود باستعمالهم هذا الفعل). المسند للحميدي 1: 9 في (أحاديث عمر ابن الخطاب (رضي الله عنه) عن رسول -). مسند أبي يعلى 1: 178 في (مسند عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) ). (3)، (4) تاريخ الطبري 3: 240 (ذكر الخبر عن سبب وفاته (زياد بن سمية". -[ 91 ]- متاعه، فوجدوا خرزاً من خرز اليهود لا يساوي درهمين (1). 38 ـ وفي حديث أبي هريرة قال: "شهدنا مع رسول الله- خيبر. فقال رسول الله- لرجل مِمَّن معه يدعي الإسلام: هذا من أهل النار. فلما حضر القتال قاتل الرجل من أشد القتال، وكثرت به الجراح، فأثبتته، فجاء رجل من أصحاب النبي-، فقال: يا رسول الله أرأيت الذي تحدثت أنه من أهل النار قد قاتل في سبيل الله أشد القتال، فكثرت به الجراح. فقال النبي-: أما إنه من أهل النار. فكاد بعض المسلمين يرتاب. فبينما هو على ذلك إذ وجد الرجل ألم الجراح، فأهوى بيده إلى كنانته، فانتزع منها سهم، فانتحر به، فاشتد رجال من المسلمين إلى رسول الله- فقالوا: يا رسول الله صدق الله حديثك. قد انتحر فلان، فقتل نفسه. فقال رسول الله-: يا بلال قم فأذن. لا يدخل الجنة إلا مؤمن، وإن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر" (2). 39 ـ وعن أبي فراس رجل من أسلم. قال: "قال رسول الله- ذات يوم سلوني عما شئتم. فقال رجل: يا رسول الله من أبي؟ قال: أبوك فلان الذي تدعى إليه. وسأله رجل: أفي الجنة أن؟ فقال: في الجنة. وقال آخر: أفي الجنة أن؟ قال: في النار. فقام عمر(رضي الله عنه) فقال: رضينا بالله رباً" (3). ـــــــــــــــــــــــ (1) المستدرك على الصحيحين 2: 139 آخر كتاب الجهاد. مسند أحمد 4: 114 بقية أحاديث زيد ابن خالد الجهني عن النبي-. (2) صحيح البخاري 6: 2436 كتاب القدر: باب العمل بالخواتيم، واللفظ له، 4: 1540 كتاب المغازي: باب غزوة خيبر. السنن الكبرى للبيهقي 8: 197 كتاب المرتد: باب ما يحرم به الدم من الإسلام زنديقاً كان أو غيره. مجمع الزوائد 7: 213 كتاب القدر: باب الأعمال بالخواتيم. مسند أحمد 2: 309 في حديث أبي هريرة. المعجم الكبير 19: 83 في باب لم يعنونه. (3) المعجم الكبير 5: 60 فيما رواه ربيعة بن كعب الأسلمي يكنى أبا فراس. مجمع الزوائد 1: 161 كتاب العلم: باب قول العالم سلوني، وقال: رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح. -[ 92 ]- 40 ـ وقد شرب قدامة بن مظعون الخمر في ولاية عمر بن الخطاب، فأمر به عمر فجلد، فغاضب عمر قدامة وهجره، ثم كلمه واستغفر له (1). وعن أيوب أنه قال: لم يحدّ أحد من أهل بدر في الخمر إلا قدامة بن مظعون (2). 41 ـ ووجد أبو عبيدة بن الجراح بالشام أبا جندل بن سهيل بن عمرو وضرار بن الخطاب المحاربي وأبا الأزور قد شربوا الخمر، وهم من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (3). 42 ـ وروي أن عمر جلد أبا محجن الثقفي ـ وهو من الصحابة ـ أربع مرات (4). وعن ابن جريح: "بلغني أن عمر بن الخطاب جلد أبا محجن ابن حبيب بن عمرو بن عمير الثقفي في الخمر سبع مرات" (5). وعن قبيصة ابن ذؤيب: أن عمر جلده في الخمر ثماني مرات (6). ـــــــــــــــــــــــ (1) الإصابة 5: 424، 425 في ترجمة قدامة بن مظعون بن حبيب. الاستيعاب 3: 248ــ 250 في ترجمة قدامة بن مظعون بن حبيب. السنن الكبرى للبيهقي 8: 315 كتاب الأشربة والحدّ فيها: باب من وجد منه ريح شراب أو لقي سكران. المصنف لعبد الرزاق 9: 241ـ 243 كتاب الأشربة: باب من حدّ من أصحاب النبي- مع اختلاف يسير. (2) الإصابة 5: 425 في ترجمة قدامة بن مظعون بن حبيب. المصنف لعبد الرزاق 9: 240 كتاب الأشربة: باب من حد من أصحاب النبي-. الاستيعاب 3: 250 ـ 251 في ترجمة قدامة ابن مظعون بن حبيب. تفسير القرطبي 6: 299 في تفسير قوله تعالى: [ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالـحات جناح...] من سورة المائدة. (3) المصنف لعبد الرزاق 9: 244 كتاب الأشربة: باب من حد من أصحاب النبي-. الإصابة 7: 11 في ترجمة أبي الأزور. الاستيعاب 4: 34 في ترجمة أبي جندل بن سهيل بن عمرو. (4) فتح الباري 12: 81. (5) المصنف لعبد الرزاق 9 ص247 كتاب الأشربة: باب من حد من أصحاب النبي-. الإصابة 7: 363 في ترجمة أبي محجن الثقفي. الاستيعاب 4: 183 في ترجمة أبي محجن الثقفي. (6) المصنف لعبد الرزاق 7: 381 باب: حد الخمر، 9: 247 كتاب الأشربة: باب من حد من أصحاب النبي-. الاستيعاب 4: 183 في ترجمة أبي محجن الثقفي. المحلى 11: 369 في -[ 93 ]- وعن ابن سيرين قال: "كان أبو محجن لا يزال يجلد في الخمر فلما أكثر عليهم سجنوه وأوثقوه..." (1). وذكر ابن عبد البر أنه كان منهمكاً في الشراب لا يكاد يقلع عنه، ولا يردعه حدّ ولا لوم لائم، وجلده عمر بن الخطاب مرار، ونفاه إلى جزيرة في البحر، وبعث معه رجل، فهرب منه، ولحق بسعد بن أبي وقاص بالقادسية وهو محارب للفرس. وكان قد هَمّ بقتل الرجل الذي بعثه عمر، فأحسّ الرجل بذلك، فخرج فار، ولحق بعمر (2). وعن ابن سيرين أنه لما كان مع سعد ـ وكان مسجوناً موثقاً بسبب الخمر ـ وقعت معركة القادسية، فرآى أبو محجن المشركين وقد أصابوا في المسلمين، فأقنع بعض نساء سعد أن تحل قيوده، وتحمله على فرس، وتعطيه سلاح، ليشترك في القتال، على أنه إن لم يقتل كان أول من يرجع. فرأى سعد فعل أبي محجن في المشركين ولم يعرفه، فلما أخبرته المرأة بقصته شكر له ذلك، فدعا به، وحلّ قيوده، وقال: " لا نجلدك في الخمر أبداً"!!. إلا أن أبا محجن قال له: "وأنا والله لا تدخل في رأسي أبد، إنما كنت آنف أن أدعها من أجل جلدك"!!. قال: "فلم يشربها بعد ذلك" (3). 43 ـ وقد شرب عبد الرحمن بن عمر بن الخطاب الخمر، وشرب ـــــــــــــــــــــــ (مسألة هل يقتل شارب الخمر بعد أن يحد فيها ثلاث مرات). فتح الباري 12: 80. (1) المصنف لعبدالرزاق 9: 243 كتاب الأشربة: باب من حدّ من أصحاب النبي-. الإصابة 7: 362 في ترجمة أبي محجن الثقفي. الاستيعاب 4: 184 في ترجمة أبي محجن الثقفي. التوابين لابن قدامة: 131 في (توبة أبي محجن الثقفي). (2) الاستيعاب 4: 182 في ترجمة أبي محجن الثقفي. (3) المصنف لعبدالرزاق 9: 243 ـ 244 كتاب الأشربة: باب من حدّ من أصحاب النبي-، واللفظ له. الإصابة 7: 362 في ترجمة أبي محجن الثقفي. الاستيعاب 4: 184ـ 185 في ترجمة أبي محجن الثقفي. التوابين لابن قدامة: 131ـ 132 في (توبة أبي محجن الثقفي). -[ 94 ]- معه أبو سروعة عقبة بن الحارث ـ وهما من الصحابة ـ فجلدهما عمرو بن العاص وذلك في خلافة عمر بن الخطاب، ثم سمع عمر، فكتب إلى عمرو ابن العاص أن ابعث إليّ عبدالرحمن بن عمر على قتب، ففعل ذلك عمرو، فلما قدم عبدالرحمن على عمر جلده وعاقبه، فلبث أشهراً ثم مات (1). 44 ـ وشرب الوليد بن عقبة بن أبي معيط الخمر، في خلافة عثمان بن عفان، عندما كان والياً له على الكوفة، فصلى الصبح أربعاً وهو سكران (2)، وجاء جماعة من أهل الكوفة إلى عثمان فشهدوا عليه بذلك، فأقيم عليه الحد (3). 45 ـ وهذا معاوية بن أبي سفيان قد شرب الخمر أيام خلافته (4)، وباعها (5). 46ـ وقال المطرف بن المغيرة بن شعبة: "دخلنا مع أبي على معاوية، فكان أبي يأتيه فيتحدث معه، ثمّ ينصرف إليّ... إذ جاء ذات ليلة، فأمسك ـــــــــــــــــــــــ (1) السنن الكبرى للبيهقي 8: 312 كتاب الأشربة والحدّ فيها: باب ما جاء في وجوب الحد على من شرب خمراً أو نبيذاً أو مسكر. المصنف لعبد الرزاق 9: 232، 233 كتاب الأشربة: باب الشراب في رمضان وحلق الرأس. تاريخ بغداد 5: 455 في ترجمة محمد بن عبد الله بن محمد بن عبدالله بن محمد بن عبدالله بن بشر بن مغفل بن حسان بن عبدالله ابن مغفل المزني. وأشار إلى هذا ابن حجر في الإصابة 5: 44 في ترجمة عبد الرحمن بن عمر بن الخطاب، وكذلك ابن عبد البر في الاستيعاب 2: 395 في ترجمة عبد الرحمن الأكبر بن عمر بن الخطاب. (2) تهذيب التهذيب 11: 126 في ترجمة الوليد بن عقبة ابن أبي معيط. تهذيب الكمال 31: 58 في ترجمة الوليد بن عقبة بن أبي معيط. الاستيعاب 3: 598 في ترجمة الوليد بن عقبة ابن أبي معيط. الوقوف على الموقوف: 19. (3) تهذيب الكمال 31: 58 في ترجمة الوليد بن عقبة بن أبي معيط. الاستيعاب 3: 598 في ترجمة الوليد بن عقبة بن أبي معيط. الوقوف على الموقوف: 19. (4) مسند أحمد 5: 347 في حديث بريدة الأسلمي (رضي الله عنه)، واللفظ له. تاريخ دمشق 27: 127 في ترجمة عبدالله بن بريدة الأسلمي. (5) سير أعلام النبلاء 2: 10 في ترجمة عبادة بن الصامت. وقد عبر عنه بفلان ولكن من سياق الحديث يعرف أنه معاوية. وكذلك في تاريخ دمشق 26: 198 في ترجمة عبادة بن الصامت. -[ 95 ]- عن العشاء، ورأيته مغتم... فقلت: مالي أراك مغتماً منذ الليلة؟ فقال: يابني جئت من عند أكفر الناس وأخبثهم. قلت: وما ذاك؟ قال: قلت له وقد خلوت به: إنك قد بلغت سناً يا أمير المؤمنين، فلو أظهرت عدل، وبسطت خير، فإنك قد كبرت. ولو نظرت إلى إخوتك بني هاشم، فوصلت أرحامهم، فوالله ما عندهم اليوم شيء تخافه. وإن ذلك مما يبقي لك ذكره وثوابه. فقال: هيهات. أي ذكر أرجو بقاءه؟! ملك أخو تيم، فعدل، و فعل ما فعل، فما عدا أن هلك حتى هلك ذكره، إلاّ أن يقول قائل: أبو بكر. ثم ملك أخو عدي، فاجتهد وشمر عشر سنين، فما عدا أن هلك حتى هلك ذكره، إلاّ أن يقول قائل: عمر. وإن ابن أبي كبشة ليصاح به كل يوم خمس مرات: أشهد أن محمداً رسول الله. فأي عمل يبقى، وأي ذكر يدوم بعد هذا لا أباً لك؟! لا والله إلا دفناً دفناً" (1). 47 ـ والحتات بن يزيد عُدَّ من الصحابة وكان عثماني. وقد وفد هو وجماعة على معاوية، فأعطى كل رجل منهم مائة ألف، وأعطى الحتات سبعين ألف. فلما كانوا في الطريق، وعلم الحتات بجوائزهم، رجع إلى معاوية، فعتب على معاوية، فقال له معاوية: "إني اشتريت من القوم دينهم، ووكلتك إلى دينك ورأيك في عثمان بن عفان، فقال الحتات: وأنا فاشتر مني ديني، فأمر له بتمام جائزة القوم" (2). ـــــــــــــــــــــــ (1) شرح نهج البلاغة 5: 130. مروج الذهب 3: 404. (2) تاريخ الطبري 3: 211 في أحداث سنة خمسين. الاستيعاب 1: 423 في ترجمة الحتات بن يزيد ابن علقمة، تاريخ دمشق 10: 279 في ترجمة بشر وهو الحتات بن يزيد ابن علقمة.الأنساب للسمعاني 5: 198 عند ذكر المجاشعي. الإصابة في تمييز الصحابة 2: 29 في ترجمة حتات بن يزيد. إلاّ أن فيه بدل (دينهما وديني) (ذمتهما وذمتي). وغيرها من المصادر. -[ 96 ]- 48 ـ وخطب معاوية بعد صلح الإمام الحسن صلوات الله عليه معه في النخيلة قبل أن يدخل الكوفة فقال: "ما قاتلتكم لتصلّوا ولا لتصومو، ولا لتحجوا ولا لتزكوا وقد أعرف أنكم تفعلون ذلك ولكن إنما قاتلتكم لأتأمر عليكم، وقد أعطاني الله ذلك وأنتم له كارهون" (1). وكان عبد الرحمن بن شريك إذا حدث بذلك يقول: "هذا والله هو التهتك" (2). وقال أبو اسحاق السبيعي: "إن معاوية قال في خطبته بالنخيلة: "ألا إن كل شيء أعطيته الحسن بن علي تحت قدمي هاتين لا أفي به ". قال أبو اسحاق: "وكان والله غدّاراً" (3). 49 ـ وهذا عمرو بن قرة الذي عدَّه غير واحد من الصحابة يتحدث عنه صفوان بن أُمية، فيقول: "كنا عند رسول الله- فجاءه عمرو بن قرة فقال: يارسول الله كتبت علي الشقوة، فلا أراني أرزق إلا من دفي بكفي، فتأذن لي في الغناء من غير فاحشة؟ فقال رسول الله -: لا آذن لك ولا كرامة، كذبت يا عدو الله، لقد رزقك الله حلالا طيب، فاخترت ما حرم الله من رزقه مكان ما أحل الله من حلاله..." (4). ـــــــــــــــــــــــ (1) المصنف لابن أبي شيبة 6: 187 كتاب الأمراء. ما ذكر من حديث الامراء والدخول عليهم واللفظ له. سير أعلام النبلاء 3: 146ـ 147 في ترجمة معاوية بن أبي سفيان. تاريخ دمشق 59: 150 في ترجمة معاوية بن صخر أبي سفيان. البداية والنهاية 8: 131 في ترجمة معاوية وذكر شيء من أيامه وما ورد في مساوئه وفضائله. شرح نهج البلاغة 16: 46. (2) شرح نهج البلاغة 16: 46. النصائح الكافية: 194. (3) شرح نهج البلاغة 16: 46. (4) المعجم الكبير 8: 51 فيما أسند صفوان بن أُمية، أسد الغابة 4: 126 في ترجمة عمرو بن قرة، مصباح الزجاجة 3: 119 باب المخنثين. تهذيب الكمال 4: 158 في ترجمة بشر بن نمير القشيري. الكامل في ضعفاء الرجال 7: 199 في ترجمة يحيى بن علاء الرازي. وغيرها من المصادر. -[ 97 ]- 50ـ وقد شهد أبو بكرة الصحابي واثنان من أخوته بالزناء على المغيرة بن شعبة في قضية مشهورة، وحيث لم يتم نصاب الشهادة عند عمر فقد حدهم حد الفرية (1). 51ـ وفي حديث أبي اليسر ـ وهو ممن شهد بدراً (2) ـ قال: "أتتني امرأة تبتاع مني تمر، فقلت: إن في البيت تمراً أطيب منه، فدخلت معي البيت، فأهويت إليه، فغمزته، وقبلته، فاسقط في يدي، فأتيت أبا بكر، فذكرت ذلك له، فقال: استر على نفسك ولا تخبر أحد. فلم أصبر فأتيت رسول الله-، فذكرت ذلك له، فقال: أخلفت غازياً في أهله بمثل هذ! حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت إلا تلك الساعة، حتى ظننت أني من أهل النار. فأطرق رسول الله- طويلاً ثم أوحى الله إليه: ((وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ... إلى آخر الآية))" (3). 52ـ وعن يحيى بن جعدة: "إن رجلاً من أصحاب النبي- ذكر امرأة وهو جالس مع رسول الله، فاستأذنه لحاجة، فأذن له. فذهب يطلبها فلم يجده، فأقبل الرجل يريد أن يبشر النبي- بالمطر، فوجد المرأة جالسة على غدير، فدفع في صدرها وجلس بين رجليه. فصار ذكره مثل الهدبة. فقام نادماً حتى أتى النبي- فأخبره بما صنع. فقال له: استغفر ربك، ـــــــــــــــــــــــ (1) السنن الكبرى للبيهقي 8: 235 كتاب الحدود: باب شهود الزنا إذا لم يكملوا أربعة. تاريخ دمشق 60: 36 في ترجمة المغيرة بن شعبة. (2) المعجم الكبير 19: 164 فيما رواه عمار بن أبي اليسر عن أبيه، 19: 167 فيما رواه حنظلة بن قيس عن أبي اليسر. (3) المعجم الكبير 19: 165 فيما رواه موسى بن طلحة عن أبي اليسر، واللفظ له. تفسير ابن كثير 2: 464 في تفسير الآية. -[ 98 ]- وصل أربع ركعات. قال: وتلا عليه: ((وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ... الآية))" (1). وهناك أحاديث أخرى مقاربة له في المضمون (2). 53ـ وقد تظاهرت عائشة وحفصة على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (3). وفيهما نزلت سورة التحريم، ومنها قوله تعالى: ((إِن تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُبَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ)) (4). والمراد بقوله: [صغت قلوبكما] زاغت وأثمت ـ كما عن ابن عباس ـ أو زاغت ـ كما عن الضحاك وسفيان ـ وإليه يرجع ما عن قتادة من أنها بمعنى مالت (5). وفيها ضرب الله لهما مثل امرأتي نوح ولوط حين خانتاهم، ليؤكد أن علاقتهما برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا تغني عنهما من الله تعالى شيئاً إذا عصياه (6). 54ـ ولما تزوج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الجونية توليتا أمره، فخدعتها إحداهم، وقالت: إن رسول الله يعجبه من المرأة إذا دخلت عليه أن تقول: ـــــــــــــــــــــــ (1) تفسير ابن كثير 2: 464 في تفسير الآية. تفسير الطبري 12: 136 في تفسير الآية. المصنف لعبدالرزاق 7: 447 باب التعدي في الحرمات العظام. (2) تفسير ابن كثير 2: 464 في تفسير الآية. مجمع الزوائد 7: 38 في تفسير سورة هود في تفسير الآية. تفسير الطبري 12: 134 في تفسير الآية. فتح الباري 8: 356. (3) صحيح البخاري 4: 1868 كتاب التفسير: باب وإن أسر النبي إلى بعض أزواجه... الآية. وفي باب قوله [إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما]، 2: 871 كتاب المظالم: باب إماطة الأذى. صحيح مسلم 2: 1110 كتاب الطلاق: باب في الإيلاء واعتزال النساء وتخييرهن. (4) سورة التحريم الآية: 4. (5) راجع تفسير الطبري 28: 161 في تفسير الآية من سورة التحريم. (6) راجع تفسير القرطبي 18: 202 في تفسير قوله تعالى: [ضرب الله مثلاً للذين كفروا امرأة نوح...] من سورة التحريم، وفتح القدير 5: 255 ـ 256 في تفسير قوله تعالى: [ضرب الله مثلاً للذين كفروا امرأة نوح...] من سورة التحريم، وزاد المسير لابن الجوزي 8: 315، وغيره.
عدل سابقا من قبل تراب أقدام المهدي في الإثنين يوليو 09, 2012 3:07 am عدل 1 مرات | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: تابع4 (هل يسب الشيعة الصحابة؟) الأحد يوليو 08, 2012 12:39 am | |
| -[ 99 ]- أعوذ بالله منك، فلما دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليها وقالت ذلك أعرض عنه، وأرجعها إلى أهلها وفارقها (1). 55ـ وعن عائشة: "إن نساء رسول الله- كن حزبين، فحزب فيه عائشة وحفصة وصفية وسودة، والحزب الآخر أم سلمة وسائر نساء رسول الله-..." (2). 56ـ وقد سبق موقف عائشة من أمير المؤمنين (عليه السلام) وموقفه منه. ولما بلغها قتله قالت: فألقت عصاها واستقرّ بها النوى كما قرّ عيناً بالإياب المسافر ثم قالت: من قتله؟ فقيل: رجل من مراد، فقالت: فإن يك نائيـــاً فلقــد نعـاه غلام ليس في فيه التــراب فقالت زينب بنت أبي سلمة: أ لعلي تقولين هذ؟ فقالت: إنني أنسى، فإن نسيت فذكروني (3). 57ـ وفي حديث لها: "قالت: أهديت مارية إلى رسول الله- ومعها ابن عم له، قالت: فوقع [يعني النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)] عليها وقعة، فاستمرت ـــــــــــــــــــــــ (1) الطبقات الكبرى 8: 146 في (ذكر من تزوج رسول الله- من النساء فلم يجمعهن...). الإصابة 7: 495 في ترجمة أسماء بنت النعمان بن الحارث.... المستدرك على الصحيحين 4: 39 كتاب معرفة الصحابة: تسمية أزواج رسول الله-: ذكر الكلابية أو الكندية. تلخيص الحبير 3: 132 (ومن خصائصه في محرمات النكاح: إمساك من كرهت نكاحه). (2) صحيح البخاري 2: 911 كتاب الهبة وفضلها: باب من أهدى إلى صاحبه وتحرى بعض نسائه دون بعض. (3) تاريخ الطبري 3: 159 في (ثم دخلت سنة أربعين) في (ذكر ما كان فيها من الأحداث)، واللفظ له. الكامل في التاريخ 2: 394. وذكر شطر منه في الطبقات الكبرى 3: 40 ذكر عبدالرحمن بن ملجم المرادي وبيعة علي.... -[ 100 ]- حامل. قالت: فعزلها عند ابن عمه. قالت: فقال أهل الإفك والزور: من حاجته إلى الولد ادعى ولد غيره. وكانت أمه قليلة اللبن، فابتاعت له ضائنة لبون، فكان يغذى بلبنه، فحسن عليه لحمه. قالت عائشة (رضي الله عنه): فدخل به عليَّ النبي- ذات يوم، فقال: كيف ترين؟ فقلت: من غذي بلحم الضأن يحسن لحمه. قال: ولا الشبه؟ فحملني ما يحمل النساء من الغيرة أن قلت: ما أرى شبه. قالت: وبلغ رسول الله- ما يقول الناس فقال لعلي: خذ هذا السيف فانطلق فاضرب عنق ابن عم مارية حيث وجدته. قالت: فانطلق، فإذا هو في حائط على نخلة يخترف رطب، قال: فلما نظر إلى علي ومعه السيف استقبلته رعدة. قال: فسقطت الخرقة، فإذا هو لم يخلق الله عز وجل له ما للرجال شيء، ممسوح" (1). 58 ـ وفي حديث أسامة بن زيد عن بعض أصحابه عن عائشة أنها قالت حين حضرتها الوفاة: "يا ليتني لم أخلق، يا ليتني كنت شجرة أسبح وأقضي ما عليَّ" (2). وقال عيسى بن دينار: "سألت أبا جعفر عن عائشة. فقال: استغفر الله له. أما علمت ما كانت تقول؟ تقول: يا ليتني كنت شجرة، يا ليتني كنت حجر، يا ليتني كنت مدرة. قلت وما ذاك منه؟ قال: توبة" (3). وعن ذكوان حاجب عائشة أن ابن عباس دخل عليها وهي تموت فأثنى عليه. فقالت: "دعني منك يا ابن عباس، فوالذي نفسي بيده ـــــــــــــــــــــــ (1) المستدرك على الصحيحين 4: 41 كتاب معرفة الصحابة (رضي الله عنهم) : في (ذكر سراري رسول الله- فأولهن مارية القبطية أم إبراهيم). (2)، (3) الطبقات الكبرى 8: 74 في (ذكر أزواج رسول الله-) عند حديثه عن (عائشة بنت أبي بكر). -[ 101 ]- لوددت أني كنت نسياً منسياً" (1). وقال قيس: قالت عائشة عند وفاتها: "إني قد أحدثت بعد رسول الله- فادفنوني مع أزواج النبي-" (2). 59 ـ وروى مسلم أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان في حرة يمشي، فقال: إن الماء قليل فلا يسبقني إليه أحد، فوجد قوماً قد سبقوه، فلعنهم يومئذٍ (3). 60 ـ كما لعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الحكم بن أبي العاص (4). وهو الذي كان يغمز النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ويشير بإصبعه يستهزئ به، فدعا عليه أن يكون كذلك، فصار يرتعش (5). ـــــــــــــــــــــــ (1) الطبقات الكبرى 8: 75 في (ذكر أزواج رسول الله-) عند حديثه عن (عائشة بنت أبي بكر)، واللفظ له. صحيح البخاري 4: 1779 كتاب التفسير: باب ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم.... مسند أحمد 1: 276 مسند عبد الله بن عباس. فتح الباري 8: 484. سير أعلام النبلاء 2: 180 في ترجمة عائشة أم المؤمنين. وغيره. (2) الطبقات الكبرى 8: 74 في (ذكر أزواج رسول الله-) عند حديثه عن (عائشة بنت أبي بكر). وذكر نحوه في مصنف ابن أبي شيبة 7: 536 كتاب الجمل في مسيرة عائشة وعلي وطلحة والزبير. (3) صحيح مسلم 4: 2144 كتاب صفات المنافقين وأحكامهم. وكذلك في مسند أحمد 5: 390 حديث حذيفة بن اليمان عن النبي-، والسنن الكبرى للبيهقي 9: 33 كتاب السير: باب من ليس للإمام أن يغزو به بحال. (4) الأحاديث المختارة 9: 311 فيما رواه عامر بن شراحيل الشعبي عن عبدالله بن الزبير. سير أعلام النبلاء 2: 108 في ترجمة الحكم بن أبي العاص. أخبار مكة للفاكهي 1: 356. المستدرك على الصحيحين 4: 528 كتاب الفتن والملاحم. تفسير ابن كثير 4: 160 في تفسير قوله تعالى: [والذي قال لواليه أف...] من سورة الأحقاف. السنن الكبرى للنسائي 6: 458 كتاب التفسير سورة الأحقاف في قوله تعالى: [والذي قال لوالديه أف...]. تاريخ دمشق 57: 271 في ترجمة مروان بن الحكم بن أبي العاص. مجمع الزوائد 5: 241 كتاب الخلافة: باب أئمة الظلم والجور وأئمة الضلالة. (5) الإصابة 6: 558 في ترجمة هند بن هند بن أبي هالة، 2: 105 في ترجمة الحكم بن أبي العاص. وذكر مع اختلاف يسير في الاستيعاب 3: 570 ـ 571 في ترجمة هند بن أبي هالة، ومعجم -[ 102 ]- وقد اطلع على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في حجرته مع بعض نسائه، فنفاه إلى الطائف (1). وفي حديث عبد الرحمن بن عوف: "قال: كان لا يولد لأحد مولوداً إلا أتي به النبي- فدعا له، فأدخل عليه مروان بن الحكم، فقال: هو الوزغ بن الوزغ، الملعون بن الملعون" (2). 61 ـ وفي حديث أنس بن مالك أنهم لم يفرغوا من دفن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى أنكروا قلوبهم (3). قال في فتح الباري: "يريد أنهم وجدوها تغيرت عما عهدوه في حياته من الألفة والصفاء والرقة، لفقدان ما كان يمدهم به من التعليم والتأديب" (4). 62 ـ وقال عبدالرحمن بن عوف: "إني لأخشى أن يكون قد عجلت لنا طيباتنا في الحياة الدنيا" (5). ـــــــــــــــــــــــ الصحابة 3: 196 في ترجمة هند بن أبي هالة، ومجمع الزوائد 5: 243 كتاب الخلافة: باب أئمة الظلم والجور وأئمة الضلالة، والمعجم الكبير 3: 214 عند الكلام عن الحكم بن أبي العاص. (1) المعجم الكبير 12: 148 فيما رواه أبي صالـح عن ابن عباس. مجمع الزوائد 8: 43 كتاب الأدب: باب في الاستئذان وفيمن أطلع في دار بغير إذن. الإصابة 2: 104 في ترجمة الحكم بن أبي العاص. (2) المستدرك على الصحيحين 4: 526 كتاب الفتن والملاحم، واللفظ له. كتاب الفتن لنعيم بن حماد 1: 131. (3) الأحاديث المختارة 4: 419 فيما رواه (جعفر بن سليمان الضبعي عن ثابت). سنن ابن ماجة 1: 522 كتاب الجنائز: باب ذكر وفاته ودفنه. مصنف ابن أبي شيبة 7: 133 كتاب الزهد: كلام أنس بن مالك (رضي الله عنه). مسند أحمد 3: 221، 268 في مسند أنس بن مالك (رضي الله عنه). سنن الترمذي 5: 588 كتاب المناقب: باب في فضل النبي-. صحيح ابن حبان 14: 601 في (ذكر إنكار الصحابة قلوبهم عند دفن صفي الله-)، وصححه. (4) فتح الباري 8: 149. (5) حلية الأولياء 1: 100 في ترجمة عبدالرحمن بن عوف، واللفظ له. صحيح البخاري 1: 428 -[ 103 ]- وقال: "بلينا بالضراء فصبرن، وبلينا بالسراء فلم نصبر" (1). 63 ـ وفي حديث لأبي بكر في مرضه الذي توفي فيه مع عبد الرحمن ابن عوف تعقيباً على استخلافه عمر بن الخطاب بعده، قال في جملته: "إني وليت أمركم خيركم في نفسي، فكلكم ورم أنفه من ذلك، يريد أن يكون الأمر له دونه. ورأيتم الدنيا قد أقبلت، ولما تقبل، وهي مقبلة حتى تتخذوا ستور الحرير ونضائد الديباج... والله لأن يقدم أحدكم فتضرب عنقه في غير حدّ خير له من أن يخوض في غمرة الدني. وأنتم أول ضال بالناس غد، فتصدونهم عن الطريق يميناً وشمال. يا هادي الطريق إنما هو الفجر أو البجر..." (2). 64 ـ وعن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري قال: "قال لي عبد الله بن عمر: هل تدري ما قال أبي لأبيك؟ قال: قلت: ل. قال: فإن أبي قال لأبيك: يا أبا موسى هل يسرك إسلامنا مع رسول الله- وهجرتنا معه وجهادنا معه وعملنا كله معه برد (3) لن، وأن كل عمل عملناه بعده نجونا منه كفافاً رأساً برأس؟ فقال أبي: لا والله، قد جاهدنا بعد رسول الله-، وصلينا وصمن، وعملنا خيراً كثير، وأسلم ـــــــــــــــــــــــ كتاب الجنائز: باب الكفن من جميع المال. صحيح ابن حبان 15: 485 كتاب إخباره عن مناقب الصحابة: ذكر الإخبار بما كفن فيه حمزة بن عبدالمطلب يومئذٍ. مصنف ابن أبي شيبة 4: 216 كتاب الجهاد: ما ذكر في فضل الجهاد والحث عليه. سير أعلام النبلاء 1: 147 في ترجمة مصعب بن عمير. (1) حلية الأولياء 1: 100 في ترجمة عبدالرحمن بن عوف. الأحاديث المختارة 3: 121، 122 مسند عبدالرحمن بن عوف (رضي الله عنه). مسند الشاشي 1: 280. وغيره. (2) تاريخ الطبري 2: 353 في (ذكر أسماء قضاته وكتابه وعماله على الصدقات)، واللفظ له. الضعفاء للعقيلي 3: 420 في ترجمة علوان بن داود البجلي. لسان الميزان 4: 189 في ترجمة علوان بن داود البجلي. ومثله في مجمع الزوائد 5: 202 كتاب الخلافة: باب كراهة الولاية ولمن تستحب. الأحاديث المختارة 1: 89 فيما رواه (عبدالرحمن بن عوف (رضي الله عنه) عن أبي بكر (رضي الله عنه) ). المعجم الكبير 1: 62 (ومما اسند أبو بكر الصديق (رضي الله عنه) عن رسول الله-). (3) قال في لسان العرب: "ويرد عليه حق: وجب ولزم. وبرد لي عليه كذا وكذ، أي ثبت". -[ 104 ]- على أيدينا بشر كثير، وإنا لنرجو ذلك. فقال أبي: لكني أنا ـ والذي نفس عمر بيده ـ لوددت أن ذلك برد لن، وأن كل شيء عملناه بعد نجونا منه كفافاً رأساً برأس. فقلت: إن أباك والله خير من أبي" (1). 65 ـ وكان عمر يقول لما طعن: "والله لو أن لي طلاع الأرض ذهباً لافتديت به من عذاب الله من قبل أن أراه" (2). و: "لو أن لي ما في الأرض من شيء لا فتديت به من هول المطلع" (3). و: "والذي نفسي بيده لوددت أني خرجت منها (أي الإمارة) كما دخلت فيها لا أجر ولا وزر" (4). و: "والله لوددت أني أخرج منها كما دخلت فيها والله لو كان لي ما طلعت عليه الشمس لافتديت به من هول المطلع" (5). ـــــــــــــــــــــــ (1) صحيح البخاري 3: 1425 كتاب فضائل الصحابة: باب هجرة النبي وأصحابه إلى المدينة، واللفظ له. السنن الكبرى للبيهقي 6: 359 كتاب قسم الفيء والغنيمة: جماع أبواب تفريق ما أخذ من أربعة أخماس الفيء... باب الاختيار في التعجيل بقسمة مال الفيء إذا اجتمع. (2) صحيح البخاري 3: 1350 كتاب فضائل الصحابة: باب مناقب عمر بن الخطاب أبي حفص القرشي العدوي (رضي الله عنه). (3) الطبقات الكبرى 3: 355 في (ذكر استخلاف عمر (رضي الله عنه) )، واللفظ له. مجمع الزوائد 9: 75 كتاب المناقب: باب وفاة عمر. مصنف ابن أبي شيبة 7: 100 كتاب الزهد: في (كلام عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) ). المستدرك على الصحيحين 3: 98 كتاب معرفة الصحابة: مقتل عمر (رضي الله عنه) على الاختصار. (4) السنن الكبرى للبيهقي 10: 97 كتاب آداب القاضي: باب كراهية الإمارة وكراهة تولي أعماله.... حلية الأولياء 1: 52 في (كلماته (عمر) في الزهد والورع). ومثله في الطبقات الكبرى 3: 351 في (ذكر استخلاف عمر (رحمه الله) ). (5) الطبقات الكبرى 3: 355 في (ذكر استخلاف عمر (رحمه الله) ). -[ 105 ]- و: "وددت أني خرجت منها كفافاً لا عليّ ولا لي، وإن صحبة رسول الله- سلمت لي" (1). 66 ـ ولما طعن لم يبرئ الصحابة من التآمر عليه، بل سألهم فقال: "عن ملأ منكم ومشورة كان هذا الذي أصابني؟" فتبرؤوا من ذلك، وحلفوا على إنكاره (2). 67 ـ وقال عثمان لابن عبد الرحمن بن عوف في حديث له: "ولقد فعلنا أفعالاً لاندري أغفرها الله أم ل؟" (3). 68 ـ ولما جاء أهل اليمن في خلافة أبي بكر وسمعوا القرآن، فأخذوا يبكون، قال أبو بكر: "هكذا كن، ثم قست القلوب" (4). 69 ـ وقد هاجر سعد عمار، حيث قال لعمار: " إن كنا لنعدك من أفاضل أصحاب محمد- حتى لم يبق من عمرك إلا ظمء الحمار أخرجت ربقة الإسلام من عنقك. ثم قال له: أيما أحب إليك مودة على دخل، أو مصارمة جميلة؟ قال: بل مصارمة جميلة. فقال: لله عليّ أن لا أكلمك أبداً" (5). ـــــــــــــــــــــــ (1) مجمع الزوائد 9: 77 كتاب المناقب: باب وفاة عمر (رضي الله عنه). صحيح ابن حبان 15: 332 في (ذكر رضا المصطفى- عن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) في صحبته إياه). مسند أبي يعلى 5: 116 في (أول مسند ابن عباس). ومثله في مسند الطيالسي 2: 6 في (حديث ابن عباس عن عمر (رضي الله عنهم) ). (2) المصنف لعبدالرزاق 10: 357 باب هل يدخل المشرك الحرم. مصنف ابن أبي شيبة 7: 440 كتاب المغازي: ما جاء في خلافة عمر بن الخطاب. الاستيعاب 2: 460 ـ461 في ترجمة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه). الطبقات الكبرى 3: 341،348 في ذكر استخلاف عمر (رحمه الله). حلية الأولياء 4: 151 في ترجمة عمرو بن ميمون الاودي. تاريخ الطبري 2: 560 في (ذكر الخبر عن مقتله"عمر". فضائل الصحابة 1: 264 في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه). (3) تاريخ اليعقوبي 2 ص: 169 في أيام عثمان بن عفان. (4) حلية الأولياء 1: 34 في ترجمة أبي بكر. تاريخ الخلفاء: 98 فصل فيما روي عن الصديق (رضي الله عنه) من الآثار الموقوفة قول.... (5) المعارف لابن قتيبة: 550 في المتهاجرين. -[ 106 ]- 70 ـ كما كانت عائشة مهاجرة لـحفصة حتى ماتتا (1). 71 ـ وكان خالد بن الوليد مهاجراً لعمر حين مات (2). 72 ـ وسلم معاوية على سعد فلم يرد عليه (3). 73 ـ وقد سبق مهاجرة عبدالرحمن بن عوف لعثمان. 74 ـ وفي حديث أبي الدرداء: "والله ما أعرف من أمة محمد- شيئاً إلا أنهم يصلون جميعاً" (4). وفي حديثه الآخر: "والله ما أعرف فيهم شيئاً من أمر محمد- إلا أنهم يصلون جميعاً" (5). وفي حديثه الثالث: "ما أعرف من أمر محمد- إلا الصلاة" (6). 75 ـ وفي حديث أنس قال: "ما أعرف شيئاً مما كان على عهد النبي- قيل: الصلاة. قال: أليس ضيعتم ما ضيعتم فيه؟" (7). 76 ـ ويأتي عن حذيفة أنهم ابتلوا حتى كان الرجل منهم لا يصلي إلا سر. 77 ـ وقال أبو موسى الأشعري: "لقد ذكّرنا علي بن أبي طالب صلاة كنا نصليها مع رسول الله-، إما نسيناه، وإما تركناها عمد..." (8). ـــــــــــــــــــــــ (1) المعارف لابن قتيبة: 550 في المتهاجرين. (2) العقد الفريد 3: 235 كتاب الدرة في النوادب والتعازي والمراثي: في (البكاء على الميت). (3) التاريخ الكبير للبخاري 4: 285 في ترجمة صالـح بن عبدالرحمن بن مسور. (4) صحيح البخاري 1: 232 كتاب الجماعة والإمامة: باب فضل صلاة الفجر في جماعة. (5) مسند أحمد 5: 195 باقي حديث أبي الدرداء (رضي الله عنه). (6) مسند أحمد 6: 443 في (ومن حديث أبي الدرداء عويم (رضي الله عنه) ). (7) صحيح البخاري 1: 197 كتاب مواقيت الصلاة: باب تضييع الصلاة عن وقته. (8) مسند أحمد 4: 392، 411، 415 في حديث أبي موسى الأشعري (رضي الله عنه)، واللفظ له. مصنف ابن -[ 107 ]- 78 ـ وفي حديث المسيب: "لقيت البراء بن عازب(رضي الله عنه) فقلت: طوبى لك صحبت النبي- وبايعته تحت الشجرة فقال: يا ابن أخي إنك لا تدري ما أحدثنا بعده" (1). 79 ـ وفي حديثه الآخر عن أبي سعيد: "قلنا له: هنيئاً لك برؤية رسول الله- وصحبته. قال: إنك لا تدري ما أحدثنا بعده" (2). 80 ـ وفي حديث عبد الرحمن بن ميسرة قال: "مرَّ بالمقداد بن الأسود رجل، فقال: لقد افلحت هاتان العينان، رأتا رسول الله -. فاجتمع المقداد غضب، وقال: يا أيها الناس، لا تتمنوا أمر قد غيبه الله، فكم ممن قد رآه ولم ينتفع برؤيته" (3). 81 ـ وفي حديث محمد: "إن رجلاً من أصحاب النبي- قال: ما أدركت الفتنة أحداً منا إلا لو شئت لأن أقول فيه لقلت فيه، إلا عبد الله بن عمر" (4). 82 ـ وفي حديث حذيفة: "إن المنافقين اليوم شرّ منهم على عهد النبي- كانوا يومئذ يسرون، واليوم يجهرون" (5)، وفي حديثه الآخر المتقدم: "إنما كان النفاق على عهد النبي-، فأما اليوم فإنما هو الكفر بعد الإيمان" (6). ـــــــــــــــــــــــ أبي شيبة 1: 217 كتاب الصلوات: من كان يتم التكبير ولا ينقصه في كل رفع وخفض. شرح معاني الآثار 1: 221 كتاب الصلاة: باب الخفض في الصلاة هل فيه تكبير. فتح الباري 2: 270. وغيره. (1) صحيح البخاري 4: 1529 كتاب المغازي: باب غزوة الحديبية. (2) الإصابة 3: 79 في ترجمة سعد بن مالك بن سنان (أبي سعيد الخدري)، واللفظ له. تاريخ دمشق 20: 391 في ترجمة سعد بن مالك (أبي سعيد الخدري). (3) مسند الشاميين 2: 148 فيما رواه حريز عن عبد الرحمن بن ميسرة، واللفظ له. المعجم الكبير 20: 258 عبد الرحمن بن ميسرة عن المقداد. (4) مصنف ابن أبي شيبة 7: 468 كتاب الفتن، واللفظ له. الطبقات الكبرى 4: 144 (ومن بني عدي بن كعب). (5)، (6) صحيح البخاري 6: 2604 كتاب الفتن: باب إذا قال عند قوم شيئاً ثم خرج فقال بخلافه. -[ 108 ]- 83 ـ وعن الحسن أن أبا سفيان دخل على عثمان حين صارت الخلافة إليه، فقال: "قد صارت إليك بعد تيم وعدي، فأدرها كالكرة، واجعل أوتادها بني أمية، فإنما هو الملك، ولا أدري ما جنة ولا نار"، فصاح به عثمان: "قم عني، فعل الله بك وفعل" (1). وقد مرَّ أبو سفيان بقبر حمزة فضربه برجله وقال: "يا أبا عمارة إن الأمر الذي اجتلدنا عليه بالسيف أمسى في يد غلماننا اليوم، يتلعبون به" (2). قال ابن عبد البرّ بعد ذكر الحديث الأول: "وله أخبار من نحو هذا ردية، ذكرها أهل الأخبار لم أذكرها" (3).
عدل سابقا من قبل تراب أقدام المهدي في الإثنين يوليو 09, 2012 3:12 am عدل 1 مرات | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: تابع5 (هل يسب الشيعة الصحابة؟) العقبة ومحاولة قتل النبي صلى الله عليه وآله الأحد يوليو 08, 2012 12:49 am | |
| 84 ـ وفي رجوع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من غزوة تبوك حاول جماعة ممن معه اغتياله في قضية العقبة المشهورة، حيث أرادوا أن ينفروا به ناقته ويطرحوه منها في الوادي (4). فعن عروة قال: "ورجع رسول الله- قافلاً من تبوك إلى المدينة، ـــــــــــــــــــــــ (1) الاستيعاب 4: 1679 في ترجمة أبي سفيان صخر بن حرب، واللفظ له. تاريخ الطبري 5: 622 في ذكر أحداث سنة 284ه. النصائح الكافية: 110. النزاع والتخاصم: 59 ـ 60. شرح نهج البلاغة 9: 53. 15: 175. (2) شرح نهج البلاغة 16: 136. (3) الاستيعاب 4: 1679 في ترجمة أبي سفيان صخر بن حرب. (4) تجد الأحاديث المتعلقة بهم في مجمع الزوائد 1: 110 كتاب الإيمان: باب منه في المنافقين، ومسند أحمد 5: 453 في حديث أبي الطفيل عامر بن واثلة (رضي الله عنه)، والأحاديث المختارة 8: 221، 222 فيما رواه (عامر بن واثلة الليثي)، والبداية والنهاية 5: 19، 20، 21 في سنة تسعة من الهجرة: فصل (ذكر غزوة تبوك في رجب منه)، والدر المنثور 3: 259، 260 عند تفسير قوله تعالى في سورة التوبة: [يحلفون بالله ما قالو...]، وتفسير أبي السعود 4: 84 في تفسير قوله تعالى في سورة التوبة الآية (74): [وهموا بما لم ينالو...]، وتفسير ابن كثير 2: 373، 374 في تفسير قوله تعالى: [وهموا بما لم ينالوا] من سورة التوبة، والمعجم الكبير 3: 165 في (تسمية أصحاب العقبة). -[ 109 ]- حتى إذا كان ببعض الطريق مكر برسول الله- ناس من أصحابه، فتآمروا أن يطرحوه من عقبة في الطريق..." (1). وفي مجمع الزوائد: "عن أبي الطفيل قال: خرج رسول الله- إلى غزوة تبوك فانتهى إلى عقبة، فأمر مناديه فنادى: لا يأخذن العقبة أحد، فإن رسول الله- يسير يأخذه. وكان رسول الله- يسير، وحذيفة يقوده، وعمار بن ياسر يسوقه. فأقبل رهط متلثمين على الرواحل حتى غشوا النبي-، فرجع عمار، فضرب وجوه الرواحل، فقال النبي- لحذيفة: قد قد، فلحقه عمار فقال: سق سق، حتى أناخ، فقال لعمار: هل تعرف القوم؟ فقال: لا كانوا متلثمين، وقد عرفت عامة الرواحل. قال: أتدري ما أرادوا برسول الله-؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: أرادوا أن ينفروا برسول الله- فيطرحوه من العقبة. فلما كان بعد ذلك نزع بين عمار وبين رجل منهم شيء ما يكون بين الناس فقال: أنشدك بالله كم أصحاب العقبة الذين أرادوا أن يمكروا برسول الله-؟ قال: نرى أنهم أربعة عشر. قال: فإن كنت فيهم فكانوا خمسة عشر. ويشهد عمار أن أثني عشر منهم حزباً [حرب. ظ] لله ورسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد. رواه الطبراني في الكبير. ورجاله ثقات" (2). وفي كثير من أحاديث قضية العقبة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر من معه بكتمان أسمائهم، وإن اختلفت في أن الذي عرفهم حذيفة وعمار، أو حذيفة وحده. وعلى كلٍ فأمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بكتمان أسماء المتآمرين عليه يناسب ـــــــــــــــــــــــ (1) السنن الكبرى للبيهقي 9: 33 كتاب السير: باب من ليس للإمام من يغزو به بحال، واللفظ له. الدر المنثور 3: 259 عند تفسير قوله تعالى في سورة التوبة [يحلفون بالله ما قالو...]. (2) مجمع الزوائد 1: 110 كتاب الإيمان: باب منه في المنافقين. -[ 110 ]- أنهم أو بعضهم ليسوا من المعروفين بالنفاق الذين سقطت حرمتهم عند المسلمين، بل ممن لهم شيء من الحرمة، أو ممن لهم من يتبناهم ويدافع عنهم، وأن الإعلان عن نفاقهم وتآمرهم قد يوجب بلبلة ومشاكل يحسن تجنبه. كما قد يشعر بذلك ما سبق من تعبير عروة عنهم بأنهم من الصحابة، ولم يقل: إنهم من المنافقين (1). 85 ـ ويظهر من بعض الأحاديث أن بعض ذوي المقام الرفيع من الصحابة يعلمون من حال بعض من يحتشم ـ وله كرامة بين عامة الناس ـ ما لو باحوا به وأوضحوه على وجهه لتعرضوا للحرج والمشاكل من الناس. مثل ما يأتي عن أبي بن كعب. وما رواه أبو الطفيل قال: "خرجت أنا وعمر بن صليع المحاربي حتى دخلنا على حذيفة... فقال: حدثنا يا حذيفة. فقال: عما أحدثكم؟ فقال: لو أني أحدثكم بكل ما أعلم قتلتموني، أو قال: لم تصدقوني. قالوا: وحق ذلك؟. قال: نعم. قالوا: فلا حاجة لنا في حق تحدثنا فنقتلك عليه. ولكن حدثنا بما ينفعنا ولايضرّك. فقال: أرأيتم لو حدثتكم أن أمكم تغزوكم إذاً صدقتموني؟ قالوا: وحق ذلك؟..." (2). 86 ـ وقال ابن حزم: "وعن زيد بن وهب قال: كنا عند حذيفة ـ وهو من طريق البخاري ـ فقال حذيفة: ما بقي من أصحاب هذه الآية إلا ثلاثة. يعني: قوله تعالى: ((وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ)) (3). قال حذيفة: ـــــــــــــــــــــــ (1) السنن الكبرى للبيهقي 9: 33 كتاب السير: باب من ليس للإمام من يغزو به بحال. الدر المنثور 3: 259 عند تفسير قوله تعالى في سورة التوبة: [يحلفون بالله ما قالوا]. (2) الجامع للأزدي 11: 52، 53 باب القبائل. (3) سورة التوبة الآية: 12. -[ 111 ]- ولا بقي من المنافقين إلا أربعة. فقال له أعرابي: إنكم أصحاب محمد تخبروننا بما لا ندري. فما هؤلاء الذين ينقرون بيوتنا ويسرقون أعلافن؟ قال: أولئك الفساق. أجل لم يبق منهم إلا أربعة. شيخ كبير لو شرب الماء وجد له برد..." (1). وعلى كل حال بقي أمر أهل العقبة مستوراً إلا في تلويحات وإشارات أظهرها ما ورد في أبي موسى الأشعري. فقد قال ابن عبد البرّ في الاستيعاب في ترجمته بعد أن ذكر عزل أمير المؤمنين له عن الكوفة: "فلم يزل واجداً منها على علي، حتى جاء منه ما قال حذيفة. فقد روي فيه لحذيفة كلام كرهت ذكره. والله يغفر له" (2). قال ابن أبي الحديد: "الكلام الذي أشار إليه أبو عمر بن عبد البر ولم يذكره قوله فيه وقد ذكر عنده بالدين: أما أنتم فتقولون ذلك، وأما أنا فأشهد أنه عدو لله ولرسوله، وحرب لهم، في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار. وكان حذيفة عارفاً بالمنافقين، أسرّ إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أمرهم، وأعلمه أسماءهم. وروي أن عماراً سئل عن أبي موسى فقال: لقد سمعت فيه من حذيفة قولاً عظيم، سمعته يقول: صاحب البرنس الأسود، ثم كلح كلوحاً علمت منه أنه كان ليلة العقبة بين ذلك الرهط" (3). وفي حديث حكيم: "كنت جالساً مع عمار فجاء أبو موسى، فقال: ـــــــــــــــــــــــ (1) المحلى 11: 222 في (مسألة من المنافقين والمرتدين). (2) الاستيعاب 2: 364 في ترجمة عبدالله بن قيس بن سليم (أبي موسى الأشعري). (3) شرح نهج البلاغة 13: 314 (فصل في نسب أبي موسى والرأي فيه عند المعتزلة). -[ 112 ]- مالي ولك؟ قال: ألست أخاك؟ قال: ما أدري، ولكن سمعت رسول الله- يلعنك ليلة الجبل. قال: إنه قد أستغفر لي. قال عمار: قد شهدت اللعن، ولم أشهد الاستغفار" (1). ونحوه حديثه الآخر (2). وفي حديث أبي الطفيل قال: "كان بين حذيفة وبين رجل منهم ـ من أهل العقبة ـ بعض ما يكون بين الناس، فقال: أنشدك بالله كم كان أصحاب العقبة؟ فقال القوم: فأخبره فقد سألك. فقال أبو موسى الأشعري: قد كنا نخبر أنهم أربعة عشر، فقال حذيفة: وإن كنت فيهم فقد كانوا خمسة عشر. أشهد بالله أن اثني عشر منهم حزب الله [حرب لله. ظ] ورسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد. وعذر ثلاثة، قالوا: ما سمعنا منادي رسول الله-، ولا علمنا ما يريد القوم" (3). وفي حديث شقيق: "كنا مع حذيفة جلوس، فدخل عبد الله وأبو موسى المسجد، فقال: أحدهما منافق، ثم قال: إن أشبه الناس هدياً ودلاً وسمتاً برسول الله- عبد الله" (4). بل أشار ابن حزم إلى أخبار تتضمن أسماء أخرى (5). إلا أنه استنكره، ولم يذكر متونه، ولا مصادره. كما ذكر الطبراني وابن كثير والسيوطي أسماء غيرها (6). ـــــــــــــــــــــــ (1) كنز العمال 13: 608 (رقم الحديث: 37554). (2) الكامل في الضعفاء 2: 362 في ترجمة حسين بن حسن الأشقر. تاريخ دمشق 32: 93 في ترجمة عبدالله بن قيس بن سليم (أبي موسى الأشعري). (3) مصنف ابن أبي شيبة 7: 445 كتاب المغازي: ما جاء في ليلة العقبة. وقريب منه في كنز العمال 14: 86 (رقم الحديث: 38011) (4) سير أعلام النبلاء 2: 393 ـ 394 في ترجمة أبي موسى الأشعري. تاريخ دمشق 32: 93 في ترجمة عبدالله بن قيس بن سليم (أبي موسى الأشعري). (5) المحلى 11: 224 في (مسألة من المنافقين والمرتدين). (6) المعجم الكبير 3: 165 في تسمية أصحاب العقبة في (حذيفة بن اليمان). تفسير ابن -[ 113 ]- ومن أراد استكمال الفحص فليرجع إلى ما ذكروه ويقارن بينه وبين ما سبق منا بموضوعية كاملة، لعله يصل إلى ما يقنعه. ولسنا الآن بصدد ذلك، إذ لا يهمنا فعلاً تعيين الأشخاص الذين اشتركوا في هذه المؤامرة بقدر ما يهمنا إثبات أن هناك من يحسب على الصحابة قد حاول القيام بهذه الجريمة النكراء الموبقة. 87 ـ وفي حديث قيس بن عباد عن أبي بن كعب: "ثم استقبل القبلة فقال: هلك أهل العقد ـ ثلاثاً ـ ورب الكعبة ثم قال: والله ما عليهم آسى، ولكن آسى على ما أضلو. قال: قلت: من تعني بهذ؟ قال: الأمراء" (1). وقريب منه حديثه الآخر، لكن فيه: "قلت: يا أبا يعقوب ما يعني به أهل العقد؟ قال: الأمراء" (2). وقريب منه أحاديث له أخر (3). وفي حديث جندب بن عبد الله البجلي عن أبي بن كعب: "فسمعته يقول: هلك أصحاب العقدة ورب الكعبة. ولا آسى عليهم. أحسبه قال مرار... ثم قال: اللهم إني أعاهدك لئن أبقيتني إلى يوم الجمعة لأتكلمن بما سمعت من رسول الله، لا أخاف فيه لومة لائم. قال: لما قال ذلك انصرفت عنه، وجعلت انتظر الجمعة. فلما كان يوم الخميس خرجت لبعض حاجتي، فإذا السكك غاصّة بالناس، لا أجد سكة إلا يلقاني فيها الناس. ـــــــــــــــــــــــ كثير 2: 374 في تفسير الآية (73، 74) من سورة التوبة: [يا أيها النبي جاهد الكفار...]. الدر المنثور 3: 259 في تفسير قوله تعالى: [يحلفون بالله ما قالو...] من سورة التوبة. (1) المستدرك على الصحيحين 1: 334 كتاب الصلاة: ومن كتاب الإمامة وصلاة الجماعة. (2) السنن الكبرى للنسائي 1: 287 كتاب الإمامة والجماعة: من يلي الإمام ثم الذي يليه. (3) الأحاديث المختارة 4: 30، 31 فيما رواه قيس بن عباد البصري أبو عبد الله عن أبي بن كعب (رضي الله عنه). المستدرك على ا لصحيحين 4: 571 كتاب الفتن والملاحم. مسند ابن الجعد: 197. حلية الأولياء 1: 252 في ترجمة أبي بن كعب. -[ 114 ]- قال: فقلت: ما شأن الناس؟ قالوا: إنا نحسبك غريب. قال: قلت: أجل. قالوا: مات سيد المسلمين أبي بن كعب..." (1). وفي حديث عتّي بن ضمرة عنه: "فقال: والله لئن عشت إلى هذه الجمعة لأقولن فيها قول، لا أبالي استحييتموني عليه أو قتلتموني. فلما كان يوم الجمعة من بين الأيام أتيت المدينة فإذا أهلها يموجون بعضهم في بعض في سككهم، فقلت: ما شأن هؤلاء الناس؟... قال: فإنه قد مات سيد المسلمين اليوم أبي بن كعب..." (2). هذا ما تيسر لنا عاجلاً من عرض مواقف بعض الصحابة وتصرفاتهم، ومواقف بعضهم من بعض، ونظرتهم إلى أنفسهم، وإلى بعضهم. وهناك حوادث أخرى يأتي التعرض لها في موقعها المناسب من بقية حديثن. كما أن هناك حوادث دونت لا يتيسر لنا استقصاؤه، أو لا نرى صلاحاً في ذلك. وحسب الوضع الطبيعي فإن ما لم يدوّن أكثر مما دوّن، فإن الصحابة ـ بالمعنى العام الشامل لكل من رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وسمع حديثه ـ عدد كبير جد، وقد شغلوا مسافة زمنية تقارب القرن، قد امتلأت بالأحداث المثيرة والفتن والتناقضات، وقد شارك كثير منهم فيه، بل كان بعضهم أقطابها التي تدور عليهم حوادثه. ـــــــــــــــــــــــ (1) الطبقات الكبرى 3: 501 في ترجمة أبي بن كعب، واللفظ له. الأحاديث المختارة 3: 346 ـ 347 (جندب أظنه ابن عبدالله بن سفيان البجلي العلقي وهو صحابي عن أبي بن كعب (رضي الله عنهم) ). تاريخ دمشق 7: 341 في ترجمة أبي بن كعب بن قيس. (2) الطبقات الكبرى 3: 500 ـ 501 في ترجمة أبي بن كعب، واللفظ له. سير أعلام النبلاء 1: 399 في ترجمة أبي بن كعب. تهذيب الكمال 2: 270 في ترجمة أبي بن كعب. تاريخ دمشق 7: 340 في ترجمة أبي بن كعب. -[ 115 ]- وذلك يستلزم عادة كثيراً من التصرفات الشاذة التي يضيق عنها التدوين، أو دوّنت وضاعت، أو ضيِّعت، أو حرفت عن حقيقته، كما يظهر للمنقب المتيقظ. كما أنهم ـ كسائر البشر ـ لهم تصرفاتهم الشخصية الصالحة والطالحة، التي لا تلفت النظر لتدون. على أنا لا نتعهد بصحـة كل ما تقـدم وصدقــه، فضلاً عن صحة غيره مما دوّن ولم نذكره. كما أنا لسنا بصدد تعيين الظالم من المظلوم، أو المحق من المبطل. وإنما يوكل ذلك كله للناقد البصير والباحث المتثبت الذي يهمه الوصول للحقيقة مهما كانت. بل كل ما نريده مما تقدم أنه لا ريب في صدور كثير مما سبق ونحوه، بحيث يكشف عما ذكرنا من أن الصحابة كسائر الناس فيهم الصالـح والطالـح والمحق والمبطل، وأن نظرتهم إلى أنفسهم ومواقفهم وأعمالهم وتعاملهم فيما بينهم لا يخرج عن ذلك.
عدل سابقا من قبل تراب أقدام المهدي في الإثنين يوليو 09, 2012 3:15 am عدل 1 مرات | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: تابع6(هل يسب الشيعة الصحابة؟) الأحد يوليو 08, 2012 1:03 am | |
| نظرة التابعين ومن بعدهم للصحابة ومواقفهم منهم وقد بقيت هذه النظرة لهم فيمن بعدهم من المسلمين، بعد ظهور الخلاف والشقاق بينهم. ووضوح ذلك يغني عن الكلام فيه، لولا تمادي بعض الناس في الغفلة أو التغافل. ولذا كان من المعروف تاريخياً أن كثيراً من الناس في عهد الأمويين كانوا يمتحنون من قبل السلطة في أمر عثمان، بل وحتى في أمر أبي بكر وعمر أيض، لتثبيت الحجة عليهم من أجل التنكيل بهم. كما أن كثيراً من الناس كانوا يتبجحون ببغض الإمام أمير المؤمنين علي وأهل بيته (صلوات الله عليهم) وبغض شيعته من الصحابة وغيرهم، ومناصبتهم العداء. حيث يشهد ذلك بعدم تسالم المسلمين ـ على اختلاف مذاهبهم ـ على عدالة -[ 116 ]- الصحابة ككل، وإحاطتهم بهالة التعظيم والتقديس،بل هناك فئات كبيرة تطعن بجماعة من الصحابة تمثل اتجاهات معينة لاتؤمن به. كما أن موقف الشيعة ـ من الإمامية والزيدية وغيرهم ـ والخوارج ـ على اختلاف فرقهم ـ والمعتزلة من الصحابة مسجل معروف. حتى حكي عن النظام أنه طعن في أعلام الصحابة (1)، بل في أكثرهم (2). وكذلك موقف النواصب والمنحرفين عن أهل البيت (صلوات الله عليهم) وعمن لزم جانبهم من الصحابة، مع أن للنواصب والمنحرفين المذكورين نسبة لايستهان بها في علماء الجمهور ورواة أحاديثهم وذوي الشأن والمقام عندهم. ويحسن بنا ذكر بعض الشواهد المسجلة على ذلك.. 1 ـ فقد سبق حديث كلثوم بن جبر عن أبي الغادية. 2 ـ وقول أبي إسحاق السبيعي عن معاوية أنه كان غدّاراً (3). 3 ـ وقول عبد الرحمن بن شريك عن خطبة معاوية في النخيلة: "هذا والله هو التهتك" (4). 4 ـ وحديث الحسن البصري عن طلحة والزبير. 5 ـ وقال الحسن أيضاً: "أربع خصال كن في معاوية لو لم يكن فيه منهن إلا واحدة لكانت موبقة: انتزاؤه على هذه الأمة بالسفهاء حتى ابتزه ـــــــــــــــــــــــ (1) الفرق بين الفرق: 162. الملل والنحل 1: 72 الباب الأول الفصل الأول في الحديث عن الفرقة النظامية في المسألة الحادية عشر. (2) الفرق بين الفرق: 304. (3) شرح نهج البلاغة 16 ص 46. (4) شرح نهج البلاغة 16 ص 46 النصائح الكافية: 194. -[ 117 ]- أمرها بغير مشورة منهم، وفيهم بقايا الصحابة وذو الفضيلة. واستخلافه ابنه بعده سكيراً خميراً يلبس الحرير ويضرب بالطنابير. وادعاؤه زياد، وقد قال رسول الله-: الولد للفراش، وللعاهر الحجر. وقتله حجر. ويلاً له من حجر.مرتين" (1). 6 ـ وهذا عروة بن الزبير من أوائل التابعين يقول عن نفسه: "إن حسان بن ثابت كان ممن كثر على عائشة فسببته، فقالت: يا ابن أختي دعه، فإنه كان ينافح عن رسول الله-" (2). 7 ـ وقال أبو جعفر الاسكافي: "وقد تظاهرت الرواية عن عروة ابن الزبير أنه كان يأخذه الرمع عند ذكر علي (عليه السلام)، فيسبه، ويضرب بإحدى يديه على الأخرى، ويقول: وما يغني أنه لم يخالف إلى ما نهي عنه، وقد أراق من دماء المسلمين ما أراق!" (3). وروى عاصم بن أبي عامر البجلي عن يحيى بن عروة قال: "كان أبي إذا ذكر علياً نال منه، وقال لي مرة: يابني والله ما أحجم الناس عنه إلاّ طلباً للدني، لقد بعث إليه اسامة بن زيد أن أبعث إلي بعطائي، فوالله إنك لتعلم أنك لو كنت في فم اسد لدخلت معك. فكتب إليه: إن هذا المال لمن جاهد عليه، و لكن لي مالاً بالمدينة، فأصب منه ما شئت. ـــــــــــــــــــــــ (1) تاريخ الطبري 3: 232 في (تسمية من نجا منهم (أصحاب حجر) ). وقد ذكره مختصراً ابن كثير في البداية والنهاية 8: 130 في ترجمة معاوية وما ورد في فضائله ومناقبه. (2) صحيح مسلم 4: 1933 كتاب فضائل الصحابة (رضي الله عنهم) : باب فضائل حسان بن ثابت (رضي الله عنه)، واللفظ له. صحيح البخاري 4: 1523 كتاب المغازي:باب حديث الإفك. 5: 2278 كتاب الأدب: باب هجاء المشركين. المستدرك على الصحيحين 3: 555 في ذكر مناقب حسان بن ثابت. الأدب المفرد للبخاري: 299 ذكره في باب (من الشعر حكمة). (3) شرح نهج البلاغة 4: 69، 102، 299. -[ 118 ]- قال يحيى: فكنت أعجب من وصفه إياه بما وصفه به، ومن عيبه له وانحرافه عنه" (1). 8 ـ أما أبو بردة بن أبي موسى الأشعري فبغضه لأمير المؤمنين صلوات الله ومن والاه من الصحابة مشهور حتى روي عن عبد الرحمن ابن جندب أنه قال: "قال أبو بردة لزياد أشهد أن حجر بن عدي قد كفر بالله كفرة أصلع". قال عبد الرحمن: "انما عنى بذلك نسبة الكفر إلى علي بن أبي طالب عليه السلام، لأنه كان أصلع" (2). وقد دخل أبو الغادية قاتل عمار بن ياسر على أبي بردة فأجلسه إلى جنبه، وقال: مرحباً بأخي (3). بل قال ابن عياش المنتوف: "رأيت أبا بردة قال لأبي العادية الجهني قاتل عمار بن ياسر: أ أنت قتلت عمار ياسر؟ قال: نعم. قال: ناولني يدك، فقبله، وقال: لاتمسك النار أبداً" (4). 9 ـ وقد ذكروا أن حريز بن عثمان ـ الذي وثقه جماعة منهم أحمد بن حنبل (5)ـ كان يبغض الإمام علياً (صلوات الله عليه)، ويروي المطاعن عليه، ويكثر من سبه ولعنه، ويقول: "هو القاطع رؤوس آبائي وأجدادي" (6). ـــــــــــــــــــــــ (1)، (2) شرح نهج البلاغة 4: 69، 102، 299. (3) تهذيب الكمال 33 ص: 144 في ترجمة أبي بكر بن أبي موسى الأشعري. تهذيب التهذيب 12: 42 في ترجمة أبي بكر بن أبي موسى الأشعري. النصائح الكافية: 245. (4) شرح نهج البلاغة 4: 99. النصائح الكافية: 45. (5) تهذيب التهذيب 2: 208 في ترجمة حريز بن عثمان بن جبر. (6) تهذيب التهذيب 2: 209 في ترجمة حريز بن عثمان بن جبر. المجروحين 1: 268 في ترجمة حريز بن عثمان. -[ 119 ]- 10 ـ كما ذكروا أن يحيى بن عبد الحميد كان يقول: "مات معاوية على غير ملة الإسلام" (1). 11 ـ وهذا عبد الرزاق الصنعاني مع وثاقته ورفعة مقامه في أهل الحديث، حتى قال يحيى بن معين: "لو ارتد عبد الرزاق عن الإسلام ما تركنا حديثه" (2)، مع كل ذلك فقد ذكروا أنه حدث بحديث مالك ابن أوس بن الحدثان في قضية تنازع أمير المؤمنين علي (صلوات الله عليه) والعباس بن عبدالمطلب عند عمر في ميراث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وبقول عمر للعباس: "فجئت أنت تطلب ميراثك من ابن أخيك، وجاء هذا يطلب ميراث امرأته...". ثم قال عبد الرزاق: "انظروا إلى الأنوك (3) يقول: تطلب أنت ميراثك من ابن أخيك، ويطلب هذا ميراث زوجته من أبيه.لا يقول: رسول الله- " (4). وقال الذهبي: "وثقه غير واحد. وحديثه مخرج في الصحاح، وله ما ينفرد به. ونقموا عليه التشيع وما كان يغلو فيه. بل كان يحب علياً (رضي الله عنه) ويبغض من قاتله..." (5). ـــــــــــــــــــــــ (1) تاريخ بغداد 14: 176 في ترجمة يحيى بن عبد الحميد بن عبد الرحمن، ووصفه بـ (الإمام الكبير الثقة صاحب المسند الكبير). سير أعلام النبلاء 10: 533 في ترجمة يحيى بن عبد الحميد بن عبد الرحمن. (2) سير أعلام النبلاء 9: 573 في ترجمة عبدالرزاق بن همام. ميزان الاعتدال 4: 344 في ترجمة عبدالرزاق بن همام. الكامل في ضعفاء الرجال 5: 311 في ترجمة عبد الرزاق بن همام. معرفة علوم الحديث: 139 ذكر النوع الثاني والثلاثين.... (3) قال في لسان العرب: "النوك بالضم: الحمق... والأنوك الأحمق... قال الأصمعي: الأنوك العاجز الجاهل... وقال الأصمعي: الأنوك الغبي في كلامه". (4) سير أعلام النبلاء 9: 572 في ترجمة عبد الرزاق بن همام، واللفظ له. الضعفاء للعقيلي 3: 110 في ترجمة عبدالرزاق بن همام. ميزان الاعتدال 4: 344 في ترجمة عبدالرزاق بن همام. (5) تذكرة الحفاظ 1: 364 في ترجمة عبدالرزاق بن همام. -[ 120 ]- 12 ـ ولما ذكر معاوية في مجلس عبد الرزاق قال: "لا تقذروا مجلسنا بذكر ولد أبي سفيان" (1). 13 ـ وموقف من كان مع أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) ومن عرف بأنه من شيعته ـ من التابعين ومن بعدهم ـ من عثمان وطلحة والزبير ومعاوية، ومن معهم من الصحابة، معروف. وكذلك موقف من كان مع معاوية ومن هو على نهجه ـ من التابعين ومن بعدهم ـ من أمير المؤمنين (عليه السلام) ومن عرف بشدة العلاقة معه، كعمار ابن ياسر وغيره. 14 ـ وروي أن مالك بن أنس صاحب المذهب كان يذكر عثمان وعلياً وطلحة والزبير فيقول: "والله ما اقتتلوا إلا على الثريد الأعفر" (2). 15 ـ وكان السدي يشتم أبا بكر وعمر (3). 16 ـ وعن صالـح جزرة قال: "كان عباد يشتم عثمان (رضي الله عنه)، وسمعته يقول: الله أعدل من أن يدخل طلحة والزبير الجنة، قاتلا علياً بعد أن بايعاه" (4). 17 ـ وعن شداد أبي عمار قال: "دخلت على واثلة وعنده قوم، ـــــــــــــــــــــــ (1) سير أعلام النبلاء 9: 570 في ترجمة عبدالرزاق بن همام. الضعفاء للعقيلي 3: 109 في ترجمة عبدالرزاق بن همام. معجم البلدان 3: 429. ميزان الاعتدال 4: 343 في ترجمة عبدالرزاق بن همام. (2) العقد الفريد 2: 235 كتاب الياقوتة في العلم والأدب:باب من أخبار العلماء والأدباء. (3) أحوال الرجال: 54 في ترجمة محمد بن السائب الكلبي. الضعفاء للعقيلي 1: 87 في ترجمة إسماعيل بن عبد الرحمن السدي. معرفة علوم الحديث: 137 في ذكر النوع الثاني والثلاثين من علوم الحديث: في معرفة مذاهب المحدثين. (4) سير أعلام النبلاء 11: 537 في ترجمة عباد بن يعقوب الرواجني، واللفظ له، 14: 29 في ترجمة صالـح بن محمد بن عمرو بن حبيب. تهذيب التهذيب 5: 95 في ترجمة عباد بن أبي يزيد. تهذيب الكمال 14: 178 في ترجمة عباد بن أبي يزيد. ميزان الاعتدال 4: 44 في ترجمة عباد بن يعقوب. -[ 121 ]- فذكروا علياً فشتموه فشتمته معهم" (1). 18 ـ ويونس بن خباب الأسدي الذي وثقه ابن معين وغيره كان يشتم عثمان (2). 19 ـ وأبو الحسن أحمد بن علي الغزنوي كان ينال من الصحابة (3). 20 ـ وأبو اسرائيل الملائي كان يشتم عثمان (4)، وزاد بعضهم أنه كان يكفره (5). 21 ـ وكان أزهر الحراني وأسد بن وداعة ـ الذي وثقه النسائي وغيره ـ يسبان الإمام علياً (عليه السلام) ـ (6). 22 ـ وكان أبو سليمان تليد بن سليمان المحاربي الكوفي يشتم عثمان. وذكر أبو داود أنه يشتم أبا بكر وعمر (7). وذكر ابن حبان أنه يشتم الصحابة (8). ـــــــــــــــــــــــ (1) مصنف ابن أبي شيبة 6: 370 كتاب الفضائل: في فضائل علي بن أبي طالب (رضي الله عنه). فضائل الصحابة 2: 578 في فضائل علي (عليه السلام). مجمع الزوائد 9: 167 كتاب المناقب: باب في فضل أهل البيت (رضي الله عنهم) لكن ليس فيه: (فشتمته معهم). (2) تهذيب التهذيب 11: 385 في ترجمة يونس بن خباب. (3) لسان الميزان 1: 232 في ترجمة أحمد بن علي الغزنوي. ميزان الاعتدال 1: 265 في ترجمة أحمد ابن علي الغزنوي. المغني في الضعفاء: 49 في ترجمة أحمد بن علي الغزنوي. (4) تهذيب الكمال 3: 79 في ترجمة إسماعيل بن خليفة العبسي. الضعفاء للعقيلي 1: 76 في إسماعيل ابن أبي إسحاق أبو إسرائيل. الضعفاء والمتروكين 1: 116 في ترجمة إسماعيل بن أبي إسحاق. (5) الضعفاء للعقيلي 1: 76 في ترجمة إسماعيل بن أبي إسحاق أبو إسرائيل. الضعفاء والمتروكين 1: 116 في ترجمة إسماعيل بن أبي إسحاق. (6) لسان الميزان 1: 385 في ترجمة أسد بن وداعة. الضعفاء للعقيلي 1: 26 في ترجمة أسد بن وداعة. (7) تهذيب التهذيب 1: 447 في ترجمة تليد بن سلمان المحاربي. الكشف الحثيث للحلبي: 80 في ترجمة تليد بن سلمان المحاربي. تهذيب الكمال 4: 322 في ترجمة تليد بن سلمان المحاربي. تاريخ بغداد 7: 137 في ترجمة تليد بن سلمان المحاربي. (8) تهذيب التهذيب 1: 447 في ترجمة تليد بن سلمان المحاربي. -[ 122 ]- 23 ـ كما كان أبو عثمان البصري عمرو بن عبيد بن باب يشتم الصحابة (1). 24 ـ وذكر ابن حبان أن الحكم بن ظهير الفزاري ابن أبي ليلى الكوفي كان يشتم الصحابة (2). 25 ـ وكان ربيعة بن يزيد السلمي من النواصب يشتم الإمام علياً (عليه السلام) ـ (3). 26 ـ وهذا جعفر بن سليمان الذي وثقه ابن حبان قيل له: "بلغنا أنك تشتم أبا بكر وعمر، فقال: أما الشتم فل، ولكن بغضاً يا لك من بغض". وقال الأزدي: "كان فيه تحامل على بعض السلف، وكان لا يكذب في الحديث، ويؤخذ عنه الزهد والرقائق". وقال الدوري: "كان جعفر إذا ذكر معاوية شتمه، وإذا ذكر علياً قعد يبكي" (4). 27 ـ وهذا سالم بن أبي حفصة قال له عمر بن ذر: "أنت قتلت عثمان؟" فأنكر. قال: "نعم أنت ترضى بقتله". وهو الذي يقول: "لبيك لبيك قاتل نعثل. لبيك لبيك مهلك بني أمية". وعن خلف بن حوشب أن سالماً كان من رؤوس من ينقص أبا بكر وعمر (5). 28 ـ ويقول ابن حجر عن اسفنديار بن الموفق: "...روى عنه الدبيثي وابن النجار. وقال: برع في الأدب. وتفقه للشافعي. وكان يتشيع. ـــــــــــــــــــــــ (1) تهذيب التهذيب 8: 64 في ترجمته. الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي 1: 229 في ترجمته. (2) تهذيب التهذيب 2: 368 في ترجمته. (3) الإصابة 2: 477 في ترجمته. الاستيعاب 1: 498 في ترجمة ربيعة بن عمر الجرشي. (4) تهذيب التهذيب 2: 82 في ترجمته. (5) تهذيب التهذيب 3: 374 في ترجمته. تهذيب الكمال 10: 136 في ترجمته. الضعفاء للعقيلي 2: 153 في ترجمته. -[ 123 ]- وكان متواضعاً عابداً كثير التلاوة. وقال ابن الجوزي: حكى عنه بعض عدول بغداد أنه حضر مجلسه بالكوفة، فقال: لما قال النبي-: من كنت مولاه فعلي مولاه، تغير وجه أبي بكر وعمر، فنزلت: ((فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُو)). فهذا غلوّ منه في شيعيته. وذكره ابن بابويه فقال: كان فقيهاً ديناً صالح، لقبه صائن الدين" (1). 29 ـ وهذا ابن تيمية ـ الذي رضي بإمامته أمة من الناس ـ كثيراً ما يؤدي كلامه إلى تنقيص الإمام أمير المؤمنين علي (صلوات الله عليه) كما يأتي عن ابن حجر في جواب السؤال الثامن. 30 ـ ولما انتصر جيش الدعوة العباسية، ودخل الكوفة، وبويع أبو العباس السفاح، تكلم داود بن علي بن عبد الله بن العباس ـ وهو على المنبر أسفل من أبي العباس السفاح بثلاث درجات ـ فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثم قال: "أيها الناس إنه والله ما كان بينكم وبين رسول الله- خليفة إلا علي بن أبي طالب، وأمير المؤمنين هذا الذي خلفي" (2). 31 ـ ولما أمر المأمون وهو في طريق الشام، فنودي بتحليل المتعة، دخل عليه أبو العيناء ومحمد بن منصور، وهو يستاك، ويقول وهو مغتاظ: "متعتان كانتا على عهد رسول الله- وعلى عهد أبي بكر وأنا أنهى عنهم! ومن أنت يا أحول حتى تنهى عما فعله النبي- وأبو بكر؟!" (3). ـــــــــــــــــــــــ (1) لسان الميزان 1: 387 في ترجمته. (2) تاريخ الطبري 4: 350 في (ذكر بقية الخبر عما كان من الأحداث في سنة اثنين وثلاثين ومائة: تمام الخبر عن سبب البيعة لأبي العباس عبدالله بن محمد بن علي...). (3) تاريخ بغداد 4: 199 في ترجمة يحيى بن أكثم. طبقات الحنابلة 1: 413 في ترجمة يحيى بن أكثم. تهذيب الكمال 31: 214 في ترجمة يحيى بن أكثم. تاريخ دمشق 64: 71 في ترجمة يحيى بن أكثم. -[ 124 ]- 32 ـ ودخل المهدي بن المنصور العباسي على أبي عون عبد الملك بن يزيد عائداً له في مرضه، فأعجبه ما رآه منه وسمعه. قال أبو جعفر الطبري: "وقال: أوصني بحاجتك، وسلني ما أردت، واحتكم في حياتك ومماتك... فشكر أبو عون ودع، وقال: يا أمير المؤمنين حاجتي أن ترضى عن عبد الله بن أبي عون، وتدعو به، فقد طالــت موجدتك عليه. قال: فقال: يا أبا عون: إنه على غير الطريق، وعلى خلاف رأينا ورأيك، إنه يقع في الشيخين أبي بكر وعمر، يسيء القول فيهم. قال: فقال أبو عون: هو والله يا أمير المؤمنين على الأمر الذي خرجنا عليه، ودعونا إليه. فإن كان قد بدا لكم فمرونا بما أحببتم، حتى نطيعكم" (1)... إلى غير ذلك مما يضيق المقام عن استقصائه.
عدل سابقا من قبل تراب أقدام المهدي في الإثنين يوليو 09, 2012 3:18 am عدل 1 مرات | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: تابع7(هل يسب الشيعة الصحابة؟)موقف القرآن من الصحابة الأحد يوليو 08, 2012 1:24 am | |
| موقف الكتاب المجيد من الصحابة عمومًا
والموقف المذكور هو المناسب لموقف الكتاب المجيد من الصحابة، فإنه لم يقطع لهم بالسلامة والنجاة، بل ولا بالعدالة، فضلاً عن التقديس، بل نبههم، ووعظهم، وحذرهم، وعتب عليهم، وأنّبهم، في مناسبات كثيرة، ومواضع من القرآن الشريف يجدها الناظر فيه.
قال عز من قائل: ((أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ)) (2).
وقال تعالى: ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ
ـــــــــــــــــــــــ
(1) تاريخ الطبري 4: 589 ـ 590 في ذكر بعض سير المهدي وأخباره، واللفظ له. تاريخ دمشق 37: 180ـ181 في ترجمة عبد الملك بن يزيد أبو عون الأزدي.
(2) سورة الحديد الآية: 16.
-[ 125 ]-
وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيل)) (1).
وقال سبحانه: ((وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ)) (2).
وقال جل شأنه: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ)) (3).
بل شدد النكير على ما وقع من بعضهم في كثير من الموارد.
قال تعالى: ((وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ * وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ * وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ* أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)) (4).
وقد صرح في كثير من الآيات بخروج بعضهم عـن مقتضى الإيمـان، قال عز من قائل: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُم أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْم
ـــــــــــــــــــــــ
(1) سورة النساء الآية: 77.
(2) سورة آل عمران الآية: 143.
(3) سورة الصف الآية: 2، 3.
(4) سورة النور الآية: 47 ـ 51.
-[ 126 ]-
َالظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍمِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ * وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُواْ أَهَـؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ)) (1).
وكما في سورة التوبة التي تميزت بالذم للمنافقين، وذكر مواقفهم المشينة، حتى سميت بالفاضحة (2).
وكذلك سورة آل عمران عند التعرض لمواقفهم وأقوالهم في غزوة أحد. وإذا كان قد صرح فيها بالعفو عن فرارهم، فقد نص فيها على أن منهم من يريد الدني، وأن منهم المنافقين الذين يظنون بالله ظن الجاهلية.
قال تعالى: ((حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ)) (3).
وقد سبق في حديث ابن مسعود: "ما كنت أرى أن أحداً من أصحاب رسول الله- يريد الدنيا حتى نزلت الآية" (4).
ـــــــــــــــــــــــ
(1) سورة المائدة الآية: 51 ـ 53.
(2) صحيح البخاري 4: 1852 كتاب التفسير: باب تفسير سورة الحشر. صحيح مسلم 4: 2322 كتاب التفسير: باب في سورة براءة والأنفال والحشر. سنن سعيد بن منصور 5: 232 باب تفسير سورة التوبة. تفسير ابن كثير 2: 368 في آخر الآية (64) من سورة التوبة [يحذر المنافقون أن تنزل...]. تفسير الطبري 10: 171 في آخر الآية (64) من سورة التوبة [يحذر المنافقون أن تنزل...]. تفسير القرطبي 8: 61 في تفسير سورة التوبة.
(3) سورة آل عمران الآية: 152.
(4) تفسير ابن كثير 1: 414 في تفسير قوله تعالى: [منكم من يريد الدني...] من سـورة آل عمران، في (الحديث عن معركة أحد)، واللفظ له. مجمع الزوائد 6: 327 ـ 328 كتاب التفسير: في تفسير الآية من سورة آل عمران. تفسير الطبري 4: 130 في تفسير الآية من سورة آل عمران. تفسير القرطبي 4: 237 في تفسير الآية من سورة آل عمران.
-[ 127 ]-
وقال سبحانه: ((ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا يَغْشَى طَآئِفَةً مِّنكُمْ وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَالْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ للهِ يُخْفُونَ فِي أَنفُسِهِم مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحص مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)) (1).
وكذا الحال في سورة الأحزاب التي استعرضت حالهم في حرب الخندق، وذكرت منهم أقساماً ثلاثة: المؤمنين الثابتين من أهل البصائر، الذين لم يغيروا ولم يبدلو، والمنافقين الذين يظهرون الإسلام، من دون أن يقروا به بقلوبهم، ومرضى القلوب الذين هم ضعاف الإيمان، يتأرجحون بين الهدى والزيغ، تبعاً للقوة الظاهرة، ويميلون مع كل ريح.
قال عز من قائل: ((وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا * مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيل)) (2).
وقال سبحانه وتعالى: ((إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَوَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيدًا * وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إلا غُرُورً)) (3).
ـــــــــــــــــــــــ
(1) سورة آل عمران الآية: 154.
(2) سورة الأحزاب الآية: 22 ـ 23.
(3) سورة الأحزاب الآية: 10ـ 12.
-[ 128 ]-
وحتى سورة الأنفال التي استعرضت واقعة بدر ـ حيث انتصر المسلمون نصراً فاصلاً قلب موقعهم في الصراع ـ قد نبههم الله تعالى فيها إلى أن ذلك النصر إنما جاء معجزة منه عزوجل ((لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ)) (1)، وأن وضع كثير من المسلمين النفسي، وتقصيرهم فيما ينبغي لهم، واهتماماتهم بالدعة والراحة وكسب المال، لا يناسب النصر الذي حصل، لولا عنايته جل شأنه.
قال عز من قائل: ((كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ*يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ * وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ* لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ * إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)) (2).
وقال سبحانه وتعالى: ((إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِوَلَـكِنَّ اللهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)) (3).
وقد استغلوا الرعب الذي ألقاه الله تعالى في قلوب المشركين، فبدلاً من أن يقتلوهم، ويثخنوا في الأرض، كان همّ كثير منهم الأسر، رغبة في الفداء والمال، حتى كان الأسرى سبعين والقتلى سبعين.
ومن طرائف ذلك ما كان من عبد الرحمن بن عوف، حيث كان قد
ـــــــــــــــــــــــ
(1) سورة الأنفال الآية: 42.
(2) سورة الأنفال الآية: 5 ـ10.
(3) سورة الأنفال الآية: 43.
-[ 129 ]-
غنم أدراع، فمرّ بأمية بن خلف وابنه علي، فقال له أمية: هل لك فيَّ؟ فأنا خير لك من هذه الأدراع التي معك. قال عبد الرحمن: "قلت: نعم ها الله ذ. قال: فطرحت الأدارع من يدي، وأخذت بيده ويد ابنه... فوالله إني لأقودهما إذ رآه بلال معي، وكان هو الذي يعذب بلال بمكة على ترك الإسلام، فيخرجه إلى رمضاء مكة إذا حميت، فيضجعه على ظهره، ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره، ثم يقول: لا تزال هكذا أو تفارق دين محمد، فيقول بلال: أحد أحد.
قال: فلما رآه قال: رأس الكفر أمية بن خلف، لا نجوت إن نج. قال: قلت: أي بلال، أبأسيري؟ قال: لا نجوت إن نج. قال: قلت: أتسمع يا ابن السوداء؟ قال: لا نجوت إن نج. قال: ثم صرخ بأعلى صوته: يا أنصار الله رأس الكفر أمية بن خلف، لا نجوت إن نج. قال: فأحاطوا بنا حتى جعلونا في مثل المسكة، وأنا أذب عنه. قال: فأخلف رجل السيف فضرب رجل ابنه، فوقع، وصاح أمية صيحة ما سمعت مثلها قط. قال: فقلت:انج بنفسك، ولا نجاء بك، فوالله ما أغني عنك شيئ. قال: فهبروهما بأسيافهم، حتى فرغوا منهم.
قال: فكان عبد الرحمن يقول: يرحم الله بلال. ذهبت أدراعي، وفجعني بأسيري" (1).
وفي لفظ البخاري: "إن عبد الرحمن قال: فلما كان في يوم بدر خرجت إلى جبل لأحرزه (أمية) حين نام الناس، فأبصره بلال، فخرج حتى وقف على مجلس من الأنصار، فقال: أمية بن خلف، لا نجوت إن
ـــــــــــــــــــــــ
(1) السيرة النبوية لابن هشام 3: 179 ـ 181 في (مقتل أمية بن خلف)، واللفظ له. تاريخ
الطبري 2: 35 في (ذكر وقعة بدر الكبرى). الثقات لابن حبان 1: 173ـ 174 في (ذكر السنة الثانية من الهجرة).
-[ 130 ]-
نجا أمية. فخرج معه فريق من الأنصار في آثارن، فلما خشيت أن يلحقونا خلفت لهم ابنه لأشغلهم، فقتلوه، ثم أبوا حتى يتبعون، وكان رجلاً ثقيل، فلما أدركونا قلت له: ابرك. فبرك، فألقيت عليه نفسي لأمنعه، فتخللوه بالسيوف من تحتي حتى قتلوه، وأصاب أحدهم رجلي بسيفه..." (1).
وقد ظهر ذلك من المسلمين في المعركة، حتى رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الكراهية في وجه سعد بن معاذ، فقال له: لكأنك تكره ما يصنع الناس؟ فقال: أجل يا رسول الله. كانت هذه أول وقعة أوقعها الله بأهل الشرك، فكان الإثخان في القتل أعجب إليَّ من استبقاء الرجال (2).
وقد أنَّبهم الله تعالى على ذلك في قوله سبحانه: ((مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ في الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)) (3).
وقد ضرب الله تعالى لهم ولجميع المسلمين الأمثال، وذكر لهم مواقف الأمم السابقة ـ خصوصاً بني إسرائيل ـ حين خالفوا أنبياءهم، وآذوهم، واختلفوا من بعدهم من بعد ما جاءهم العلم في آيات كثيرة.
كقوله تعالى: ((وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِمَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللهُ
ـــــــــــــــــــــــ
(1) صحيح البخاري 2: 807 كتاب الوكالة: باب إذا وكل المسلم حربياً في دار الحرب أو في دار الإسلام جاز.
(2) الثقات لابن حبان 1: 169 في (ذكر السنة الثانية من الهجرة)، واللفظ له. السيرة النبوية لابن هشام 3: 176 في (رمي الرسول المشركين بالحصباء). تاريخ الطبري 2: 34 في (ذكر وقعة بدر الكبرى).
(3) سورة الأنفال الآية:67ـ 68.
-[ 131 ]-
يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)) (1).
ثم حذَّرهم من صنيعهم، فقال عز وجل: ((وَلاَتَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)) (2).
وقال جل شأنه: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللهِ وَجِيهً)) (3).
وقال سبحانه: ((وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدً)) (4).
وقال عز من قائل: ((إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينً)) (5).
وأشار سبحانه إلى معاناة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) منهم في قوله: ((يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُم بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)) (6).
وقوله تعالى: ((وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ
ـــــــــــــــــــــــ
(1) سورة البقرة الآية:213.
(2) سورة آل عمران الآية: 105ـ 107.
(3) سورة الأحزاب الآية:69.
(4) سورة الأحزاب الآية:53.
(5) سورة الأحزاب الآية:57.
(6) سورة الحجرات الآية:17.
-[ 132 ]-
الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ)) (1).
وقوله جلت آلاؤه: ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاؤُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَاجَوْا بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)) (2).
وقد هون الله تعالى على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أمرهم وعزّاه بقوله: ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ...)) (3).
كما حذرهم الله تعالى الفتنة إن آذوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وخالفوه، فقال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)) (4).
وقال عون بن قتادة: "حدثني الزبير بن العوام. قال: لقد حذرنا رسول الله0 فتنة لم نر أنا نخلق له. ثم قرأ: ((وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً)) فقرأناها زمان، فإذا نحن المعنيون به. قال: فحيث
ـــــــــــــــــــــــ
(1) سورة الحجرات الآية:7.
(2) سورة المجادلة الآية:8 ـ 9.
(3) سورة المائدة الآية:41.
(4) سورة الأنفال الآية:24 ـ 25.
-[ 133 ]-
كان هذا فلِمَ خرجتم؟ قال: ويحك، نحن نعلم، ولكن لا نصبر" (1).
وقال عز وجل: ((لا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) (2).
ثم لم يكتف بذلك حتى وعدهم الفتنة صريح، فقال سبحانه: ((أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لايُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)) (3).
وقال جل شأنه: ((أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ اللهُ أَضْغَانَهُمْ * وَلَوْ نَشَاء لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ * وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ)) (4).
وقد أشعرهم بضعفهم عن الامتحان وبخلهم بالمال ـ فضلاً عن غيره ـ في قضية النجوى، حين أمرهم بتقديم الصدقة إذا أرادوا مناجاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فامتنعوا عن مناجاته إلا الإمام أمير المؤمنين علي (صلوات الله عليه) (5)، وعتب عليهم في ذلك.
ـــــــــــــــــــــــ
(1) السنن الواردة في الفتن 1: 204 باب: قول الله عزوجل [وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً]، واللفظ له. تفسير ابن كثير 2: 300 في تفسير الآية.
(2) سورة النور الآية:63.
(3) سورة العنكبوت الآية:2 ـ 3.
(4) سورة محمد الآية:29 ـ 31.
(5) المستدرك على الصحيحين 2: 524 كتاب التفسير: في تفسير سورة المجادلة. تفسير ابن كثير 4: 328 في تفسير آية النجوى من سورة المجادلة الآية (12). تفسير القرطبي 17: 302 في تفسير آية النجوى من سورة المجادلة الآية (12).
-[ 134 ]-
قال عز وجل: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ* أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُواوَتَابَ اللهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)) (1).
بل صرح ببخلهم وهددهم في قوله عز وجل: ((إِنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ * إِن يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ * هَاأَنتُمْ هَؤُلاء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ)) (2).
وعرّض لهم بالانقلاب والردة، وسوء السيرة، فقال تعالى: ((وَمَا مُحَمَّدٌإِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّاللهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ)) (3).
وقال سبحانه: ((وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَالْخُسْرَانُ الْمُبِينُ)) (4).
وقال عز من قائل: ((فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ
ـــــــــــــــــــــــ
(1) سورة المجادلة الآية:12ـ 13.
(2) سورة محمد الآية:36ـ 38.
(3) سورة آل عمران الآية:144.
(4) سورة الحج الآية:11.
-[ 135 ]-
وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ)) (1).
ولم يكتف بذلك بل صرح بأن فيهم الطيب والخبيث وأنهم سيكشفون ويميزون، ولا يبقى الأمر مشتبه، فقال عز اسمه: ((ما كَانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاء)) (2).
ومن الطبيعي أن المراد بذلك غير من عرف بالنفاق وتميز به قبــل نزول الآية الشريفة.
ثم نبَّه إلى قلة الصالحين عموماً في قوله جل شأنه: ((وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ)) (3).
وقوله عز وجل: ((ثُلَّةٌ مِّنَ الأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ)) (4) وغيرهم.
كما نبه إلى قلة الثابتين في شدة المحنة من المسلمين في قوله سبحانه: ((وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتً)) (5).
وقد كثر في الكتاب العزيز الحديث عن المنافقين ومرضى القلوب، والتبكيت والذم لهم، والإنكار عليهم، وإنذارهم بالعذاب الشديد، وخزي الدنيا وعذاب الآخرة. ووضوح ذلك يغني عن استطراده.
ـــــــــــــــــــــــ
(1) سورة محمد الآية: 22 ـ 23.
(2) سورة آل عمران الآية:179.
(3) سورة سبأ الآية:13.
(4) سورة الواقعة الآية:13ـ 14.
(5) سورة النساء الآية:66.
عدل سابقا من قبل تراب أقدام المهدي في الإثنين يوليو 09, 2012 3:28 am عدل 2 مرات | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: تابع8(هل يسب الشيعة الصحابة؟) الأحد يوليو 08, 2012 1:47 am | |
| -[ 136 ]- موقف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من الصحابة عموماُ أما الأحاديث المروية عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فهي لا تقصر عن ذلك. فقد ورد عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أن خاطبهم بقوله: "لتتبعنَّ سنن من كان من قبلكم شبر بشبر وذراع بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم. قلنا يارسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟!" (1). وعلى هذا يجري قول حذيفة: "لتركبن سنة بني إسرائيل حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة، غير أني لا أدري تعبدون العجل أم لا" (2). وفي موطأ مالك: "وحدثني عن مالك، عن أبي النضر مولى عمر ابن عبيد الله، أنه بلغه أن رسول الله- قال لشهداء أحد: هؤلاء أشهد عليهم، فقال أبو بكر الصديق: ألسنا يا رسول الله بإخوانهم، أسلمنا كما أسلمو، وجاهدنا كما جاهدو. فقال رسول الله-: بلى، ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي. فبكى أبو بكر، ثم بكى. ثم قال: أئنا لكائنون بعدك؟!" (3). ـــــــــــــــــــــــ (1) صحيح البخاري 6: 2669 كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة: باب قول النبي- لتتبعن سنن من كان قبلكم، واللفظ له، 3: 1274 كتاب الأنبياء: باب ما ذكر عن بني إسرائيل. سنن ابن ماجة 2: 1322 كتاب الفتن: باب افتراق الأمم. مجمع الزوائد 7: 261 كتاب الفتن: باب منه في اتباع سنن من مضى. المستدرك على الصحيحين 1: 93 كتاب الإيمان. صحيح ابن حبان 15: 95 باب إخباره عما يكون في أمته من الفتن والحوادث في (ذكر البيان بأن قوله: سنن من قبلكم، أراد به أهل الكتابين). مسند أحمد 2: (327، 511) مسند أبي هريرة (رضي الله عنه) ، 3: 89 مسند أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه). مسند الطيالسي 2: 289 في (ما روى أبو سعيد الخدري عن النبي-) فيما رواه (عطاء ابن يسار عن أبي سعيد (رضي الله عنه) ). (2) مصنف ابن أبي شيبة 7: 481 كتاب الفتن: من كره الخروج في الفتنة وتعوذ عنه. (3) موطأ مالك 2: 461 كتاب الجهاد: باب الشهداء في سبيل الله، واللفظ له. التمهيد لابن عبد البر 21: 228. -[ 137 ]- بل في حديث الحسن: "أن النبي- قام على أهل البقيع، فقال: السلام عليكم يا أهل القبور من المؤمنين والمسلمين. لو تعلمون [م.ظ] نجاكم الله منه مما هو كائن بعدكم. ثم نظر إلى أصحابه، فقال: هؤلاء خير منكم. قالوا: يا رسول الله، وما يجعلهم خيراً من؟ قد أسلمنا كما أسلموا وهاجرنا كما هاجرو، وأنفقنا كما أنفقو، فما يجعلهم خيراً من؟ قال: إن هؤلاء مضوا لم يأكلوا من أجورهم شيئ، وشهدت عليهم. وإنكم قد أكلتم من أجوركم بعدهم، ولا أدري كيف تفعلون بعدي" (1). كما ورد عنه8 إخطارهم بالفتن المقبلة عليهم. ففي حديث أسامة بن زيد قال: "أشرف النبي- على أطم من آطام المدينة، ثم قال: هل ترون ما أرى؟. إني أرى مواقع الفتن خلال بيوتكم كمواقع القطر" (2). وعن عبد الله بن عمر أنه قال: "خرج رسول الله- من بيت عائشة فقال: رأس الكفر من ههن، من حيث يطلع قرن الشيطان" (3). وعنه أيضاً أنه قال: "استند النبي- إلى حجرة عائشة، فقال: إن الفتنة ههن، إن الفتنة ههن، من حيث يطلع قرن الشيطان" (4). وعنه أيضاً: "أنه سمع رسول الله- وهو مستقبل المنبر وهو يقول: ألا أن الفتنة ههنا مرتين من حيث يطلع قرن الشيطان" (5). ـــــــــــــــــــــــ (1) تاريخ المدينة المنورة 1: 94، واللفظ له. الزهد لابن مبارك: 171. المصنف لعبد الرزاق 3: 575 كتاب الجنائز: باب التسليم على القبور. تفسير الثعالبي 4: 154. (2) صحيح البخاري 2: 871 كتاب المظالم: باب إماطة الأذى، واللفظ له. صحيح مسلم 4: 2211 كتاب الفتن وأشراط الساعة: باب نزول الفتن كمواقع القطر. المستدرك على الصحيحين 4: 553 كتاب الفتن والملاحم. مسند أحمد 5: 200 حديث أسامة ابن زيد. وغيره. (3) مسند أحمد 2: 23، ومثله ما في: 26 في (مسند عبدالله بن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) ). (4) السنن الواردة في الفتن 1: 245 باب قول النبي-: الفتنة من قبل الشرق. (5) فوائد الليث بن سعد: 70 الحديث الحادي عشر. -[ 138 ]- وعن نافع عن عبدالله قال: "قام النبي- خطيب، فأشار نحو مسكن عائشة فقال: هنا الفتنة ثلاثاً من حيث يطلع قرن الشيطان" (1). وفي الحديث المشهور عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قال لنسائه: "ليت شعرى أيتكن صاحبة الجمل الأدبب، تخرج فينبحها كلاب الحوأب، يقتل عن يمينها وعن يسارها قتلى كثير..." (2). وعن أبي مويهبة مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ذهب إلى البقيع، فلما وقف على أهل البقيع قال: "السلام عليكم يا أهل المقابر، ليهن لكم ما أصبحتم فيه مما أصبح فيه الناس، لو تعلمون ما نجاكم الله منه. أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم، يتبع أولها آخره. الآخرة شرّ من الأولى" (3). وفي حديث كعب بن عجرة الأنصاري قال: "خرج علينا رسول الله- ونحن في المسجد، أنا تاسع تسعة، فقال لنا: أتسمعون هل تسمعون ـ ثلاث مرار ـ إنها ستكون عليكم أئمة، فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فلست منه، وليس مني، ولا يرد علي الحوض يوم القيامة، ومن دخل عليهم ولم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه، وسيرد علي الحوض يوم القيامة" (4)، ـــــــــــــــــــــــ (1) صحيح البخاري 3: 1130 باب ما جاء في بيوت أزواج النبي: من أبواب الخمس. (2) مجمع الزوائد 7: 234، فتح الباري 13: 45 وقال فيهما: (رواه البزاز ورجاله ثقات)، والحديث مذكور بألسنة متقاربة في مصادر كثيرة. لمزيد من الاطلاع راجع كتاب الغدير في الكتاب والسنة والأدب 3: 188ـ 191. (3) مسند أحمد 3: 489 في حديث أبي مويهبة مولى رسول الله -، واللفظ له. المستدرك على الصحيحين 3: 57 كتاب المغازي والسراي. مجمع الزوائد 9: 24 كتاب علامات النبوة: باب تخييره بين الدنيا والآخرة. المعجم الكبير 22: 346 في (من يكنى أبو مويهبة: أبو مويهبة مولى رسول الله-). وقريب منه ما في سنن الدارمي 1: 50 باب: وفاة النبي-، والطبقات الكبرى 2: 204 في (ذكر خروج رسول الله- إلى البقيع واستغفاره لأهله والشهداء). (4) السنن الكبرى للبيهقي 8: 165 كتاب قتال أهل البغي: جماع أبواب الرعاة باب ما على الرجل -[ 139 ]- ونحوه غيره (1). وفي حديث أبي مريم: "سمعت عمار بن ياسر يقول: يا أبا موسى... أنشدك الله أليس إنما عناك رسول الله- بنفسك فقال: إنها ستكون فتنة في أمتي أنت يا أبا موسى فيها نائم خير منك قاعد، وقاعد خير منك قائم، وقائم خير منك ماش، فخصك رسول الله- ولم يعم الناس. فخرج أبو موسى، ولم يرد عليه شيئاً" (2). وفي حديث حذيفة: "قال: كنا مع النبي- فقال: أحصوا كل من تلفظ بالإسلام. قال: قلنا: يا رسول الله تخاف علينا ونحن ما بين الستمائة إلى السبعمائة؟ قال: إنكم لا تدرون لعلكم أن تبتلو. قال: فابتلينا حتى ـــــــــــــــــــــــ من حفظ اللسان عند السلطان وغيره. مجمع الزوائد 5: 247 كتاب الخلافة: باب فيمن يصدق الأمراء بكذبهم ويعينهم على ظلمهم. المعجم الكبير 19: 141 فيما رواه عامر الشعبي عن كعب بن عجرة. شعب الإيمان 7: 46 السادس والستون من شعب الإيمان وهو باب في مباعدة الكفار والمفسدين والغلظة عليهم فصل ومن هذا الباب مجانبة الظلمة. (1) السنن الكبرى للبيهقي 8: 165 كتاب قتال أهل البغي: جماع أبواب الرعاة باب ما على الرجل من حفظ اللسان عند السلطان وغيره. سنن الترمذي 4: 525 كتاب الفتن عن رسول الله-: في باب لم يعنونه برقم (72). المستدرك على الصحيحين 1: 151 كتاب الإيمان. صحيح ابن حبان 1: 513 كتاب البر والإحسان: باب الصدق والأمر المعروف والنهي عن المنكر: ذكر البيان بأن المرء يرد في القيامة الحوض على المصطفى- بقوله الحق عند الأئمة في الدني، 1: 517 ذكر الأخبار عن نفي الورود على الحوض يوم القيامة عن من صدق الأمراء بكذبهم، ذكر نفي الورود على حوض المصطفى- عن من أعان الأمراء على ظلمهم أو صدقهم في كذبهم، 1: 519 ذكر الزجر عن أن يصدق المرء الأمراء على كذبهم أو يعينهم على ظلمهم. مسند أحمد 4: 243 حديث كعب بن عجرة (رضي الله عنه). المعجم الكبير 19: 134، 135 فيما رواه عاصم العدوي عن كعب بن عجرة، 19: 141 فيما رواه عامر الشعبي عن كعب بن عجرة. (2) مجمع الزوائد 7: 246 كتاب الفتن: باب في الحكمين، واللفظ له. الكامل في الضعفاء 5: 186 في ترجمة علي بن الحزور. تاريخ دمشق 32: 92 في ترجمة عبدالله بن قيس ابن سليم (أبو موسى الأشعري). -[ 140 ]- جعل الرجل منا ما يصلي إلا سرّاً" (1). ولابد أن يريد التستر بالصلاة التامة التي كانت على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). وإلا فالصلاة كانت تقام علن. ويناسب ذلك ما تقدم عن أنس من أنهم ضيعوا من الصلاة ما ضيعو، وما عن أبي موسى الأشعري من أنهم تركوا الصلاة التي كانوا يصلونها مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نسياناً أو عمد. وقد صرح (صلى الله عليه وآله وسلم) بهلاك بعضهم أو نفاقه أو خروجه عن الطريق، مثل ما تقدم من أن قاتل عمار وسالبه في النار (2)، وما ورد من أنه تقتله الفئة الباغية (3)، بل في بعض طرقه انه يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار (4). وأمره (صلى الله عليه وآله وسلم) بقتل معاوية إذا رأوه على منبره، أو على المنبر، أو على الأعواد (5). ـــــــــــــــــــــــ (1) مصنف ابن أبي شيبة 7: 468 كتاب الفتن: باب من كره الخروج في الفتنة وتعوذ عنه، واللفظ له. صحيح ابن حبان 14: 171 كتاب التاريخ: ذكر إحصاء المصطفى- من كان تلفظ بالإسلام في أول الإسلام. السنن الكبرى للنسائي 5: 276 حفظ الإمام الرعية وحسن نظره لهم. الإيمان لابن منده 1: 536 ذكر خبر يدل على ما تقدم من ابتداء الإسلام. (2) الطبقات الكبرى 3: 261 في ذكر (ومن حلفاء بني مخزوم (عمار بن ياسر". المستدرك على الصحيحين 3: 437 كتاب معرفة الصحابة: في (ذكر مناقب عمار بن ياسر (رضي الله عنه) ). سير أعلام النبلاء 1: 425، 426 في ترجمة عمار بن ياسر. الإصابة 7: 312 في ترجمة أبي الغادية الجهني. مجمع الزوائد 7: 244 كتاب الفتن: باب فيما كان بينهم في صفين. مسند أحمد 4: 198 في (حديث عمرو بن العاص عن النبي-). (3) صحيح البخاري 1: 172 كتاب الصلاة: أبواب المساجد، باب التعاون في بناء المسجد، 3: 1035 كتاب الجهاد والسير: باب مسح الغبار عن الناس في السبيل. صحيح مسلم 4: 2236 كتاب الفتن وأشراط الساعة: باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل.... ومصادر أخرى كثيرة. (4) مسند أحمد 3: 91 واللفظ له، صحيح البخاري 3: 207 باب مسح الغبار عن الناس، صحيح ابن حبان 15: 554 وغيرها من المصادر الكثيرة. (5) سير أعلام النبلاء 3: 149 في ترجمة معاوية، 6: 105 في ترجمة عمرو بن عبيد. تهذيب التهذيب 2: 368 في ترجمة الحكم بن ظهير الفزاري، 5: 95 في ترجمة عباد بن يعقوب، 8: 64 في ترجمة -[ 141 ]- وإخباره (صلى الله عليه وآله وسلم) بأنه يلحد بمكة كبش من قريش، اسمه عبد الله، عليه مثل نصف أوزار الناس. أو يحلها ويحل به رجل من قريش، لو وزنت ذنوبه بذنوب الثقلين لوزنته، ونحو ذلك (1). وأمره (صلى الله عليه وآله وسلم) بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين (2). ومنه ما عن محنف بن سليم قال: "أتينا أبا أيوب الأنصاري، وهو يعلف خيلاً له بصنعاء، فقِلنا عنده، فقلت له: يا أبا أيوب قاتلت المشركين مع رسول الله، ثم جئت تقاتل المسلمين. قال: كان رسول الله- أمرني بقتال ثلاثة: الناكثين والقاسطين والمارقين. فقد قاتلت الناكثين، وقاتلت القاسطين، وأنا مقاتل إن شاء الله المارقين بالسعفات بالطرقات بالنهروانات. وما أدري أين هم" (3). ـــــــــــــــــــــــ عمرو بن عبيد، 7: 284 في ترجمة علي بن زيد بن جدعان. الكامل في الضعفاء 2: 146 في ترجمة جعفر بن سليمان الضبعي، 2: 209 في ترجمة الحكم بن ظهير، 5: 98، 101، 103 في ترجمة عمرو بن عبيد بن باب، 5: 200 في ترجمة علي بن زيد بن جدعان، 5: 314 في ترجمة عبد الرزاق بن همام، 6: 422 في ترجمة مجالد بن سعيد بن عمير، 7: 83 في ترجمة الوليد ابن القاسم ابن الوليد. المجروحين لابن حبان 1: 162 في ترجمة أحمد بن محمد ابن مصعب، 1: 250 في ترجمة الحكم بن ظهير، 2: 172 في ترجمة عباد بن يعقوب. الضعفاء للعقيلي 3: 280 في ترجمة عمرو بن عبيد بن باب. العلل ومعرفة الرجال 1: 406. تاريخ دمشق 59: 155، 156، 157 في ترجمة معاوية بن صخر أبي سفيان. (1) مجمع الزوائد 3: 284، 285 كتاب الحج: باب في حرم مكة والنهي عن استحلاله، واللفظ له. تاريخ دمشق 28: 218، 219 في ترجمة عبدالله بن الزبير. (2) المستدرك على الصحيحين 3: 150 كتاب معرفة الصحابة في ذكر إسلام أمير المؤمنين علي (رضي الله عنه). مجمع الزوائد 5: 186 كتاب الخلافة: باب الخلفاء الأربعة، 7: 238 كتاب الفتن: باب فيما كان بينهم في صفين. مسند أبي يعلى 1: 379 في مسند علي بن أبي طالب (رضي الله عنه). مسند البزار 2: 215 فيما روى علقمة بن قيس عن علي، 3: 27 فيما روى علي بن ربيعة الأسدي عن علي بن أبي طالب. مسند الشاشي 2: 342 فيما روى علقمة بن قيس عن عبدالله بن مسعود. المعجم الكبير 10: 91 فيما رواه علقمة ابن قيس عن عبدالله بن مسعود. (3) مجمع الزوائد 6: 235 كتاب قتال أهل البغي: باب ما جاء في ذي الثدية وأهل النهروان، واللفظ -[ 142 ]- وعن جبير بن مطعم: "قلت: يا رسول الله إنهم يزعمون أنه ليس لنا أجر بمكة. فقال: لتأتينكم أجوركم ولو كنتم في جحر ثعلب. قال: فأصغى إليَّ رسول الله- فقال: إن في أصحابي منافقين" (1). وعن أبي مسعود قال: "خطبنا رسول الله- فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن فيكم منافقين، فمن سميت فليقم. ثم قال: قم يا فلان، قم يا فلان، قم يا فلان، حتى سمى ستة وثلاثين رجل. ثم قال: إن فيكم أو منكم فاتقوا الله..." (2). وروى مسلم بسنده عن حذيفة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: "في أصحابي اثنا عشر منافق، فيهم ثمانية لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط..." (3). وروى مسلم أيضاً أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: "مثلي كمثل رجل استوقد نار، فلما أضاءت ما حولها جعل الفراش وهذه الدواب التي في النار يقعن فيه، وجعل يحجزهن، ويغلبنه فيقتحمن فيه. قال: فذلكم مثلي ومثلكم. أنا آخذ بحجزكم عن النار، هلمّ عن النار، هلمّ عن النار، ـــــــــــــــــــــــ له. المعجم الكبير 4: 172 فيما روى (محنف بن سليم عن أبي أيوب) فيما روى (خالد بن زيد أبي أيوب الأنصاري). الكامل في الضعفاء 2: 187 في ترجمة الحارث بن حصيرة الأزدي. (1) مجمع الزوائد 5: 252 كتاب الجهاد: باب هجرة الباثة والبادية، واللفظ له. مسند أحمد 4: 83 في (حديث جبير بن مطعم (رضي الله عنه) ). مسند الطيالسي 2: 128 في (أحاديث جبير بن مطعم). (2) مسند أحمد 5: 273 في (حديث أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري (رضي الله عنه) )، واللفظ له. مسند عبد بن حميد: 106 في (مسند أبي مسعود الأنصاري (رضي الله عنه) ). المعجم الكبير 17: 246 في (حديث عياض بن عياض عن أبي مسعود). إلا أن فيهما بدل (فاتقوا الله) (فسلوا الله العافية). (3) صحيح مسلم 4: 2143 كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، واللفظ له. السنن الكبرى للبيهقي 8: 198 كتاب المرتد: باب ما يحرم به الدم من الإسلام زنديقاً كان أو غيره. مسند أحمد 5: 390 حديث حذيفة بن اليمان. وغيره. -[ 143 ]- فتغلبوني تقحمون فيها" (1). ومثله ما عن جابر أنه قال: " قال رسول الله-: مثلي ومثلكم كمثل رجل أوقد نار، فجعل الجنادب والفراش يقعن فيه، وهو يذبهن عنه، وأنا آخذ بحجزكم عن النار، وأنتم تفلتون من يدي" (2). وفي حديث الزبير بن العوام أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: "ثم دبّ إليكم داء الأمم قبلكم: الحسد والبغضاء. والبغضاء هي الحالقة. حالقة الدين، لا حالقة الشعر. والذي نفس محمد بيده لا تؤمنوا حتى تحابو..." (3). وفي حديث أم سلمة: "قال النبي-: من أصحابي من لا أراه ولا يراني بعد أن أموت أبداً" (4). وفي حديث عقبة: "أن النبي- خرج يوماً فصلى على أهل أحد ـــــــــــــــــــــــ (1) صحيح مسلم 4: 1789 كتاب الفضائل: باب شفقته على أمته ومبالغته في تحذيرهم مما يضرهم، واللفظ له. صحيح البخاري 5: 2379 كتاب الرقاق: باب الانتهاء عن المعاصي. مسند أحمد 2: 312 في مسند أبي هريرة (رضي الله عنه). (2) صحيح مسلم 4: 1790 كتاب الفضائل: باب شفقته على أمته ومبالغته في تحذيرهم مما يضرهم. تفسير القرطبي 20: 165. الترغيب والترهيب 4: 245 كتاب صفة الجنة والنار: الترغيب في سؤال الجنة والاستعاذة من النار. (3) مسند أحمد 1: 164 مسند الزبير بن العوام (رضي الله عنه)، واللفظ له. سنن الترمذي 4: 663، 664 كتاب صفة القيامة والرقائق والورع عن رسول الله0: في باب لم يعنونه. مجمع الزوائد 8: 30 كتاب الأدب: باب ما جاء في السلام وإفشائه. السنن الكبرى للبيهقي 10: 232 كتاب الشهادات: جماع أبواب من تجوز شهادته ومن لا تجوز من الأحرار البالغين العاقلين المسلمين: باب شهادة أهل العصبية. مسند البزار 6: 192 فيما رواه يعيش بن الوليد مولى ابن الزبير عنه. مسند الشاشي 1: 114. مسند الطيالسي 1: 27 في أحاديث الزبير بن العوام. وغيرها من المصادر الكثيرة. (4) مسند أحمد 6: 298، 312 في (حديث أم سلمة زوج النبي- )، واللفظ له. مجمع الزوائد 1: 112 كتاب الإيمان: باب منه في المنافقين. المعجم الكبير 23: 317 في (ومن روى عن أم سلمة من أهل الكوفة: مسروق بن الأجدع عن أم سلمة). الاستيعاب 2: 390 في ترجمة عبد الرحمن بن عوف، واقتصر في بعضها على قوله: (من لا يراني). -[ 144 ]- صلاته على الميت، ثم انصرف على المنبر، فقال: إني فرط لكم، وأنا شهيد عليكم، وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن، وإني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض، أو مفاتيح الأرض. وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي، ولكن أخاف عليكم أن تنافسوا فيها" (1). وفي حديث أنس قال: "قال رسول الله-: ليردن علي الحوض رجلان مِمَن قد صحبني، فإذا رأيتهما رفعا لي اختلجا دوني" (2). وفي حديث إياس عن أبيه قال: "عدنا مع رسول الله - رجلاً موعوكاً قال: فوضعت يدي عليه، فقلت: والله ما رأيت كاليوم رجلاً أشد حرّ. فقال نبي الله -: ألا أخبركم بأشد حرّاً منه يوم القيامة؟ هذينك الرجلين الراكبين المقـفيين. لرجلين حينئذٍ من أصحابه" (3). وفي حديث أبي سعيد الخدري: "سمعت رسول الله- يقول: ما بال رجال يقولون: إن رحم رسول الله- لاينفع قومه؟! بلى والله، إن رحمي موصولة في الدنيا والآخرة. وإني أيها الناس فرطكم على الحوض، ـــــــــــــــــــــــ (1) صحيح البخاري 5: 2408 كتاب الرقاق: باب في الحوض، واللفظ له. صحيح مسلم 4: 1795 كتاب الفضائل: باب اتبات حوض نبينا- وصفاته. السنن الكبرى للبيهقي 4: 14 جماع أبواب الشهيد ومن يصلي عليه. باب ذكر رواية من روى أنه صلى عليهم بعد ثمان.... مسند أحمد 4: 149 حديث عقبة بن عامر الجهني عن النبي-. صحيح ابن حيان 8: 18 كتاب الزكاة: باب جمع المال من حله وما يتعلق بذلك: ذكر الإخبار بأن النتافس في هذه الدنيا الفانية.... مسند الروياني 1: 157 مسند مرثد بن عبدالله. سير أعلام النبلاء 6: 33 في ترجمة يزيد بن أبي حبيب. وغيره. (2) مسند أحمد 3: 140 في (مسند أنس بن مالك). (3) صحيح مسلم 4: 2146 كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، واللفظ له. المستدرك على الصحيحين 4: 651 كتاب الأهوال. السنن الكبرى للبيهقي 8: 198 كتاب المرتد: باب ما يحرم به الدم من الإسلام زنديقاً كان أو غيره. المعجم الكبير 7: 19 فيما رواه إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه: عكرمة بن عمار عن إياس بن سلمة عن أبيه. -[ 145 ]- فإذا جئتم قال رجل: يا رسول الله أنا فلان بن فلان، وقال الآخر: أنا فلان بن فلان. فأقول: فأما النسب فقد عرفته، ولكنكم أحدثتم بعدي، وارتددتم القهقرى" (1). وفي حديث أبي هريرة عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): "قال: يرد عليّ يوم القيامة رهط من أصحابي، فيجلون عن الحوض، فأقول: يا رب أصحابي، فيقول: إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك، إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى" (2). وفي حديثه الآخر عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): "بينا أنا قائم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم، فقال: هلم. فقلت: أين؟ قال: إلى النار والله. قلت: وما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى. ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم. فقال: هلم. قلت: أين؟ قال: إلى النار والله. قلت: ما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا من بعدك على أدبارهم القهقرى، فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم" (3). وفي حديث جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: "أخرج رسول الله- أناساً من المسجد، وقال: لا ترقدوا في مسجدي هذ. قال: فخرج ـــــــــــــــــــــــ (1) مجمع الزوائد 10: 364 كتاب البعث: باب ما جاء في حوض النبي-، واللفظ له. مسند أبي يعلى 2: 433 في مسند أبي سعيد الخدري. مسند عبد بن حميد 1: 304 (من مسند أبي سعيد الخدري). فتح الباري 11: 386. (2) صحيح البخاري 5: 2407 كتاب الرقاق: باب في الحوض، واللفظ له. تفسير القرطبي 4: 168. مسند عمر بن الخطاب: 86. تغليق التعليق 5: 186 كتاب الرقاق: باب في الحوض. (3) صحيح البخاري 5: 2404، 2406، 2407، 2408 كتاب الرقاق: باب في الحوض. قال في لسان العرب، وفي حديث الحوض: (فلا يخلص منهم إلا مثل همل النعم. الهمل ضوال الإبل واحدها هامل. أي أن الناجي منهم قليل في قلة النعم الضالة). -[ 146 ]- الناس، وخرج علي (رضي الله عنه). فقال لعلي (رضي الله عنه): [ارجع.ظ] فقد أحل لك فيه ما أحل لي. كأني بك تذودهم على الحوض، وفي يدك عصى عوسج" (1). إلى غير ذلك من أحاديث الحوض الكثيرة المثبتة في مصادر الحديث المعروفة. هذا قليل من كثير نقتصر عليه، لضيق المجال. ولم نتعرض لأدلة الشيعة على دعواهم، وما تفرضه عليهم من مواقف، لأنا لسنا بصدد ذلك. وعلى كل مسلم يبغي رضى الله تعالى، ويخشى غضبه وأليم عقابه، أن يستكمل الفحص، ويرتاد لنفسه، ليأمن عليها من النار. ((وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)) (2). وإذا علم الله تعالى منه الجد والإخلاص كان في عونه، وهداه سواء السبيل ((وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)) (3).
التنبيه لمقتضى الطبيعة البشرية في الصحابة على أن ذلك هو مقتضى الوضع الطبيعي، فإن الصحابة بشر تتقاذفه دواعي الخير والشر، وتعترك في نفسه نوازعهم. كما أنهم عاشوا أكثر حياتهم أو كثيراً منها في الجاهلية، وتجذرت فيهم مفاهيمها وعاداته. والإسلام ـ كسائر الدعوات الإصلاحية ـ لا يفترض فيه أن يبدل طبايعهم، ويصفي نفوسهم. ولاسيما وأن كثيراً منهم قد دخل الإسلام رغبة أو رهبة، لا عن قناعة مسبقة، وبصيرة كاملة، حتى احتاج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ـــــــــــــــــــــــ (1) تاريخ المدينة المنورة 1: 38، واللفظ له، تاريخ دمشق 42: 140. (2) سورة العنكبوت الآية: 6. (3) سورة العنكبوت الآية: 69. -[ 147 ]- إلى تأليفهم بالمال، وحسن الخلق، وجميل المخالطة، والتسامح عن الأخطاء. كما قال عز من قائل: ((فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ)) (1). بل حتى من دخل في الإسلام عن قناعة وبصيرة لا يفترض فيه الثبات والاستقامة أمام المغريات الكثيرة، والفتن المتلاحقة، ونوازع النفس الأمارة بالسوء، ونزغات الشيطان الرجيم. ولنا أعظم عبرة في ذلك السامري ـ في أصحاب موسى (على نبينا وآله وعليه الصلاة والسلام) ـ الذي بلغ من شأنه أن: ((قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي)) (2). وبلعم بن باعور الذي فسر به قوله تعالى: ((وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)) (3). وسنة الله تعالى في خلقه واحدة ((وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيل)) (4). ونعوذ بالله تعالى من مضلات الفتن، والنكوص على الأعقاب، فلا عاصم إلا الله، وهو أرحم الراحمين. ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة آل عمران الآية:159. (2) سورة طه الآية: 96. (3) سورة الأعراف الآية:175ـ 176. (4) سورة الفتح الآية:23. -[ 148 ]- وقد طرق هذا الموضوع جماعة من الشيعة والسنة، ولا يسعنا فعلاً استقصاء ما ذكروه. غير أنه لا بأس بالاطلاع على حديث لبعض أعلام القرن السابع ذكره ابن أبي الحديد (1) لا يخلو عن فوائد في هذا الموضوع. وإن كنا لا نتعهد بجميع ما ورد فيه.
عدل سابقا من قبل تراب أقدام المهدي في الإثنين يوليو 09, 2012 3:26 am عدل 1 مرات | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: تابع9(هل يسب الشيعة الصحابة؟) الأحد يوليو 08, 2012 1:51 am | |
| موقف الشيعة من الصحابة نتيجة لما تقدم وعلى كل حال فمن أجل جميع ما سبق وغيره لم يفرض الشيعة على أنفسهم قدسية الصحابة ككل، بحيث يكونون في معزل عن النقد والتمحيص. بل نظروا إليهم من زاوية أعمالهم وسلوكهم، بالقياس للضوابط الشرعية والعقلية التي وصلت إليهم، وتمّ لهم البرهان عليه. فمن حفظ العهد، ولزم الحق، واستقام في عقيدته وسلوكه، ولم يزغ عن أمر ربه، استحق التعظيم والتبجيل، بل الموالاة والتقديس. إذ عليهم دارت رحى الإسلام، وبهم قام عمود الدين، وهم أولياء الله تعالى حق، كما قال عز من قائل: ((إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ)) (2). ومن نكث العهد، وفارق الحق، وغير وبدل، وانقلب على عقبه، استحق النكال والوبال، والبراءة واللعنة، كما قال الله تعالى: ((فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمً)) (3). ـــــــــــــــــــــــ (1) شرح نهج البلاغة 20: 10 وما بعده. (2) سورة فصلت الآية:30 ـ 32. (3) سورة الفتح الآية:10. -[ 149 ]- وقال عز من قائل: ((وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ اللهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ)) (1).
الحب في الله والبغض في الله تعالى وقد أكد الكتاب الكريم وأحاديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته (صلوات الله عليهم) على موالاة من والى الله عزوجل ومعاداة من عاداه، وعلى الحب في الله تعالى والبغض فيه. قال عز من قائل: ((لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ)) (2). وقال جل شأنه: ((فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ)) (3). وفي حديث عمرو بن مدرك الطائي عن الإمام الصادق (عليه السلام) : "قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأصحابه: أي عرى الإيمان أوثق؟ فقالوا: الله ورسوله أعلم. وقال بعضهم: الصلاة. وقال بعضهم: الزكاة. وقال بعضهم: الصيام. وقال بعضهم: الحج والعمرة. وقال بعضهم: الجهاد. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لكل ما قلتم فضل، وليس به. ولكن أوثق ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة الرعد الآية: 25. (2) سورة المجادلة الآية:22. (3) سورة هود الآية:112ـ 113. -[ 150 ]- عرى الإيمان الحب في الله، والبغض في الله، وتوالي [وتولي.خ.ل] أولياء الله، والتبري من أعداء الله" (1). وفي حديث عبد الله بن مسعود قال: "قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يا عبد الله أي عرى الإسلام أوثق؟ قلت: الله ورسول الله أعلم. قال: الولاية في الله: الحب في الله، والبغض في الله" (2). وفي حديث ابن عمر: "أحب في الله، وأبغض في الله، ووال في الله، وعاد في الله، فإنه لا تنال ولاية الله إلا بذلك، ولا يجد رجل طعم الإيمان وإن كثرت صلاته وصيامه حتى يكون كذلك..." (3). وفي حديث إسحاق بن عمار عن الإمام الصادق (صلوات الله عليه): "قال: كل من لم يحب على الدين ولم يبغض على الدين فلا دين له" (4)... إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة جد، التي رواها الشيعة والسنة معاً (5). ـــــــــــــــــــــــ (1) الكافي 2: 125 ـ 126 كتاب الإيمان والكفر: باب الحب في الله والبغض في الله حديث:6. (2) السنن الكبرى للبيهقي 10: 233 كتاب الشهادات: باب شهادة أهل العصبية، وقال: "روي ذلك من حديث البراء وابن عباس وعائشة (رضي الله عنهم) "، واللفظ له. مجمع الزوائد 1: 162 كتاب العلم: باب أي الناس أعلم. المعجم الأوسط 4: 376. وغيره. (3) مجمع الزوائد 1: 90 كتاب الإيمان: باب من الإيمان الحب في الله والبغض في الله. (4) الكافي 2: 127 كتاب الإيمان والكفر: باب الحب في الله والبغض في الله حديث:16. (5) راجع الكافي 2: 124 كتاب الإيمان والكفر: باب الحب في الله والبغض في الله، ووسائل الشيعة 11: 431 باب:15 من أبواب الأمر والنهي وما يناسبهم. 2: 438 باب:17 من أبواب الأمر والنهي وما يناسبهم. 2: 440 باب:18 من أبواب الأمر والنهي وما يناسبهم. كل ذلك في كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وهناك مصادر شيعية أخرى كثيرة تضمنت ذلك. وراجع أيضاً السنن الكبرى للنسائي 6: 527 كتاب الإيمان وشرائعه: في (طعم الإيمان)، و (حلاوة الإيمان)، والسنن الكبرى للبيهقي 10: 233 كتاب الشهادات: باب شهادة أهل العصبية، ومصنف ابن شيبة 6: 164 كتاب الإيمان والرؤيا: الباب السادس، 7: 134 كتاب الزهد: في كلام أنس بن مالك، وسنن أبي داود 4: 198 كتاب الديات: باب مجانبة أهل الأهواء، ومجمع الزوائد 1: 89، 90 كتاب الإيمان: باب من الإيمان الحب في الله والبغض في الله، والتمهيد 17: 429، 430، 431. -[ 151 ]- ولابد للشيعة بعد ذلك من الاستجابة لله تعالى، واتباع أمره، والخضوع لحكمه ((وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِينً)) (1).
أثر الصحبة وأهميته أما الصحبة فهي تزيد القسم الأول شأناً ورفعة وبهاء وقدسية. لأنهم حفظوا حرمة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ورعوا حق صحبته، وشكروا نعمة الله تعالى عليهم به. كما أنها توجب الحق لهم على من بعدهم من المؤمنين، لأنهم سبقوهم بالإيمان، وحملوا لهم دعوة الله تعالى، وأوصلوها لهم، وكانوا سبب هدايتهم ونجاتهم. قال عزوجل: ((وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَاوَلاِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ)) (2). كما عرف الله تعالى لهم ذلك، فأثنى عليهم في كتابه المجيد، وعلى لسان نبيه الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) وآله الطاهرين، في آيات وأحاديث كثيرة لايسعنا استقصاؤه. ووضوح الحال يغني عن ذلك. أما القسم الثاني فتزيدهم الصحبة جريمة ومقتاً ولعنة ونكال. لأن الحجة في حقهم أظهر، والمسؤولية عليهم بسببها أعظم. ولأنهم السبب في ضلال من بعدهم، وضياع الحق عليهم. قال تعالى: ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللهِ كُفْرًا وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة الأحزاب الآية: 36. (2) سورة الحشر الآية: 10. -[ 152 ]- الْبَوَارِ *جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ)) (1). وقال سبحانه: ((إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ)) (2). وكأنه على ذلك يجري قوله جل شأنه: ((يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرًا *وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمً)) (3). وما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام)، قال ابن أبي الحديد: "خرج العطاء في أيام المنصور وأقام الشقراني ـ من ولد شقران مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ ببابه أياماً لا يصل إليه عطاؤه، فخرج جعفر بن محمد من عند المنصور، فقام الشقراني إليه فذكر له حاجته، فرحب به، ثم دخل ثانياً إلى المنصور، وخرج وعطاء الشقراني في كمه فصبه في كمه. ثم قال: يا شقران، إن الحسن من كل أحد حسن، وإنه منك أحسن لمكانك من، وإن القبيح من كل أحد قبيح، وهو منك أقبح لمكانك من. فاستحسن الناس ما قاله، وذلك لأن الشقراني كان صاحب شراب" (4). أما تمييز كل من القسمين فلابد فيه: أولاً: من تحديد ضوابط الاستقامة وفق الأدلة العقلية والشرعية، في مسيرة هادئة، وبموضوعية كاملة، وتجرد عن العواطف والتراكمات. ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة إبراهيم الآية: 28ــ 29. (2) سورة البقرة الآية: 159. (3) سورة الأحزاب الآية: 30ــ 31. (4) شرح نهج البلاغة 18: 205، واللفظ له. بحار الأنوار 47: 349. العدد القوية للعلامة الحلي: 152. -[ 153 ]- وثانياً: من عرض سلوكهم ومواقفهم على تلك الضوابط. وبعد ذلك يتعين اتخاذ المواقف المناسبة، بتصميــم وشجاعــة، مهما كانت النتائج، إذ ليس فوق الحق شيء. والله من وراء القصد ((وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ)) (1). هذا موقف الشيعة من الصحابة وغيرهم، من يومهم الأول. ولـم يحيدوا ولا يحيدون عنه إن شاء الله تعالى. وقد كلفهم هذا الموقف أغلى الأثمان، وعرضهم لأقسى الآلام والمتاعب، وجعلهم غرضاً لأشد المحن والمصائب. لكن هوّن ما نزل بهم أنه بعين الله تعالى، وجميل صنعه، وحسن بلائه (2).
المقارنة بين موقف الشيعة وموقف الجمهور من الصحابة وياترى أن ذلك هو الأنسب بكرامة الصحابة ومراعاة حرمة الصحبة، أو أن الأنسب بهما تشويش الأوراق، وإهمال المقاييس، وخلط الحابل بالنابل والصالح بالطالح، و جمع الكل تحت عنوان الصحبة، والتغاضي عن واقع كثير من الصحابة، الذي يبلغ من الظهور والشهرة حداً لا يمكن معه الإنكار والمكابرة، و من الخروج عن مقاييس الدين والأخلاق حدّ التحلل و الاستهتار، مع أن ذلك قد يوجب خفوت بريق الصحبة وسلب قدسيته، وتشويه صورة الكل وزعزعة الثقة بهم، خصوصاً عند الطبقة المثقفة المطلعة على الواقع التاريخي للمسلمين، وعلى ما يصدر من الصحابة ككل، وعلى ما شجر بينهم. وبذلك يهضم حق ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة الأحزاب الآية:4. (2) ويأتي في جواب السؤال الرابع من القسم الثاني من الأسئلة بحث مفصل حول موقف الصحابة من النص على أمير المؤمنين (عليه السلام)، وموقف الشيعة منهم نتيجة ذلك. -[ 154 ]- ذوي الاستقامة و المقام الرفيع في الإخلاص والعمل من الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم. ومن الطريف أن يقول أبو توبة الربيع بن نافع الحلبي: "معاوية ستر لأصحاب محمد -، فإذا كشف الرجل الستر اجترأ على ما وراءه" (1). يقول أبوتوبة ذلك ويقره عليه غير واحد. وليت شعري أي ستر هذ؟! وهل هو إلاّ اعتراف ضمني بواقع متهرئ وحقيقة هزيلة؟! وأي توهين للصحابة أكثر من أن يجعل معاوية بما له من واقع مفضوح ستراً لهم. وأطرف من ذلك ما ذكره سعد الدين التفتازاني، فإنه بعد أن اعترف بما وقع بين الصحابة مما يشينهم بظاهره، وحاول حمله على ما لاينافي حسن الظن بهم، على النحو الذي جرى عليه كثير من الجمهور، تعرض لما وقع بعد الصحابة على أهل البيت (صلوات الله عليهم) فقال: "وأما ما جرى بعدهم من الظلم على أهل بيت النبي - فمن الظهور بحيث لا مجال للإخفاء، ومن الشناعة بحيث لا اشتباه على الآراء، إذ تكاد تشهد به الجماد والعجماء، ويبكي له من في الأرض والسماء، وتنهد منه الجبال، وتنشق الصخور، ويبقى سوء عمله على كرّ الشهور ومرّ الدهور. فلعنة الله على من باشر أو رضي أو سعى. ولعذاب الآخرة أشد وأبقى. فإن قيل: فمن علماء المذهب من لم يجوز لعن يزيد، مع علمهم بأنه يستحق ما يربو على ذلك ويزيد. ـــــــــــــــــــــــ (1) البداية والنهاية 8: 139 في ترجمة معاوية وذكر شيء من أيامه وما ورد في مناقبه وفضائله، واللفظ له. تاريخ دمشق 59: 209 ترجمة معاوية بن صخر أبي سفيان بن حرب. تاريخ بغداد 1:209 في ترجمة معاوية بن أبي سفيان.. -[ 155 ]- قلنا: تحامياً عن أن يرتقي إلى الأعلى فالأعلى، كما هو شعار الروافض، على ما يروى في أدعيتهم، ويجري في أنديتهم، فرآى المعتنون بأمر الدين إلجام العوام بالكلية طريقاً إلى الاقتصاد في الاعتقاد، وبحيث لا تزل الأقدام على السواء، ولا تضل الأوهام بالأهواء. وإلا فكيف يخفى عليه الجواز والاستحقاق؟! وكيف لا يقع عليه الاتفاق؟!" (1). فانظر إليه كيف رضي لعقيدته في الصحابة أن تصان بإنكار حق لا مرية فيه، وان يحافظ عليها بتجاهل ظلامة بلغت من الظهور والشناعة الحد الذي ذكره، وياترى هل تقوى عقيدة هذا حالها على الصمود أمام البحث الحي والحساب المنطقي المنصف، أو أنها تصلح عذراً بين يدي الله تعالى ((يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ)) (2).
الموقف المناسب من غير الشيعة نحو الشيعة وعلى كل حال فقد أعلمناك موقف الشيعة من الصحابة بوجه صريح لا مواربة فيه ولا غموض. فإن أعجبك ذلك وأعجب إخوانك فالحمد لله على الوفاق والوئام. وإن لم يعجبكم فلا أقلّ من أن تنظروا إلى الشيعة نظرة العذر والاحترام. لابتناء موقفهم على حساب واستدلال، يعذر صاحبه وإن أخط. وليس موقفهم اعتباطياً من دون حساب، ولا من أجل العناد والمشاقة، والعداء للحق، والتعصب ضده، ليكون مبرراً للتشهير بهم، والتشنيع عليهم، وسقوط حرمتهم. ـــــــــــــــــــــــ (1) شرح المقاصد 5: 310، 311. (2) سورة النحل: 111. -[ 156 ]- ومجرد كون الآخرين يخالفون الشيعة في قناعاتهم ـ التي لا نعلم إلى الآن كيف حصلت، ومتى حصلت ـ لا يقتضي فرض تلك القناعات على الشيعة وإلزامهم به، بحيث تسقط حرمتهم بالخروج عنه، ويكون ذلك مبرراً للنيل منهم، والطعن فيهم، والتنكيل بهم، والتشنيع عليهم.
تعاليم الشيعة تقضي بمعاشرة غيرهم بالمعروف ولاسيما مع أن سيرة الشيعة ـ تبعاً لتعاليم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة من آله (صلوات الله عليهم) ـ جرت على احتفاظهم بعقائدهم وما يترتب عليها من عمل وسلوك لأنفسهم، من دون أن يتعمدوا جرح عواطف الآخرين وإثارتهم، بل مع الاهتمام بحسن معاشرتهم، وجميل مخالطتهم، وأداء الحقوق لهم، جمعاً للكلمة وحذراً من تفاقم الشرّ. ففي حديث السكوني عن الإمام الصادق (عليه السلام) : "قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثلاث من لم يكن فيه لم يتم له عمل: ورع يحجزه عن معاصي الله، وخلق يداري به الناس، وحلم يرد به جهل الجاهل" (1). وفي حديث مرازم عنه (عليه السلام) قال: "عليكم بالصلاة في المساجد، وحسن الجوار للناس، وإقامة الشهادة، وحضور الجنائز. إنه لابد لكم من الناس. إن أحداً لا يستغني عن الناس حياته، والناس لابد لبعضهم من بعض" (2). وفي حديث معاوية بن وهب: "قلت له: كيف ينبغي لنا أن نصنع فيما بيننا وبين قومنا وبين خلطائنا من الناس مِمَّن ليسوا على أمرن؟ قال: تنظرون إلى أئمتكم الذين تقتدون بهم فتصنعون ما يصنعون، فوالله إنهم ـــــــــــــــــــــــ (1) الكافي 2: 116 كتاب الإيمان والكفر: باب المداراة حديث:1. (2) الكافي 2: 635، 636 كتاب العشرة: باب ما يجب من المعاشرة حديث:1. -[ 157 ]- ليعودون مرضاهم، ويشهدون جنائزهم، ويقيمون الشهادة لهم وعليهم، ويؤدون الأمانة إليه" (1). إلى غير ذلك مما يضيق المقام عن استقصائه. وحبذا لو يسير المسلمون جميعاً على ذلك، فيحتفظ كل منهم بعقيدته لنفسه أو مع الدعوة لها بالتي هي أحسن، مع حسن مخالطة الآخرين، وجميل معاشرتهم، والتودد والتحبب لهم، في محاولة لتوحيد المسلمين، وجمع كلمتهم، وتثبيت ألفتهم، من أجل أن يتعاونوا على الدعوة للإسلام العظيم، وإسماع صوته، ورفع كلمته، وردّ كيد الظالمين عنه، وخدمة الأهداف المشتركة بينهم. ويأتي في جواب السؤال التاسع ما ينفع في المقام. ومن الله تعالى نستمد العون والتوفيق. إنه أرحم الراحمين وولي المؤمنين. وهو حسبنا ونعم الوكيل. والحمد لله رب العالمين. ـــــــــــــــــــــــ (1) الكافي 2: 635، 636 كتاب العشرة: باب ما يجب من المعاشرة حديث:4.
عدل سابقا من قبل تراب أقدام المهدي في الإثنين يوليو 09, 2012 3:38 am عدل 1 مرات | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: عدم تحريف القرآن الكريم الأحد يوليو 08, 2012 5:25 am | |
| س3: قضية تحريف القرآن الذي ينسبه بعض أهل السنة للشيعة هل هذا صحيح نسبته لأهل الشيعة؟ مع إنني قرأت كلاماً للشيخ محمد أبي زهرة في كتابه (الإمام جعفر الصادق) نقلا منه عن المحقق الطوسي عدم صحة هذ. فما رأيكم أطال الله في أعماركم؟. ج: يحسن التعرض في جواب ذلك لأمور.. 1 ـ من المناسب التنبيه إلى أمر. وهو أن رمي الشيعة بالقول بتحريف القرآن المجيد ليس أمراً شايعاً عند جمهور السنة، بل نزه بعض أعلام الجمهور الشيعة أعني الإمامية العدلية عن القول بذلك. قال أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري (المتوفى سنة 324 للهجرة): "واختلفت الروافض في القرآن هل زيد فيه أو نُقِصَ منه؟ وهم ثلاث فرق. فالفرقة الأولى منهم يزعمون أن القرآن قد نقص منه. وأما الزيادة فذلك غير جائز أن يكون قد كان، وكذلك لايجوز أن يكون قد غُيِّر منه شيء عما كان عليه، فأما ذهاب كثير منه فقد ذهب كثير منه، والإمام يحيط علماً به،[...] (1). والفرقة الثالثة منهم ـ وهم القائلون بالاعتزال والإمامة ـ يزعمون أن القرآن ما نُقِصَ منه، ولا زيد فيه، وأنه على ما أنزل الله تعالى على نبيه عليه الصلاة والسلام، لم يغير ولم يبدل، ولازال عما كان عليه" (2). ـــــــــــــــــــــــ (1) وعن محقق الكتاب: (سقط ذكر الفرقة الثانية من هذه الفرق). (2) مقالات الإسلاميين 1: 114 ـ 115. -[ 159 ]- وقال الشيخ رحمة الله الهندي في كتابه إظهار الحق: "القرآن المجيد عند جمهور علماء الشيعة الإمامية الاثني عشرية محفوظ عن التغير والتبديل. ومن قال منهم بوقوع النقصان فيه فقوله مردود غير مقبول عندهم" (1). ثم استشهد على ذلك بكلمات أكابر علماء الطائفة (رضي الله عنهم)، وأفاض في ذلك. نعم، ورد نسبة التحريف للشيعة في كلام بعض جمهور السنة، كابن حزم الظاهري في كتابه (الفصل في الملل والنحل ) وجماعة من المتأخرين. وقد جندوا أقلامهم للتشهير بالشيعة والطعن فيهم، وبهتوهم بأمور كثيرة على حساب الحقيقة. وحسابهم على الله تعالى، وعلى ذمة التاريخ، والباحثين المنصفين.
الإجماع العملي من الشيعة والسنة على عدم تحريف القرآن 2 ـ أجمع المسلمون من الشيعة والسنة عملاً على أن ما بين دفتي المصحف هو تمام القرآن الشريف. كما يشهد بذلك المصاحف المنتشرة في جميع بلاد الإسلام، والمتداولة بين المسلمين قاطبة. وهم يرون ختم القرآن إنما يكون بختم تلك المصاحف، وبقراءة تمام ما فيه. كما يرون أن قراءة كل سورة إنما تكون بقراءة السورة المرسومة في تلك المصاحف، لا يزيدون عليها كلمة، ولا ينقصون منها كلمة. وذلك واضح من سيرتهم، ومن كلمات فقهائهم. فحين يذكر الفقهاء استحباب قراءة بعض السور في الصلاة أو غيره، يريدون بها قراءة السورة على الوجه المرسوم في تلك المصاحف، من دون ـــــــــــــــــــــــ (1) إظهار الحق: 354 في (الفصل الرابع في دفع شبهات القسيسين الواردة على الأحاديث) في (دفع الشبهة الأولى). -[ 160 ]- زيادة ولا نقيصة. ولذا لا ينبهون على لزوم إضافة كلمة إليها أو إنقاص كلمة منه، مع أنه لو كان فيها ما ليس قرآناً للزمهم التنبيه إلى حذفه في الصلاة، لأن كلام الآدميين ـ غير الذكر والقرآن ـ مبطل للصلاة، وإن كان قد سقط منها شيء من القرآن للزمهم التنبيه إلى تداركه وقراءته تتميماً للسورة. خصوصاً في الفريضة عند الإمامية، لأن المعروف من مذهبهم لزوم قراءة سورة تامة مع الفاتحة. فسكوتهم عن ذلك شاهد بتسالمهم على أن المرسوم من تلك السور في تلك المصاحف هو تمام السور القرآنية المعهودة. نعم يظهر الاختلاف بين الشيعة والسنة في البسملة، فالشيعة يصرحون أن البسملة جزء من كل سورة عدا سورة التوبة. وعلى ذلك عملهم في تلاوتهم وصلاتهم. واختلف السنة في ذلك، ولذا نرى منهم من لايقرؤه. وأما ما عدا البسملة فلا خلاف فيه عمل. وهذا الإجماع العملي من أقوى الشواهد على موقف المسلمين عموماً ـ شيعة وسنة ـ من القرآن المجيد. ولا يقف في مقابله شيء، لأنه يكشف عن أن كون القرآن الشريف تمام ما في المصحف الموجود حقيقة واقعة قد فرضت نفسها بسبب وضوحها وقوته، وقد أقرّ بها المسلمون وعملوا عليه، ولم تقوَ الشبهات مهما كانت على زعزعتها أو التشكيك فيه.
الذين صرحوا بعدم التحريف من علماء الشيعة 3 ـ أما الذين صرحوا بأن القرآن المجيد تمام ما بين دفتي المصحف الشريف من علماء الشيعة فهم أكابر علمائهم، وفي جميع العصور. وليس الأمر مقصوراً على الشيخ الطوسي، بل سبقه ولحقه جماعة كثيرون. -[ 161 ]- فقد صرح بذلك.. أ ـ الشيخ الصدوق أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (قدس سره) المتقدم ذكره. وهو من قدماء علماء الشيعة، وزعيم مدرسة قم، وشيخ أهل الحديث. قال في كتابه (الاعتقادات) المتقدم ذكره عند بيان المصادر الشيعية: "اعتقادنا أن القرآن الذي أنزله الله تعالى على نبيه محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) هو ما بين الدفتين، وهو ما في أيدي الناس ليس بأكثر من ذلك، ومبلغ سوره عند الناس مائة وأربع عشرة سورة. وعندنا أن (الضحى) و (ألم نشرح) سورة واحدة، و (لإيلاف) و (ألم تر كيف) سورة واحدة. ومن نسب إلينا أنا نقول أنه أكثر من ذلك فهو كاذب. وما روي من ثواب قراءة كل سورة من القرآن، وثواب من ختم القرآن كله، وجواز قراءة سورتين في ركعة نافلة، والنهي عن القران بين سورتين في ركعة فريضة، تصديق لما قلناه في أمر القرآن، وأن مبلغه ما في أيدي الناس. وكذلك ما روي من النهي عن قراءة القرآن كله في ليلة واحدة، وأنه لا يجوز أن يختم في أقل من ثلاثة أيام، تصديق لما قلناه أيض. بل نقول: إنه قد نزل الوحي الذي ليس بقرآن، ما لو جمع إلى القرآن لكان مبلغه مقدار سبعة عشر ألف آية. وذلك مثل قول جبرئيل للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم): إن الله تعالى يقول لك: يا محمد، دار خلقي. ومثل قوله: اتق شحناء الناس وعداوتهم. ومثل قوله: عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب ما شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك ملاقيه. وشرف المؤمن صلاته بالليل، وعزه كفّ الأذى عن الناس. ومثل قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ما زال جبرئيل يوصيني بالسواك حتى -[ 162 ]- خفت أن أدرد وأحفر، وما زال يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه، وما زال يوصيني بالمرأة حتى ظننت أنه لا ينبغي طلاقه، وما زال يوصيني بالمملوك حتى ظننت أنه سيضرب له أجلاً يعتق به. ومثل قول جبرئيل (عليه السلام) للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حين فرغ من غزوة الخندق: يا محمد إن الله يأمرك أن لا تصلي العصر إلا ببني قريظة. ومثل قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): أمرني ربي بمداراة الناس ـ كما أمرني بأداء الفرائض ـ بمقدار عقولهم. ومثل قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن جبرئيل أتاني من قبل ربي بأمر قرت به عيني، وفرح به صدري وقلبي، يقول: إن علياً أمير المؤمنين، وقائد الغرّ المحجلين. ومثل قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): نزل عليَّ جبرئيل فقال: يا محمد إن الله تعالى قد زوج فاطمة علياً من فوق عرشه، وأشهد على ذلك خيار ملائكته. فزوجها منه في الأرض، وأشهد على ذلك خيار أمتك. ومثل هذا كثير، كله وحي ليس بقرآن، ولو كان قرآناً لكان مقروناً به، وموصلاً إليه غير مفصول عنه، كما كان أمير المؤمنين (عليه السلام) جمعه، فلما جاءهم به قال: هذا كتاب ربكم كما أنزل على نبيكم، لم يزد فيه حرف، ولم ينقص منه حرف. فقالوا: لا حاجة لنا فيه، عندنا مثل الذي عندك. فانصرف وهو يقول: فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمناً قليلاً فبئس ما يشترون " (1). وإنما ذكرناه بطوله لامتيازه بأمرين: الأول: ما تضمنه من الاستدلال على ما ادعاه بما يناسب ما سبق منا في تقريب الإجماع العملي من المسلمين على عدم التحريف، وهو ترتيب الشيعة أثر القرآن التام على ما في المصحف، في ختمه، وقراءة سوره، وغير ذلك. ـــــــــــــــــــــــ (1) الاعتقادات: 83 ـ 86. -[ 163 ]- الثاني: تأويل الروايات الموهمة للتحريف والنقص بأن المراد بها الوحي الذي ليس بقرآن. ومن المهم جداً صدور مثل هذا التأويل من الصدوق (قدس سره)، الذي هو من قدماء الأصحاب المقاربين لعصور الأئمة (صلوات الله عليهم)، ومن شيوخ أهل الحديث كما سبق. حيث يناسب ذلك كون هذا التأويل معروفاً بين الشيعة في عصورهم الأولى ومقبولاً عندهم، وعند أهل الحديث منهم بالخصوص. وليس هو من تخرصات المتأخرين. ولعل هذا هو الوجه في رواية القدماء لتلك الروايات من دون أن يكونوا قائلين بالتحريف والنقص. ب ـ الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان (قدس سره) المتقدم ذكره. وهو من قدماء الأصحاب أيض، وزعيم مدرسة بغداد وشيخ أهل الاجتهاد والنظر. قال في كتابه (أوائل المقالات) المتقدم ذكره: "وقد قال جماعة من أهل الإمامة إنه لم ينقص من كلمة، ولا من آية، ولا من سورة، ولكن حذف ما كان مثبتاً في مصحف أمير المؤمنين (عليه السلام) من تأويله وتفسير معانيه على حقيقة تنزيله... وعندي أن هذا القول أشبه من مقال من ادعى نقصان كلم من نفس القرآن على الحقيقة دون التأويل، وإليه أميل. والله أسأل توفيقه للصواب. وأما الزيادة فيه فمقطوع على فسادها من وجه، ويجوز صحتها من وجه. فالوجه الذي أقطع على فساده أن يمكن لأحد من الخلق زيادة مقدار سورة فيه على حدّ يلتبس به عند أحد من الفصحاء. والوجه المجوز فهو أن يزاد فيه الكلمة والكلمتان والحرف والحرفان وما أشبه ذلك مما لا يبلغ حدّ الإعجاز، ويكون ملتبساً عند أكثر الفصحاء بكلم القرآن. غير أنه لابد متى وقع ذلك من أن يدل الله عليه ويوضح لعباده عن الحق فيه. ولست أقطع على كون ذلك. بل أميل إلى عدمه وسلامة القرآن عنه". -[ 164 ]- قال: "ومعي بذلك حديث عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)" (1). وله كلمات أخرى في كتب أخرى. ج ـ السيد المرتضى علي بن الحسين الموسوي (قدس سره) المتقدم ذكره. وقد خلف شيخه المفيد في زعامة مدرسة بغداد، ومشيخة أهل النظر والاجتهاد. قال في مجمع البيان بعد كلامه الآتي في نفي التحريف: "وهو الذي نصره المرتضى (قدس الله روحه) واستوفى الكلام فيه غاية الاستيفاء في جواب المسائل الطرابلسيات. وذكر في مواضع أن العلم بصحة نقل القرآن كالعلم بالبلدان، والحوادث الكبار، والوقائع العظام، والكتب المشهورة، وأشعار العرب المسطورة. فإن العناية اشتدت والدواعي توفرت على نقله وحراسته، وبلغت إلى حدّ لم يبلغه فيما ذكرناه، لأن القرآن معجزة النبوة، ومأخذ العلوم الشرعية، والأحكام الدينية. وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية، حتى عرفوا كل شيء اختلف فيه من إعرابه وقراءته وحروفه وآياته. فكيف يجوز أن يكون مغيراً ومنقوصاً مع العناية الصادقة والضبط الشديد؟ وقال أيضاً (قدس الله روحه): إن العلم بتفسير القرآن وأبعاضه في صحة نقله كالعلم بجملته، وجرى ذلك مجرى ما علم ضرورة من الكتب المصنفة، ككتاب سيبويه والمزني، فإن أهل العناية بهذا الشأن يعلمون من تفصيلهما ما يعلمونه من جملتهم، حتى لو أن مُدخلاً أدخل في كتاب سيبويه باباً في النحو ليس من الكتاب لعرف وميّز، وعلم أنه ملحق، وليس من أصل الكتاب. وكذلك القول في كتاب المزني. ومعلوم أن العناية بنقل القرآن وضبطه أصدق من العناية بضبط كتاب سيبويه ودواوين الشعراء. وذكر أيضاً (رضي الله عنه): إن القرآن كان على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ـــــــــــــــــــــــ (1) أوائل المقالات:81 ـ 82 في القول في تأليف القرآن. -[ 165 ]- مجموعاً مؤلفاً على ما هو عليه الآن. واستدل على ذلك بأن القرآن كان يدرس ويحفظ جميعه في ذلك الزمان، حتى عين على جماعة من الصحابة في حفظهم له، وأنه كان يعرض على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويتلى عليه، وأن جماعة من الصحابة ـ مثل عبدالله بن مسعود، وأبي بن كعب، وغيرهما ـ ختموا القرآن على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عدة ختمات. وكل ذلك يدل بأدنى تأمل على أنه كان مجموعاً مرتباً غير مبتور ولا مبثوث. وذكر أن من خالف في ذلك من الإمامية والحشوية لا يعتد بخلافهم، فإن الخلاف في ذلك مضاف إلى قوم من أصحاب الحديث نقلوا أخباراً ضعيفة ظنوا صحته، لا يرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع على صحته" (1). وقد اعترف بذلك ابن حزم، حيث قال: "ومن قول الإمامية كلها قديماً وحديثاً أن القرآن مبدل زيد فيه ما ليس منه، ونقص منه كثير، وبدل منه كثير، حاشا علي بن الحسن [الحسين.ظ] بن موسى بن محمد بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسن [الحسين.ظ] بن علي بن أبي طالب. وكان إمامياً يظاهر بالاعتزال مع ذلك. فإنه كان ينكر هذا القول، ويكفر من قاله. وكذلك صاحباه أبو يعلى ميلاد الطوسي، وأبو القاسم الرازي" (2). ومن الملفت للنظر ما نسبه ابن حزم للسيد المرتضى (قدس سره) من تكفير من يقول بتحريف القرآن، إذ هل من المعقول أن يصدق ابن حزم في نسبة القول بالتحريف لعموم الشيعة، ويقدم السيد المرتضى (قدس سره) ـ وهو من أعلام الشيعة الذابين عنهم ـ على تكفير القائل بالتحريف؟! د ـ الشيخ أبو جعفر الطوسي (قدس سره) المتقدم ذكره منك في السؤال، ـــــــــــــــــــــــ (1) مجمع البيان 1: 15. (2) الفصل في الملل والنحل 4: 182. -[ 166 ]- ومنا عند ذكر المصادر الشيعية. وهو يجمع في عصره بين مشيخة أهل الحديث ومشيخة أهل الاجتهاد والنظر. وقد صرح بعدم التحريف في مقدمة تفسيره الجليل (التبيان). قال (قدس سره): "وأما الكلام في زيادته ونقصانه فما لا يليق به (يعني: بكتاب التبيان) أيض. لأن الزيادة فيه مجمع على بطلانه. والنقصان منه فالظاهر أيضاً من مذهب المسلمين خلافه. وهو الأليق بالصحيح من مذهبن. وهو الذي نصره المرتضى (رحمه الله). وهو الظاهر في الروايات. غير أنه رويت روايات كثيرة ـ من جهة الخاصة والعامة ـ بنقصان كثير من آي القرآن، ونقل شيء منه من موضع إلى موضع، طريقها الآحاد التي لا توجب علماً ولا عمل. والأولى الإعراض عنه، وترك التشاغل به، لأنه يمكن تأويله... وروايتنا متناصرة بالحثّ على قراءته، والتمسك بما فيه، وردّ ما يرد من اختلاف الأخبار في الفروع إليه. وقد روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) رواية لا يدفعها أحد أنه قال: "إني مخلف فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض". وهذا يدل على أنه موجود في كل عصر، لأنه لا يجوز أن يأمر بالتمسك بما لا نقدر على التمسك به..." (1). هـ ـ الشيخ أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي (قدس سره) المتوفى سنة (548ه) قال في مقدمة تفسيره الشهير (مجمع البيان): "ومن ذلك الكلام في زيادة القرآن ونقصانه، فإنه لا يليق بالتفسير. فأما الزيادة فيه فمجمع على بطلانه. وأما النقصان منه فقد روى جماعة من أصحابنا وقوم من حشوية العامة أن في القرآن تغييراً ونقصان. ـــــــــــــــــــــــ (1) تفسير التبيان 1: 3ـ 4. -[ 167 ]- والصحيح من مذهب أصحابنا خلافه. وهو الذي نصره المرتضى (قدس الله روحه)، واستوفى الكلام فيه غاية الاستيفاء في جواب المسائل الطرابلسيات..." (1). ثم ذكر حديث السيد المرتضى (قدس سره) المتقدم. و ـ العلامة الحلي جمال الدين الحسن بن علي بن المطهر (قدس سره) المتقدم ذكره عند التعرض للمصادر الشيعية، والذي هو رئيس الشيعة في عصره، حيث سأله السيد المهنا: "ما يقول سيدنا في الكتاب العزيز، هل يصح عند أصحابنا أنه نقص منه شيء أو زيد فيه أو غُيِّر ترتيبه، أم لم يصح عندهم شيء من ذلك؟. أفدنا أفادك الله من فضله، وعاملك بما هو أهله". فكان جواب العلامة (قدس سره): "الحق أنه لا تبديل ولا تأخير ولا تقديم فيه، وأنه لم يزد ولم ينقص. ونعوذ بالله تعالى من أن يعتقد مثل ذلك وأمثال ذلك، فإنه يوجب التطرق إلى معجزة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) المنقولة بالتواتر" (2). وجاء جماعة كثيرة بعدهم من أعلام الطائفة فأكدوا هذه الحقيقة، كالمحقق الكركي صاحب جامع المقاصد المتقدم ذكره في المصادر الشيعية، والمحقق الأردبيلي المتوفى سنة (993ه)، والشيخ البهائي المتوفى سنة (1031ه)، والفيض الكاشاني المتوفى سنة (1090ه)، والمحدث الحرّ العاملي المتوفى سنة (1104ه) صاحب وسائل الشيعة المتقدم ذكره في المصادر الشيعية، وكاشف الغطاء المتوفى سنة (1228ه)، وجماعة آخرين يضيق المقام عن استقصائهم، خصوصاً في عصرنا وما يقرب منه. وقد أطال أستاذنا مرجع الطائفة المرحوم السيد أبو القاسم الخوئي (قدس سره) في تفنيد دعوى التحريف في مقدمة كتابه (البيان في تفسير القرآن). ـــــــــــــــــــــــ (1) مجمع البيان 1: 15. (2) أجوبة المسائل المهناوية المسألة: 13: 121 نقلاً عن كتاب التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف: 15. -[ 168 ]- وقد كتب جماعة في ذلك كتباً مستقلة منشورة مشهورة. قد تعرضوا فيها لكثير من الشواهد على نفي التحريف، ومناقشة الأخبار التي سيقت شاهداً على وقوعه، ووجوه تأويله. ولايسعنا ذكر كلماتهم، واستقصاء بياناتهم. ويكفينا ماسبق التعرض له من كلمات أعلام الطائفة وأعيان علمائها وشيوخه. وربما لا يوجد في علماء السنة من صرح بعدم التحريف بهذا العدد الكثير، ولا من أتعب نفسه في الاستدلال عليه، بالنحو الذي جروا عليه من التحقيق والتفصيل. وإنما يعرف رأيهم من الإجماع العملي، الذي يشتركون فيه مع الشيعة، كما سبق. 4 ـ كل ما في الأمر أخبار رويت من طرقن، وروي أكثر منها بكثير من طرق السنة، كما يشهد به الرجوع لمصادر الطرفين. وهذه الأخبار لا تقوى على زعزعة واقع القرآن الشريف أو التشكيك فيه، كما يتضح مما تقدم ويأتي. فلابد إما من تأويلها أو التوقف عنه، لمصادمتها للبديهة. وليس كل من روى تلك الأخبار أو بعضها يرى التحريف، إذ قد يكون روايته لها لمجرد جمع الأخبار،مع قناعته بعدم ظهورها في التحريف، أوبلزوم تأويلها ـ كماسبق من الصدوق (قدس سره) لمصادمتها للبديهة، أو لمعارضتها بغيره. نعم يظهر من بعضهم ـ منا ومن السنة ـ البناء بسببها على التحريف. بل صرح بعضهم بذلك، كما أشار إليه السيد المرتضى (قدس سره) في كلامه المتقدم. وذلك لظنهم صحة تلك الأخبار، وغفلتهم عن أنها لا تنهض برفع اليد عن هذه البديهة التي أشرنا إليه. وهم قليلون في الشيعة، ولا يمثلونهم. ولاسيما بعد الإجماع العملي -[ 169 ]- من الشيعة على عدم التحريف الذي سبق التنبيه له، وبعد التصريح بذلك ممن سبق من أكابر علمائهم وشيوخهم الذين يمثلون وجهتهم العامة.
الموقف المناسب من القائلين بالتحريف نعم لا يحسن الإغراق في النيل ممن يذهب للتحريف، فإنهم وإن وقعوا في خطأ فادح، إلا أنه خطأ علمي يبتني على الغفلة لايسقط الحرمة، ولا يوجب كفر. خصوصاً بعد اتفاقهم مع عامة المسلمين على عدم الزيادة وعدم التحريف فيما هو موجود في المصحف الشريف ـ لتواتره أو بلوغه درجة الإعجاز ـ لما سبق من دعوى الإجماع على عدم الزيادة. ولذا لم يبلغ الاختلاف ـ بين الشيعة وقسم من السنة من جانب مع القسم الثاني من السنة ـ في جزئية البسملة حدّ الطعن، فضلاً عن التكفير وإسقاط الحرمة. فلا القائل بجزئيتها يكفر القائل بعدم الجزئية، لأنه ينقص من القرآن، ولا القائل بعدم الجزئية يكفر القائل بالجزئية، لأنه يزيد في القرآن. كما أنه نسب لابن مسعود إنكار جزئية المعوذتين من القرآن الشريف، ولم نعهد أن أحداً شنع عليه أو حكم بكفره لو صدقت النسبة المذكورة. كل ذلك لأن أمثال هذه الخلافات لا تسقط الحرمة، ولا توجب الكفر. وكل ما ينبغي في المقام دفع شبهتهم، وإيضاح خطئهم، حذراً من وقوع الآخرين فيه، مع كمال التثبت والتورع. فإن الإسلام دين الله تعالى الذي شرعه لعباده، فلابد أن تؤخذ حدوده وحدود الكفر منه جل شأنه، ولا يحل لأحد أن يتسرع ويطلق الكفر على الآخرين جزافاً لمجرد مخالفتهم له في قناعاته، مهما كانت تلك القناعات، إلا أن يبلغ الأمر بالآخرين إلى إنكار أصول الإسلام وحدوده التي جعلها الله تعالى.والله سبحانه وتعالى ولي العصمة والتسديد.
تأكيد عدم التحريف 5 ـ من الظاهر أن القرآن المجيد يثبت نفسه بنفسه، وأنه ليس من إنشاء البشر، كما قال عز من قائل: ((وَمَا كَانَ هَـذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللهِ)) (1). وهو من أجل ذلك في غنى عن التواتر، وإن كان متواتر. ولذا صار معجزة للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وشاهداً بصدقه، مع أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قد انفرد بنسبته لله تعالى، ولم يشهد له بذلك أحد. فلولا أنه يثبت نفسه بنفسه، وأنه في غنى عن التواتر، لم يصلح لذلك. وإلى ذلك تشير جميع الآيات المتضمنة للتحدي، كقوله تعالى: ((قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرً)) (2)، وغيره. وحينئذٍ فالأخبار الموهمة للتحريف إن تضمنت الزيادة في الموجود بين الدفتين أو التغيير فيه، بحيث لا يكون بعض ما بين الدفتين من القرآن الحقيقي، فواقع ما في المصحف الشريف يرده، لتعذر مجاراته، بنحو يقطع معه بأنه من كلام الله تعالى المنزل، وليس من صنع البشر، محرفاً عما أنزله الله تعالى. على أن ذلك قد تقدم حكاية الإجماع على نفيه حتى من القائلين بالتحريف. وإن تضمنت تلك الأخبار النقيصة في الموجود بين الدفتين، وأنه لا يشتمل على جميع القرآن، وأن بعض القرآن قد ضاع، فيردها ما سبق من السيد المرتضى (قدس سره) من أن اهتمام المسلمين بالقرآن وحفظه وضبطه يمنع من ضياعه. ويؤكده واقع الحال، حيث لم ينقل ولو شاذاً ما يصلح أن يكون قرآن. وما أكثر استشهاد المسلمين من الصدر الأول بالقرآن الشريف في مقام الاحتجاج وغيره، ولم يرد في كلامهم ـ ولو صدفة ـ الاستدلال أو -[ 171 ]- الاستشهاد بشيء يصلح أن يكون قرآناً في أسلوبه وبيانه غير ما هو موجود في المصحف الشريف. فمثلاً قد خطبت الصديقة فاطمة الزهراء (صلوات الله عليه) خطبتين قد رصعتهما بكثير من آيات القرآن الكريم، ولكن لم يصادف أن وقع فيهما شيء من غير ما في المصحف الشريف الموجود اليوم، مع أن ذلك قد حصل منها (صلوات الله عليه) بعد أيام من وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقبل حصول الأسباب المزعومة لضياع شيء من القرآن واختفائه. وأما ما تضمنته الروايات المشار إليها آنفاً الموهمة للتحريف من بعض العبارات أو الكلمات. فهو مما يقطع بعدم كونه قرآن، لهبوط مستواه، وضعف بيانه، وركة أسلوبه. وكفى بذلك حجة على عدم التحريف، أكمل بها الله تعالى إعجاز القرآن المجيد، وأتمّ بها حجته. ويتعين من أجل ذلك تأويل تلك الروايات. ولو تعذر تأويل بعضها فلابد من طرحه، لأنه لا ينهض في قبال ما سبق. وليس معنى ذلك الجزم بكذبه، بل اللازم ردّ علمه إلى الله تعالى وإلى قائله، فإنه من المشكل الذي أمرنا أئمتنا (صلوات الله عليهم) بالوقوف عنده، وردّ علمه إلى أهله، لأن الظروف المحيطة قد تفرض على الإنسان إظهارما لا يريد. كما أنه ربما يكون مكذوباً على من نسب له. وعلمه عند الله تعالى.
خطورة الحديث في تحريف القرآن الشريف 6ـ نحن في الوقت الذي نؤكد فيه أن الأولى بالمسلمين ـ بدلاً من تشهير بعضهم ببعض وانشغالهم بتراشق الطعون والتهم بينهم ـ أن يهتم كل منهم.. -[ 172 ]- أولاً: بتحقيق الحقائق الدينية بموضوعية كاملة مع التجرد عن التراكمات والعصبيات، من أجل الخروج عن المسؤولية أمام الله تعالى، والأمن من خذلانه في الدني، وعقابه في الآخرة. وثانياً: بتأكيد وحدتهم تحت راية الإسلام العظيم، وما يشتركون فيه من عقائد حقة، والتعاون بينهم من أجل رفع كلمة الإسلام وخدمة الأهداف المشتركة. في الوقت الذي نؤكد فيه على ذلك نقول لمن همه تراشق التهم والطعن على الشيعة والتشنيع عليهم: عليكم أن تختاروا من التهم ما يضرّ بالشيعة وحدهم، من دون أن يضر بالإسلام عموماً وبمقدساته ورموزه المشتركة. مثلاً: اتهام الشيعة بالغلوّ اتهام قاس ظالم، إلا أنه يخصّ الشيعة ويضرّ بهم وحدهم. فإما دافعوا عن أنفسهم وتخلصوا من تبعة الاتهام المذكور، أو عجزوا عن ذلك ـ ولو لضعفهم إعلامياً ـ فنلتم ما تريدون وشفيتم غيظكم. أما اتهام الشيعة بأنهم يقولون بتحريف القرآن الشريف، فهو لا يضرّ بالشيعة وحدهم، بل يضرّ بالقرآن الكريم الذي هو كتاب المسلمين عامة، ومعجزة الإسلام الخالدة، لأنه يسجل نقطة ضعف عليه، وأنه ليس بنحو من الوضوح والظهور بحيث يفرض نفسه ويتسالم عليه المسلمون بأجمعهم. بل هناك طائفة كبيرة من المسلمين لا تقره وتراه محرف، كما حرفت بقية الكتب السماوية. وهو أمر يستغله أعداء الإسلام والقرآن، الذين يتربصون بهما الدوائر، ويبغونهما الغوائل. وإذا كان الأشخاص الذين يطلقون هذا الاتهام يحاولون تقليل شأن الشيعة وعزلهم عن الكيان الإسلامي، فذلك أمر لا يقره الواقع القائم. فإن موقع الشيعة في الكيان الإسلامي ومركزهم من الأهمية والظهور -[ 173 ]- بحدّ لا تنفع معه المكابرات والمغالطات. ولولا ذلك لما قامت هذه الحملة الإعلامية، ولما حصلت هذه الضغوط التي نشهدها اليوم ضدّ التشيع. على أن الأعداء الذين يحلو لهم أن يستغلوا هذا الاتهام ضدّ القرآن المجيد والإسلام العظيم يتجاهلون ـ عاجلاً أو آجلاً ـ هذه المحاولة من أجل تضخيم نقطة الضعف المذكورة ضدّ الإسلام والقرآن. وحتى لو دافع الشيعة عن اتهامهم بالقول بتحريف القرآن الشريف، واثبتوا كذبه، فإن العدوّ المشترك لا يسمع ذلك منهم، ويبقى متشبثاً بالاتهام المذكور، ويحاول تضخيمه ما وجد له سبيل. أما لو أراد بعض الشيعة أن يرد بالمثل، ويتحرى من يظهر منهم القول بالتحريف من السنة، فالخطر أعظم، حيث يستغل العدوّ حينئذٍ إجماع الشيعة والسنة على تحريف القرآن، من أجل النيل من كرامة القرآن، وعظمة الإسلام، ويتجاهل الإجماع العملي الذي سبقت الإشارة إليه، وتصريحات أعلام المسلمين، وجميع ما يذكرونه من الشواهد على عدم التحريف، ليقضي مآربه ومقاصده الظالمة. وإذا كانت التهم المتبادلة بين طوائف المسلمين فيما مضى تنتشر بينهم في إطار ضيق، ولا تتجاوزهم، فإنها ـ اليوم بسبب وسائل الإعلام المتطورة ـ تنتشر بين أعداء الإسلام وتصل إليهم، كما تنتشر بين المسلمين، بل أكثر بكثير، وذلك يسهّل على العدو تسجيل نقاط الضعف على الإسلام، وتكثيرها واستغلاله. فليعرف الذين يجندون أقلامهم للطعن بالشيعة في مثل هذه الأمور الحساسة، التي تضرّ بمقدسات المسلمين جميع، ماذا يجنون على الإسلام ومقدساته. ولينتبه المسلمون عموماً للخطر المحدق بهم وبدينهم -[ 174 ]- ومقدساتهم، وليحسنوا التصرف، ويتحملوا مسؤوليتهم أزاء ذلك كله. وقد حدث لنا قبل سبع سنين تقريباً نظير ذلك. فقد ضاق جماعة من شباب الشيعة المثقفين بحملة التهريج ضدّ الشيعة في قضية تحريف القرآن الكريم، وحاولوا البحث عما عند السنة في هذا الموضوع، وجمع أكبر عدد ممكن، ليردوا بالمثل. وفعلاً قد عثروا على أحاديث للسنة في ذلك عجيبة، وآراء غريبة، وشطحات فظيعة. لكن حاولنا التخفيف من غلوائهم، وكبح جماحهم، وتنبيههم لواقع المشكلة، وقلنا لهم: لا تحاولوا نشر ما تطلعون عليه بصورة موسعة، واكتفوا بتنبيه المهاجمين والمتحرشين بصورة فردية إلى خطئهم، حذراً من أن يجرّ تراشق التهم، وتبادل الطعون، وجمع التصريحات الشاذّة، ونشرها بصورة موسعة، في هذه المسألة الحساسة، إلى النيل من كرامة القرآن الشريف، من حيث نشعر أو لا نشعر. وقلنا لهم: إن ظلم الشيعة والطعن عليهم أهون من الطعن بالقرآن المجيد والنيل من مقامه الرفيع. فصبروا على مضض. والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، وإنا لله وإنا إليه راجعون [والعاقبة للمتقين] (1).
عدل سابقا من قبل تراب أقدام المهدي في الإثنين يوليو 09, 2012 3:44 am عدل 1 مرات | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: الإمام المهدي الذي عند الشيعة هل هو الذي عند السنة أو لا ؟ الأحد يوليو 08, 2012 6:03 am | |
| -[ 175 ]- س4: الإمام المهدي المنتظر عند السنة هو غير الإمام المهدي عند الشيعة. هل يمكن القول بصحة الرأيين معاً أم ل. وما وجه الصواب أهو عند السنة أم عند الشيعة؟ ج: يحسن التعرض في جواب ذلك لأمور.. 1 ـ الإمام المهدي المنتظر عند المسلمين جميعاً واحد، وهو الذي أخبر عنه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام) من بعده. وإنما الخلاف بين المسلمين.. أولاً: في نسَبه. فقد أجمع الشيعة على أنه من ذرية الإمام أبي عبدالله الحسين السبط الشهيد (صلوات الله عليه)، وأنه تاسع الأئمة من ذريته، وآخر الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام). ووافقهم على ذلك جماعة من علماء السنة. ويشهد له أخبار كثيرة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة من آله (صلوات الله عليهم) دلت على ذلك نص، أو استفيد منها بضميمة أدلة أخر. وذهب جمع آخرون من علماء السنة إلى أنه من ذرية الإمام أبي محمد الحسن السبط الزكي (صلوات الله عليه)، لأخبار رووها عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). وثانياً: في أنه هل ولد، وهو موجود فعل، أو ل، بل سوف يولد عند أوان قيامه؟ وقد أجمع الإمامية على الأول، واعتقدوا أنه الإمام الغائب الذي ينتظر -[ 176 ]- إذن الله تعالى له بالظهور. ووافقهم على ذلك أيضاً جماعة من علماء السنة. وذهب جماعة كثيرة من علماء السنة إلى الثاني. والإمامية ومن وافقهم يحتجون بأخبار وأدلة قامت على ولادته. أما الفريق الثاني فالظاهر أنه ليس له أدلة تنفي ولادته، بل هو لم ينظر في أدلة الإمامية على ولادته، أو لم يقتنع بتلك الأدلة. ولما لم تثبت عنده ولادته، واستبعد بقاءه هذه المدة الطويلة، حكم بعدم ولادته، واضطر للبناء على أنه سوف يولد عند أوان قيامه. 2 ـ أما القول بصحة القولين معاً فلا مجال له بعد كون المهدي شخصاً واحداً بشّر به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). إذ الشخص الواحد لا يجمع الحالتين المختلفتين المتضادتين. بل لابد من صحة أحد الرأيين دون الآخر، بعد انحصار الأمر بهما وعدم خروجه عنهم. وعلى ذلك فإذا تمت الحجة على صحة أحد القولين كانت بنفسها حجة على بطلان القول الآخر. 3 ـ أما الصواب من الرأيين فمن الطبيعي أن نذهب إلى أنه رأي الشيعة الإمامية، لوفاء الأدلة عندنا بذلك. ومن الظاهر أنه لا يهمك معرفة رأينا بقدر اهتمامك بمعرفة أدلتن. وحيث كان الإمام الغائب (عجل الله فرجه) هو خاتم الأئمة الإثني عشر، فالحديث عن وجوده وإمامته يبتني على تمامية دعوى الشيعة الإمامية في الإمامة والخلافة، وتمامية الأدلة التي استدلوا بها على دعواهم، في مقابل دعوى السنة في الإمامة والخلافة وأدلتهم عليه. والحديث في ذلك متشعب وطويل جد، لا يسعنا استيفاؤه واستقصاؤه في هذه العجالة. وعلى طالب الحقيقة أن يتولى ذلك بنفسه.
-[ 177 ]- لابد من تحديد نظام الحكم عند الشيعة والسنة نعم هنا أمر يحسن التنبيه له، وهو أن المقارنة بين مذهب الشيعة في الإمامة ومذهب السنة فيها لا ينبغي أن تعرض على أساس المقارنة في استحقاق الإمامة بين شخصين أو أشخاص محدودين، كالإمام علي (عليه السلام) وأبي بكر، أو أهل البيت (صلوات الله عليهم) في جانب، والصحابة أو المهاجرين أو قريش عموماً في جانب. لأن الإسلام هو الدين الخاتم للأديان والباقي في الأرض ما بقيت الدني. والمفروض أن يكون هو الحاكم في الأرض ما بقي وبقيت. فلابد في تشريع الإسلام لنظام الحكم من أن يكون النظام الذي شرعه صالـحاً لحكم الأرض باستمرار، ولا يختص بأفراد أو جماعة مخصوصين، وينتهي بانتهائهم. وعلى ذلك لابد من عرض المقارنة بين مذهب الشيعة في الإمامة ومذهب السنة فيها على أساس المقارنة بين نظامين صالحين لتنفيذ التشريع الإسلامي في الأرض باستمرار، ما دام فيها إنسان يريد الله تعالى منه أن يكون مسلم. وبعد تعيين نظام الحكم في الإسلام، وإقامة الأدلة الشرعية عليه، يكتسب الحاكم على أساسه شرعية الحكم والإمامة، ويفقد الخارج عنه الشرعية مهما كان شأنه. وإلى ذلك يرجع قول أمير المؤمنين الإمام علي (صلوات الله عليه): "اعرف الحق تعرف أهله" (1). أما مع عدم تعيين نظام الحكم المشرّع في الإسلام فلا معنى للحديث عن شرعية حكم الحاكم وإمامته، وعدم شرعية غيره، مهما كان شأنهم. ـــــــــــــــــــــــ (1) تفسير القرطبي 1: 340 في تفسير قوله تعالى [ولا تلبسوا الحق بالباطل] من سورة البقرة الآية (42). فيض القدير شرح الجامع الصغير 1: 28،272 في شرح الحديث المرقم (288) (اختلاف أمتي رحمة)، 4: 23 في شرح الحديث المرقم (4409) (رب حامل فقه غير فقيه). أبجد العلوم 1: 126 الإعلام الثامن في آداب المتعلم والمعلم في الجمل السابعة. -[ 178 ]- وبعد ذلك نقول: نظام الحكم في الإسلام عند الشيعة يبتني على أن تعيين الإمام إنما يكون بجعل من الله تعالى، من دون حاجة إلى مشاورة أحد أو بيعته أو إقراره، وأن الله جل شأنه لابد أن يعرّف الناس بشخص الإمام الذي جعله بحجة كافية واضحة، من طريق نبيه الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) الناطق عنه والمبلغ لشريعته، أو من طريق الإمام المنصوب من قبل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، لأن ذلك الإمام ينطق عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، والنبي ينطق عن الله تعالى. وعلى ذلك يذهب الشيعة إلى أن الأئمة الذين جعلهم الله سبحانه وتعالى بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وتمّ تبليغه بهم، هم اثنا عشر، وأنهم من أهل بيته، وأن أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه)، ثم الحسن السبط الزكي (عليه السلام)، ثم الحسين السبط الشهيد (عليه السلام)، ثم تسعة من ولد الحسين متعاقبين ولداً عن والد، تاسعهم قائمهم، وهو الإمام محمد بن الحسن المهدي الغائب المنتظر (عجل الله تعالى فرجه). وهم وحدهم يملكون شرعية الإمامة والخلافة، دون غيرهم مهما بلغ شأنهم. وللشيعة على ذلك أدلتهم التي عولوا عليه، والتي يحتجون به، ويحاولون إقناع غيرهم بمؤداه. أما مذهب السنة في الإمامة فلا يخلو عن غموض، ولا يتيسر لنا تحديده، ليكون طرفاً في المقارنة مع مذهب الشيعة فيه، كما يشهد بذلك النظر إلى واقع خلافتهم، وما فرضوه على أنفسهم من شرعية كل ما حصل. غير أنه ربما يحاول بعضهم دعوى ابتناء نظام الخلافة عندهم على اختيار الأمة. ولو تم ذلك فهو لا يصلح لأن يكون نظاماً متكاملاً إلا بعد أن يحدد فيه بصورة دقيقة: أولاً: من له حق الترشيح للإمامة والخلافة من حيثية النسب، -[ 179 ]- والسن، والمقام الديني والاجتماعي، وغير ذلك. وثانياً: متى تسقط أهلية الشخص المنتخب للخلافة؟، والأسباب التي تقضي بانعزاله منه، كالجور في الحكم، أو مطلق الفسق، والخَرَفِ أو المرض، والعجز المطلق أو الضعف، وغير ذلك. مع تحديد ذلك بدقة رافعة للاختلاف، تجنباً عن مثل ما حصل في أمر عثمان، حيث طلب الذين ثاروا عليه أن يتخلى عن الخلافة، لعدم أهليته، وامتنع هو من ذلك، لدعوى أنه لا ينزع عنه لباساً ألبسه الله تعالى إياه. وكما وقع بعد ذلك في العهد الأموي والعباسي والعثماني. وثالثاً: من له حق الاختيار والانتخاب، من حيثية النسب، والسنّ، والمقام الديني والاجتماعي، والذكورة والأنوثة، وغير ذلك؟ ورابعاً: كيف نحرز الأمور المذكورة؟، وهي تحقق شروط الترشيح في الشخص، وتحقق شروط الانتخاب فيمن يتصدى له، وبقاء أهلية الخليفة أو سقوطه عنه. وعلى أي طريق نعتمد في إثبات هذه الأمور؟. وخامساً: صلاحيات الإمام والخليفة. إذ بعد ان خالف السنة الشيعة، فذهبوا إلى عدم عصمة الخليفة، وأنه يعمل باجتهاده، لا بعهد من الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلابد من تحديد صلاحياته، فإن الواقع العملي للخلفاء عند السنة في غاية الاختلاف والاضطراب. ففي الوقت الذي يصر فيه السنة على أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يعهد بالخلافة لشخص خاص، وأنه ترك المسلمين يختارون لأنفسهم، نرى أبا بكر قد عهد بالخلافة لعمر، ثم عهد عمر بضوابط اختيار الخليفة بعد أن قصر المرشحين لها على نفر خاص، ثم بويع أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد عثمان باختيار وجوه المهاجرين والأنصار واندفاع عامة المسلمين من دون عهد -[ 180 ]- من عثمان. ثم بويع الإمام الحسن (عليه السلام) بنص أمير المؤمنين (عليه السلام) عليه، أو باختيار الناس ـ على الخلاف ـ واستغل معاوية خديعة عمرو بن العاص لأبي موسى الأشعري في واقعة التحكيم، ليعلن أنه الخليفة الشرعي. وبعد ذلك كان الغالب ثبوت الخلافة للاحق بنص السابق، إلا أن تتدخل القوة، فتفرز خليفة لا نص عليه. وربما نص السابق على أكثر من واحد ممن بعده على التعاقب، كما فعله مروان بن الحكم وعبدالملك بن مروان، وغيرهما في جميع دول الإسلام. كما ربما خلع الخليفة، أو ولي العهد، وعين غيره بالقوة، في تفاصيل يطول شرحه، ذكرها المؤرخون. بل ربما زاد الأمر على ذلك، فلم يكتف الخليفة بالنص على من بعده، وإنما تعداه لجعل نصيب في الحكم لفئة من الناس، فقد حاول أبو بكر أن يضعف جانب أمير المؤمنين (عليه السلام)، ويجعل العباس بن عبد المطلب لجانبه، فعرض عليه أن يجعل له ولولده في الخلافة نصيب. إلا أن العباس رفض ذلك، فقال: "وأما ما بذلت لنا فإن يكن حقك أعطيتناه فأمسكه عليك، وإن يكن حق المؤمنين فليس لك أن تحكم فيه، وإن يكن حقنا لم نرض لك ببعضه دون بعض..." (1). هذا كله في أمر الخلافة، وأما بقية أمور الدين والتشريع فقد تدخل الخلفاء فيه، حيث يأتي في جواب السؤال السابع التحجير على السنة النبوية في عهد أبي بكر وعمر، ومنع الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا في حدود ضيقة، وكذلك الحال في عهد معاوية حيث قال: "يا ناس أقلوا الرواية عن رسول الله0. وإن كنتم تتحدثون فتحدثوا بما كان يتحدث به ـــــــــــــــــــــــ (1) شرح نهج البلاغة 1: 221، واللفظ له. الإمامة والسياسة 1: 18 كيف كانت بيعة علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه). تاريخ اليعقوبي 2: 125 ـ 126 خبر سقيفة بني ساعدة وبيعة أبي بكر. -[ 181 ]- في عهد عمر..." (1). وفرض عمر آراءه في الدين على المسلمين،كتحريم المتعتين ـ متعةالحج ومتعة النساء ـ وإمضاء الطلاق الثلاث، وغير ذلك مما هو مسطور مشهور. وكان لاتجاهات الحكام الأثر المهم في توجيه وجهة الجمهور في الحديث والعقائد والفقه، وقد عرض المنصور العباسي على مالك بن أنس أن يكتب في الفقه كتاباً يحمل الناس عليه (2). كما ان المأمون نادى بتحليل المتعة ثم تراجع عن ذلك (3)، وقد حمل الناس على القول بخلق القرآن ونفى رؤية الله عزوجل في الآخرة، وروج آراء المعتزلة، وبقي الأمر على ذلك، حتى غيره المتوكل، وأمر بنشر أحاديث الرؤية، وظهر القول بعدم خلق القرآن، ونشط الاتجاه المضاد للمعتزلة. وفي سنة أربعمائة وثمان للهجرة استتاب القادر الحنفية والمعتزلة والشيعة وغيرهم من ذوي المقالات المخالفة لمذهبه من مذاهبهم، ونهى عن المناظرة في شيء منها (4). ثم انتهى الأمر إلى أن حصر المستنصر التدريس في المدرسة المستنصرية ـــــــــــــــــــــــ (1) كنز العمال 10: 291 حديث:29473، واللفظ له. المعجم الكبير 19: 370 فيما رواه عبدالله ابن عامر اليحصبي القاريء عن معاوية. (2) الديباج المذهب 1: 25 باب في ذكر الموطأ وتأليفه إياه. وفي رواية أخرى أن المنصور قال لمالك أنه عزم على نسخ كتاب الموطأ وحمل الناس عليه، راجع سير أعلام النبلاء 8: 78 في ترجمة مالك: صفة الإمام مالك، وكشف الظنون 2: 1908، وغيرهما من المصادر. (3) راجع تاريخ بغداد 4: 199 في ترجمة يحيى بن أكثم، وطبقات الحنابلة 1: 413 في ترجمة يحيى ابن أكثم، وتهذيب الكمال 31: 214 في ترجمة يحيى بن أكثم، وتاريخ دمشق 64: 71. (4) راجع الكامل في التاريخ 8: 121 في ذكر أحداث سنة 408ه، والبداية والنهاية12: 6 في أحداث سنة 408 ه، والمنتظم 7: 287 في أحداث سنة 408ه، والعبر في خبر من غبر 3: 100 في أحداث سنة 408ه، وغيرها من المصادر. -[ 182 ]- بالمذاهب الأربعة التي عليها مدار فقه السنَّة حتى اليوم (1). ثم جعل العثمانيون المذهب الحنفي هو المذهب الرسمي في الدولة... إلى غير ذلك مما لا ضابط له، وكانت المواقف المتناقضة دينياً ـ نتيجة ذلك ـ تتعاقب على الجمهور. ومن المعلوم عدم شرعية ذلك وأن الدين لا يتبدل بتبدل السلطة. وإنما حصل ذلك بسبب عدم تحديد صلاحيات الخليفة. ولا يكمل نظام الخلافة إلا بتحديده، وتحديد ما سبق، كما هو ظاهر. وحيث لا يتيسر لنا فعلاً معرفة مذهب السنة في ذلك، فلابد من إيكاله إليهم. فإذا تم لهم تحديد ذلك كله، وأقاموا عليه الأدلة الشرعية حسب قناعاتهم، بحيث يكون هو المعيار عندهم في شرعية ما وقع ويقع من دعوى الإمامة والخلافة، أمكن المقارنة بين نظام الحكم عند الشيعة ونظام الحكم عند السنة، والموازنة بينهما بلحاظ أدلتهم، والنظر في الترجيح بين أدلة الشيعة على النظام الذي يذهبون إليه، وأدلة السنة على النظام الذي يذهبون إليه، ثم الأخذ بالأقوى من الدليلين، والذي يصلح أن يكون حجة بين يدي الله تعالى يوم يعرضون عليه [يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ] (2). أما مع عدم التحديد الشرعي من تلك الجهات فالنظام ناقص لا يصلح أن يكون طرفاً في المقارنة مع مذهب الشيعة والموازنة بينهم، ويمتنع ـــــــــــــــــــــــ (1) راجع تاريخ الخلفاء: 461 في ترجمة المستنصر بالله، والبداية والنهاية 13: 139 في أحداث سنة 631ه، ورحلة ابن بطوطة 1: 244 في مدينة بغداد، العبر في خبر من غبر 5: 123 في أحداث سنة 631ه، وغيرها من المصادر. (2) سورة النحل الآية: 111. -[ 183 ]- تشريعه إسلامياً: أولاً: لاستلزامه نقص الدين، وعدم تحديد موضوع الحكم الشرعي من قبل الشارع الأقدس، فإن للإمامة أحكاماً شرعية ـ كوجوب وجود الإمام، ووجوب طاعته، ووجوب قتال الخارجين عليه ـ فإذا لم يتم بدقة تحديد نظام الإمامة يلزم جعل الشارع لأحكام الإمامة من دون تحديد موضوعه. وهو نقص في الدين والتشريع، ينزه عنه الإسلام العظيم. بل هو مناف لقوله تعالى: [الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا] (1)، وغيره مما دل على كمال الدين. وثانياً: لأن الفراغ التشريعي في نظام السلطة سبب لإثارة المشاكل والفتنة، واختلال النظام، حيث يتم به المجال للادعاءات المتناقضة، والأهواء المتباينة، وما يترتب على ذلك من انتهاك الحرمات، وانتشار الفساد، وتلف النفوس والأموال. وإن كان ذلك كله قد حصل ـ مع الأسف ـ بأفظع صوره وأشنعها في الواقع الإسلامي. وهل يمكن أن يشرّع الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) نظام الحكم، ويجعل فيه منصب الخلافة، ثم لا يجعل الضوابط لتعيين الخليفة؟! وها نحن نرى المسؤولين عن تشريع القوانين الوضعية يبذلون عناية خاصة لتشريع قوانين نظام السلطة من أجل تجنب سلبيات الفراغ التشريعي فيه، فكيف يهملها الله سبحانه وتعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، مع أنهما أحرى بالاهتمام بتجنب السلبيات المذكورة؟! ولاسيما وأن للسلطة والخلافة في التشريع الإسلامي مقاماً رفيعاً وقدسية بالغة، حتى أجمع المسلمون على وجوب معرفة الإمام وبيعته، ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة المائدة الآية: 3. -[ 184 ]- وأن من مات بدون ذلك مات ميتة جاهلية ـ كما يأتي ـ وعلى وجوب طاعة الإمام، وحرمة الخروج عليه، وأن الخارج عليه باغ لا حرمة له، ويجب على المسلمين قتاله.
بعض الأدلة على صحة مذهب الشيعة في المهدي (عليه السلام) ونعود فنقول: إن إمامة المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه) ـ التي عليها يبتني لزوم وجوده ـ وإن كانت هي آخر لبنة في نظام الإمامة عند الشيعة ومسك ختامه، وقد سبق أن الاستدلال على نظام الإمامة عندهم متشعب وطويل، إلا أن هناك أمران مهمان نستطيع أن ننطلق منهما لإثبات وجوده (صلوات الله عليه) وإمامته: وجوب معرفة الإمام والتسليم له الأول: أنه قد تظافرت الأحاديث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأنه قال: "من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية" (1). أو: "من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية" (2). أو: "من مات وليس عليه إمام مات ميتة جاهلية" (3). أو: "من مات وليس عليه إمام فميتته ميتة جاهلية" (4). ـــــــــــــــــــــــ (1) ينابيع المودة 3: 372. طبقات الحنفية: 457. (2) مسند أحمد 4: 96 في (حديث معاوية بن أبي سفيان). حلية الأولياء 3: 224 في ترجمة زيد ابن أسلم. المعجم الكبير 19: 388 فيما رواه (شريح بن عبيد عن معاوية). مسند الشاميين 2: 437 (ما انتهى إلينا من مسند ضمضم بن زرعة) في (ضمضم عن شريح بن عبيد). مجمع الزوائد 5: 218 كتاب الخلافة: باب لزوم الجماعة وطاعة الأئمة والنهي عن قتالهم. (3) السنة لابن أبي عاصم 2: 503 باب في ذكر فضل تعزيز الأمير وتوقيره. مسند أبي يعلى 13: 366 حديث معاوية بن أبي سفيان. (4) مجمع الزوائد 5: 224 كتاب الخلافة: باب لزوم الجماعة والنهي عن الخروج عن الأمة وقتالهم. -[ 185 ]- أو: "من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية" (1). ونحو ذلك مما يرجع إلى عدم خلوّ كل عصر من إمام تجب على الناس طاعته، لشرعية إمامته (2). وهو المناسب لقوله تعالى: [يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ] (3)، حيث يدل على أن لكل إنسان إماماً يدعى به. ـــــــــــــــــــــــ المجروحين 1: 286 في ترجمة خليد بن دعلج. (1) صحيح مسلم 3: 1478 كتاب الإمارة: باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن. السنن الكبرى للبيهقي 8: 156 كتاب قتال أهل البغي: جماع أبواب الرعاة باب الترغيب في لزوم الجماعة والتشديد على من نزع من الطاعة. تفسير ابن كثير 1: 518 في تفسير الآية: (59) من سورة آل عمران. مجمع الزوائد 5: 218 كتاب الخلافة: باب لزوم الجماعة وطاعة الأئمة والنهي عن قتالهم. الكبائر للذهبي: 169 في الكبيرة (45) الغدر وعدم الوفاء بالعهد. السنة لابن أبي عاصم 2: 514 باب في ذكر فضل تعزيز الأمير وتوقيره. المعجم الكبير 19: 334 فيما رواه (ذكوان أبو صالـح السمان عن معاوية). ورويت هذه الأحاديث أو ما يقرب منها في المصادر الشيعية ومنها: الكافي 1: 376 كتاب الحجة: باب من مات وليس له إمام من أئمة الهدى حديث:1، 2،3، 1: 378 كتاب الحجة: باب ما يجب على الناس عند مضي الإمام حديث:2. وراجع ص: 180 كتاب الحجة: باب معرفة الإمام والردّ إليه، وص:374 كتاب الحجة: باب من دان الله عزوجل بغير إمام من الله جل جلاله. بحار الأنوار 23: 76 ـ 95 باب: وجوب معرفة الإمام وأنه لا يعذر الناس بترك الولاية وأن من مات لا يعرف إمامه أو شك فيه مات ميتة جاهلية وكفر ونفاق. (2) وقد استفاضت أحاديث الشيعة بذلك عن أئمة أهل البيت (صلوات الله عليهم) وتوجد الأحاديث المذكورة في الكافي 1: 178 كتاب الحجة: باب أن الأرض لا تخلو من حجة، 1: 179 كتاب الحجة: باب أنه لو لم يبق في الأرض إلا رجلان لكان أحدهما الحجة. وراجع:1: 168 كتاب الحجة: باب الاضطرار إلى الحجة، و1: 177 كتاب الحجة: باب أن الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بإمام، وغيرهم. كما توجد الأحاديث المذكورة في بحار الأنوار 23: 1 ـ 56 باب: الاضطرار إلى الحجة، وص:57 ـ 65 باب آخر في اتصال الوصية وذكر الأوصياء من لدن آدم إلى آخر الدهر. (3) سورة الإسراء الآية: 71. -[ 186 ]- وقد يحاول بعض الناس حمل الإمام في الآية الشريفة على النبي، وأن المراد أن أمة كل نبي تدعى معه. لكنه مخالف لظاهر إطلاق الإمام في الآية الكريمة، فإن الإمام في عرف المسلمين من يأتم الإنسان به في أمر دينه ودنياه ويطيعه في أموره، والنبي إمام لأهل زمانه من أمته، أما بعد وفاته فلابد من شخص آخر يكون لهم إماماً مطاعاً فيهم. وهو الأنسب بالجمع بين الآية الشريفة والأحاديث المتقدمة، حيث تكون هذه الأحاديث شارحة للآية ومفسرة له. وعلى كل حال فالأحاديث المذكورة وحدها كافية في إثبات عدم خلوّ كل عصر من إمام تجب على الناس بيعته وطاعته، لشرعية إمامته. وذلك أنسب بمذهب الإمامية في الإمامة، وأنها بنص من الله تعالى، ولا تحتاج إلى اختيار الناس للإمام وبيعتهم له، بل يجب عليهم بيعته وطاعته، بعد أن جعله الله تعالى إمام. ويتجلى ذلك بوضوح في عصورنا هذه، حيث ترك السنة اختيار إمام لهم يبايعونه بعد إلغاء الخلافة العثمانية في تركيا عام (1342ه)، وحيث كان مقتضى هذه الأحاديث وجود إمام للمسلمين في هذا العصر ـ كغيره من العصور ـ فالمتعين هو وجود المهدي المنتظر وإمامته، إذ لا يحتمل منا ومنهم إمامة غيره في هذه العصور.
الأئمة اثنا عشر من قريش الثاني: أنه ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في أحاديث كثيرة تعداد الأئمة في هذه الأمة، وأنهم اثنا عشر من قريش. وقد روي ذلك بطرق كثيرة، صحح أهل الحديث كثيراً منه. بل قال البغوي: "هذا حديث متفق على صحته" (1). ـــــــــــــــــــــــ (1) شرح السنة 15: 30، 31 نقلاً عن دليل المتحيرين في بيان الناجين: 226. -[ 187 ]- وهذه الأحاديث تنطبق على مذهب الإمامية في الإمامة، فالأئمة الاثنا عشر أولهم أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) وآخرهم الإمام المهدي الغائب المنتظر (صلى الله عليه، وعجل فرجه). ولا موجب لصرف هذه الأحاديث عن أئمة أهل البيت الاثني عشر إلا قناعات السنة المسبقة بمشروعية ما حصل في أمر الخلافة، حيث اضطروا بسبب ذلك إلى إخضاع الأدلة لواقع خلافتهم الذي حصل. وحيث لا يتطابق هذا الواقع مع هذه الأحاديث فقد اضطربت كلماتهم في توجيهه. وحاول بعضهم توجيهها بوجوه متكلفة ظاهرة الوهن (1)، مع أن المنطق يقضي بإخضاع الواقع للأدلة، وتحكيمها في شرعيته أو عدمه، كما سبق في قول أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): "اعرف الحق تعرف أهله". ولا معنى لإخضاع الأدلة للواقع، وتحكيمه عليها وتكلف توجيهها بما يناسبه. ولنكتف بهذا المقدار في الاستدلال على صحة مذهب الشيعة في المهدي المنتظر (عليه أفضل الصلاة والسلام)، مع إيكال بقية الكلام في ذلك لمباحث الإمامة وأدلة الإمامية فيه. ولاسيما ما ذكروه في خصوص المهدي المنتظر، حيث فصّلوا الكلام في أمره وأطالوا فيه، حتى ألّف كثير منهم كتباً خاصة به. فليطلب ذلك، ولينظر فيه من تهمه الحقيقة، ويريد الخروج عن مسؤوليتها مع الله تعالى. ومنه سبحانه وتعالى التوفيق والتسديد. ـــــــــــــــــــــــ (1) راجع فتح الباري 13: 211 ـ 215.
عدل سابقا من قبل تراب أقدام المهدي في الإثنين يوليو 09, 2012 4:03 am عدل 1 مرات | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: هل تنتقض قاعدة اللطف بغيبة الإمام المهدي عجل الله فرجه؟ الأحد يوليو 08, 2012 6:17 am | |
| -[ 188 ]-
س5: الاستدلال عند الشيعة بوجوب نصب الإمام استدلال باللطف الإلهي، وهو يوجب وجود العدل بين الناس من خلال الإمام، لكنه ألا يعارضه الآن خلوّ الناس من إمام عادل، فيسقط الاستدلال باللطف الإلهي؟ ج: لابد أولاً من شرح قاعدة اللطف الإلهي التي يستدل بها الشيعة على وجوب نصب الإمام على الله تعالى، وبيان المراد منه، ثم النظر في انتقاضها وعدمه.
شرح قاعدة اللطف وتحديده وحينئذٍ فمرجع قاعدة اللطف إلى أن عموم البشر حيث كانوا في نقص ذاتي، جاهلين بما يصلحهم، غير معصومين من الفساد والشرّ والظلم، بل تتنازع فيهم دواعي الصلاح والفساد، والخير والشرّ، والظلم والعدل، فهم في حاجة إلى إمام معصوم يجمعهم على الصلاح والخير والعدل، ويبعدهم عن الفساد والشرّ والظلم. فمقتضى حكمة الله تعالى ورحمته أن يلطف بهم، ويزيح العلة من قبله عنهم، بأن يجعل لهم إماماً معصوم، ويعرفهم به بحجة كافية ودليل واضح. ولعله إلى ذلك يشير قوله تعالى: [وَمَا قَدَرُواْ اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ اللهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ] (1). ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة الإنعام الآية: 91. -[ 189 ]- وحيث كانت حاجتهم لذلك مستمرة في جميع الأوقات تبعاً لدوام نقصهم وحاجتهم، فلابد من وجود إمام معصوم في كل زمان يزيح العلة. ولا يكفي إرسال النبي في وقته بعد أن لم يكن خالد، لأنه إنما يكون إماماً لعصره، ولا تزاح به العلة بعد ذلك. لما هو المعلوم من حصول الخلاف بعده، وشيوع الشرّ والفساد وخروج الأمة ـ ولو ببعض فئاتها ـ عن حظيرة الطاعة لله تعالى، وضياع معالم الحق عليه. هذا هو مفاد قاعدة اللطف الإلهي. وهي لا تقتضي وجوب تحقق العدل فعلاً بسيطرة الإمام، وقبضه على زمام الأمور، وقسر الناس على الانصياع له والرضوخ لحكمه. فإن ذلك لم يحصل إلا في فترات زمنية قصيرة. وربما لم يكن في تلك الفترات بنحو شامل. بل المراد منها وجوب إزاحة علتهم من قبل الله تعالى تشريعاً بنصب الإمام لهم، وتعريفهم به بما تتم به الحجة عليهم [لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ] (1). ثم لهم بعد ذلك الاختيار. فإن شكروا النعمة وأطاعوه صلح أمرهم وعمهم الخير والعدل، كما قال عز من قائل: [وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُواْ وَاتَّقَوْاْ لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ * وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاء مَا يَعْمَلُونَ] (2). وإن كفروا النعمة وخالفوه ذاقوا وبال أمرهم، وعمهم الفساد والظلم، كما قال سبحانه وتعالى: [مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَمَ ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة الأنفال الآية: 42. (2) سورة المائدة الآية: 65 ـ 66. -[ 190 ]- أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ...] (1). وليس لهم على الله حجة، بعد أن لطف بهم وهداهم سواء السبيل، بل يتحملون وحدهم مسؤولية تفريطهم في أمر الله تعالى، ومجانبتهم للإمام الذي نصبه لهم، وإعراضهم عنه. ولو تركهم الله تعالى في هذا الحال ووكلهم إلى أنفسهم من دون أن يجعل لهم إماماً يملك مقومات هدايتهم، ويقوى على القيام بإدارة شؤونهم لكان قد فرط في حقهم، ولم يلطف بهم، ولم يكن تشريعه وافياً بصلاحهم وهدايتهم. ولكان لهم الحجة بذلك عليه، جل شأنه، وعلا علواً كبير. نظير ما تضمنه قوله تعالى: [وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * أَن تَقُولُواْ إِنَّمَا أُنزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَآئِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ* أَوْ تَقُولُواْ لَوْ أَنَّا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ...] (2). فقاعدة اللطف بالإضافة إلى الإمامة كقاعدة اللطف بالإضافة إلى تشريع سائر الأحكام في حق الناس من الواجبات والمحرمات والآداب. فإن القاعدة المذكورة تقضي بأن الناس لما كانوا قاصرين ـ بسبب جهلهم وفقرهم ـ فالواجب على الله تعالى ـ بمقتضى حكمته ـ أن يلطف بهم ويشرع لهم من الأحكام ما يصلح به أمرهم في معاشهم، ومعادهم، وفي علاقتهم مع الله سبحانه، ومعاشرتهم فيما بينهم. من دون أن تقضي بوجوب تهيئة الظروف المناسبة لتطبيقهم تلك الأحكام، وحملهم على ذلك من أجل أن يفوزوا فعلاً بالخير والصلاح، ويبعدوا عن الشر والفساد. بل ليس عليه سبحانه إلا تشريع الأحكام لصالحهم، مع بقاء ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة النساء الآية: 79. (2) سورة الإنعام الآية: 155 ـ 157. -[ 191 ]- الاختيار لهم، كما قال عز من قائل: [إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا] (1). فمن أطاع الله تعالى، وعمل بتلك الأحكام، فاز وسعد، ومن عصى وأعرض عنها شقي، وكان من الخاسرين. وليس له على الله عز وجل حجة في ذلك.
لا تنتقض قاعدة اللطف على مذهب الإمامية وبعد أن أوضحنا المراد بقاعد اللطف فهي لم تنتقض في هذا الزمان على مذهب الإمامية، لأنهم يقولون بإمامة الإمام الثاني عشر، وهو الحجة ابن الحسن (صلوات الله عليه وعلى آبائه)، وبأنه موجود فعلاً يقوم بوظيفته، حسبما تسمح له ظروفه، وتسعه قدرته. بل من جملة أدلتهم على وجوده قاعدة اللطف المذكورة. ولا ينافي إمامته عدم تسنمه فعلاً السلطة وإدارة أمور الناس، وعدم نشره للعدل في الأرض، لأن ذلك إنما حصل بسبب الناس أنفسهم، لا لقصور فيه وفي إمامته، ولا في جعل الله تعالى وتشريعه. فحاله (صلوات الله عليه) في ذلك حال آبائه (صلوات الله عليهم) الذين حال الظالمون وأتباعهم دون تسنمهم السلطة، وقبضهم على زمام الأمور، ونشرهم العدل بين الناس. وحال أكثر الأنبياء (صلوات الله عليهم). بل حتى نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإنه لم يتسن له أن ينشر العدل بنحو يعمّ الناس كلهم. وليست غيبة الإمام المهدي (صلوات الله عليه) واعتزاله السلطة أمراً مأخوذاً في إمامته، ليلزم قصور إمامته عن أداء وظيفة الإمام، التي تقتضيها قاعدة اللطف التي تقدم شرحه. بل هي حالة استثنائية فرضته ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة الإنسان الآية: 3. -[ 192 ]- الظروف التي أحاطت به (صلوات الله عليه)، نتيجة فساد المجتمع وقيام دول الجور، وتقصير الناس في أداء وظيفتهم إزاء الحق الذي أراده الله تعالى وفرضه. فهي نظير سجن آبائه الأئمة أبي إبراهيم موسى بن جعفر الكاظم، وأبي الحسن علي بن محمد الهادي، وأبي محمد الحسن بن علي العسكري (صلوات الله عليهم). وليس الفرق بينهم وبينه إلا أنهم سجنوا قسراً عليهم من قِبَل الظالمين، وغاب هو (صلوات الله عليه) باختياره فراراً بنفسه خوفاً من الظالمين، ولعدم ملائمة الوضع العام لظهوره، ونحو ذلك من المصالـح التي يعلمها الله تعالى. من دون أن يرجع ذلك إلى قصور في إمامته. ومتى ارتفعت تلك الأسباب ظهر (صلوات الله عليه) ولم يبخل بنفسه على الناس، ولم تقصر إمامته ووظيفته التي شرعها الله تعالى في حقه عن تسنمه السلطة عليهم، وإدارته لأمورهم ونشر العدل بينهم. والحاصل: أنه لا قصور في تشريع إمامته وإمامة آبائه (صلوات الله عليهم أجمعين) عما تقتضيه قاعدة اللطف المتقدمة، وإنما لم ينتشر العدل فعلاً في المجتمع لعدم تطبيق ذلك التشريع، وحصول الموانع منه نتيجة تقصير الناس وحيلولتهم دون تطبيقه. وقد سبق أن قاعدة اللطف لا تقتضي رفع الموانع المذكورة. إذا عرفت هذا فقولك: "ألا يعارضه الآن خلوّ الناس من إمام عادل؟" إن أردت به عدم وجود إمام الآن من قِبَل الله تعالى. فالإمام موجود على قول الإمامية، ولم يخل منه هذا الزمان، ولا غيره من الأزمنة، لتنتـقض قاعدة اللطف وتبطل. وإن أردت به عدم ظهور الإمام وعدم -[ 193 ]- تسنمه السلطة وإقامته للعدل، فهو لا ينافي قاعدة اللطف، لما سبق من أنها إنما تقتضي إمامة الإمام الصالـح لإقامة العدل، لا تسنمه السلطة وإقامته العدل فعل. ومن ثم لا يسقط استدلال الشيعة على الإمامة بقاعدة اللطف.
عدل سابقا من قبل تراب أقدام المهدي في الإثنين يوليو 09, 2012 4:09 am عدل 1 مرات | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: حديث الثقلين الأحد يوليو 08, 2012 6:38 am | |
| -[ 194 ]- س6: ما وجه الدلالة بحديث العترة على وجوب نصب سيدنا علي (عليه السلام) للإمامة؟ وهل يمكن أن يفهم الحديث على أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يوصي الصحابة بآل البيت خير، وأن يعتنوا بهم، لا أنه نص بالخلافة له؟ ج: يحسن التعرض في جواب ذلك لأمور يترتب بعضها على بعض. 1 ـ فهذا الحديث قد ورد بطرق كثيرة وبألسنة متقاربة. وقد قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في مناسبات مختلفة. ومن المناسب التعرض لبعض المتون التي روي به، والتي تضمنتها بعض طرقه، ليكون أيسر في بيان المراد:
بعض متون حديث الثقلين منها: ما روي عن جابر بن عبد الله: "قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حجته يوم عرفة، وهو على ناقته القصواء يخطب، فسمعته يقول: يا أيها الناس، إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي" (1). ومنها: ما روي عن زيد بن أرقم وأبي سعيد قالا: "قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي. ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض. فانظروا كيف تخلفوني فيهما" (2). ومنها: ما روي عن زيد بن أرقم قال: "نزل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بين مكة والمدينة عند شجرات خمس دوحات عظام، فكنس الناس ما تحت الشجرات، ـــــــــــــــــــــــ (1)، (2) سنن الترمذي 5: 662ـ 663. كتاب المناقب: باب مناقب أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). -[ 195 ]- ثم راح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عشية فصلى، ثم قام خطيب، فحمد الله وأثنى عليه، وذكّر ووعظ، فقال ما شاء الله أن يقول. ثم قال: أيها الناس، إني تارك فيكم أمرين لن تضلوا إن اتبعتموهم، وهما كتاب الله وأهل بيتي عترتي..." (1). ومنها: ما روي عن أبي سعيد الخدري عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: "إني أوشك أن أدعى فأجيب وإني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله عز وجل وعترتي. كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض. وعترتي أهل بيتي. وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض. فانظروني بمَ تخلفوني فيهما" (2). ومنها: ما روي عن زيد بن ثابت قال: "قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إني تارك فيكم خليفتين: كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض، أو ما بين السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي. وإنهما لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض" (3). ومنها: ما روي عن أبي سعيد الخدري قال: "قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعدي، الثقلين أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله، حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي. ألا وأنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض" (4). وهناك ألسنة مقاربة لما سبق تجدها في كثير من مصادر الحديث المعروفة وغيرها (5). ـــــــــــــــــــــــ (1) المستدرك على الصحيحين 3: 118 كتاب معرفة الصحابة: من مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه). (2) مسند أحمد 3: 17 في مسند أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه)، واللفظ له. الطبقات الكبرى 2: 194 في ذكر ما قرب لرسول الله -من أجله. (3) مسند أحمد 5: (181، 189 مثله) في حديث زيد بن ثابت عن النبي -. (4) مسند أحمد 3: 59 في مسند أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه). (5) راجع تفسير ابن كثير 4: 114، ومجمع الزوائد 9: 163، 165 كتاب المناقب: باب في فضل
-[ 196 ]- دلالة حديث الثقلين على وجوب طاعة العترة 2 ـ بعد ما سبق من متون الحديث فلا مجال لحمله على مجرد الوصية بحب أهل البيت (عليهم السلام)، واحترامهم، وتبجيلهم، والعناية بهم، والرعاية لهم، بل لابد من حمله على الأمر بطاعتهم واتباعهم.. أولاً: لأن ذلك هو المناسب لما في أكثر متون الحديث المروية من تقديم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الحديث المذكور بتوقع رحيله والتحاقه بالرفيق الأعلى، حيث لا مناسبة بين رحيله (صلى الله عليه وآله وسلم) والأمر بحب أهل البيت (عليهم السلام) واحترامهم، لوضوح أن حبهم واحترامهم لازم في جميع الأوقات، حتى أيام حياته. بل حيث كان (صلى الله عليه وآله وسلم) هو المرجع لأمته في أمور دينهم وإدارة شؤونهم في حياته، وكان رحيله يحدث فراغاً من هذه الجهة، كان المناسب ذكر توقع رحيله تنبيهاً منه (صلى الله عليه وآله وسلم) لحاجتهم للمرجع بعده، الذي يقوم مقامه، ويسدّ الفراغ الذي يحدثه، تمهيداً لبيان المرجع المذكور. ويناسب ذلك قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حديث زيد بن ثابت: "إني تارك فيكم خليفتين" لظهوره في إرادة ما يخلفه ويقوم مقامه ويؤدي وظيفته، ويجب اتباعه وطاعته مثله. وثانياً: لأن ذلك هو المناسب لجعل العترة الكريمة في سياق الكتاب المجيد، لوضوح أنه لا يراد من الحديث الشريف مجرد الحثّ على تعظيم ـــــــــــــــــــــــ أهل البيت (رضي الله عنهم)، والسنن الكبرى للنسائي 5: 45 فضائل علي، ومصنف ابن أبي شيبة 6: 309 كتاب الفضائل: باب ما أعطى الله تعالى محمداً-، والمعجم الأوسط 3: 374، والمعجم الصغير 1: 226، ومسند أبي يعلى 2: 297 في مسند أبي سعيد الخدري، ومسند ابن الجعد 1: 397 (من حديث محمد بن طلحة بن مصرف)، والسنة لابن أبي عاصم 2: 351 باب ما ذكر عن النبي-أنه وعد من تمسك بأمره ورود حوضه، ونوادر الأصول في أحاديث الرسول 1: 258 الأصل الخمسون في الاعتصام بالكتاب والعترة...، وسير أعلام النبلاء 9: 365 في ترجمة يزيد بن هارون، وغيره. -[ 197 ]- الكتاب المجيد وتكريمه، بمثل تقبيله، وجعله في موضع مرتفع، ونحوهم، بل الحث على الرجوع إليه، ولزومه واتباعه، والعمل بأوامره ونواهيه، فلابد من كون ذلك هو المراد في حق العترة الكريمة. وثالثاً: لأن ذلك هو المناسب لترتب العصمة من الضلال على التمسك بالثقلين، لظهور أن احترام العترة بنفسه وإن كان واجباً ديني، إلا أنه كسائر الفرائض لا أثر له في العصمة من الضلال، بل ليس العاصم من الضلال إلا اتباع المرجع المعصوم، ولزوم طريقه، وعدم الخروج عنه. ورابعاً: لأن ذلك هو المناسب للتنبيه في كثير من هذه الأحاديث إلى عدم افتراق الكتاب والعترة. لظهور أن ذلك لا أثر له في لزوم التعظيم والاحترام. ولذا يجب احترام جميع الأنبياء (صلوات الله عليهم) وتعظيمهم وتقديسهم وإن اختلفت شرائعهم، وإنما يحسن التنبيه لعدم الافتراق عند الأمر بالطاعة والمتابعة، لتعذر اتباع أكثر من مرجع واحد مع الاختلاف بينهم، فإن متابعة بعضهم حينئذٍ تستلزم مخالفة الآخر. ومن ثم حسن منه (صلى الله عليه وآله وسلم) التنبيه لعدم الافتراق بين الكتاب والعترة، لبيان أن تعدد المرجع هنا لا يمنع من متابعتهما معاً بعد اتفاقهم، وعدم الافتراق بينهم. وخامساً: لأن من جملة المناسبات التي قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هذا الحديث فيها هو خطبته في غدير خم ـ كما تضمنه حديث زيد بن ثابت المتقدم وغيره ـ وقد قاله تمهيداً للنص على أمير المؤمنين بالولاية والأمر بالطاعة، حيث يناسب ذلك سوق حديث الثقلين لذلك أيض. وسادساً ـ وهو الأهم ـ: لأن ذلك هو المتعين بلحاظ التعبير في الأحاديث المتقدمة بالتمسك والأخذ والاتباع، إذ لا تكون هذه الأمور إلا بالطاعة وموافقة الأمر والنهي اللذين يتضمنهما الكتاب المجيد، ويصدران -[ 198 ]- من العترة الكريمة. ويؤكد ذلك ما رواه الطبراني في تتمة حديث الثقلين من قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): "فلا تقدموهما فتهلكو، ولا تقصروا عنهما فتهلكو، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم" (1). فإنه صريح في إرادة الطاعة والاتباع. ومن هنا لا ينبغي الإشكال في ذلك.
وجوب طاعة العترة يستلزم كون الإمامة فيهم 3 ـ وإذا وجب طاعة العترة الكريمة وأهل البيت (عليهم السلام) فلابد من كون الإمامة فيهم، إذ ليست إمامة الإمام إلا كونه قدوة للمأمومين، بحيث يجب عليهم أن يطيعوه ويتابعوه. ولا يمكن أن تجب على الأمة طاعتهم، وتكون الإمامة في غيرهم، فيكون الحاكم محكوم، والسائس مسوس. وذلك أظهر من أن يحتاج إلى بيان. 4 ـ وإذا كانت الإمامة في العترة ووجبت طاعتهم فسيد العترة أمير المؤمنين الإمام علي (عليه أفضل الصلاة والسلام) بلا منازع. ولاسيما بعد أن فسّر حديث الثقلين العترة بأهل البيت (صلوات الله عليهم). حيث تظافرت النصوص عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأن أهل البيت في عصره (صلى الله عليه وآله وسلم) هم خصوص أمير المؤمنين، والصديقة فاطمة الزهراء، والسبطين: الحسن والحسين (صلوات الله عليهم). ففي حديث عائشة: "خرج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي، فأدخله، ثم جاء الحسين، فدخل معه، ثم جاءت فاطمة، فأدخله، ثم جاء علي، فأدخله، ثم قال: [إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ ـــــــــــــــــــــــ (1) المعجم الكبير 5: 166 فيما رواه (أبو الطفيل عامر بن واثلة عن زيد بن أرقم). مجمع الزوائد 9: 164 كتاب المناقب: باب في فضل أهل البيت (رضي الله عنهم). -[ 199 ]- لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطْهِيرًا]" (1). وفي حديث أم سلمة قالت: "في بيتي نزلت [إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ]، قالت: فأرسل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى علي وفاطمة والحسن والحسين، فقال: هؤلاء أهل بيتي" (2)... إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة. ولذا شاع بين المسلمين تفسير أهل البيت بهم عند الإطلاق، بحيث يحتاج تعميمه لغيرهم إلى عناية. وحينئذٍ لا ريب في أن المؤهل والمتعين منهم للخلافة والإمامة بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هو أمير المؤمنين، لا غير. ولذا أراد العباس بن عبدالمطلب مبايعته، وكان ولداه الحسنان (صلوات الله عليهم) منقادين لحكمه. وكان بنو هاشم ومن والاهم أو كان على خطهم ينادون باسمه، وكان هو المؤهل الوحيد للخلافة في قبال أبي بكر، بعد خمود دعوة الأنصار. وذلك كله يكون متمماً لدلالة حديث الثقلين على إمامته وخلافته (صلوات الله عليه)، ووجوب بيعته على الأمة بالخصوص. ويؤكد ذلك أن من جملة المناسبات التي قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هذا الحديث فيها هو خطبته في غدير خم، مقدمة لنصبه لأمير المؤمنين (عليه السلام)، كما سبق. نعم، الحديث بنفسه لو بقي وحده لا يدل إلا على وجوب طاعة أهل البيت (صلوات الله عليهم) ولزوم متابعتهم، المستلزم لكون الإمامة فيهم، وعدم خروجها عنهم، من دون تعيين لشخص الإمام منهم، وإنما يتعين أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) بضميمة ما سبق. ـــــــــــــــــــــــ (1) صحيح مسلم 4: 1883 كتاب فضائل الصحابة: باب فضائل أهل بيت النبي-. تحفة الأحوذي 9: 49. (2) المستدرك على الصحيحين 3: 158 كتاب معرفة الصحابة: في مناقب أهل رسول الله-. | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: واقعة الغدير الإثنين يوليو 09, 2012 4:17 am | |
| -[ 200 ]- س7: واقعة الغدير يقول الشيعة: إنها متواترة. لكن أهل السنة لم ينقلوها بكتب الحديث. فكيف تكون بالمتواترة ولم يروها أهل السنة ولو بخبر آحاد ضعيف؟! ج: لا ندري كيف تقول ذلك وواقعة الغدير قد اتفق على روايتها الشيعة والسنة، من المحدثين والمفسرين والمؤرخين، كما رووا كثيراً من الحوادث المشهورة، وتناولها الشعراء في شعرهم، وتعرض لها علماء الكلام في كتبهم. ولم يعرف إنكارها إلا من بعض الشواذ من السنة. وقد استنكر عليه ذلك جماعة (1). وقد ألّف فيها جماعة كتباً مستقلة. منهم المرحوم الشيخ عبد الحسين الأميني (قدس سره). فقد ألف موسوعته (الغدير في الكتاب والسنة والأدب) الذي تقدم التعرض له عند ذكر المصادر الشيعية. وقد طبع منه حتى الآن ـ فيما نعلم ـ أحد عشر مجلد. وقد خصص الجزء الأول منه للكلام حول طرق ثبوت حديث الغدير وواقعته من روايات السنة. وقد أنهى الرواة لذلك في طرقهم من الصحابة إلى مائة وعشرة، ومن التابعين إلى أربعة وثمانين. كما أنهى رواته من علماء السنة ومؤلفيهم طبقة بعد طبقة إلى ثلاثمائة وستين. وقد وثّق ذلك كله بالمصادر. ومن الطبيعي أن قضية بهذه السعة لا يسعنا استقصاء طرقه، واستيفاء ما ورد فيها هن. ـــــــــــــــــــــــ (1) راجع كتاب الغدير في الكتاب والسنة والأدب 1: 294 ـ322. -[ 201 ]- نعم من الظاهر أن مراد الشيعة وغيرهم بتواترها ليس هو تواترها بجميع تفاصيلها وخصوصياته، بل تواترها إجمال. وإن كانت بعض حوادثها منقولة في بعض الكتب وببعض الطرق التي لا تصل حدّ التواتر. كما هو الحال في جميع الحوادث المتواترة، كاضطهاد المسلمين في مكة المكرمة، وهجرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للمدينة المنورة، وكثير من حروبه، وحجة الوداع، وغيره. ومن هنا يحسن بنا أن نذكر المهم من حوادثه، حسب تسلسلها الزمني، ومحلها من الواقعة المذكورة. ونتعرض في كل حادثة إلى مصادرها وطرق ثبوته. وهي عدة حوادث..
نزول آية التبليغ في مناسبة واقعة الغدير الأول: نزول قوله تعالى: [يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ] (1) في التبليغ بولاية أمير المؤمنين، وأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من أجل ذلك خطب بولايته في غدير خمّ. ذكره جماعة كثيرة، منهم.. 1 ـ الحافظ عبد الرحمن بن أبي حاتم محمد بن ادريس التميمي الحنظلي الرازي، المتوفى سنة (327ه). أخرج بإسناده عن أبي سعيد الخدري نزول الآية يوم غدير خمّ في عليّ بن أبي طالب، على ما رواه عنه السيوطي (2)، والشوكاني (3). 2 ـ الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الأصبهاني، المتوفى ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة المائدة الآية: 67. (2) الدر المنثور 2: 298 في تفسير الآية. (3) فتح القدير 2: 60 في تفسير الآية. -[ 202 ]- سنة (416ه). أخرج ذلك بإسناده عن أبي سعيد الخدري، على ما رواه عنه السيوطي (1)، والشوكاني (2). 3 ـ أبو الحسن بن أحمد بن محمد بن علي بن متَّويه الواحدي النيسابوري، المتوفى سنة (468ه). أخرج ذلك عن أبي سعيد الخدري (3). 4 ـ عبيد الله بن عبد الله الحاكم النيسابوري المعروف بابن الحداد الحسكاني، المتوفى في أواخر القرن الخامس الهجري. أخرج ذلك بسنده عن ابن عباس، وجابر بن عبدالله الأنصاري (4). 5 ـ الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي الملقب بثقة الدين الشهير بابن عساكر. أخرج ذلك بإسناده عن أبي سعيد الخدري، على ما رواه عنه السيوطي (5)، والشوكاني (6). وقد أنهاهم الشيخ الأميني (قدس سره) إلى ثلاثين (7). لكن بعضهم ذكر ذلك على أنه أحد الوجوه في تفسير الآية الشريفة. وبعضهم حكي عنهم ذلك في مصادر لا يتسنى لنا الاطلاع عليه، أو في مصادر شيعية لسنا بصدد ذكرها الآن ـ وإن كانت صدوقة عندنا ـ أو غير ذلك. كما أنه ذكر أن الثعلبي رواه في تفسيره عن الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، وعن ابن عباس (8). ويأتي عند الكلام في التهنئة من فخر الدين ـــــــــــــــــــــــ (1) الدر المنثور 2: 298 في تفسير الآية. (2) فتح القدير 2: 60 في تفسير الآية. (3) أسباب النزول للواحدي: 135 في أسباب نزول الآية. (4) شواهد التنزيل لقواعد التفصيل والتأويل 1: 250 ـ 251 في نزول الآية. (5) الدر المنثور 2: 298 في تفسير الآية. (6) فتح القدير 2: 60 في تفسير الآية. (7) الغدير في الكتاب والسنة والأدب 1: 214 ـ 229. (8) الغدير في الكتاب والسنة والأدب 1: 217. -[ 203 ]- الرازي في تفسيره نسبة ذلك إليهما وإلى البراء بن عازب. | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: رد: (في رحاب العقيدة)للسيد الحكيم.مفصّل سهل التناول الإثنين يوليو 09, 2012 4:24 am | |
| الواقعة حدثت في غدير خم الثاني: أن الحديث والواقعة قد كانت في غدير خمّ. وهذا أمر مفروغ عنه في الحديث والتاريخ. ولذا سمي الحديث بـ (حديث الغدير). ومع ذلك فقد صرح به جماعة كثيرة من السنة، نذكر منهم.. 1 ـ أبا المحاسن يوسف بن موسى الحنفي (1). 2 ـ إمام الحنابلة أبا عبد الله أحمد بن حنبل الشيباني، المتوفى سنة (241ه) (2). 3 ـ الحافظ أبا سعيد الهيثم بن كليب الشاشي، المتوفى سنة (335ه) (3). 4 ـ الحافظ أبا عمر يوسف بن عبدالله محمد بن عبدالبر النمري القرطبي، المتوفى سنة (436ه) (4). 5 ـ الحافظ أبا عبدالرحمن أحمد بن شعيب النسائي، المتوفى سنة (303ه) (5). ـــــــــــــــــــــــ (1) معتصر المختصر 1: 307 كتاب النكاح: في كراهة التزوج على فاطمة، 2: 301 كتاب جامع مما ليس في الموطأ: في مناقب علي (رضي الله عنه). (2) مسند أحمد 1: (84، 118، 152) في مسند علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) ، 4: 281 في حديث البراء بن عازب (رضي الله عنه) ، 4: (368، 372) في حديث زيد بن أرقم (رضي الله عنه). (3) مسند الشاشي 2: 127 فيما رواه (الحارث بن مالك عن سعد)، 2: 166 فيما رواه (عامر بن سعد عن سعد). (4) الاستيعاب 3: 36 في ترجمة علي بن أبي طالب (رضي الله عنه). (5) السنن الكبرى للنسائي 5: 45 كتاب المناقب: في فضائل علي (رضي الله عنه) ، ص: 132 كتاب الخصائص: باب قول النبي-من كنت وليّه فعلي وليّه، ص: 134 كتاب الخصائص:الترغيب في موالاة علي (رضي الله عنه) والترهيب في معاداته. ورواه أيضاً في كتابه خصائص -[ 204 ]- 6 ـ الحافظ أبا الحسن علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي، المتوفى سنة (807ه) (1). 7 ـ أبا بكر عبدالله بن محمد بن أبي شيبة الكوفي، المتوفى سنة (235ه) (2). 8 ـ الحافظ ضياء الدين أبا عبد الله محمد بن عبدالواحد بن أحمد الحنبلي المقدسي، المتوفى سنة (643ه) (3). 9 ـ الحافظ أبا عبد الله محمد بن عبدالله الحاكم الضبي النيسابوري، المعروف بابن البيع، المتوفى سنة (405ه) (4). 10 ـ الحافظ أبا بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم الضحاك بن مخلد الشيباني، المتوفى سنة (287ه) (5). 11 ـ الحافظ أبا يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي التميمي، المتوفى سنة (307ه) (6). 12 ـ الحافظ أبا القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني، المتوفى سنة (360ه) (7). ـــــــــــــــــــــــ علي ص: 93 قول النبي-من كنت وليه فهذا وليه، ص: 100 الترغيب في موالاته والترهيب عن معاداته. (1) مجمع الزوائد 9: (104، 105، 106، 107) كتاب المناقب: باب مناقب علي بن أبي طالب (عليه السلام) في باب قوله-من كنت مولاه فعلي مولاه. (2) مصنف ابن أبي شيبة 6: 372 كتاب الفضائل: فضائل علي بن أبي طالب (رضي الله عنه). (3) الأحاديث المختارة 2: (105، 106) فيما رواه سعيد بن وهب الهمداني عن علي (عليه السلام). (4) المستدرك على الصحيحين 3: 118 كتاب معرفة الصحابة: من مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) ، 3: 126 كتاب معرفة الصحابة: في ذكر إسلام أمير المؤمنين علي (رضي الله عنه) ، 3: 613 كتاب معرفة الصحابة: في ذكر زيد بن أرقم الأنصاري (رضي الله عنه). (5) السنة لابن أبي عاصم 2: 607 باب من كنت مولاه فعلي مولاه. (6) مسند أبي يعلى 1: 429 في مسند علي بن أبي طالب (رضي الله عنه). (7) المعجم الصغير 1: 119 باب الألف من اسمه أحمد. المعجم الكبير 4: 16 فيما رواه (حبشي -[ 205 ]- 13 ـ عزالدين علي بن محمد، المعروف بابن الأثير الجزري، المتوفى سنة (630ه) (1). 14 ـ الحافظ عماد الدين أبا الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير الشافعي الدمشقي، المتوفى سنة (774ه) (2)، وغيرهم. وفي أحاديث كثيرة ـ يأتي بعضها ـ أن ذلك كان بالجحفة. وأحدهما يرجع إلى الآخر، لأن غدير خم موضع بالجحفة. قال في لسان العرب: "وخَمّ غدير معروف بين مكة والمدينة بالجحفة، وهو غدير خَم. وقال ابن دريد إنما هو خُمّ بضم الخاء... وقد ورد ذكره في الحديث: قال ابن الأثير: هو موضع بين مكة والمدينة تصب فيه عين هناك. وبينهما مسجد سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)". والظاهر أن المسجد المذكور قد أنشئ من أجل المناسبة المذكورة.
نداء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالصلاة جامعة الثالث: نداء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في المناسبة المذكورة بالصلاة جامعة، من أجل جمع الناس لسماع حديثه وخطبته. وقد ذكر ذلك جمع من علماء السنة، منهم.. 1 ـ الحافظ أبو الحسن علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي (3). ـــــــــــــــــــــــ ابن جنادة السلولي)، 5: 170 فيما رواه (أبو الضحى مسلم عن صبيح عن زيد بن أرقم)، 5: 171 فيما رواه (يحيى بن جعدة عن زيد بن أرقم)، 5: 192 فيما رواه (أبو إسحاق السبيعي عن زيد)، 5: 194 فيما رواه (ثوير بن أبي فاختة عن زيد بن أرقم)،5: 195 فيما رواه (عطية العوفي عن زيد ابن أرقم). (1) أسد الغابة 3: 307 في ترجمة عبدالرحمن بن عبدرب الأنصاري. (2) البداية والنهاية 7: 349 في (سنة أربعين من الهجرة النبوية) باب ذكر شيء من فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه). (3) مجمع الزوائد 9: 106 كتاب المناقب: باب مناقب علي بن أبي طالب (عليه السلام) في باب قوله-من كنت مولاه فعلي مولاه. -[ 206 ]- 2 ـ أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة الكوفي (1). 3 ـ إمام الحنابلة أبو عبدالله أحمد بن حنبل الشيباني (2).
الرابع: أمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بردّ من مضى ولحوق من تخلّف من أجل تعميم إبلاغهم بما يريد. وقد ذكر ذلك جمع من علماء السنة نذكر منهم.. 1 ـ الحافظ أبا عبدالرحمن أحمد بن شعيب النسائي (3). 2 ـ الحافظ ضياء الدين أبا عبد الله محمد بن عبد الواحد بن أحمد الحنبلي المقدسي (4). | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: رد: (في رحاب العقيدة)للسيد الحكيم.مفصّل سهل التناول الإثنين يوليو 09, 2012 4:26 am | |
| خطبة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في واقعة الغدير الخامس: خطبة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في المناسبة المذكورة فإن كثيراً من الأحاديث وإن لم تتضمن التعبير بالخطبة، بل اقتصر فيها على لفظ: "قال". إلا أن بعضها قد تضمن التعبير بالخطبة. كما في مسند أحمد (5) والسنن الكبرى للنسائي (6). وهو المناسب لما في بعضها من أنه قام فقال، وفي آخر من أنه حمد الله وأثنى عليه ثم قال، ونحو ذلك. كما أنه المناسب لكثرة عدد الذين كانوا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في تلك الواقعة. وعلى كل حال فقد اختلفت طرق الحديث في مقدار ما نقلته من كلام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). فاقتصر بعضها على قليل منه، وزاد بعضها على ذلك، ـــــــــــــــــــــــ (1) مصنف ابن أبي شيبة 6: 372 كتاب الفضائل: فضائل علي بن أبي طالب (رضي الله عنه). (2) مسند أحمد 4: 281 في حديث البراء بن عازب (رضي الله عنه) ـ/4: 372 في حديث زيد بن أرقم (رضي الله عنه). (3) السنن الكبرى للنسائي 5: 135 كتاب الخصائص:الترغيب في موالاة علي (رضي الله عنه) والترهيب في معاداته. ورواه أيضاً في كتابه خصائص علي: 101 الترغيب في موالاته والترهيب عن معاداته. (4) الأحاديث المختارة 3: 213 فيما روته عائشة بنت سعد عن أبيه. (5) ج4: 372 في (حديث زيد بن أرقم (رضي الله عنه) ).. (6) ج5: 134 كتاب الخصائص:: 100 الترغيب في موالاة علي (رضي الله عنه) والترهيب في معاداته). -[ 207 ]- مع اختلافها في تلك الزيادات كثرة وقلة. ولنذكر بعض تلك المتون.. فقد روي عن حذيفة بن أسيد أنه قال: "لما صدر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من حجة الوداع نهى أصحابه عن شجرات بالبطحاء متقاربات أن ينزلوا تحتهن، ثم بعث إليهن فقمّ ما تحتهن من الشوك، وعمد إليهن فصلى تحتهن. ثم قام فقال: يا أيها الناس إني قد نبأني اللطيف الخبير أنه لم يعمر نبي إلا نصف عمر الذي يليه من قبله، وإني لأظن أني يوشك أن أدعى فأجيب، وإني مسؤول، وأنكم مسؤولون، فماذا أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وجاهدت ونصحت، فجزاك الله خير. فقال: أليس تشهدون أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن جنته حق، وناره حق، وأن الموت حق، وأن البعث بعد الموت حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيه، وأن الله يبعث من في القبور؟. قالوا: بلى نشهد بذلك. قال: اللهم اشهد. ثم قال: يا أيها الناس، إن الله مولاي، وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فهذا مولاه ـ يعني علياً ـ اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه. ثم قال: يا أيها الناس إني فرطكم، وإنكم واردون عليّ الحوض، حوض أعرض مما بين بصرى وصنعاء، فيه عدد النجوم قدحان من فضة. وإني سائلكم حين تردون عليّ عن الثقلين، فانظروا كيف تخلفوني فيهما: الثقل الأكبر كتاب الله عز وجل، سبب طرفة بيد الله، وطرفة بأيديكم، فاستمسكوا به، لا تضلوا ولا تبدلو، وعترتي أهل بيتي، فإنه نبأني اللطيف -[ 208 ]- الخبير أنهما لن ينقضيا حتى يردا عليّ الحوض" (1). وقد زيد على ذلك في بعض طرق الحديث كما اقتصر على بعض ذلك في كثير من الطرق. والذي تكاد تجمع عليه الطرق هو قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): "من كنت مولاه فعلي مولاه"، أو: "من كنت وليه فعلي وليه"، أو نحو ذلك. نعم، شذت بعض الطرق، فاقتصرت من خطبة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على حديث الثقلين. قال يزيد بن حيان: "انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم، فلما جلسنا إليه قال له حصين: لقد لقيت يا زيد خيراً كثيراً رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وسمعت حديثه وغزوت معه وصليت خلفه، لقد لقيت يا زيد خيراً كثير. حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). قال: يا ابن أخي والله لقد كبرت سني، وقدم عهدي، ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فما حدثتكم فاقبلو، وما لا فلا تكلفونيه. ثم قال: قام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوماً فينا خطيباً بماء يدعى خم، بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وذكر، ثم قال: أما بعد، ألا أيها الناس فإنما أنا بشر، يوشك أن يأتي رسول ربي، فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين، أولهما كتاب الله، فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله، واستمسكوا به، فحث على كتاب الله، ورغب فيه. ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي. فقال له حصين: ومن أهل بيته..." (2). ـــــــــــــــــــــــ (1) المعجم الكبير 3: 180 في (حذيفة بن أسيد أبو سريحة الغفاري) فيما رواه (أبو الطفيل عامر ابن واثلة عن حذيفة بن أسيد)، واللفظ له. مجمع الزوائد 9: 164 ـ 165 كتاب المناقب: باب في فضل أهل البيت (رضي الله عنهم). تاريخ دمشق 42: 219 في ترجمة علي بن أبي طالب. (2) صحيح مسلم 4: 1873، 1874 كتاب فضائل الصحابة (رضي الله عنهم) : باب من فضائل علي بن أبي طالب (رضي الله عنه). -[ 209 ]- لكن لا ريب ـ بعد النظر في طرق الحديث الكثيرة ـ في بتر خطبة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من زيد نفسه، أو من بعض رجال السند. إما عمد، لعدم ملائمة ما تضمن جعل الولاية لأمير المؤمنين (صلى الله عليه وآله وسلم) لخطهم وميولهم، وإما خوفاً من السلطة الأموية التي تناصب أمير المؤمنين (صلى الله عليه وآله وسلم) العداء. كما قد يناسبه ما في بعض طرق حديث يزيد بن حيان المتقدم، حيث قال الراوي في تتمته: "قال يزيد بن حيان: ثنا زيد بن أرقم في مجلسه ذلك، قال: بعث إلي عبيد الله بن زياد، فأتيته، فقال: ما أحاديث تحدثها وترويها عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا نجدها في كتاب الله، تحدث أن له حوضاً في الجنة. قال: قد حدثناه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وواعدناه. قال: كذبت، ولكنك شيخ قد خرفت. قال: إني قد سمعته أذناي، ووعاه قلبي..." (1). فإذا كانت السلطة الأموية تنكر على زيد حديث الحوض، فكيف يكون موقفها منه أو ممن يروي عنه إذا روى حديث الولاية لأمير المؤمنين (صلوات الله عليه). وعلى كل حال فلا ريب في بتر الطريق المتقدم لخطبة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وفي اشتمال الخطبة على حديث الولاية. كما تضمنته طرقه الكثيرة جد. بل هو الغرض المهم من الخطبة الشريفة في واقعة الغدير، ولذا إذا أطلق حديث الغدير في عرف أهل الحديث، بل عموم المسلمين، ينصرف إلى حديث الولاية، وهو قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) في خطبته المذكورة: "من كنت مولاه فعلي مولاه" أو: "من كنت وليه فعلي وليه" أو نحوهم. وقد صرح بصحة هذا المقدار جماعة نذكر منهم.. ـــــــــــــــــــــــ (1) مسند أحمد 4: 366 في حديث زيد بن أرقم. -[ 210 ]- 1ـ أبا عيسى محمد بن عيسى الترمذي السلمي، المتوفى سنة (279ه) (1). 2ـ الحافظ أبا عبدالله محمد بن عبدالله الحاكم الضبي النيسابوري (2). 3 ـ الحافظ أبا الحسن علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي (3). 4 ـ أبا الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني الشافعي، المتوفى سنة (852ه) (4). 5 ـ الحافظ أبا عمر يوسف بن عبد الله محمد بن عبد البر النمري القرطبي (5). 6 ـ أبا جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن خالد الطبري، المتوفى سنة (310ه). ذكر ذلك عنه ابن حجر العسقلاني (6). 7 ـ أبا المحاسن يوسف بن موسى الحنفي (7). 8ـ أبا عبدالله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي، المتوفى (سنة ـــــــــــــــــــــــ (1) سنن الترمذي 5: 633 كتاب المناقب عن رسول الله -: باب مناقب علي بن أبي طالب (رضي الله عنه). (2) المستدرك على الصحيحين 3: 118، 119 كتاب معرفة الصحابة: من مناقب أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (رضي الله عنه) ـ/3: 613 كتاب معرفة الصحابة: في ذكر زيد بن أرقم الأنصاري (رضي الله عنه). (3) مجمع الزوائد 9: (104، 105، 106، 107، 108) كتاب المناقب: في باب مناقب علي ابن أبي طالب (عليه السلام) باب قوله-: من كنت مولاه فعلي مولاه. وقد عبر عن بعض رواياته بأن رجالها ثقات، وعن بعضها بأن رجالها رجال الصحيح. (4) فتح الباري 7: 74. (5) الاستيعاب 3: 36 في ترجمة علي بن أبي طالب (رضي الله عنه). قال بعد ذكر الحديث وغيره من أحاديث الفضائل في ترجمة الإمام علي أمير المؤمنين (عليه السلام): (هذه كلها آثار ثابتة). (6) تهذيب التهذيب 7: 297 في ترجمة الإمام علي أمير المؤمنين (عليه السلام). (7) معتصر المختصر 2: 301 كتاب جامع مما ليس في الموطأ: في مناقب علي (رضي الله عنه). -[ 211 ]- 748ه) (1). وذكر ذلك عنه أيضاً ابن كثير (2). 9ـ علي بن برهان الدين الشافعي الحلبي، المتوفى سنة (1044ه) (3). 10ـ الحافظ عماد الدين أبا الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير الشافعي الدمشقي، المتوفى سنة (774ه) (4). 11 ـ الحافظ ضياء الدين أبا عبدالله محمد بن عبدالواحد بن أحمد الحنبلي المقدسي (5). 12 ـ محمد ناصر الدين الألباني (6). وغيرهم كثير. بل صرح بتواتره جماعة منهم.. 1 ـ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي (7). 2ـ الحافظ جلال الدين أبو الفضل عبدالرحمن بن أبي بكر السيوطي، المتوفى سنة (911ه)، على ما حكاه عنه كل من ابن حمزة الحراني الدمشقي (8) والكتاني (9). ـــــــــــــــــــــــ (1) تذكرة الحفاظ 3: 1043 في ترجمة الحاكم أبو عبدالله محمد بن عبدالله النيسابوري. (2) البداية والنهاية 5: 209 فصل في إيراد الحديث الدال على أنه (عليه السلام) خطب بمكان بين مكة والمدينة مرجعه من حجة الوداع قريب من الجحفة ـ يقال له غدير خم .... (3) السيرة الحلبية 3: 308 في حجة الوداع. (4) البداية والنهاية 5: 210 فصل في إيراد الحديث الدال على أنه (عليه السلام) خطب بمكان بين مكة والمدينة مرجعه من حجة الوداع قريب من الجحفة ـ يقال له غدير خم .... (5) الأحاديث المختارة 2: 105 فيما رواه سعيد بن وهب الهمداني عن علي (عليه السلام)، 3: 139 في أبي إسحاق سعد بن أبي وقاص (رضي الله عنه) فيما رواه بريدة بن الحصيب عن سعد (رضي الله عنه). (6) صحيح سنن ابن ماجة 1: 26 باب في فضائل أصحاب رسول الله-. (7) سير أعلام النبلاء 8: 335 في آخر ترجمة المطلب بن زياد. (8) البيان والتعريف 2: 230 في حديث رقم (1577). (9) نقله عن المناوي في نظم المتناثر: 195 عند ذكر الحديث. -[ 212 ]- 3 ـ أبو عبد الله محمد بن جعفر الكتاني (1). ونقل الشيخ الأميني (قدس سره) كلمات جماعة في الحديث لا تقصر عن دعوى التواتر (2). وقد ألف جماعة كتباً مستقلة في طرق هذا الحديث منهم.. 1 ـ أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن خالد الطبري، صاحب التاريخ. ذكر ذلك عنه جماعة منهم ابن حجر (3)، والذهبي. قال في تذكرة الحفاظ: "رأيت مجلداً من طرق الحديث لابن جرير، فاندهشت له ولكثرة تلك الطرق" (4). وقال في سير أعلام النبلاء: "جمع طرق حديث غدير خم في أربعة أجزاء رأيت شطره، فبهرني في سعة رواياته وجزمت بوقوع ذلك" (5). ومنهم ابن كثير قال: "وقد اعتنى بأمر هذا الحديث أبو جعفر محمد ابن جرير الطبري صاحب التفسير والتاريخ فجمع فيه مجلدين أورد فيهما طرقه وألفاظه... وكذلك الحافظ الكبير أبو القاسم ابن عساكر أورد أحاديث كثيرة في هذه الخطبة ونحن نورد عيون ما روي في ذلك" (6). 2 ـ أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني المعروف بابن عقدة، المتوفى سنة (333ه). ذكر ذلك عنه جماعة، منهم ابن حجر. قال ـــــــــــــــــــــــ (1) نظم المتناثر: 194 عند ذكر الحديث. (2) الغدير في الكتاب والسنة والأدب 1: 294 ـ 313. (3) تهذيب التهذيب 7: 297 في ترجمة الإمام علي أمير المؤمنين (عليه السلام). (4) تذكرة الحفاظ 2: 713 في ترجمة محمد بن جرير الطبري. (5) سير أعلام النبلاء 14: 277 في ترجمة محمد بن جرير الطبري. (6) البداية والنهاية 5: 208 فصل في إيراد الحديث الدال على أنه (عليه السلام) خطب بمكان بين مكة والمدينة مرجعه من حجة الوداع قريب من الجحفة ـ يقال له غدير خم . -[ 213 ]- في تهذيب التهذيب عن حديث الغدير: "صححه واعتنى بجمع طرقه أبو العباس بن عقدة، فأخرجه من حديث سبعين صحابياً أو أكثر" (1). وقال في فتح الباري: "وأما حديث: من كنت مولاه فعلي مولاه، فقد أخرجه الترمذي والنسائي. وهو كثير الطرق جد. وقد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد. وكثير من أسانيدها صحاح وحسان. وقد روينا عن الإمام أحمد. قال: ما بلغنا عن أحد من الصحابة ما بلغنا عن علي بن أبي طالب" (2). 3 ـ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي، كما ذكره هو في ترجمة الحاكم النيسابوري. قال: "أما حديث الطير فله طرق كثيرة جداً قد أفردتها في مصنف. ومجموعها هو يوجب أن يكون الحديث له أصل. وأما حديث من كنت مولاه، فله طرق جيدة. وقد أفردت ذلك أيضاً" (3). أما بقية الفقرات، فتختلف الطرق فيه.. منها: تقديم الحديث المذكور بقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): "ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟" أو: "أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم" أو نحو ذلك. وقد ذكر ذلك في طرق كثيرة جداً قد تبلغ التواتر، أو تزيد عليه، تضمنتها جملة من كتب الحديث، ذكرها جماعة، منهم.. 1 ـ إمام الحنابلة أبو عبدالله أحمد بن حنبل الشيباني (4). 2 ـ الحافظ أبو سعيد الهيثم بن كليب الشاشي (5). ـــــــــــــــــــــــ (1) تهذيب التهذيب 7: 297 في ترجمة الإمام علي أمير المؤمنين (عليه السلام). (2) فتح الباري 7: 74. (3) تذكرة الحفاظ 3: 1042 ـ 1043. (4) مسند أحمد 1: 119 مسند علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) ، 4: 281 في (حديث البراء بن عازب (رضي الله عنه) )/4: 368، 372 في (حديث زيد بن أرقم (رضي الله عنه) ). (5) مسند الشاشي 2: 127 فيما رواه (الحارث بن مالك عن سعد). -[ 214 ]- 3 ـ الحافظ أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي (1). 4 ـ الحافظ أبو الحسن علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي (2). 5 ـ الحافظ عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير الشافعي الدمشقي (3). 6 ـ عزالدين علي بن محمد المعروف بابن الأثير الجزري (4). 7 ـ أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة الكوفي (5). 8 ـ أبو المحاسن يوسف بن موسى الحنفي (6). 9 ـ الحافظ أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم الضبي النيسابوري (7). 10ـ الحافظ أبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم الضحاك بن مخلد الشيباني (8). ـــــــــــــــــــــــ (1) السنن الكبرى للنسائي 5: 45 كتاب المناقب: في فضائل علي (رضي الله عنه) ،5: 130، 131 كتاب الخصائص: باب قول النبي-من كنت وليّه فعلي وليّه، 5: 134 كتاب الخصائص:الترغيب في موالاة علي (رضي الله عنه) والترهيب في معاداته. ورواه أيضاً في كتابه خصائص علي: (100، 101) الترغيب في موالاته والترهيب عن معاداته. (2) مجمع الزوائد 9: (104، 105، 107) كتاب المناقب: باب مناقب علي بن أبي طالب (عليه السلام) في باب قوله-من كنت مولاه فعلي مولاه. (3) البداية والنهاية 5: 209 فصل في إيراد الحديث الدال على أنه (عليه السلام) خطب بمكان بين مكة والمدينة مرجعه من حجة الوداع قريب من الجحفة ـ يقال له غدير خم ، 7: 349 في (سنة أربعين من الهجرة النبوية) باب ذكر شيء من فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام). (4) أسد الغابة 4: 28 في ترجمة علي بن أبي طالب. (5) مصنف ابن أبي شيبة 6: 372 كتاب الفضائل: فضائل علي بن أبي طالب (رضي الله عنه). (6) معتصر المختصر 2: 301 كتاب جامع مما ليس في الموطأ: مناقب علي (رضي الله عنه). (7) المستدرك على الصحيحين 3: 118 كتاب معرفة الصحابة: من مناقب أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (رضي الله عنه) ، 3: 616 كتاب معرفة الصحابة: ذكر زيد بن الأرقم الأنصاري (رضي الله عنه). (8) السنة لابن أبي عاصم 2: (605، 606) باب من كنت مولاه فعلي مولاه. -[ 215 ]- 11ـ الحافظ أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي التميمي (1). 12 ـ الحافظ أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني (2). 13ـ أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد الدارقطني، المتوفى سنة (367ه) (3). وغيره. ومنها: تعقيب الحديث المذكور بقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): "اللهم وال من والاه وعاد من عاداه". وقد ذكر ذلك جماعة من جمهور السنة، في طرق كثيرة أيض، تضمنتها جملة من كتب الحديث. منهم.. 1 ـ أبو المحاسن يوسف بن موسى الحنفي (4). 2 ـ إمام الحنابلة أبو عبد الله أحمد بن حنبل الشيباني (5). 3 ـ الحافظ أبو سعيد الهيثم بن كليب الشاشي (6). 4ـ الحافظ أبو عمر يوسف بن عبد الله محمد بن عبد البر النمري القرطبي (7). ـــــــــــــــــــــــ (1) مسند أبي يعلى 1: 429 في مسند علي بن أبي طالب (رضي الله عنه). (2) المعجم الكبير 5: 194 فيما رواه (ثوير بن أبي فاختة عن زيد بن أرقم)،5: 195 فيما رواه (عطية العوفي عن زيد بن أرقم). (3) جزء أبي طاهر: 50. (4) معتصر المختصر 1: 307 كتاب النكاح: في كراهة التزوج على فاطمة، 2: 301 كتاب جامع مما ليس في الموطأ: في مناقب علي (رضي الله عنه). (5) مسند أحمد 1: (118، 119) في مسند علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) ، 4: 281 في حديث البراء ابن عازب (رضي الله عنه) ، 4: 372 في حديث زيد بن أرقم (رضي الله عنه) ، 5: 370 في (أحاديث رجال من أصحاب النبي-). (6) مسند الشاشي 2: 166 فيما رواه (عامر بن سعد عن سعد). (7) الاستيعاب 3: 36 في ترجمة علي بن أبي طالب (رضي الله عنه). -[ 216 ]- 5 ـ الحافظ أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي (1). 6 ـ الحافظ أبو الحسن علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي (2). 7 ـ أبو بكر عبدالله بن محمد بن أبي شيبة الكوفي (3). 8 ـ الحافظ ضياء الدين أبو عبدالله محمد بن عبدالواحد بن أحمد الحنبلي المقدسي (4). 9 ـ الحافظ أبو عبدالله محمد بن عبدالله الحاكم الضبي النيسابوري (5). 10ـ الحافظ أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي التميمي (6). 11 ـ الحافظ أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني (7). وغيرهم. ـــــــــــــــــــــــ (1) السنن الكبرى للنسائي 5: 45 كتاب المناقب: فضائل علي (رضي الله عنه) ،5: 132 كتاب الخصائص: باب قول النبي-من كنت وليّه فعلي وليّه. ورواه أيضاً في كتابه خصائص علي ص: 93 قول النبي-من كنت وليه فهذا وليه)، ص: 100 الترغيب في موالاته والترهيب عن معاداته. (2) مجمع الزوائد 9: (104، 105، 106، 107، 108) كتاب المناقب: باب مناقب علي بن أبي طالب (عليه السلام) في باب قوله-من كنت مولاه فعلي مولاه. (3) مصنف ابن أبي شيبة 6: (368، 369، 372) كتاب الفضائل: فضائل علي بن أبي طالب (رضي الله عنه). (4) الأحاديث المختارة 2: (105، 106) فيما رواه سعيد بن وهب الهمداني عن علي (عليه السلام). (5) المستدرك على الصحيحين 3: 118 كتاب معرفة الصحابة: من مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) ،3: 126 كتاب معرفة الصحابة: في ذكر إسلام أمير المؤمنين علي (رضي الله عنه) ، 3: 419 كتاب معرفة الصحابة: في ذكر مناقب طلحة بن عبيدالله التيمي (رضي الله عنه). (6) مسند أبي يعلى 1: 429 في مسند علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) ، 11:308 مسند أبي هريرة (رضي الله عنه). (7) المعجم الصغير 1: 119 باب الألف من اسمه أحمد. المعجم الكبير 4: 16 فيما رواه (حبشي ابن جنادة السلولي)، 4: 173 فيما رواه (رياح بن الحارث عن أبي أيوب)، 5: 170 فيما رواه (أبو الضحى مسلم عن صبيح عن زيد بن أرقم)، 5: 171 فيما رواه (زيد بن وهب عن زيد بن أرقم)، 5: 175 فيما رواه (أبو سلمان المؤذن عن زيد بن أرقم)، 5: 192 فيما رواه (أبو إسحاق السبيعي عن زيد)، 5: 193 فيما رواه (أبو عمر الشيباني عن زيد بن أرقم)، 5: 194 فيما رواه (ثوير بن أبي فاختة عن زيد بن أرقم)، 5: 195 فيما رواه (عطية العوفي عن زيد بن أرقم). -[ 217 ]- ومنها: إلحاق الدعاء المتقدم من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله: "وانصر من نصره وأخذل من خذله". وقد ذكر ذلك في بعض طرق الحديث، ذكرها جماعة منهم.. 1 ـ أبو المحاسن يوسف بن موسى الحنفي (1). 2 ـ إمام الحنابلة أبو عبدالله أحمد بن حنبل الشيباني (2). 3 ـ الحافظ أبو الحسن علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي (3). 4 ـ علي بن برهان الدين الشافعي الحلبي (4). وغيرهم. ومنها: اشتمال الخطبة على حديث الثقلين الكتاب والعترة، قبل النص بالولاية لأمير المؤمنين (عليه السلام) أو بعده. وقد يكون الاختلاف في ذلك وفي كثير من خصوصيات الخطبة من جهة النقل بالمعنى، أو من جهة بُعد العهد الموجب لنسيان نظم الكلام وتسلسله، أو نسيان بعض الفقرات منه. وكيف كان فقد تضمنت ذلك بعض طرق الحديث. وقد ذكرها جماعة، منهم.. 1 ـ الحافظ أبو عبدالرحمن أحمد بن شعيب النسائي (5). 2 ـ الحافظ أبو الحسن علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي (6). ـــــــــــــــــــــــ (1) معتصر المختصر 1: 307 كتاب النكاح: في كراهة التزوج على فاطمة. (2) مسند أحمد 1: 119 في مسند علي بن أبي طالب (رضي الله عنه). (3) مجمع الزوائد 9: 105 كتاب المناقب: باب مناقب علي بن أبي طالب (عليه السلام) في باب قوله-من كنت مولاه فعلي مولاه. (4) السيرة الحلبية 3: 308 في حجة الوداع. (5) السنن الكبرى للنسائي 5: 45 كتاب المناقب: في فضائل علي (رضي الله عنه). (6) مجمع الزوائد 9: 164 كتاب المناقب: باب في فضل أهل البيت (رضي الله عنهم). -[ 218 ]- 3 ـ الحافظ أبو عبدالله محمد بن عبدالله الحاكم الضبي النيسابوري (1). 4 ـ الحافظ أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني (2). 5 ـ أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد الدارقطني (3). 6 ـ الحافظ عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير الشافعي الدمشقي (4). 7 ـ علي بن برهان الدين الشافعي الحلبي (5). وغيرهم. وهناك فقرات أخرى كثيرة لا يهمنا الكلام عنها فعلًا. | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: رد: (في رحاب العقيدة)للسيد الحكيم.مفصّل سهل التناول الإثنين يوليو 09, 2012 4:30 am | |
| نزول آية إكمال الدين في واقعة الغدير
السادس: نزول قوله تعالى: [الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً] (6) في غدير خمّ بعد التبليغ بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام).
وقد ذهب إلى ذلك الشيعة الإمامية ورووه هم وغيرهم عن أئمة أهل البيت (صلوات الله عليهم).
وروي أيضاً عن أبي سعيد الخدري، وأبي هريرة، وزيد بن أرقم،
ـــــــــــــــــــــــ
(1) المستدرك على الصحيحين 3: 118 كتاب معرفة الصحابة: من مناقب أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (رضي الله عنه).
(2) المعجم الكبير 5: 171 فيما رواه (يحيى بن جعدة عن زيد بن أرقم).
(3) جزء أبي طاهر: 50.
(4) البداية والنهاية 5: 209 فصل في إيراد الحديث الدال على أنه (عليه السلام) خطب بمكان بين مكة والمدينة مرجعه من حجة الوداع قريب من الجحفة ـ يقال له غدير خم ، 7: 348 في (سنة أربعين من الهجرة النبوية) باب ذكر شيء من فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه).
(5) السيرة الحلبية 3: 308 في حجة الوداع.
(6) سورة المائدة الآية: 3.
-[ 219 ]-
ومجاهد. وقد أطال الشيخ الأميني في ذكر من تعرض لذلك من محدثي السنة ومفسريهم (1).
ومن ذلك ما حكاه عن أبي نعيم الأصفهاني في كتابه (ما نزل من القرآن في علي) من أنه روى بسنده عن أبي سعيد الخدري: "أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) دعا الناس إلى عليّ في غدير خم، أمر بما تحت الشجرة من الشوك فقمّ، وذلك يوم الخميس. فدعا علياً فأخذ بضبعيه، فرفعهما حتى نظر الناس إلى بياض إبطي رسول الله، ثم لم يتفرقوا حتى نزلت هذه الآية: [الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ... الآية].
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الله أكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضا الرب برسالتي، وبالولاية لعلي (عليه السلام) من بعدي، ثم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه. اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله. فقال حسان: ائذن لي يا رسول لله أن أقول في علي أبياتاً تسمعهن. فقال: قل على بركة الله. فقام حسان فقال: يا معشر مشيخة قريش أتبعها قولي بشهادة من رسول الله في الولاية ماضية، ثم قال..." وذكر أبياته الآتية (2).
ويأتي حديث أبي هريرة أيضاً في ذلك عند الكلام في صوم يوم الغدير.
لكن قال ابن كثير: "وقد روى ابن مردويه من طريق أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري أنها نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم غدير خم حين قال لعلي: من كنت مولاه فعلي مولاه. ثم رواه عن أبي هريرة، وفيه أنه اليوم الثامن عشر من ذي الحجة، يعني مرجعه (عليه السلام) من حجة الوداع. ولا يصح لا هذا ولا هذ، بل الصواب الذي لا شك فيه ولا مرية أنها أنزلت
ـــــــــــــــــــــــ
(1) الغدير في الكتاب والسنة والأدب 1: 230 - 238.
(2) الغدير في الكتاب والسنة والأدب 1: 232.
-[ 220 ]-
يوم عرفة. روى ذلك أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وأول ملوك الإسلام معاوية ابن أبي سفيان، وترجمان القرآن عبد الله بن عباس، وسمرة بن جندب (رضي الله عنه)..." (1).
وقال السيوطي: "وأخرج ابن مردويه وابن عساكر بسند ضعيف عن أبي سعيد الخدري قال: لما نصب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) علياً يوم غدير خم، فنادى له بالولاية هبط جبرئيل عليه بهذه الآية: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)).
وأخرج ابن مردويه والخطيب وابن عساكر بسند ضعيف عن أبي هريرة قال: لما كان يوم غدير خم، وهو يوم ثماني عشر من ذي الحجة قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من كنت مولاه فعلي مولاه، فأنزل الله: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ))" (2).
وقد عقب الشيخ الأميني (عليه السلام) على ما ذكراه، وردّ عليهم. وحاول إثبات صحة الحديث على مقاييس جمهور السنة (3).
كما أنه يأتي عند الكلام في صوم يوم الغدير من الخطيب البغدادي ما قد يظهر منه الميل لقوة حديث أبي هريرة.
ولا يسعنا التعرض لذلك، لأنا لسنا بصدد الاحتجاج، بل بصدد الاستعراض للمهمّ مما يذكر في المقام، من أجل بيان أن السنة قد ذكروا واقعة الغدير ورووه.
ـــــــــــــــــــــــ
(1) تفسير ابن كثير 2: 15 في تفسير الآية.
(2) الدر المنثور 2: 259 في تفسير الآية.
(3) الغدير في الكتاب والسنة والأدب 1: 402. | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: رد: (في رحاب العقيدة)للسيد الحكيم.مفصّل سهل التناول الإثنين يوليو 09, 2012 4:33 am | |
| -[ 221 ]-
تعميم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أمير المؤمنين علي (عليه السلام) يوم الغدير
السابع: تعميم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للإمام أمير المؤمنين علي (صلوات الله عليه) في المناسبة المذكورة.
فعن أمير المؤمنين قال: "عممني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم غدير خم بعمامة سدلها خلفي. ثم قال: إن الله أمدني يوم بدر وحنين بملائكة يعتمون هذه العمة. وقال: إن العمامة حاجزة بين الكفر والإيمان..." (1).
تهنئة الحضور في واقعة الغدير لأمير المؤمنين علي (عليه السلام)
الثامن: التهنئة من الحضور للإمام أمير المؤمنين علي (صلوات الله عليه) بما نصّ به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عليه. وقد ذكر ذلك جمع من أهل الحديث والتفسير والتاريخ وغيرهم، نذكر منهم..
1 ـ أبا بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة الكوفي فقد أخرج بسنده عن البراء بن عازب قال: "كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في سفر، فنزلنا بغدير خم، فنودي الصلاة جامعة، وكسح لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تحت شجرة، فصلى الظهر، فأخذ بيد علي، فقال: ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى.
قال: ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه. قالوا: بلى. قال فأخذ بيد علي فقال: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه. اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.
قال: فلقيه عمر بعد ذلك فقال: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب أصبحت
ـــــــــــــــــــــــ
(1) السنن الكبرى للبيهقي 10: 14 كتاب السبق والرماية: باب التحريض على الرمي، واللفظ له. مسند الطيالسي 2: 23 في أحاديث علي بن أبي طالب عن النبي-. الكامل في الضعفاء 4: 173 في ترجمة عبدالله بن بسر الشامي. ومثله في الإصابة 4: 25 في ترجمة عبدالله بن بشر، وفي تحفة الأحوذي 5: 336 أبواب اللباس: باب في سدل العمامة بين الكتفين.
-[ 222 ]-
وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة" (1).
2 ـ إمام الحنابلة أبا عبدالله أحمد بن حنبل الشيباني. وقد أخرج بسنده نفس حديث البراء بن عازب المتقدم من ابن أبي شيبة، إلا أنه لم يذكر فيه كلمة: "اللهم" الأولى (2).
3 ـ أبا بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي المتوفى سنة (463ه) رواه بسند عن أبي هريرة (3). ويأتي لفظه عند ذكر صوم يوم الغدير.
4 ـ الحافظ شهاب الدين أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي السعدي الأنصاري الشافعي، المتوفى سنة (974ه) قال: "وهو الذي فهمه أبو بكر وعمر ـ وناهيك بهما ـ من الحديث، فإنهما لما سمعاه قالا له: أمسيت يا ابن أبي طالب مولى كل مؤمن ومؤمنة. أخرجه الدارقطني" (4).
5 ـ الحافظ عماد الدين أبا الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير الشافعي الدمشقي (5).
6 ـ أبا عبد الله محمد بن عمر بن الحسن فخر الدين الرازي الشافعي المتوفى سنة (606ه) قال في جملة الأقوال في نزول الآية: [يا أيها الرسول بلغ...] (6).
"العاشر: نزلت الآية في فضل علي بن أبي طالب (عليه السلام). ولما نزلت
ـــــــــــــــــــــــ
(1) مصنف ابن أبي شيبة 6: 372 كتاب الفضائل: فضائل علي بن أبي طالب (رضي الله عنه).
(2) مسند أحمد 4: 281 في (حديث البراء بن عازب (رضي الله عنه) ).
(3) تاريخ بغداد 8: 290 في ترجمة حبشون بن موسى بن أيوب.
(4) الصواعق المحرقة: 42 في ثالث الأوجه في جواب الشبهة الحادية عشرة.
(5) البداية والنهاية 5: 229 فصل في إيراد الحديث الدال على أنه (عليه السلام) خطب بمكان بين مكة والمدينة مرجعه من حجة الوداع قريب من الجحفة ـ يقال له غدير خم ....
(6) سورة المائدة الآية:67.
-[ 223 ]-
هذه الآية أخذ بيده، وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه. اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. فلقيه عمر (رضي الله عنه) فقال: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة.
وهو قول ابن عباس والبراء بن عازب ومحمد بن علي" (1).
وقد أنهاهم الشيخ الأميني (قدس سره) إلى ستين ولا يسعنا الاستقصاء. | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: رد: (في رحاب العقيدة)للسيد الحكيم.مفصّل سهل التناول الإثنين يوليو 09, 2012 4:35 am | |
| إنشاد حسان بن ثابت لأبياته في واقعة الغدير
التاسع: إنشاد حسان بن ثابت في المناسبة أبياته المشهورة، وهي:
يناديهم يوم الغدير نبيهم **** بخمٍ واسمع بالرسول مناديا
يقول فمن مولاكم ووليكم **** فقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا
إلهك مولانا وأنت نبينا **** ولم تلق منا في الولاية عاصيا
فقال له : قم يا علي فإنني **** رضيتك من بعدي إماماً وهادياً
فمن كنت مولاه فهذا وليه **** فكونوا له اتباع صدق موالياً
هناك دعا اللهم وال وليه **** وكن للذي عادا علياً معاديا
وقد ذكر ذلك جمع من أهل الحديث وغيرهم، وإن اختلفوا في عدد الأبيات التي ذكروه، كما اختلفوا في بعض ألفاظها اختلافات غير مهمة. وممن ذكره..
1 ـ الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبدالله الأصفهاني، المتوفى سنة (430ه) في كتابه (ما نزل من القرآن في علي) في تتمة الحديث المتقدم عنه في نزول آية إكمال الدين في الواقعة.
2 ـ الموفق بن أحمد بن محمد المكي الخوارزمي، المتوفى سنة (568ه).
ـــــــــــــــــــــــ
(1) التفسير الكبير 12: 49 ـ 50.
-[ 224 ]-
قال بعد ذكر الواقعة: "قال حسان بن ثابت: ائذن لي يا رسول الله أن أقول أبيات. قال: قل ببركة الله تعالى. فقال حسان بن ثابت: يا معشر مشيخة قريش اسمعوا شهادة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). ثم قال: يناديهم..." (1).
3 ـ جمال الدين محمد بن يوسف بن الحسن بن محمد الزرندي الحنفي المدني، المتوفى سنة (750ه) (2).
4 ـ الحافظ أبو عبد الله المرزباني محمد بن عمران الخراساني. ذكره بسنده إلى أبي سعيد الخدري في كتابه (مرقاة الشعر) على ما ذكره الشيخ الأميني (قدس سره) ـ (3).
5 ـ الحافظ جلال الدين أبو الفضل عبدالرحمن بن أبي بكر السيوطي في رسالته (الازدهار فيما عقده الشعراء من الأشعار)، على ما ذكره الشيخ الأميني (قدس سره) ـ (4). وغيرهم.
هذه هي الأحداث المهمة في الواقعة. وهناك أمور تتعلق بالواقعة يحسن التعرض له.. [b]صوم يوم الغدير
الأول: صوم يوم الغدير. وقد روى الشيعة عن أئمة أهل البيت (صلوات الله عليهم) استحبابه (5).
ـــــــــــــــــــــــ
(1) مناقب الخوارزمي: 136 في حديث رقم (152).
(2) نظم درر السمطين: 112 ـ 113.
(3)، (4) الغدير في الكتاب والسنة والأدب 2: 34، 36.
(5) راجع وسائل الشيعة 7: 323 كتاب الصوم باب:14 من أبواب الصوم المندوب. وفي بعض أحاديث هذا الباب أن صيامه يعدل صيام ستين شهراً حديث:2، 10. لكن في الثاني: "وإن صومه يعدل ستين شهراً من أشهر الحرم"، وفي الباب أحاديث أخر تتضمن وجوهاً أخر من الثواب.
-[ 225 ]-
وقد روى السنة ذلك في حديث أبي هريرة الذي تقدمت الإشارة إليه عند الكلام في نزول آية إكمال الدين.
وممن رواه مسنداً عنه الخطيب البغدادي. قال بعد ذكر السند: "عن أبي هريرة قال: من صام يوم ثمان عشرة من ذي الحجة كتب له صيام ستين شهر. وهو يوم غدير خم لما أخذ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بيد علي بن أبي طالب، فقال: ألست ولي المؤمنين؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه. فقال: عمر بن الخطاب: بخٍ بخٍ لك يا ابن أبي طالب، أصبحت مولاي ومولى كل مسلم، فأنزل الله: ((الْيَوْمَ أكملتُ لَكُمْ دِينَكُمْ...)).
ومن صام يوم سبعة وعشرين من رجب كتب له صيام ستين شهر. وهو أول يوم نزل جبريل (عليه السلام) على محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بالرسالة".
ثم قال الخطيب: "اشتهر هذا الحديث من رواية حبشون. وكان يقال: إنه تفرد به. وقد تابعه عليه أحمد بن عبد الله بن النيري، فرواه عن علي بن سعيد. أخبرنيه الأزهري. حدثنا محمد بن عبدالله بن أخي ميمي. حدثنا أحمد بن عبدالله بن أحمد بن العباس بن سالم بن مهران المعروف بابن النيري إملاءً. حدثنا علي بن سعيد الشامي. حدثنا ضمرة بن ربيعة، عن ابن شوذب، عن مطر، عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة، قال: من صام يوم ثمانية عشر من ذي الحجة. وذكر مثل ما تقدم أونحوه" (1).
وقد تقدمت عند الكلام في آية إكمال الدين الإشارة إلى الخلاف في صحة الحديث.
ـــــــــــــــــــــــ
(1) تاريخ بغداد 8: 289 في ترجمة حبشون بن موسى بن أيوب.[/b] | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: رد: (في رحاب العقيدة)للسيد الحكيم.مفصّل سهل التناول الإثنين يوليو 09, 2012 5:07 am | |
| -[ 226 ]-
حادثة الحارث بن النعمان الفهري
الثاني: نزول قوله تعالى: [سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِّلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ * مِّنَ اللهِ ذِي الْمَعَارِجِ] (1).
وذلك أنه لما شاع ما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في يوم غدير خم في علي (عليه السلام) وطار في البلاد، وبلغ الحارث بن النعمان الفهري، أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على ناقة له فنزل بالأبطح عن ناقته، وأناخه، فقال: "يا محمد أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فقبلناه منك، وأمرتنا أن نصلي خمس، فقبلنا منك، وأمرتنا بالزكاة، فقبلنا منك، وأمرتنا أن نصوم شهر، فقبلنا منك، وأمرتنا بالحج، فقبلنا منك، ثم لم ترضَ بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك تفضله علين، وقلت: من كنت مولاه فعلي مولاه. فهذا منك أم من الله؟
فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): والذي لا إله إلا هو إن هذا من الله.
فولّى الحارث بن النعمان وهو يريد راحلته ويقول: اللهم إن كان ما يقول محمد حق فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم، فما وصل إلى راحلته حتى رماه الله تعالى بحجر، فسقط على هامته، وخرج من دبره، وأنزل الله [سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِّلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ]".
ذكر ذلك جمع من علماء السنة منهم..
1 ـ جمال الدين محمد بن يوسف بن الحسن بن محمد الزرندي الحنفي المدني (2).
2 ـ سليمان بن إبراهيم القندوزي الحنفي، المتوفى سنة (1294ه) (3).
ـــــــــــــــــــــــ
(1) سورة المعارج الآية: 1 ـ 3.
(2) نظم درر السمطين: 93، واللفظ له.
(3) ينابيع المودة 2: 368 ـ 369.
-[ 227 ]-
3 ـ محمد بن عبد الرؤوف المناوي، المتوفى (سنة 1331ه) (1).
4 ـ علي بن برهان الدين الشافعي الحلبي (2).
5 ـ الحافظ الكبير عبيد الله بن عبد الله بن أحمد، المعروف بالحاكم الحسكاني (3).
6 ـ الخطيب الشربيني (4).
7 ـ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر القرطبي، المتوفى سنة (681ه) (5). ولكنه عندما ذكر هذا الوجه قال: "وقيل إن السائل هن...".
8 ـ قاضي القضاة الإمام أبو السعود محمد بن محمد العمادي، المتوفى سنة (951ه) (6). وذكره أيضاً بتضعيف، كما سبق من القرطبي. وغيرهم | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: رد: (في رحاب العقيدة)للسيد الحكيم.مفصّل سهل التناول الإثنين يوليو 09, 2012 5:15 am | |
| الاحتجاج والمناشدة بحديث الغدير الثالث: الاحتجاج والمناشدة بحديث الغدير من الإمام أمير المؤمنين علي (صلوات الله عليه) وأهل بيته (عليهم السلام) وشيعته. والحديث في ذلك طويل جد، لكثرة الوقائع التي تضمنته. وقد استوفى الكلام في كثير منها الشيخ الأميني (قدس سره) (7). إلا أن أهم المناشدات مناشدة أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) بالحديث في الكوفة في الرحبة.. ـــــــــــــــــــــــ (1) فيض القدير شرح الجامع الصغير 6: 282 في شرح حديث من كنت مولاه فعلي مولاه رقم الحديث: (9000). (2) السيرة الحلبية 3: 308 ـ 309 في حجة الوداع. (3) شواهد التنزيل 2: 286 ـ 289 في قوله عز اسمه [سأل سائل...] من سورة المعارج. (4) السراج المنير 4: 364 في تفسير الآية. (5) تفسير القرطبي 18: 278 ـ 279 في قوله عز اسمه [سأل سائل...] من سورة المعارج. (6) تفسير أبي السعود 9: 29 في تفسير الآية من سورة المعارج. (7) الغدير في الكتاب والسنة والأدب 1: 159 ـ 213.
-[ 228 ]- مناشدة أمير المؤمنين علي (عليه السلام) بحديث الغدير فقد روى أحمد بن حنبل، عن حسين بن محمد وأبي نعيم المعنى، قالا: حدثنا فطر، عن أبي الطفيل، قال: "جمع عليّ (رضي الله عنه) الناس في الرحبة، ثم قال لهم: أنشد الله كل امرئ مسلم سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول يوم غدير خم ما سمع لما قام. فقام ثلاثون من الناس، وقال أبو نعيم: فقام ناس كثير، فشهدوا حين أخذه بيده، فقال للناس: أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: نعم يا رسول الله. قال: من كنت مولاه فهذا مولاه. اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. فخرجت وكأن في نفسي شيئ، فلقيت زيد بن أرقم، فقلت له: إني سمعت علياً (رضي الله تعالى عنه) يقول كذا وكذ. قال: فما تنكر؟ قد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول ذلك له" (1). قال الهيثمي بعد أن ذكره:"رجاله رجال الصحيح، غير فطر بن خليفة، وهو ثقة" (2). وقد اشتهرت هذه المناشدة، وتعددت طرقه، وإن اختلفت في خصوصياته، كما هو المتوقع في كل قضية ذات تفاصيل. وقد ذكرها جماعة من أهل الحديث في كتبهم، نذكر منهم.. 1 ـ الحافظ أبا عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي (3). ـــــــــــــــــــــــ (1) مسند أحمد 4: 370 في (حديث زيد بن أرقم (رضي الله عنه) ). (2) مجمع الزوائد 9: 104 كتاب المناقب: باب مناقب علي بن أبي طالب (عليه السلام) في باب قوله-من كنت مولاه فعلي مولاه. (3) السنن الكبرى للنسائي 5: 131 كتاب الخصائص: باب قول النبي-من كنت وليّه فعلي -[ 229 ]- 2 ـ الحافظ أبا الحسن علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي (1). 3 ـ أبا بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة الكوفي (2). 4 ـ أبا المحاسن يوسف بن موسى الحنفي (3). 5 ـ الحافظ ضياء الدين أبا عبد الله محمد بن عبد الواحد بن أحمد الحنبلي المقدسي (4). 6 ـ الحافظ أبا بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم الضحاك بن مخلد الشيباني (5). 7 ـ الحافظ أبا يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي التميمي (6). 8 ـ إمام الحنابلة أبا عبد الله أحمد بن حنبل الشيباني (7). 9 ـ الحافظ أبا القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني (8). ـــــــــــــــــــــــ وليّه، ص: 134 كتاب الخصائص:الترغيب في موالاة علي (رضي الله عنه) والترهيب في معاداته. ورواه أيضاً في كتابه خصائص علي: 95، 96 قول النبي-من كنت وليه فهذا وليه، ص: 100 الترغيب في موالاته والترهيب عن معاداته، ص: 103، 104 دعاء النبي -لمن أحبه ودعاؤه على من أبغضه. (1) مجمع الزوائد 9: (104، 105، 106، 107، 108) كتاب المناقب: باب مناقب علي بن أبي طالب (عليه السلام) في باب قوله-من كنت مولاه فعلي مولاه. (2) مصنف ابن أبي شيبة 6: 368 كتاب الفضائل: فضائل علي بن أبي طالب (رضي الله عنه). (3) معتصر المختصر 2: 301 كتاب جامع مما ليس في الموطأ: في مناقب علي (رضي الله عنه). (4) الأحاديث المختارة 2: 105، 106 فيما رواه سعيد بن وهب الهمداني عن علي (عليه السلام). (5) السنة لابن أبي عاصم 2: 607 باب من كنت مولاه فعلي مولاه. (6) مسند أبي يعلى 1: 429 في مسند علي بن أبي طالب (رضي الله عنه). (7) مسند أحمد 1: (84، 118) في مسند علي بن أبي طالب (رضي الله عنه). (8) المعجم الصغير 1: 119 باب الألف من اسمه أحمد. المعجم الكبير 5: 171 فيما رواه (زيد بن وهب عن زيد بن أرقم)،5: 175 فيما رواه (أبو سلمان المؤذن عن زيد بن أرقم). -[ 230 ]- 10 ـ علي بن محمد الحميري، المتوفى سنة (323ه) (1). 11 ـ الحافظ أبا نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني، المتوفى سنة (430ه) (2). 12 ـ علي بن برهان الدين الشافعي الحلبي (3). وهناك حادثة أخرى ـ رواها جماعة بصور مختلفة ـ قد تكون هي الدافع للمناشدة السابقة، وقد تكون حادثة أخرى أوجبت مناشدة أخرى. ومن جملة صورها ما رواها أحمد بسنده عن رياح بن الحارث قال: "جاء رهط إلى علي بالرحبة. فقالوا: السلام عليك يا مولان. قال: كيف أكون مولاكم وأنتم قوم عرب؟ قالوا: سمعنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم غدير خم يقول: من كنت مولاه فإن هذا مولاه. قال رياح: فلما مضوا تبعتهم، فسألت من هؤلاء؟ قالوا: نفر من الأنصار، فيهم أبو أيوب الأنصاري" (4). وما ذكره ابن الأثير عن كتاب الموالاة لابن عقدة بإسناده عن أبي مريم زر بن حبيش قال: "خرج علي من القصر فاستقبله ركبان متقلدي السيوف، فقالوا: السلام عليك يا أمير المؤمنين. السلام عليك يا مولانا ورحمة الله وبركاته. فقال علي: من ههنا من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ فقام اثنا عشر، منهم ـــــــــــــــــــــــ (1) جزء الحميري: 33. (2) حلية الأولياء 5: 26 في ترجمة طلحة بن مصرف. (3) السيرة الحلبية 3: 308 في حجة الوداع. (4) مسند أحمد 5: 419 في (حديث أبي أيوب الأنصاري (رضي الله عنه) )، واللفظ له. مجمع الزوائد 9: 103 ـ 104 كتاب المناقب: باب مناقب علي بن أبي طالب (عليه السلام) في باب قوله-من كنت مولاه فعلي مولاه. المعجم الكبير 4: 173 فيما رواه (رياح بن الحارث عن أبي أيوب). -[ 231 ]- قيس بن ثابت بن شماس، وهاشم بن عتبة، وحبيب بن بديل بن ورقاء، فشهدوا أنهم سمعوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه" (1).
دعاء أمير المؤمنين علي (عليه السلام) على من لم يشهد بحديث الغدير ومن توابع هذه المناشدة أو المناشدتين امتناع بعض الصحابة الحضور من الشهادة بما سمعوه من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بغدير خم في حق أمير المؤمنين (عليه السلام)، ودعاؤه (صلوات الله عليه) على من امتنع، واستجابة دعائه فيه. فقد أخرج أحمد بن حنبل عن أحمد بن عمر الوكيعي: "ثنا زيد بن الحباب. ثنا الوليد بن عقبة بن نزار العبسي. حدثنا سماك بن عبيد بن الوليد العبسي. قال: دخلت على عبد الرحمن بن أبي ليلى، فحدثني أنه شهد علياً (رضي الله عنه) في الرحبة، قال: أنشد الله رجلاً سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وشهده يوم غدير خم إلا قام، ولا يقوم إلا من قد رآه. فقام اثنى عشر رجلاً فقالوا: قد رأيناه وسمعناه، حيث أخذ بيده يقول: اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، وأخذل من خذله، فقام إلا ثلاثة لم يقومو، فدعا عليهم، فأصابتهم دعوته" (2). وقد ذكر دعوته على من لم يشهد واستجابتها جماعة من أهل الحديث غير أحمد في كتبهم. نذكر منهم.. 1 ـ الحافظ أبا الحسن علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي (3). 2 ـ الحافظ أبا القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني (4). ـــــــــــــــــــــــ (1) أسد الغابة 1: 368 ـ 369 في ترجمة حبيب بن بديل بن ورقاء. (2) مسند أحمد 1: 119 مسند علي بن أبي طالب (رضي الله عنه). (3) مجمع الزوائد 9: 106 كتاب المناقب: باب مناقب علي بن أبي طالب (عليه السلام) في باب قوله-من كنت مولاه فعلي مولاه. (4) المعجم الكبير 5: 171 فيما رواه (زيد بن وهب عن زيد بن أرقم)،5: 175 فيما رواه (أبو سلمان المؤذن عن زيد بن أرقم). -[ 232 ]- 3 ـ الحافظ أبا نعيم أحمد بن عبدالله الأصبهاني (1). 4 ـ علي بن برهان الدين الشافعي الحلبي (2).
أثر المناشدة بحديث الغدير في ظهوره وانتشاره والظاهر أن لهذه المناشدة وما تبعها ـ خصوصاً استجابة الدعوة ـ أثراً بالغاً في ظهور واقعة الغدير، وإحيائه، وبروز أهميته، بعد أن جهلها عامة المسلمين، كما جهلوا كثيراً من فضائل أمير المؤمنين وأهل البيت (صلوات الله عليهم). بل كثيراً من أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في مختلف المجالات، نتيجة التحجير على السنة النبوية بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، في محاولة لقصر الحديث بها على ما يلائم وضع السلطة الحاكمة، ويسير في فلكه. محاولة التحجير على السنة الشريفة وإخفائه ويبدو أن محاولة التحجير على السنة الشريفة وإخفائها وتضييعها بدأت في حياة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حين كثر المعتنقون للإسلام من قريش رغبة أو رهبة، وحين رأوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) باتجاه لا يخدم مصالـحهم الشخصية وأنانيتهم. ولاسيما مع ما تحمله صدورهم من أحقاد وضغائن، عليه وعلى أهل بيته، وعلى الخلص من أصحابه، الذين يتبعونه في معايير الـحب والبغض، والولاء والمباينة. ففي حديث عبد الله بن عمرو: "كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أريد حفظه، فنهتني قريش، فقالوا: إنك تكتب كل شيء تسمعه من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بشر يتكلم في الغضب والرض، ـــــــــــــــــــــــ (1) حلية الأولياء 5: 27 في ترجمة طلحة بن مصرف. (2) السيرة الحلبية 3: 308 في حجة الوداع. -[ 233 ]- فامسكت عن الكتاب، فذكرت ذلك لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: أكتب، فوالذي نفسي بيده ما خرج مني إلا حق" (1). وربما يكون النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد عرّض بهذه المحاولة حينما قال فيما روي عنه: "لا ألفين أحدكم متكئاً على أريكته يأتيه الأمر مما أمرت به أو نهيت عنه، فيقول: لا أدري. ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه" (2). وقويت هذه المحاولة حينما نشط الحزب القرشي في مرض النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فمنع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من كتابة الكتاب الذي أراد أن يعصم به أمته من الضلال، وقد سبق في جواب السؤال الثاني قول عمر: "حسبنا كتاب الله". وبدأ التنفيذ العملي لذلك حينما فاز الحزب القرشي بالاستيلاء على الحكم بعد التحاق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالرفيق الأعلى. ـــــــــــــــــــــــ (1) مسند أحمد 2: 162 مسند عبدالله بن عمرو بن العاص (رضي الله عنه)، واللفظ له، 2: 192 مسند عبدالله ابن عمرو بن العاص (رضي الله عنه). سنن أبي داود 3: 318 أول كتاب العلم: باب كتاب العلم. سنن الدارمي 1: 136 باب من رخص في كتابة العلم. المستدرك على الصحيحين 1: 187 كتاب العلم. تحفة الأحوذي 7: 357 في شرح أحاديث باب ما جاء في الرخصة. المدخل إلى السنن الكبرى 2: 415 باب من رخص في كتابة العلم.... الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع 2: 36 الكتابة عن المحدث في المذاكرة. (2) السنن الكبرى للبيهقي 7: 76 كتاب النكاح: جماع أبواب ما خص به رسول الله-وأبيح لغيره باب الدليل على أنه-لا يقتدى به فيما خص به ويقتدى به فيما سواه، واللفظ له. سنن أبي داود 4: 200 كتاب السنة: باب في لزوم السنة. سنن ابن ماجة 1: 6 باب تعظيم حديث رسول الله-والتغليظ على من عارضه. سنن الترمذي 5: 37 كتاب العلم عن رسول الله-: باب ما نهي عنه أن يقال عند حديث النبي-. المستدرك على الصحيحين 1: 190 كتاب العلم. صحيح ابن حبان 1: 191 ذكر الخبر المصرح بأن سنن المصطفى-كلها عن الله لا من تلقاء نفسه. وقريب منه ما في تذكرة الحفاظ 3: 1190 في ترجمة أبي إسماعيل عبدالله ابن محمد الأنصاري الهروي. -[ 234 ]- فقد أحرق أبو بكر خمسمائة حديث كان قد كتبها عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (1). وقد خطب بمنع الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال: "إنكم تحدثون عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أحاديث تختلفون فيه، والناس بعدكم أشد اختلاف. فلا تحدثوا عن رسول الله شيئ، فمن سألكم فقولوا بيننا وبينكم كتاب الله، فاستحلوا حلاله، وحرموا حرامه" (2). كما أن عمر طلب من الصحابة أن يأتوه بما كانوا قد كتبوه عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). فظنوا أنه يريد جمع حديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). وبعد أن اجتمع عنده ما اجتمع في مدة شهر أحرق ذلك كله (3). وقد شيع عمر قرظة ومن معه لما أرادوا الخروج إلى العراق، فقال لهم: "أتدرون لم مشيت معكم؟ قالوا: نعم، نحن أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مشيت معن، قال: إنكم تأتون أهل قرية لهم دوي بالقرآن كدوي النحل، فلا تصدوهم بالأحاديث، فتشغلوهم، جردوا القرآن، وأقلوا الرواية عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). امضو، وأنا شريككم". فلما قدم قرظة قالوا: حدثن. قال: نهانا عمر. وفي رواية قال: "لا أحدث حديثاً عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أبداً" (4). وقد حبس بعض الصحابة من أجل أنهم أكثروا الحديث عن رسول ـــــــــــــــــــــــ (1) تذكرة الحفاظ 1: 5 في الطبقة الأولى من الكتاب في ترجمة أبي بكر (رضي الله عنه). الرياض النضرة 2: 144 في ذكر ورعه (أبي بكر) (رضي الله عنه). كنـز العمال 10: 285 باب في آداب العلم والعلماء: فصل في رواية الحديث. (2) تذكرة الحفاظ 1: 2 ـ3 في الطبقة الأولى من الكتاب في ترجمة أبي بكر (رضي الله عنه). (3) الطبقات الكبرى 5: 188 في الحديث عن القاسم بن محمد بن أبي بكر. سير أعلام النبلاء 5: 59 في ترجمة القاسم بن محمد بن أبي بكر. (4) معتصر المختصر 2: 381 كتاب جامع مما ليس في الموطأ في حبس عمر مكثر الحديث، واللفظ له. تذكرة الحفاظ 1: 7 في ترجمة عمر بن الخطاب. المستدرك على الصحيحين 1: 183 كتاب العلم. -[ 235 ]- الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، منهم أبو ذر، وعبدالله بن مسعود (1). وعن عبد الرحمن بن عوف قال: "والله ما مات عمر بن الخطاب حتى بعث إلى أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فجمعهم من الآفاق: عبدالله وحذيفة وأبي الدرداء وأبي ذر وعقبة بن عامر، فقال: ما هذه الأحاديث التي قد أفشيتم عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الآفاق؟! فقالوا: أتنهان؟ قال: ل. أقيموا عندي. لا والله لا تفارقوني ما عشت فنحن أعلم ما نأخذ ونرد عليكم" (2)... إلى غير ذلك مما لايسعنا تفصيل الكلام فيه. وجرى عثمان في ذلك على سيرة سلفه، فعن محمود بن لبيد قال:"سمعت عثمان بن عفان على منبر يقول: لا يحل لأحد يروي حديثاً لم يسمع به في عهد أبي بكر ولا عهد عمر..." (3). وبطبيعة الحال أن يكون حظّ حديث الغدير الأوفى من ذلك، لأنه يمثل الاتجاه المعاكس للسلطة، ولطموح قريش، فقلما كان يذكر، وإذا ذكر ذكر عابر، من دون توضيح وتفصيل يوفيه حقه. وجاءت مناشدة أمير المؤمنين (عليه السلام) التي سبق الحديث عنها لتلفت الناس له، وتنبههم إلى أهميته. ولذا يبدو من حديث أبي الطفيل المتقدم وغيره صدمة بعض السامعين به واستغرابهم منه في بدو الأمر. كما أن الكثرة الكاثرة من طرق الحديث تنتهي إلى المناشدة المذكورة، حيث يناسب ذلك ما ذكرنا من أن لها الأثر البالغ في نشر الحديث وظهوره ـــــــــــــــــــــــ (1) تذكرة الحفاظ 1: 7 في ترجمة عمر بن الخطاب. معتصر المختصر 2: 380 كتاب جامع مما ليس في الموطأ في حبس عمر مكثر الحديث. (2) تاريخ دمشق 40: 500 ـ 501 في ترجمة عقبة بن عامر بن عبس بن عمرو، واللفظ له. كنز العمال 10: 293 حديث:29479. (3) الطبقات الكبرى 2: 336، تاريخ دمشق 39: 180، كنز العمال 10: 295. -[ 236 ]- واشتهاره. فهي نقطة تحول في تاريخه. ولاسيما بعد أن قام لمعارضة اتجاه السلطة كيان محترم في الوجود الموالي لأهل البيت (صلوات الله عليهم)، حيث بدا منهم الاهتمام بوضوح بحديث الغدير وغيره من أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) المتضمنة لمناقب أهل البيت (صلوات الله عليهم) وفضائلهم، وجدّوا في نشره، ومدارسته، وتوضيح المراد منه، وترتيب الآثار عليه، والاحتجاج به. وقام الجدل حولها بسبب ذلك. ومن الطريف في ذلك ما رواه الشيخ المفيد (قدس سره) في أماليه قال: "أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد (يعني ابن عقدة)، قال حدثنا علي بن الحسين [الحسن.ظ] التيملي، قال: وجدت في كتاب أبي: حدثنا محمد بن مسلم الأشجعي، عن محمد بن نوفل بن عائذ الصيرفي، قال: كنت عند الهيثم بن حبيب الصيرفي، فدخل علينا أبو حنيفة النعمان بن ثابت، فذكرنا أمير المؤمنين (عليه السلام)، ودار بيننا كلام في غدير خم، فقال أبو حنيفة: قد قلت لأصحابنا: لا تقروا لهم بحديث غدير خم، فيخصموكم. فتغير وجه الهيثم بن حبيب الصيرفي، وقال: لمَ لا تقرون به؟ أما هو عندك يا نعمان؟ قال: هو عندي، وقد رويته. قال: فلمَ لا تقرون به وقد حدثنا به حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الطفيل، عن زيد بن أرقم: أن علياً (عليه السلام) نشد الله في الرحبة من سمعه. فقال أبو حنيفة: أفلا ترون أنه قد جرى في ذلك خوض حتى نشد علي الناس لذلك. فقال الهيثم: فنحن نكذب علياً أو نرد قوله؟ فقال أبو حنيفة: ما نكذب علي، ولا نرد قولاً قاله، ولكنك تعلم أن الناس قد غلا منهم قوم. -[ 237 ]- فقال الهيثم: يقوله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ويخطب به، ونشفق نحن منه ونتقيه، بغلو غال، أو قول قائل!!..." (1). وكأن ما في نفس أبي حنيفة هو الذي حمل البخاري على تجنب رواية حديث الغدير في صحيحه وإهماله رأس، وهو الذي دعا مسلم أن يقتصر في صحيحه على الشاذ من طرق الحديث، الذي تقدم منا ذكره عند الكلام في خطبة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو الذي يتضمن بتر الخطبة المذكورة، والاقتصار منها على حديث الثقلين، وإهمال الكثرة الكاثرة من طرقه المتضمنة لحديث الولاية، والذي هو الغرض المهم من الخطبة في تلك الواقعة، كما سبق. بل لعل لحديث المناشدة المتقدم ونحوه ـ مما ألفت الناس لأهمية أحاديث النبي2ـ الأثر في انفتاح الناس على جميع أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، واهتمامهم به، ومدارستهم له. فكان لتحمل الحديث، والتحدث به، وتقصّي معانيه ومغازيه، سوق رائج بين أهل المعرفة. وإن كان التستر بذلك وإظهاره يختلفان باختلاف الظروف، تبعاً لاختلاف مواقف السلطة، شدة وعنف، أو انفتاحاً ومرونة. هذا ما وسعنا من الكلام حول واقعة الغدير، التي تقول: إن السنة لا يروونها ولو بخبر آحاد ضعيف. على أنا قد أهملنا كثيراً مما يتعلق بالواقعة المذكورة، لضيق المجال عن ذلك، ووفاء ما ذكرنا بالمطلوب. ومن الله سبحانه وتعالى نستمد التوفيق والتسديد. ـــــــــــــــــــــــ (1) أمالي الشيخ المفيد: 23 ـ 24 المجلس الثالث. | |
|
| |
| (في رحاب العقيدة)للسيد الحكيم.مفصّل سهل التناول | |
|