| (في رحاب العقيدة)للسيد الحكيم.مفصّل سهل التناول | |
|
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: رد: (في رحاب العقيدة)للسيد الحكيم.مفصّل سهل التناول الخميس يوليو 19, 2012 9:34 pm | |
| -[ 267 ]- س6 ما قولكم فيما ورد من أمر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لأبي بكر الصديق (رض) بإمامة المسلمين في صلاتهم إبان اشتداد مرضه (صلى الله عليه وآله وسلم)، أليس فيها إشارة إلى أنه ارتضاه خليفة له من بعده؟
ج: الجواب عن ذلك يكون ببيان أمور..
احتجاج كل فرقة بما تنفرد بروايته احتجاج عقيم الأمر الأول: أن احتجاج المدعي على دعواه بما يختص هو بروايته ولا يشاركه فيه الخصم، احتجاج عقيم لا يثبت حقًّا ولا يدفع باطلاً وهو احتجاج غير منطقي، ولا مقبول عند العقلاء. ومن ثم لا يكون حجة على الخصم، ولا ملزماً له. ولو أراد الشيعة أن يحتجوا بما ينفردون هم بروايته، ويوثقونه وحدهم، من دون أن يبلغ حدّ التواتر - الملزم للكل - لزادت حججهم أضعافاً مضاعفة. بل هو لا يكون عذراً بين يدي الله تعالى، وذلك لما يأتي في أواخر هذا الجواب - إن شاء الله تعالى - مِن أن الله عزوجل لابد أن يكون قد أوضح الحق في موارد الخلاف والنزاع، الموجب لافتراق المسلمين، حتى صار جلياً لا لبس فيه ولا غموض، بحيث لا يُعذر الخارج عنه، بل هو إما معاند مكابر، أو مفرط مقصر. فإنّ لازم ذلك أن يحتمل بدواً في حق كلِّ طرفٍ مِن أطراف النزاع أن يكون قد خرج عن الحق الواضح الجلي، عناداً أو تفريطًا ومثل هذا لا -[ 268 ]- يوثق بما يرويه في تأييد مذهبه، مهما بلغ حسن ظن أتباع ذلك المذهب فيه، وتوثيقهم لهم. نعم، بعد أن يعرف الحق، ويتميز عن الباطل - بأدلته القاطعة وبراهينه الجلية، التي لا لبس فيها ولا غموض - يعرف حينئذٍ المحق من المبطل، والأعمى من المبصر. ويتجه حينئذٍ حسن الظن بمَن وفقه الله تعالى، فاهتدى للحق وأبصره، وتمسك به ولزمه، ويتعين الإعراض عمّن خذله الله سبحانه وطبع على قلبه، فعمي عن الحق الواضح وجانبه، مهما كان شأنه عند أتباعه. وإلى هذا يرجع قول أمير المؤمنين (عليه السلام) : "اعرِفِ الحَقَّ تعرف أهلَه" (1) الذي تقدم في جواب السؤال الرابع من الأسئلة السابقة.
رواية الشيعة في أمر صلاة أبي بكر أما الشيعة فتُنْكِر أن يكون النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أمر أبا بكر بأن يصلي بالناس، بل ترى وتروي أن عائشة هي التي أرسلت خلف أبي بكر تعلمه بحال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ليصلي بالناس، تشريفاً له، وتنويهاً به، في محاولة لتهيئته للخلافة، واستلابها من أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، وإقصاء أهل البيت (عليهم السلام) عمومًا،كما أن قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لها ولـحفصة: "إنكن لصويحبات يوسف"، إنما كان إنكاراً منه (صلى الله عليه وآله وسلم) عليهما حين أرادت كل واحدة منهما أن يتقدم أبوها تشريفاً له. وأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد فوجئ بذلك. خصوصاً بعد أن كان قد أمر ـــــــــــــــــــــــ (1) تفسير القرطبي 1: 340. فيض القدير 1: 210، 4: 17. البيان والتبيين 1: 491. تاريخ اليعقوبي 2: 210 في خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب. أنساب الأشراف 3: 35 وقعة الجمل. -[ 269 ]- أبا بكر وعمر بالخروج في بعث أسامة، وأكَّدَ على خروج البعث وإنفاذه، كما تقدم في جواب السؤال الثاني من الأسئلة السابقة. ولما رأى (صلى الله عليه وآله وسلم) أن ذلك قد نفذ فعلاً وأن أبا بكر قد تقدم للصلاة، اضطر (صلى الله عليه وآله وسلم) على شدة مرضه لأن يحول بينه وبين ذلك، دفعاً للشبهة، فخرج يتهادى بين أمير المؤمنين (عليه السلام) والفضل بن العباس، ونحى أبا بكر من المحراب، وصلى هو (صلى الله عليه وآله وسلم) جالساً بالناس. لكن ذلك لم ينفع في دفع الشبهة، لأن استيلاء الطرف المذكور بالآخرة على السلطة، وعلى مقدرات الإسلام - بما في ذلك الدعاية والإعلام - ومحاولة تحريف هذه الحادثة عن حقيقتها في بعض النصوص من أجل التشبث بها لتبرير ما حصل، كل ذلك حال دون رفع الشبهة، وظهور هذه الحادثة على حقيقتها.
عقيدة أمير المؤمنين في حادثة الصلاة بنظر بعض الجمهور وقد ذكر ابن أبي الحديد قول أمير المؤمنين (عليه السلام) عن عائشة: "وأما فلانة فأدركها رأي النساء، وضغن غلا في صدرها كمرجل القين..." (1)، ثم عقب عليه بكلام طويل حكاه عن شيخه أبي يعقوب يوسف بن إسماعيل اللمعاني، في أسباب الشحناء والعداء بين عائشة وأبي بكر من جانب، والصديقة سيدة النساء فاطمة الزهراء وأمير المؤمنين (صلوات الله عليهم) من جانب. وهو يبتني على مذهبه مِن أنّ مَن يفترض فيهم أن يكونوا مِن خواص النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأحبائه، وذوي المقام الرفيع في الدين والقرب من الله تعالى، لا يستغرب عليهم حب الظهور، وطلب الجاه، وأن يتعرضوا فيما بينهم ـــــــــــــــــــــــ (1) شرح نهج البلاغة 9: 189. -[ 270 ]- للتهمة، وسوء الظن، والحسد، والبغضاء، والشحناء. وهو يلتقي في الخطوط العامة مع ما سبق منك في السؤال الثاني. ويحسن بنا أن نثبت منه ما يتعلق بموضوع حديثنا هذا، وهو صلاة أبي بكر. قال ابن أبي الحديد، وهو يعرض كلام شيخه المذكور - بعد أن أطال في ذكر أسباب التنافس والشحناء بين الطرفين في حياة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حسب قناعاته -: "وبقيت الأمور على ما هي عليه، وفي النفوس ما فيها حتى مرض رسول الله المرض الذي توفي فيه... فتطاول هذا المرض. وكان علي (عليه السلام) لا يشك أن الأمر له، وأنه لا ينازعه فيه أحد من الناس. ولهذا قال له عمه، وقد مات رسول الله: أمدد يدك أبايعك، فيقول الناس: عم رسول الله بايع ابن عم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلا يختلف عليك اثنان. قال: يا عم، وهل يطمع فيها طامع غيري؟! قال: ستعلم. قال: فإني لا أحب هذا الأمر من وراء رتاج، وأحب أن أصحر به. فسكت عنه. فلما ثقل رسول الله في مرضه، أنفذ جيش أسامة، وجعل فيه أبا بكر وغيره من أعلام المهاجرين والأنصار، فكان علي (عليه السلام) حينئذٍ بوصوله إلى الأمر إن حدث برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حدث أوثق، وتغلب على ظنه أن المدينة لو مات لخلت من منازع ينازعه الأمر بالكلية، فيأخذه صفواً عفوا، وتتم له البيعة، فلا يتهيأ فسخها لو رام ضدٌّ منازعته عليه. فكان - مِنْ عَوْدِ أبي بكر مِن جيش أسامة بإرسالها(عائشة) إليه، وإعلامه بأن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يموت - ما كان، ومِن حديث الصلاة بالناس ما عرف، فنسب علي (عليه السلام) عائشةَ أنها أمرت بلالاً مولى أبيها أن يأمره فليصلِّ بالناس، لأن رسول الله - كما روي - قال: ليصلِّ بهم أحدهم، ولم يعين. -[ 271 ]- وكانت صلاة الصبح، فخرج رسول الله، وهو في آخر رمق يتهادى بين علي والفضل بن العباس، حتى قام في المحراب، كما ورد في الخبر. ثم دخل، فماتَ ارتفاعَ الضحى، فجعل يوم صلاته حجة في صرْف الأمر إليه، وقال: أيكم يطيب نفساً أن يتقدم قدمين قدمهما رسول الله في الصلاة؟! ولم يحملوا خروج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الصلاة لصرفه عنه، بل لمحافظته على الصلاة مهما أمكن، فبويع على هذه النكتة التي اتهمها علي (عليه السلام) على أنها ابتدأت منها. وكان علي (عليه السلام) يذكر هذا لأصحابه في خلواته كثيرا ويقول: إنه لم يقل: إنكن لصويحبات يوسف إلا إنكاراً لهذه الحال، وغضباً منها لأنها وحفصة تبادرتا إلى تعيين أبويهما وأنه استدركها بخروجه وصرفه عن المحراب، فلم يُجْدِ ذلك، ولا أثر... فكانت هذه الحال عند علي أعظم مِن كل عظيم، وهي الطامة الكبرى، والمصيبة العظمى، ولم ينسبها إلا إلى عائشة وحدها، ولا علق الأمر الواقع إلا بها، فدعا عليها في خلواته وبين خواصه، وتظلم إلى الله منها.... فقلت له (عليه السلام) : أفتقول أنت: إن عائشة عينت أباها للصلاة، ورسول الله لم يعينه؟ فقال: أما أنا فلا أقول ذلك، ولكن علياً كان يقوله. وتكليفي غير تكليفه. كان حاضرًا ولم أكن حاضرا، فأنا محجوج بالأخبار التي اتصلت بي، وهي تتضمن تعيين النبي لأبي بكر في الصلاة. وهو محجوج بما كان قد علمه، أو يغلب على ظنه من الحال التي كان حضرها... هذه خلاصة كلام الشيخ أبي يعقوب (رحمه الله). ولم يكن يتشيع، وكان شديداً في الاعتزال، إلا أنه في التفضيل كان بغدادياً" (1). ـــــــــــــــــــــــ (1) شرح نهج البلاغة 9: 196 ـ 199. -[ 272 ]- وإنما ذكرناه بطوله لأنه يكشف عن عدم الاتفاق على تقديم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أبا بكر للصلاة، وأن هناك من علماء السنة - فضلاً عن الشيعة - مَن ينسب لأمير المؤمنين (عليه السلام) إنكار ذلك، والتبرم مما حصل، وحمله على كونه محاولة لاستغلال مرض النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وضعفه عن الخروج للصلاة، في إبراز أبي بكر في الواجهة، من أجل تهيئته لتولي الحكم والاستيلاء عليه، في سلسلة النشاطات المضادة للنص، التي أشرنا إليها في جواب السؤال الرابع من هذه الأسئلة، عند الكلام في دوافع الأنصار لمحاولة الاستيلاء على الحكم.
اختلاف الروايات في موقف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حين خروجه ويؤيد ذلك.. أولاً: أن روايات الصلاة المذكورة التي تضمنتها كتب الحديث لجمهور السنة، قد تضمنت خروج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد ذلك للصلاة. وهي مختلفة أشد الاختلاف في أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) حينما خرج هل تقدم بنفسه للإمامة، فصلى بالناس جالسًا وقد ائتم به الناس بما فيهم أبو بكر، أو أن أبا بكر بقي هو الإمام وقد ائتم به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مع الناس، ويبدو مما ذكره ابن حجر (1)، والشوكاني (2)، أن الأول هو الأقوى رواية. وهو لو تم أنسب بدعوى الشيعة في المقام، لأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا كان بصدد تقديم أبي بكر للصلاة تنويهاً به من أجل ترشيحه للخلافة، فخروجه (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد ذلك، وإمامته للناس نقض لذلك الغرض. ولا أقل من كونه مثيراً للشبهة، التي تُضْعِف احتمالَ ترتب الغرض المذكور، وظرفه (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يسمح بذلك، لعلمه بدنو أجله، وعدم وجود الوقت الكافي لدفع الشبهات، وتدارك الأمور. ـــــــــــــــــــــــ (1) فتح الباري 2: 155. (2) نيل الأوطار 3: 184. -[ 273 ]- بعض الفجوات في روايات الحادثة وثانياً: أن تلك الروايات، مشتملة على فجوات ومفارقات تظهر للمتأمل- وربما يظهر بعضها مما سبق- وقد تعرض لها علماء الشيعة، ونبه بعض علماء الجمهور إلى بعضها بنحو يغنينا عن تفصيل الكلام فيها بل لا يسعنا ذلك، لأن الحديث فيها طويل متشعب. غير أنه قد ألفت نظرنا أمر ربما أغفله الكثير، ففي حديث أبي بكر عبد الله بن أبي مليكة قال: "لما كان يوم الاثنين خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عاصباً رأسه إلى الصبح، وأبو بكر يصلي بالناس، فلما خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تفرج الناس، فعرف أبو بكر أن الناس لم يفعلوا ذلك إلا لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فنكص عن مصلاه، فدفع رسول الله في ظهره، وقال: صل بالناس، وجلس رسول الله إلى جنبه، فصلى قاعداً عن يمين أبي بكر. فلما فرغ من الصلاة، أقبل على الناس وكلمهم رافعاً صوته، حتى خرج صوته من باب المسجد يقول: يا أيها الناس سعرت النار، وأقبلت الفتن كقطع الليل المظلم، وإني والله لا تمسكون عليّ شيئا إني لم أحل لكم إلا ما أحل لكم القرآن، ولم أحرم عليكم إلا ما حرم عليكم القرآن، فلما فرغ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)..." (1). ولا نريد أن نناقش صلاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مؤتماً بأبي بكر، لأن ذلك ليس ممتنعاً عند الجمهور. وإنما الملفت للنظر خطبة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد الصلاة الشديدة اللهجة، والمناسبة لتهيؤ الأمة للفتن والانقلاب، حتى سعرت النار، وتنصل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من مغبة ما يحصل، لأنه لم يحل إلا ـــــــــــــــــــــــ (1) تاريخ الطبري 2: 231 في أحداث سنة إحدى عشرة. السيرة النبوية 6: 71 اليوم الذي قبض فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). البدء والتاريخ 5: 61. -[ 274 ]- ما أحل القرآن، ولم يحرم إلا ما حرمه،مع أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) لو كان قد أمر أبا بكر بالصلاة مشيراً إلى أنه يرضى خلافته، فالأمور بالآخرة قد جرت على وفق ما أراد (صلى الله عليه وآله وسلم)، الذي هو موافق للقرآن المجيد. فيفترض أن يكون ذلك مفتاح عصمة الأمة من الفتن. ومعه لا موجب لتسعير النار، ولا للتهديد والوعيد الشديد. وإنما يتناسب ذلك جداً مع تفسير الشيعة المتقدم لحدث الصلاة. وأما توجيه ذلك التهديد بالردة التي حصلت بعد ارتحال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للرفيق الأعلى، فهو لا يناسب تنصل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي تضمنته الخطبة، لظهور أن التنصل بالوجه المذكور فيها إنما يحسن أن يوجه لمن يؤمن بالقرآن الشريف ويخصمه (صلى الله عليه وآله وسلم) به، لا لمن يكفر به، ويرتد عن الإسلام، كما لعله ظاهر. وقد أثبتنا هذه الملاحظة لعدم عثورنا عاجلاً على من نبه عليها وإن كان الجواب لا يتوقف عليها والذي يهمنا هو عدم الاتفاق على صدور الأمر المذكور من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإبداء تحفظنا عليه، ولاسيما بملاحظة ما سبق في جواب السؤال الأول من تعرض السنة الشريفة للوضع والتحريف ضد أهل البيت (عليهم السلام)، ولصالـح أعدائهم ومناوئيهم. فراجع.
حادثة الصلاة ليست نَصّاً ولم تلزم الصحابة ببيعة أبي بكر الأمر الثاني: لا ريب في أن الحادثة المذكورة كيف كانت لا تبلغ مرتبة النص على أبي بكر، لما استفاض عند الجمهور من أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يعهد من بعده إلى أحد. وغاية ما يدعى أنها نحو من الإشارة له- كما ذكرتَه في السؤال- ومن المعلوم أن الحدث الواحد يمكن الاختلاف في مدلوله باختلاف الناس، وباختلاف الزاوية التي ينظرون منها إليه، والتي يحاول -[ 275 ]- بعضهم التأكيد عليها تبعاً لميله وهواه. والشيء الذي لا ريب فيه أن هذه الحادثة لم تمنع الأنصار من محاولة الاستيلاء على السلطة، وبيعة سعد بن عبادة بالخلافة، ولم تمنع أبا بكر من ترشيح عمر وأبي عبيدة للخلافة، وتقديمهما للبيعة، ولا من قوله في مرضه: "أما إني لا آسى على شيء إلا على ثلاث فعلتهن وددت أني لم أفعلهن، وثلاث لم أفعلهن وددت أني فعلتهن، وثلاث وددت اني سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عنهن، فأما الثلاث التي وددت أني لم أفعلهن... ووددت أني يوم سقيفة بني ساعده قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين أبي عبيدة أو عمر، وكان أمير المؤمنين وكنت وزير... وأما الثلاث اللاتي وددت أني سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عنهن، فوددت أني سألته فيمن هذا الأمر فلا ينازعه أهله..." (1) إذ لو فهم من حادثة الصلاة ترشيح النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) له لهذا المنصب، فلا موقع للسؤال عمن هو أهل له، ولا لقذفه في عنق أحد الرجلين. كما لم تمنع أمير المؤمنين (عليه السلام) وبني هاشم عامة وجماعة من خواص الصحابة وأعيانهم - ممّن تقدم التعرض له في مطاوي جواب السؤال الثالث والرابع - من التقاعس عن بيعة أبي بكر والإنكار عليه، والطعن ـــــــــــــــــــــــ (1) مجمع الزوائد 5: 202 ـ 203 كتاب الخلافة: باب كراهة الولاية ولمن تستحب، واللفظ له. الأحاديث المختارة 1: 89 ـ 90 فيما رواه عبد الرحمن بن عوف (رضي الله عنه) عن أبي بكر (رضي الله عنه). المعجم الكبير 1: 62 ومما أسند أبو بكر الصديق (رضي الله عنه) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). الضعفاء للعقيلي 3: 420 ـ 421 في ترجمة علوان بن داود البجلي. ميزان الاعتدال 5: 135 ـ 136 في ترجمة علوان بن داود البجلي. لسان الميزان 4: 189 في ترجمة علوان بن داود البجلي. تاريخ الطبري 2: 353 ـ 354 أحداث سنة ثلاث عشرة: ذكر أسماء قضاته (أي أبي بكر) وكتابه وعماله على الصدقات. تاريخ دمشق 30: 418، 420، 421، 422 في ترجمة عبد الله ويقال عتيق بن عثمان بن قحافة. وغيرها من المصادر. -[ 276 ]- فيه، ومحاولة نقضه. وإذا كان ترشيح الأنصار لسعد بن عبادة، وترشيح أبي بكر لعمر وأبي عبيدة، يوم السقيفة، عمليتين ارتجاليتين، اقتضتهما طبيعة الصراع، بنحو أغفل عن حادثة الصلاة، وقد انتهتا في وقتهما مِن دون أن يترتب عليهما أثر معتد به، فلا ريب في أن موقف أمير المؤمنين (عليه السلام) ومَن اتجه وجهتَه حسابيٌّ مدروس، يبتني على الخصومة والاحتجاج والإصرار، كما يظهر مما سبق في جواب السؤالين الثالث والرابع. وكذا ما تقدم من كلام أبي بكر في مرضه، لظهور أنه قد قاله بكمال التروي، بعد أن مرّ بتجربة الخلافة، وأدرك مسؤوليتها. وذلك بمجموعه يكشف عن أحد أمرين لا ثالث لهما: أولهما: أن الأمر بصلاة أبي بكر لم يصدر من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإنما كانت قضية الصلاة عملية أريد بها التشويش على النص، والالتفاف عليه، بإبراز أبي بكر للواجهة فجأة في الوقت الحرج، في محاولة لاستلاب الحكم من أهل البيت (صلوات الله عليهم) في سلسلة نشاطات المعارضة التي تصاعدت في الوقت المناسب، كما تقول الشيعة.
لا تلازم بين الأهلية لإمامة الصلاة والأهلية للإمامة العامة ثانيهما: أن يكون أمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بصلاة أبي بكر - لو فرض صدوره - عفويًّا لا يحمل أكثر من مدلوله الحقيقي. لما هو المعلوم من عدم التلازم بين تأهيل الشخص لإمامة الصلاة وصلاحيته للإمامة العامة. كما صلى عبد الرحمن بن عوف بالناس حينما طعن عمر بن الخطاب (1)، ـــــــــــــــــــــــ (1) صحيح البخاري 3: 1354 كتاب فضائل الصحابة: باب قصة البيعة والاتفاق على عثمان ابن عفان (رضي الله عنه). صحيح ابن حبان 14: 193 كتاب إخباره (صلى الله عليه وآله وسلم) عن مناقب الصحابة رجالهم ونسائهم بذكر أسمائهم (رضي الله عنهم أجمعين): ذكر رضا المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) عن عثمان بن عفان (رضي الله عنه) عند خروجه من الدني. المستدرك على الصحيحين 3: 97 كتاب معرفة الصحابة: ومن مناقب أمير المؤمنين عمربن الخطاب (رضي الله عنه) مما لم يخرجاه: مقتل عمر (رضي الله عنه) على الاختصار. السنن الكبرى للبيهقي 3: 113 كتاب الصلاة: جماع أبواب موقف الإمام والمأموم: باب الصلاة بإمامين أحدهما بعد الآخر. المصنف لابن أبي شيبة 1: 406 كتاب الصلاة: التخفيف في الصلاة من كان يخففه. مسند أبي يعلى 5: 116. حلية الأولياء 4: 151 عند الحديث عن عمرو بن ميمون الأودي. كتاب الآثار: 47. الثقات 2: 238 في استخلاف عمر بن الخطاب. الطبقات الكبرى 3: 337 في ترجمة عمر بن الخطاب: ذكر استخلاف عمر (رحمه الله). نيل الأوطار 6: 158 كتاب الوصايا: باب وصية من لا يعيش مثله. موارد الظمآن: 537 باب فضل عمر ابن الخطاب (رضي الله عنه). مجمع الزوائد 9: 76 كتاب المناقب: باب وفاة عمر (رضي الله عنه). مسند الحارث 2: 622 كتاب الإمارة: باب ما جاء في الخلفاء. وغيرها من المصادر الكثيرة. -[ 277 ]- وكما أمر عمر صهيباً بالصلاة بالناس بعده في الأيام الثلاثة التي عينها لأهل الشورى، من أجل أن يختاروا الخليفة منهم (1)، وكما قدم أمير المؤمنين (عليه السلام) - حينما ضربه ابن ملجم على رأسه في مسجد الكوفة - جعدة بن هبيرة ليصلي بالناس صلاة الفجر (2)... إلى غير ذلك. ـــــــــــــــــــــــ (1) صحيح ابن حبان 15: 333 كتاب إخباره (صلى الله عليه وآله وسلم) عن مناقب الصحابة رجالهم ونسائهم بذكر أسمائهم (رضي الله عنهم أجمعين): ذكر رضا المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) عن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) في صحبته إياه. المصنف لابن أبي شيبة 7: 437 كتاب المغازي: ماجاء في خلافة عمر بن الخطاب. مجمع الزوائد 5: 195 كتاب الخلافة: باب الخلافة في قريش والناس تبع لهم. الطبقات الكبرى 3: 61 في ترجمة عثمان بن عفان: ذكر الشورى وما كان أمرهم، 3: 341 في ترجمة عمر بن الخطاب: ذكر استخلاف عمر (رحمه الله). فتح الباري 7: 68. سير أعلام النبلاء 2: 26 في ترجمة صهيب بن سنان. وغيرها من المصادر. (2) الاستيعاب 3: 1125 في ترجمة علي بن أبي طالب (رضي الله عنه). مجمع الزوائد 9: 141 باب مناقب علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) كتاب المناقب: في باب بعد باب وفاته (رضي الله عنه). المعجم الكبير 1: 99 نسبة علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) : سن علي بن أبي طالب ووفاته (رضي الله عنه). نظم درر السمطين: 141. المناقب للخوارزمي: 383. المنتظم 5: 173 أحداث سنة تسع وثلاثين: عند الحديث عن مقتل علي بن أبي طالب (رضي الله عنه). الكامل في التاريخ 3: 256 أحداث سنة أربعين: ذكر مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام). ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى 1: 114 باب في ذكر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) : ذكر قاتله وما حمله على القتل وكيفية قتله وأين دفن. -[ 278 ]- ولا ينافي ذلك ما روي مِن تَشَبُّث عمَر بها لتقديم أبي بكر وبيعته، فإنّ ذلك - لو صح - أولاً: قد لا يبتني على دعوى إشارة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالحادثة المذكورة للخلافة، وتأهيل أبي بكر له، بل لا يزيد عن كونه فضيلة لأبي بكر تناسب تقديمه بنظر عمر، نظير قوله: "لو أدركت أبا عبيدة بن الجراح، ثم وليته، ثم قدمت على ربي، فقال لي: لم استخلفته على أمة محمد؟ قلت: سمعت عبدك وخليلك يقول: لكل أمة أمين، وإن أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح" (1). وقوله: "ولو كان سالم مولى أبي حذيفة حياً استخلفته، فإن سألني ربي. قلت: سمعت نبيك يقول: إن سالماً شديد الحب لله" (2). وقوله: "لو أدركت معاذ بن جبل فاستخلفته، فلقيت ربي، فسألني عن ذلك، لقلت: سمعت نبيك يقول: إذا حضرت العلماء ربهم يوم القيامة، كان معاذ بن جبل بين أيديهم بقذفة حجر" (3). وثانياً: قد يبتني على استغلال عمر للحادثة المذكورة، وتفسيرها بالوجه الذي يخدم هدفه، في الوقت الحرج واللحظات الحاسمة، من أجل إنجاز مشروعه، في عملية ارتجالية مفاجئة، ولم يدع مجالاً للأخذ والرد، ـــــــــــــــــــــــ (1) مسند الشاشي 2: 93 من مناقب أبي عبيدة بن الجراح وغيره، واللفظ له. مسند أحمد 1: 18 في مسند عمر بن الخطاب (رضي الله عنه). فتح الباري 13: 119. تحفة الأحوذي 6: 399. فيض القدير 3: 190. سير أعلام النبلاء 1: 372 في ترجمة خالد بن الوليد. صفوة الصفوة 1: 367. تاريخ الطبري 2: 580 قصة الشورى. تاريخ دمشق 58 ص405 في ترجمة معاذ بن جبل. وغيرها من المصادر. وقريب منه في المستدرك على الصحيحين 3: 300 كتاب معرفة الصحابة: ذكر مناقب أبي عبيدة بن الجراح، والطبقات الكبرى 3: 413 في ترجمة أبي عبيدة بن الجراح، وفضائل الصحابة لابن حنبل 2: 742، وتاريخ دمشق 25: 461 في ترجمة عامر بن عبدالله بن الجراح، وغيرها من المصادر. (2)، (3) تقدمت مصادرهما في جواب السؤال الرابع في: 189. -[ 279 ]- ليتضح نظر غيره في هذه الحادثة، وتحديد مدلولها الحقيقي. وما أكثر ما يتشبث ذوو الأهداف في سبيل الوصول لأهدافهم وتنفيذ مخططاتهم بالحجج الواهية والخطابيات التي هي ((كَسرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ)) (1). ولا سيما وأن عمر ومَن اتجه وجهته لم يحترموا أوامر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وتوجيهاته في مرضه، ففي يوم الخميس حينما أمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يؤتى له بدواة وكتف، ليكتب لهم كتاباً لن يضلوا بعده أبدًا، ردوا عليه، وقالوا:إنه يهجر، أو: قد غلبه الوجع، حسبنا كتاب الله. كما تقدم التعرض لذلك في جواب السؤال الثاني من الأسئلة السابقة. مع أن حادثة الصلاة قد حصلت بعد ذلك، بل في بعض النصوص أنها كانت يوم الأثنين يوم وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نفسه.
عدم تركيز عمر على حادثة الصلاة في أحاديثه عن الخلافة ويؤيد ما ذكرنا أن عمر قد تعرض بعد حادثة السقيفة لبيعة أبي بكر، وحاول بيان مبرراتها في أحاديث له متعددة له مع ابن عباس وغيره، ولم يشر فيها لحادثة الصلاة كحجة أو مبرر، في الوقت الذي تعرض فيه لمبررات هي أوهى مِن بيت العنكبوت، كصغر سن أمير المؤمنين (عليه السلام)، وحبه لبني عبد المطلب، وكراهة قريش أن تجتمع النبوة والخلافة في بني هاشم. بل صرح هو وغيره بأن البيعة كانت فلتة، وقد سبق أنّ أهون ما قيل في معنى فلتة أنها كانت مباغتة مِن دون مشورة. وربما ذكروا أنهم أسرعوا ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة النور الآية: 39. -[ 280 ]- بها خوف الفتنة (1). ولو كانت حادثة الصلاة بالنحو الذي يحاول بعضهم الاحتجاج به لكانت أولى بأن تذكر من جميع ما سبق. فإنه يظهر من ذلك كله أن التشبث بها يوم السقيفة لو كان فإنما هو أمر اقتضته طبيعة الارتجال في تحقيق الهدف وتمريره على الخصوم، بغض النظر عن المدلول الحقيقي للحادثة، كما ذكرنا. الأمر الثالث: ليس من المنطقي أن يتشبث المدعي لدعواه بمثل هذه الإشارة المدعاة إلا بعد مقارنتها بما يتشبث به الخصم، واستيضاح أنها أقوى دلالة مما يملكه الخصم من الإشارات والدلالات، فضلاً عن الحجج والبينات. ولا يسعنا في هذه العجالة استيعاب ما تملكه الشيعة من ذلك، غير أنا نستطرد بذكر جملة منها من أجل مقارنتها بحادثة الصلاة.
المقارنة بين حادثة الصلاة وما ورد في حق أمير المؤمنين (عليه السلام) فها نحن نسأل المنصف هل يرضى لنفسه أن يدعي أن حادثة الصلاة أقوى دلالة على تهيئة أبي بكر للخلافة من اختصاص النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأمير المؤمنين (عليه السلام)، وإيكال أموره (صلى الله عليه وآله وسلم) إليه (عليه السلام) في حياته وبعد وفاته، حتى جهزه ووضعه في حفرته، وتمييزه عن بقية الصحابة بمؤاخاته له (2)، ـــــــــــــــــــــــ (1) الرياض النضرة 2: 206 القسم الثاني في مناقب الأفراد: الباب الأول في مناقب خليفة رسول الله أبي بكر الصديق (رضي الله عنه) : الفصل الثالث عشر في ذكر خلافته وما يتعلق بها من الصحابة: ذكر بيعة السقيفة وماجرى فيه. (2) المستدرك على الصحيحين 3: 15،16 كتاب الهجرة. سنن الترمذي 5: 636 كتاب كتاب المناقب: في باب لم يعنونه، بعد باب مناقب علي بن أبي طالب (رضي الله عنه). علل الدارقطني 9: 205. الطبقات الكبرى 3: 22 في ترجمة علي بن أبي طالب: ذكر إسلام علي وصلاته. من حديث خيثمة: 199. فضائل الصحابة لابن حنبل 2: 597 فضائل علي (عليه السلام) ،: 617 ومن فضائل علي (رضي الله عنه) من حديث أبي بكر بن مالك عن شيوخه غير عبدالله. البداية والنهاية 7: 224 في أحداث سنة خمس وثلاثين ففيها مقتل عثمان: خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه). تاريخ الخلفاء: 170 في ترجمة علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) : فصل في الأحاديث الواردة في فضله. السيرة النبوية 3: 36 المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار. تاريخ دمشق 42: 18،51،52،53،61،96، في ترجمة علي ابن أبي طالب. تهذيب الأسماء: 318. فيض القدير 4: 355. الرياض النضرة 1: 205 القسم الأول في مناقب الأعداد: الباب الأول فيما جاء متضمنا ذكر العشرة وغيرهم: ذكر أحاديث تتضمن جملتها إخاءه (صلى الله عليه وآله وسلم) بين العشرة وغيرهم من المهاجرين والأنصار وذكر اسمه على بعضهم. التدوين في أخبار قزوين 2: 126. تحفة الأحوذي 10: 152. تهذيب الكمال 20: 484 في ترجمة علي بن أبي طالب. وغيرها من المصادر الكثيرة. -[ 281 ]- وتزويجه ابنته سيدة النساء (عليه السلام) بأمر الله تعالى (1)، حتى صار أبا ذريته (2). وبسد أبوابهم الشارعة إلى المسجد إلا بابه (3)، فكان يحل له فيه ما يحل ـــــــــــــــــــــــ (1) مجمع الزوائد 9: 204 كتاب المناقب: باب مناقب فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (رضي الله عنه) : باب منه في فضلها وتزويجها بعلي (رضي الله عنهم). المعجم الكبير 10: 156 في مسند عبد الله ابن مسعود (رضي الله عنه) ، 22: 407 ذكر سن فاطمة (رضي الله عنه) ووفاتها ومن أخبارها ومناقبها وكنيته. ومن مناقب فاطمة: ذكر تزويج فاطمة (رضي الله عنه). تاريخ دمشق 37: 13 في ترجمة عبد الملك بن حبار، 42: 126، 129 في ترجمة علي بن أبي طالب، 52: 444، 445 في ترجمة محمد بن دينار العرقي. كنز العمال 11: 600 حديث:32891،: 606 حديث:32929. وغيره. البيان والتعريف 1: 174، 2: 301. ميزان الاعتدال 4: 422 في ترجمة عبد النور بن عبد الله المسمعي. لسان الميزان 4: 77 في ترجمة عبد النور بن عبد الله المسمعي. الكشف الحثيث: 174 في ترجمة عبد النور بن عبد الله المسمعي. (2) مجمع الزوائد 9: 172 كتاب المناقب: باب في فضل أهل البيت (رضي الله عنهم). المعجم الكبير 3: 43 بقية أخبار الحسن بن علي (رضي الله عنهم). الجامع الصغير 1: 262. الفردوس بمأثور الخطاب 1: 172. فيض القدير 2: 233. كنز العمال 11: 600 حديث: 32892. تاريخ دمشق 42: 259 في ترجمة علي بن أبي طالب. تاريخ بغداد 1: 317 في ترجمة محمد بن أحمد بن عبد الرحيم. ينابيع المودة 2: 90، 237، 292، 345، 399، 447. ميزان الاعتدال 4: 313 في ترجمة عبد الرحمن بن محمد الحاسب، 7: 207 في ترجمة يحيى بن العلاء. لسان الميزان 3: 429في ترجمة عبد الرحمن ابن محمد الحاسب. العلل المتناهية 1: 214. كشف الخفاء 2: 157. نيل الأوطار 6: 139. (3) السنن الكبرى للنسائي 5 كتاب الخصائص:113 ذكر خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) : ذكر خبر عمران بن حصين في ذلك،: 118،119 ذكر قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أمرت بسد هذه الأبواب غير باب علي. سنن الترمذي 5: 641 كتاب كتاب المناقب عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : في باب لم يعنونه بعد باب مناقب علي بن أبي طالب (رضي الله عنه). المستدرك على الصحيحين 3: 135 كتاب معرفة الصحابة: ومن مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) مما لم يخرجاه: ذكر إسلام أمير المؤمنين علي (رضي الله عنه)، وقال بعد ذكر الحديث: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"،: 143 قال بعد ذكر الحديث: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذه السياقة". مسند أحمد بن حنبل 1: 175 مسند أبي إسحاق سعد ابن أبى وقاص (رضي الله عنه)،: 330 مسند عبدالله بن العباس بن عبد المطلب عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). معتصر المختصر 2: 332 كتاب جامع مما يتعلق بالموطأ: فيما اختص به أبو بكر وعلي. مجمع الزوائد 9 كتاب المناقب: باب مناقب علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)،: 114،115 باب فتح بابه الذي في المسجد،: 120 باب جامع في مناقبه (رضي الله عنه). مسند الروياني 1: 277 فيما رواه ميمون عن البراء. مسند أبي يعلى 2: 61 في مسند سعد بن أبي وقاص. السنة لابن أبي عاصم 2: 599،603 باب ما ذكر في فضل علي (رضي الله عنه) ،: 609 باب من كنت مولاه فعلي مولاه. الإصابة 4: 568 في ترجمة علي بن أبي طالب. فتح الباري 7: 14 وقال بعد أن ذكر الحديث: "أخرجه احمد والنسائي وإسناده قوي وفي رواية للطبراني في الأوسط رجالها ثقات من الزيادة". تفسير القرطبي 5: 208. وغيرها من المصادر الكثيرة. -[ 282 ]- للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (1). ثم نصّه (صلى الله عليه وآله وسلم) على أن المراد بأهل بيته - الذين أذهب الله تعالى عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً - هم أمير المؤمنين، وزوجته الصديقة فاطمة الزهراء سيدة النساء، وولداهما الحسن والحسين (صلوات الله وسلامه عليهم) (2). ـــــــــــــــــــــــ (1) تاريخ دمشق 42: 139،140 في ترجمة علي بن أبي طالب. مسند الشاشي 1: 146. ميزان الاعتدال 2: 210 في ترجمةحرام بن عثمان الأنصاري.لسان الميزان 2: 182 في ترجمة حرام بن عثمان الأنصاري. مناقب الخوارزمي: 109. ينابيع المودة 1: 160. تاريخ المدينة 1: 38. (2) صحيح ابن حبان 15: 432 كتاب إخباره (صلى الله عليه وآله وسلم) عن مناقب الصحابة رجالهم ونسائهم بذكر أسمائهم (رضي الله عنهم أجمعين): ذكر الخبر المصرح بأن هؤلاء الأربع الذي تقدم ذكرنا لهم أهل بيت المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم). السنن الكبرى للنسائي 5: 107 كتاب الخصائص: ذكر خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) وذكر صلاته قبل الناس وأنه أول من صلى من هذه الأمة. سنن الترمذي 5: 351 كتاب فضائل القرآن عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : باب ومن سورة الأحزاب،: 663 كتاب كتاب المناقب عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : باب مناقب أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). المستدرك على الصحيحين 2: 451 كتاب التفسير: تفسير سورة الأحزاب وقال بعد ذكر الحديث: "هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه"، 3 كتاب معرفة الصحابة: ومن مناقب أهل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)،: 158،159 وقال بعد ذكر الحديث: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه". مسند أحمد 4: 107 في حديث واثلة بن الأسقع (رضي الله عنه) ، 6: 292 في حديث أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). معتصر المختصر 2: 266 كتاب جامع مما يتعلق بالموطأ: في أهل البيت. مجمع الزوائد 9: 167 كتاب المناقب: باب في فضل أهل البيت (رضي الله عنهم). مسند البزار 6: 210 فيما رواه إسماعيل ابن عبدالله بن جعفر عن أبيه. المعجم الكبير 3: 53 بقية أخبار الحسن بن علي (رضي الله عنه)، 9: 25 فيما أسند عمر بن أبي سلمة، 22: 66 فيما أسند واثلة: مكحول الشامي عن واثلة. تفسير الطبري 22: 6،7، 8. تفسير ابن كثير 3: 485،486. وغيرها من المصادر الكثيرة. -[ 283 ]- وأنّ مثلهم كمثل سفينة نوح مَن ركبها نجا ومَن تخلف عنها غرق وهوى (1)، وأنهم أحد الثقلين الذين خلفهما في أمته ليعصماها من الضلالة، وقد تقدم الحديث عن ذلك في جواب السؤال السادس من الأسئلة السابقة. ومعهم باهَلَ نصارى نجران دون غيرهم (2)، مشيراً إلى تميُّزهم بالقرب مِن الله تعالى بنحو يناسب نفوذ مباهلتهم واستجابته عز وجل لدعوتهم، وبأنهم حملة دعوة الإسلام المخاصمون عنها والمتعهدون به. ـــــــــــــــــــــــ (1) تقدمت مصادره في جواب السؤال الرابع في ص: 181. (2) صحيح مسلم 4: 1871 كتاب فضائل الصحابة (رضي الله عنهم) : باب من فضائل علي بن أبي طالب (رضي الله عنه). سنن الترمذي 5: 225 كتاب القراءات عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : باب ومن سورة آل عمران،: 638 كتاب كتاب المناقب عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : في باب لم يعنونه بعد باب مناقب علي بن أبي طالب (رضي الله عنه). المستدرك على الصحيحين 3: 163 كتاب معرفة الصحابة: ومن مناقب أهل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال بعد ذكر الحديث: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه". السنن الكبرى للبيهقي 7: 63 كتاب قسم الصدقات: باب إليه ينسب أولاد بناته. مسند أحمد 1: 185 في مسند أبي إسحاق سعد بن أبي وقاص (رضي الله عنه). مسند سعد: 51 فيما رواه عامر بن سعد عن أبيه. فتح الباري 7: 74. أسد الغابة 4: 26 في ترجمة علي بن أبي طالب: فضائله (رضي الله عنه). رجال مسلم 2: 51 في ترجمة علي بن أبي طالب. الإصابة 4: 569 في ترجمة علي بن أبي طالب. معرفة علوم الحديث: 50. تفسير الطبري 3: 301. تفسير القرطبي 4: 104. تفسير ابن كثير 1: 372. فتح القدير 1: 347،348. زاد المسير 1: 398. روح المعاني 4: 188. أسباب نزول الآيات للواحدي: 68. شواهد التنزيل للحسكاني 1: 156، 159، 163، 164. وغيرها من المصادر الكثيرة. -[ 284 ]- ولهم قال: "أنا سلم لمَن سالمتم وحرب لمَن حاربتم" (1)... إلى غير ذلك مما ورد في حقهم (صلوات الله عليهم). ثم وصيته لأمير المؤمنين، حتى عرف (صلوات الله عليه) بالوصي (2). ـــــــــــــــــــــــ (1) تقدمت مصادره في جواب السؤال الرابع في: 181. (2) المستدرك على الصحيحين 3: 188 كتاب معرفة الصحابة: ومن فضائل الحسن بن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) وذكر مولده ومقتله. مسند أبي يعلى 4: 344 أول مسند ابن عباس. مجمع الزوائد 9: 113،114 كتاب المناقب: باب مناقب علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) : باب فيما أوصى به (رضي الله عنه). حلية الأولياء 2: 74 في ترجمة أسماء بنت عميس. المعجم الكبير 6: 221 فيما رواه أبو سعيد عن سلمان (رضي الله عنه). الإصابة 5: 576 في ترجمة كدير. فضائل الصحابة 2: 615 ومن فضائل علي (رضي الله عنه) من حديث أبي بكر بن مالك عن شيوخه غير عبد الله. سير أعلام النبلاء 4: 113 بقية الطبقة الأولى من كبراء التابعين: في ترجمة ابن الحنفية، 8: 44،46 في ترجمة السيد الحميري، 23: 338 في ترجمة ابن الآبار. تهذيب الكمال 26: 151 في ترجمة محمد بن علي بن أبي طالب القرشي. تهذيب التهذيب 3: 91 في ترجمة خالد بن عبيد العتكي. تاريخ دمشق 42: 392،532 في ترجمة علي بن أبي طالب. تاريخ واسط: 154 في ترجمة معلى بن عبد الرحمن بن حكيم. تاريخ بغداد 11: 112 في ترجمة عبدالجبار بن أحمد بن عبيدالله السمسار، 13: 298 في ترجمة نصر بن أحمد أبي القسم البصري. الذرية الطاهرة: 74. الفردوس بمأثور الخطاب 3: 336. فتح الباري 8: 150. ميزان الاعتدال 2: 418 في ترجمة خالد بن عبيد، 3: 375 في ترجمة شريك بن عبدالله، 5: 481 في ترجمة قيس بن ميناء، 7: 5 في ترجمة ناصح بن عبدالله الكوفي. لسان الميزان 2: 102 في ترجمة جرير بن عبدالحميد الكندي، 3: 387 في ترجمة عبدالجبار بن أحمد السمسار، 5: 139 في ترجمة محمد بن الحسين الأزدي. الكامل في ضعفاء الرجال 4: 14 في ترجمة شريك بن عبدالله بن الحارث بن شريك. المجروحين 1: 279 في ترجمة خالد بن عبيد العتكي. البداية والنهاية 13: 258 في أحداث سنة ثمان وستين وستمائة: في ترجمة القاضي محيي الدين ابن الزكي. تاريخ الطبري 2: 696 في أحداث سنة خمس وثلاثين: ذكر ما رثي به (أي عثمان) من الأشعار، 3: 319 في أحداث سنة إحدى وستين. الكامل في التاريخ 3: 419 في أحداث سنة إحدى وستين: ذكر مقتل الحسين (رضي الله عنه) : المعركة، 5: 152 أحداث سنة خمس وأربعين ومائة: ذكر ظهور محمد ابن عبدالله بن الحسن. المنتظم 10: 128 في أحداث سنة أربع ومائتين. البدء والتاريخ 5: 225 ذكر صفين. وفيات الأعيان 5: 379 في ترجمة نصر الخبزأرزي. تاريخ اليعقوبي 2: 171 في أيام عثمان بن عفان،: 179 في خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب،: 228 في وفاة الحسن بن علي. وغيرها من المصادر الكثيرة. -[ 285 ]- وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : "وأن وصيّي لخير الوصيين" (1)، وقد سبق في جواب السؤال الرابع أن المراد بالوصية هنا وصاية النبوة. كما كان (صلوات الله عليه) قاضي دين النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومنجز عداته (2)، والذي يبين لهم ما يختلفون فيه من بعده (3). وكان وارث علمه (4)، وباب مدينة علمه (5)، الذي منه تؤتى، كما قال ـــــــــــــــــــــــ (1) سيرة ابن إسحاق 2: 105، واللفظ له. مجمع الزوائد 9: 165 كتاب المناقب: باب في فضل أهل البيت (رضي الله عنهم). المعجم الأوسط 6: 327. المعجم الكبير 3: 57 بقية أخبار الحسن بن علي (رضي الله عنهم). (2) مجمع الزوائد 9 كتاب المناقب: باب مناقب علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) ،: 113 باب فيما أوصى به (رضي الله عنه)، ـ: 121 باب جامع في مناقبه (رضي الله عنه). الأحاديث المختارة 2: 131 فيما رواه عباد بن عبدالله عن علي (عليه السلام). فضائل الصحابة لابن حنبل 2: 615 ومن فضائل علي (رضي الله عنه) من حديث أبي بكر بن مالك عن شيوخه غير عبدالله. تفسير ابن كثير 3: 351. مسند أحمد 1: 111 في مسند علي بن أبي طالب (رضي الله عنه). تاريخ دمشق 42: 47، 49، 50، 56، 57، 471 في ترجمة علي بن أبي طالب. الفردوس بمأثور الخطاب 3: 61. المعجم الكبير 12: 420 فيما رواه مجاهد عن ابن عمر. ميزان الاعتدال 6: 446 في ترجمة مطر بن ميمون المحاربي، 7: 5 في ترجمة ناصح بن عبد الله الكوفي. الكامل في ضعفاء الرجال 6: 397 في ترجمة مطر بن ميمون المحاربي. المجروحين 3: 5 في ترجمة مطر بن ميمون. وغيرها من المصادر. (3) تقدمت مصادره في جواب السؤال الرابع في: 185. (4) المستدرك على الصحيحين 3: 136 كتاب معرفة الصحابة: ومن مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) مما لم يخرجاه: ذكر إسلام أمير المؤمنين علي (رضي الله عنه). الآحاد والمثاني 5: 172 في ترجمة زيد بن أبي أوفى. المعجم الكبير 5: 221 فيما رواه زيد بن أبي أوفى. الرياض النضرة 1: 198 الباب الأول فيما جاء متضمنا ذكر العشرة وغيرهم: ذكر أحاديث تتضمن جملتها إخاءه (صلى الله عليه وآله وسلم) بين العشرة وغيرهم من المهاجرين والأنصار وذكر اسمه على بعضهم. فضائل الصحابة لابن حنبل 2: 638،666 فضائل علي (عليه السلام). تاريخ دمشق 21: 415 في ترجمة سلمان بن الإسلام، 42: 53 في ترجمة علي بن أبي طالب. وغيرها من المصادر. (5) المستدرك على الصحيحين 3: 137،138 كتاب معرفة الصحابة: ومن مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) مما لم يخرجاه: ذكر إسلام أمير المؤمنين علي (رضي الله عنه). مجمع الزوائد 9: 114 كتاب المناقب: باب مناقب علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) : باب في علمه (رضي الله عنه). المعجم الكبير 11: 65 فيما رواه مجاهد عن ابن عباس. تذكرة الحفاظ 4: 1231 في ترجمة السمرقندي الحافظ الإمام الرحال أي محمد الحسن بن أحمد بن محمد بن قاسم بن جعفر الكوخميثني. سير أعلام النبلاء 11: 447 في ترجمة أبي الصلت. تاريخ دمشق 42: 378،379،380،382،383 في ترجمة علي بن أبي طالب. تهذيب التهذيب 7: 296 في ترجمة علي بن أبي طالب،: 374 في ترجمة عمر بن إسماعيل بن مجالد. تهذيب الكمال 18: 77،78،79 في ترجمة عبدالسلام بن صالـح، 20: 485 في ترجمة علي بن أبي طالب. تاريخ جرجان: 65 في ترجمة أحمد بن سلمة بن عمرو الكوفي. تاريخ بغداد 7: 172 في ترجمة جعفر بن محمد أبي جعفر، 11: 48،49،50 في ترجمة عبدالسلام بن صالـح بن سليمان. كشف الخفاء: 235. الفردوس بمأثور الخطاب: 44. فيض القدير 3: 46. الجرح والتعديل 6: 99 في ترجمة عمر بن إسماعيل ابن مجالد. وغيرها من المصادر الكثيرة. -[ 286 ]- عز من قائل: ((وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُواْ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)) (1). ثم هو (صلوات الله عليه) أقضى أمته (2)، وحامل رايته في الدنيا والآخرة (3). ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة البقرة الآية: 189. (2) الاستيعاب 1: 17 في المقدمة. فتح الباري 8: 167. المعجم الصغير 1: 335. كشف الخفاء 1: 184. الرياض النضرة 1: 228 الباب الثالث في ذكر ما دون العشرة من العشرة إن انضم إليهم غيرهم غير مختص بالأربعة الخلفاء أو بعضهم: ذكر ما جاء في وصف جمع كلا بصفة حميدة. تاريخ دمشق 47: 112 في ترجمة عويمر بن زيد بن قيس أبي الدرداء. كنز العمال 11: 642 حديث:33121. ينابيع المودة 2: 173. وغيرها من المصادر. (3) المعجم الكبير 2: 247 فيما رواه سماك بن حرب عن جابر بن سمرة: فيما رواه أبو عبدالله عن سماك. تاريخ دمشق 42: 75،331 في ترجمة علي بن أبي طالب، 39: 102 في ترجمة عثمان ابن عفان. الفردوس بمأثور الخطاب 1: 437، 5: 367. حلية الأولياء 1: 66 في ترجمة علي ابن أبي طالب. العلل المتناهية 1: 246. كنز العمال 11: 612 حديث:32965، 13: 136 حديث:36427. ينابيع المودة 2: 167. المناقب للخوارزمي: 358. ميزان الاعتدال 7: 5 في ترجمة ناصح بن عبدالله الكوفي. الكامل في ضعفاء الرجال 7: 47 في ترجمة ناصح بن عبدالله. وغيرها من المصادر. -[ 287 ]- كما أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أرسل أبا بكر بأوائل سورة براءة، ليؤذن بها المشركين، ثم أرسل أمير المؤمنين، ليأخذها منه، ويؤديها عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). ولما رجع أبو بكر قال: يا رسول الله نزل في شيء؟ قال: "لا، ولكن جبرئيل جاءني، فقال: لن يؤدي عنك إلا أنت، أو رجل مِنك" (1). وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : "علي مني وأنا من علي، لا يؤدي عني إلا أنا أو علي" (2). وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : "يا علي مَن فارقني فقد فارق الله، ومَن فارقك يا علي فقد فارقني" (3). ـــــــــــــــــــــــ (1) مجمع الزوائد 7: 29 كتاب التفسير: سورة براءة، واللفظ له. المستدرك على الصحيحين 3: 53 كتاب المغازي والسراي. تفسير ابن كثير 2: 334. مسند أحمد 1: 151 مسند علي بن أبي طالب (رضي الله عنه). فتح الباري 8: 318،320. تحفة الأحوذي 8: 386. فضائل الصحابة لابن حنبل 2: 703. تاريخ دمشق 42: 348 في ترجمة علي بن أبي طالب. شواهد التنزيل للحسكاني 1: 311. كنز العمال 2: 422 حديث:4400. وغيرها من المصادر. (2) سنن الترمذي 5: 636 كتاب كتاب المناقب: في باب لم يعنونه بعد باب مناقب علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، واللفظ له. سنن ابن ماجة 1: 44 في فضل علي بن أبي طالب (رضي الله عنه). السنن الكبرى للنسائي 5: 45 فضائل أبي بكر وعمر وعثمان (رضي الله عنهم). مسندأحمد 4: 165 في حديث حبشي بن جنادة (رضي الله عنه). الآحاد والمثاني 3: 183، في حديث حبشي بن جنادة السلولي (رضي الله عنه). المعجم الكبير 4: 16 فيما رواه حبشي بن جنادة السلولي. السنة لابن أبي عاصم 2: 566، 598. تذكرة الحفاظ 2: 455 في ترجمة سويد بن سعيد الحافظ. كشف الخفاء 1: 236. تهذيب الأسماء 1: 318. فضائل الصحابة لابن حنبل 2: 599. سير أعلام النبلاء 8: 212 في ترجمة شريك بن عبدالله. تاريخ دمشق 42: 345 في ترجمة علي بن أبي طالب. وغيرها من المصادر. (3) المستدرك على الصحيحين 3: 133 كتاب معرفة الصحابة: ذكر إسلام أمير المؤمنين علي (رضي الله عنه)، وقال بعد ذكر الحديث: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، واللفظ له،: 158 ذكر البيان الواضح أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) بقي من خواص أوليائه جماعة وهجرهم.... مجمع الزوائد 9: 135 كتاب المناقب: باب الحق مع علي (رضي الله عنه). مسند البزار 9: 455 فيما رواه معاوية بن ثعلبة عن أبي ذر. معجم شيوخ أبي بكر الإسماعيلي 3: 800. المعجم الكبير 12: 423 فيما رواه مجاهد عن ابن عمر. فضائل الصحابة 2: 570. فيض القدير 4: 357. ميزان الاعتدال 3: 30 في ترجمة داود بن أبي عوف،: 75 في ترجمة رزين بن عقبة. تاريخ دمشق 42: 307 في ترجمة علي بن أبي طالب. وغيرها من المصادر. -[ 288 ]- وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : "مَن أطاعني فقد أطاع الله، ومَن عصاني فقد عصى الله. ومَن أطاع علياً فقد أطاعني، ومَن عصى علياً فقد عصاني" (1). وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : "أوحي إلي في علي ثلاثة أشياء ليلة أسري بي: أنه سيد المؤمنين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين" (2 | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: رد: (في رحاب العقيدة)للسيد الحكيم.مفصّل سهل التناول الخميس يوليو 19, 2012 9:37 pm | |
| -[ 288 ]- وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : "مَن أطاعني فقد أطاع الله، ومَن عصاني فقد عصى الله. ومَن أطاع علياً فقد أطاعني، ومَن عصى علياً فقد عصاني" (1). وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : "أوحي إلي في علي ثلاثة أشياء ليلة أسري بي: أنه سيد المؤمنين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين" (2). وقد وصفه (صلى الله عليه وآله وسلم) أكثر من مرة بأنه أمير المؤمنين (3). بل أمر (صلى الله عليه وآله وسلم) جماعة من المسلمين بالتسليم عليه بذلك (4). وحينما ذهب (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى غزوة تبوك استخلف أمير المؤمنين (عليه السلام) على المدينة، وقال: "إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي" (5)، وفي رواية ـــــــــــــــــــــــ (1) المستدرك على الصحيحين 3: 131 كتاب معرفة الصحابة: ذكر إسلام أمير المؤمنين علي (رضي الله عنه)، وقال بعد ذكر الحديث: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"،: 139 كتاب معرفة الصحابة: ذكر إسلام أمير المؤمنين علي (رضي الله عنه). معجم شيوخ أبي بكر الإسماعيلي 1: 485. الكامل في ضعفاء الرجال 4: 349 في ترجمة عبادة بن زياد. تاريخ دمشق 42: 307 في ترجمة علي بن أبي طالب. وغيرها من المصادر. (2) تقدمت مصادره في جواب السؤال الرابع في: 184. (3) تقدمت مصادره في جواب السؤال الرابع في: 184. (4) تاريخ دمشق 42: 303 في ترجمة علي بن أبي طالب. (5) المستدرك على الصحيحين 3: 143 كتاب معرفة الصحابة: ذكر إسلام أمير المؤمنين علي (رضي الله عنه)، واللفظ له، وقال بعد ذكر الحديث: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه". مجمع الزوائد 9: 120 كتاب المناقب: باب مناقب علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) : باب جامع في مناقبه (رضي الله عنه). مسند أحمد 1: 330 مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). المعجم الكبير 12: 98 فيما رواه ميمون عن ابن عباس. السنة لابن أبي عاصم 2: 565،566. الإصابة 4: 568 في ترجمة علي بن أبي طالب. الرياض النضرة 2: 190 الفصل الثالث عشر: ذكر ماأخبره به النصارى مما يتضمن خلافة أبي بكر. فضائل الصحابة لابن حنبل 2: 684 ومن فضائل علي (رضي الله عنه) من حديث أبي بكر عن شيوخه غير عبد الله. وغيرها من المصادر. -[ 289 ]- " فإن المدينة لا تصلـح إلا بي أو بك" (1)، وقال له: "أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي" (2). وفي حديث ابن عباس عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مع بني عبد المطلب حين نزل قوله تعالى: ((وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ)) قال (عليه السلام) : "ثم تكلم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا بني عبدالمطلب... إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه، فأيكم يوازرني على هذا الأمر، على أن يكون أخي، ووصيي، وخليفتي فيكم؟ قال: فأحجم القوم عنها جميعًا،وقلت - وإني لأحدثهم سناً وأرمصهم عينًا، وأعظمهم بطنًا، وأحمشهم ساقاً -: أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه. فأخذ برقبتي، ثم قال: إن هذا أخي ووصيي، وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا. قال: فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع" (3). وقد أثبت الله تعالى ولايته في قوله عزوجل: ((إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)) (4)، حيث ـــــــــــــــــــــــ (1) المستدرك على الصحيحين 2: 367 كتاب التفسير: تفسير سورة التوبة، وقال بعد ذكر الحديث: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، واللفظ له. كنز العمال 11: 607 حديث:32933، 13: 172 حديث:36517. ينابيع المودة 1: 344. ميزان الاعتدال 2: 324 في ترجمة حفص ابن عمر الأبلي. لسان الميزان 2: 324 في ترجمة حفص بن عمر الأبلي. وغيرها من المصادر. (2) تقدمت مصادره في جواب السؤال الرابع في ص: 183. (3) تاريخ الطبري 1: 542 ـ 543 ذكر الخبر عما كان من أمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عند ابتداء الله تعالى ذكره إياه بإكرامه بإرسال جبرئيل (عليه السلام) إليه بوحيه، واللفظ له. شرح نهج البلاغة 13: 210. تفسير ابن كثير 3: 352. وقد أبدل وصيي وخليفتي بكذا وكذ. وكذلك في كتابه البداية والنهاية 3: 40 باب الأمر بإبلاغ الرسالة. وكذلك فعل الطبري في تفسيره 19: 122. (4) سورة المائدة الآية: 55. -[ 290 ]- استفاضت الأحاديث بنزولها في أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) (1). كما أثبت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) له الولاية في قوله: "علي وليكم بعدي" (2). بل جعله أولى بالمؤمنين من أنفسهم في واقعة الغدير التي تقدم الحديث عنها في جواب السؤال السابع من الأسئلة السابقة. وذلك مُسَاوِق لإمامته على المؤمنين، لعدم صلوح الأولوية المذكورة إلا للإمام، وعدم تمامية الإمامة إلا بها، كما ذكرنا ذلك في التعقيب على مقدمة كتابك هذا... إلى غير ذلك مما ورد في حقه (صلوات الله عليه) وحق أهل البيت (عليهم الصلاة والسلام) عموما. ولسنا الآن بصدد تحقيق سند كل واحد من هذه المضامين ودلالته، وما قيل فيه من الأخذ والرد والنقض والإبرام، فإن ذلك يحتاج إلى كلام طويل قد يتجاوز المجلدات. وقد كفانا مؤنته علماؤنا الأبرار (رضوان الله ـــــــــــــــــــــــ (1) تفسير القرطبي 6: 221. تفسير الطبري 6: 288. تفسير ابن كثير 2: 72. مجمع الزوائد 7: 17 كتاب التفسير: سورة المائدة. المعجم الأوسط 6: 218. فتح القدير 2: 53. زاد المسير 2: 382. أحكام القرآن للجصاص 4: 102 باب العمل اليسير في الصلاة. روح المعاني 6: 167. شواهد التنزيل للحسكاني 1: 209،210،211. تاريخ دمشق 42: 357 في ترجمة علي ابن أبي طالب، 45: 303 في ترجمة عمر بن علي بن أبي طالب. كنز العمال 13: 108 حديث:36354. وغيرها من المصادر الكثيرة. (2) مجمع الزوائد 9: 128 كتاب المناقب: باب منه جامع فيمن يحبه ويبغضه. السنن الكبرى للنسائي 5: 133 كتابالخصائص: ذكر خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) : ذكر قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : علي وليكم بعدي. المعجم الأوسط 6: 163. مسند أحمد 5: 356 في حديث بريدة الأسلمي (رضي الله عنه). الفردوس بمأثور الخطاب 5: 392. فتح الباري 8: 67. تحفة الأحوذي 10: 146،147. فيض القدير 4: 357. الإصابة 6: 623 في ترجمة وهب بن حمزة. الرياض النضرة 2: 187. تاريخ دمشق 42: 189 في ترجمة علي بن أبي طالب. فضائل الصحابة لابن حنبل 2: 688. البداية والنهاية 7: 344،346 أحداث سنة أربعين من الهجرة: تزويجه فاطمة الزهراء (رضي الله عنه). وغيرها من المصادر. -[ 291 ]- تعالى عليهم) في مؤلفاتهم المذهبية. وإنما أشرنا إلى هذا العدد الكثير للعلم إجمالاً بصدور كثير منه ومن أمثاله، بنحو يغني عن الكلام في السند. كما لا يهمنا فعلاً تحديد مدلوله تفصيلا، بل يكفينا المتيقن من ذلك، من أجل المقارنة بينه وبين حادثة صلاة أبي بكر، ليرى المنصف أيهما أظهر دلالةً على الخلافة والإمامة، وأشد مناسبة لها وأولى بأن يساق حجة عليه. وبعد ذلك كله فلكل امرئ أن يختار ما يعجبه، ويراه الألصق بالواقع وبالأمارات المحيطة بالحدث، وما هو الأرضى لله تعالى، والأعذر عنده، حينما يعرض عليه ويقف بين يديه ((يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ)) (1). ولعله لما سبق وغيره تقدم في الوجه الرابع من جواب السؤال الرابع عن بعض المؤرخين أن عامة المهاجرين والأنصار كانوا لا يشكون في أن علياً هو صاحب الأمر بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). كما تقدم أن أهل البيت (عليهم السلام) وجماعة كثيرة كانوا يرون الحق فيهم، وفي أمير المؤمنين (عليه السلام) خاصة. | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: رد: (في رحاب العقيدة)للسيد الحكيم.مفصّل سهل التناول الخميس يوليو 19, 2012 10:26 pm | |
| أهمية أمر الخلافة تقضي بعدم الاكتفاء فيها بالإشارة الأمر الرابع: أن أهمية الخلافة في الدين تقضي بعدم الاكتفاء فيها بالإشارة والتلميح، ولاسيما مع كونها معترك المصالـح والمطامع. فإن النصوص الصريحة في مثل ذلك قد يحاول المعارضون والطامعون تأويلها بما يناسب أهواءهم، وصرفها عما يراد بها من أجل تنفيذ مخططاتهم والوصول لأهدافهم، والدفاع عنها، فكيف بالإشارات والتلميحات التي قد يغفل عنها، كما يسهل التلاعب بها، والتحوير فيها، والخروج عنها؟!. ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة آل عمران الآية: 30. -[ 292 ]- بل يكون الاكتفاء بالإشارة في مثل ذلك مثاراً للاختلاف والفتنة، وشق كلمة الأمة، وتركها في التيه وحيرة الضلال. وهو مما ينزه عنه تشريع الإسلام القويم، ويجل عنه نبيه العظيم (صلى الله عليه وآله وسلم).
لابد من كون الحقيقة واضحة لا لبس فيه وقد كثر منا في جواب الأسئلة السابقة التأكيد على أن الحقيقة واضحة لا لبس فيها، وأن الله تعالى قد أقام عليها الحجة الكافية، التي لا يخرج عنها إلا مشاق معاند، أو مقصر متهاون، لا عذر لهما عند الله تعالى. ويحسن بنا أن نشير إلى وجه ذلك بغض النظر عن تعيين تلك الحقيقة وتحديدها. وقد سبق لنا حديث في بعض ما كتبناه ينفع في ذلك، يحسن أن نذكره بمضامينه، بل بأكثر ألفاظه.
تعرض الدعوات الإصلاحية لمعوقات تحول دون تنفيذها وهو أنه كثيراً ما تتعرض الدعوات الإصلاحية لتناقضات ومشاكل، تحول دون تقدمها وانتشارها وسيطرتها على المجتمعات التي يفترض تكيفها معها، وتطبيقها فيها وتنفيذها لتعاليمها، إما لقصور في الدعوة نفسها، أو لمعوقات خارجية تقف في وجهها.
من المعوقات الخلافات والانشقاقات الداخلية وإن من أهم تلك التناقضات والمشاكل ما يعرض على الدعوة من خلافات وانشقاقات، نتيجة الاجتهادات الخاطئة في تفسيرها، أو تعمد التحريف لها، والخروج المتعمد عنها، من أجل الأهداف والمصالـح المناقضة لصميم الدعوة وأهدافها، أو الضارة بها. وكم عصفت الخلافات والانشقاقات بالدعوات، حتى مسختها، وقضت عليها أخيرا. -[ 293 ]- محنة الأديان السماوية في الخلافات والانشقاقات بل تنحصر محنة الأديان السماوية بذلك، لأنها في مأمن مِن القصور والتناقضات، بعد أن كانت صادرة عن الله عزوجل، وهو الخالق المدبر اللطيف الخبير العليم الحكيم، الذي ((يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ)) (1)، و((لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ)) (2)، وهو بكل شيء محيط، حيث لابد مع ذلك من كون النظام الذي يشرعه جل شأنه هو النظام الأكمل الصالـح للتطبيق في الظرف الذي يشرع فيه.
شدة تحذير القرآن الكريم من الخلافات ولعله لذا حذر القرآن الكريم من التفرق والاختلاف، وحث على الوحدة والوفاق، وأكد على ذلك وشدد فيه. قال سبحانه وتعالى: ((وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا)) (3). وقال عزوجل: ((وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)) (4). وقال عز من قائل: ((إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ)) (5)...إلى غير ذلك.
إعلان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) افتراق الأمة ومع ذلك فقد أعلن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مسبقاً عن اختلاف الأمة ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة غافر الآية: 19. (2) سورة سبأ الآية: 3. (3) سورة آل عمران الآية: 103. (4) سورة آل عمران الآية: 105. (5) سورة الأنعام الآية: 159. -[ 294 ]- وتفرقها، كما تفرقت الأمم السابقة، واختلفت بعد أنبيائها. فقال: "اختلف اليهود على إحدى وسبعين فرقة، سبعون فرقة في النار، وواحدة في الجنة. واختلف النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، إحدى وسبعون فرقة في النار، وواحدة في الجنة. وتختلف هذه الأمة على ثلاثة (كذا في المصدر) وسبعين فرقة، اثنتان وسبعون فرقة في النار، وواحدة في الجنة..." (1). وهو المناسب لما ورد مستفيضاً أو متواتراً عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) من أن هذه الأمة ستجري على سنن الأمم السابقة.ففي الحديث: "لتتبعن سنن من كان من قبلكم شبرا بشبر، وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم. قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟!" (2). ـــــــــــــــــــــــ (1) مجمع الزوائد 6: 233 كتاب قتال أهل البغي: باب منه في الخوارج، واللفظ له، 7: 258 كتاب الفتن: باب افتراق الأمم واتباع سنن من مضى. تفسير القرطبي 4: 160. تفسير ابن كثير 2: 78. سنن الدارمي 2: 314 كتاب السير: باب في افتراق هذه الأمة. مصباح الزجاجة 4: 179 كتاب الفتن: باب افتراق الأمم. مسند أبي يعلى 6: 341 فيما رواه أبو نضرة عن أنس. المعجم الكبير 8: 273 فيما رواه أبو غالب صاحب المحجن واسمه حزور. اعتقاد أهل السنة 1: 103. السنة لابن أبي عاصم 1: 32 باب فيما أخبر به النبي (عليه السلام) : أن أمته ستفترق على اثنتين وسبعين فرقة وذمه الفرق كلها إلا واحدة، وذكر قوله (عليه السلام) : إن قوما سيركبون سنن من كان قبلهم. الترغيب والترهيب 1: 44. حلية الأولياء 3: 227. وغيرها من المصادر الكثيرة. (2) صحيح البخاري 6: 2669 كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة: باب قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : لتتبعن سنن من كان قبلكم، واللفظ له، 3: 1274 كتاب الأنبياء: باب ما ذكر عن بني إسرائيل. سنن ابن ماجة 2: 1322 كتاب الفتن: باب افتراق الأمم. مجمع الزوائد 7: 261 كتاب الفتن: باب منه في اتباع سنن من مضى. المستدرك على الصحيحين 1: 93 كتاب الإيمان. صحيح ابن حبان 15: 95 باب إخباره عن ما يكون في أمته من الفتن والحوادث: ذكر البيان بأن قوله: سنن من قبلكم، أراد به أهل الكتابين. مسند أحمد 2: 327،511 مسند أبي هريرة (رضي الله عنه)، 3: 89 مسند أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه). مسند الطيالسي 2: 289 ما روى أبو سعيد الخدري عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : عطاء بن يسار عن أبي سعيد (رضي الله عنه). وغيرها من المصادر الكثيرة. -[ 295 ]- حيث لا إشكال في افتراق الأمم السابقة، كما تكرر ذكر ذلك في الكتاب المجيد.
تحذير المسلمين من الفتن ووعدهم به وهو المناسب أيضاً لما تكرر في الكتاب العزيز والسنة الشريفة من تحذير المسلمين من الفتن، ووعدهم بها، وأنهم لابد أن يمتحنوا ويغربلوا، ويخرج بعضهم عن الطريق، ويرجعوا القهقرى.قال تعالى: ((فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) (1). وقال سبحانه: ((وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)) (2). وقال جل شأنه: ((وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ)) (3). وقال عزوجل: ((أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)) (4). وقال عز من قائل: ((مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ)) (5). ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة النور الآية: 63. (2) سورة الأنفال الآية: 25. (3) سورة آل عمران الآية: 144. (4) سورة العنكبوت الآية: 2 ـ 3. (5) سورة آل عمران الآية: 179. -[ 296 ]- وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : "لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض"، وقال في أحاديث الحوض: "ولكنكم أحدثتم بعدي وارتددتم القهقرى"... إلى غير ذلك مما تقدم كثير منه في جواب السؤال الثاني من الأسئلة السابقة.
قسوة التهديد في الاختلاف وبيان خطورة أثره والملفت للنظر الحقيق بالانتباه أن ما مضى وغيره مما تضمن التحذير من الفتنة والاختلاف قد اشتمل على مضامين قاسية، كالتعبير بالانقلاب، والارتداد، والخبث، والكفر، والحكم على الفرق المخالفة للحق بأنها من أهل النار، حيث يناسب ذلك أن يكون الخروج عما عليه الفرقة المحقة - بغض النظر عن تعيينها - بحدٍّ مِن الخطورة والجريمة، بحيث يلحق بالكفر، ويكون سبباً للهلاك والخسران، ولا ينفع الإنسان معه الحفاظ على صورة الإسلام وإعلان دعوته. وهو المناسب لما ورد في الأمم السابقة. قال الله تعالى: ((وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)) (1). وقال سبحانه: ((وَلَوْ شَاء اللهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَـكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ)) (2). وقال عز وجل: ((وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة آل عمران الآية: 105 ـ 107. (2) سورة البقرة الآية: 253. -[ 297 ]- الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)) (1).
أهمية مواقع الاختلاف في الدين تُلْزِم بوضوحِ الحجة عليها وإذا كانت مواقع الخلاف بهذه الأهمية في الدين فلابد من وضوح الحجة عليها وجلائها، بحيث لا تقبل العذر والاجتهاد، بل لا يكون الخروج عنها إلا عن مشاقة وعناد متعمد، أو عن ضلال يعمي البصائر، مع التقصير في الفحص عن الحق والتعرف عليه، لتقليد، أو تعصب، أو نحوهما مما لا يعذر فيه الإنسان، كما قال عز من قائل: ((وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ)) (2). فإنّ مِن المعلوم أنّ مِن أهم مقاصد البعثة والنبوة إقامة الحجة الكافية على معالم الهدى والإيمان، التي يتوقف على معرفتها النجاة من النار، والفوز بالجنة: ((لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ)) (3). و ((لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ)) (4). وكما قال عز من قائل: ((وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)) (5). وقد استفاضت بذلك الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة. وإذا كان الله عزوجل قد قال: ((وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلا ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة البقرة الآية: 213. (2) سورة الأعراف الآية: 179. (3) سورة الأنفال الآية: 42. (4) سورة النساء الآية: 165. (5) سورة التوبة الآية: 115. -[ 298 ]- تَفَرَّقُو)) (1). وقال: ((وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)) (2). فهل يكفي ذلك في رفع الاختلاف، وعدم التفرق ولزوم صراطه تعالى، إذا لم يوضح جل شأنه - بوجه قاطع - حبلَه تعالى المتين وكيفية الاعتصام به، وصراطه المستقيم، وما يتحقق به اتباعه، بل يبقى الأمر فيها عرضة للتفسيرات المختلفة، والاجتهادات المتباينة، لتدعي كل فرقة أنها هي المعتصمة بحبل الله عزوجل، دون غيرها؟! بل الأمر أظهر من ذلك، فإن الله سبحانه وتعالى أعدل وأكرم من أن يدخل عبيده النار من دون حجة واضحة ترفع الجهل وتقطع العذر، ولا تدع مجالاً للريب، ولا للنظر والتخرص والاجتهاد. وذلك كله يقضي بما ذكرنا من أن الحقيقة في مواقع الخلاف الذي ينتهي بالآخرة إلى تفرق الأمة وانقسامها لابد أن تكون من البيان والجلاء ووضوح الحجة، بحيث ينحصر الخروج عنها في المشاقة والعناد المتعمد، أو العمى والضلال غير المعذر. ولا مجال لأن تكون مورداً للاجتهاد المعذر لو أخطأ. ويؤكد ذلك قوله تعالى: ((وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ)) (3)، لظهوره في وجود البينات الكافية في المنع من اختلاف المسلمين لو تابعوها، ولم يتعمدوا الخروج عليها، ولا فرطوا في الوصول إليها. ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة آل عمران الآية: 103. (2) سورة الأنعام الآية: 153. (3) سورة آل عمران الآية: 105. -[ 299 ]- ومثله قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : "قد تركتكم على البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك" (1). لصراحته في وضوح الحق وجلائه، بحيث لا يلتبس على الأمة لو طلبته، وأن ليل الفتن، وظلمات المحن، ودياجي الشبهات والضلالات، لا تقوى على التلبيس فيه، وتضييع معالمه، وطمس آثاره.
من أهم أسباب الخلاف السلطة إذا عرفت هذا فمن الظاهر أن الإمرة على الناس والاستيلاء على السلطة مِن أهم أسباب الخلاف والشقاق بين الأمم وأصحاب الدعوات الإصلاحية العامة.. أولاً: لأن حب السلطة والإمرة مِن أعمق الغرائز في نفس الإنسان، وأشدها استحكاماً فيها، وهو يقتضي التسابق على السلطان والتغالب عليه. وثانياً: لأن الحكم بالحق ـ- الذي تقتضيه مبدئية الدعوة الإصلاحية - مُرٌّ يصعب تحمله على عامة البشر، فهم يحاولون التمرد عليه والخروج عنه. ومن ثم يثقل عليهم أن يتسنم السلطة ذوو المبادئ الذين يحافظون على حرفية التشريع وحدوده، فيحاولون الخروج عليهم، وإبعادهم عن السلطة. وإلى هذا يشير عمر بن الخطاب في قوله لابن عباس: "والله يا ابن عباس إن علياً ابن عمك لأحق الناس بها، ولكن قريشاً لا تحتمله. ولَئِنْ ـــــــــــــــــــــــ (1) مسند أحمد 4: 126 حديث العرباض بن سارية عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، واللفظ له. تفسير القرطبي 7: 138. سنن ابن ماجة 1: 15 باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين. المستدرك على الصحيحين 1: 175 كتاب العلم. السنة لابن أبي عاصم 1: 19. المعجم الكبير 18: 247 ما رواه عبدالرحمن بن عمرو السلمي عن العرباض ابن سارية،: 257 ما رواه جبير بن نفير عن العرباض. الترغيب والترهيب للمنذري 1: 47. مصباح الزجاجة 1: 5 كتاب اتباع السنة. وغيرها من المصادر. -[ 300 ]- وَلِيَهم ليأخذنهم بمُرّ الحق، لا يجدون عنده رخصة. ولئن فعل لينكثن بيعته، ثم ليتحاربن" (1).
الخلاف على السلطة أول خلاف ظهر في الأمة وأخطره ومن هنا كان الخلاف في الإمامة والخلافة هو الخلاف الأول الذي ظهر بين المسلمين بعد الفراغ الذي حصل برحيل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للرفيق الأعلى. وقد جرّ من الويلات على الأمة من صدر الإسلام ما لا يحيط به البيان، حتى انتهى بها إلى ما انتهت إليه من وضع بائس شنيع. فلابد من أن يكون البيان الشرعي في الإمامة من الوضوح والجلاء والقوة والرصانة، بحيث يجعلها من الواضحات الجلية، وتكون بيضاء ليلها كنهارها، ليكون اختلاف المسلمين المذكور فيها اختلافاً منهم بعد أن جاءتهم البينات، وتظاهرت عليهم الحجج، التي يكون الخروج عنها سبباً للضلال، والهلاك، والخسران الدائم، والخلود في النار، كما تضمنته الأدلة المتقدمة.
التشديد في وجوب معرفة الإمام والائتمام به وهو المناسب للأحاديث الكثيرة المتضمنة: أن من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية، أو أن من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية، أو نحو ذلك مما تقدم ذكره في جواب السؤال الرابع من الأسئلة السابقة،لظهور أن شدة العقوبة وترتب الهلكة على عدم معرفة الإمام، وعدم الائتمام به والإذعان له، تناسب وضوح الحجة عليه، بحيث لا يعذر الجاهل بها والخارج عنها. ـــــــــــــــــــــــ (1) تاريخ اليعقوبي 2: 159 في أيام عمر بن الخطاب.
-[ 301 ]- مَبْدَئِيَّة الحاكم نقطة ضعف مادية فيه يعوضها صرامة التشريع ولا سيما وأن مبدئية الحاكم الصالـح - التي تُفْتَرَض فيمَن يُعَيِّنه النظام الإلهي لهذا المنصب الخطير - تمنعه مِن أن يسلك الطرق الملتوية لفرض سلطانه واستيلائه على الحكم، وهي نقطة ضعف مادية فيه لا يعوضها إلا التشريع الإلهي في وضوحه وجلائه، وشدته وصرامته، وما يترتب على ذلك من وعد ووعيد مناسبين له. ليمنع - على الأقل - أهلَ الدين والتقوى مِن صالـح المؤمنين وخاصتهم مِن تجاوز حدود التشريع في هذا الأمر الخطير، ولو من أجل أن يتمسكوا بالحق ويعلنوا دعوته - لتقوم بهم حجته على الناس، ولا تضيع معالمه عليهم - في جميع العصور.
يمتنع اكتفاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالإشارة في أمر الخلافة وعلى ذلك يمتنع عادة وعقلاً أن يكتفي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالإشارات والتلميحات في أمر الإمامة والخلافة، بل لابد فيه من بيان واضح صريح، لا لبس فيه ولا غموض، كي لا يخرج عنه إلا معاند مكابر، أو جاهل مفرط لا يعذر في جهله. وهو مما لا تدعيه أنت في حادثة الصلاة، ولا يظن بأحد أن يدعيه.
لابد من فرض نظام متكامل للخلافة الأمر الخامس: أن أمر الخلافة في الإسلام من الأهمية والتعقيد بحدّ يمتنع معه أن يقتصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيه على ترشيح أبي بكر له، أو أي شخص آخر، بل حتى بتعيينه له، مهما كان بيانه من الظهور والوضوح.بل لابد فيه من تشريع نظام شامل متكامل صالـح للتطبيق مادام في الأرض إنسان يعمرها مكلف باعتناق الإسلام، الذي هو خاتم الأديان، الباقي في الأرض إلى يوم القيامة. ولابد فيه من الوضوح والجلاء بنحو تقوم به الحجة الواضحة، -[ 302 ]- ويمنع من الاختلاف بوجه يعذر فيه، في جميع عصور الإسلام الباقي ما بقيت الدنيا، لِعَيْن ما سبق. وقد تقدم منا في جواب السؤال الرابع من الأسئلة السابقة إيضاح ذلك بما يغني عن إعادته هنا، فليرجع له من يهمه معرفة الحقيقة والوصول إليها، والعمل عليها، والخروج عن عهدتها. هذا ما تيسر لنا في جواب سؤالك. ومن الله سبحانه وتعالى نستمد العون والتوفيق، والتسديد والتأييد. وهو حسبنا ونعم الوكيل. | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: آخِر الجزء الثاني الجمعة يوليو 20, 2012 6:37 pm | |
| -[ 303 ]- س7 هل يصح اختصاص الأئمة بعلم قضايا حيوية وضرورية في الدين، دون غيرهم؟مع أن الله تعالى يقول: ((اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دين)) المائدة/3. ج: يحسن التعرض في جواب ذلك لأمور..
اختصاص الأئمة (عليهم السلام) بعلم الدين لا ينافي إكماله الأمر الأول: أن اختصاص الأئمة (صلوات الله عليهم) بشيء من علوم الدين لا ينافي إكماله، فإن إكمال الدين عبارة عن تشريع جميع أحكامه، وتثبيتها في حق الأمة، أما إيصالها للناس وتبليغهم بها، وإقامة الحجة عليها، فهو أمر خارج عن جعلها وإكمالها، وإنما يكون بعد ذلك في مرحلة لاحقة. ونظير ذلك في عصورنا القوانين الوضعية السائدة، فإنها تقنن أولاً من قبل المجلس التشريعي كاملة، ثم تعلن للناس بعد ذلك من طريق الجريدة الرسمية أو الإذاعة أونحوهما. نعم لا تترتب الفائدة من تشريع الأحكام إلا بتبليغها للناس، ليعملوا عليها، وينتفعوا بها. فلابد من صدوره من قبل الله تعالى، بمقتضى حكمته، ولطفه بعباده. وعلى ذلك تبتني قاعدة اللطف، التي استدل بها الإمامية على وجوب إرسال الرسل ونصب الأئمة. وهو أمر آخر غير توقف إكمال الدين على التبليغ. -[ 304 ]- يكفي تمكين الأمة مِن معرفة الأحكام بتعيين المرجع فيه لكن ذلك لا يقتضي إعلام جميع أفراد الأمة بها وتبليغهم بها مباشرة، بحيث لا يحتاجون في معرفتها إلى غيرهم. بل يكفي فيه تمكينهم من معرفتها، وذلك بإيداع الأحكام عند الأئمة (عليهم السلام)، أو إطلاعهم على مفاتيح العلم بها، ثم نصب الأئمة (عليهم السلام) على الأمة، وجعلهم أدلاء لها على الحلال والحرام، ومرجعاً لها في معرفة التشريع والأحكام، والتنويه بهم (عليهم السلام) وإقامة الحجة الكافية عليهم، لترجع الأمة إليهم وتتفقه عنهم. نظير الحال في عصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، حيث لا ريب في عدم معرفة جميع أفراد الأمة المعاصرين له بجميع أحكام الدين وتشريعاته، وإنما كان علمها عنده (صلى الله عليه وآله وسلم)، مع تمكين أفراد الأمة منها، بأمرهم بالرجوع إليه (صلى الله عليه وآله وسلم) والأخذ منه، والطاعة له. بل لا ريب عند جمهور السنة بل جميع المسلمين في أن عامة الناس في جميع العصور تجهل كثيراً من الأحكام، التي يتضمنها الكتاب المجيد والسنة الشريفة وسائر الأدلة - على الخلاف في تعيينها - وأنهم لا يستطيعون معرفتها إلا بالرجوع للفقهاء الذين يستطيعون استنباط الأحكام من تلك الأدلة، مِن دون أن ينافي ذلك كمالَ الدين وتمامَ التشريع. ومِن الظاهر أن الأئمة من أهل البيت (صلوات الله عليهم) عند الشيعة أولى مِن أولئك الفقهاء، بأن يكونوا مرجعاً للأمة، لأنهم (عليهم السلام) معصومون من الخطأ، وإيكال الأمر إليهم لا يضيع شيئاً على الأمة، بخلاف الفقهاء، حيث قد يضيع بالرجوع إليهم كثير من الأحكام، نظراً لنقصهم وتعرضهم للخطأ والخلاف، كما هو ظاهر. نعم لو أن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) كتموا ما عندهم مِن علم الدين -[ 305 ]- وبخلوا على الأمة به لكان تخصيصهم بشيء منه سبباً في ضياعه على الأمة وحرمانها منه. لكن مِن المعلوم أنهم (عليهم السلام) لم يكتموا علم الدين عمّن طلبه منهم، وأنهم قد تهيئوا لهداية الأمة وإرشادها وتثقيفها بالثقافة الدينية الصحيحة، بل اشتهر عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه كان يقول: "سلوني قبل أن تفقدوني" (1)، وسبق في جواب السؤال الثالث نحو ذلك عن ولده الإمام الصادق (عليه السلام).إلا أن الأمة - بسلاطينها وولاتها، ومَن سار في فلكهم، وتوجّهَ وجهتهم - قد أعرضت عنهم، بل ضيقت عليهم وحاصرتهم، وكان نتيجة ذلك حرمانها من خيرهم ومعارفهم. ومع ذلك فقد ظهر منهم الكثير الطيب، وفاز شيعتهم بأفضل نصيب، كما سبق في جواب السؤال الثالث.
روى الجمهور مِن السنة لكثيرٍ مِن الصحابة الامتيازَ بالعلم
الأمر الثاني: أن جمهور السنة يدّعون لكثير من الصحابة الامتياز ببعض المعارف الدينية، والتفرد بمعرفة بعض أحكام الشريعة، ويروون الحديث في ذلك،فعن مسروق أنه قال: "كنا نأتي عبد الله بن عمرو، فنتحدث إليه - وقال ابن نمير: عنده - فذكرنا يوماً عبد الله بن مسعود، فقال: لقد ذكرتم رجلاً لا أزال أحبه بعد شيء سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: خذوا القرآن من أربعة: من ابن أم عبد - فبدأ به - ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وسالم مولى أبي حذيفة" (2). ـــــــــــــــــــــــ (1) تقدمت مصادره في جواب السؤال الثالث في: 107. (2) صحيح مسلم 4: 1913، واللفظ له،: 1914 كتاب فضائل الصحابة (رضي الله عنهم) : باب من فضائل عبدالله بن مسعود وأمه (رضي الله عنهم). صحيح البخاري 3 كتاب فضائل الصحابة: 1372 باب مناقب سالم مولى أبي حذيفة (رضي الله عنه)، وباب مناقب عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) ،: 1385 باب مناقب أبي بن كعب (رضي الله عنه) ، 4: 1912 كتاب فضائل القرآن: باب القراء من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). المستدرك على الصحيحين 3: 250 كتاب معرفة الصحابة، ذكر مناقب سالم مولى أبي حذيفة (رضي الله عنه) ، 3: 605 ذكر عبدالله بن عمرو بن العاص ابن وائل السهمي (رضي الله عنه). سنن الترمذي 5: 674 كتاب كتاب المناقب عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : باب مناقب عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه). السنن الكبرى للنسائي 5: 9 كتاب فضائل القرآن: ذكر الأربعة الذين جمعوا القرآن على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). مسند أحمد 2: 189 مسند عبدالله بن عمرو بن العاص (رضي الله عنهم). وغيرها من المصادر الكثيرة جد. -[ 306 ]- وعن ابن غنم: "سمعت أبا عبيدة وعبادة بن الصامت - ونحن عند أبي عبيدة - يقولان: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : معاذ بن جبل أعلم الأولين والآخرين بعد النبيين والمرسلين. وإن الله يباهي به الملائكة" (1). وعن ابن عباس أنه قال: "خطب عمر بن الخطاب الناس بالجابية، وقال: يا أيها الناس من أراد أن يسأل عن القرآن فليأت أبي ابن كعب، ومن أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيد بن ثابت، ومن أراد أن يسأل عن الفقه فليأت معاذ بن جبل، ومن أراد أن يسأل عن المال فليأتني، فإن الله جعلني له والياً وقاسماً" (2). وقال ابن حجر العسقلاني: "وصح عن عمر أنه قال: من أراد الفقه فليأت معاذاً" (3). ـــــــــــــــــــــــ (1) المستدرك على الصحيحين 3: 304 كتاب معرفة الصحابة: ذكر مناقب أحد الفقهاء الستة من الصحابة معاذ بن جبل (رضي الله عنه)، واللفظ له. سير أعلام النبلاء 1: 460 في ترجمة معاذ بن جبل. الكشف الحثيث 1: 178 في ترجمة عبيد بن تميم. لسان الميزان 4: 118 في ترجمة عبيد بن تميم. (2) مجمع الزوائد 1: 135 كتاب العلم: باب أخذ كل علم من أهله، واللفظ له. المستدرك على الصحيحين 3: 306 كتاب معرفة الصحابة: باب ذكر مناقب أحد الفقهاء الستة من الصحابة معاذ بن جبل (رضي الله عنه). السنن الكبرى للبيهقي 6: 210 كتاب الفرائض: باب ترجيح قول زيد بن ثابت على قول غيره من الصحابة (رضي الله عنهم أجمعين) في علم الفرائض. السنن الكبرى للنسائي 2: 156 كتاب الجهاد: باب ما جاء في فضل المجاهدين على القاعدين. وغيرها من المصادر. (3) فتح الباري 7: 126. -[ 307 ]- وعن يزيد بن عمير قال: "لما حضر معاذ بن جبل (رضي الله عنه) الموت قيل له: أوصنا يا أبا عبد الرحمن. قال أجلسوني، فإن العلم والإيمان مكانهم، من ابتغاهما وجدهما، يقول: ذلك ثلاث مرات. فالتمسوا العلم عند أربعة: عند عويمر أبي الدرداء، وعند سلمان الفارسي، وعند عبد الله بن مسعود، وعند عبد الله بن سلام، الذي كان يهودياً فأسلم، فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: إنه عاشر عشرة في الجنة" (1)... إلى غير ذلك. وما أدري لماذا لا يُسْتَكْثَر ذلك على هؤلاء، ويستكثر مثله على أئمة أهل البيت (صلوات الله عليهم)؟! ولماذا لا يكون اختصاص هؤلاء ببعض العلم منافياً لكمال الدين، ويكون اختصاص أئمة أهل البيت (عليهم السلام) ببعض العلم منافياً لكماله؟! مع أن أئمة أهل البيت قد توارثوا ما عندهم من العلم أباً عن جد عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، الذي لا أظنك تستكثر عليه أنه من علماء الصحابة وساداتهم، إذا لم تقبل من الشيعة وجماعة من السنة أنه أعلمهم وسيدهم.
اعتراف السنة بتميُّز أهل البيت (عليهم السلام) بالعلم الأمر الثالث: أن تميز أئمة أهل البيت (صلوات الله عليهم) بالعلم أمر لا يختص بالقول به وبروايته الشيعةُ، بل ذكر الجمهور من السنة الكثير من ذلك: 1 ـ فقد اشتهر الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأن أمير المؤمنين (صلوات ـــــــــــــــــــــــ (1) المستدرك على الصحيحين 3: 304 كتاب معرفة الصحابة: ذكر مناقب أحد الفقهاء الستة من الصحابة معاذ بن جبل (رضي الله عنه). صحيح ابن حبان 16: 122 باب صفة النار وأهلها: ذكر البيان بأن عبدالله بن سلام عاشر من يدخل الجنة. السنن الكبرى للنسائي 5: 70 كتاب المناقب: عبدالله بن سلام (رضي الله عنه). مسند أحمد 5: 242 حديث معاذ بن جبل (رضي الله تعالى عنه). وغيرها من المصادر. -[ 308 ]- الله عليه) أعلم المسلمين، أو الصحابة (1)، وأقضاهم (2). 2 ـ وفي حديث لعبد الله بن مسعود: "إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، ما منها حرف إلا له ظهر وبطن. وإن علي بن أبي طالب عنده منه علم الظاهر والباطن" (3). 3 ـ وفي حديث لابن عباس، قال: "كنا نتحدث أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عهد إلى علي سبعين عهداً لم يعهدها إلى غيره" (4). 4 ـ وفي حديث أنس بن مالك أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لأمير المؤمنين (عليه السلام) : "أنت تبين لأمتي ما اختلفوا فيه من بعدي" (5). ـــــــــــــــــــــــ (1) المستدرك على الصحيحين 3: 571 كتاب معرفة الصحابة: ذكر مناقب أبي إسحاق سعد ابن أبي وقاص (رضي الله عنه). مجمع الزوائد 9 كتاب المناقب: باب مناقب علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) :ـ 101، 102 باب إسلامه (رضي الله عنه) ،: 114 باب في علمه (رضي الله عنه). الفردوس بمأثور الخطاب 1: 370. مسند أحمد 5: 26 حديث معقل بن يسار (رضي الله تعالى عنه). المعجم الكبير 1: 94 صفة علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) ، 20: 229 ما أسند معقل ابن يسار: عمرو بن ميمون الأودي عن معقل. الاستيعاب 3: 1099 في ترجمة علي بن أبي طالب (رضي الله عنه). المصنف لابن أبي شيبة 6: 371،374 كتاب الفضائل: فضائل علي بن أبي طالب (رضي الله عنه). المصنف لعبدالرزاق 5: 490 كتاب المغازي: تزويج فاطمة (رحمة الله عليه). الآحاد والمثاني 1: 142 ومن ذكر علي بن أبي طالب بن عبد المطلب ابن هاشم. وغيرها من المصادر. (2) تقدمت مصادره في جواب السؤال السادس في: 286. (3) تاريخ دمشق 42: 400 في ترجمة علي بن أبي طالب، واللفظ له. فيض القدير 3: 46. حلية الأولياء 1: 65 في ترجمة علي بن أبي طالب. ينابيع المودة 1: 215، 3: 146. (4) تاريخ دمشق 42: 391 في ترجمة علي بن أبي طالب، واللفظ له. السنة لابن أبي عاصم 2: 564 باب في ذكر خلافة علي بن أبي طالب (رضي الله عنه). مجمع الزوائد 9: 113 كتاب المناقب: باب مناقب علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) : باب فيما أوصى به (رضي الله عنه). المعجم الصغير 2: 161. فيض القدير 4: 357. تهذيب التهذيب 1: 173 في ترجمة أبي داود أربدة. تهذيب الكمال 2: 311 في ترجمة أربدة. ينابيع المودة 1: 233. حلية الأولياء 1: 68 في ترجمة علي بن أبي طالب. (5) تقدمت مصادره في جواب السؤال الرابع في: 222. -[ 309 ]- 5 ـ وقال الشافعي: "لولا علي لما عرف حكم البغاة" (1). 6 ـ وفوق كل ذلك ما اشتهر أو تواتر من أن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) باب مدينة علم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (2)، وحكمتـــه (3)، وأنــه وارث علمــه (4)، وعيبتـه (5)، وخازنه (6)، ووعاؤه (7). 7 ـ وكذا ما ورد عنه (عليه السلام) من قوله: "علمني رسول الله ألف باب، كل باب يفتح ألف باب". هذا الحديث الذي رواه الجمهور (8). ورواه ـــــــــــــــــــــــ (1) تطهير الجنان واللسان في هامش الصواعق المحرقة: 79. (2) تقدمت مصادره في جواب السؤال السادس في: 340، وراجع أيضاً الغدير 6: 61 وما بعده. (3) سنن الترمذي 5: 637 كتاب كتاب المناقب عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : في باب لم يعنونه بعد باب مناقب علي بن أبي طالب (رضي الله عنه). من حديث خيثمة: 200. حلية الأولياء 1: 64 في ترجمة علي بن أبي طالب. فضائل الصحابة 2: 634 فضائل علي (عليه السلام). تهذيب الأسماء: 319. علل الترمذي للقاضي: 375. فيض القدير 3: 46. ميزان الاعتدال 5: 53 في ترجمة عثمان بن عبدالله الأموي، 6: 31 في ترجمة محفوظ بن بحر الأنطاكي،: 279 في ترجمة محمد بن عمر الرومي. المجروحين 2: 94 في ترجمة عمر بن عبدالله الرومي. لسان الميزان 4: 144 في ترجمة عثمان بن عبدالله الأموي، 5: 19 في ترجمة محفوظ بن بحر الأنطاكي. الكامل في ضعفاء الرجال 5: 177 في ترجمة عثمان بن عبدالله بن عمرو بن عثمان بن عفان. الكشف الحثيث: 214 في ترجمة محفوظ بن بحر الأنطاكي. تهذيب الكمال 21: 277 في ترجمة عمر بن إسماعيل بن مجالد بن سعيد الهمداني. تاريخ بغداد 11: 203 في ترجمة عمر بن إسماعيل بن مجالد بن سعيد الهمذاني. علل الدارقطني 3: 247. سؤالات البرذعي: 519. كشف الخفاء 1: 235. (4) تقدمت مصادره في جواب السؤال السادس في: 285. (5) تاريخ دمشق 42: 385 في ترجمة علي بن أبي طالب. فيض القدير 4: 356. ميزان الاعتدال 3: 449 في ترجمة ضرار بن صرد. الكامل في ضعفاء الرجال 3: 101 في ترجمة ضرار بن صرد. التدوين في أخبار قزوين 1: 89. العلل المتناهية 1: 226. الجامع الصغير 2: 177 حديث:5593. ينابيع المودة 1: 159، 389، 390، ج2:: 77،96. المناقب للخوارزمي: 87. شرح نهج البلاغة 9: 165. (6) شرح نهج البلاغة 9: 165. (7) كفاية الطالب: 167 ـ 168 باب:37 في أن عليا (عليه السلام) قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين. (8) كنز العمال 13: 114 ـ 115 حديث:36372، واللفظ له. تاريخ دمشق 42: 385 في ترجمة علي بن أبي طالب. سير أعلام النبلاء 8: 24، 26 في ترجمة عبد الله ابن لهيعة. البداية والنهاية 7: 360 أحداث سنة أربعين من الهجرة: شيء من فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب: حديث آخر. فتح الباري 5: 363. ميزان الاعتدال 2: 401 في ترجمة حيي بن عبدالله، 4: 174 في ترجمة عبد الله بن لهيعة. الكامل في ضعفاء الرجال 2: 450 في ترجمة حيي بن عبد الله. الكشف الحثيث 1: 160 في ترجمة عبد الله بن لهيعة. المجروحين 2: 14 في ترجمة عبد الله بن لهيعة. العلل المتناهية 1: 221. نظم درر السمطين: 113. ينابيع المودة 1: 222، 231. -[ 310 ]- الشيخ الصدوق بخمس طرق عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، وبأكثر من عشرين طريقاً عن الأئمة من ولده (صلوات الله عليهم)، عدا بعض المضامين المؤيدة له (1). وفي حديث بكير: "وحدثني من سمع أبا جعفر (عليه السلام) يحدث بهذا الحديث. ثم قال: ولم يخرج إلى الناس من تلك الأبواب غير باب أو اثنين. وأكثر علمي أنه قال: باب واحد" (2). وفي حديث أبي بصير: "قال أبو عبد الله (عليه السلام) : فما خرج منها إلا حرفان حتى الساعة" (3)... إلى غير ذلك. وقد اشتهر رجوع الأولين إليه - خصوصاً عمر بن الخطاب - في معضلات المسائل. وقد تقدم في جواب السؤال الرابع من هذه الأسئلة قول ثابت ابن قيس بن شماس الأنصاري عندما بويع أمير المؤمنين (عليه السلام) : "ولقد كانوا وكنت لا يخفى موضعك، ولا يجهل مكانك، يحتاجون إليك فيما لا يعلمون، وما احتجت إلى أحد مع علمك" (4). ـــــــــــــــــــــــ (1) الخصال: 164. (2) الخصال: 642 ـ 652 عند ذكر علم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) علياً (عليه السلام) ألف باب يفتح كل باب ألف باب. (3) الخصال: 649 عند ذكر علم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) علياً (عليه السلام) ألف باب يفتح كل باب ألف باب. (4) تاريخ اليعقوبي 2: 179 في خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب. -[ 311 ]- حتى روي أنه سئل الخليل بن أحمد الفراهيدي عن الدليل على إمامة علي (عليه السلام) على نحو الكل في الكل، فقال: "احتياج الكل إليه واستغناؤه عن الكل" (1). وقد ورث الأئمةُ مِن ولده (عليه السلام) علمَه (صلوات الله عليه)، كما ورث هو علمَ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وورث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) علمَ الأنبياء (عليهم السلام). وقد روى شيعتهم عنهم (عليهم السلام) الكثير من علم الدين وغيره. وكان لهم كيانهم العلمي والثقافي المتميز ببركتهم (صلوات الله عليهم). وقد تقدم في جواب السؤال الثالث من هذه الأسئلة ما ينفع في المقام. والحمد لله رب العالمين. ـــــــــــــــــــــــ (1) معجم رجال الحديث 8: 81 في ترجمة الخليل النحوي. نهاية الجزء الثاني محتويات الجزء الثاني
النص الكامل للقسم الثاني من الحوار المقدمة لابد من كون الغرض من البحث عن الحقيقة أداء حقها رواية البيعة بمعنى مسح اليد عن الشيعة والسنة البيعة بمعنى الإقرار بالولاية والاستجابة لها حاصلة الاستدلال بحديث الغدير لا يتوقف على البيعة اهتمام الشيعة بالبيعة تأكيد دلالة حديث الغدير على الإمامة بعض القرائن المتممة لدلالة حديث الغدير على الإمامة الولاية ترجع للإمامة ووجوب الطاعة السؤال الاول الإخبار بالرضا لا يدل على استمراره إلى حين موته الاستدلال على نجاة السابقين الأولين بالوعد لهم بالجنة الكلام في أن السابقين الأولين مقطوع لهم بالسلامة والفوز بالجنة الوعد بالجنة والفوز لكل مهاجر وأنصاري الوعد بالفوز لكل مؤمن عمل صالح إطلاق الوعيد بالخسران والعذاب لكل عاصٍ وزائغ الجمع بين أدلة الوعد والوعيد باشتراط حسن الخاتمة في الوعد تحذير الصحابة من الفتنة والانقلاب توجيه إطلاق الوعد بالفوز في السابقين الأولين من ارتد عن الإسلام واقع السابقين الأولين لا يناسب القطع لهم جميعاً بالفوز هل يجوز الدخول في أمر السابقين الأولين؟ عدم تحديد السابقين الأولين بوجه دقيق الكلام في الاستدلال بقصة حاطب تفسير الطحطاوي للآل في حديث الصلاة البتراء كلام لأمير المؤمنين (عليه السلام) حول اختلاف الناس في الحديث النبوي كلام للإمام الباقر (عليه السلام) في الأحاديث النبوية الموضوعة رواية للمدائني ونفطويه في الأحاديث النبوية الموضوعة كلام الإسكافي القطع بسلامة أهل بدر لا يتناسب مع مواقفهم السؤال الثاني السؤال الثالث يحق للخليفة أن يستنيب غيره في إدارة الأمة مجانبة الجمهور لأئمة أهل البيت (عليهم السلام) اهتمام الأئمة (عليهم السلام) بهداية الأمة وتثقيفها تواتر الأخبار بشكوى أمير المؤمنين (عليه السلام) مما حصل كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) لا يناسب الرضا بما حصل موقف الصديقة الزهراء (عليه السلام) في أمر الخلافة موقف الإمام الحسن (عليه السلام) في أمر الخلافة موقف الإمام الحسين (عليه السلام) في أمر الخلافة موقف الإمام زين العابدين (عليه السلام) في أمر الخلافة موقف الإمام الباقر (عليه السلام) في أمر الخلافة موقف الإمام الصادق (عليه السلام) في أمر الخلافة موقف الإمام الكاظم (عليه السلام) في أمر الخلافة موقف الإمام الرضا وبقية الأئمة (عليهم السلام) في أمر الخلافة موقف الفضل بن العباس في أمر الخلافة بعض كلمات النقاد في الخطبة الشقشقية كلمات لعمر بن الخطاب كلام لعثمان بن عفان كتاب معاوية لمحمد بن أبي بكر كلمات أخر لمعاوية كلام لعمرو بن العاص أحداث السقيفة موقف أمير المؤمنين (عليه السلام) ومن معه من أحداث الشورى السؤال الرابع مخالفة الصحابة للنص في حياة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد خولفت النصوص وإن لم تكن دليلا على الإمامة مخالفة الأنصار للنص على أن الأئمة من قريش إنذار الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالفتن المقبلة تنويه الأنصار وغيرهم بأمير المؤمنين (عليه السلام) محاولة إضعاف أمير المؤمنين (عليه السلام) واستمالة العباس تجب الاستجابة للإمام المنصوص عليه مهما كانت النتائج عدم نصر الإمام المنصوص عليه لا يرجع للتعامي عن النص وجود الصحابة المكثف في خاصة أمير المؤمنين (عليه السلام) وقياداته وولاته مقتل حجر بن عدي وأصحابه واستياء المسلمين من ذلك موقف الصحابة من أهل البيت (عليهم السلام) بعد هلاك معاوية بيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) رجوع الحق لأهله بنظر كثير من الصحابة تأكيد الصحابة على أن أمير المؤمنين (عليه السلام) وصي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ثناء الأئمة (عليهم السلام) على الصحابة السؤال الخامس السؤال السادس اختلاف الروايات في موقف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حين خروجه عدم تركيز عمر على حادثة الصلاة في أحاديثه عن الخلافة أهمية أمر الخلافة تقضي بعدم الاكتفاء فيها بالإشارة أهمية مواقع الاختلاف في الدين تلزم بوضوح الحجة عليه مبدئية الحاكم نقطة ضعف مادية فيه يعوضها صرامة التشريع السؤال السابع
عدل سابقا من قبل تراب أقدام المهدي في الأربعاء يوليو 25, 2012 7:20 am عدل 2 مرات | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: الجز الثالث السبت يوليو 21, 2012 6:07 am | |
| في رحاب العقيدة حوار مع سماحة المرجع الديني الكبير السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم (مد ظله) الجزء الثالث
دار الهلال -[ 4 ]- الطبعة الرابعة 1425 هـ / 2004 م مزيدة ومصححة جميع الحقوق محفوظة -[ 5 ]- س8 يتفق المسلمون من السنة والشيعة على حجية القرآن وقطعية صدوره، لكن يـختلفون في مصدر السنة وتلقيها، حيث إن أهل السنة لا يأخذون إلا ما روي عن رسول الله (ص) من رواية الثقات، والشيعة يأخذون برواية الأئمة وإن تطاول الأمد عن رسول الله (ص) بدعوى العصمة فيهم، والذين يروون عن الأئمة هم رجال غير معصومين، شأنهم شأن رواة أهل السنة. فلماذا لا تكون كتب أهل السنة مرجعاً معتمداً عند الشيعة؟ خصوصاً عند القائلين من الشيعة بجواز الرواية عن الثقة وإن كان مذهبه مخالفاً وخالفت روايته مذهب الشيعة. وهذا غير لازم لأهل السنة - أي الاعتماد على كتب الشيعة - لأنهم اكتفوا بالرواية عن الرسول (ص)، ولعدم قولهم بعصمة الأئمة. ج: كلامك هذا يتضمن مطلبين مهمين: المطلب الأول: قولك: "فلماذا لا تكون كتب أهل السنة مرجعًا -[ 6 ]- معتمداً عند الشيعة؟ خصوصاً عند القائلين من الشيعة بجواز الرواية عن الثقة، وإن كان مذهبه مخالفًا، وخالفت روايته مذهب الشيعة". والذي يبدو أن عبارة السؤال غير دقيقة، وأن المراد: "خصوصاً عند القائلين من الشيعة بجواز العمل برواية الثقة وإن كان مذهبه مخالفًا...". وأما مجرد الرواية - مع قطع النظر عن العمل - فيجوز عن كل أحد، حتى عن الكافر غير الثقة، كما هو الحال في رواية القصص والحوادث التاريخية، والأحاديث غير المعول عليها في الأحكام الشرعية. وبعد ذلك نقول:
لا يجوز العمل بالرواية المخالفة لمذهب الشيعة ليس في الشيعة مَن يقول بجواز العمل برواية الثقة المخالف إذا خالفت روايتُه مذهبَ الشيعة، بل حتى رواية الثقة الشيعي إذا خالفت مذهبَ الشيعة لا يُعمَل بها،لأنّ المذهب لا يصح نسبته للشيعة إلا بعد إجماعهم عليه، وحينئذٍ يُعلَم بأنه مذهب الأئمة (عليهم السلام)، الذي هو حق بلا ريب بسبب عصمتهم (صلوات الله عليهم)، وما خَالَفَه باطِلٌ يجب الإعراض عنه، فلابد إما مِن طرْحه وردّ علْمه لهم (عليهم السلام)، أو مِن تأويله.
المشهور عند الشيعة جواز العمل برواية المخالف الثقة وإنما يعمل بالرواية - أي رواية كانت - في غير مورد العلم المذكور، إما لكون المسألة خلافية بين الشيعة، أو لم يُعلم اتفاقهم عليها، ولو بسبب عدم ذكرهم لها، أو لعدم ذكر بعضهم لها. وحينئذٍ فالأمر كما تقول، يجوز العمل برواية المخالف الثقة، كما صرح به جماعة من علمائنا (رضي الله عنهم). بل هو -[ 7 ]- المعروف بينهم، وإنْ خالف فيه بعضهم. إلا أن الإشكال في كيفية إحراز وثاقة الراوي من الشيعة وغيرهم، حيث لا ريب عندنا في البناء على وثاقته إذا وثَّقه رجال الجرح والتعديل من الشيعة المعول عليهم عندهم. ولذا عمل كثير من علماء الشيعة بأخبار جماعة من الجمهور ثبتت وثاقتهم عندهم، كإسماعيل بن أبي زياد السكوني، وحفص بن غياث، وغياث بن كلوب، وغيرهم.
لا مجال للتعويل على توثيق الجمهور وجرحهم أما إذا لم يوثّقه علماؤنا فلا مجال للتعويل على توثيق الجمهور، كما لا يعول على جرحهم، لما مُنِيَ به الجرح والتعديل عند الجمهور مِن مُفَارَقات وسلبيات لا تتناسب مع الطرق العقلائية في الاستدلال، التي عليها العمل في سائر الأمور، وبها تقوم الحجة من الله تعالى.وعليهم أن يعيدوا النظر في مناهجهم ومبانيهم، ويهذبوها، في محاولة موضوعية لتنظيم طرق الاستدلال عندهم، إن أمكنهم ذلك، ولم تَضِعْ عليهم المعَالِم.ولتوضيح ذلك نشير إلى أمور..
لا مجال لقبول رواية الصحابي بمعناه الشامل الأمر الأول: أنّ مِن المتسالم عليه عندهم قبول رواية الصحابي بمعناه الشامل- وهو من رأى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وسمع حديثه- لدعوى عدالتهم، حتى مثل معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص، والمغيرة ابن شعبة، ومروان بن الحكم، وأبي هريرة، وسمرة بن جندب، وأبي العادية قاتل عمار، وكثير مِن أمثالهم.مع أنّ بطلان ذلك أصبح مِن الوضوح بحدٍّ لا ينفع معه الإنكار -[ 8 ]- والمكابرة، فإنّ الإصرار على الخطأ، وإحاطته بهالة القداسة، وتأييده بالقضايا الخطابية والكلمات المنمقة، لا يجعله حقًّا. وقد أوضحنا ذلك في غير موضع مما سبق، خصوصاً ما تقدم في جواب السؤال الثاني من الأسئلة السابقة، حيث اتضح هناك أن الصحبة بالمعنى المذكور لا تستلزم الإيمان، فضلاً عن العدالة. بل لابد من عرض مواقفهم على الشريعة،فمَن ثبت تحرُّجه والتزامه فهو عادل - بل قد يرتفع عن مرتبة العدالة إلى مرتبة التقديس - ويتعيّن قبول حديثه،ومَن ثبت خروجه عنها فهو فاسق - بل قد يهبط إلى درك النفاق - ويتعين ردّ حديثه، إلا أنْ تثبت بقرائن خارجية وثاقتُه وتحرُّجه عن الكذب، ففي قبول روايته الخلاف السابق. ومَن جُهِل أمْرُه يتوقف في حديثه، ويوكل أمره إلى الله تعالى، فهو أعلم به، وعليه حسابه. هذا ما تقتضيه قواعد الاستدلال العلمية، وموازينه العقلائية، التي عليها عمل أهل المعرفة في جميع أمورهم، وبها تقوم الحجة من الله تعالى على عباده. وقد خرج عنها جمهور السنة لشبهات أفرزتها الخلافات المذهبية، ودعَمَها السلطانُ الغالب، واستحكمت في نفوسهم بسبب التعصب لها، وكلما طال الزمن زادت ترسباً وتجذراً واستحكامًا، حتى صارت ديناً يتدين به، ومفاهيم مقدسة ينافح عنها بلا حدود.قال الذهبي: "فأما الصحابة (رضي الله عنهم) فبِسَاطُهم مطوي، وإنْ جرى ما جرى، وإنْ غلطوا كما غلط غيرهم مِن الثقات، فما يكاد يسلم أحد مِن الغلط. لكنه غلط نادر لا يضر أبدًا، إذ على عدالتهم وقبول ما نقلوه، العمل، وبه ندين الله تعالى" (1). ـــــــــــــــــــــــ (1) الرواة الثقات المتكلم فيهم بما لا يوجب ردهم: 24. -[ 9 ]- وقال أيضاً: "وقد كتبت في مصنفي الميزان عدداً كثيراً من الثقات الذين احتج البخاري أو مسلم أو غيرهما بهم، لكون الرجل منهم قد دوّن اسمه في مصنفات الجرح، وما أوردتهم لضعف فيهم عندي بل ليعرف ذلك، وما زال يمر بي الرجل الثبت وفيه مقال مَن لا يعبأ به، ولو فتحنا هذا الباب على نفوسنا لدخل فيه عدّة مِن الصحابة والتابعين والأئمة، فبعضُ الصحابة كفَّرَ بعضَهم بتأويلٍ ما. والله يرضى عن الكل ويغفر لهم. فما هم بمعصومين، وما اختلافهم ومحاربتهم بالتي تلينهم عندنا أصلاً. وبتكفير الخوارج لهم انحطت رواياتهم، بل صار كلام الخوارج والشيعة فيهم جرحاً في الطاعنين. فانظر إلى حكمة ربك! نسأل الله السلامة" (1).
استدلال أبي زرعة على عدالة الصحابة بنحو العموم بل عن أبي زرعة: "إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فاعلم أنه زنديق، وذلك أن الرسول عندنا حق، والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا، ليبطلوا الكتاب والسنة. والجرح أولى بهم، وهم زنادقة" (2).
رد الاستدلال المذكور وقد فاته بسبب تعصّبه.. أولاً: أن الذي أوصل ذلك إلينا ليس الصحابة وحدهم، بل التابعون وتابعوهم، وكلُّ مَن يقع في الأسانيد طبقة بعد طبقة، فهل يحكم يا ترى بعدالة الكل، وبأنّ مَن تكلم في بعضهم زنديق؟! ولماذا خص ذلك بالصحابة؟! ـــــــــــــــــــــــ (1) الرواة الثقات المتكلم فيهم بما لا يوجب ردهم: 22 ـ 23. (2) تهذيب الكمال 19: 96 في ترجمة عبيدالله بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ، واللفظ له. الكفاية في علم الرواية: 49 باب ما جاء في تعديل الله ورسوله للصحابة. -[ 10 ]- وثانياً: أن جميع الأنبياء الماضين (صلوات الله عليهم) وكتبهم وما جاؤوا به حق، فهل يصر أيضاً على أن جميع مَن استجاب لدعوتهم، ورآهم وسمع حديثهم عدول صادقون، لا يتكلم فيهم إلا زنديق؟! وثالثاً: أن تقديس مَن لا يستحق التقديس وتصديق مَن ليس أهلاً للتصديق، واختلاط الحديث الصحيح بالسقيم، والتباس الأمر على الناس، كل ذلك يخدم هدف الزنادقة، ويسهل عليهم الطعن في دين الله تعالى، وفي نبيه العظيم (صلى الله عليه وآله وسلم) وحديثه الشريف، باستغلال الثغرات والسلبيات التي حدثت نتيجة ذلك. أما التعرّف على واقع الصحابة، وإعطاء كلِّ ذي حق حقه، ونقْد حمَلَة الحديث - منهم ومِن غيرهم - وتمييز الصادق مِن الكاذب، وتنقية الحديث الشريف مِن الأكاذيب والموضوعات، والأساطير والخرافات، فهو يسدّ الطريق على الزنادقة، ويحول دون تنفيذ مخططهم وتحقيق أهدافهم، لأن الحق الخالص خال عن الثغرات والسلبيات. يقول الذهبي: "فكلام الناقد الورع في الضعفاء مِن النصح لدين الله، والذب عن السنة" (1). وهذا من الوضوح بحد يغني عن إطالة الكلام فيه، ولكن للناس فيما يعشقون مذاهب. ومَن عشق شيئاً أعشى بصره.
حديث التفتازاني عن الصحابة أما سعد الدين التفتازاني فيقول: "ما وقع بين الصحابة مِن المحاربات والمشاجرات - على الوجه المسطور في كتب التواريخ و على ألسنه الثقات - يدل بظاهره على أن بعضهم قد حاد عن طريق الحق، وبلغ حدّ ـــــــــــــــــــــــ (1) سير أعلام النبلاء 13: 286 في ترجمة عبد الرحمن ابن أبي حاتم. -[ 11 ]- الظلم والفسق، وكان الباعث له الحقد و العناد، والحسد واللداد، وطلب الملك و الرياسة، والميل إلى اللذات و الشهوات، إذ ليس كل صحابي معصومًا، ولا كل مَن لقي النبيَّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بالخير موسومًا،إلاّ أن العلماء لحسن ظنهم بأصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ذكروا لها محامل وتأويلات بها تليق، وذهبوا إلى أنهم محفوظون عما يوجب التضليل والتفسيق صوناً لعقائد المسلمين عن الزيغ والضلالة في حق كبار الصحابة، سيما المهاجرين والأنصار المبشرين بالثواب في دار القرار..." (1)
التعقيب على حديث التفتازاني وهو وإنْ كان أخف لهجة ممن سبق، إلا أنه فاته: أولاً: أنه لا دليل على وجوب ولا رجحان حسن الظن بكل مَن رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وسمع حديثه، وإنما يلزم حسن الظن بالمؤمن أيـاً كان، فلابد أولاً مِن إثبات ايمان الإنسان وفق المعايير الشرعية،و عدم زيغه ونكوصه على عقبيه في الفتن التي أنذر بها الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) المسلمين، ثمّ حسن الظن به بعد ذلك. وأما البشارة بالثواب في دار القرار فلابدّ أن تحمل على خصوص مَن آمن ثم استقام، ولزم الحق في عقيدته وعمله، دون المنافقين المنقلبين على الأعقاب نتيجة الفتن المذكورة، كما يتضح مما سبق في جواب السؤال الثاني من الأسئلة السابقة، وجواب السؤال الأول من هذه الأسئلة. وثانياً: أن كثيراً مِن مواقف مَن يحسب على الصحابة لا تقبل التأويل والحمل على ما يناسب حسن الظن كما يظهر بالنظرة المنصفة لتلك المواقف، ولذا أنْكَرَ عليهم كثيرٌ مِن أكابر الصحابة قولاً و عملاً ووقفوا ـــــــــــــــــــــــ (1) شرح المقاصد 5: 311. -[ 12 ]- منهم مواقف لا تناسب حسن الظن بهم. ولاسيما وأنّ في هؤلاء الأكابر مَن جعله الله تعالى علَماً للحق يُعرف به المؤمن مِن المنافق والمحق مِن المبطل، كما أنكر عليهم جماعةٌ من التابعين، كما يظهر ذلك كله مما سبق في حوارنا هذا، ولاسيما مما سبق في جواب السؤال الثاني من الأسئلة السابقة. وثالثاً: ان العقائد في الصحابة وغيرهم لا ينبغي أن تبتني على الشبهات والظنون التي ما أنزل الله تعالى بها من سلطان بل على الدليل القويم والبرهان القاطع والحجة البالغة، قال عزّ من قائل: ((وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولا)) (1). ثم بعد ذلك كله فوجوب حسن الظن بالمؤمن راجع إلى انه لا بد من عدم اتهامه من دون أن يرجع إلى وجوب البناء على عدالته وصدقه في حديثه،بحيث يعوّل عليه في الدين، ويكون حجة بين يدي ربّ العالمين يوم العرض الأكبر((يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ)) (2). ولذا لا يعمل بحديث المؤمن المجهول الحال وان وجب حسن الظن به.
نتائج إهمال الجمهور النظر في أمر الصحابة وعلى كل حال فقد أهمل الجمهور من السنة بسبب ذلك التعرّفَ على واقع الصحابة، وتمييز الثقة منهم عن غيره، حتى ضاعت عليهم موازين الجرح والتعديل في الصحابة، وكثر المجهولون منهم. ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة الإسراء: 36. (2)سورة النحل: 111. -[ 13 ]- وانتهى الأمر بهم نتيجة ذلك إلى أنهم لو أرادوا التحرر من أسْر تلك الشبهات، وكسْر طوق التقليد والتعصب في أمر الصحابة، والجري في الاستدلال على الطرق العلمية والعقلائية، لعجزوا، لعدم بقاء محصلة لهم معتد بها، يمكن الركون إليها والتعويل عليها، وانقطاع سبل المعرفة نتيجة الفاصل الزمني الطويل.وذلك يزيدهم تمسكاً بالواقع الذي هم عليه وتشبثاً به، وتقديساً له، ودفاعاً عنه، وتغاضياً عن ثغراته وسلبياته، إلا أن ينهار جدار الإصرار ببعضهم بفعل مطارق النقد والتعرية والحساب، فيرفض ذلك الواقع جملة وتفصيلاً.
رجال الجرح والتعديل عند الجمهور مطعون فيهم الأمر الثاني: أن رجال الجرح والتعديل عند الجمهور مطعون فيهم، والطعون فيهم على قسمين: القسم الأول: الطعون الخاصة في آحادهم، ولنذكر جملة منهم:
مالك بن أنس صاحب المذهب 1 ـ فهذا مالك بن أنس إمام المذهب روى عن حميد بن قيس الأعرج، ووثقه، إلا أنه لما تحامل عمر بن قيس أخو حميد على مالك، وبلغ ذلك مالك، قال مالك: "لو علمت أن حميد بن قيس أخوه ما رويت عنه" (1). وقال ابن المديني: "ذكر مالك حميد الأعرج موثِّقًا، ثم قال: أخوه! أخوه! وضعفه" (2). ـــــــــــــــــــــــ (1) الكامل في ضعفاء الرجال 5: 8 في ترجمة عمر بن قيس المكي. تهذيب التهذيب 7: 432 في ترجمة عمر بن قيس المكي. (2) تهذيب التهذيب 7: 432 في ترجمة عمر بن قيس المكي. -[ 14 ]- وما ندري ما ذنب حميد بن قيس إذا كان أخوه قد تحامل على مالك، حتى أنه يترك الرواية عنه ويضعفه بعد أن روى عنه ووثّقه. بل ذكر ابن حجر ان حميداً هذا وثَّقَه كلٌّ مِن ابن معين، وأبي زرعة، وأحمد بن حنبل، وأبي داود، وابن خراش، والبخاري، ويعقوب بن سفيان، وابن سعد (1). وإذا كانت الانفعالات العاطفية تتحكم في جرحه للرجال فما المؤمِّن مِن تحكُّمها في توثيقه لهم وتعديلهم؟! ويأتي عند الكلام في طعون المتعاصرين بعضهم في بعض، وفي الطعون بسبب اختلاف المذهب، بعض الطعون الأخرى في مالك.
يحيى بن سعيد القطان 2 ـ ويحيى بن سعيد القطان حين جرح همام بن يحيى بن دينار، قال فيه أحمد بن حنبل: "شهد يحيى بن سعيد في حداثته شهادة، فلم يعدِّله همام، فنقم عليه" (2). وهو كما ترى صريح في اتهام أحمد ليحيى بن سعيد بأن جرحه لهمام عدوان بلا حق. فكيف يعول مع ذلك على جرح يحيى لغير همام وتعديله له؟!.
يحيى بن معين 3 ـ وقال الذهبي عن يحيى بن معين: "وقال أبو عمر ابن عبد البر: رويناه عن محمد بن وضاح قال: سألت يحيى بن معين عن الشافعي، فقال ليس ثقة... قال ابن عبد البر أيضاً: قد صحّ مِن طرقٍ عن ابن معين أنه ـــــــــــــــــــــــ (1) تهذيب التهذيب 3: 41 في ترجمة حميد بن قيس المكي. (2) تهذيب التهذيب 11: 61 في ترجمة همام بن يحيى بن دينار. -[ 15 ]- يتكلم في الشافعي. قلت: قد آذى ابن معين نفسه بذلك، ولم يلتفت الناس إلى كلامه في الشافعي، ولا إلى كلامه في جماعة مِن الأثبات. كما لم يلتفتوا إلى توثيقه لبعض الناس، فإنّا نقبل قوله دائما في الجرح والتعديل، ونقدّمه على كثير مِن الحُفّاظ ما لم يخالف الجمهور في اجتهاده، فإذا انفرد بتوثيق مَن لَيَّنَه الجمهورُ، أو بتضعيف مَن وثَّقه الجمهورُ وقبلوه، فالحكم لعموم أقوال الأئمة، لا لمن شذّ... وقد ينفرد بالكلام في الرجل بعد الرجل، فيلوح خطؤه في اجتهاده بما قلناه، فإنه بشر من البشر، وليس بمعصوم. بل هو في نفسه يوثق الشيخ تارة. يختلف اجتهاده في الرجل الواحد، فيجيب السائل بحسب ما اجتهد مِن القول في ذلك الوقت". وليت الذهبي اكتفى بذلك! ولكنه عقَّبَ عليه، فقال: "وكلامه (يعني ابن معين في الشافعي) ليس مِن هذا اللفظ الذي كان عن اجتهاد، وإنما هذا مِن فلتات اللسان بالهوى والعصبية، فإنّ ابن معين كان مِن الحنفية الغلاة في مذهبه وإنْ كان محدثًا. وكذا قول الحافظ أبي حامد ابن الشرقي: كان يحيى ابن معين وأبو عبيد سيئا [كذا في المصدر] الرأي في الشافعي. فصدق والله ابن الشرقي، أساءا في ذاتهما في عالم زمانه" (1). وعن أحمد بن حنبل أن ابن معين لقي شجاعًا، فقال له: يا كذاب. فقال له شجاع: إن كنت كذابا، وإلا فهتكك الله. ثم قال أحمد: "فأظن دعوة الشيخ أدركته"(2). ويأتي عن أحمد موقفه منه ومن أمثاله. ـــــــــــــــــــــــ (1) الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب ردهم: 29 ـ 31. (2) تهذيب الكمال 12: 386 في ترجمة شجاع بن الوليد بن قيس السكوني. تاريخ بغداد 9: 249 في ترجمة شجاع بن الوليد بن قيس. تهذيب التهذيب 4: 275 في ترجمة شجاع ابن الوليد بن قيس السكوني. بحر الدم: 200 في ترجمة شجاع بن الوليد بن قيس. رسالة في الجرح والتعديل: 25. وقريب منه في سير أعلام النبلاء 9: 353 في ترجمة شجاع بن الوليد، وميزان الاعتدال 3: 364 في ترجمة شجاع بن الوليد. -[ 16 ]- يقول أبو زرعة عن يحيى بن معين: "ولم ينتفع به، لأنه كان يتكلم في الناس" (1). ونحوه روي عن علي بن المديني من وجوه، كما قال ابن حجر (2). ولما حدث أبو الأزهر بحديث عبد الرزاق في الفضائل، عن معمر، عن الأزهري، عن عبيد الله عن ابن عباس، قال: "نظر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى علي (عليه السلام) فقال: أنت سيد في الدنيا سيد في الآخرة... " أخبر بذلك يحيى بن معين، فبينا هو عنده في جماعة مِن أهل الحديث إذ قال يحيى: مَن هذا الكذاب النيسابوري الذي يحدث عن عبد الرزاق بهذا الحديث؟ فقام أبو الأزهر، فقال: هوذا أنا، فتبسم يحيى، فقال: أما إنك لست بكذاب، وتعجب مِن سلامته. وقال الذنب لغيرك في هذا الحديث (3). فانظر إلى يحيى كيف تسرع بتكذيب أبي الأزهر، ثم تراجع عنه مصراً على كذب الحديث الذي رواه، متهماً غيره بالكذب فيه، مع أنّ رواة الحديث مِن أعلام القوم وثقاتهم. بل لو فرض عدم ثبوت وثاقتهم عنده فلا يبرر ذلك تكذيب الحديث، إذ ليس كل ما يرويه مَن لم تثبت وثاقته كذب. ولعل تكذيبه له لعدم ملائمة متنه لهواه ومبانيه، خصوصاً قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) في تتمته: "حبيبك حبيبي، وحبيبي حبيب الله، وعدوك ـــــــــــــــــــــــ (1) تهذيب التهذيب 11: 248 في ترجمة يحيى بن معين. سير أعلام النبلاء 11: 90 في ترجمة يحيى بن معين. تهذيب الكمال 31: 550 في ترجمة يحيى بن معين. (2) تهذيب التهذيب 11: 248 في ترجمة يحيى بن معين. (3) تهذيب التهذيب 1: 10 في ترجمة أحمد بن إبراهيم التيمي، واللفظ له. المستدرك على الصحيحين 3: 138 كتاب معرفة الصحابة: ومن مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) مما لم يخرجاه: ذكر إسلام أمير المؤمنين علي (رضي الله عنه). سير أعلام النبلاء 9: 575 في ترجمة عبد الرزاق بن همام، 12: 367 في ترجمة أحمد بن الأزهر. تهذيب الكمال 1: 260 في ترجمة أحمد بن الأزهر بن منيع. تاريخ بغداد 4: 41 ـ 42 في ترجمة أحمد بن زاهر بن منيع. -[ 17 ]- عدوي، وعدوي عدو الله. الويل لمن أبغضك" (1). إما لأنه يبغض أمير المؤمنين (عليه السلام)، أو لأنه يوالي مَن أبغضه، كمعاوية وعمرو بن العاص وأضرابهما ممّن شهر السيف في وجهه، وأعلن نصبه وسبّه، وسعى في إطفاء نوره. وإذا كان هذا معيار التكذيب للحديث وراويه عنده، مع استفاضة الأحاديث بهذه المضامين، فكيف يكون معيار التصديق بالحديث ولراويه عنده؟! وكيف يمكن التعويل في التعديل والجرح عليه؟! خصوصاً للشيعة الذين نور الله قلوبهم بحب أمير المؤمنين (عليه السلام) وموالاته، وموالاة أوليائه، وبغض أعدائه ومعاداتهم.
علي بن المديني 4 ـ أما ابن المديني أبو الحسن علي بن عبد الله بن جعفر - الذي روى عنه البخاري وغيره من رجال الصحيح - فقد كذَّبه أحمد بن حنبل (2). وتكلم فيه عمرو بن علي (3). ويقول المزي بسنده: "قال ابن داؤد [كذا في المصدر] للمعتصم: يا ـــــــــــــــــــــــ (1) المستدرك على الصحيحين 3: 138 كتاب معرفة الصحابة: ومن مناقب أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (رضي الله عنه) مما لم يخرجاه: ذكر إسلام أمير المؤمنين علي (رضي الله عنه)، وقال بعد ذكر الحديث: "صحيح على شرط الشيخين وأبو الأزهر بإجماعهم ثقة وإذا تفرد الثقة بحديث فهو على أصلهم صحيح". (2) تهذيب التهذيب 7: 309 في ترجمة علي بن عبدالله بن جعفر بن نجيح السعدي مولاهم أبي الحسن بن المديني. تهذيب الكمال 21: 27 في ترجمة علي بن عبدالله بن جعفر بن نجيح السعدي. تاريخ بغداد 11: 458 في ترجمة علي بن عبدالله بن جعفر بن نجيح بن بكر بن سعد أبي الحسن السعدي. (3) تهذيب الكمال 21: 31 في ترجمة علي بن عبدالله بن جعفر بن نجيح السعدي. تهذيب التهذيب 7: 311 في ترجمة علي بن عبدالله بن جعفر بن نجيح السعدي مولاهم أبي الحسن بن المديني. سير أعلام النبلاء 11: 58 في ترجمة علي بن المديني. -[ 18 ]- أمير المؤمنين هذا - يعني: أحمد بن حنبل -- يزعم أنّ الله تعالى يُرى في الآخرة، والعين لا تقع إلا على محدود، والله تعالى لا يُحدّ. فقال له المعتصم: ما عندك في هذا؟ فقال: يا أمير المؤمنين عندي ما قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). قال: وما قال (عليه السلام)؟ قال حدثني... عن جرير بن عبد الله البجلي، قال: كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في ليلة أربعة عشر من الشهر، فنظر إلى البدر، فقال: أما إنكم سترون ربكم عزوجل كما ترون هذا البدر، لا تضامون في رؤيته. فقال لأحمد بن أبي دؤاد: ما عندك في هذا؟ قال: أنظر في إسناد هذا الحديث. كان هذا في أول يوم، ثم انصرف، فوجه ابن أبي دؤاد إلى علي ابن المديني - وهو ببغداد مملق ما يقدر على درهم - فأحضره فما كلمه بشيء حتى وصله بعشرة آلاف درهم، وقال: هذه وصلك بها أمير المؤمنين، وأمر أن يدفع إليك جميع ما استحق من أرزاقك- وكان له رزق سنتين-ثم قال له: يا أبا الحسن، حديث جرير بن عبد الله في الرؤية ما هو؟ فقال: صحيح. قال فهل عندك فيه شيء؟ قال: يعفيني القاضي من هذا. فقال: يا أبا الحسن هذه حاجة الدهر. ثم أمر له بثياب وطيب ومركب بسرجه ولجامه.ولم يزل حتى قال: في هذا الإسناد مَن لا يعمل عليه ولا على ما يرويه، وهو قيس بن أبي حازم. إنما كان أعرابياً بوّالاً على عقبيه. فقبّل ابن أبي دؤاد ابن المديني واعتنقه. فلما كان الغد، وحضروا، قال ابن أبي دؤاد: يا أمير المؤمنين، يحتج في الرؤية بحديث جرير، وإنما رواه عنه قيس بن أبي حازم، وهو أعرابي بوال على عقبيه" (1). ـــــــــــــــــــــــ (1) تهذيب الكمال 21: 22 ـ 23 في ترجمة علي بن عبدالله بن جعفر بن نجيح السعدي. وأخرج هذه القصة كل من الذهبي في سير أعلام النبلاء 11: 52 ـ 53 في ترجمة علي بن المديني، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 11: 458 في ترجمة علي بن عبدالله بن جعفر ابن نجيح بن بكر بن سعد أبي الحسن السعدي. -[ 19 ]- وقال أبو بكر المروذي: "قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: إن علي ابن المديني يحدث عن الوليد بن مسلم... عن عمر: كلوه إلى خالقه. فقال أبو عبد الله: كذب. حدثنا الوليد بن مسلم مرتين، ما هو هكذا، إنما هو: كلوه إلى عالمه. قلت لأبي عبد الله: إن عباس الغبري قال: لما حدث به بالعسكر قلت لعلي بن المديني: إنهم قد أنكروه عليك، فقال حدثتكم به بالبصرة. وذكر أن الوليد أخطأ فيه. فغضب أبو عبد الله، وقال: فنعم. قد علم (يعني: علي بن المديني) أن الوليد أخطأ فيه، فلِمَ أراد أن يحدثهم به؟! يعطيهم الخطأ؟!" (1). وقال ابن حجر: "قيل لإبراهيم الحربي: أكان علي بن المديني يُتهم بالكذب؟ فقال: لا، إنما كان يحدث بحديث، فزاد في خبره كلمة ليرضي بها ابن أبي دؤاد. قيل له: فهل كان علي يتكلم في أحمد؟ قال: لا. إنما كان إذا رأى في كتابه حديثاً عن أحمد قال: أضرب على هذا، ليرضي ابن أبي دؤاد" (2). وهو كما ترى! فإن إرضاء ابن أبي دؤاد لا يبرر تحريف الحديث ـــــــــــــــــــــــ (1) تاريخ بغداد 11: 458 في ترجمة علي بن عبدالله بن جعفر بن نجيح بن بكر بن سعد أبي الحسن السعدي، واللفظ له. تهذيب التهذيب 7: 309 في ترجمة علي بن عبدالله بن جعفر بن نجيح السعدي مولاهم أبي الحسن بن المديني. تهذيب الكمال 21: 26 ـ 27 في ترجمة علي بن عبدالله ابن جعفر بن نجيح السعدي. سير أعلام النبلاء 11: 55 في ترجمة علي بن المديني. (2) تهذيب التهذيب 7: 310 في ترجمة علي بن عبدالله بن جعفر بن نجيح السعدي مولاهم أبي الحسن بن المديني. تهذيب الكمال 21: 29 في ترجمة علي بن عبدالله بن جعفر بن نجيح السعدي. سير أعلام النبلاء 11: 57 في ترجمة علي بن المديني. تاريخ بغداد 11: 458 في ترجمة علي بن عبدالله بن جعفر بن نجيح بن بكر بن سعد أبي الحسن السعدي. -[ 20 ]- والزيادة فيه، ولا الطعن بمَن هو ثقة، والضرب على حديثه. وإذا كان لا يستطيع مجاهرة ابن أبي دؤاد بما يكره فليتجنب الاحتكاك به، ولو بأن يجلس في بيته، ولا يتنعم بعطائه. وقال العقيلي: "حدثنا أحمد بن محمد بن سليمان الرازي، قال: سمعت أزهر بن جميل يقول: كنا عند يحيى بن سعيد القطان - وثَمَّ سهل بن حسان ابن أبي جروبة، وابن المديني، والشاذكوني، وسليمان صاحب البصري، والقواريري، وسفيان الراس - فجاء عبد الرحمن بن مهدي، فسلم على أبي سعيد، وجلس إليه، فقال له يحيى: مالي أراك خائر النفس؟ قال: رأيت البارحة رؤيا هالتني. فقال: لا يكون إلا خير، إن شاء الله. فقال له علي بن المديني: أي شيء رأيت يا أبا سعيد؟ قال: رأيت قوماً من أصحابنا أركسوا. قال: فقال علي: أضغاث أحلام. فقال له عبد الرحمن: اسكت، فو الله يا علي إنك منهم. فقال علي إن الله يقول: ((وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ)) فقال: ليس هو والله بذاك. وقرأت على عبد الله بن أحمد كتاب العلل عن أبيه. فرأيت فيه حكايات كثيرة عن أبيه عن علي بن عبد الله. ثم قد ضرب على اسمه، وكتب فوقه حدثنا رجل، ثم ضرب على الحديث كله. فسألت عبد الله فقال: كان أبي حدثنا عنه، ثم أمسك عن اسمه، وكان يقول: يقول: حدثنا رجل. ثم ترك حديثه بعد ذاك...وقال الحضرمي: قال لنا عمرو بن محمد، وذكر علي بن المديني، وقال: زعم المخذول في هذا الحديث أنه حدثنا مجاهد، وإنما يرويه الأعمش، أخذه من ليث بن أبي سليم" (1). ـــــــــــــــــــــــ (1) الضعفاء للعقيلي 3: 235 ـ 239 في ترجمة علي بن عبدالله بن جعفر بن نجيح. -[ 21 ]- أحمد بن حنبل 5 ـ وهذا أحمد بن حنبل الذي هو من أعلام الجرح والتعديل، ومن الرموز الشاخصة عندهم، قد طعن في جرحه وتعديله بعضهم. فعن أبي بكر بن أبي خيثمة قال: "قيل ليحيى بن معين: إن أحمد بن حنبل قال: إن علي بن عاصم ثقة. قال لا والله ما كان من علي عنده قط ثقة، ولا حدث عنه بحرف قط. وكيف صار اليوم عنده ثقة؟!" (1). وهو كما ترى صريح في اتهام ابن معين لأحمد، وطعنه في توثيقه. أما عامر بن صالـح بن عبد الله الزبيري، فقد قال عنه ابن معين: كذاب (2). وقال الدارقطني: يترك (3). وقال النسائي: ليس ـــــــــــــــــــــــ (1) الجرح والتعديل 6: 198 في ترجمة علي بن عاصم الواسطي. ومثله مع اختلاف يسير في تهذيب التهذيب 7: 304 في ترجمة علي بن عاصم بن صهيب الواسطي، وتهذيب الكمال 20: 517 في ترجمة علي بن عاصم بن صهيب الواسطي، وذكر من اختلف العلماء ونقاد الحديث فيه: 106 في ترجمة علي بن عاصم. وذكر ذلك الخطيب بسند آخر في تاريخ بغداد 11: 455 في ترجمة علي ابن عاصم بن صهيب. (2) الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي 2: 72 في ترجمة عامر بن صالـح بن عبدالله. ميزان الاعتدال 4: 17 في ترجمة عامر بن صالـح بن عبدالله. المجروحين لابن حبان 2: 188 في ترجمةعامربن صالـح المديني. المغني في الضعفاء: 323 في ترجمة عامر ابن صالـح بن عبد الله. تهذيب التهذيب 5: 62 في ترجمة عامر بن صالـح بن عبدالله. الكاشف 1: 523 في ترجمة عامر بن صالـح بن عبدالله. تهذيب الكمال 14: 46 في ترجمة عامر بن صالـح بن عبدالله. تاريخ بغداد 12: 235 في ترجمة عامر بن صالـح بن عبدالله. (3) ميزان الاعتدال 4: 17 في ترجمة عامر بن صالـح بن عبدالله. الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي 2: 72 في ترجمة عامر بن صالـح بن عبدالله. المغني في الضعفاء: 323 في ترجمة عامر بن صالـح بن عبدالله. الكاشف 1: 523 في ترجمة عامر بن صالـح بن عبدالله. تهذيب الكمال 14: 48 في ترجمة عامر بن صالـح بن عبدالله. تاريخ بغداد 12: 236 في ترجمة عامر بن صالـح بن عبدالله. سؤالات البرقاني: 50. -[ 22 ]- بثقة (1). وقال الأزدي: ذاهب الحديث (2). وقال الذهبي: واهٍ (3). وقال ابن عدي: وعامة حديثه مسروقات من الثقات (4). وقال أبو نعيم: روى عن هشام بن عروة المناكير. لا شيء (5). وسئل أبو زرعة عنه فقال: ينكر كثيراً (6). وقال ابن حبان: كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات. لا يحل كتابة حديثه إلا على جهة التعجب (7). وقال ابن حجر: متروك الحديث (8). وقال الحاكم النيسابوري: روى عن هشام ابن عروة المناكير (9). ومع كل هذا روى عنه أحمد بن حنبل ووثَّقَه. قال الذهبي:" لعل ما ـــــــــــــــــــــــ (1) الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي 2: 72 في ترجمة عامر بن صالح بن عبدالله. ميزان الاعتدال 4: 17 في ترجمة عامر بن صالح بن عبدالله. الكامل في ضعفاء الرجال 5: 83 في ترجمة عامر ابن صالح الزبيري. تهذيب التهذيب 5: 62 في ترجمة عامر بن صالح بن عبدالله. تهذيب الكمال 14: 47 في ترجمة عامر بن صالح بن عبدالله. (2) الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي 2: 72 في ترجمة عامر بن صالح بن عبدالله. تهذيب التهذيب 5: 62 في ترجمة عامر بن صالح بن عبدالله. تهذيب الكمال 14: 48 في ترجمة عامر بن صالح بن عبدالله. (3) ميزان الاعتدال 4: 17 في ترجمة عامر بن صالح بن عبدالله. (4) الكامل في ضعفاء الرجال 5: 83 في ترجمة عامر بن صالح الزبيري، واللفظ له. تهذيب التهذيب 5: 62 في ترجمة عامر بن صالح بن عبدالله. تهذيب الكمال 14: 48 في ترجمة عامر بن صالح بن عبدالله. (5) الضعفاء لأبي نعيم: 124 في ترجمة عامر بن صالـح الزبيري. تهذيب التهذيب 5: 62 في ترجمة عامر بن صالح بن عبدالله. (6) سؤالات البرذعي: 426. (7) المجروحين لابن حبان 2: 188 في ترجمة عامر بن صالـح المديني، واللفظ له. الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي 2: 72 في ترجمة عامر بن صالـح بن عبدالله. تهذيب التهذيب 5: 62 في ترجمة عامر بن صالـح بن عبدالله. تهذيب التهذيب 5: 62 في ترجمة عامر بن صالـح بن عبدالله. تهذيب الكمال 14: 48 في ترجمة عامر بن صالـح بن عبد الله. (8) تقريب التهذيب 1: 287 في ترجمة عامر بن صالـح بن عبدالله. (9) المدخل إلى الصحيح: 182 في ترجمة عامر بن صالـح الزبيري. -[ 23 ]- روى أحمد بن حنبل عن أحد أوهى من هذا. ثم إنه سئل عنه، فقال: ثقة لم يكن يكذب" (1). وقد أثار هذا حفيظة أعلام الجرح والتعديل. فقد ذكر أحمد بن محمد بن القاسم أن يحيى بن معين، قال عن عامر بن صالـح: "كذاب خبيث. عدو الله". ثم قال: "فقلت ليحيى: إن أحمد بن حنبل يحدث عنه. فقال: لمه؟! وهو يعلم أنا تركنا هذا الشيخ في حياته. قال: فقلت: ولِمَ؟ فقال: قال حجاج الأعور أتاني فكتب عني حديث هشام بن عروة عن أبي لهيعة وليث بن سعد، ثم ذهب فادعاه، فحدث بها عن هشام" (2). وقال يحيى أيضاً: "جنّ أحمد! يحدث عن عامر بن صالح" (3). وأيضاً قال محمد بن عقيل: "وقال المقبلي في العلم الشامخ ما مفاده: أن الإمام أحمد (رحمه الله تعالى) مع فضله وورعه لما تكلم في مسألة خلق القرآن وابتلي بسببها جعلها عدل التوحيد أو زاد، ثم ذكر أنه كان يرد رواية كل مَن خالفه في هذه المسألة تعصّباً منه. وفي ذلك خيانة للسند. ثم قال: بل زاد، فصار يرد الواقف، ويقول: فلان واقفي مشؤوم. بل غلا وزاد، وقال: لا أحب الرواية عمن أجاب في المحنة، كيحيى بن معين. انتهى" (4). ـــــــــــــــــــــــ (1) ميزان الاعتدال 4: 17 في ترجمة عامر بن صالـح بن عبدالله، واللفظ له. المغني في الضعفاء: 323 في ترجمة عامر بن صالـح بن عبدالله. (2) تهذيب الكمال 14: 47 في ترجمة عامر بن صالـح بن عبدالله، واللفظ له. ميزان الاعتدال 4: 17 في ترجمة عامر بن صالـح بن عبدالله.تهذيب التهذيب 5: 62 في ترجمة عامر ابن صالـح بن عبدالله. تاريخ بغداد 12: 236 في ترجمة عامر بن صالـح بن عبد الله. (3) ميزان الاعتدال 4: 17 في ترجمة عامر بن صالـح بن عبدالله، واللفظ له. الكامل في ضعفاء الرجال 5: 83 في ترجمة عامر بن صالـح الزبيري. (4) العتب الجميل على أهل الجرح والتعديل: 130. -[ 24 ]- وقد نقل الذهبي عن أحمد بن حنبل أنه قال: "أكره الكتابة عمن أجاب في المحنة، كيحيى وأبي نصر التمار" (1). فإذا كان الخلاف في هذه المسألة سبباً للتسرع في الجرح، ولو مع وثاقة الرجل في نفسه، فما المؤمِّن مِن أن يكون الخلاف في غيرها - كالتوقف في عدالة الصحابة، وموالاة أهل البيت (عليهم السلام) ومعاداة أعدائهم - سبباً فيه أيضًا؟! وما المؤمِّن مِن أن يكون الوفاق في المذهب سبباً للتسرع في التعديل بلا حق؟!. بل سيأتي ما يشهد بما يناسب ذلك في تتمة حديثنا هذا إن شاء الله تعالى.
محمد بن يحيى الذهلي 6 ـ ومحمد بن يحيى الذهلي قال فيه الذهبي: "الإمام شيخ الإسلام حافظ نيسابور...وانتهت إليه مشيخة العلم بخراسان، مع الثقة، والصيانة، والدين، ومتابعة السنن...وقال أبو حاتم: هو إمام أهل زمانه. وقال أبو بكر بن زياد: كان أمير المؤمنين في الحديث..." (2). ومع ذلك يقول عنه الحسن بن محمد بن جابر: "سمعت محمد بن يحيى يقول لما ورد محمد بن إسماعيل البخاري نيسابور، قال: اذهبوا إلى هذا الرجل العالم الصالـح فاسمعوا منه. قال: فذهب الناس إليه، واقبلوا على السماع منه، حتى ظهر الخلل في مجالس محمد بن يحيى، فحسده بعد ذلك، وتكلم فيه" (3). ـــــــــــــــــــــــ (1) ميزان الاعتدال 7: 222 في ترجمة يحيى بن معين. (2) تذكرة الحفاظ 2: 530 ـ 531 في ترجمة الذهلي. (3) تاريخ بغداد 2: 30 في ترجمة محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة: ذكر قصة البخاري مع محمدبن يحيى الذهلي بنيسابور، واللفظ له. تغليق التعليق 5: 430 ـ 431 فصل في ترجمة البخاري والتعريف بقدره وجلالته وذكر نسبته و نسبه ومولده وصفته: فصل في بيان شرطه فيه وما اتصل بذلك من قصته مع الذهلي. -[ 25 ]- ويقول أبو حامد الشرقي: "سمعت محمد بن يحيى يقول: القران كلام الله، غير مخلوق من جميع جهاته، وحيث يتصرف. فمَن لزم هذا استغنى عن اللفظ وعما سواه من الكلام في القران. ومَن زعم أن القران مخلوق فقد كفر، وخرج عن الإيمان، وبانت منه امرأته يستتاب، فإن تاب وإلا ضربت عنقه، وجُعل ماله فيئًا بين المسلمين، ولم يدفن في مقابر المسلمين. ومَن وقف وقال: لا أقول مخلوق أو غير مخلوق، فقد ضاهى الكفر. ومَن زعم أن لفظي بالقران مخلوق، فهذا مبتدع، لا يجالس ولا يكلم. ومن ذهب بعد مجلسنا هذا إلى محمد بن إسماعيل البخاري فاتهموه، فإنه لا يحضر مجلسه إلا مَن كان على مثل مذهبه" (1). وقال الحاكم: سمعت محمد بن صالـح بن هانئ يقول: سمعت أحمد بن سلمة يقول: "دخلت على البخاري، فقلت: يا أبا عبد الله إن هذا رجل - يعني الذهلي - مقبول بخراسان، خصوصاً في هذه المدينة. وقد لـح في هذا الحديث، حتى لا يقدر أحد منا أن يكلمه فيه، فما ترى؟. فقبض على لحيته، ثم قال: أمري إلى الله، إن الله بصير. اللهم إنك تعلم أني لم أرد المقام بنيسابور أشراً ولا بطرا، ولا طلباً للرئاسة، وإنما أبت علي نفسي الرجوع إلى الوطن، لغلبة المخالفين. وقد قصدني هذا الرجل حسداً لما آتاني الله لا غير. ثم قال: يا أحمد، إني خارج غدا، لتتخلصوا من حديثه لأجلي" (2).
الجوزجاني
7 ـ وإبراهيم بن يعقوب الجوزجاني السعدي، قال فيه ابن حبان: ـــــــــــــــــــــــ (1) تاريخ بغداد 2: 31 ـ 32 في ترجمة محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة: ذكر قصة البخاري مع محمد بن يحيى الذهلي بنيسابور. (2) تغليق التعليق 5: 434 فصل في ترجمة البخاري والتعريف بقدره وجلالته وذكر نسبته و نسبه ومولده وصفته: فصل في بيان شرطه فيه وما اتصل بذلك من قصته مع الذهلي. -[ 26 ]- "كان حروري المذهب، ولم يكن بداعية. وكان صلباً في السنة حافظاً للحديث، إلا أنه من صلابته ربما كان يتعدى طوره" (1). وقال ابن حجر: "وممن ينبغي أن يتوقف في قبول قوله في الجرح مَن كان بينه وبين مَن جرحه عداوة، سببها الاختلاف في الاعتقاد. فإنّ الحاذق إذا تأمل ثلْب أبي إسحاق الجوزجاني لأهل الكوفة رأى العجب. وذلك لشدة انحرافه في النصب، وشهرة أهلها بالتشيع. فتراه لا يتوقف في جرح مَن ذكره منهم بلسان ذلقة وعبارة طلقة. حتى أنه أخذ يليّن مثل الأعمش، وأبي نعيم، وعبيد الله بن موسى، وأساطين الحديث وأركان الرواية..." (2). وإذا كان بسبب تعصُّبه يجرح مَن لا يستحق الجرح، فما هو المؤمِّن مِن أنْ يجرّه تعصبه إلى مدح مَن لا يستحق المدح، وتوثيق من ليس أهلاً لذلك؟!. على أنه كان ناصبياً منحرفاً عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، كما صرح بذلك ابن حجر في كلامه المتقدم وغيره (3). وقال ابن عدي: "كان شديد الميل إلى مذهب أهل دمشق في الميل على علي" (4). وعن الدارقطني: "فيه انحراف عن علي. اجتمع على بابه أصحاب ـــــــــــــــــــــــ (1) تهذيب التهذيب 1: 159 في ترجمة إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق السعدي. وفي الثقات لابن حبان 8: 81 ـ82 في ترجمة إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق الجوزجاني،ولكن بدل (حروري) (حريزي). (2) لسان ميزان 1: 16 في المقدمة. (3) مقدمة فتح الباري: 390. (4) تهذيب التهذيب 1: 159 في ترجمة إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق السعدي، واللفظ له. ميزان الاعتدال 1: 205 في ترجمة إبراهيم بن يعقوب أبي إسحاق السعدي الجوزجاني. الكامل في ضعفاء الرجال 1: 310 في ترجمة إسماعيل بن أبان الوراق. تذكرة الحفاظ 2: 549 في ترجمة الجوزجاني. -[ 27 ]- الحديث، فأخرجت جارية له فروجة، لتذبحها، فلم تجد مَن يذبحها، فقال: سبحان الله! فروجة لا يوجد من يذبحها، وعليٌّ يذبح في ضحوة نيفاً وعشرين ألف مسلم!" (1). وإذا كان ناصبياً مبغضاً لأمير المؤمنين (عليه السلام) فهو منافق - كما تظافرت بذلك الأحاديث النبوية، ويأتي الحديث عن ذلك - فكيف يؤمَن على الدين؟ ولاسيما عند الشيعة الذين عرفوا حق أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، ودانوا بموالاته.
أبو حاتم الرازي 8 ـ وأبو حاتم محمد بن إدريس يقول عنه الذهبي: "إذا وثق أبو حاتم رجلاً فتمسك بقوله، فإنه لا يوثق إلا رجلاً صحيح الحديث. وإذا ليَّنَ رجلاً، أو قال فيه: لا يحتج به، فتوقف. حتى ترى ما قال غيره فيه، فإنْ وثقه أحد فلا تبْنِ على تجريح أبي حاتم، فإنه متعنّت في الرجال. قد قال في طائفة من رجال الصحاح: ليس بحجة. ليس بقوي. أو نحو ذلك" (2). وقال في موضع آخر: "يعجبني كثيراً كلام أبي زرعة في الجرح والتعديل، يبين عليه الورع والخبرة، بخلاف رفيقه أبي حاتم، فإنه جراح" (3).
الترمذي 9 ـ وأما الترمذي فقد طعن فيه الذهبي، حيث ذكر عند الكلام عن يحيى بن يمان حديثا، وقال: "حسنه الترمذي مع ضعف ثلاثة فيه. فلا يغتر بتحسين الترمذي، فعند المحاققة غالبها ضعاف" (4). ـــــــــــــــــــــــ (1) تهذيب التهذيب 1: 159 في ترجمة إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق السعدي. (2) سير أعلام النبلاء 13: 260 في ترجمة أبي حاتم الرازي. (3) سير أعلام النبلاء 13: 81 في ترجمة أبي زرعة الرازي. (4) ميزان الاعتدال 7: 231 في ترجمة يحيى بن يمان العجلي. -[ 28 ]- وقال أيضاً عند الكلام عن كثير بن عبدالله المزني: "لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي" (1). وقال المباركفوري: "وأما تحسين الترمذي فلا اعتماد عليه، لما فيه من التساهل" (2)، وذكر الذهبي عند الكلام عن إسماعيل بن رافع أن جماعة من علمائهم ضعفوه، وجماعة قالوا: إنه متروك. ثم قال: "ومِن تلبيس الترمذي قال: ضعفه بعض أهل العلم" (3). فإن كان هذا تلبيساً مِن الترمذي فكيف يعتمد عليه؟! وإن لم يكن تلبيساً منه فكيف يعتمد على الذهبي مع طعنه فيه؟!.
ابن حبان 10 ـ وابن حبان محمد، أحد رجال الجرح والتعديل، قال عنه الذهبي: "قال الإمام أبو عمرو بن الصلاح وذكره في طبقات الشافعية: غلط الغلط الفاحش في تصرفه. وصدق أبو عمرو. وله أوهام، تتبّع بعضها الحافظ ضياء الدين... قال أبو إسماعيل الأنصاري شيخ الإسلام: سألت يحيى بن عمار عن أبي حاتم بن حبان، فقال: رأيته. ونحن أخرجناه من سجستان. كان له علم كثير، ولم يكن له كبيرَ دِين... قال أبو إسماعيل الأنصاري: سمعت عبدالصمد بن محمد يقول: سمعت أبي يقول: أنكروا على ابن حبان قوله: النبوة العلم والعمل، وحكموا عليه بالزندقة وهجروه، وكتب فيه إلى الخليفة، فأمر بقتله" (4). ـــــــــــــــــــــــ (1) ميزان الاعتدال 5: 493 في ترجمة كثير بن عبدالله بن عمرو بن عوف. (2) تحفة الأحوذي 2: 93. (3) ميزان الاعتدال 1: 384 في ترجمة إسماعيل بن رافع. (4) ميزان الاعتدال 6: 99 في ترجمة محمد بن حبان أبي حاتم البستي. تذكرة الحفاظ 3: 921ـ922 في ترجمة ابن حبان. -[ 29 ]- ابن مندة وأبو نعيم الأصبهاني 11 و 12 ـ وقال ابن حجر في ترجمة أبي نعيم الأصبهاني أحمد بن عبدالله: "أحد الأعلام صدوق. تكلم فيه بلا حجة. ولكن هذه عقوبة من الله، لكلامه في ابن مندة بهوى... وكلام ابن مندة في أبي نعيم فظيع، لا أحب حكايته. ولا أقبل قول كل منهما في الآخر، بل هما عندي مقبولان..." (1). فإذا كان أبو نعيم قد تكلم في ابن مندة بهوى كيف يعتمد عليه في غيره في جرحه وتعديله؟! إذ مَن ركب الهوى تنكّبَ الطريق. وكيف يعرف مع ذلك صوابه من خطئه، وصدقه من كذبه؟! ومثله الحديث في ابن مندة، فإن أبا نعيم إذا كان علماً صدوقاً كيف يكون حال ابن مندة إذا تكلم فيه بلا حجة، كلاماً لا يحب ابن حجر حكايته، لفظاعته؟!. ويأتي عند الكلام في جرح بعض المعاصرين لبعض ما يتضح به تفاقم المشكلة.
الحاكم النيسابوري 13 ـ والحاكم النيسابوري طعن فيه الذهبي، قال في ترجمة ابن قتيبة: "عبد الله مسلم بن قتيبة أبو محمد صاحب التصانيف صدوق... قال الخطيب: كان ثقة ديناً فاضلا. وقال الحاكم: أجمعت الأمة على أن القتبي كذاب. قلت: هذه مجازفة قبيحة، وكلام مَن لم يخف الله" (2). وقال عنه بسبب ذلك أيضاً: "هذه مجازفة، وقلة ورع، فما علمت أحداً اتهمه بالكذب قبل هذه القولة. بل قال الخطيب: إنه ثقة. وقد أنبأني ـــــــــــــــــــــــ (1) ميزان الاعتدال 1: 251 في ترجمة أحمد بن عبدالله الحافظ أبي نعيم الأصبهاني، واللفظ له. لسان الميزان 1: 201 في ترجمة أحمد بن عبدالله الحافظ أبي نعيم الأصبهاني. (2) ميزان الاعتدال 4: 198 في ترجمة عبدالله بن مسلم بن قتيبة. -[ 30 ]- أحمد بن سلامة عن حماد الحراني أنه سمع السلفي ينكر على الحاكم في قوله: لا تجوز الرواية عن ابن قتيبة، ويقول: ابن قتيبة من الثقات، وأهل السنة. ثم قال: لكن الحاكم قصده لأجل المذهب" (1). قال ابن حجر: "والذي يظهر لي أن مراد السلفي بالمذهب النصب. فإن في ابن قتيبة انحرافاً عن أهل البيت، والحاكم على ضد من ذلك" (2).
ابن حزم 14 ـ أما ابن حزم فقد قال فيه ابن خلكان: "وكان كثير الوقوع في العلماء المتقدمين، لا يكاد يسلم أحد من لسانه، فنفرت عنه القلوب، واستهدف لفقهاء وقته، فتمالؤوا على بغضه، وردوا قوله، واجتمعوا على تضليله وشنعوا عليه... وفيه قال أبو العباس بن العريف المقدم ذكره: كان لسان ابن حزم وسيف الحجاج بن يوسف شقيقين. وإنما قال ذلك لكثرة وقوعه في الأئمة" (3). وتعقيباً على حكم ابن حزم على الترمذي بأنه مجهول، يقول الذهبي: "ولا التفات إلى قول أبي محمد ابن حزم فيه - في الفرائض من كتاب الإيصال - إنه مجهول، فإنه ما عرفه، ولا درى بوجود الجامع ولا العلل اللذين له" (4). ويقول ابن حجر تعقيباً على ذلك أيضاً: "وأما أبو محمد بن حزم فإنه نادى على نفسه بعدم الاطلاع... ولا يقولن قائل: لعله ما عرف الترمذي، ولا اطلع على حفظه، ولا على تصانيفه. فإنّ هذا الرجل قد أطلق هذه ـــــــــــــــــــــــ (1) سير أعلام النبلاء 13: 299 في ترجمة ابن قتيبة. (2) لسان الميزان 3: 358 في ترجمة عبدالله بن مسلم بن قتيبة. (3) وفيات الأعيان 3: 327 ـ 328 في ترجمة ابن حزم الظاهري. (4) ميزان الاعتدال 6: 289 في ترجمة محمد بن عيسى بن سورة الحافظ العلم أبي عيسى الترمذي. -[ 31 ]- العبارة في خَلْقٍ مِن المشهورين من الثقات الحفاظ، كأبي القاسم البغوي، وإسماعيل بن محمد بن الصفار، وأبي العباس الصم" (1). وقال الذهبي عنه أيضاً: "...ولم يتأدب مع الأئمة في الخطاب، بل فجج العبارات وسب وجدع، فكان جزاؤه من جنس فعله، بحيث إنه أعرض عن تصانيفه جماعة من الأئمة، وهجروها ونفروا منها، وأحرقت في وقت... وقد حط أبو بكر ابن العربي على أبي محمد في كتاب القواصم والعواصم... فقال:... نشأ وتعلق بمذهب الشافعي، ثم انتسب إلى داود، ثم خلع الكل، واستقل بنفسه، وزعم إنه إمام الأئمة، يضع ويرفع، ويحكم ويشرع، وينسب إلى دين الله ما ليس فيه، ويقول على العلماء ما لم يقولوا، تنفيراً للقلوب منهم... قال أبو العباس ابن العريف: كان لسان ابن حزم وسيف الحجاج شقيقين..." (2). وقال ابن حج | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: رد: (في رحاب العقيدة)للسيد الحكيم.مفصّل سهل التناول السبت يوليو 21, 2012 6:21 am | |
| -[ 31 ]- العبارة في خَلْقٍ مِن المشهورين من الثقات الحفاظ، كأبي القاسم البغوي، وإسماعيل بن محمد بن الصفار، وأبي العباس الصم" (1). وقال الذهبي عنه أيضاً: "...ولم يتأدب مع الأئمة في الخطاب، بل فجج العبارات وسب وجدع، فكان جزاؤه من جنس فعله، بحيث إنه أعرض عن تصانيفه جماعة من الأئمة، وهجروها ونفروا منها، وأحرقت في وقت... وقد حط أبو بكر ابن العربي على أبي محمد في كتاب القواصم والعواصم... فقال:... نشأ وتعلق بمذهب الشافعي، ثم انتسب إلى داود، ثم خلع الكل، واستقل بنفسه، وزعم إنه إمام الأئمة، يضع ويرفع، ويحكم ويشرع، وينسب إلى دين الله ما ليس فيه، ويقول على العلماء ما لم يقولوا، تنفيراً للقلوب منهم... قال أبو العباس ابن العريف: كان لسان ابن حزم وسيف الحجاج شقيقين..." (2). وقال ابن حجر عنه أيضاً: "...وكان واسع الحفظ جد. إلا أنه لثقة حافظته كان يهجم كالقول في التعديل والتخريج، وتبين أسماء الرواة، فيقع له من ذلك أوهام شنيعة... وقال مؤرخ الأندلس أبو مروان ابن حبان: كان ابن حزم... مما يزيد في بغض الناس له بغضه لبني أمية ماضيهم وباقيهم، واعتقاده بصحة إمامتهم حتى نسب إلى النصب..." (3). ونصبه أشهر من نار على علم.
ابن الجوزي 15 ـ وابن الجوزي أبو الفرج عبد الرحمن يقول عنه ابن الأثير: ـــــــــــــــــــــــ (1) تهذيب التهذيب 9: 344 في ترجمة محمد بن عيسى بن سورة...أبي عيسى الترمذي. (2) سير أعلام النبلاء 18: 186 ـ 199 في ترجمة ابن حزم. (3) لسان الميزان 4: 198 ـ 200 في ترجمة علي بن أحمد بن سعيد بن حزم. -[ 32 ]- "وكان كثير الوقيعة في الناس، لاسيما في العلماء المخالفين لمذهبه" (1). ويقول عنه أبو الفداء: "كان كثير الوقيعة في العلماء..." (2). ويقول الذهبي: "له وهم كثير في تواليفه يدخل عليه الداخل من العجلة والتحويل إلى مصنف آخر..." (3). وقال السيوطي: "فذكر في كتابه كثيراً مما لا دليل على وضعه. بل هو ضعيف. بل وفيه الحسن والصحيح. وأغرب من ذلك إن فيها حديثاً من صحيح مسلم، كما سأبينه. قال الذهبي: ربما ذكر ابن الجوزي في الموضوعات أحاديث حساناً قوية..." (4). ويقول عنه أيضاً: "قال الذهبي في التاريخ الكبير: لا يوصف ابن الجوزي بالحفظ عندنا باعتبار الصنعة، بل باعتبار كثرة اطلاعه وجمعه" (5)... إلى غير ذلك من كلماتهم فيه.
الذهبي 16 ـ ومثله في التعصب - خصوصاً على أهل البيت (صلوات الله عليهم) وشيعتهم - الذهبي: محمد بن أحمد بن عثمان، صاحب ميزان الاعتدال وسير أعلام النبلاء وغيرهم. فإنه على جلالته عند الجمهور، وتعظيمهم له، واحتجاجهم به، قد نبه غير واحد على تعصبه، وطعنوا فيه طعوناً شديدة تمنع مِن التعويل عليه في الجرح والتعديل. ـــــــــــــــــــــــ (1) الكامل في التاريخ 10: 276 في أحداث سنة سبع وتسعين وخمسمائة. (2) المختصر في أخبار البشر 3: 101 في أحداث سنة سبعة وتسعين وخمسمائة. (3) تذكرة الحفاظ 4: 1347 في ترجمة ابن الجوزي. (4) تدريب الراوي 1: 278. (5) طبقات الحفاظ: 480 ـ 481 في ترجمة ابن الجوزي. -[33]-
كلام السبكي في الذهبي قال تلميذه السبكي: "وكان شيخنا - والحق أحق ما قيل، والصدق أولى ما آثره ذو السبيل - شديدَ الميل إلى آراء الحنابلة، كثير الإزراء بأهل السنة الذين إذا حضروا كان أبو الحسن الأشعري فيهم مقدم القافلة، فلذلك لا ينصفهم في التراجم ولا يصفهم بخير إلا وقد أرغم منه أنف الراغم. صنف التاريخ الكبير، وما أحسنه، لولا تعصب فيه..." (1). وقال أيضاً: "وهذا شيخنا الذهبي (رحمه الله) مِن هذا القبيل له علم وديانة، وعنده على أهل السنة تحمّل مفرط، فلا يجوز أن يعتمد عليه. ونقلت مِن خط الحافظ صلاح الدين خليل بن كيكلدي العلائي (رحمه الله) ما نصه: الشيخ الحافظ شمس الدين الذهبي- لا أشك في دينه وورعه، وتحريه فيما يقوله الناس- ولكنه غلب عليه مذهب الإثبات، ومنافرة التأويل، والغفلة عن التنزيه، حتى أثر ذلك في طبعه انحرافاً شديداً عن أهل التنزيه، وميلاً قوياً إلى أهل الإثبات. فإذا ترجم واحداً منهم يطنب في وصفه بجميع ما قيل فيه من المحاسن، ويبالغ في وصفه، ويتغافل عن غلطاته، ويتأول له ما أمكن.وإذا ذكر أحداً من الطرف الآخر - كإمام الحرمين، والغزالي، ونحوهما - لا يبالغ في وصفه، ويكثر من قول مَن طعن فيه، ويعيد ذلك ويبديه، ويعتقده دينًا، وهو لا يشعر، ويعرض عن محاسنهم الطافحة، فلا يستوعبها.وإذا ظفر لأحد منهم بغلطة ذكرها. وكذلك فعله في أهل عصرنا إذا لم يقدر على أحد منهم بتصريح يقول في ترجمته: والله يصلحه، ونحو ذلك. وسببه المخالفة في العقائد. ـــــــــــــــــــــــ (1) طبقات الشافعية الكبرى 9: 103 ـ 104 في ترجمة محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز. -[ 34 ]- والحال في حق شيخنا الذهبي أزيد مما وصف، وهو شيخنا ومعلمنا، غير أن الحق أحق أن يتبع، وقد وصل من التعصب المفرط إلى حدّ يُسخر منه. وأنا أخشى عليه يوم القيامة مِن غالب علماء المسلمين وأئمتهم الذين حملوا لنا الشريعة النبوية، فإنّ غالبهم أشاعرة، وهو إذا وقع بأشعري لا يبقي ولا يذر. والذي أعتقده أنهم خصماؤه يوم القيامة عند مَن لعلّ أدناهم عنده أوْجَه منه. فالله المسؤول أن يخفف عنه، وأن يلهمهم العفو عنه، وأن يشفعهم فيه. والذي أدْرَكْنا عليه المشايخ النهيُ عن النظر في كلامه، وعدم اعتبار قوله. ولم يكن يستجرئ أن يظهر كتبه التاريخية إلا لمن يغلب على ظنه أنه لا ينقل عنه ما يعاب عليه. وأما قول العلائي (رحمه الله): دينه وورعه وتحريه فيما يقوله. فقد كنت أعتقد ذلك، وأقول عند هذه الأشياء إنه ربما اعتقدها دينًا. ومنها أمور أقطع بأنه يعرف بأنها كذب، وأقطع بأنه لا يختلقها، وأقطع بأنه يحب وضعها في كتبه لتنتشر، وأقطع بأنه يحب أن يعتقد سامعها صحتها، بغضاً للمتحدث فيه، وتنفيراً للناس عنه. مع قلة معرفته بمدلولات الألفاظ، ومع اعتقاده أن هذا مما يوجب نصر العقيدة التي يعتقدها هو حق، ومع عدم ممارسته لعلوم الشريعة. غير أني لما أكثرت بعد موته النظر في كلامه عند الاحتياج إلى النظر فيه توقفت في تحرِّيه فيما يقوله، ولا أزيد على هذا غير الإحالة على كلامه. فلينظر كلامه مَن شاء، ثم يبصر هل الرجل متحرّ عند غضبه أو غير متحر؟ وأعني بغضبه وقت ترجمته لواحد من علماء المذاهب الثلاثة المشهورين من الحنفية والمالكية والشافعية، فإني اعتقد أن الرجل كان إذا مدّ القلم لترجمة أحدهم غضب غضباً مفرط، ثم قرطم الكلام ومزقه، وفعل من التعصب -[ 35 ]- مالا يخفى على ذي بصيرة. ثم هو مع ذلك غير خبير بمدلولات الألفاظ كما ينبغي، فربما ذكر لفظة من الذم لو عقل معناها لما نطق بها. ودائماً أتعجب من ذكره الإمام فخر الدين الرازي في كتاب الميزان في الضعفاء، وكذلك السيف الآمدي، وأقول: يالله العجب! هذان لا رواية لهما، ولا جرحهما أحد، ولا سمع من أحد أنه ضعفهما فيما ينقلانه من علومهما، فأي مدخل لهما في هذا الكتاب؟! ثم إنا لم نسمع أحدا يسمى الإمام فخر الدين بالفخر، بل إما الإمام وإما ابن الخطيب، وإذا ترجم كان في المحمدين، فجعله في حرف الفاء، وسماه الفخر. ثم حلف في آخر الكتاب أنه لم يتعمد فيه هوى نفسه. فأيّ هوى نفس أعظم مِن هذا؟! فإما أن يكون ورّى في يمينه، أو استثنى غير الرواة، فيقال له: فلم ذكرت غيرهم. وإما أن يكون اعتقد أن هذا ليس هوى نفس. وإذا وصل إلى هذا الحد - والعياذ بالله- فهو مطبوع على قلبه" (1). وقال أيضاً: "وأما تاريخ شيخنا الذهبي غفر الله له، فإنه - على حسنه وجمعه - مشحون بالتعصب المفرط. لا واخذه الله. فلقد أكثر الوقيعة في أهل الدين، أعني: الفقراء الذين هم صفوة الخلق، واستطال بلسانه على كثير من أئمة الشافعيين والحنفيين، ومال فأفرط على الأشاعرة، ومدح فزاد في المجسمة. هذا وهو الحافظ المدره، والإمام المبجل، فما ظنك بعوام المؤرخين؟! فالرأي عندنا ألا يقبل مدح ولا ذم من المؤرخين، إلا بما اشترطه إمام الأئمة وحبر الأمة - وهو الشيخ الإمام الوالد (رحمه الله) - حيث قال - ونقلته من خطه في مجاميعه -: ولقد وقفت في تاريخ الذهبي (رحمه الله) على ترجمة الشيخ الموفق بن قدامة الحنبلي، والشيخ فخر الدين بن عساكر. وقد ـــــــــــــــــــــــ (1) طبقات الشافعية الكبرى 2: 13 ـ15، 22ـ 24 قاعدة في الجرح والتعديل: في ترجمة أحمد بن صالـح المصري. -[ 36 ]- أطال تلك وقصر هذه، وأتى بما لا يشك لبيب أنه لم يحمله على ذلك إلا أن هذا أشعري وذاك حنبلي. وسيقفون بين يدي رب العالمين" (1). وهناك كلمات أخر للسبكي لا يسعها المقام.
كلام القنوجي والسخاوي في الذهبي وقال السخاوي: "وقد قارن حافظ الشام ابن ناصر الدين بين الذهبي والبرزالي والمزي فحكم للمزي بالتفوق في معرفة رجال طبقات الصدر الأول، وللبرزالي في العصرين ومن قبلهم من الطبقات القريبة منهم، وللذهبي في الطبقات المتوسطة بينهم تأييداً لقول بعض مشايخه على أن الأهواء قلما تتغلب على المزي والبرزالي في تراجم الناس، بخلاف الذهبي. وقد انتقده على خطته في تراجم الناس انتقاداً مرّاً الحافظ ابن المرابط محمد ابن عثمان الغرناطي، والتاج ابن السبكي، ونسباه إلى التعصب المفرط. ولا تخلو خطته في التراجم من ذلك. لاسيما في تراجم الحشوية ومخالفيهم..." (2). وإذا كان هذا حاله مع مَن يوافقه في المذهب ممن على خلاف هواه، فكيف يكون حاله مع الشيعة؟! بل يظهر نصبه بوضوح لمن تصفح كتبه. ويأتي بعض شواهد ذلك. حتى قال أحمد بن الصديق المغربي: "ولكن الذهبي إذا رأى حديثاً في فضل علي (عليه السلام) بادر إلى إنكاره بحق وبباطل، حتى كأنه لا يدري ما يخرج من رأسه سامحه الله" (3). ـــــــــــــــــــــــ (1) طبقات الشافعية الكبرى 2: 13 ـ15، 22ـ 24 قاعدة في الجرح والتعديل: في ترجمة أحمد بن صالـح المصري. (2) هامش ذيل تذكرة الحفاظ للكوثري: 35ـ36 نقلاً عن السخاوي في الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التواريخ. (3) فتح الملك العلي: 50. -[ 37 ]- وسيأتي إن شاء الله تعالى في كلماتهم الآتية في الطعون العامة الطعن من بعضهم في رجال آخرين غير من تقدم. | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: رد: (في رحاب العقيدة)للسيد الحكيم.مفصّل سهل التناول السبت يوليو 21, 2012 6:58 am | |
| الطعون العامة القسم الثاني: الطعون العامة التي تَسْلب الثقةَ بعامّة أهل الجرح والتعديل مِن الجمهور، لاختلاط الأمر بسببها..
طعن الأقران بعضهم في بعض (منه): طعن الأقران بعضهم في بعض بهوى، حيث يظهر شيوعه فيهم، فقد سبق مِن الحسن بن محمد بن جابر أن محمد بن يحيى الذهلي تكلم في البخاري حسداً له.. وسبق مِن ابن حجر أنّ أبا نعيم قد تكلم في ابن مندة بهوى، وأن ابن مندة قد تكلم فيه بكلام فظيع لا يحب ذكره. ومع ذلك هما عنده معاً مقبولان. وقال في تتمة حديثه المتقدم هناك: "كلام الأقران بعضهم في بعض لا يُعْبَأ به، ولاسيما إذا لاح لك أنه لعداوة، أو لمذهب، أو لحسد، لا ينجو منه إلا مَن عصم الله.. وما علمتُ أنّ عصراً مِن الأعصار سلم أهله مِن ذلك، سوى النبيين والصديقين. ولو شئت لسردت مِن ذلك كراريس" (1). وقال أيضاً في الحديث عن عمرو بن علي، بعد أن نسب لعلي بن المديني التحامل عليه: "قال الحاكم: وقد كان عمرو بن علي أيضاً يقول في علي بن المديني. وقد أجلّ الله تعالى محلهما جميعاً عن ذلك. يعني: أن كلام الأقران غير معتبر في حق بعضهم بعضًا، إذا كان غير مفسر لا يقدح" (2). ويأتي له كلام آخر يتضمن ذلك. وقال الذهبي: "وهذا كثير مِن كلام الأقران بعضهم في بعض، ينبغي ـــــــــــــــــــــــ (1) لسان الميزان 1: 201 في ترجمة أحمد بن عبدالله الحافظ أبي نعيم الأصبهاني. (2) تهذيب التهذيب 8: 71 في ترجمة عمرو بن علي بن بحر بن كنيز الباهلي. -[ 38 ]- أن يُطْوَى، ولا يُرْوَى، ويُطرح، ولا يُجعل طعنًا ويعامل الرجل بالعدل والقسط" (1). وقال أيضاً في الحديث عن ابن أبي داود، وهو الذي تكلم في حديث غدير خم (2)، بل أنكره (3): "قال أحمد بن يوسف الأزرق: سمعت أبا بكر ابن أبي داود يقول: كل الناس منّي في حل إلا مَن رماني ببغض علي (عليه السلام). قال الحافظ ابن عدي: كان في الابتداء يُنسَب إلى شيء مِن النصب، فنفاه ابن الفرات من بغداد إلى واسط، فرده ابن عيسى، فحدث وأظهر فضائل علي... قلت: كان شهماً قوي النفس. وقع بينه وبين ابن جرير وبين ابن صاعد وبين ابن عيسى الذي قربه. قال محمد بن عبدالله القطان:كنت عند ابن جرير، فقيل: ابن أبي داود يقرأ على الناس فضائل الإمام علي. فقال ابن جرير: تكبيرة من حارس. قلت: لا يسمع هذا من ابن جرير، للعداوة الواقعة بين الشيخين" (4). وقال الذهبي أيضاً: "ابن أبي داود الحافظ العلامة قدوة المحدثين أبو بكر عبد الله بن الحافظ الكبير أبي داود... وأما كلام أبيه فيه فلا أدري أيش تبين له منه... وسمعت علي بن عبد الله الداهري: سمعت محمد بن أحمد بن عمرو: سمعت علي بن الحسين بن الجنيد: سمعت أبا داود يقول: ابني عبد الله كذاب. ثم قال ابن عدي: وكان ابن صاعد يقول: كفانا أبوه بما قال فيه... قلت: لا ينبغي سماع قول ابن صاعد فيه. كما لم نعتد بتكذيبه لابن صاعد. وكذا لا يسمع قول ابن جرير فيه. فإن هؤلاء بينهم عداوة ـــــــــــــــــــــــ (1) الرواة الثقات المتكلم فيهم بما لا يوجب ردهم: 24. (2) سير أعلام النبلاء 14: 274 في ترجمة محمد بن جرير. تذكرة الحفاظ 2: 713 في ترجمة محمدبن جرير بن يزيد بن كثير. (3) معجم الأدباء 18: 84 في ترجمة محمد بن جرير الطبري. (4) سير أعلام النبلاء 13: 230 في ترجمة أبي بكر السجستاني. -[ 39 ]- بيِّنة. فقِفْ في كلام الأقران بعضهم في بعض. وأما قول أبيه فيه فالظاهر أنه إنْ صحّ عنه فقد عنى أنه كذاب في كلامه. لا في الحديث النبوي. وكأنه قال هذا وعبدالله شاب طري، ثم كبر وساد" (1). وقال أيضاً: "وذكر البخاري هنا فصلاً حسناً عن رجاله، وإبراهيم ابن سعد وصالـح ابن كيسان، فقد أكثرا عن ابن إسحاق. قال البخاري: ولو صحّ عن مالكٍ تناولُه مِن ابن إسحاق فلربما تكلم الإنسان فيرمي صاحبه بشيء واحد، ولا يتهمه في الأمور كله. قال: وقال إبراهيم بن المنذر عن محمد بن فليح: نهاني مالك عن شيخين من قريش، وقد أكثر عنهما في الموطأ. وهما ممن يحتج بهما. ولم ينج كثير من الناس من كلام بعض الناس فيهم، نحو ما يذكر عن إبراهيم من كلامه في الشعبي، وكلام الشعبي في عكرمة، وفيمَن كان قبلهم، وتناول بعضهم في العرض والنفس. ولم يلتفت أهل العلم في هذا النحو إلا ببيان وحجة. ولم تسقط عدالتهم إلا ببرهان ثابت وحجة. والكلام في هذا كثير. قلتُ: لسنا ندّعي في أئمة الجرح والتعديل العصمة من الغلط النادر، ولا مِن الكلام بنَفَس حادّ فيمَن بينهم وبينه شحناء وإحنة. وقد علم أن كثيراً من كلام الأقران بعضهم في بعض مهدر لا عبرة به، ولاسيما إذا وثق الرجل جماعة يلوح على قولهم الإنصاف. وهذان الرجلان (يعني: محمد بن فليح ومالك) كل منهما قد نال من صاحبه. لكن أثر كلام مالك في محمد بعض اللين، ولم يؤثر كلام محمد فيه ولا ذرة. وارتفع مالك، وصار كالنجم. فله ارتفاع بحسبه. ولا سيما في السير. وأما في أحاديث الأحكام فينحط حديثه فيها عن رتبة الصحة إلى رتبة الحسن، إلا فيما شذّ فيه، فإنه يعد منكر..." (2). ـــــــــــــــــــــــ (1) تذكرة الحفاظ 2: 767 ـ 772 في ترجمة ابن أبي داود. (2) سير أعلام النبلاء 7: 40 ـ 41 في ترجمة ابن إسحاق. -[ 40 ]- ومِن الظاهر أن هذا الطعن يرجع إلى ضعف دين الطاعن وقلة ورعه، فكيف يوثق بطعنه وجرحه، بل حتى بتوثيقه وتعديله؟! لأنه إذا لم يحجزه دينه عن طعن قرينه بهوى، عداوة وحسدًا، فهو لا يحجزه عن مدح مَن لا يستحق المدح وتعديله بهوى أيضًا، لإحسانه إليه، أو لأنه يأمل منه نفعاً أو لغير ذلك. كما لا يختص بالأقران، بل يجري في غيرهم، حتى ممن هو أسبق عصرًا، إذ لا يختص الحب والبغض بالأقران ولا المتعاصرين، كما لا يخفى.
الجرح لاختلاف المذهب أو الرأي أو السلوك (ومنه): الجرح والتضعيف لاختلاف المذهب أو الرأي والسلوك أو غير ذلك مما لا ينافي الوثاقة أيضًا. حيث يظهر منهم أيضاً شيوع ذلك مِن أهل الجرح والتعديل. فقد سبق كلامهم في أحمد بن حنبل فيمَن خالفه في مسألة خلق القرآن، وكلام ابن حبان في الجوزجاني، وأنه مِن صلابته في السنة ربما تعدى طوره. وكذلك كلام ابن حجر في الجوزجاني أيضًا. كما تقدم من الذهبي الحديث عن كلام يحيى بن معين في الشافعي، ومن السبكي وغيره في بيان مواقف الذهبي ممّن يخالفه في المذهب. وقال القرطبي عن الحارث الأعور الهمداني صاحب أمير المؤمنين (عليه السلام) : "رماه الشعبي بالكذب. وليس بشيء، ولم يَبِنْ مِن الحارث كذبٌ، وإنما نقم عليه إفراطه في حبّ عليٍّ، وتفضيله له على غيره. ومِن ههنا - والله أعلم - كذَّبه الشعبي، لأن الشعبي يذهب إلى تفضيل أبي بكر، وإلى أنه أول مَن أسلم. قال أبو عمر بن عبدالبر: وأظن الشعبي عوقب لقوله في الحارث الهمداني: حدثني الحارث، وكان أحد الكذابين" (1). وقال ابن حجر: "واعلم أنه قد وقع من جماعة الطعن في جماعة ـــــــــــــــــــــــ (1) تفسير القرطبي 1: 5. -[ 41 ]- بسبب اختلافهم في العقائد. فينبغي التنبه لذلك، وعدم الاعتداد به إلا بحق. وكذا عاب جماعة من الورعين جماعة دخلوا في أمر الدنيا، فضعفوهم لذلك. ولا أثر لذلك التضعيف مع الصدق والضبط. والله الموفق. وأبعد ذلك كله مِن الاعتبار تضعيفُ مَن ضعّف بعضَ الرواة بأمر يكون الحمل فيه على غيره، أو للتحامل بين الأقران. وأشد مِن ذلك تضعيف مَن ضعّف مَن هو أوثق منه، أو أعلى قدرًا، أو أعرف بالحديث. فكل هذا لا يعتبر به" (1). وقال السبكي: "ومما ينبغي أن يتفقد عند الجرح حال العقائد واختلافها بالنسبة إلى الجارح والمجروح، فربما خالف الجارحُ المجروحَ في العقيدة فجرحه لذلك. وإليه أشار الرافعي بقوله: وينبغي أن يكون المزكُّون براء من الشحناء والعصبية في المذهب، خوفاً من أن يحملهم ذلك على جرح عدل، أو تزكية فاسق. وقد وقع هذا لكثير من الأئمة، جرحوا بناء على معتقدهم وهم المخطئون والمجروح مصيب. وقد أشار شيخ الإسلام سيد المتأخرين تقي الدين ابن دقيق العيد في كتابه الاقتراح إلى هذا. وقال: أعراض المسلمين حفرة من حفر النار، وقَفَ على شفيرها طائفتان من الناس المحدثون والحكام. قلت: ومن أمثلة ما قدمنا قول بعضهم في البخاري: تركه أبو زرعة وأبو حاتم مِن أجل مسألة اللفظ. فيالله والمسلمين! أيجوز لأحد أن يقول: البخاري متروك، وهو حامل لواء الصناعة، ومقدّم أهل السنة والجماعة. ثم يالله والمسلمين أتجعل ممادحه مذامًّا؟! فإنّ الحق في مسألة اللفظ معه. إذ لا يستريب عاقل من المخلوقين في أن تلفظه من أفعاله الحادثة التي هي مخلوقة لله تعالى. وإنما أنكرها الإمام أحمد (رضي الله عنه) لبشاعة لفظه. ـــــــــــــــــــــــ (1) مقدمة فتح الباري 1: 385. -[ 42 ]- ومِن ذلك قول بعض المجسمة في أبي حاتم ابن حبان: لم يكن له كبيرَ دِين، نحن أخرجناه من سجستان، لأنه أنكر الحَدَّ لله. فياليت شعري مَن أحق بالإخراج مَن يجعل ربه محدودًا، أو مَن ينزهه عن الجسمية؟! وأمثلة هذا تكثر. وهذا شيخنا الذهبي (رضي الله عنه) مِن هذا القبيل له علم وديانة، وعنده على أهل السنة تحمل مفرط، فلا يجوز أن يعتمد عليه..." (1)... إلى آخر ما تقدم منه عن الذهبي.
لم يسلم أحد مِن الطعن حتى أئمة الجمهور وأضرابهم ولذا يظهر مِن كلماتهم أنه لم يسلم من الطعن أحد، حتى أئمة الجمهور وأضرابهم. فقد تقدم الطعن في الشافعي، وأحمد بن حنبل. وأكْثَرَ الخطيبُ البغدادي مِن ذكر كلمات الطاعنين في أبي حنيفة (2). وتقدم حديث الذهبي عن مالك. وقال أيضاً: "هذا مالك هو النجم الهادي بين الأمة، وما سلم من الكلام فيه. ولو قال قائل عند الاحتجاج بمالك فقد تكلم فيه، لَعُذر وأهين. وكذلك الأوزاعي ثقة حجة. وربما انفرد، ووهم. وحديثه عن الزهري فيه شيء مّا. وقد قال فيه أحمد بن حنبل: رأي ضعيف، وحديث ضعيف. وقد تكلف لمعنى هذه اللفظة. وكذا تكلم من لا يفهم في الزهري، لكونه خضب بالسواد، ولبس زي الجند، وخدم هشام بن عبدالملك. وهذا باب واسع. والماء إذا بلغ قلتين لم يحمل الخبث. والمؤمن إذا رجحت حسناته وقلت سيئاته فهو من المفلحين. هذا إن لو كان ما قيل في الثقة الرضي ـــــــــــــــــــــــ (1) طبقات الشافعية الكبرى 2: 12 ـ 13 في ترجمة أحمد بن صالـح المصري. (2) تاريخ بغداد 13: 369 ـ 453 في ترجمة النعمان بن ثابت. -[ 43 ]- مؤثر. فكيف وهو لا تأثير له؟!" (1). وبعد كلِّ ذلك كيف يتيسر جعلُ الضوابط المقبولة عقلائيًّا، والتي عليها المعيار شرعاً في الجرح والتعديل، ورد الحديث وقبوله؟!. ومِن الطريف ماسبق عن البخاري مِن أنّ العدالة لا تسقط إلا ببرهان ثابت وحجة، إذ أي حجة على سقوط العدالة أقوى مِن طعن الشخص على العادل ونيله منه بهوى، أو طعن الثقة العادل فيه؟! ولاسيما وأنّ إثبات العدالة للشخص هو الذي يحتاج إلى دليل قاطع لا شبهة فيه. ومثله قول الذهبي المتقدم: "والماء إذا بلغ..." فإنّ الحديث ليس عن الثواب والعقاب، ليقال: ((إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ)) (2)، والمؤمن إذا رجحت حسناته وقلت سيئاته فهو من المفلحين. وإنما المهم وثاقة الراوي وضبطه وعدمهما، وكيف يمكن إحرازهما مع ما سبق؟! وأطرف مِن ذلك تأويل الذهبي المتقدم لكلام أبي داود في ابنه عبدالله. إذ فتْح الباب لمثل هذه التأويلات يزيد في التباس الأمر، وضياع المعالم، وفقد الضوابط، كما هو ظاهر. ولنكتف بهذا المقدار من الحديث عن مطاعن أهل الجرح والتعديل، ونترك للمتتبع المزيد من ذلك. | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: رد: (في رحاب العقيدة)للسيد الحكيم.مفصّل سهل التناول السبت يوليو 21, 2012 7:55 am | |
| تعمُّد ترك جرح بعض أهل الحديث وإخفاء حالهم الأمر الثالث: أنه يظهر من بعض كلمات أهل الجرح والتعديل تعمد ترك جرح بعض الرواة وإخفاء حالهم صيانةً للحديث. ـــــــــــــــــــــــ (1) الرواة الثقات المتكلم فيهم بما لا يوجب ردهم: 25ـ 26. (2) سورة هود الآية: 114. -[ 44 ]- فهذا الحاكم ذكر أقسام التدليس - الذي يأتي شيوعه منهم - ثم قال: "قد ذكرت في هذه الأجناس الستة أنواع التدليس، ليتأمله طالب هذا العلم، فيقيس بالأقل على الأكثر. ولم استحسن ذكر أسامي مَن دلس من أئمة المسلمين صيانة للحديث ورواته" (1). وقال الذهبي: "وكذا لم اعتنِ بمَن ضُعّف مِن الشيوخ ممَن كان في المائة الرابعة وبعده. ولو فتحت هذا الباب لما سلم أحد، إلا النادر من رواة الكتب والأجزاء" (2). وقال أيضاً: "ثم من المعلوم أنه لابد من صون الراوي وستره. فالـحد الفاصل بين المتقدم والمتأخر هو رأس سنة ثلاثمائة. ولو فتحت على نفسي تليين هذا الباب لما سلم معي إلا القليل. إذ الأكثر لا يدرون ما يروون، ولا يعرفون هذا الشأن، إنما سمعوا في الصغر، واحتيج إلى علو سندهم في الكبر، فالعمدة [والعهدة] (3) على مَن قرأ لهم، وعلى مَن أثبت طباق السماع لهم، كما هو مبسوط في علوم الحديث" (4). ولا ندري كيف يكون صون الحديث النبوي الشريف بالستر على رواته المطعون فيهم؟! وكيف يمكن مع ذلك قبول حديث الذين يوثقهم أهل الجرح والتعديل إذا كان مِن طريقتهم تعمُّد إخفاء الطعون الثابتة عليهم، وكتمان ما يوجب جرحهم بنحو يعارض التوثيق، ويسقطه عن الحجية؟! ثم ألا يكون هذا تدليساً مِن أهل الجرح والتعديل الذين يفترض فيهم ذكر جميع ما يرد في الرجل مما له دخل في قبول روايته ورده؟! ـــــــــــــــــــــــ (1) معرفة علوم الحديث: 111. (2) المغني في الضعفاء: 4. (3) لسان الميزان 1: 9 عند ذكره خطبة الأصل. (4) ميزان الاعتدال 1: 115 في المقدمة.
-[ 45 ]- اضطراب موقف الجمهور إزاء ذوي الاتجاهات المختلفة الأمر الرابع: أن الجمهور يَرَوْن أنهم على حق، وأنهم المؤمنون، وأنّ غيرهم مِن فرق المسلمين مبدعون خارجون عن الحق. وهذا في الجملة أمر طبيعي، لأنّ كل فرقة مِن المسلمين ترى لنفسها ذلك. وإنما الكلام في أدلتها على دعواها، ولسنا الآن بصدد ذلك. كما أن الجمهور أيضاً يدَّعون أنهم وسط بين التشيع والنصب، بأقسامهم. وليس هذا مهماً إنما المهم هو موقفهم مِن روايات الفريقين وأحاديثهم. والذي نفهمه أنّ الأمر يدور بين منهجين.. الأول: أن يشترط في العمل بالحديث عدالة الراوي له - التي هي فرع الإيمان - ولا يُكتفى بتحرُّزه عن الكذب. ولازم ذلك عدم قبول الجمهور روايات الفرق الأخرى، وإنْ كان الراوي ثقة، مِن دون فرْق بين الشيعة بأقسامهم، والنواصب بأقسامهم، من العثمانية، والخوارج، وغيرهم. بل مقتضى ذلك أن كل صاحب عقيدة مِن الجمهور لا يعمل برواية مَن يخالفه في تلك العقيدة إذا كان يراه مبدعاً خارجاً عن الإيمان، كما تقدم من أحمد بن حنبل وغيره في حق مَن يخالفهم في مسألة خلق القرآن أو الرؤية أو غيرهم. الثاني: أن يُكتفَى في العمل بالحديث بوثاقة الراوي وتحرُّزه عن الكذب، مِن دون نظر إلى عقيدته، كما سبق أنه المشهور عند الشيعة.
يبدو مِن الجمهور أخذهم برواية الثقة وإنْ خالفهم في المذهب والذي يبدو مِن الجمهور عدم جريهم على الأول، لأنهم أكثروا مِن الرواية عمّن يخالفونه في الرأي، معلِّلين لذلك بأنه لولا ذلك لذهب جملة -[ 46 ]- مِن الآثار النبوية (1). وقال الجوزجاني: "وكان قوم من أهل الكوفة لا يحمد الناس مذاهبهم، هم رؤوس محدثي الكوفة، مثل أبي إسحاق، ومنصور، والأعمش، وزبيد بن الحارث اليامي، وغيرهم من أقرانهم. احتملهم الناس، لصدق ألسنتهم في الحديث" (2). وقال علي بن المديني: "لو تركت أهل البصرة لِحال القدر، ولو تركت أهل الكوفة لذلك الرأي - يعني التشيع - خربت الكتب".ويقول الخطيب البغدادي: "قوله: خربت الكتب. يعني: لذهب الحديث" (3)... إلى غير ذلك. ولكن مع ذلك يبدو منهم أمران لا يتناسبان مع الضابط المتقدم:
ترْكهم روايةَ الثقة نِكَايَةً به أو بمذهبه الأول: ترك بعض أهل الخلاف لهم، كالداعية في فرقته، والرافضي مطلقًا، أو إذا كان داعية، لا لعدم وثاقتهم، بل نكايةً بهم وبدعوتهم.. قال الذهبي: "ثم بدعة كبرى، كالرفض الكامل، والغلو فيه والحط على أبي بكر وعمر (رضي الله عنهم) والدعاء إلى ذلك. فهذا النوع لا يحتج بهم ولا كرامة" (4). وقال السيوطي: "الصواب أنه لا يقبل رواية الرافضة وساب ـــــــــــــــــــــــ (1) ميزان الاعتدال 1: 118 في ترجمة أبان بن تغلب. (2) أحوال الرجال: 78 ـ 80 في ترجمة فائد أبي الورقاء، واللفظ له. ميزان الاعتدال 3: 97 في ترجمة زبيد بن الحارث اليامي، وفيه: "وقال أبو إسحاق الجوزجاني ـ كعوائده في فظاظة عبارته ـ: كان من أهل الكوفة...". (3) الكفاية في علم الرواية: 129 باب ذكر بعض المنقول عن أئمة أصحاب الحديث في جواز الرواية عن أهل الأهواء والبدع. (4) ميزان الاعتدال 1: 118 في ترجمة أبان بن تغلب. -[ 47 ]- السلف... لأن سباب المسلم فسوق، فالصحابة والسلف من باب أولى... وقال ابن المبارك: لا تحدثوا عن عمرو بن ثابت، فإنه كان يسب السلف" (1). وقال ابن حجر في ترجمة يونس بن خباب الأسيدي: "وقال الدوري عن ابن معين: رجل سوء، وكان يشتم عثمان.... وقال الساجي: صدوق في الحديث تكلموا فيه من جهة رأيه السوء.... وقال ابن معين: كان ثقة وكان يشتم عثمان. وقال ابن شاهين في الثقات: قال عثمان بن أبي شيبة: يونس بن خباب ثقة صدوق. وقال ابن حبان: لا تحل الرواية عنه... وقال الحاكم أبو أحمد: تركه يحيى وعبد الرحمن. وأحسنا في ذلك، لأنه كان يشتم عثمان، ومن سب أحداً من الصحابة فهو أهل أن لا يروى عنه"(2). وروى الخطيب البغدادي بسنده عن عبدالله بن المبارك أنه قال: "سأل أبو عصمة أبا حنيفة ممّن تأمرني أن أسمع الآثار؟ قال: مِن كل عدل في هواه، إلا الشيعة - فإن أصل عقدهم تضليل أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) - ومَن أتى السلطان طائعًا. أما إني لا أقول إنهم يكذبونهم، أو يأمرونهم بما لا ينبغي، ولكن وطأوا لهم حتى انقادت العامة بهم. فهذان لا ينبغي أن يكونا من أئمة المسلمين" (3). لكنه كما ترى! فإنَّ التنكيل بصاحب الدعوة أو بدعوته لا يبرر طمس الحق الذي يحمله، وتضييع الآثار النبوية، خصوصاً مِن نقّاد الحديث الذين يفترض فيهم الأمانة فيه، والحفاظ عليه. ـــــــــــــــــــــــ (1) تدريب الراوي 1: 326 ـ 327 النوع الثالث والعشرون صفة من تقبل روايته وما يتعلق به. (2) تهذيب التهذيب 11: 385 في ترجمة يونس بن خباب الأسيدي. (3) الكفاية في علم الرواية: 126 باب ذكر بعض المنقول عن أئمة أصحاب الحديث في جواز الرواية عن أهل الأهواء والبدع، ومثله في مفتاح الجنة للسيوطي: 38. -[ 48 ]- موقف الجمهور غير المتوازن بين الشيعة والنواصب الثاني: الموقف غير المتوازن بين الشيعة والنواصب، فإنّ الجمهور أكثروا مِن الرواية عن النواصب - مِن العثمانية والخوارج - مع تصريحهم بنصبهم وسبِّهم لأمير المؤمنين (عليه السلام)، بل إغراقهم في ذلك. وقد أفرط بعضهم في توثيقهم. فعن أبي داود: "ليس في أصحاب الأهواء أصح حديثاً من الخوارج". ثم ذكر عمران بن حطان وأبا حسان الأعرج (1). أما العثمانية فقد اختلطوا بالجمهور حتى لا يكادون يتميزون عنهم، وما أكثر ما وصفوا الرجل بأنه كان شديداً في السنة وأغرقوا في الثناء عليه، وبالتعرف على حاله نراه زائغاً عن أهل البيت (صلوات الله عليهم) أموي النزعة، مغرقاً في ذلك. ووضوح ذلك يغني عن الاستطراد بذكر الشواهد. وقد تقدم بعضها. أما الشيعة فهم يَهْجرونهم غالباً أو مطلقاً ويرمونهم بقوارص القول. وإذاكان الطعن على الشيعة بأنهم ينالون من بعض الصحابة - كما سبق بعض ذلك - فإن النواصب ينالون من كثير من الصحابة أيضاً ممن لزموا أهل البيت (عليهم السلام) واهتدوا بهداهم. ويزيدون عليهم بنيلهم من أهل البيت (صلوات الله عليهم) وبغضهم لهم.
موقفهم من الخوارج بل الخوارج يكفرون صريحاً أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي هو سيد ـــــــــــــــــــــــ (1) الكفاية في علم الرواية: 130 باب ذكر بعض المنقول عن أئمة أصحاب الحديث في جواز الرواية عن أهل الأهواء والبدع. سير أعلام النبلاء 4: 214 في ترجمة عمران بن حطان. ميزان الاعتدال 5: 285 في ترجمة عمران بن حطان. تهذيب التهذيب 8: 113 في ترجمة عمران بن حطان. تهذيب الكمال 22: 323 في ترجمة عمران بن حطان. تدريب الراوي 1: 326 النوع الثالث والعشرون صفة من تقبل روايته وما يتعلق به. -[ 49 ]- أهل البيت (عليهم السلام) بلا منازع، وسيد الصحابة، أو من ساداتهم - على الأقل - ويعلنون هم والعثمانية لعنَه وسبَّه، وهو الذي سبق في جواب السؤال الرابع أن مَن سبَّه فقد سب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومن أبغضه فقد أبغض النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). وقد قال فيه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : "لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق" (1). وهو الذي قال أحمد بن حنبل في حقه: "ما بلغنا عن أحد مِن الصحابة ما بلغنا عن علي بن أبي طالب" (2). وفي لفظ آخر عنه: "ما جاء لأحد من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من الفضائل ما جاء لعلي بن أبي طالب (رضي الله عنه)". (3) وقال الزرقاني: "قال أحمد والنسائي وإسماعيل القاضي: لم يرد في حق أحد بالأسانيد الجياد ما ورد في حق عليٍّ"(4). ـــــــــــــــــــــــ (1) مسند أحمد 1: 95،128 مسند علي بن أبي طالب. فتح الباري 1: 63. المسند المستخرج على صحيح مسلم 1: 157. سنن الترمذي 5: 643 كتاب كتاب المناقب عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : باب بعد باب مناقب علي بن أبي طالب (رضي الله عنه). مجمع الزوائد 9: 133 كتاب المناقب: باب منه جامع فيمن يحبه ومن يبغضه. وغيرها من المصادر الكثيرة جد. ومثله في صحيح مسلم 1: 86 كتاب الإيمان: باب الدليل على أن حب الأنصار وعلي (رضي الله عنه) من الإيمان وعلاماته وبغضهم من علامات النفاق، وصحيح ابن حبان 15: 367 كتاب إخباره (صلى الله عليه وآله وسلم) عن مناقب الصحابة رجالهم ونسائهم بذكر أسمائهم (رضي الله عنهم أجمعين): ذكر الخبر الدال على أن محبة المرء علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) من الإيمان. وغيرها من المصادر الكثيرة جد. (2) فتح الباري 7: 74. (3) المستدرك على الصحيحين 3: 116 كتاب معرفة الصحابة: ومن مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) مما لم يخرجاه، واللفظ له. فيض القدير 4: 355. شواهد التنزيل للحسكاني 1: 27. تهذيب التهذيب 7: 297 في ترجمة علي بن أبي طالب. تاريخ دمشق 42: 418 في ترجمة علي بن أبي طالب. (4) شرح الزرقاني 1: 241، ومثله في الاستيعاب 3: 1115 في ترجمة علي بن أبي طالب (رضي الله عنه). -[ 50 ]- وقال النيسابوري: "لم يرد في حق أحد من الصحابة بالأحاديث الحسان ما ورد في حق علي" (1). وقد سبقهم إلى ذلك - فيما روي - عمرو بن العاص، الذي هو مِن المعدَّلِين عند الجمهور، فقد ذكروا ان رجلاً من همدان يقال له: برد، قدم على معاوية، فسمع عمراً يقع في علي، فقال له: "يا عمرو إن أشياخنا سمعوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: من كنت مولاه فهذا علي مولاه، فحق ذلك أم باطل؟ فقال عمرو: حق. وأنا أزيدك، أنه ليس لأحد من صحابة رسول الله له مناقب مثل مناقب علي، ففزع الفتى، فقال عمرو: إنه أفسدها بأمره في عثمان" (2). ومع كل ذلك فقد تقدم عن أبي داود في الخوارج ما تقدم، وخصوصاً عمران بن حطان، الذي مدح أشقى الآخرين قاتل أمير المؤمنين (عليه السلام) عبد الرحمن بن ملجم بقوله المشهور: يا ضربةً مِن تقيٍّ ما أراد بها *** إلا ليبلغ مِن ذي العرش رضوانا إني لأذكره يوماً فأحسبـــــه *** أوفى البرية عند الله ميزانا (3) حيث لم يمنع ذلك البخاري وغيره من الرواية عنه (4). ـــــــــــــــــــــــ (1) فيض القدير 4: 355. (2) الإمامة والسياسة 1: 97. (3) الإصابة 5: 303 في ترجمة عمران بن حطان، واللفظ له. المحلى 10: 484. سير أعلام النبلاء 4: 215 في ترجمة عمران بن حطان. (4) راجع صحيح البخاري كتاب اللباس 5: 2194 باب لبس الحرير وافتراشه للرجال وقدر ما يجوز منه، و: 2220 باب نقض الصور، وصحيح ابن حبان 11: 439 كتاب القضاء: ذكر الاخبار عن وصف مناقشة الله في القيامة الحاكم العادل إذا كان في الدني، ومجمع الزوائد 4: 192 كتاب الأحكام: باب في القضاء والسنن الكبرى للبيهقي 3: 266 كتاب صلاة الخوف: باب من له أن يصلي صلاة الخوف، وسنن أبي داود 4: 72 كتاب اللباس: باب في الصليب في الثوب، والسنن الكبرى للنسائي 5: 466 كتاب الزينة: لبس الحرير، وغيره. -[ 51 ]- كلام ابن حجر في توجيه الموقف غير المتوازن وقد اعترف ابن حجر العسقلاني بموقف الجمهور غير المتوازن من الشيعة والنواصب، وحاول الدفاع عنه، فقال: "وقد كنت استشكل توثيقهم الناصبي غالباً (1)، وتوهينهم الشيعة مطلقًا. ولاسيما أن علياً ورد في حقه: لا يحبه إلا مؤمن، ولا يبغضه إلا منافق. ثم ظهر لي في الجواب عن ذلك أن البغض ههنا مقيد بسبب، وهو كونه(عليًّا) نَصَرَ النبيَّ (صلى الله عليه وآله وسلم). لأنّ مِن الطبع البشري بغض مَن وقعت منه إساءة في حق المبغض، والحب بعكسه. وذلك ما يرجع إلى أمور الدنيا غالبًا،والخبر في حب علي وبغضه ليس على العموم. فقد أحبه مَن أفرط فيه، حتى ادعى أنه نبي، أو أنه إله. تعالى الله عن إفكهم. والذي ورد في حق علي مِن ذلك قد ورد مثله في حق الأنصار. وأجاب عنه العلماء أن بغضهم لأجل النصر كان ذلك علامة نفاقه، وبالعكس، فكذا يقال في حق علي. وأيضاً فأكثر مَن يوصف بالنصب يكون مشهوراً بصدق اللهجة والتمسك بأمور الديانة، بخلاف مَن يوصف بالرفض، فإن غالبهم كاذب، ولا يتورع في الاخبار.والأصل فيه أنّ الناصبة اعتقدوا أنّ علياً (رضي الله عنه) قتل عثمان، أو كان أعان عليه، فكان بغضهم له ديانة بزعمهم. ثم انضاف إلى ذلك أنّ منهم مَن قُتِلَت أقاربه في حروب علي" (2). ـــــــــــــــــــــــ (1) كذا في المصدر. لكن في كتاب العتب الجميل على أهل الجرح والتعديل: 35 نقلاً عن ابن حجر: (غالب). (2) تهذيب التهذيب 8: 410 في ترجمة لمازة بن زبار الأزدي. -[ 52 ]- وكلامه بطوله يرجع إلى أمرين:
الكلام حول ما تضمّن أنّ حبّ علي (عليه السلام) إيمان وبغضه نفاق الأمر الأول: محاولة حَمْل ما تضمن أن أمير المؤمنين (عليه السلام) لا يحبه إلا مؤمن، ولا يبغضه إلا منافق، على مَنْ يبغضه لأجل نصره لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، دون مَن يبغضه لا مِن أجل ذلك، بل لتَخَيُّل قتله (عليه السلام) لعثمان أو ممالأته عليه، أو لأنه قتل أقاربه في حروبه. وهو - كما ترى - حمْلٌ غريب، حيث لا خصوصية في ذلك لأمير المؤمنين (عليه السلام) بل يجري في كل مَن نصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مِن المؤمنين، مهما كان شأنه. بل حتى من الكفار والمشركين، كهشام بن عمرو بن الحارث، وزهير ابن أبي أمية المخزومي، وزمعة بن الأسود، وأبي البختري بن هشام، الذين سعوا في نقض الصحيفة القاطعة على بني هاشم بعدما حوصروا في الشعب (1). وكذا المطعم بن عدي، الذي سعى في نقضه، وأجار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حينما رجع من الطائف (2). فإنّ بغضهم مِن أجل نصرهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيما قاموا به نفاق. ـــــــــــــــــــــــ (1) تاريخ الطبري 1: 552 ذكر الخبر عما كان من أمر نبي الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عند ابتداء الله تعالى ذكره إياه بإكرامه بإرسال جبريل (عليه السلام) إليه بوحيه. السيرة النبوية 2: 219 ـ 220 حديث نقض الصحيفة. البداية والنهاية 3: 96 في نقض الصحيفة. الكامل في التاريخ 1: 604ـ605 ذكر أمر الصحيفة. وغيرها من المصادر. (2) تاريخ الطبري 1: 555 ذكر الخبر عما كان من أمر نبي الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عند ابتداء الله تعالى ذكره إياه بإكرامه بإرسال جبريل (عليه السلام) إليه بوحيه. الطبقات الكبرى 1: 212 ذكر سبب خروج رسول الله إلى الطائف. البدء والتاريخ 4: 155 قصة الجن الأولى. تهذيب الكمال 4: 507 في ترجمة جبير بن مطعم بن عدي. سير أعلام النبلاء 3: 95 في ترجمة جبير بن مطعم. التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة 1: 236 في ترجمة جبير بن مطعم. عون المعبود 7: 253. المنتظم 3: 15 رجوعه من الطائف. نيل الأوطار 8: 141. وغيرها من المصادر. -[ 53 ]- وحمْلُ هذه الأحاديث الكثيرة الواردة في حق أمير المؤمنين (عليه السلام) على ذلك تجريد لها عن معناها، إلى معنى مِن الوضوح بحدٍّ يكون معه بيانه عبثاً لا يُسْتحسَن، خصوصاً مِن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي أوتي الحكمة وفصل الخطاب. بل هو لا يتناسب مع تأكيد أمير المؤمنين (عليه السلام) على ذلك في خلافته، تعريضاً بمناوئيه ومحاربيه في مثل قوله (عليه السلام) : "لو ضربت خيشوم المؤمن بسيفي هذا على أن يبغضني ما أبغضني، ولو صببت الدنيا بحماتها على المنافق على أن يحبني ما أحبني. وذلك لأنه قضى فانقضى على لسان النبي الأمي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لي: يا علي لايبغضك مؤمن، ولايحبك منافق" (1)، ولا مع قول عمر لِمَن رآه يسبّ أميرَ المؤمنين (عليه السلام) : "إني أظنك منافقاً" (2). ولا مع تأكيد غير واحد من الصحابة على أنهم كانوا يعرفون المنافقين في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ببغضهم لأمير المؤمنين (عليه السلام) ـ (3). ـــــــــــــــــــــــ (1) ينابيع المودة 1: 152، واللفظ له. نهج البلاغة 4: 13. وقريب منه في تاريخ دمشق 42: 277 في ترجمة علي بن أبي طالب. (2) تاريخ بغداد 7: 452 في ترجمة الحسن بن يزيد بن معاوية بن صالـح. (3) سنن الترمذي 5: 635 كتاب كتاب المناقب: في باب لم يعنونه بعد باب مناقب علي بن أبي طالب (رضي الله عنه). المستدرك على الصحيحين 3: 139 كتاب معرفة الصحابة: ومن مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) مما لم يخرجاه: ذكر إسلام أمير المؤمنين علي (رضي الله عنه). حلية الأولياء 6: 295 في ترجمة جعفر الضبيعي. تذكرة الحفاظ 2: 673 في ترجمة عبيد الجعل. مجمع الزوائد 9: 132 كتاب المناقب: باب مناقب علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) : باب منه جامع فيمن يحبه ومن يبغضه. فضائل الصحابة لابن حنبل 2: 579 فضائل علي (عليه السلام) ،: 639 ومن فضائل علي (رضي الله عنه) من حديث أبي بكر بن مالك عن شيوخه غير عبدالله. المعجم الأوسط 2: 328، 4: 264. تاريخ دمشق 42: 285، 286،287،374 في ترجمة علي بن أبي طالب. الكامل في ضعفاء الرجال 5: 79 في ترجمة عمارة بن جوين. تاريخ بغداد 13: 153 في ترجمة مروان بن موسى البغدادي. موضح أوهام الجمع والتفريق 1: 49. تهذيب الأسماء: 318. وغيرها من المصادر. -[ 54 ]- لوضوح أنّ الذين كانوا يبغضونه (عليه السلام) لا يعلنون أنهم أبغضوه لنصرته لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، بل يعلم بأن كثيراً منهم إنما كانوا يبغضونه لخشونته في الحق، ولو أنه لانَ معهم وداهنهم لم يبغضوه. وفي حديث بريدة الذي كان يبغض أمير المؤمنين ويحب مَن أبغضه (1)، قال: "بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) علياً أميراً على اليمن، وبعث خالد ابن الوليد على الجبل، قال إن اجتمعتما فعلي على الناس.فالتقوا، وأصابوا من الغنائم مالم يصيبوا مثله. وأخذ علي جارية من الخمس. فدعا خالد بن الوليد بريدة، فقال: اغتنمه، فأخبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما صنع. فقدمت المدينة، ودخلت المسجد ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في منزله، وناس من أصحابه على بابه... فقالوا: ما أقدمك؟ قلت: جارية أخذها علي من الخمس، فجئت لأخبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). قالوا: فأخبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإنه يسقط من عين النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يسمع الكلام.فخرج مغضبًا، فقال: [ما بال أقوام ينتقصون عليًّا؟! مَن تنقص علياً فقد تنقصني، ومن فارق علياً فقد فارقني. إنّ علياً مني، وأنا منه، خُلق مِن طينتي، وخُلقت مِن طينة إبراهيم. وأنا أفضل من إبراهيم ((ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم)).يا بريدة أما علمت أنّ لعليٍّ أكثر من الجارية التي أخذ.،وأنه وليكم بعدي]. فقلت: يا رسول الله بالصحبة ألا بسطت يدك، فبايعتني على الإسلام جديدًا. قال: فما فارقته حتى بايعته على الإسلام" (2). ـــــــــــــــــــــــ (1) مجمع الزوائد 9: 127 كتاب المناقب: باب مناقب علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) : باب منه جامع فيمن يحبه ومن يبغضه. مسند أحمد 5: 350 حديث بريدة الأسلمي (رضي الله عنه). فضائل الصحابة لابن حنبل 2: 690 ومن فضائل علي (رضي الله عنه) من حديث أبي بكر بن مالك عن شيوخه غير عبدالله. فتح الباري 8: 66. نيل الأوطار 7: 110. (2) مجمع الزوائد 9: 128 كتاب المناقب: باب مناقب علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) : باب منه جامع فيمن يحبه ومن يبغضه، واللفظ له. المعجم الأوسط 6: 162. -[ 55 ]- وفي هذا الحديث دلالة على أن حب أمير المؤمنين (عليه السلام) ركنٌ من أركان الإسلام، حيث جدَّد بريدة البيعة على الإسلام بسببه. وفي حديثه الآخر: قال أبغضت علياً بغضاً لم أبغضه أحداً قط. قال: وأحببت رجلاً من قريش لم أحبه إلا على بغضه علياً (رضي الله عنه). قال: فبعث ذلك الرجل على جيش، فصحبته، ما صحبته إلا ببغضه علياً (رضي الله عنه)... فكتب الرجل إلى نبي الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقلت: ابعثني مصدقًا. قال: فجعلت أقرأ الكتاب، وأقول: صدق. قال: فأمسك يدي والكتاب، وقال: [أتبغض عليًّا؟] قال: قلت: نعم. قال: [فلا تبغضه، وإن كنت تحبه فازدد له حبًّا. فو الذي نفس محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بيده لَنَصِيبُ آل علي في الخمس أفضل من وصيفة...] (1). وفي حديث عمرو بن شاس الأسلمي، وكان ممّن شهد الحديبية، قال: خرجت مع علي (رضي الله عنه) إلى اليمن، فجفاني في سفري ذلك، حتى وجدت في نفسي عليه. فلما قدمت المدينة أظهرت شكايته في المسجد، حتى سمع بذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)... قال: [يا عمرو، والله لقد آذيتني]. قلت: أعوذ بالله من أذاك يا رسول الله. قال: [بلى. مَن آذى علياً فقد آذاني] (2). وفي حديث أبي رافع في قضية عمرو بن شاس هذا، قال: "فرجع ـــــــــــــــــــــــ (1) مجمع الزوائد 9: 128 كتاب المناقب: باب مناقب علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) : باب منه جامع فيمن يحبه ومن يبغضه. (2) مجمع الزوائد 9: 129 كتاب المناقب: باب مناقب علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) : باب منه جامع فيمن يحبه ومن يبغضه، واللفظ له. المستدرك على الصحيحين 3: 131 كتاب معرفة الصحابة: ومن مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) مما لم يخرجاه: ذكر إسلام أمير المؤمنين علي (رضي الله عنه). مسند أحمد 3: 483 حديث عمرو بن شاس الأسلمي (رضي الله عنه). الإصابة 4: 646 في ترجمة عمرو بن شاس الأسدي. فضائل الصحابة لابن حنبل 2: 579 فضائل علي (عليه السلام). تاريخ دمشق 42: 202،203 في ترجمة علي بن أبي طالب. وغيرها من المصادر. -[ 56 ]- وهو يذمّ علياً ويشكوه، فبعث إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال: [أخْبِرْنا عمرو، هل رأيتَ مِن عليٍّ جوراً في حكمه، أو أثرة في قسمه؟] قال: اللهم لا. قال: [فعلى ما تقول ما يبلغني؟] قال: بغضه لا أملكه. قال: فغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى عرف ذلك في وجهه، ثم قال: [مَن أبغضه فقد أبغضني، ومَن أبغضني فقد أبغض الله، ومَن أحبه فقد أحبني، ومَن أحبني فقد أحب الله تعالى] (1). وفي حديث سعد بن أبي وقاص، قال: كنت جالساً في المسجد أنا ورجلان معي، فنلنا مِن علي (رضي الله عنه)، فأقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) غضبان يعرف في وجهه الغضب، فتعوذت بالله مِن غضبه. فقال: [ما لكم وما لي. مَن آذى علياً فقد آذاني] (2)... إلى غير ذلك مما لا مجال لحمله على خصوص مَن أبغض أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) لنصرته للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
في أن أمير المؤمنين (عليه السلام) عَلَم يعرف به المؤمن من المنافق ومن هنا لا ريب في أنّ المراد بهذه الأحاديث ونحوها جُعِل أمير المؤمنين (عليه السلام) علماً يعرف به المؤمنون والمنافقون، خصوصاً بعد ارتحال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) للرفيق الأعلى، حيث تقبل الفتن وتختلط الأوراق. فيناسب ما صرَّحت به بعض الأحاديث الجارية هذا المجرى، كقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : "لولاك يا علي ما عرف المؤمنون بعدي" (3). ـــــــــــــــــــــــ (1) مسند البزار 9: 323 ما أسند أبو رافع مولى رسول الله (عليه السلام) عن رسول الله، واللفظ له. مجمع الزوائد 9: 129 كتاب المناقب: باب مناقب علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) : باب منه جامع فيمن يحبه ومن يبغضه. وغيرها من المصادر. (2) الأحاديث المختارة 3: 267 فيما رواه مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه (رضي الله عنهم)، واللفظ له. مجمع الزوائد 9: 129 كتاب المناقب: باب مناقب علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) : باب منه جامع فيمن يحبه ومن يبغضه. مسند أبي يعلى 2: 109 مسند سعد بن أبي وقاص. تاريخ دمشق 42: 204 في ترجمة علي بن أبي طالب. وغيرها من المصادر. (3) كنز العمال 13: 152 حديث:36477. -[ 57 ]- وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : "ستكون بعدي فتنة، فإذا كان ذلك فالزموا علي ابن أبي طالب، فإنه أول من يراني، وأول من يصافحني يوم القيامة. هو الصديق الأكبر. وهو فاروق هذه الأمة يفرق بين الحق والباطل. وهو يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب المنافقين" (1). وقال أبو رافع: "أتيت أبا ذر بالربذة أودعه. فلما أردت الانصراف قال لي ولأناس معي: ستكون فتنة، فاتقوا الله. وعليكم بالشيخ علي بن أبي طالب فاتبعوه، فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول له: أنت أول من آمن بي، وأول من يصافحني يوم القيامة، وأنت الصديق الأكبر، وأنت الفاروق الذي يفرق بين الحق والباطل. وأنت يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الكافرين. وأنت أخي ووزيري، وخير مَن أترك بعدي، تقضي ديني، وتنجز موعدي" (2). وهو المناسب لأحاديث أخر، مثل ما عن ابن عباس، قال: "لما نزلت: ((إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ)) وضع (صلى الله عليه وآله وسلم) يده على صدره فقال: أنا المنذر. ولكل قوم هاد، وأومأ بيده إلى منكب علي، فقال: أنت الهادي يا علي. بك يهتدي المهتدون بعدي" (3). وغيره. ونعود لابن حجر لنرى ما ساقه مؤيداً لحمْل الحديث على خلاف ظاهره، وهو عدة أمور، لا تخلو مِن طرافة.. ـــــــــــــــــــــــ (1) الاستيعاب 4: 1744 في ترجمة أبي ليلى الغفاري، واللفظ له. الإصابة 7: 354 في ترجمة أبي ليلى الغفاري. ميزان الاعتدال 1: 339 في ترجمة إسحاق بن بشر بن مقاتل. لسان الميزان 1: 357 في ترجمة إسحاق بن بشر بن مقاتل. (2) شرح نهج البلاغة 13: 228. (3) تفسير الطبري 13: 108، واللفظ له. تفسير ابن كثير 2: 503. فتح الباري 8: 376. روح المعاني 13: 108. الدر المنثور 4: 608.
-[ 58 ]- قتل أمير المؤمنين (عليه السلام) لآباء النواصب لا يسوغ بغضهم له 1 ـ (قال ابن حجر) :(أنّ مِن الطبع البشري بغض مَن وقعت منه إساءة في حق المبغض، والحب بالعكس!) وجوابه: أنّ الذين قتلهم أمير المؤمنين (عليه السلام) إنما قتلهم بأمر الله عزوجل، لأنهم أعداء الله تعالى، مشاقون له، خارجون عن حكمه، فيحرم على المؤمنين مودتهم، كما قال تعالى: ((لاتَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ)) (1). ويجب عليهم أن يحبوا أمير المؤمنين (عليه السلام)، لتنفيذه حكم الله تعالى فيهم. وإن لم يفعلوا فهم منافقون - كالذين أبغضوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لقتله أحبتهم - لأنهم يوادون مّن حاد الله تعالى، ويعادون من أحب الله تعالى، وأمضى حكمه. فبغضُ الناصبي لأمير المؤمنين (صلوات الله عليه) مِن أجل ذلك يؤكد نفاقه.
تخصيص الحديث لا يقتضي الخروج عن ظاهره 2 ـ (قال ابن حجر) : (أن الخبر في حب علي وبغضه ليس على العموم، فقد أحبه مَن كفر فيه بالله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) مِن الغلاة). وجوابه: أولاً: أن المراد بالحديث الشريف خصوص مَن يدعي الإسلام، لأنه الذي يوصف بالإيمان والنفاق، وينقسم إلى مؤمن وفاسق ومنافق، دون الكافر بأقسامه. وثانياً: أنه لو فرض عموم الحديث بَدْواً للكافر فاللازم الاقتصار في التقييد على صدره، والمتضمن إيمان من يُحبه، ويبقى ذيله المتضمن نفاق مَن يبغضه على إطلاقه، فيدل على نفاق النواصب، كما هو المدعى. ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة المجادلة الآية: 22. -[ 59 ]- ورود نظير ذلك في الأنصار لا يمنع مِن الاحتجاج به 3 ـ (قال ابن حجر) : ( أن المضمون المذكور قد ورد نظيره في الأنصار). وجوابه: أولاً: أنه لا مانع مِن البناء على جريان ذلك فيهم، فمَن أبغضهم كان منافق، مهما كان سبب بغضه لهم. كما سبق عن أمير المؤمنين (عليه السلام) عند التعرض لأحداث السقيفة في جواب السؤال الرابع. وهو الحال في كثير مِن منافقي قريش، خصوصاً مَن جاهرهم بالعداء، وجدّ في إيذاءهم والاستئثار عليهم، كمعاوية وعمرو بن العاص وأشباههم. نعم لابد مِن حمله على بغض جملتهم كمجموعة ذات عنوان خاص، دون الأفراد الشاذة، حيث لا ريب في وجود منافقين في الأنصار، يكون مقتضى الإيمان بغضهم، والبراءة منهم. وبالجملة: مشاركة الأنصار لأمير المؤمنين (صلوات الله عليه) في هذه الفضيلة لا يقتضي إبطاله. وثانياً: أنّ أَخْذ عنوان الأنصار في الأحاديث الواردة فيهم قد يُشْعِر بِعِلَّةِ بغْضِهم الذي هو علامة النفاق، نظير قولنا: مَن أحب المؤمنين حشر معهم، ومن أبغض الكفار سلم مِن معرتهم. بخلاف أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، فإنه ذُكِرَ باسمه مجرَّداً عن كل عنوان، وذلك يدل على كوْنِ بُغْضِه (عليه السلام) لذاته علامة النفاق. وثالثاً: أنه لو فرض - جدلاً - الاضطرار للتأويل في الحديث الوارد في الأنصار فذلك لا يبرر التأويل في الأحاديث الواردة في أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) بعد عدم الملزم بتأويله. ولاسيما بعد ما سبق من تعذر التأويل المذكور فيه. -[ 60 ]- دعوى: تدين النواصب وصدقهم بخلاف الروافض الأمر الثاني:قال ابن حجر: (أن أكثر من يوصف بالنصب مشهور بصدق اللهجة والتمسك بأمور الديانة، بخلاف من يوصف بالرفض، فإن غالبهم كاذب، ولا يتورع في الإخبار). وهذا مِن ابن حجر محتمل لوجهين.. الوجه الأول: أنْ يكون قد ساقه في جملة القرائن على حَمْل الحديث على خلاف ظاهره بدعوى: أنّ عدم مطابقة ظاهر الحديث للواقع القائم مُلْزِمٌ بالخروج عن ظاهره، وحمْله على ما سبق، حيث لا يمكن البناء على كون النواصب منافقين بعد ما هو المعلوم مِن أنهم أهل دين وعقيدة، ولا يكذبون في دعوى الإسلام، وإن كانوا مخطئين في عقيدتهم.
توضيح نفاق النواصب فإنْ كان مراده ذلك فجوابه: أنّ التدين الصحيح هو الذي يبتني على الإيمان بجميع ما أنزل الله تعالى وافترضه، مع الاهتمام الصادق بالوصول له والتعرف عليه، وذلك بالتجرد مِن التراكمات والأهواء والعصبيات، والنظر في جميع الحجج التي أقامها الله تعالى، بموضوعية كاملة، مِن أجل الوصول للواقع على ما افترضه الله سبحانه ورضيه.نظير ما إذا أصيب الإنسان الرشيد بمرض خطير، واهتم بالشفاء منه، حيث ينظر في سبل الشفاء، بجدية تامة، وموضوعية كاملة، ولا تتحكم العواطف والتعصب من أجل التزام الطرق غير العقلائية في ذلك. إذ لا ريب في أنّ السلامة في الدين وتحرّي رضا الله تعالى أهم مِن الشفاء والعافية في البدن. وهذا لو تمّ لوصل الناس كلهم للحقيقة، لأن الله عزوجل قد -[ 61 ]- أوضحه، وأتم الحجة عليها ((وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ)) (1)، وقد سبق إيضاح ذلك في جواب السؤال السادس. ولو فُرِض - جدلاً - خفاء بعض الحقائق التي هي المعيار في الإيمان والضلال، فلا ريب في وضوح بطلان عقيدة النصب بالنظر للأدلة الكثيرة، ولظروف ظهور هذه العقيدة، والأشخاص الذين رفعوها وروجوها، ودوافعها ومقارناتها، والطرق التي سلكوها لترويجها، وعمدتها المال والكذب، وغير ذلك مما يسهل التعرف عليه، خصوصاً في حق أهل العلم وحملة الحديث. أمّا أنْ يهوى الإنسان شيئاً ويتعصب له، ثم يؤمن بالدين بالمقدار الذي لا يضر بهواه، وبما يتعصب له، ويتجاهل ما عدا ذلك، بل يرفضه ويتعامى عن أدلته، ويتعمد اللجاجة والعناد فيها تكذيباً وتأويلاً، فهذا هو النفاق بعينه، إذ النفاق لا يتوقف على عدم الإيمان بالدين أصلاً، بل يكفي فيه عدم إيمان الإنسان بما لا يعجبه مِن الدين، وإنْ آمن بما لا يضر بهواه، أو بما ينفعه منه. وبالمناسبة يقول عبد الله بن أحمد بن حنبل: "سألتُ أبي عن علي ومعاوية. فقال: اعلم أن علياً كان كثير الأعداء، ففَتَّشَ له أعداؤه عيبًا، فلم يجدوا، فجاؤوا إلى رجل قد حاربه وقاتله، فأطروه كيداً منهم له" (2). فإنّ هذا كالصريح في أن بغض أعداء أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) الكثيرين له لا يبتني على حجّةٍ تُصَحِّح البغض، بل ولا ما يشبه ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة التوبة الآية: 115. (2) تاريخ الخلفاء: 199 في ترجمة معاوية بن أبي سفيان (رضي الله عنه) : فصل في نبذه وأخباره، واللفظ له. الصواعق المحرقة: 374 الباب الثامن في خلافة علي (كرم الله وجهه): الفصل الثالث في ثناء الصحابة والسلف عليه. فتح الباري 7: 104. تحفة الأحوذي 10: 231. -[ 62 ]- الحجة. وهل هذا إلا النفاق بعينه؟! ومِن هنا لا يصلـح صدق اللهجة والتدين الظاهر في النواصب - لو تم - دليلاً على عدم نفاقهم، والـخروج بها عن مفاد الأحاديث الكثيرة التي جعلت أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) عَلَماً للمسلمين، يفرق به بين الإيمان والنفاق، والحق والباطل، والهدى والضلال. ومِن الطريف أنْ يُعْرِض حملةُ الحديث مِن النواصب عمّا ورد مستفيضًا، بل متواترًا، في حق أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) - مما يناسب كونه علماً فارقاً بين الحق والباطل - ثم يُعلن بعضُهم بغضَه وسبَّه، محتجاً بأنه قتل آباءه أو أهله، ومع ذلك يحاول الآخرون الدفاع عنه بأنه صاحب دين وشبهة، لا يكون معها منافق. وأي نفاق أعظم مِن الإعراض عن الأحاديث الكثيرة الواردة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بسبب الانفعالات العاطفية نتيجة قتل الأحبة؟! الوجه الثاني: أنْ يكون قد ساقه توجيهاً لما هو المهم في المقام، وافتتح به كلامه مِن تفريق الجمهور بين الشيعة والنواصب، مع غض النظر عمّا تضمّن جعْلَ أمير المؤمنين (عليه السلام) عَلَماً يعرف به المؤمن مِن المنافق. وهو حينئذٍ يرجع إلى أمرين:
الكلام في أن بغض النواصب يبتني على الديانة 1 ـ أن بغض النواصب لأمير المؤمنين (عليه السلام) يبتني على الديانة والاعتقاد الخاطئ، مِن دون تمرد وعناد. لكن لم يصرح برأيه في التشيع والرفض. فإنْ كان يرى أنه ديانة أيضًا، لاعتماد الشيعة على أدلة يرون تماميتها وإن خالفهم هو في ذلك، فما الفرق إذاً بين النصب والتشيع، حتى وثق الجمهور النواصب غالب، ووهنوا -[ 63 ]- الشيعة مطلقًا؟ وإنْ كان يرى أن التشيع مِن الشيعة عناد متعمد، من دون شبهة دليل ولا تدين. فكفاه ذلك مكابرة وعناداً يقضي بالإعراض عن كلامه. إذ هل في شرع الإنصاف أن تعادل حجة النواصب بحجة الشيعة، أو تكون حجة النواصب أقوى من حجة الشيعة، فضلاً عن أن يكون النواصب أصحاب حجة ودين، والشيعة لا حجة لهم، ولا دين؟! ومِن الطريف أن ابن حجر - كسائر الجمهور - يصر على أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يرى شرعية خلافة مَن تقدم عليه، حتى عثمان، فإذا ادعى الشيعة أن أمير المؤمنين (عليه السلام) يرى عدم شرعية خلافتهم شدد ابن حجر في الإنكار عليهم، ورماهم بالعناد، وتعمد الشقاق، وعدم التدين، وأعرض عن روايتهم لذلك.أما إذا ادعى النواصب أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قتل عثمان أو مالأ عليه، فهو يخطؤهم، من دون أن يكونوا بنظره مشاقين معاندين، بل هم أهل دين معذورون، حقيقون بصدق اللهجة والتوثيق، وقبول الرواية! وأطرف من ذلك أن يكون من الدين عند ابن حجر والجمهور موالاة رؤوس النواصب الذين ضللوهم وأوقعوهم في هذا الخطأ العظيم، وهم معاوية وعمرو بن العاص ومن سار في فلكهم. وما عشت أراك الدهر عجبًا!
الكلام في أنّ أكثر مَن يوصف بالنصب مشهور بصدق اللهجة 2 ـ (أن أكثر من يوصف بالنصب مشهور بصدق اللهجة والتمسك بأمور الديانة، بخلاف من يوصف بالرفض، فإن غالبهم كاذب، لا يتورع في الإخبار). أما الأول(صدق النواصب وتدينهم) فهو المناسب لما أشرنا إليه مِن موقف الجمهور مع النواصب، -[ 64 ]- حيث خلطوهم بأنفسهم، وأكثروا الثناء عليهم، ودافعوا عن مواقفهم. مِن دون فرق بين الرؤوس الذين دعوا الناس إلى ذلك وحملوهم عليه - كمعاوية، وعمرو بن العاص، ومروان بن الحكم، ونحوهم - والأتباع. وأما الثاني(كذب الشيعة) فكم له مِن نظير في كلمات الجمهور. قال الذهبي عن التشيع المبني على الرفض: "فما استحضر الآن في هذا الضرب رجلاً صادقاً ولا مأمونًا، بل الكذب شعارهم، والتقية والنفاق دثارهم. فكيف يقبل نقل مَن هذا حاله؟! حاشا وكلا" (1). وقال أيضاً: "قال أشهب: سئل مالك عن الرافضة، فقال: لا تكلمهم، ولا تروِ عنهم، فإنهم يكذبون. وقال حرملة: سمعت الشافعي يقول: لم أر أشهد بالزور من الرافضة. وقال مؤمل بن اهاب: سمعت يزيد بن هارون يقول: يكتب عن كل صاحب بدعة إذا لم يكن داعية، إلا الرافضة، فإنهم يكذبون. وقال محمد بن سعيد بن الأصبهاني: سمعت شريكاً يقول: احمل العلم عن كل من لقيت إلا الرافضة، فإنهم يضعون الحديث، ويتخذونه ديناً" (2). وقال إبراهيم بن أبي شيبة: "لولا رجلان من الشيعة ما صح لهم حديث: عباد بن يعقوب، وإبراهيم بن محمد بن ميمون" (3).
السبب في تكذيب الجمهور للشيعة ولا يلامون على ذلك بعد ما سبق منا في جواب السؤال الثالث، مِن إعراض الجمهور عن أهل البيت (عليهم السلام) وميلهم إلى أعدائهم، إذ مِن الطبيعي حينئذٍ أنْ تضيق صدورهم مما يرويه الشيعة من فضائل أهل البيت (عليهم السلام) ومثالب ـــــــــــــــــــــــ (1) ميزان الاعتدال 1: 118 في ترجمة أبان بن تغلب. (2) ميزان الاعتدال 1: 146 في ترجمة إبراهيم بن الحكم بن ظهير الكوفي. (3) تهذيب التهذيب 5: 95 في ترجمة عباد بن يعقوب الرواجني. -[ 65 ]- أعدائهم، ويقطعون عليهم بالكذب والافتراء، فالناس أعداء ما جهلوا. | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: رد: (في رحاب العقيدة)للسيد الحكيم.مفصّل سهل التناول السبت يوليو 21, 2012 8:38 am | |
| بعض الطرائف في تكذيب الجمهور للشيعة ولهم في ذلك طرائف.. 1 ـ فقد تقدم أن يحيى بن معين كذب أبا الأزهر أحمد بن الأزهر، لأنه روى قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لأمير المؤمنين (عليه السلام) : "أنت سيد في الدنيا، سيد في الآخرة...".
تكذيب الشخص لأنه يروي مثالب معاوية 2 ـ وقال الذهبي: "إبراهيم بن الحكم بن ظهير الكوفي شيعي جلد. له عن شريك. قال أبو حاتم: كذاب. روى في مثالب معاوية، فمزقنا ما كتبنا عنه" (1). فانظر إلى أبي حاتم كيف كان يوثق إبراهيم بن الحكم حتى كتب عنه. لكنه لما روى مثالب معاوية قطع عليه بالكذب، فمزق ما كتب من حديثه. وكأن الضرورة قامت على أنّ معاوية خيرٌ لا شِرَّ فيه، حتى يقطع على مَن يروي مثالبه بالكذب! بينما تقدم قريباً عن أحمد بن حنبل في حق معاوية ما تقدم. بل أمره أظهر من ذلك.
حديث: "علمني ألف باب..." 3 ـ ويقول الذهبي أيضاً: "ابن حبان، حدثنا أبو يعلى، حدثنا كامل ابن طلحة، حدثنا ابن لهيعة، حدثني حيي بن عبدالله، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبدالله بن عمرو: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال في مرضه: ادعوا لي أخي. فدعي له أبو بكر، فأعرض عنه. ثم قال: ادعو لي أخي، فدعي له عثمان، فأعرض عنه، ثم دعي له علي، فستره بثوبه، وأكب عليه. فلما خرج ـــــــــــــــــــــــ (1) ميزان الاعتدال 1: 146 في ترجمة إبراهيم بن الحكم بن ظهير الكوفي. -[ 66 ]- من عنده قيل له: ما قال؟ قال: [علمني ألف باب، كل باب يفتح ألف باب]. (قال الذهبي) : هذا حديث منكر، كأنه موضوع" (1). ثم قال بعد كلام طويل: "فأما قول أحمد بن عدي في الحديث الماضي - علمني ألف باب يفتح كل باب ألف باب -: فلعلّ البلاء فيه من ابن لهيعة، فإنه مفرط في التشيع. فما سمعنا بهذا عن ابن لهيعة، بل ولا علمت أنه غير مفرط في التشيع، ولا الرجل متهم بالوضع. بل لعله أدخل على كامل، فإنه شيخ محله الصدق، لعل بعض الرافضة أدخله في كتابه ولم يتفطن هو. فالله أعلم" (2). فانظر إليهم كيف استنكروا الحديث، لأنه تضمن فضيلة لأمير المؤمنين (عليه السلام) زويت عن غيره. ولو انعكس الأمر لسارعوا للتصديق به. ثم لما لم يجد الذهبي مطعناً في سند الحديث ضاق صدره به، فبدلاً من أن يذعن له تشبث باحتمال أن يكون قد أُقْحِم مِن قبَل بعض الرافضة في كتاب (كامل) مِن دون أن يتفطن كاملٌ لذلك. وهكذا يتشبث الغريق بالطحلب! 4 ـ وأطرف من ذلك قوله: "الحسن بن محمد بن محمد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن زين العابدين علي بن الشهيد الحسين العلوي - ابن أخي أبي طاهر النسابة - عن إسحاق الدبري. روى بقلة حياء عن الدبري عن عبدالرزاق بإسناد كالشمس: [علي خير البشر]. وعن الدبري عن عبد الرزاق عن معمر عن محمد بن عبد الله الصامت عن أبي ذر مرفوع. قال: [علي وذريته يختمون الأوصياء إلى يوم الدين]. (قال الذهبي) : فهذان دالان على كذبه، وعلى رفضه (عفا الله عنه). وروى عنه ابن زرقويه وأبو علي بن شاذان. وما العجب مِن افتراء هذا العلوي، بل العجب مِن الخطيب، فإنه ـــــــــــــــــــــــ (1)، (2) سير أعلام النبلاء 8: 24 في ترجمة عبدالله بن لهيعة. -[ 67 ]- قال في ترجمته: أخبرنا الحسن بن أبي طالب، حدثنا محمد بن إسحاق القطيعي... عن جابر مرفوعاً: [علي خير البشر، فمن أبى فقد كفر]. ثم قال: هذا حديث منكر. ما رواه سوى العلوي بهذا الإسناد، وليس بثابت. قلت: فإنما يقول الحافظ: ليس بثابت في مثل خبر القلّتين، وخبر: الخال وارث. لا في مثل هذا الباطل الجلي. نعوذ بالله من الخذلان. مات العلوي سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة. ولولا أنه متهم لازدحم عليه المحدثون، فإنه معمّر" (1).
حديث: "علي خير البشر..." فانظر إليه كيف قطع بكذب الحديث الأول بهذا النحو الصارم، وكيف اعتبر الخطيب مخذولاً، لأنه لم يقطع بكذبه مثله، مع أن هذا المضمون قد روي بطرق أخر عن جماعة من الصحابة والتابعين (2)، ورفعه بعضهم للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (3). ـــــــــــــــــــــــ (1) ميزان الاعتدال في نقد الرجال 2: 272 ـ 273 في ترجمة الحسن بن محمد بن محمد بن يحيى. (2) راجع الفردوس بمأثور الخطاب 3: 62، وسير أعلام النبلاء 8: 205 في ترجمة شريك بن عبدالله، وميزان الاعتدال 2: 214 في ترجمة الحر بن سعيد النخعي، و 3: 374 في ترجمة شريك بن عبدالله، و 4: 77 في ترجمة عبدالله بن جعفر التغلبي، والكامل في ضعفاء الرجال 4: 10 في ترجمة شريك بن عبدالله بن الحارث، والمغني في الضعفاء 1: 155 في ترجمة الحر ابن سعيد النخعي، والثقات 9: 281 في ترجمة يوسف بن عيسى المروزي، وتاريخ دمشق 42: 372،373،374 في ترجمة علي بن أبي طالب، كنز العمال 11: 625 حديث:33045، 33046، وينابيع المودة 2: 273. (3) راجع الكامل في ضعفاء الرجال 4: 10 في ترجمة شريك بن عبدالله بن الحارث، والكشف الحثيث: 243 في ترجمة محمد بن علي بن عبدك الشيعي، ومن حديث خيثمة: 201، وتاريخ دمشق 42: 372،373 في ترجمة علي بن أبي طالب، والبداية والنهاية 7: 359 أحداث سنة أربعين من الهجرة: شيء من فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، والموضوعات لابن الجوزي 1: 348، وينابيع المودة 2: 78، 274. -[ 68 ]- وبعضُ المؤلفين مِن الجمهور يحاول ردَّه بضعف السند، وبعضهم يحاول تأويلَه وحمْلَه على أنه خير البشر في زمانه حين بيعة الناس له (1)، أو خير البشر بعد الخلفاء الثلاثة الذين تقدموا عليه (2)... إلى غير ذلك مما لا يناسب القطع بوضعه. مضافاً إلى أنه معتضد بكثير مِن الشواهد، مثل ما ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن أمير المؤمنين (عليه السلام) سيد المسلمين، أو المؤمنين (3)، وإمام المتقين (4)، وأنه أعظم الناس عند الله مزية (5). وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : "علي سيد العرب" (6). ـــــــــــــــــــــــ (1) الذهبي في ميزان الاعتدال 3: 374 في ترجمة شريك بن عبدالله، و: 396 في ترجمة صالـح بن أبي الأسود، وفي سير أعلام النبلاء 8: 205 في ترجمة شريك بن عبدالله. (2) الفردوس بمأثور الخطاب 3: 62. (3)، (4) تقدمت مصادرهما في جواب السؤال الرابع في 2: 184. (5) حلية الأولياء 1: 66 في ترجمة علي بن أبي طالب. ذخائر العقبى: 83 ذكر أنه أقضى الأمة. شرح نهج البلاغة 9: 173. كنز العمال 11: 617 حديث:32994. شواهد التنزيل للحسكاني 2: 468. المناقب للخوارزمي: 111. ينابيع المودة 1: 197، 2: 174. تاريخ دمشق 42: 58،59،371 في ترجمة علي بن أبي طالب. ميزان الاعتدال 2: 23 في ترجمة بشر ابن إبراهيم الأنصاري. لسان الميزان 2: 19 في ترجمة بشر بن إبراهيم الأنصاري. الموضوعات لابن الجوزي 1: 343. (6) المستدرك على الصحيحين 3: 133 وقال بعد ذكر الحديث: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وفي إسناده عمر بن الحسن وأرجو أنه صدوق ولولا ذلك لحكمت بصحته على شرط الشيخين وله شاهد من حديث عروة عن عائشة"،: 134 كتاب معرفة الصحابة: ومن مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) مما لم يخرجاه: ذكر إسلام أمير المؤمنين علي (رضي الله عنه). مجمع الزوائد 9 كتاب المناقب: باب مناقب علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) ـ: 116 باب في أفضليته (رضي الله عنه) ،: 131 باب منه جامع فيمن يحبه ومن يبغضه. المعجم الأوسط 2: 127. المعجم الكبير 3: 88 فيما رواه أبوليلى عن الحسن بن علي (رضي الله عنه). فيض القدير 3: 46. تاريخ دمشق 42: 304، 305، 306 في ترجمة علي بن أبي طالب. حلية الأولياء 1: 63 في ترجمة علي بن أبي طالب، 5: 38 في ترجمة أبي عبدالرحمن زبيد بن الحارث الأيامي. ميزان الاعتدال 5: 223 في ترجمة عمر بن الحسن الراسبي، 6: 430 في ترجمة المسيب بن عبدالرحمن. الكشف الحثيث: 194 في ترجمة عمر بن الحسن الراسبي. المغني في الضعفاء 2: 464 في ترجمة عمر ابن حسن الراسبي. تاريخ بغداد 11: 89 في ترجمة عبدالباقي بن أحمد بن عبدالله. العلل المتناهية 1: 216. كشف الخفاء 1: 561، 2: 93. وغيرها من المصادر. -[ 69 ]- وحديث الطائر المشوي الذي يأتي التعرض له قريبًا. وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) لابنته الصديقة فاطمة (صلوات الله عليه): "يا فاطمة أما ترضين أن الله عزوجل اطلع إلى أهل الأرض، فاختار رجلين أحدهما أبوك، والآخر بعلك" (1). وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : "لو لم يخلق علي ما كان لفاطمة كفؤ" (2)، وغير ذلك مما لا يسعنا استقصاؤه. كما روي عن عبد الله بن مسعود أنه قال: "كنا نتحدث أن أفضل أهل المدينة علي بن أبي طالب" (3)، وقال: "قرأت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سبعين سورة، وختمت القرآن على خير الناس علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)" (4)... إلى غير ذلك. ـــــــــــــــــــــــ (1) المستدرك على الصحيحين 3: 140 كتاب معرفة الصحابة: ومن مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) مما لم يخرجاه: ذكر إسلام أمير المؤمنين علي (رضي الله عنه)، واللفظ له. مجمع الزوائد 9: 112 كتاب المناقب: باب مناقب علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) : باب منه في منزلته ومؤاخاته. المعجم الكبير 11: 93، 94 فيما رواه مجاهد عن ابن عباس. تاريخ دمشق 42: 130، 135، 136 في ترجمة علي بن أبي طالب. الكشف الحثيث: 215 في ترجمة محمد بن أحمد بن سفيان. ميزان الاعتدال 4: 346 في ترجمة عبدالرزاق بن همام. الكامل في ضعفاء الرجال 5: 313 في ترجمة عبدالرزاق بن همام،: 331 في ترجمة عبدالسلام بن صالح. تاريخ بغداد 4: 195،196 في ترجمة أحمد بن صالـح. العلل المتناهية 1: 223،224، 225. وغيرها من المصادر. (2) ينابيع المودة 2: 67، واللفظ له،: 80، 244، 286. (3) مجمع الزوائد 9: 116 كتاب المناقب: باب مناقب علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) : باب في أفضليته (رضي الله عنه)، واللفظ له. فتح الباري 7: 58. فضائل الصحابة لابن حنبل 2: 604،646 فضائل علي (عليه السلام). (4) مجمع الزوائد 9: 116 كتاب المناقب: باب مناقب علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) : باب من أفضليته (رضي الله عنه)، واللفظ له. 9: 288 باب ما جاء في عبدالله بن مسعود (رضي الله عنه). المعجم الأوسط 5: 101. المعجم الكبير 9: 76 من مناقب ابن مسعود. -[ 70 ]- وقد تقدم قبل قليل عن أحمد بن حنبل قوله: "ما جاء لأحد من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من الفضائل ما جاء لعلي بن أبي طالب". وعن القاضي إسماعيل والنسائي وأبي علي وغيرهم: أنه لم يرد في حق أحد من الصحابة بالأسانيد الجياد - أو بالأحاديث الحسان - ما جاء في علي.
حديث: "علي وذريته يـختمون الأوصياء إلى يوم القيامة" وكذا الحال في الحديث الثاني، فإنَّ وصية أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مِن المشهورات في الحديث وفي أَلْسِنَة الصحابة والتابعين، كما تقدم في جواب السؤال الرابع. وإذا كان هو (عليه السلام) وصياً للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فليس عزيزاً أن تكون الوصية في ذريته من بعده، وبهم ختام الوصاية عن الأنبياء. ولا تفسير - مع كل ذلك - لموقف الذهبي الشديد من الحديثين الشريفين، ومن الشريف العلوي الراوي لهم، إلا التعصب.
حديث: "النظر إلى وجه علي (عليه السلام) عبادة" 5 ـ ومثله في ذلك قول ابن حبان: "الحسن بن علي بن زكريا أبو سعيد العدوي، مِن أهل البصرة، سكن بغداد. يروي عن شيوخ لم يرهم، ويضع على مَن رآهم الحديث. كان ببغداد في أحياء أيامنا، فأردت السماع منه للاختبار، فأخذت جزءاً من حديثه، فرأيته حدث عن أبي الربيع الزهراني ومحمد بن عبد بن الأعلى الصنعاني. قالا: حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن أبي بكر الصديق، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : النظر إلى وجه علي (عليه السلام) عبادة. وهذا شيء لا يَشُكّ عوام أصحاب الحديث أنه موضوع. ما روى -[ 71 ]- الصديق هذا الخبر قط، ولا الصديقة رواته، ولا عروة حدث به، ولا الزهري ذكره، ولا معمر قاله. فمَن وضعَ مثل هذا على الزهراني والصنعاني - وهما متقنا أهل البصرة - لبِالْحَرِيّ أن يُهْجَر في الروايات.
حديث الأمر بفرض الأولاد على حب أمير المؤمنين (عليه السلام) وروى عن أحمد بن عبدة الضبي، عن ابن عيينة، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: أمرنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن نفرض أولادنا على حب علي بن أبي طالب. (قال ابن حبان) : وهذا أيضاً باطل. ما أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بهذا مطلقًا، ولا جابر قاله، ولا أبو الزبير ولا ابن عيينة حدث به، ولا أحمد بن عبدة ذكر بهذا الإسناد. فالمستمع لا يشك أنه موضوع. فلم أذهب إلى هذا الشيخ، ولا سمعت منه شيئا..." (1). وقد يكون له وجهة نظره في ضعف سند الحديثين. أما القطع عليهما بالوضع فلا يتضح لنا سبب له غير النصب. ولاسيما وأن الحديث الأول روي بأسانيد متعددة (2)، ويناسبه أحاديث أخر (3)، أما الحديث الثاني فقد ورد م ـــــــــــــــــــــــ (1) المجروحين 1: 241 في ترجمة الحسن بن علي بن زكري. (2) راجع المستدرك على الصحيحين 3: 152 كتاب معرفة الصحابة: ومن مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) مما لم يخرجاه: ذكر إسلام أمير المؤمنين علي (رضي الله عنه)، والمعجم الكبير 10: 76 باب من روى عن بن مسعود أنه لم يكن مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ليلة الجن، وتاريخ دمشق 40: 9 في ترجمة عثمان بن عمرو بن عبدالرحمن بن الربيع، و 42: 350، 351، 352، 353، 355 في ترجمة علي بن أبي طالب، والفردوس بماثور الخطاب 4: 294، وحلية الأولياء 5: 58 في ترجمة سليمان بن مهران الأعمش، وميزان الاعتدال 6: 73 في ترجمة محمد بن إسماعيل بن موسى بن هارون، و: 445 في ترجمة مطر بن ميمون، و 7: 60 في ترجمة هارون بن حاتم الكوفي، و: 211 في ترجمة يحيى بن عيسى الرملي، ولسان الميزان 5: 80 في ترجمة محمد بن إسماعيل بن موسى، و 6: 177 في ترجمة هارون بن حاتم الكوفي، والكامل في ضعفاء الرجال 7: 218 في ترجمة يحيى بن عيسى، والكشف الحثيث: 219في ترجمة محمد بن إسماعيل بن موسى، و: 270 في ترجمة هارون ابن حاتم الكوفي، وكشف الخفاء 2: 421، وغيرها من المصادر. (3) تاريخ دمشق 58: 369 في ترجمة مطيع بن إياس بن أبي مسلم. الفردوس بمأثور الخطاب 2: 244. تاريخ بغداد 12: 351 في ترجمة الفضل بن دكين. -[ 72 ]- يشبهه في أحاديث أخر (1)، ويناسبه ما استفاض بل تواتر في حبه وبغضه (عليه السلام).
حديث الطائر المشوي 6 ـ وحديث الطير المشهور الذي صححه جمع من الحفاظ المتضمن أنه أهدي لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) طائر مشوي، فدعا الله تعالى أن يؤتيه بأحب خلقه إليه يأكله معه، فجاء أمير المؤمنين (عليه السلام) مرتين، فرده أنس خادم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، رجاء أن يأتي رجل من قومه من الأنصار، فينال هذه الفضيلة، وفي الثالثة أمره رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يفتح له الباب، فدخل (عليه السلام) وأكل معه (صلى الله عليه وآله وسلم) (2). ـــــــــــــــــــــــ (1) تاريخ دمشق 42: 287،288 في ترجمة علي بن أبي طالب. النهاية في غريب الحديث 1: 161 في مادة (بور). لسان العرب 4: 87 في مادة (بور). (2) راجع المستدرك على الصحيحين 3 كتاب معرفة الصحابة ومن مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) مما لم يخرجاه: ذكر إسلام أمير المؤمنين علي (رضي الله عنه) ـ: 142، و: 141 قال بعد ذكر الحديث: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وقد رواه عن أنس جماعة من أصحابه زيادة على ثلاثين نفساً ثم صحت الرواية عن علي وأبي سعيد الخدري وسفينة وفي حديث ثابت البناني عن أنس زيادة ألفاظ))، وتاريخ دمشق 42: 247، 248، 249،250، 251،252، 253، 254، 255، 256، 257، 258، 259 في ترجمة علي بن أبي طالب، و 45: 84 في ترجمة عمر بن صالـح بن عثمان، و 51: 59 في ترجمة محمد بن أحمد بن الطيب، وغيره، ومجمع الزوائد 9: 125،126 كتاب المناقب: باب مناقب علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) : باب في من يحبه أيضاً ويبغضه أو يسبه، والمعجم الأوسط 2: 207، و 6: 336، والمعجم الكبير 1: 253 ومما أسند أنس بن مالك (رضي الله عنه) وغيرها من المصادر الكثيرة. وروي مختصراً في سنن الترمذي 5: 636 كتاب كتاب المناقب:في باب لم يعنونه بعد باب مناقب علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، والسنن الكبرى للنسائي 5: 107 كتاب الخصائص: ذكر خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) : ذكر منزلة علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) من الله عز وجل، ومسند أبي حنيفة: 234، ومسند البزار 9: 287 فيما أسند سفينة عن النبي، والمعجم الكبير 7: 82 فيما رواه ثابت البجلي عن سفينة، 10: 282 فيما رواه علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه، والتاريخ الكبير 2: 2 في ترجمة أحمد بن يزيد ابن إبراهيم، وغيرها من المصادر الكثيرة. -[ 73 ]- هذا الحديث يقول عنه الذهبي: "وحديث الطير - على ضعفه - فله طرق جمة، وقد أفردتها في جزء، ولم يثبت، ولا أنا بالمعتقد بطلانه" (1). ويقول ابن كثير: "وبالجملة: ففي القلب من صحة الحديث هذا نظر، وإن كثرت طرقه" (2). وما أدري هل يقفان هذا الموقف منه لو ورد بهذه الطرق في حق غير أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) من الأولين؟! أما عبد الله بن أبي داود - الذي سبق عند الكلام في طعن الأقران بعضهم في بعض بهوى، أنه أنكر حديث الغدير - فقد أغرق في رد حديث الطير، حيث قال: "إن صح حديث الطير فنبوة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) باطلة، لأنه حكى عن حاجب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خيانة، وحاجب النبي لا يكون خائناً" (3). وقد رد الذهبي على هذه العبارة بشدة، حيث قال: "هذه عبارة رديئة، وكلام نحس، بل نبوة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) حق قطعي إن صح حديث الطير وإن لم يصح، وما وجه الارتباط؟!..." ثم استطرد ببيان هفوات بعض الصحابة. لكنه حاول التخفيف من جناية ابن أبي داود، بل مدحه، حيث قال: "وقد أخطأ ابن أبي داود في عبارته وقوله. وله على خطئه أجر واحد. وليس من شرط الثقة أن لا يخطئ، ولا يغلط، ولا يسهو. والرجل من كبار علماء الإسلام، ومن أوثق الحفاظ. (رحمه الله تعالى)ـ" (4). ـــــــــــــــــــــــ (1) سير أعلام النبلاء 13: 233 في ترجمة أبي بكر عبدالله بن سليمان بن الأشعث. (2) البداية والنهاية 7: 354 في أحداث سنة أربعين من الهجرة: حديث الطير. (3) الكامل في ضعفاء الرجال 4: 266 في ترجمة عبدالله بن سليمان بن الأشعث، واللفظ له. سير أعلام النبلاء 13: 232 في ترجمة أبي بكر عبدالله بن سليمان بن الأشعث. (4) سير أعلام النبلاء 13: 233 في ترجمة أبي بكر عبدالله بن سليمان بن الأشعث. -[ 74 ]- مع أنه هو الذي سبق من الذهبي نفسه - عند الكلام في طعن الأقران بعضهم ببعض بهوى - أن حكى طعن جماعة فيه، منهم أبوه، وأنه قال: "ابني عبدالله كذاب". فراجع. والحديث في ذلك طويل. وعلى هذه فقس ما سواه.
طرائف في تصديق الجمهور للنواصب وثناءهم عليهم كما أن لهم طرائف أيضاً في تصديق النواصب، والثناء عليهم، بما يناسب ما سبق من ابن حجر وغيره من التأكيد على صدق لهجتهم..
الجوزجاني 1 ـ فقد تقدم من ابن حبان عدّ الجوزجاني- الذي هو من رجال الجرح والتعديل عندهم - في الثقات، ومدحه بصلابته في السنة، إلا أنه من صلابته ربما يتعدى طوره. كما تقدم من ابن حجر الإنكار عليه في طعونه في جماعة من الناس.
2 ـ والمصعبي أحمد بن محمد بن عمرو بن مصعب المروزي ذكره الذهبي، ومدحه وأطراه، ثم قال: "قال الدارقطني كان حافظاً عذب اللسان مجرداً في السنة، والرد على المبتدعة. لكنه يضع الحديث. وقال ابن حبان: وكان ممن يضع المتون، ويقلب الأسانيد. لعله قد قلب على الثقات أكثر من عشرة آلاف حديث، كتبت منها أكثر من ثلاثة آلاف. وفي الآخر ادعى شيوخاً لم يرهم. سألته عن أقدم شيخ له، فقال: أحمد بن سيار. ثم حدث عن علي بن خشرم، فسيرت أنكر عليه، فكتب يعتذر إليّ. على أنه من أصلب أهل زمانه في السنة، وأبصرهم به، وأذبهم لحريمه، وأقمعهم لمن خالفه. نسأل الله الستر" (1). ـــــــــــــــــــــــ (1) تذكرة الحفاظ 3: 803 ـ 804 في ترجمة المصعبي الحافظ الأوحد أبي بشير أحمد بن محمد بن عمرو. -[ 75 ]- حريز بن عثمان الحمصي 3 ـ وحريز بن عثمان الحمصي الذي صرحوا بنصبه (1) ولعنه (2) لأمير المؤمنين (عليه السلام) وسبه (3)، وأنه كان يقول: لا أحب عليًّا، قتل آبائي (4). وقيل ليحيى بن صالـح: لِمَ لَمْ تكتب عن حريز؟ فقال: كيف أكتب عن رجل صليت معه الفجر سبع سنين، فكان لا يخرج من المسجد حتى يلعن علياً سبعين مرة (5). وقال ابن حبان: "وكان يلعن علي بن أبي طالب (رضوان الله عليه) بالغداة سبعين مرة، وبالعشي سبعين مرة، فقيل له في ذلك، فقال: هو القاطع رؤوس آبائي وأجدادي" (6). وهذا الرجل مع كل ذلك روى عنه البخاري (7). وقال ابن حجر: "وقال أحمد، وقد ذكر له حريز وأبو بكر بن أبي مريم وصفوان، فقال: ليس ـــــــــــــــــــــــ (1) الرواة الثقات المتكلم فيهم بما لا يوجب ردهم: 82 في ترجمة حريز بن عثمان. الكاشف 1: 319 في ترجمة حريز بن عثمان. (2) تاريخ دمشق 12: 348 في ترجمة حريز بن عثمان. (3) الضعفاء للعقيلي 1: 321 في ترجمة حريز بن عثمان. المجروحين 1: 268 في ترجمة حريز بن عثمان. تهذيب الكمال 5: 576 في ترجمة حريز بن عثمان. تاريخ بغداد 8: 267 في ترجمة حريز بن عثمان. تاريخ دمشق 12: 348 في ترجمة حريز بن عثمان. الأنساب للسمعاني 3: 51 في ترجمة الرحبي. (4) تهذيب الكمال 5: 575 في ترجمة حريز بن عثمان. سير أعلام النبلاء 7: 81 في ترجمة حريزبن عثمان. ميزان الاعتدال 2: 219 في ترجمة حريز بن عثمان. تهذيب التهذيب 2: 209 في ترجمة حريز بن عثمان. تاريخ بغداد 8: 267 في ترجمة حريز بن عثمان. تاريخ دمشق 12: 348 في ترجمة حريز بن عثمان. (5) تهذيب التهذيب 2: 209 في ترجمة حريز بن عثمان. تاريخ دمشق 12: 349 في ترجمة حريزبن عثمان. (6) المجروحين 1: 268 في ترجمة حريز بن عثمان، واللفظ له. تهذيب التهذيب 2: 209 في ترجمة حريز بن عثمان. (7) صحيح البخاري 3: 1302 كتاب المناقب: باب صفة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). -[ 76 ]- فيهم مثل حريز. ليس أثبت منه... وقال إبراهيم ابن الجنيد عن ابن معين: حريز، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وابن أبي مريم، هؤلاء ثقات. وقال ابن المديني: لم يزل من أدركناه من أصحابنا يوثقونه. وقال دحيم: حمصي جيد الإسناد، صحيح الحديث. وقال أيضاً: ثقة. وقال المفضل بن غسان: ثبت..." (1). وعن معاذ بن معاذ: "حدثنا حريز بن عثمان، ولا أعلم أني رأيت بالشام أحداً أفضله عليه" (2). وقال ابن عدي: "كان من ثقات الشاميين، وإنما وضع منه بغضه لعلي" (3). وعن أحمد:"حريز صحيح الحديث، إلا أنه يحمل على علي" (4). وعن عمرو بن علي أنه: "كان ينتقص علياً وينال منه، وكان حافظاً لحديثه" (5). وفي كلام له آخر قال: "ثبت، شديد التحامل على علي" (6). وقال ابن عمار: "يتهمونه أنه كان ينتقص عليًّا، ويروون عنه، ويحتجون به، ولا يتركونه" (7)... إلى غير ذلك مما قيل في حقه. ـــــــــــــــــــــــ (1) تهذيب التهذيب 2: 208 في ترجمة حريز بن عثمان. (2) تهذيب التهذيب 2: 208 في ترجمة حريز بن عثمان، واللفظ له. تهذيب الكمال 5: 572 في ترجمة حريز بن عثمان. تاريخ بغداد 8: 268 في ترجمة حريز بن عثمان. الكامل في ضعفاء الرجال 2: 451 في ترجمة حريز بن عثمان. (3) فتح الباري 1: 396. (4) تهذيب التهذيب 2: 208 في ترجمة حريز بن عثمان، واللفظ له. الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي 1: 197 في ترجمة حريز بن عثمان. الكامل في ضعفاء الرجال 2: 451 في ترجمة حريز ابن عثمان. تهذيب الكمال 5: 572 في ترجمة حريز بن عثمان. (5) تهذيب التهذيب 2: 208 في ترجمة حريز بن عثمان. (6) تهذيب التهذيب 2: 208 في ترجمة حريز بن عثمان. (7) تهذيب التهذيب 2: 208 في ترجمة حريز بن عثمان، واللفظ له. تهذيب الكمال 5: 575 في ترجمة حريز بن عثمان. تاريخ بغداد 8: 266 في ترجمة حريز بن عثمان. تاريخ دمشق 12: 347 في ترجمة حريز بن عثمان. -[ 77 ]- أما صدق لهجته فقد روي عن إسماعيل بن عياش أنه قال: "سمعت حريز بن عثمان يقول: هذا الذي يرويه الناس عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال لعلي: أنت مني بمنزلة هارون من موسى. حق، ولكن أخطأ السامع. قلت: فما هو؟ فقال: إنما هو: أنت مني بمنزلة قارون من موسى. قلت: عمن ترويه؟ قال: سمعت الوليد بن عبد الملك يقوله، وهو على المنبر" (1). وحكى الأزدي في الضعفاء: "أن حريز بن عثمان روى أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لما أراد أن يركب بغلته جاء علي بن أبي طالب فحل حزام البغلة، ليقع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) " (2). وعن الجوهري في كتاب السقيفة بسنده عن محفوظ قال: "قلت ليحيى بن صالح الوحاظي: قد رويت عن مشايخ من نظراء حريز، فما بالك لم تحمل عن حريز؟ قال: إني أتيته فناولني كتاب، فإذا فيه: حدثني فلان عن فلان... أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لما حضرته الوفاة أوصى أن تقطع يد علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فرددت الكتاب، ولم استحل أن أكتب عنه شيئاً" (3)!!
الفأفاء الذي كان ينشد الشعر في هجاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) 4 ـ وخالد بن سلمة بن العاص بن هشام المخزومي، المعروف بالفأفاء، قال ابن حجر: "قال أحمد وابن معين وابن المديني: ثقة. وكذا ـــــــــــــــــــــــ (1) تهذيب التهذيب 2: 209 في ترجمة حريز بن عثمان، واللفظ له. تهذيب الكمال 5 : 577 في ترجمة حريز بن عثمان. تاريخ بغداد 8: 268 في ترجمة حريز بن عثمان. تاريخ دمشق 12: 349 في ترجمة حريز بن عثمان. التطريف في التصحيف: 44. (2) تهذيب التهذيب 2: 209 في ترجمة حريز بن عثمان، واللفظ له. الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي 1: 197 في ترجمة حريز بن عثمان الرحبي. النصائح الكافية: 117. ورواه في شرح نهج البلاعة بتصحيف 4: 70. (3) شرح نهج البلاغة 4: 70. -[ 78 ]- قال ابن عمار ويعقوب بن شيبة والنسائي. ذكره ابن حبان في الثقات... وقال محمد بن حميد، عن جرير: كان الفأفاء رأساً في المرجئة. وكان يبغض عليًّا... وذكر ابن عائشة أنه كان ينشد بني مروان الأشعار التي هجي بها المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) " (1).
عكرمة مولى ابن عباس المشهور بالكذب 5 ـ وعكرمة مولى ابن عباس أثنى عليه ابن حجر ثناءً كثيراً وأطراه، وقال: "وتركه مسلم فلم يخرج له سوى حديث واحد في الحج مقروناً بسعيد بن جبير، وإنما تركه مسلم لكلام مالك فيه. وقد تعقب جماعة من الأئمة ذلك. وصنفوا في الذب عن عكرمة... فأما أقوال من وهاه فمدارها على ثلاثة أشياء: على رميه بالكذب، وعلى الطعن فيه بأنه كان يرى رأي الخوارج، وعلى القدح فيه بأنه كان يقبل جوائز الأمراء... فالوجه الأول فيه أقوال. فأشدها ما روي عن ابن عمر أنه قال لنافع: لا تكذب عليّ كما كذب عكرمة على ابن عباس. وكذا ما روي عن سعيد بن المسيب أنه قال ذلك لبرد مولاه... وقال جرير بن عبد الحميد عن يزيد بن أبي زياد: دخلت على علي بن عبد الله ابن عباس وعكرمة مقيد عنده، فقلت: ما لهذا؟ قال: إنه يكذب على أبي" (2). وروي عن ابن سيرين أنه قال فيه لما سئل عنه: "ما يسؤني أن يدخل الجنة، ولكنه كذاب" (3). وكذبه عطاء أيضاً (4). وكذا يحيى بن سعيد الأنصاري (5). وسعيد ـــــــــــــــــــــــ (1) تهذيب التهذيب 3: 83 في ترجمة خالد بن سلمة بن العاص. (2) مقدمة فتح الباري 1: 425 ـ 426. (3) مقدمة فتح الباري 1: 426. (4)، (5) مقدمة فتح الباري 1: 426. تهذيب التهذيب 7: 238 في ترجمة عكرمة البربري. -[ 79 ]- ابن جبير (1). وقال عثمان بن مرة: "قلت للقاسم: إن عكرمة قال كذا. قال يا ابن أخي إن عكرمة كذاب، يحدث غدوة بحديث يخالفه عشية" (2). وقال ابن حجر: "وقال ابن علية: ذكره أيوب، فقال: كان قليل العقل" (3). وذكر أن جنازته وجنازة كثير عزة اتفقتا عند باب المسجد بالمدينة، فشهد الناس جنازة كثير، وتركوا عكرمة، فما شهده إلا السودان (4). وقال ابن حجر أيضاً: "ونقل الإسماعيلي في المدخل أن عكرمة ذكر عند أيوب من أنه لا يحسن الصلاة، فقال أيوب: وكان يصلي؟!..." (5). ومع كل ذلك حاول ابن حجر الدفاع عنه وتصحيح حديثه (6).
خالد بن عبد الله القسري الخبيث الزنديق 6 ـ خالد بن عبد الله القسري - عامل بني أمية والمخنث (7)، الذي عرفت أسرته بالكذب (8) - ذكره ابن حبان في الثقات (9). وقال عنه الذهبي: صدوق (10). وروى عنه إسماعيل بن أبي خالد وحبيب بن أبي ـــــــــــــــــــــــ (1) تهذيب التهذيب 7: 238 في ترجمة عكرمة البربري. (2) مقدمة فتح الباري 1: 426. (3) تهذيب التهذيب 7: 238 في ترجمة عكرمة البربري. (4)، (5) تهذيب التهذيب 7: 240 في ترجمة عكرمة البربري. (6) تهذيب التهذيب 7: 234 ـ 241 في ترجمة عكرمة البربري. مقدمة فتح الباري 1: 426. (7) الأغاني 22: 11 في أخبار خالد بن عبدالله: تخنثه في حداثته. (8) الأغاني 22: 18 في أخبار خالد بن عبدالله: عرفت أسرته بالكذب. (9) 6: 256 في ترجمة خالد بن عبدالله القسري. (10) ميزان الاعتدال 2: 415 في ترجمة خالد بن عبدالله القسري. المغني في الضعفاء 1: 203 في ترجمة خالد بن عبدالله القسري. -[ 80 ]- حبيب الجرمي وحميد الطويل وإسماعيل بن أوسط بن إسماعيل البجلي وغيرهم (1). وأخرج له البخاري وأبو داود (2). وعن يحيى الحماني أنه قال: "قيل لسيار: تروي عن خالد! قال: إنه كان أشرف من أن يكذب" (3). وقد بلغ من نصبه أنه لما كان أمير العراق كان يلعن أمير المؤمنين (عليه السلام) فيقول: "اللهم العن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم، صهر رسول الله على ابنته، وأبا الحسن والحسين"، ثم يقبل على الناس فيقول: "هل كنيت؟" (4). واتخذ خالد طستاً في مسجد الكوفة ميضأة، وحفر لها قناة من الفرات، ثم أخذ بيد أسقف النصارى يمشي به في المسجد، حتى وقف على الطست، ثم قال للأسف [للأسقف.ظ]: ادع لنا بالبركة، فوالله لدعاؤك أرجى عندي من دعاء علي بن أبي طالب (5). وأتى محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان خالداً يستمنحه، فلم ير منه ما يحب، فقال: أما المنافع فللهاشميين، وأما نحن فما حبوتنا إلا شتمه ـــــــــــــــــــــــ (1) تهذيب التهذيب 3: 87 في ترجمة خالد بن عبدالله بن يزيد. (2) راجع تهذيب التهذيب 3: 87 في ترجمة خالد بن عبدالله بن يزيد، والمغني في الضعفاء 1: 203 في ترجمة خالد بن عبدالله القسري. (3) تهذيب التهذيب 3: 88 في ترجمة خالد بن عبدالله بن يزيد بن أسد القسري، واللفظ له. الجرح والتعديل 3: 340 في ترجمة خالد بن عبدالله القسري. سير أعلام النبلاء 5: 426 في ترجمة القسري. بغية الطلب في تاريخ حلب 7: 3072 في ترجمة خالد بن عبدالله بن يزيد. تاريخ دمشق 16: 138 في ترجمة خالد بن عبدالله بن يزيد. (4) شرح نهج البلاغة 4: 57 نقلاً عن الكامل للمبرد، واللفظ له. ورواه البلاذري بسنده في أنساب الأشراف 9: 59 في أمر خالد بن عبدالله القسري وغيره من ولاة العراق في أيام هشام. وذكر مثله في الأغاني 22: 25 في أخبار خالد بن عبدالله: كرهه لعلي بن أبي طالب. (5) أنساب الأشراف 9: 63 في أمر خالد بن عبدالله القسري وغيره من ولاة العراق في أيام هشام. -[ 81 ]- علياً على منبره. فبلغ ذلك خالد، فقال: إنْ أحب تناولنا له عثمان بشيء (1). وقال أبو الفرج الأصفهاني: "وقال: المدائني في خبره: وأخبرني ابن شهاب بن عبد الله، قال: قال لي خالد بن عبد الله القسري: اكتب لي النسب... واكتب لي السيرة، فقلت له: فإنه يمر بي الشيء من سير علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه)، فأذكره؟ فقال: لا، إلا أن تراه في قعر الجحيم" (2). ودخل عليه فراس بن جعدة بن هبيرة وبين يديه نبق، فقال له: العن علي بن أبي طالب، ولك بكل نبقة دينار، ففعل فأعطاه بكل نبقة ديناراً (3). وكان له عامل يقال له خالد بن أمي، وكان يقول: لخالد بن أمي أفضل أمانة من علي بن أبي طالب (4). ورأى يوماً عكرمة مولى ابن عباس، وعلى رأسه عمامة سوداء، فقال: إنه بلغني أن هذا العبد كان يشبه علي بن أبي طالب. وأني لأرجو أن يسود الله وجهه، كما سود وجه ذاك (5). وبلغ مِن استهتاره ما ذكر عن نافع مولى بني مخزوم، قال: "سمعت خالد بن عبد الله يقول على منبر مكة، وهو يخطب: أيها الناس، أيهما أعظم، أخليفة الرجل على أهله أم رسوله إليهم؟ والله لو لم تعلموا فضل الخليفة إلا أن إبراهيم خليل الرحمن استسقى فسقاه ملحاً ماءاً أجاجا، واستسقاه الخليفة فسقاه عذباً فراتاً" (6). ـــــــــــــــــــــــ (1) أنساب الأشراف 9: 89 في أمر خالد بن عبدالله القسري وغيره من ولاة العراق في أيام هشام. (2) الأغاني 22: 21 في أخبار خالد بن عبدالله: أعشى همدان يهجوه ويهجو أمه. (3)، (4) الأغاني 22: 22 في أخبار خالد بن عبدالله: أخبار عن زندقته. (5) الأغاني 22: 24 في أخبار خالد بن عبدالله: كرهه لعلي بن أبي طالب. (6) تاريخ الطبري 3: 678 في أحداث سنة تسع وثمانين، واللفظ له. أخبار مكة 3: 60 ذكر منبر مكة وأول من جعله وكيف كانوا يخطبون بمكة قبل أن يتخذ المنبر ومن خطب عليه. جمهرة خطب العرب 22: 322 خطب خالد بن عبدالله القسري. البداية والنهاية 9: 76 في أحداث سنة ثمان وثمانين. البدء والتاريخ 6: 41 بعد ذكر موت الحجاج. الكامل في التاريخ 4: 250 في أحداث سنة تسع وثمانين: ذكر ولاية خالد بن عبدالله القسري مكة. الأغاني 22: 24 في أخبار خالد بن عبدالله: تطاوله على الخلافة والنبوة. ومثله في أنساب الأشراف 9: 58 في أمر خالد ابن عبدالله القسري وغيره من ولاة العراق في أيام هشام، إلا أنه بدل إبراهيم إسماعيل. -[ 82 ]- وروي أن خالداً كان يقول: "زمزم لا تنزح ولا تذم. بلى والله إنها لتنزح وتذم. هذا أمير المؤمنين قد ساق لكم قناة بمكة من حالها وحالها" (1). وكان يسمي زمزم أم الجعلان (2)، وساق خالد الماء إلى مكة، فنصب طستاً إلى جانب زمزم، ثم خطب فقال: "قد جئتكم بماء الغادية لا يشبه ماء أم الخنافس،يعني: زمزم" (3). وكان يقول: والله لأمير المؤمنين أكرم على الله من أنبيائه (4). وقال: أيما أكرم عندكم على الرجل رسوله في حاجته، أو خليفته في أهله!. يعرض بأن هشاماً خير من النبي (5). وأمر خالد ببناء بيعة لأمه، فكلم في ذلك فقال: نعم يبنونه. فلعنهم الله إن كان دينها شراً من دينكم (6). واتخذ كنيسة لأمه في قصر الإمارة، وكانت امتنعت من القدوم عليه. فلم يزل بها حتى قدمت الكوفة، وأمر ـــــــــــــــــــــــ (1) أنساب الأشراف 9: 58 في أمر خالد بن عبدالله القسري وغيره من ولاة العراق في أيام هشام، واللفظ له. بغية الطلب في تاريخ حلب 7: 3085 في ترجمة خالد بن عبدالله بن يزيد. سير أعلام النبلاء 5: 429 في ترجمة القسري. تاريخ دمشق 16: 160 في ترجمة خالد بن عبدالله بن يزيد. (2) الأغاني 22: 22 في أخبار خالد بن عبدالله: أخبار عن زندقته. (3) أنساب الأشراف 9: 58 في أمر خالد بن عبدالله القسري وغيره من ولاة العراق في أيام هشام، واللفظ له. بغية الطلب في تاريخ حلب 7: 3085 في ترجمة خالد بن عبدالله بن يزيد. سير أعلام النبلاء 5: 429 في ترجمة القسري. تاريخ دمشق 16: 161 في ترجمة خالد بن عبدالله بن يزيد. (4) الأغاني 22: 23 في أخبار خالد بن عبدالله: تطاوله على الخلافة والنبوة. (5) الأغاني 22: 24 في أخبار خالد بن عبدالله: تطاوله على الخلافة والنبوة. (6) أنساب الأشراف 9: 60 في أمر خالد بن عبدالله القسري وغيره من ولاة العراق في أيام هشام. -[ 83 ]- المؤذنين أن لايؤذنوا حتى يضرب النصارى بنواقيسهم (1). وقال هشام بن الكلبي والهيثم بن عدي: "لما بنى خالد البيعة بالكوفة لأمه كتب نصارى البصرة إلى من كلم أمه، فكتبت إليه أن يبني لهم بالبصرة بيعة، فكتب إلى بلال يأمره ببنائها. فكتب بلال: إن أهل البصرة لا يقارّوني على ذلك. فكتب إليه: ابنها لهم، فلعنة الله عليهم إن كانوا شراً منهم دينًا. فبنى بيعة في اللبادين، فقال الفرزدق: بنى بيعة فيها الصليب لأمه *** وتهدم للبيعات فينا المساجد (2) ويقول البلاذري: "حدثني أبو مسعود الكوفي قال: بنى خالد لأمه بيعة هي اليوم بسكة البريد بالكوفة، وكانت أمه نصرانية، فقال الفرزدق: لعمري لئن كانت بجيلة زانه *** جرير لقد أخزى بجيلة خالـد بنى بيعة فيها الصليب لأمـه *** ولم تبن فينا إذ بناها المساجد ويروى: وتهدم للبيعات فينا المساجد" (3). وخطب أخو خالد إسماعيل بن عبد الله عند أبي العباس السفاح - ويقال: عند أبي الجهم بن عطية أحد رجال الدولة - فذم عمال بني أمية، والحجاج، وبني هبيرة، ويوسف بن عمر، ولم يذكر خالدًا. فقام بعض من حضر فقال: جزاك الله من خطيب خيرا، ذكرت أهل بيت اللعنة وعمالهم، وأحسنت في ذمهم، إلا أنك تركت خالدا، وهو ابن زوينية، اجتمع في بطن أمه الخمر ولحم الخنزير، وسلط أهل الذمة على المسلمات، فعلقوهن بثديهن، وبنى البيع غير متحرج ولا مرتاب. وقال ابن نوفل: ـــــــــــــــــــــــ (1) أنساب الأشراف 9: 63 في أمر خالد بن عبدالله القسري وغيره من ولاة العراق في أيام هشام. وقريب منه في الأغاني 22: 21 في أخبار خالد بن عبدالله: أعشى همدان يهجوه ويهجو أمه. (2) أنساب الأشراف 9: 63ـ64 في أمر خالد بن عبدالله القسري وغيره من ولاة العراق في أيام هشام. (3) أنساب الأشراف 9: 65 في أمر خالد بن عبدالله القسري وغيره من ولاة العراق في أيام هشام. -[ 84 ]- عليك أمير المؤمنين بخالد بنى بيعة فيها الصليب لأمه وعماله إن كنت تطلب خالد وخرب من بعد الصلاة المساجداا (1) وذكر المبرد أيضاً أنه كان يهدم المساجد ويبني الكنائس (2). وذكر البلاذري عن عمر بن قيس أنه سمع خالداً يقول حين أخذ سعيد بن جبير وطلق ابن حبيب بمكة: "كأنكم أنكرتم ما صنعت. والله لو كتب إليّ أمير المؤمنين أن أنقضها حجراً حجرا، لفعلت - يعني: الكعبة -" (3). وقال المدائني: "كان خالد يقول: لو أمرني أمير المؤمنين نقضت الكعبة حجراً حجر، ونقلتها إلى الشام" (4). وقال البلاذري: "وكلم في عامل له ضرب رجلا، وسئل أن يقتص منه، فقال: اقتص من العامل؟! فوالله لئن اقتصصت منه لأقص من نفسي، ولئن اقتصصت من نفسي ليقصن أمير المؤمنين من نفسه، ولئن أقص أمير المؤمنين من نفسه ليقصن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من نفسه، ولئن أقص رسول الله من نفسه ليقصن هاه هاه (يريده تبارك وتعالى)" (5). فكيف يُؤمَن الكذب مِن مثله ويكون مِن الثقات؟! ـــــــــــــــــــــــ (1) أنساب الأشراف 9: 89ـ90 في أمر خالد بن عبدالله القسري وغيره من ولاة العراق في أيام هشام. (2) الكامل في اللغة والأدب والنحو والتصريف 3: 812 هجاء الفرزدق لخالد بن عبدالله القسري ومدحه لعمر بن هبيرة. (3) أنساب الأشراف 9: 59 في أمر خالد بن عبدالله القسري وغيره من ولاة العراق في أيام هشام، واللفظ له. بغية الطلب في تاريخ حلب 7: 3085 في ترجمة خالد بن عبدالله بن يزيد. سير أعلام النبلاء 5: 429 في ترجمة القسري. وقريب منه في الأغاني 22: 23 في أخبار خالد ابن عبدالله: تطاوله على الخلافة والنبوة، والمتوارين 1: 60 تواري سعيد بن جبير من الحجاج وفراره منه إلى أن ظفر به، وتاريخ دمشق 16: 161 في ترجمة خالد بن عبدالله بن يزيد. (4) الأغاني 22: 22 في أخبار خالد بن عبدالله: أخبار عن زندقته. (5) أنساب الأشراف 9: 60 في أمر خالد بن عبدالله القسري وغيره من ولاة العراق في أيام هشام. ومثله في الأغاني 22: 20 في أخبار خالد بن عبدالله: بنو أسد يتبرؤون منه، وبغية الطلب في تاريخ حلب 7: 3086 في ترجمة خالد بن عبدالله بن يزيد، وسير أعلام النبلاء 5: 429 في ترجمة القسري، وتاريخ دمشق 16: 161 في ترجمة خالد بن عبدالله بن يزيد.
-[ 85 ]- أبو بكر عبد الله بن أبي داود 7 ـ أبو بكر عبد الله بن أبي داود، الذي قال فيه الذهبي: "الإمام العلامة الحافظ شيخ بغداد أبو بكر السجستاني صاحب التصانيف" (1). كما تقدم منه عند الكلام في حديث الطير أنه قال في حقه: "والرجل فمن كبار علماء الإسلام، ومن أوثق الحفاظ". وقال أيضاً "وقد ذكره أبو أحمد بن عدي في كامله، وقال: لولا أنا شرطنا أن كل من تكلم فيه ذكرناه لما ذكرت ابن أبي داود" (2). هذا الرجل قد رمي بالنصب، ويشهد له ما تقدم في حديث الطير من تعقيبه الفظيع على الحديث المذكور. وما تقدم عند الكلام في طعن الأقران بعضهم في بعض من أنه قد أنكر حديث الغدير المتواتر المشهور. وكذا ما رواه في حق أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) من الخبر الفظيع، فقد قال ابن عدي: "سمعت محمد بن الضحاك بن عمرو بن أبي عاصم النبيل يقول:أشهد على محمدبن يحيى بن مندة بين يدي الله أنه قال لي: أشهد على أبي بكر بن أبي داود بين يدي الله أنه قال لي: روى الزهري عن عروة، قال: كانت قد حفيت أظافير علي من كثرة ما كان يتسلق على أزواج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) " (3). ـــــــــــــــــــــــ (1) سير أعلام النبلاء 13: 221 ـ 222 في ترجمة أبي بكر عبدالله بن سليمان بن الأشعث. (2) المصدر السابق 13: 227 ـ 228 في ترجمة أبي بكر عبدالله بن سليمان بن الأشعث. (3) الكامل في ضعفاء الرجال 4: 266 في ترجمة عبدالله بن سليمان بن الأشعث. ونقلها عنه كل من ابن النجار البغدادي في المستفاد من ذيل تاريخ بغداد 2: 116. وكذلك نقلها كل من الذهبي في ميزان الاعتدال 4: 113 ـ 114 في ترجمة عبدالله بن سليمان بن الأشعث، وفي تذكرة الحفاظ 2: 771 في ترجمة ابن أبي داود الحافظ، وفي سير أعلام النبلاء 13: 229 في ترجمة أبي بكر عبدالله بن سليمان بن الأشعث، وابن حجر في لسان الميزان 3: 294 في ترجمة أبي بكر عبدالله بن سليمان بن الأشعث السجستاني، ولكن فيها بدل (علي) (فلان). -[ 86 ]- يقول الذهبي بعد أن نقل ذلك عن ابن عدي: "وابن أبي داود إن كان حكى هذا فهو خفيف الرأس، فلقد بقي بينه وبين ضرب العنق شبر، لكونه تفوه بمثل هذا البهتان، فقام معه وشد منه رئيس أصبهان محمد بن عبد الله بن حفص الهمداني الذكواني، وخلصه من أبي ليلى أمير أصبهان، وكان انتدب له بعض العلوية خصمًا، ونسب إلى أبي بكر المقالة. وأقام عليه الشهادة محمد بن يحيى بن مندة الحافظ، ومحمد بن العباس الأخرم، وأحمد بن علي بن الجارود. واشتد الخطب، وأمر أبو ليلى بقتله، فوثب الذكواني، وجرح الشهود مع جلالتهم... وكان الهمداني الذكواني كبير الشأن، فقام وأخذ بيد أبي بكر، وخرج به من الموت..." (1). أما وثاقته وحفظه وجلالته التي يصر عليها ابن عدي والذهبي، فيكفي فيها مواقفه هذه من أمير المؤمنين (عليه السلام)، وما سبق عند الكلام في طعن الأقران بعضهم في بعض عن أبيه من أنه كان يقول: "ابني عبد الله كذاب"، حتى قال ابن صاعد الذي يوثقه الذهبي أيضاً: "كفانا ما قال فيه أبوه". وقال أبوه أيضاً: "من البلاء أن عبد الله يطلب القضاء" (2). وقال إبراهيم بن أرومة الأصبهاني: "أبو بكر بن أبي داود كذاب" (3). وقال ابن عدي: "سمعت أبا القاسم البغوي وقد كتب إليه أبو بكر ابن أبي داود رقعة يسأله عن لفظ حديث لجده. فلما قرأ الرقعة قال: أنت عندي والله منسلخ من العلم" (4). ـــــــــــــــــــــــ (1) سير أعلام النبلاء 13: 229 في ترجمة أبي بكر عبدالله بن سليمان بن الأشعث. (2)، (3)، (4) سير أعلام النبلاء 13: 228 في ترجمة أبي بكر عبدالله بن سليمان بن الأشعث. -[ 87 ]- ومع كل ذلك فقد حاول الذهبي الدفاع عنه كما تقدم عند الكلام في طعن الأقران بعضهم في بعض. فراجع.
عبد المغيث بن زهير 8 ـ عبد المغيث بن زهير بن زهير بن علوي، قال الذهبي: "الشيخ الإمام المحدث الزاهد الصالـح، المتبع بقية السلف، أبو العز ابن أبي حرب البغدادي الحربي. ولد سنة خمسمائة، وعني بالآثار، وقرأ الكتب، ونسخ وجمع وصنف. مع الورع والدين والصدق والتمسك بالسنن، والوقع في النفوس والجلالة... وروى الكثير وأفاد الطلبة..." (1). أما نصبه فيكفي فيه قول الذهبي فيه بعد ذلك: "وقد ألف جزءاً في فضائل يزيد، أتى فيه بعجائب وأوابد- لو لم يؤلفه لكان خير- وعَمِلَه ردّاً على ابن الجوزي. ووقع بينهما عداوة..." (2). وأما ما ذكره من صدقه وجلالته وإفادته، فيكفي فيها مؤلفه هذا، وما حكاه عنه أيضا، قال: "قال مرة: مسلم بن يسار صحابي، وصحح حديث الاستلقاء، وهو منكر. فقيل له في ذلك، فقال: إذا رددناه كان فيه إزراء على من رواه" (3). فهو لا يبالي أن يدعي الصحبة لغير الصحابي، أو يصحح الحديث المنكر، لئلا يزري بمن روى الحديث... إلى غير ذلك مما لايسعنا استقصاؤه، ولا يصعب على الباحث العثور عليه في كلماتهم. ـــــــــــــــــــــــ (1) سير أعلام النبلاء 21: 159ـ160 في ترجمة عبد المغيث. (2) سير أعلام النبلاء 21: 160 في ترجمة عبد المغيث. (3) سير أعلام النبلاء 21: 160 ـ 161 في ترجمة عبد المغيث.
| |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: تابع للجزء الثالث السبت يوليو 21, 2012 9:02 am | |
| -[ 88 ]-
الشيعة أحرى بالصدق والنواصب أحرى بالكذب وإذا أراد الإنسان أن ينظر للأمر نظرة موضوعية، بعيدة عن التعصب، يرى أن الشيعة أحرى بصدق اللهجة.. أولاً: لاستغنائهم بحقهم الواضح، وحججهم الكثيرة، نظير ماسبق عن أحمد بن حنبل وغيره من الحديث عن فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام). وثانياً: لتأدبهم بآداب أئمتهم (صلوات الله عليهم) وتفاعلهم معهم، وهم (عليهم السلام) القمة في الصدق والشرف. وقد تقدم في جواب السؤال الثالث ما ينفع في المقام. كما أن النواصب أحرى بالكذب والافتراء، لإفلاسهم - كما سبق من أحمد بن حنبل في حق أمير المؤمنين (عليه السلام) - ولتأسيهم بأئمتهم - من أمثال معاوية وعمرو بن العاص، ومروان بن الحكم - وتفاعلهم معهم. فإن كل جنس لجنسه آلَفُ، ولكل مأموم إماماً يأتم به ويتبع أثره. و((الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَاوَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ)) (1).
الموقف غير المتوازن إزاء الأحاديث الأمر الخامس: الموقف غير المتوازن أيضاً للجمهور بين طائفتين من الأحاديث: الأولى: الأحاديث المتضمنة لفضائل أهل البيت (صلوات الله عليهم) ومناقبهم ومثالب أعدائهم وما ينفردون (عليهم السلام) به من آراء عقائدية أو فقهية. الثانية: الأحاديث المتضمنة لمناقب خصومهم، وأعذارهم وما يختصون به من آراء عقائدية وفقهية. ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة الأعراف الآية: 43. -[ 89 ]- حيث يظهر منهم الميل لرفض الطائفة الأولى مهما أمكن، بالتشديد في أمر الإسناد فيها، ومحاولة جرح رواتها، حتى لو تعددت طرقها واستفاضت روايتها، بينما تراهم كثيراً ما يعتمدون على أولئك الرواة وأمثالهم في روايات أخر، وكثيراً ما يصرحون في غير تلك الموارد بتعاضد الروايات الضعيفة إذا تعددت طرقها ووجدت لها شواهد تناسب مضامينها. وأشد مِن ذلك أنهم كثيراً ما يعوزهم الطعن في السند، فيحكمون على الحديث بالنكارة وعدم القبول، بل كثيراً ما يتسرعون بتكذيب الحديث والحكم بوضعه، كل ذلك لمخالفته لهواهم. بينما لا يقفون الموقف المذكور في الطائفة الثانية، بل ربما يصرحون بالاكتفاء بالحديث الضعيف في الفضائل. وشيوع ذلك ووضوحه في مواقفهم يغني عن استقصاء الشواهد له. وقد تقدم بعض ما يناسب ذلك. مع أن السنة الشريفة حيث لا تثبت إلا من طريق الرواية والأسانيد فاللازم ابتناء القناعات على الأسس السليمة، بحياد وموضوعية كاملة، من دون تحيز ولا تعصب. بل ملاحظة الواقع التاريخي وما حدث على أهل البيت (عليهم السلام) وشيعتهم من الضغط عليهم، والتنكيل بهم، من قبل السلطات المتعاقبة، وجهدها في التعتيم على فضائلهم، ومجانبة نهجهم، ومحاولتها نشر فضائل خصومهم وترويج نهجهم، تقضي بأن ينعكس الموقف، حيث يكون احتمال الوضع والافتراء فيما يخدم خطهم وأفكارهم (عليهم السلام) أبعد بكثير منه بالإضافة إلى ما يخدم خط خصومهم وأفكاره. -[ 90 ]- الكلام في كتب الصحاح عند الجمهور الأمر السادس: أن من المتسالم عليه اليوم عند الجمهور صحة الأحاديث التي تضمنتها أصول الحديث الخمسة أو الستة عندهم، حتى سميت تلك الأصول بالصحاح، وحتى قال ابن روزبهان: "وأما صحاحنا فقد اتفق العلماء على أن كل ما عد من الصحاح سوى التعليقات في الصحاح الستة لو حلف بالطلاق أنه من قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أو من فعله وتقريره لم يقع الطلاق، ولم يحنث" (1).
تميز كتابي البخاري ومسلم بالصحة عندهم ويمتاز كتاب البخاري وكتاب مسلم من بين تلك الأصول بمزيد من العناية والاهتمام، حتى ينصرف إطلاق الصحيحين لهما. وحتى قال ابن حجر الهيتمي: "روى الشيخان البخاري ومسلم في صحيحيهما، اللذين هما أصح الكتب بعد القرآن بإجماع مَن يعتد به" (2). وقال أبو عمرو بن الصلاح: "أول من صنف في الصحيح البخاري أبو عبد الله محمدبن إسماعيل. وتلاه أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري. ومسلم مع أنه أخذ عن البخاري واستفاد منه، فإنه يشارك البخاري في كثير من شيوخه. وكتاباهما أصح الكتب بعد كتاب الله العزيز" (3). وقال النووي: "فصل: اتفق العلماء (رحمهم الله) على أن أصح الكتب بعد القرآن العزيز الصحيحان البخاري ومسلم، وتلقتهما الأمة بالقبول. وكتاب البخاري أصحهما، وأكثرهما فوائد ومعارف ظاهرة ـــــــــــــــــــــــ (1) دلائل الصدق 2: 380 ـ 381 عند ذكر (أنه صاحب الحوض واللواء والصراط والأذن). (2) الصواعق المحرقة 1: 31. (3) مقدمة فتح الباري 1: 10. -[ 91 ]- وغامضة. وقد صح أن مسلماً كان ممن يستفيد من البخاري، ويعترف بأنه ليس له نظير في علم الحديث" (1). وقال أيضاً: "وقد قال إمام الحرمين: لو حلف إنسان بطلاق امرأته أن ما في كتابي البخاري ومسلم مما حكما بصحته من قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لما ألزمته الطلاق، ولا حنثته. لإجماع علماء المسلمين على صحتها" (2). وقال السيوطي: "وذكر الشيخ (يعني: ابن الصلاح) أن ما روياه أو أحدهما فهو مقطوع بصحته، والعلم القطعي حاصل فيه. قال: خلافاً لمن نفى ذلك، محتجاً بأنه لا يفيد إلا الظن، وإنما تلقته الأمة بالقبول لأنه يجب عليهم العمل بالظن، والظن قد يخطئ. قال: وقد كنت أميل إلى هذا، وأحسبه قويمًا، ثم بان لي أن الذي اخترناه أولاً هو الصحيح، لأن ظن مَن هو معصوم عن الخطأ لا يخطئ، والأمة في إجماعها معصومة من الخطأ... وقد قال إمام الحرمين: لو حلف إنسان بطلاق امرأته أن ما في الصحيحين مما حكما بصحته من قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لما ألزمته الطلاق. لإجماع علماء المسلمين على صحته... قلت: وهو الذي أختاره، ولا أعتقد سواه" (3). وقال الدهلوي: "أما الصحيحان فقد اتفق المحدثون على أن جميع ما فيهما من المتصل المرفوع صحيح بالقطع، وأنهما متواتران إلى مصنفيهم. وأنه كل من يهون أمرهما فهو مبتدع، متبع غير سبيل المؤمنين" (4). وقالوا: "ومن روى له الشيخان فقد جاز القنطرة" (5). ـــــــــــــــــــــــ (1) شرح النووي على صحيح مسلم 1: 14. (2)المصدر السابق 1: 19 ـ 20. (3) تدريب الراوي 1: 131 ـ 134 في الخامسة: الصحيح أقسام. (4) حجة الله البالغة 1: 282 باب طبقات كتب الحديث. (5) الكشف الحثيث: 112، واللفظ له. فتح الباري 13: 457. -[ 92 ]- المنع من انعقاد الإجماع على صحة الكتابين المذكورين لكن النظر في كلماتهم بقليل مِن التدبر يشهد بعدم انعقاد الإجماع مِن جمهور السنة - فضلاً عن الأمة بأجمعها - على صحة كتابي البخاري ومسلم، فضلاً عن بقية الأصول الستة. فقد نسب ذلك لإجماع مَن يعتد به في كلام ابن حجر الهيتمي المتقدم، حيث يظهر منه وجود المخالف في ذلك ممَن لا يعتد به هو، لأنه مخالف لهواه. بل صرح بالخلاف فيه السيوطي في كلامه المتقدم. كما حكي الخلاف صريحاً عن غير واحد. وقد كتب الكثير في ذلك خصوصاً في عصورنا القريبة، ولا يسعنا استقصاؤه.
النبز بالابتداع واتباع غير سبيل المؤمنين ومن الطريف الذي يكثر حصوله منهم أن يتبنى جماعة منهم أمرًا، ويتجاهلون مَن يخالف هواهم، ثم يحاولون دعمه وتركيزه بدعوى إجماع الأمة عليه، لينبزوا بعد ذلك مَن يخالفهم بأنه مبتدع، ومتبع غير سبيل المؤمنين، وغير ذلك مِن مضامين التشهير والتشنيع.
معنى البدعة واتباع غير سبيل المؤمنين مع الغفلة أو التغافل عن أن البدعة هي خلاف السنة، والمبتدع هو الذي يشرع ما لم يشرعه الله تعالى، ولم يبلغ به رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال الله تعالى: ((وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ)) (1). كما أن اتباع غير سبيل المؤمنين الممقوت شرعاً ليس هو مخالفة قناعاتهم، فضلاً عن قناعات بعضهم الحادثة في العصور المتأخرة، بل اتباع غير سبيل الله تعالى الذي دعا إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهدى المؤمنين له، بحيث يكون الخارج عنه مشاقاً للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم). ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة الحديد الآية: 27. -[ 93 ]- قال سبحانه: ((وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرا)) (1).
دعوى القطع بصحة أحاديث الأصول مجازفة ظاهرة على أن دعوى القطع بصحة أحاديث تلك الأصول مجازفة ظاهرة، إذ كيف يمكن القطع بصحتها وصدورها مع كثرة الوسائط في رجال السند، وتعرض السنة الشريفة لكثير من المحن، كالكذب المتعمد، والوهم، وضياع القرائن الشارحة للمراد بها، والتعارض الموجب للعلم بكذب بعضها، أو حصول الوهم فيها، أو إرادة خلاف ظاهره بها... إلى غير ذلك؟! وغاية ما يدعى هو الوثوق بصدورها، أوجواز العمل بها،لتحقق شروط الحجية فيه.
لا مجال للوثوق بصحتها حتى على مباني الجمهور وهو أيضاً يصعب حصوله - فضلاً عن إحراز الاتفاق عليه - بمقتضى الموازين العقلائية العامة، التي تصلح حجة مع الله عز وجل. بل حتى على مباني جمهور السنة في مواقفهم من غير الكتب المذكورة. لأمور.. الأمر الأول: ما ورد في حق أصحابه، وفي كيفية جمعه.
ما ورد في البخاري وكتابه 1 ـ فقد سبق من البخاري - في أواخر الحديث عن مطاعن أهل الجرح والتعديل - ما يظهر منه عدم وهن الرواة بالطعون الواردة فيهم، وسبق منا الحديث عنه. 2 ـ وقد تكلم محمد بن يحيى الذهلي - وهو من أعلام الجمهور - في ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة النساء الآية: 115. -[ 94 ]- البخاري حين ظهر منه القول بأن لفظه بالقرآن مخلوق،حتى انقطع عنه أكثر الناس إلا مسلم،فقال محمد بن يحيى: "ألا مَن قال باللفظ فلا يحل له أن يحضر مجلسنا". فقام مسلم وخرج. فقال محمد بن يحيى عن البخاري: "لا يساكنني هذا الرجل في البلد"، فخشي البخاري على نفسه وسافر (1). وقد تقدم التعرض لذلك عند الكلام في مطاعن أهل الجرح والتعديل. 3 ـ ولأجل ذلك أيضاً امتنع من الرواية عنه أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان (2)، وهما من أكابر علماء الجمهور. 4 ـ وأورد الذهبي البخاري في كتاب المغني في الضعفاء (3)، لوجود من تكلم فيه حتى استنكر المناوي من الذهبي ذلك (4). 5 ـ وقال محب بن الأزهر السجستاني: "كنت بالبصرة في مجلس سليمان بن حرب والبخاري جالس لا يكتب. فقيل لبعضهم: ما له لا يكتب؟ فقال: يرجع إلى بخارى فيكتب من حفظه" (5). وقال أحمد بن أبي جعفر قال محمد بن إسماعيل: "رب حديث سمعته بالبصرة كتبته بالشام، ورب حديث سمعته بالشام كتبته بمصر. قال: فقلت له: يا أبا عبد الله بكماله؟ فسكت" (6). ـــــــــــــــــــــــ (1) سير أعلام النبلاء 12: 460 في ترجمة أبي عبدالله البخاري: ذكر قصته مع محمد بن يحيى الذهلي (رحمهما الله). (2) الجرح والتعديل 7: 191 في ترجمة محمد بن إسماعيل البخاري. تهذيب التهذيب 9: 49 في ترجمة محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة. (3) المغني في الضعفاء 2: 557 في ترجمة أبي عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري. (4) فيض القدير 1: 24 كما في الطبعة التي في برنامج المعجم الفقهي. (5) تغليق التعليق 5: 391 فصل في ترجمة البخاري والتعريف بقدره وجلالته وذكر نسبه...: ذكر منشئه وطلبه الحديث. (6) تاريخ بغداد 2: 11 في ترجمة محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة، واللفظ له. تغليق التعليق 5: 417 فصل في ترجمة البخاري والتعريف بقدره وجلالته وذكر نسبه...: ذكر سعة حفظه وسيلان ذهنه سوى ما تقدم. فتح الباري 1: 487. -[ 95 ]- 6 ـ ومات البخاري قبل أن يبيض كتابه. ولذا اختلفت نسخه ورواياته. قال أبو الوليد الباجي: "وقد أخبرنا أبو ذر عبد بن أحمد الهروي الحافظ (رحمه الله)، ثنا أبو إسحاق المستملي إبراهيم بن أحمد، قال انتسخت كتاب البخاري من أصله. كان عند محمد بن يوسف الفربري، فرأيته لم يتم بعد، وقد بقيت عليه مواضع مبيضة كثيرة منها تراجم لم يثبت بعدها شيئ، ومنها أحاديث لم يترجم عليها، فأضفنا بعض ذلك إلى بعض. ومما يدل على صحة هذا القول أن رواية أبي إسحاق المستملي، ورواية أبي محمد السرخسي، ورواية أبي الهيثم الكشميهني، ورواية أبي زيد المروزي - وقد نسخوا من أصل واحد - فيها التقديم والتأخير. وإنما ذلك بحسب ما قدر كل واحد منهم في ما كان في طرة أو رقعة مضافة أنه من موضع ما، فأضافه إليها. ويبين ذلك أنك تجد ترجمتين وأكثر من ذلك متصلة ليس بينهما أحاديث، وإنما أوردت هذا لما عني به أهل بلدنا من طلب معنى يجمع بين الترجمة والحديث الذي يليه، وتكلفهم في تعسف التأويل ما لا يسوغ" (1). وقال ابن حجر: "ولم أقف في شيء من نسخ البخاري على ترجمة لمناقب عبد الرحمن بن عوف، ولا لسعيد بن زيد، وهما من العشرة. وإن كان قد أفرد ذكر إسلام سعيد بن زيد بترجمة في أوائل السيرة النبوية. وأظن ذلك من تصرف الناقلين لكتاب البخاري. كما تقدم مراراً أنه ترك ـــــــــــــــــــــــ (1) التعديل والتجريح لمن خرج له البخاري في الجامع الصحيح 1: 310 ـ 311 باب في ذكر تأليفه (أي البخاري) للكتاب الجامع وحكم الكتاب ومعناه. -[ 96 ]- الكتاب مسودة، فإن أسماء من ذكرهم هنا لم يقع فيهم مراعاة الأفضلية، ولا السابقية، ولا الأسنية. وهذه جهات التقديم في الترتيب. فلما لم يراع واحداً منها دل على أنه كتب كل ترجمة على حدة، فضم بعض النقلة بعضها إلى بعض حسبما اتفق" (1).
ما ورد في مسلم وكتابه 7 ـ وقال الذهبي: "ثم إن مسلما - لـحدة في خلقه - انحرف أيضا عن البخاري، ولم يذكر له حديثًا، ولا سماه في صحيحه. بل افتتح الكتاب بالحطّ على مَن اشترط اللقيا لمَن روى عنه بصيغة (عن). وادعى الإجماع في أن المعاصرة كافية، ولا يتوقف في ذلك على العلم بالتقائهما، ووبخ من اشترط ذلك، وإنما يقول ذلك أبو عبد الله البخاري، وشيخه علي بن المديني" (2). 8 ـ وقال سعيد البرذعي: "شهدت أبا زرعة ذكر عنده صحيح مسلم، فقال: هؤلاء قوم أرادوا التقدم قبل أوانه، فعملوا شيئاً يتسوَّقون به" (3). وفي لفظ آخر: "هؤلاء قوم أرادوا التقدم قبل أوانه، فعملوا شيئاً يتسوقون به، ألفوا كتاباً ثم يسبقوا إليه، ليقيموا لأنفسهم رياسة قبل وقتها" (4). وقال البرذعي: "وأتاه ذات يوم - وأنا شاهد - رجل بكتاب الصحيح من رواية مسلم، فجعل ينظر فيه، فإذا حديث عن أسباط بن نصر، فقال أبو زرعة: ما أبعد هذا من الصحيح! يدخل في كتابه أسباط بن نصر!. ـــــــــــــــــــــــ (1) مقدمة فتح الباري 7: 93. (2) سير أعلام النبلاء 12: 573 في ترجمة مسلم. (3) ميزان الاعتدال 1: 269 في ترجمة أحمد بن عيسى المصري التستري، واللفظ له. سير أعلام النبلاء 12: 571 في ترجمة مسلم. (4) تهذيب الكمال 1: 419 في ترجمة أحمد بن عيسى بن حسان المصري، واللفظ له. تاريخ بغداد 4: 272 في ترجمة أحمد بن عيسى بن حسان. سؤالات البرذعي: 675. -[ 97 ]- ثم رأى في كتابه قطن بن نسير، فقال لي: وهذا أطم من الأول، قطن بن نسير وصل أحاديث عن ثابت جعلها عن أنس. ثم نظر فقال: يروي عن أحمد ابن عيسى المصري في كتابه الصحيح! قال لي أبو زرعة: ما رأيت أهل مصر يشكون في أن أحمد بن عيسى- وأشار أبو زرعة إلى لسانه- كأنه يقول الكذب. ثم قال لي: يحدث عن أمثال هؤلاء، ويترك محمد بن عجلان ونظراءه. ويطرق لأهل البدع علينا، فيجدوا السبيل بأن يقولوا للحديث إذا احتج به عليهم: ليس هذا في كتاب الصحيح. ورأيته يذم من وضع هذا الكتاب ويؤنبه... وقدم مسلم بعد ذلك الري، فبلغني أنه خرج إلى أبي عبد الله محمد بن مسلم بن وارة، فجفاه وعابه على هذا الكتاب، وقال له نحوا مما قاله لي أبو زرعة: إن هذا يطرق لأهل البدع علينا..." (1). 9 ـ وقال أبو قريش الحافظ: "كنت عند أبي زرعة، فجاء مسلم بن الحجاج، فسلم عليه، وجلس ساعة وتذاكر. فلما أن قام قلت له: هذا جمع أربعة آلاف حديث في الصحيح. قال: فلمن ترك الباقي؟ ثم قال: هذا ليس له عقل. لو دارى محمد بن يحيى لصار رجلاً" (2). 10 ـ وقال إبراهيم بن أبي طالب لمسلم: "كيف استجزت الرواية عن سويد في الصحيح؟" قال: "فمن أين آتي بنسخة حفص بن ميسرة؟" (3). وما ندري هل يكون تعذر الرواية عن الثقة مبرراً للرواية عن ـــــــــــــــــــــــ (1) تهذيب الكمال 1: 419 ـ 420 في ترجمة أحمد بن عيسى بن حسان، واللفظ له. سير أعلام النبلاء 12: 571 في ترجمة مسلم. تاريخ بغداد 4: 272 في ترجمة أحمد بن عيسى بن حسان. سؤالات البرذعي: 675 ـ 676. (2) سير أعلام النبلاء 12: 280 ـ 281 في ترجمة الذهلي وابنه، واللفظ له،: 571 في ترجمة مسلم. تهذيب الكمال 26: 627 في ترجمة محمد بن يحيى بن عبدالله بن خالد. (3) سير أعلام النبلاء 11: 418 في ترجمة سويد بن سعيد، واللفظ له. ميزان الاعتدال 3: 347 في ترجمة سويد بن سعيد. تهذيب التهذيب 4: 241 في ترجمة سويد بن سعيد ابن سهل. -[ 98 ]- غيره؟! ولذا قال الذهبي: "ما كان لمسلم أن يخرج له في الأصول. وليته عضد أحاديث حفص بن ميسرة بأن رواها بنزول درجة أيضاً" (1). 11 ـ وقال الذهبي: "وقال مكي بن عبدان: وافى داود بن علي الأصبهاني نيسابور أيام إسحاق بن راهويه، فعقدوا له مجلس النظر، وحضر مجلسه يحيى بن الذهلي، ومسلم بن الحجاج، فجرت مسألة تكلم فيها يحيى، فزبره داود قال: اسكت يا صبي، ولم ينصره مسلم، فرجع إلى أبيه وشكا إليه داود، فقال أبوه: ومن كان ثم؟ قال: مسلم، ولم ينصرني. قال: قد رجعت عن كل ما حدثته به. فبلغ ذلك مسلم، فجمع ما كتب عنه في زنبيل، وبعث به إليه، وقال: لا أروي عنك أبداَ" (2). 12 ـ ويقول النووي: "وأما قول مسلم (رحمه الله) في صحيحه في باب صفة صلاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ليس كل شيء صحيح عندي وضعته ههنا - يعنى في كتابه هذا الصحيح - وإنما وضعت ههنا ما أجمعوا عليه. فمشكل، فقد وضع فيه أحاديث كثيرة مختلفاً في صحتها، لكونها من حديث من ذكرناه، ومن لم نذكره، ممن اختلفوا في صحة حديثه. قال الشيخ: وجوابه من وجهين: أحدهما: أن مراده أنه لم يضع فيه إلا ما وجد عنده فيه شروط الصحيح المجمع عليه، وإن لم يظهر اجتماعها في بعض الأحاديث عند بعضهم. والثاني: أنه أراد أنه لم يضع فيه ما اختلفت الثقات فيه في نفس الحديث متناً أو إسنادا، ولم يرد ما كان اختلافهم إنما هو في توثيق بعض رواته. وهذا هو الظاهر من كلامه. فإنه ذكر ذلك لما سئل عن حديث ـــــــــــــــــــــــ (1) سير أعلام النبلاء 11: 418 في ترجمة سويد بن سعيد. (2) سير أعلام النبلاء 12: 571 ـ 572 في ترجمة مسلم. -[ 99 ]- أبي هريرة: فإذا قرأ فأنصتوا، هل هو صحيح؟ فقال: هو عندي صحيح. فقيل: لِمَ لم تضعه ههنا؟ فأجاب بالكلام المذكور. ومع هذا فقد اشتمل كتابه على أحاديث اختلفوا في إسنادها أو متنها، لصحتها عنده. وفي ذلك ذهول منه عن هذا الشرط أو سبب آخر. وقد استدركت وعللت. هذا آخر كلام الشيخ (رحمه الله) " (1). | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: تابع للجزء الثالث السبت يوليو 21, 2012 9:06 am | |
| ما ورد في النسائي وكتابه 13 ـ وذكر ابن حجر في ترجمة أحمد بن صالح المصري عن الخطيب أنه قال: "احتج بأحمد جميع الأئمة إلا النسائي، ويقال كان آفة أحمد الكبر. ونال النسائي منه جفاءً في مجلسه، فذلك السبب الذي أفسد الحال بينهما" (2). وعن العقيلي أنه قال: "كان أحمد بن صالح لا يحدث أحداً حتى يسأل عنه، فجاءه النسائي وقد صحب قوماً من أصحاب الحديث ليسوا هناك، فأبى أحمد أن يأذن له. فكل شيء قدر عليه النسائي أن جمع أحاديث قد غلط فيها ابن صالح، فشنع به، ولم يضر ذلك ابن صالح شيئ. وهو إمام ثقة" (3). ومقتضى ذلك أن تشنيعه، وتركه الرواية عن الشخص، تبع للهوى والانفعالات العاطفية، وإذا كان كذلك فما المؤمن مِن أن يكون توثيقه للشخص تابعاً لها أيضًا؟! وكيف يوثق برواية من هو كذلك؟! ـــــــــــــــــــــــ (1) شرح النووي على صحيح مسلم 1: 16. (2) تهذيب التهذيب 1: 36 في ترجمة أحمد بن صالـح المصري. (3) تهذيب التهذيب 1: 36 في ترجمة أحمد بن صالـح المصري، واللفظ له. التعديل والتجريح لمن خرج له البخاري في الجامع الصحيح 1: 325 في ترجمة أحمد بن صالـح أبي جعفر المصري. فتح الباري 1: 386. | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: رد: (في رحاب العقيدة)للسيد الحكيم.مفصّل سهل التناول السبت يوليو 21, 2012 2:27 pm | |
| -[ 100 ]- ما ورد في كتاب ابن ماجة 14 ـ وذكر ابن حجر أيضاً أن في كتاب سنن ابن ماجة أحاديث ضعيفة جدًّا. قال: "حتى بلغني أن السري كان يقول: مهما انفرد بخبر فيه هو ضعيف غالبًا... ثم وجدت بخط الحافظ شمس الدين محمد بن علي الحسيني ما لفظه: سمعت شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزي يقول: كل ما انفرد به ابن ماجة فهو ضعيف" (1).
ما ورد في كتاب أبي داود 15 ـ وقال أبو داود: "ذكرت في السنن الصحيحَ وما يقاربه. فإن كان فيه وهن شديد بينتُه" (2). يقول السيوطي تعقيباً على ذلك: "ففهم أنّ ثَمّ شيئاً فيه وهن غير شديد لم يلتزم بيانه" (3).
ما قيل في كتاب الترمذي 16 ـ وقد سبق عن الذهبي والمباركفوري الطعن في تصحيح الترمذي وتحسينه، بل نسب الذهبي ذلك للعلماء. فراجع.
روايتهم عمن ضعفوه أو كذبوه 17 ـ وقال الشيخ المظفر (قدس سره): "وذكر كل من الذهبي وابن حجر أو أحدهما في كتابيهما المذكورين (يعني ميزان الاعتدال وتهذيب التهذيب) أن البخاري احتجّ بجماعة في صحيحه(وقد) ضعّفهم بنفسه، كما يعلم مِن تراجمهم ـــــــــــــــــــــــ (1) تهذيب التهذيب 9: 468 في ترجمة محمد بن يزيد الربعي. (2) سير أعلام النبلاء 13: 213 في ترجمة سليمان بن الأشعث بن بشر بن شداد، واللفظ له. تدريب الراوي 1: 169. تذكرة الحفاظ 2: 592 في ترجمة أبي داود. المنهل الروي: 38. (3) تدريب الراوي 1: 169. -[ 101 ]- في الكتابين، كأيوب بن عائذ، وثابت بن محمد العابد، وحصين بن عبد الرحيم السلمي، وحمران بن أبان، وعبدالرحمن بن يزيد بن جابر الأزدي، وكهمس بن المنهال، ومحمد بن يزيد الحزامي، ومقسم بن بجرة. وإنما خصصنا البخاري بهذا لأنه أعظم أرباب الصحاح عندهم. وإلا فكلهم على هذا النمط. بل وجدنا أبا داود كذَّبَ نعيمَ بن حماد الخزاعي، والوليدَ بن مسلم مولى بني أمية، وهشامَ بن عمار السلمي، وروى عنهم في سننه. وقال في حق صالـح بن بشير: لا يكتب حديثه، وكذا في حق عاصم ابن عبيد الله، وروى عنهم، مع أنه كان يزعم أنه لا يروي إلا عن ثقة، كما ذكره في تهذيب التهذيب بترجمة داود بن أمية. ووجدنا النسائي قال في حق كل من عبد الرحمن بن يزيد بن تميم الدمشقي، وعبد الرحمن بن أبي المخارق، وعبد الوهاب بن عطاء الخفاف: متروك، وروى عنهم في سننه. وكذا الترمذي قال في حق سليمان بن أرقم أبي معاذ البصري وعاصم بن عمرو بن حفص: متروك، وروى عنهما في سننه" (1).
روايتهم عن جمع كثير مجهولي الحال 18 ـ وقال (عليه السلام) : "وذكروا في حق البخاري ومسلم - اللذين هما أجل أرباب الصحاح عندهم، وأصحهم خبراً - ما يخالف الإجماع. وهو احتجاجهما بجماعة لا تُحصى مجهولة الحال، لرواية جماعة عنهم، بل لرواية الواحد عنهم، مع أن هذا الواحد لم ينص على قدح أو مدح في المروي عنه. ولنذكر بعض مَن اكتفيا في الاحتجاج بخبره بمجرد رواية الواحد عنه، لتراجع تهذيب التهذيب، فترى صدقَ ما قلناه..." ثم ذكر (عليه السلام) جماعة منهم (2). ـــــــــــــــــــــــ (1)، (2) دلائل الصدق 1: 13 ـ 14و 15. -[ 102 ]- شيوع التدليس منهم 19 ـ شيوع التدليس منهم، وهو أن يذكر الراوي بما يُوهِم إرادةَ غيره، بالإبهام في شخصه، وكما لو كانت الرواية عن شخص مقبول بواسطة شخص غير مقبول، فيتركون الواسطة، ويروونها عن المقبول ابتداء ونحو ذلك. قال الذهبي في ترجمة عبد الله بن صالـح بن محمد الجهيني المصري الذي طعنوا فيه كثيراً: "وقد روى عنه البخاري في الصحيح على الصحيح. ولكنه يدلسه، فيقول حدثنا عبد الله ولا ينسبه" (1). وروى البخاري أيضاً عن محمد بن سعيد المصلوب الشامي الكذاب الشهير (2)، الذي كان يضع الحديث، ويدلسه (3)، وقتل بسبب الزندقة (4). كما روى عنه الترمذي وابن ماجة (5)، وغيرهما كثير، ودلسوه. قال الذهبي عن محمد بن سعيد هذا: "روى عن الزهري، وعبادة ابن نسي، وجماعة، وعنه ابن عجلان، والثوري، ومروان الفزاري، وأبو ـــــــــــــــــــــــ (1) ميزان الاعتدال 4: 122 في ترجمة عبدالله بن صالـح. (2) ميزان الاعتدال 6: 165 في ترجمة محمد بن سعيد المصلوب. تهذيب التهذيب 9: 163 في ترجمة محمد بن سعيد بن حسان بن قيس الأسدي. الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي 3: 65 في ترجمة محمد بن سعيد بن أبي قيس الشامي المصلوب. الكامل في ضعفاء الرجال 6: 140 في ترجمة محمد بن سعيد بن أبي قيس الأزدي. (3) المقتنى في سرد الكنى 1: 353 في ترجمة محمد بن سعيد المصلوب. الكامل في ضعفاء الرجال 6: 140 في ترجمة محمد بن سعيد بن أبي قيس الأزدي. تهذيب التهذيب 9: 163 في ترجمة محمدبن سعيد بن حسان بن قيس الأسدي. (4) الجرح والتعديل 7: 262 في ترجمة محمد بن سعيد الشامي. ميزان الاعتدال 6: 164 في ترجمة محمد بن سعيد المصلوب. الكامل في ضعفاء الرجال 6: 140 في ترجمة محمد بن سعيد بن أبي قيس الأزدي. تهذيب التهذيب 9: 163 في ترجمة محمد بن سعيد بن حسان بن قيس الأسدي. (5) تهذيب التهذيب 9: 163 في ترجمة محمد بن سعيد بن حسان بن قيس الأسدي. -[ 103 ]- معاوية، والمحاربي، وآخرون. وقد غيَّروا اسمَه على وجوه ستراً له، وتدليساً لضعفه... قال عبدالله بن أحمد بن سوادة: قلبوا اسمه على مائة اسم وزيادة، قد جمعتها في كتاب" (1). وقال ابن الجوزي: "محمد بن سعيد بن أبي قيس الشامي المصلوب. وهذا الرجل كان كذاباً يضع الحديث، ويفسد أحاديث الناس. صلب على الزندقة. وقد قلب خلقٌ مِن الرواة اسمَه، وبهرجوا في ذكره. والعتب عليهم في ذلك شديد، والإثم لهم لازم، لأن مَن دلس كذاباً فقد آثر أن يؤخذ في الشريعة بقول باطل" (2). وذكر نحوه ابن حجر (3). نعم، حاول الذهبي أن يحسن الظن بالبخاري، فحمله على الخطأ في ذلك، فقال: "وقد أخرجه البخاري في مواضع، وظنه جماعة" (4) يعني: أن البخاري ظن أن المروي عنه في هذه المواضع جماعة تشابهوا معه في الاسم، لا الشخص الواحد المشهور بالكذب. وهو- مع بعده - عيب آخر في صحيح البخاري، راجع إلى عدم المعرفة بالرجال. وقال ابن حجر: "محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري الإمام وصفه بذلك (أي التدليس) أبو عبدالله ابن مندة في كلام له فقال فيه:أخرج البخاري قال فلان، وقال لنا فلان. وهو تدليس. ولم يوافَق ابن مندة على ذلك. والذي يظهر أنه يقول فيما لم يسمع، وفيما سمع لكن لا يكون على شرطه، أو موقوفاً: قال لي، أو قال لنا. وقد عرفت ذلك بالاستقراء من صنيعه" (5). ـــــــــــــــــــــــ (1) ميزان الاعتدال 6: 164 ـ 166 في ترجمة محمد بن سعيد المصلوب. (2) الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي 3: 65 في ترجمة محمد بن سعيد بن أبي قيس الشامي المصلوب. (3) تهذيب التهذيب 9: 163 في ترجمة محمد بن سعيد بن حسان بن قيس الأسدي. (4) ميزان الاعتدال 6: 166 في ترجمة محمد بن سعيد المصلوب. (5) طبقات المدلسين لابن حجر: 24 في ترجمة محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة. -[ 104 ]- ونقل أيضاً عن ابن مندة أنه قال في حق مسلم: "أنه كان يقول فيما لم يسمعه من مشائخه: قال لنا فلان. وهو تدليس" (1). وقد أطال المرحوم الشيخ المظفر (قدس سره) الكلام في تدليسهم، بنحو لا يسعنا استقصاؤه (2).
شيوع التدليس في عامة رجال الحديث بل التدليس شايع في عامة رجال الحديث، حتى قال شعبة: "ما رأيت أحداً من أصحاب الحديث إلا يدلس -إلا عمرو بن مرة وابن عون-" (3). وقال الذهبي: "وبقية ذو غرائب وعجائب ومناكير. قال عبد الحق في غير حديث: بقية لا يحتج به. وروى له أيضاً أحاديث، وسكت عن تليينه. وقال أبو الحسن بن القطان: بقية يدلس عن الضعفاء ويستبيح ذلك. وهذا إن صح مفسد لعدالته. قلت: نعم والله، صح هذا عنه، إنه يفعله. وصح عن الوليد بن مسلم. بل عن جماعة كبار فعْلُه. هذه بلية. وهذه بلية منهم. ولكنهم فعلوا ذلك باجتهاد. وما جوزوا على ذلك الشخص الذي يسقطون ذكره بالتدليس أنه تعمد الكذب. هذا أمثل ما يعتذر به عنهم" (4). وقال أيضاً في سير أعلام النبلاء بعد ذكر كلام أبي الحسن بن القطان: "قلت: نعم تيقّنّا أنه كان يفعله. وكذلك رفيقه الوليد بن مسلم وغير واحد. ولكنهم ما يظن بهم أنهم اتهموا من حدثهم بالوضع لذلك" (5). ـــــــــــــــــــــــ (1) طبقات المدلسين لابن حجر: 26 في ترجمة مسلم بن الحجاج القشيري. (2) دلائل الصدق 1: 15 ـ 16. (3) سير أعلام النبلاء 5: 197 في ترجمة عمرو بن مرة، واللفظ له. تهذيب التهذيب 8: 89 في ترجمة عمرو بن مرة بن عبدالله. ميزان الاعتدال 5: 346 في ترجمة عمرو بن مرة. التعديل والتجريح لمن خرج له البخاري في الجامع الصحيح 3: 975 في ترجمة عمرو بن مرة. (4) ميزان الاعتدال 2: 53 ـ 54 في ترجمة بقية بن الوليد. (5) 8: 528 في ترجمة بقية بن الوليد. -[ 105 ]- وقال ابن حبان: "دخلت حمص، وأكبر همّي شأن بقية، فتتبعت حديثه، وكتبت النسخ على الوجه، وتتبعت ما لم أجد بعلو، فرأيته ثقة مأمون. ولكنه كان مدلسًا، يدلس عن عبيد الله بن عمر، وشعبة، ما أخذه عن مثل المجاشع بن عمرو، والسري بن عبدالحميد، وعمر بن موسى الميتمي، وأشباههم. فروى عن أولئك الثقات الذين رآهم ما سمع من هؤلاء الضعفاء عنهم، فكان يقول: قال عبيدالله، وقال مالك، فحملوا عن بقية عن عبيدالله وبقية عن مالك، وأسقط الواهي بينهم..." (1). وقد ألف جماعة كتباً ورسائل خاصة في المدلسين، كحسين بن علي الكرابيسي (2)، وعلي بن المديني (3)، والنسائي (4)، والدارقطني (5)، وأبي الوفاء الحلبي، وابن حجر العسقلاني (6)، والسيوطي (7)، وغيرهم.
ذم أهل العلم للتدليس وقال الخطيب البغدادي: "التدليس للحديث مكروه عند أكثر أهل العلم. وقد عظم بعضهم الشأن في ذمه، وتبجح بعضهم بالبراءة منه" (8). وعن شعبة أنه قال: "التدليس أخو الكذب" (9). وقال أيضاً: "التدليس في الحديث أشد مِن الزنا. لأن أسقط من السماء أحب إلي من أن أدلس" (10). وعن أبي أسامة أنه قال: "ضرب الله بيوت المدلسين. ما هم عندي إلا كاذبون" (11). وعن ابن المبارك أنه قال: "لأن نخر من السماء أحب إلي من أن أدلس حديثاً" (12)... إلى غير ذلك من كلماتهم في ذمه. ـــــــــــــــــــــــ (1) ميزان الاعتدال 2: 47 في ترجمة بقية بن الوليد. (2) الفهرست لابن النديم 1: 256. كشف الظنون 1: 89. (3) الفهرست لابن النديم 1: 322. (4)، (5)، (6)، (7) كشف الظنون 1: 89. (8)، (9)، (10)، (11)، (12) الكفاية في علم الرواية: 355، 356. -[ 106 ]- روايتهم عن رجال مطعون فيهم 20 ـ لا ريب في أن البخاري ومسلم، بل جميع أصحاب الأصول الستة التي يطلقون عليها الصحاح، رووا في كتبهم المذكورة عن رجال مطعون فيهم بمختلف الطعون، كالكذب، والتدليس، والنصب وغيره. وقد جمع قسماً كبيراً منهم المرحومُ الشيخ المظفر (قدس سره) في مقدمة دلائل الصدق، كما ذكر ابن حجر في مقدمة فتح الباري المطعونين من رجال البخاري، وحاول الدفاع عنهم. ولسنا الآن بصدد الحكم فيهم، إلا أن القدر المتيقن أن الطعون المذكورة لا تناسب الإجماعَ المدعى على قبول كتابي البخاري ومسلم، بل جميع الأصول الستة المذكورة، ولا تسميتها بالصحاح، والقطع بما تضمنته من الأخبار. بل ولا الوثوق بها.
اشتمال الأصول المذكورة على الأحاديث المرسلة والمنقطعة 21 ـ كما لا يناسبه ما هو المعلوم مِن اشتمالها على الأحاديث المرسلة (1) والمنقطعة (2). ولا طريق لأصحاب هذه الكتب - فضلاً عمّن بعدهم- ـــــــــــــــــــــــ (1) راجع على سبيل المثال صحيح البخاري 1: 150 كتاب الصلاة: باب الصلاة على الفراش، و 2: 506 كتاب الزكاة: باب وجوب الزكاة وقول الله تعالى: [وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ]، و: 572 كتاب الح باب من أين يخرج من مكة، و: 631 كتاب الح أبواب العمرة: باب كم اعتمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، و 4: 1833 كتاب التفسير: باب تفسير سورة الحجرات: باب لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي... الآية، وغيره. (2) راجع على سبيل المثال صحيح البخاري 1: 445 كتاب الجنائز: باب فضل اتباع الجنائز، و 2: 885 كتاب الشركة: باب الاشتراك في الهدي والبدن وإذا أشرك.... و 3: 1166 كتاب بدء الخلق: باب ما جاء في قول الله تعالى: [وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ...]، و: 1249 كتاب الأنبياء: باب طوفان من السيل، و 5: 2020 كتاب الطلاق: باب إذا قال لامرأته وهو مكره هذه أختي فلا شيء عليه، وغيره. -[ 107 ]- لتحصيل القطع بصحة تلك الأحاديث، مع بُعْدهم عن زمان صدورها، وعدم وجود مرجع لهم معصوم يتسنى لهم عرض تلك الأحاديث عليه، ليعرفوا منه صحتها وسقمه. وليس إلا الأهواء والاجتهادات والظنون - التي ما أنزل الله تعالى بها من سلطان - أو التسامح والتساهل في أمر الحديث.
اشتمال الكتب المذكورة على ما يُعلم بطلانه الأمر الثاني: اشتمال أحاديث الكتب على ما يعلم بطلانه، لمخالفته للعقل، أو الكتاب الكريم، أو النقل القطعي: 1 ـ مثل ما تضمن تجسيم الله تعالى، وإثبات المكان، والانتقال والتغير له جل شأنه. والكلام في ذلك طويل، ذكره نقاد الحديث من علمائنا وغيرهم. ولا يسعنا استقصاؤه. 2 ـ وروى الشيخان البخاري ومسلم عن عائشة: "قالت أول ما بدئ به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم... حتى فجأه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فيه، فقال: اقرأ. فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : فقلت: ما أنا بقارئ. فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني. فقال: اقرأ. فقلت: ما أنا بقارئ. فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني. فقال: اقرأ. فقلت: ما أنا بقارئ. فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني. فقال: ((اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ...)) حتى بلغ ((عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)). فرجع بها ترجف بوادره، حتى دخل على خديجة، فقال: زملوني، زملوني. فزملوه حتى ذهب عنه الروع. فقال: يا خديجة ما لي؟ وأخبرها الخبر، وقال: قد خشيت على نفسي. فقالت له: كلا، أبشر. فوالله لا يخزيك الله أبدا. إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقري -[ 108 ]- الضيف، وتعين على نوائب الحق. ثم انطلقت به خديجة، حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي، وهو ابن عم خديجة أخي أبيه، وكان امرأ تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العربي، فيكتب بالعربية من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخاً كبيراً قد عمي، فقالت له خديجة: أي ابن عم، اسمع من ابن أخيك. فقال ورقة: ابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما رأى. فقال ورقة: هذا الناموس الذي أنزل على موسى..." (1). وهو - كما ترى - صريح في أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يعرف أنه نبي مِن نزول الملك عليه، وإقرائه له - مع الإرهاصات والأمارات السابقة على أنه مهيأ للنبوة، التي ذكرها أهل الحديث والمؤرخون - حتى أخبره ورقة بن نوفل من طريق الحدس. وكيف يمكن التصديق بذلك؟! ثم كيف يمكن تصديقه (صلى الله عليه وآله وسلم) في دعوى الرسالة مع ذلك؟! 3 ـ وروى الشيخان أيضاً عن أبي هريرة: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: "اللهم إني أتخذ عندك عهداً لن تخلفنيه، فإنما أنا بشر. فأي المؤمنين آذيته، شتمته، لعنته، جلدته، فاجعلها له صلاة، وزكاة، وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة" (2). ـــــــــــــــــــــــ (1) صحيح البخاري 6: 2561 كتاب التعبير: باب أول مابدئ به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من الوحي الرؤيا الصالـحة، واللفظ له، 1: 4 كتاب بدء الوحي: باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقول الله جل ذكره: [إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ]، 4: 1894 كتاب التفسير: باب تفسير سورة [اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ...] العلق. صحيح مسلم 1: 140 كتاب الإيمان: باب بدء الوحي إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). (2) صحيح مسلم 4: 2008 كتاب البر والصلة والآداب:باب من لعنه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو سبه أو دعا عليه وليس هو أهلا لذلك كان له زكاة وأجراً ورحمة، واللفظ له. صحيح البخاري 5: 2339 كتاب الدعوات وقول الله تعالى [ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ]: باب قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من آذيته فاجعله له زكاة ورحمة. -[ 109 ]- فانظر هل يمكن التصديق بذلك؟! وما الفرق إذاً بين نبي الإسلام العظيم (صلى الله عليه وآله وسلم)- الذي هو القمة في الكمال - والطغاة من ولاة الجور وغيرهم؟! وإذا كان بشراً عادياً محكوماً للاندفاعات العاطفية في اعتدائه على من لا يستحق، فما المؤمِّن من أن يكون محكوماً لها في ثنائه على من لا يستحق؟! وكيف يمكن مع ذلك أن نعرف إيمان إنسان ونفاقه من ثناء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على ذلك الشخص أو لعنه له؟! وهل هذا إلا انتهاك لحرمة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإسقاط مواقفه من الناس عن الاعتبار؟! ويكاد يقطع المتبصر بأن ذلك إنما افتري على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من أجل الحفاظ على اعتبار كثير من منافقي قريش الذين جرحهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولعنهم. في محاولة منهم ثانية بعد أن كانت محاولتهم الأولى منع كتابة الحديث النبوي، كما تضمنه حديث عبد الله بن عمرو - المتقدم في أواخر جواب السؤال السابع من الأسئلة السابقة - قال: "كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أريد حفظه، فنهتني قريش، فقالوا: إنك تكتب كل شيء تسمعه من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بشر يتكلم في الغضب والرضا، فأمسكت عن الكتاب، فذكرت ذلك لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: اكتب. فو الذي نفسي بيده ما خرج مني إلا حق" (1). وربما يكون التحجير على السنة النبوية الذي أشرنا إليه هناك مرتبطًا ـــــــــــــــــــــــ (1) مسند أحمد 2: 162 مسند عبدالله بن عمرو بن العاص (رضي الله عنه)، واللفظ له،: 192 مسند عبد الله ابن عمرو بن العاص (رضي الله عنه). سنن أبي داود 3: 318 أول كتاب العلم: باب كتاب العلم. سنن الدارمي 1: 136 باب من رخص في كتابة العلم. المستدرك على الصحيحين 1: 187 كتاب العلم. تحفة الأحوذي 7: 357 في شرح أحاديث باب ما جاء في الرخصة. المدخل إلى السنن الكبرى 2: 415 باب من رخص في كتابة العلم.... الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع 2: 36 الكتابة عن المحدث في المذاكرة. -[ 110 ]- بذلك أيضًا. فراجع. 4 ـ وأخرج مسلم بسنده عن ابن عباس قال: "كان المسلمون لا ينظرون إلى أبي سفيان، ولا يقاعدونه. فقال للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : يا نبي الله، ثلاث أعطنيهن. قال: نعم. قال: عندي أحسن العرب وأجمله أم حبيبة بنت أبي سفيان، أزوجكها. قال: نعم. قال: ومعاوية تجعله كاتباً بين يديك. قال: نعم. قال: وتؤمرني حتى أقاتل الكفار، كما كنت أقاتل المسلمين. قال: نعم" (1). وقد طعن فيه جماعة من أعلام الجمهور. قال ابن القيم: "وقد روى مسلم في الصحيح من حديث عكرمة بن عمار عن ابن عباس قال: كان المسلمون لا ينظرون إلى أبي سفيان ولا يقاعدونه.... وقد رد هذا الحديث جماعة من الحفاظ، وعدوه من الأغلاط في كتاب مسلم. قال ابن حزم: هذا حديث موضوع لا شك في وضعه. والآفة فيه من عكرمة بن عمار (2). فإنه لم يختلف في أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تزوجها قبل الفتح بدهر، وأبوها كافر. وقال أبو الفرج بن الجوزي في كتاب الكشف له: هذا الحديث وهْمٌ من بعض الرواة. لا شك فيه، ولا تردد. وقد اتهموا به عكرمة بن عمار راويه. وقد ضعف أحاديثه يحيى بن سعيد الأنصاري، وقال: ليست بصحاح. وكذلك قال أحمد بن حنبل: هي أحاديث ضعاف. وكذلك لم يخرج عنه البخاري. إنما أخرج عنه مسلم، لقول يحيى بن معين: ثقة. ـــــــــــــــــــــــ (1) صحيح مسلم 4: 1945 كتاب فضائل الصحابة (رضي الله عنهم) من فضائل أبي سفيان بن حرب (رضي الله عنه). (2) إذا كانت الآفة فيه من عكرمة بن عمار هذا، وهو من الطبقة الأولى من التابعين فكيف خفي الأمر على من بعده من رواة الحديث طبقة بعد طبقة حتى انتهى الأمر إلى مسلم؟! وما هي المفاهيم التي كانوا يعيشونها، والدوافع التي كانوا يحملونها، حتى أغفلتهم عن هذا الخطأ الواضح؟! -[ 111 ]- قال: وإنما قلنا: إن هذا وهم، لأن أهل التاريخ أجمعوا على أن أم حبيبة كانت تحت عبيدالله بن جحش، وولدت له، وهاجر بها - وهما مسلمان - إلى أرض الحبشة، ثم تنصر، وثبتت أم حبيبة على دينها. فبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى النجاشي يخطبها عليه، فزوجه إياها، وأصدقها عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أربعة آلاف درهم. وذلك سنة سبع من الهجرة. وجاء أبو سفيان في زمن الهدنة، فدخل عليه، فنحَّت بساط رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، حتى لا يجلس عليه. ولا خلاف أن أبا سفيان ومعاوية أسلما في فتح مكة سنة ثمان، ولا يعرف أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أمّر أبا سفيان. وقد تكلف أقوام تأويلات فاسدة لتصحيح الحديث. كقول بعضهم: إنه سأله تجديد النكاح عليه. وقول بعضهم: إنه ظن أن النكاح بغير إذنه وتزويجه غير تام، فسأل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يزوجه إياها نكاحاً تامّا، فسلم له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حاله وطيب قلبه بإجابته. وقول بعضهم: إنه ظن أن التخيير كان طلاق، فسأل رجعته، وابتداء النكاح عليه. وقول بعضهم: إنه استشعر كراهة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) له، وأراد بلفظ التزويج استدامة نكاحه، لا ابتداءه. وقول بعضهم: يحتمل أن يكون وقع طلاق، فسأل تجديد النكاح. وقول بعضهم: يحتمل أن يكون أبو سفيان قال ذلك قبل إسلامه، كالمشترط له في إسلامه، ويكون التقدير: ثلاث إن أسلمت تعطينيهن. وعلى هذا اعتمد المحب الطبري في جواباته للمسائل الواردة عليه، وطوّل في تقريره. وقال بعضهم: إنما سأله أن يزوجه ابنته الأخرى، وهي أختها، وخفي عليه تحريم الجمع بين الأختين، لقرب عهده بالإسلام، فقد خفي ذلك على ابنته أم حبيبة، حتى سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ذلك، وغلط الراوي في اسمه. وهذه التأويلات في غاية الفساد والبطلان. وأئمة الحديث والعلم لا يرضون بأمثالها، ولا يصححون أغلاط الرواة بمثل هذه الخيالات -[ 112 ]- الفاسدة، والتأويلات الباردة، التي يكفي في العلم بفسادها تصورها وتأمل الحديث. وهذا التأويل الأخير وإن كان في الظاهر أقل فسادا، فهو أكذبها وأبطلها، وصريح الحديث يرده، فإنه قال: أم حبيبة أزوجكها. قال: نعم. فلو كان المسؤول تزويج أختها لما أنعم له بذلك (صلى الله عليه وآله وسلم). فالحديث غلط، لا ينبغي التردد فيه. والله أعلم" (1). وقد ذكرنا هذه العيِّنات الثلاث لننبه إلى وجود أمثالها من الأحاديث المعلومة البطلان في الأصول المذكورة. ونترك الباقي لمن يريد الاستقصاء.
ظهور الميل في الكتب المذكورة على أهل البيت (عليهم السلام) الأمر الثالث: ظهور الميل في الأصول المذكورة على أهل البيت (صلوات الله عليهم) ومجافاتهم.. أولاً: بترك الرواية عن كثير منهم، ممن هو في القمة من الدين والصدق والقدسية، كالإمام الصادق، والأئمة من ولده (صلوات الله عليهم)، وغيرهم من أهل البيت، وروايتهم عن جماعة كثيرة من أعداء أهل البيت ممن لا تلتقي بذمهم الشفتان، كمروان بن الحكم، وسمرة ابن جندب، وعمران بن حطان، وغيرهم. وثانياً: بالتقليل من ذكر الأحاديث المنوهة بأهل البيت (عليهم السلام)، والمتضمنة لفضائلهم ومناقبهم، أو تحويرها والحذف فيها. وحشر ما يمكن حشره من الأحاديث المنوهة بمخالفيهم، وتخفيف حدة بعض الأحاديث المتضمنة لنقاط الضعف في أولئك المخالفين بالحذف والتحوير وغيرهم. ـــــــــــــــــــــــ (1) حاشية ابن القيم على سنن أبي داود 6: 75ـ76، وقريب منه في زاد المعاد 1: 109 ـ 112 فصل في أزواجه0: في ترجمة أم حبيبة، وجلاء الأفهام: 248. -[ 113 ]- خصوصاً كتابي البخاري ومسلم، حيث يظهر ذلك جلياً فيهما: 1 ـ فقد تقدم في أواخر جواب السؤال السابع من الأسئلة السابقة أن البخاري لم يذكر حديث الغدير، مع اشتهاره واستفاضته بما يزيد على التواتر. 2 ـ كما بتر مسلم من حديث الغدير ما يتضمن ولاية أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، الذي هو المهم فيه، ومن أجله خطب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في غدير خم. 3 ـ ولم يرو البخاري حديث الثقلين، مع استفاضته بنحو يزيد على التواتر. 4 ـ وروى البخاري ومسلم عن الأسود: "ذكروا عند عائشة أن علياً (رضي الله عنه) كان وصيًّا. فقالت: متى أوصى إليه؟! وقد كنت مسندته إلى صدري، أو قالت: حجري. فدعا بالطست فلقد انخنث في حجري، فما شعرت أنه قد مات. فمتى أوصى إليه؟!" (1). أما أم سلمة فقد صح عنها أنها قالت: "والذي أحلف به إنْ كان عليٌّ لأقرب الناس عهداً برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). عدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) غداة، وهو يقول: جاء علي؟ جاء علي؟ مرارا. فقالت فاطمة (عليه السلام): كأنك بعثته في حاجة؟ قالت: فجاء بعد، فظننت أن له إليه حاجة. فخرجنا من البيت، فقعدنا عند الباب. وكنت أدناهم إلى الباب، فأكب عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وجعل يساره ويناجيه. ثم قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من يومه ذلك. فكان علي ـــــــــــــــــــــــ (1) صحيح البخاري 3: 1006 كتاب الوصايا: باب الوصايا وقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وصية الرجل مكتوبة عنده وقول الله تعالى [كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية...]، واللفظ له، 4: 1619 كتاب المغازي: باب مرض النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ووفاته وقول الله تعالى [إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ]. صحيح مسلم 3: 1257 كتاب الوصية: باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه. وغيرها من المصادر الكثيرة. -[ 114 ]- أقرب الناس عهداً" (1). ورواية أم سلمة معتضدة بما استفاض عن أمير المؤمنين والأئمة من ولده (صلوات الله عليهم) من أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) توفي في حجر أمير المؤمنين (عليه السلام)، وأنه (عليه السلام) كان آخر الناس عهداً به (2). وقد أكد ذلك ابن عباس، وأنكر حديث عائشة. فقد روي عن أبي غطفان أنه قال: "سألت ابن عباس: أرأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) توفي ورأسه في حجر أحد؟ قال: توفي وهو لمستند إلى صدر علي. قلت: فإن عروة حدثني عن عائشة أنها قالت: توفي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بين سحري ونحري. فقال ابن عباس: أتعقل؟! والله لتوفي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وإنه لمستند إلى صدر علي. وهو الذي غسله وأخي الفضل بن عباس..." (3). ـــــــــــــــــــــــ (1) المستدرك على الصحيحين 3: 149 كتاب معرفة الصحابة: ومن مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) مما لم يخرجاه: ذكر إسلام أمير المؤمنين علي (رضي الله عنه)، واللفظ له، وقال بعد ذكر الحديث: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه".مجمع الزوائد 9: 112 كتاب المناقب:باب مناقب علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) : باب منه في منزلته ومؤاخاته، وقال بعد ذكر الحديث: "رواه أحمد وأبو يعلى إلا أنه قال فيه كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم قبض في بيت عائشة والطبراني باختصار ورجالهم رجال الصحيح غير أم موسى وهي ثقة". المصنف لابن أبي شيبة 6: 365 كتاب الفضائل: فضائل علي بن أبي طالب (رضي الله عنه). مسند إسحاق بن راهويه 1: 129ـ130 فيما يروى عن رجال أهل البصرة مثل بريدة وسفينة ومسة الأزدية وغيرهم عن أم سلمة (رضي الله عنه) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقال بعد ذكر الحديث: "لايقل عن درجة الحسن إن شاء الله". مسند أحمد 6: 300 في حديث أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). مسند أبي يعلى 12: 364،404 فيما روته أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). فضائل الصحابة لابن حنبل 2: 686. البداية والنهاية 7: 360 أحداث سنة أربعين من الهجرة: شيء من فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب. (2) الطبقات الكبرى 2: 263 ذكر من قال توفي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حجر علي بن أبي طالب. فتح الباري 8: 139. (3) الطبقات الكبرى 2: 263 ذكر من قال توفي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حجر علي بن أبي طالب، واللفظ له. فتح الباري 8: 139. كنز العمال 7: 253 ـ 254 حديث:18791. -[ 115 ]- وكذا ما رواه جابر بن عبد الله الأنصاري قال: "إن كعب الأحبار قام زمن عمر، فقال - ونحن جلوس عند عمر-: أمير المؤمنين ما كان آخر ما تكلم به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ فقال عمر سل عليًّا. قال: أين هو؟ قال: هو هنا، فسأله. فقال علي: أسندته إلى صدري، فوضع رأسه على منكبي، فقال: الصلاة الصلاة. فقال كعب: كذلك آخر عهد الأنبياء. وبه أمروا. وعليه يبعثون. قال: فمَن غسله يا أمير المؤمنين؟ قال: سل عليًا. قال: فسأله، فقال: كنت أغسله، وكان العباس جالسا..." (1). بل هي معتضدة بما روي عن عائشة نفسها، حين سألتها امرأتان، فقالتا: "فأخبرينا عن علي. قالت: أي شيء، تسألن عن رجل وضع يده من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) موضعًا، فسالت نفسه في يده، فمسح بها وجهه، واختلفوا في دفنه، فقال: إن أحب البقاع إلى الله مكان قبض فيه نبيه. قالتا: فَلِمَ خرجت عليه؟ قالت: أمر قضي. لوددت أن أفديه ما على الأرض" (2). وحديثها الآخر قالت: "قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو في بيتي لما حضره الموت: ادعوا لي حبيبي. فدعوت أبا بكر فنظر إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثم وضع رأسه. ثم قال: ادعوا لي حبيبي. فقلت: ويلكم، ادعوا له علي بن أبي طالب، فوالله ما يريد غيره. فلما رآه استوى جالساً وفرج الثوب الذي كان عليه ثم أدخله فيه، فلم يزل يحتضنه، حتى قبض، ويده عليه" (3). ـــــــــــــــــــــــ (1) الطبقات الكبرى 2: 263 ذكر من قال توفي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حجر علي بن أبي طالب. فتح الباري 8: 139. (2) مسند أبي يعلى 8: 279 في مسند عائشة، واللفظ له. مجمع الزوائد 9: 112 كتاب المناقب: باب مناقب علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) : باب منه في منزلته ومؤاخاته. تاريخ دمشق 42: 394 في ترجمة علي بن أبي طالب. البداية والنهاية 7: 360ـ361 أحداث سنة أربعين من الهجرة: شيء من فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب. (3) المناقب للخوارزمي: 68، واللفظ له. تاريخ دمشق 42: 393 في ترجمة علي بن أبي طالب. ينابيع المودة 2: 163. ذخائر العقبى: 72 باب في ذكر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) : ذكر أنه أدخله النبي في ثوبه يوم توفي واحتضنه إلى أن قبض. -[ 116 ]- واختلاف موقف عائشة في القضية الواحدة، تبعاً لاختلاف الظروف والدوافع، ليس غريبًا، خصوصاً بعد موقفها في أمر عثمان. ولا نظن أن أحداً يشك في أن ما تضمنته هذه الأحاديث هو الأنسب بمقام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وعظيم مسؤوليته، مِن موته بغتة في حجر امرأته من دون أن يعهد بما يهمه، ويوصي بما يريد. ولعله لذا قال ابن عباس منكراً على من روى ذلك: أتعقل؟! ومع كل ذلك اقتصر البخاري ومسلم على حديث عائشة الأول، وأهملا حديث أم سلمة، مع صحته - حتى استدركه الحاكم عليهما - واعتضاده بما ذكرنا. 5 ـ ويذكر البخاري ومسلم رزية يوم الخميس، حين أراد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يكتب لأمته كتاباً يعصمهم من الضلال. لكنه أبهم ذكر الراد على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم يصرح باسمه يكون التعبير هكذا: "هجر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) " (1). أما حين يصرح باسم الراد عليه (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو عمر، فيكون التعبير: "إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد غلب عليه الوجع" (2). لتخفيف حدة التعبير وبشاعته. 6 ـ وقد تقدم عن الصحيحين حديث عمرو بن العاص عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : "أنه قال: إن آل أبي طالب ليسوا لي بأولياء. إنما وليي الله ـــــــــــــــــــــــ (1) كما في صحيح البخاري 3: 1111 كتاب الجهاد والسير: باب جوائز الوفد هل يستشفع إلى أهل الذمة ومعاملتهم، واللفظ له. صحيح مسلم 3: 1259 كتاب الوصية: باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه. (2) كما في صحيح البخاري 5: 2146 كتاب المرضى: باب قول المريض قوموا عني، واللفظ له. صحيح مسلم 3: 1259 كتاب الوصية: باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه. -[ 117 ]- وصالـح المؤمنين" (1). 7 ـ كما تقدم قريباً رواية مسلم حديث أبي سفيان مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، من أجل أن يرد اعتباره حين قاطعه المسلمون، الذي تقدم أنه مخالف لإجماع المؤرخين على زواج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من أم حبيبة قبل إسلام أبي سفيان... إلى غير ذلك مما لايسعنا استقصاؤه. وهو يكشف عن أن التعصب ضد أهل البيت يتحكم في كتب الجمهور، خصوصاً كتابي البخاري ومسلم اللذين هما أصحها عندهم.
منشأ تقديم كتابي البخاري ومسلم على غيرهما عند الجمهور ولعل تخصيص الجمهور لكتابي البخاري ومسلم بمزيد العناية والتعظيم ينعكس فيهم - ولو لا شعورياً - نتيجة ما سبق في جواب السؤال الثالث وغيره من انحرافهم عن أهل البيت (صلوات الله عليهم) ومجافاتهم لهم. وإلا فلا يظهر منشأ معتد به لتمييزهما بمزيد الإجلال والتعظيم والتصحيح.
موقفهم من أحمد لا يتناسب مع موقفهم من مسنده ولعل من أقوى الشواهد على ذلك أن أحمد بن حنبل إمام الجمهور من السنة في الأصول، وهو المقدم فيهم، لموقفه الصلب في المحنة، حتى قال علي بن المديني: "إن الله أيد هذا الدين بأبي بكر الصديق يوم الردة، وبأحمد ابن حنبل يوم المحنة" (2). وقال أبو عبيد: "انتهى العلم إلى أربعة أفقههم أحمد" (3). وقال الشافعي: "خرجت من بغداد فما خلفت بها رجلاً أفضل، ولا أعلم، ولا أفقه، من أحمد بن حنبل" (4). ـــــــــــــــــــــــ (1) تقدمت مصادره في جواب السؤال الأول في 2: 54. (2)، (3)، (4) تذكرة الحفاظ 1: 432 في ترجمة أحمد بن حنبل. -[ 118 ]- وهو بعد إمام الحنابلة - الذين هم أشد الناس تعصباً - في الفروع. وهو أقدم طبقة مِن جميع أصحاب الأصول الستة، البخاري فمَن بعده.وقد ألف أحمد المسند ليكون مرجعاً للأمة، فقد روى أبو موسى محمد بن عمر المديني بسنده عنه أنه قال: "إن هذا الكتاب قد جمعته واتقنته [انتقيته.ظ] من أكثر من سبعمائة وخمسين ألفًا. فما اختلف المسلمون فيه من حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فارجعوا إليه، فإن كان فيه [وإلا.ظ] فليس بحجة" (1). وروى بسنده عن عبدالله بن أحمد بن حنبل أنه قال: "قلت لأبي (رحمه الله تعالى): لمَ كرهت وضع الكتب، وقد عملت المسند؟ فقال: عملت هذا الكتاب إماماً إذا اختلف الناس في سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) رجع إليه" (2). وقال أبو موسى المديني المذكور في كلام له عن مسند أحمد: "ولم يخرج إلا عمن ثبت عنده صدقه وديانته، دون مَن طعن في أمانته..."، ثم ذكر الشاهد على ذلك (3). ومن ثم ذكر السبكي أن مسند أحمد أصل من أصول الأمة (4)، وقال السيوطي: "كل ما كان في مسند أحمد فهو مقبول، فإن الضعيف الذي فيه يقرب من الحسن" (5). ومع كل ذلك لم يُعد في جملة الصحاح عندهم، فضلاً عن أن يقرن بصحيحي البخاري ومسلم، أو يفضل عليهما بل كثيراً ما يحاول بعضهم تهوين أمر الحديث الذي لا يعجبه بأنه لم يذكر إلا في مسند أحمد. ـــــــــــــــــــــــ (1) خصائص مسند أحمد: 13، واللفظ له. التقييد: 161. المقصد الأرشد 1: 366 في ترجمة حنبل بن إسحاق بن حنبل. (2) خصائص مسند أحمد: 14، واللفظ له. التقييد: 161. (3) خصائص مسند أحمد: 14 ـ15. (4) طبقات الشافعية الكبرى 2: 31 في ترجمة أحمد بن محمد بن حنبل. (5) كشف الخفاء للعجلوني 1: 9، واللفظ له. كنز العمال 1: 10. -[ 119 ]- ولا يظهر لنا سبب لذلك إلا اشتمال المسند المذكور على كثير من مناقب أمير المؤمنين وأهل البيت (صلوات الله عليهم) وفضائلهم مما لم يذكره غيره، فلو جعلوه في جملة الصحاح المعدودة عندهم، أو قدموه عليها - لِتَقَدُّم أحمد عندهم - لفتحوا على أنفسهم باباً يصعب عليهم التخلص من تبعات فتحه. وعلى كل حال فمهما كان منشأ تقديمهم للأصول الستة المذكورة، وتسالمهم المدعى على قبول أحاديثها، فإن سلبياتها لا تبرر التعويل عليها من دون تمحيص وعرض على ضوابط الحجية المعروفة عند العقلاء التي عليها المعول شرعًا. ولا ينفعهم مع ذلك ما أحاطوها به من هالات التعظيم والتقديس، وما استعانوا به لتركيزها من الكلمات الرنانة، والنعوت الضخمة، والتهويلات الرادعة، مثل ما تقدم عن كتابي البخاري ومسلم من أنهما أصح الكتب بعد القرآن المجيد، وقول الدهلوي المتقدم: "كل من يهون أمرهما فهو مبتدع، متبع غير سبيل المؤمنين"، ونحو ذلك مما تقتضيه طبيعة الجمود والتقليد التي تتحكم في مواقف كثير من الناس، فتفرض عليهم مسلمات لا حقيقة لها، بل هي ((كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ)) (1). وبعد هذا الاستعراض الطويل يتضح مدى اضطراب الجمهور، وخروجهم عن الطرق العقلائية التي عليها المعول في قبول الأخبار، وأنهم يفقدون المبررات العقلية، والحجج الشرعية المعذّرة مع الله تعالى يوم العرض الأكبر ((يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ)) (2). ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة النور الآية: 39. (2) سورة الدخان الآية: 41. -[ 120 ]- ما ينبغي للجمهور بعد ما تقدم والأولى بهم نتيجة ما سبق أن يتفرغوا أولاً: لتمهيد قواعد قبول الحديث بالنحو المناسب للأدلة الشرعية، والعقلية المعول عليها عند العقلاء كافة، في جميع الأمور. ثم تطبيق تلك القواعد، والجري عليها، بشجاعة، في عملية انتقاء الأحاديث والعمل بها، مع التجرد عن جميع التراكمات والمسلمات، التي أفرزتها الخلافات والتعصبات، ونسجتها الأوهام التي ما أنزل الله بها من سلطان. | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: رد: (في رحاب العقيدة)للسيد الحكيم.مفصّل سهل التناول السبت يوليو 21, 2012 3:24 pm | |
| موقف الشيعة السليم أما الشيعة فهم - بحمد الله تعالى - قد جَرَوا على ذلك بطبيعتهم المبنية على التزام الدليل والوقوف عليه، فالباحث منهم لا يكون مجتهداً في عمل نفسه، ومرجعاً لغيره مِن عامة الناس في دينهم، إلا بعد أن يخرج بمحصلة كاملة في قواعد العمل بالحديث، وتعيين ما هو الحجة منه. وهم لا يعتمدون في الجرح والتعديل إلا على مَن تمّت الموازين العقلائية والشرعية على معرفته ودينه، بحيث يبتني جرحه وتعديله على مراعاة الواقع والشهادة به، من دون تدخل للهوى والتعصب الشخصي وغيره. كما لا يعتمدون من كتب الحديث إلا على ما ألَّفَه مَن تسالموا على معرفته ودينه وورعه مِن دون أي قدح مُسْقِط للوثوق به. ثم هم لا يقطعون على صحة جميع أحاديث تلك الكتب، حتى لو عمل بها أصحابها وصححوها، بل لابد مِن النظر في أسانيدها ودلالتها، بمقتضى الضوابط التي يجري كل مجتهد حسب الأدلة التي اعتمدها. وباب الاجتهاد عندهم في جميع ذلك مفتوح. ولا يُشْرَع التقليد لهم إلا في حق العامي العاجز عن النظر في أدلة الأحكام. -[ 121 ]- كل ذلك بفضل أئمة أهل البيت (صلوات الله عليهم)، حيث أدبوهم فأحسنوا أدبهم، وعلموهم فأحسنوا تعليمهم، وسلكوا بهم سبل الاستدلال العلمي الرصين، حتى أَلِفُوه، وتركز في نفوسهم، وعرفوا به، وعليه قام كيانهم.و((الْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَاوَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللهُ)) (1). وله الشكر على ذلك أبداً واصبا. وهو حسبنا، ونعم الوكيل. نعم المولى، ونعم النصير. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المطلب الثاني: قولك في سؤالك هذا: "وهذا غير لازم لأهل السنة - أي الاعتماد على كتب الشيعة - لأنهم اكتفوا بالرواية عن الرسول (ص)، ولعدم قولهم بعصمة الأئمة".
ونقول: تَذْكُر في كلامك هذا مبرِّرَيْن لعدم الاعتماد على كتب الشيعة..
اكتفاء السنة برواياتهم لا يبرر إعراضهم عن أحاديث الأئمة (عليهم السلام) المبرر الأول: (اكتفاء جمهور السنة بما عندهم من الأحاديث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)). لكن هذا لا يصلـح مبرراً لترك أحاديث الأئمة (عليهم السلام)، فإن أحاديثهم (عليهم السلام) من أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فكما يجب الرجوع لأحاديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) التي يرويها الجمهور عنه بطرقهم - إذا تمت شروط الحجية فيها - يجب الرجوع لأحاديثه (صلى الله عليه وآله وسلم) التي يرويها الأئمة (عليهم السلام) عنه. ولا معنى للاكتفاء ببعض أحاديثه (صلى الله عليه وآله وسلم) عن بعض. وإلا كان للشيعة أن يكتفوا بالأحاديث التي يروونها بطرقهم - بما في ذلك الأحاديث ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة الأعراف الآية: 43. -[ 122 ]- التي يروونها عن الأئمة (عليهم السلام) - عن الأحاديث التي رواها الجمهور بطرقهم، وأودعوها في كتبهم إذا بلغت مرتبة الحجية سنداً ودلالة. وما ندري كيف تدّعي اكتفاء الجمهور بما رووه عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، مع أن الكثير منهم يضطرون - بسبب عدم وفاء الأحاديث النبوية التي عندهم بأحكام الوقائع الابتلائية - للعمل بأمور أخرى غير الأحاديث، كالقياس والاستحسان، وعمل أهل المدينة وغيره. بل قال أبو المعالي الجويني: "الذي ذهب إليه أهل التحقيق أن منكري القياس لا يعدون من علماء الأمة، ولا من حملة الشريعة، لأنهم معاندون مباهتون فيما ثبت استفاضةً وتواترًا، لأن معظم الشريعة صادر عن الاجتهاد، ولا تفي النصوص بعُشْرِ مِعْشَارها..." (1).
أثر رجوع الجمهور لأحاديث الأئمة (عليهم السلام) وعلى أي حال يظهر الأثر لرجوع الجمهور لأحاديث الأئمة (عليهم السلام).. 1 ـ في المسائل التي ورد فيها الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من طرق الأئمة (عليهم السلام) ولم يرد فيها الحديث عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) من طريق الجمهور، حيث يتعين حينئذٍ الرجوع للأحاديث التي رواها الأئمة (عليهم السلام)، ولا يرجع للقياس والأصل ونحوهما مما يرجع إليه عند فقد النَّص. 2 ـ في المسائل التي ورد فيها الحديث من طريق الجمهور، وورد فيها الحديث من طريق الأئمة (عليهم السلام)، إذا كان الحديث الوارد من طريق الأئمة (عليهم السلام) صالحاً لتفسير الحديث الوارد من طريق الجمهور، ومبيناً له على خلاف ما يظهر منه بَدْوًا. حيث يتعين حينئذٍ الجمع بين الحديثين، وتحكيم الحديث الوارد من طريق الأئمة (عليهم السلام)، لأنه مفسر وشارح للحديث الوارد ـــــــــــــــــــــــ (1) سير أعلام النبلاء 13: 105 في ترجمة داود بن علي. -[ 123 ]- من طريق الجمهور. كما هو الحال في سائر موارد ورود حديثين يصلـح أحدهما لتفسير الآخر. 3 ـ في المسائل التي ورد فيها الحديث من طريق الجمهور ومن طريق الأئمة (عليهم السلام) معًا، وكانا متعارضين متنافيين، بحيث لا يمكن الجمع بينهما، ولا يكون أحدهما مفسراً للآخر، حيث يتعين حينئذٍ الأخذ بالراجح من الحديثين، ومع عدم الترجيح بينهما يتعين التوقف عنهما، ولا يعمل بالحديث الوارد من طريق الجمهور. نظير ما لو ورد من طريق الجمهور، حديثان متعارضان لا يمكن الجمع بينهما. والحاصل: أن اشتمال كتب الحديث عند الجمهور على مجموعة من أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بطرقهم لا يبرر لهم الإعراض عن أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) المروية من طريق أهل البيت (عليهم السلام) والموجودة في كتب الشيعة، فإن بعض الحق لا يكفي عن بعض. بل هو نظير اكتفاء الجمهور بأحاديث بعض كتبهم عن بعض.
الموازين العقلائية تقضي بتقديم ما ورد عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) على أنّ استعراض الأحداث، والتدبر فيها، وفيما ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقضي بتقديم ما ورد عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) على غيره، ولزوم الرجوع إليهم (عليهم السلام). حيث قد تعرضت السنة النبوية في الصدر الأول قبل التدوين لمحن ومشاكل أوجبت ضياع الحق منها.
كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) عن المحن التي مُنِيَ بها الحديث الشريف فقد ورد أن أمير المؤمنين (عليه السلام) سُئل عن أحاديث البدع وعما في أيدي الناس من اختلاف الخبر، فقال (عليه السلام) : "إن في أيدي الناس حقاً وباطلا، وصدقاً وكذبا، وناسخاً ومنسوخا، وعاماً وخاصا، ومحكماً ومتشابها، -[ 124 ]- وحفظاً ووهْمًا. ولقد كُذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على عهده، حتى قام خطيبًا، فقال: من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار. وإنما أتاك بالحديث أربعة رجال ليس لهم خامس: رجل منافق مظهر للإيمان، متصنع بالإسلام لا يتأثم، ولا يتحرج، يكذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) متعمدا. فلو علم الناس أنه منافق كاذب لم يقبلوا منه، ولم يصدقوا قوله. ولكنهم قالوا: صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، رأى وسمع منه، ولقف عنه، فيأخذون بقوله. وقد أخبرك الله عن المنافقين بما أخبرك، ووصفهم بما وصفهم به لك. ثم بقوا بعده (عليه وآله السلام)، فتقربوا إلى أئمة الضلالة، والدعاة إلى النار بالزور والبهتان، فولوهم الأعمال، وجعلوهم حكاماً على رقاب الناس، وأكلوا بهم الدنيا، وإنما الناس مع الملوك والدنيا، إلا من عصم الله. فهو أحد الأربعة (1).ورجل سمع من رسول الله شيئاً لم يحفظه على وجهه، فوهم فيه، ولم يتعمد كذبًا. فهو في يرويه، ويعمل به، ويقول: أنا سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). فلو علم المسلمون أنه وهم فيه لم يقبلوه منه، ولو علم هو أنه كذلك لرفضه. ورجل ثالث سمع من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) شيئاً يأمر به، ثم نهى عنه، وهو لا يعلم، أو سمعه ينهى عن شيء، ثم أمر به، وهو لا يعلم، فحفظ المنسوخ، ولم يحفظ الناسخ. فلو علم أنه منسوخ لرفضه. ولو علم المسلمون إذ سمعوه منه أنه منسوخ لرفضوه. وآخر رابع لم يكذب على الله ولا على رسوله، مبغض للكذب، ـــــــــــــــــــــــ (1) تقدم التعرض لهذا المقطع من كلامه (عليه السلام) في جواب السؤال الأول من هذه الأسئلة. كما تقدم منا التعليق عليه بما ينبغي الرجوع له والتدبر فيه. وإنما أعدناه هنا لتسهيل الإحاطة بمراده (عليه السلام) من كلامه بتمامه. -[ 125 ]- خوفاً من الله، وتعظيماً لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولم يهِم، بل حفظ ما سمع على وجهه، فجاء به على ما سمعه، لم يزد فيه، ولم ينقص منه. فحفظ الناسخ، فعمل به، وحفظ المنسوخ، فجنب عنه، وعرف الخاص والعام، فوضع كل شيء موضعه، وعرف المتشابه ومحكمه. وقد كان يكون من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الكلام له وجهان، فكلام خاص، وكلام عام، فيسمعه من لا يعرف ما عنى الله به، ولا ما عنى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فيحمله السامع، ويوجهه على غير معرفة بمعناه، وما قصد به، وما خرج من أجله. وليس كل أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من كان يسأله ويستفهمه، حتى أن كانوا ليحبون أن يجيء الأعرابي والطارئ فيسأله (عليه السلام) حتى يسمعوه. وكان لا يمرّ بي من ذلك شيء إلا سألته عنه، وحفظته. فهذه وجوه ما عليه الناس في اختلافهم وعللهم في رواياتهم" (1). ويبدو أن سؤال السائل لأمير المؤمنين (صلوات الله عليه) كان نتيجة شيوع أحاديث البدع، واختلاف الخبر، بنحو أوجب تحير السائل والتباس الأمر عليه، بحيث لا يستطيع تمييز الحق بنفسه، حتى رجع لأمير المؤمنين (عليه السلام) وسأله. كما يبدو من جواب أمير المؤمنين (عليه السلام) أن عامة المسلمين في غفلة عن هذا الاختلاط والالتباس، فكل منهم يعمل بما وصل إليه من الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، لحسن ظنه بمَن حدثه به من الصحابة، من دون أن يتسنى لهم التمييز بينهم، ومعرفة المنافق المتعمد للكذب من غيره، والواهم من غيره، والذي يروي الناسخ من الذي يروي المنسوخ. ـــــــــــــــــــــــ (1) نهج البلاغة 2: 188 ـ 191، واللفظ له. ينابيع المودة 3: 409. -[ 126 ]- أسباب المحن التي مني بها الحديث الشريف كل ذلك بسبب الحجر على الحديث النبوي، والمنع من تدوينه، ومن الحديث به إلا في حدود ضيقة، تحت إشراف السلطة، وتبعاً لها، كما أشرنا إليه في جواب السؤال السابع من الأسئلة السابقة. وبسبب ما هو المعلوم من عدم انتشار كبراء الصحابة وصلحاءهم في البلدان إلا ضمن رقابة مشددة، لا يأخذون معها حريتهم في نشر حديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، إما لمجافاتهم للسلطة القائمة وعدم تعاونهم معها، أو لتخوفها منهم، حتى حجرت عليهم، خصوصاً في عهد عمر حيث منعهم من الانتشار في البلاد. وكان اعتماد السلطة وتعاونها مع كثير من المنافقين والمؤلفة قلوبهم من مسلمة الفتح ونحوهم، كما تضمنه كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) المتقدم، وتقدمت الإشارة إليه في جواب السؤال الرابع من هذه الأسئلة. كل ذلك أوجب اختلاط الأوراق والتباس الحق بالباطل، وضياع الأمر على المسلمين، فكان عامتهم يعملون بكل ما وصل إليهم، ويعتقدون صدقه غفلة عن حقيقة الحال، وقد أدرك بعض الخاصة ذلك، فبقي متحيراً قد خفيت عليه معالم الحق، حتى اضطر للسؤال. هذا كله في الصدر الأول بعد مضي أقل من ثلاثة عقود من السنين على وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، والصحابة متوافرون، وفيهم العدد الكثير من أهل الورع والمعرفة، وقد أخذوا حريتهم في بيان الحقيقة، وفي نشر الحديث الصادق عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما ضعفت سيطرة السلطة في أواخر عهد عثمان، وخصوصاً في عهد أمير المؤمنين (عليه السلام)، الذي كان عهده عهد انتصارهم، وانتصار أفكارهم التي يحملونها ويؤمنون بها، كما تقدم في جواب السؤال الرابع. -[ 127 ]- بدء محاولة التصحيح وإيضاح الحق في عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) وليت الأمر وقف على ذلك، ليبدأ التصحيح وبيان الحق في عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) منه (عليه السلام) ومن أهل البيت (عليهم السلام) ومن المستحفظين من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، الذين أخذوا منهم، وحدثوا عنهم. والذين كان لهم - بسبب ما عرفوا به من صدق اللهجة - الأثر المهم بعد ذلك في التنبيه للحق والتذكير به، حيث حملوه وحفظوه ووعوه، وحدثوا به ونشروه، ودعوا له، وروجوه، على شدة المحنة، وطول المدة، وما عانوه من قسوة مواقف السلطة، وعامة الناس الذين تأثروا بتثقيفها وإعلامها. نظير من ذكرهم الجوزجاني في كلامه المتقدم عن بعض الشيعة، ممن لا يرتضي هو ولا النواصب مذهبهم، حيث قال: "كان من أهل الكوفة قوم لا يحمد الناس مذاهبهم. هم رؤوس محدثي الكوفة. مثل أبي إسحاق،ومنصور، وزبيد بن الحارث اليامي، والأعمش، وغيرهم من أقرانهم، احتملهم الناس لصدق ألسنتهم في الحديث".
الانتكاسة بمقتل أمير المؤمنين وإقصاء أهل البيت (عليهم السلام) عن الحكم أقول: ليت الأمر وقف على ذلك، ليتم التصحيح وبيان الحق بجهود هؤلاء،غير أن الأمر لم يطل حتى انطوى عهد حكم أهل البيت (عليهم السلام)، وجاء عهد معاوية الذي هو كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : "ظاهر غيُّه، مهتوك ستره، يشين الكريم بمجلسه، ويسفه الحكيم بخلطته" (1). وقد جاء ليعلن - بكل صلافة وصفاقة وجه - عن استهتاره في أول خطبة له بعد استيلائه على أمور المسلمين في النخيلة، قبل أن يدخل ـــــــــــــــــــــــ (1) نهج البلاغة 3: 64. -[ 128 ]- الكوفة، حيث قال: "ما قاتلتكم لتصلوا، ولا لتصوموا، ولا لتحجوا، ولا لتزكوا. وقد أعرف أنكم تفعلون ذلك. ولكن إنما قاتلتكم لأتأمر عليكم. وقد أعطاني الله ذلك وأنتم له كارهون" (1). عهد جديد في تحريف السنة النبوية وتضييع الكثير منها وجاء عهد جديد في تحريف السنة النبوية، بدأ بخطبته في أهل الشام حينما رجع من الكوفة بعد اجتماع الناس عليه، حيث قال: "أيها الناس إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لي: إنك ستلي الخلافة من بعدي، فاختر الأرض المقدسة، فإن فيها الأبدال. وقد اخترتكم، فالعنوا أبا تراب" فلعنوه. فلما كان من الغد كتب كتابًا، ثم جمعهم فقرأه عليهم. وفيه: "هذا كتاب كتبه أمير المؤمنين معاوية، صاحب وحي الله الذي بعث محمداً نبيًّا، وكان أمياً لا يقرأ ولا يكتب، فاصطفى له من أهله وزيراً كاتباً أمينًا، فكان الوحي ينزل على محمد، وأنا أكتبه، وهو لا يعلم ما أكتب. فلم يكن بيني وبين الله أحد من خلقه". فقال الحاضرون كلهم: صدقت يا أمير المؤمنين (2).
عود التحجير على الحديث النبوي وأدبر عهد الصحابة، وعادوا للانكماش في هذا العهد الأسود، وانحسر نشاطهم في التثقيف الصحيح، وخمد صوتهم، وأخفيت كثير من الحقائق فقد جرى معاوية على سنن الماضين في التحجير على الحديث ـــــــــــــــــــــــ (1) المصنف لابن أبي شيبة 6: 187 كتاب الأمراء: ما ذكر من حديث الأمراء والدخول عليهم، واللفظ له. سير أعلام النبلاء 3: 147 في ترجمة معاوية بن أبي سفيان. شرح نهج البلاغة 16: 46. تاريخ دمشق 59: 150 في ترجمة معاوية بن صخر أبي سفيان ابن حرب بن أمية. البداية والنهاية 8: 131 أحداث سنة ستين من الهجرة النبوية: وهذه ترجمة معاوية وذكر من أيامه وما ورد في مناقبه وفضائله. (2) شرح نهج البلاغة 4: 72. -[ 129 ]- النبوي الصحيح. ومن كلامه: "يا ناس أقلوا الرواية عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). وإن كنتم تتحدثون فتحدثوا بما كان يتحدث به في عهد عمر..." (1). بل رجعت الفتنة إلى أوج طغيانها، وشدة شراستها. كما يظهر بمراجعة ما تقدم في جواب السؤال الرابع من هذه الأسئلة، عند التعرض لمواقف الصحابة في نصرة أمير المؤمنين وأهل البيت (صلوات الله عليهم) وما قاموا به وما عانوه بعد مقتله (عليه السلام) في العهد الأموي.
حملة التثقيف بالأحاديث الموضوعة ثم جاءت حملة التثقيف العام بالأحاديث الموضوعة، والمنع عن ذكر الأحاديث الواردة في فضل أمير المؤمنين (عليه السلام) وأهل البيت (صلوات الله عليهم). تلك الحملة التي تقدم التعرض لها في جواب السؤال الأول من هذه الأسئلة، والتي ذكرها الإمام أبو جعفر الباقر (عليه السلام)، والمدائني، ونفطويه. فراجع تفصيل ذلك هناك.
تدوين السنة بعد انتشار الأحاديث الموضوعة ولم تدوّن السنة عند الجمهور إلا في عهد عمر بن عبدالعزيز، تحت إشراف السلطة طبعًا، وبعد مدة طويلة من انتشار الأحاديث الموضوعة، قبل حكم أمير المؤمنين (عليه السلام) وبعده، وبعد أن رواها الديانون، واعتقدوا أنها حق، لشيوعها وكثرة رواتها، كما سبق عن الإمام الباقر (عليه السلام)، والمدائني، ونفطويه والإسكافي. ـــــــــــــــــــــــ (1) كنز العمال 10: 291 حديث:29473، واللفظ له. المعجم الكبير 19: 370 فيما رواه عبد الله ابن عامر اليحصبي القارئ عن معاوية. -[ 130 ]- النتائج الطبيعية لما سبق أترى بعد كل ذلك كيف يكون أمر السنة الشريفة، وكم ضاع منها في الفترات المتعاقبة، أو ضُيِّع؟. وكم ظهر منها محرفاً نتيجة وهم الرواة عن حسن نية، أو نتيجة تعمد المضللين والمنافقين؟. وكم كان مما ظهر منها منسوخاً قد خفي نسخه؟. وكم ظهر منها معارضاً بما يناقضه من الموضوعات، بحيث يلتبس الأمر فيها على الناس؟ وما مقدار ما ظهر منها سالماً من جميع ذلك؟ وكيف يمكن التمييز، ومعرفة الحق في ذلك كله؟ وكيف يكون عمل الناس في الأمور التي يتعرضون لها، ويحتاجون فيها لمعرفة تعاليم دينهم وأحكامه؟ وكذا الحال في الوقائع المتجددة بعد عصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، والتي لم يرد فيها لعامة الناس سنة من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يرجع إليها ويعمل بها. هذا كله في فترة قصيرة بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لا تبلغ قرناً من الزمن.
مشاكل ما بعد تدوين السنة النبوية الشريفة أما بعد التدوين فما أكثر المشاكل والمحن التي تعرض لها الحديث النبوي الشريف. والتي لا نستوفيها مهما أسهبنا في الموضوع.
امتناع أصحاب كتب الحديث عن تدوين كثير مما رووه 1 ـ فما أكثر ما ترك حملة الحديث ومَن دوّنوه كثيراً مِن الحديث الذي رووه لم يدونوه. فقد تقدم في أواخر الكلام حول أصول الحديث المعتمدة عند الجمهور عن أحمد بن حنبل أنه انتقى مسنده من أكثر من سبعمائة وخمسين ألف حديث. وقد ذكر أبو علي الغساني عن البخاري أنه قال: "خرجت الصحيح -[ 131 ]- من ستمائة ألف حديث" (1). وقال الإسماعيلي عنه أيضاً: "لم أخرج في الكتاب إلا صحيحًا. وما تركت من الصحيح أكثر" (2). وقال إبراهيم بن معقل: "سمعت البخاري يقول: ما أدخلت في كتابي الجامع إلا ما صح، وتركت من الصحيح حتى لا يطول" (3). وورد عن البخاري أيضاً أنه قال: "أحفظ مائة ألف حديث صحيح" (4). مع أن كتابه لم يتضمن إلا تسعة آلاف واثنين وثمانين حديثاً بما فيه المكرر (5). وعن أبي بكر بن داسة أنه قال: "سمعت أبا داود يقول: كتبت عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خمسمائة ألف حديث، انتخبت منها ما ضمنته هذا الكتاب (يعني:كتاب السنن) جمعت فيه أربعة آلاف حديث وثماني مائة حديث. ـــــــــــــــــــــــ (1) مقدمة فتح الباري 1: 7. (2) سير أعلام النبلاء 12: 471 في ترجمة أبي عبدالله البخاري، واللفظ له. تغليق التعليق 5: 426 فصل في ترجمة البخاري والتعريف بقدره وجلالته وذكر نسبته و نسبه ومولده وصفته: فصل في بيان شرطه فيه وما اتصل بذلك من قصته مع الذهلي. مقدمة فتح الباري 1: 7. (3) مقدمة فتح الباري 1: 7، واللفظ له. سير أعلام النبلاء 10: 96 في ترجمة الإمام الشافعي. تهذيب التهذيب 9: 42 في ترجمة محمد بن إسماعيل بن إبراهيم. تهذيب الكمال 24: 442 في ترجمة محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة. تاريخ بغداد 2: 9 في ترجمة محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة. وغيرها من المصادر. (4) التقييد: 33، واللفظ له. تذكرة الحفاظ 2: 556 في ترجمة البخاري. سير أعلام النبلاء 12: 415 في ترجمة أبي عبدالله البخاري، 24: 461 في ترجمة محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة. تاريخ بغداد 2: 25 في ترجمة محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة. وغيرها من المصادر. (5) مقدمة فتح الباري 1: 465 في آخر الفصل العاشر في عد أحاديث الجامع. -[ 132 ]- ذكرت الصحيح وما يشبهه ويقاربه..." (1). وروى البيهقي: أن أبا زرعة قد حفظ ستمائة ألف حديث (2). وذكر صالـح بن محمد عن أبي زرعة أنه قال: "أنا أحفظ عشرة آلاف حديث في القراءات..." (3). وعن أحمد بن حنبل: "صح من الحديث سبعمائة ألف وكسر" (4)، مع أن الموجود أقل من ذلك بكثير جدًّا... إلى غير ذلك مما لا يسعنا استقصاؤه.
ما هي معايير الانتقاء؟ ويا ترى كيف كانت معايير الانتقاء؟ وما هو المؤمِّن مِن اشتمال كثير مما ترك وأهمل على الحق، وأن يكون قد أُهْمِل لعدم ملاءمته لميول المدوّنين وأهوائهم، وميول العامة الذين كانوا يجارونهم، خصوصاً بعد ما سبق من الحديث عنهم. ولنذكر مثالاً واحداً من ذلك، ليتضح مدى تلاعب الأهواء بالحديث. قال الخلال: "وأخبرني محمد بن علي قال: ثنا مهنى، قال سألت أحمد. قلت: حدثني خالد بن خداش. قال: قال سلام. وأخبرني محمد بن علي. قال: ثنا يحيى قال: سمعت خالد بن خداش قال: جاء سلام بن أبي مطيع إلى أبي عوانة، فقال: هات هذه البدع التي قد جئتنا بها من الكوفة. قال: فأخرج إليه أبو عوانة كتبه. فألقاها في التنور. ـــــــــــــــــــــــ (1) سير أعلام النبلاء 13: 209، 210 في ترجمة أبي داود. (2)، (3) تهذيب التهذيب 7: 30، 29 في ترجمة عبيدالله بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ. (4) تهذيب التهذيب 7: 30 في ترجمة عبيدالله بن عبدالكريم بن يزيد بن فروخ، واللفظ له. سير أعلام النبلاء 13: 69 في ترجمة أبي زرعة الرازي. تهذيب الكمال 19: 96 في ترجمة عبيدالله بن عبدالكريم بن يزيد بن فروخ، وغيرها من المصادر. -[ 133 ]- فسألت خالداً: ما كان فيها؟ قال: حديث الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن ثوبان، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : استقيموا لقريش. وأشباهه. قلت لخالد: وأيش؟ قال: حديث علي: [أنا قسيم الجنة والنار]. قلت لخالد: حدثكم به أبو عوانة عن الأعمش؟ قال: نعم. إسناده صحيح. وأخبرنا عبد الله بن أحمد قال: سمعت أبي يقول: سلام بن أبي مطيع من الثقات من أصحاب أيوب. وكان رجلاً صالحا، حدثنا عنه عبد الرحمن بن مهدي. ثم قال أبي: كان أبو عوانة وضع كتاباً فيه معايب أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وفيه بلايا، فجاء إليه سلام بن أبي مطيع، فقال: يا أبا عوانة أعطني ذلك الكتاب، فأعطاه، فأخذه سلام، فأحرقه. إسناده صحيح" (1). 2 ـ ثم ما أكثر ما تركوا الرواية عن بعض حملة الحديث لا لعدم وثاقتهم، بل لمخالفتهم لهم في المذهب والهوى. ولنذكر مثالاً واحداً لذلك. ففي حديث الجراح بن مليح قال: "سمعت جابراً يقول: عندي سبعون ألف حديث عن أبي جعفر عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كلها" (2). ويقول محمد بن عمر الرازي: "سمعت جريراً يقول: لقيت جابر بن يزيد الجعفي فلم أكتب عنه، كان يؤمن بالرجعة" (3). ـــــــــــــــــــــــ (1) السنة للخلال 3: 510 في التغليظ على من كتب الأحاديث التي فيها طعن على أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). (2) صحيح مسلم 1: 20 باب: بيان أن الإسناد من الدين وأن الرواية لا تكون إلا عن الثقات، وأن جرح الرواة بما هو فيهم جائز، بل واجب، وأنه ليس من الغيبة المحرمة بل من الذب عن الشريعة المكرمة، واللفظ له. ميزان الاعتدال 2: 107 في ترجمة جابر بن يزيد بن الحارث الجعفي. الضعفاء للعقيلي 1: 193 في ترجمة جابر بن يزيد الجعفي. وغيرها من المصادر. (3) صحيح مسلم 1: 20 باب بيان أن الإسناد من الدين وأن الرواية لا تكون إلا عن الثقات، وأن جرح الرواة بما هو فيهم جائز، بل واجب، وأنه ليس من الغيبة المحرمة بل من الذب عن الشريعة المكرمة، واللفظ له. ميزان الاعتدال 2: 104 في ترجمة جابر بن يزيد ابن الحارث الجعفي. الضعفاء للعقيلي 1: 192 في ترجمة جابر بن يزيد الجعفي. وغيرها من المصادر. -[ 134 ]- ومن المعلوم أن الإيمان بالرجعة ليس من شواهد الكذب، وإنما هو عقيدة مستمدة من أدلة وأحاديث لا يعجبه التصديق بها، وقد اختص بها طائفة تخالفه في المذهب والهوى.
الضغط على أهل الحديث من السلطان والعامة 3 ـ وأيضاً ما أكثر ما منع أصحاب الحديث من الحديث، أو ضويقوا، لا لكذبهم، بل لعدم ملاءمة أحاديثهم لهوى السلطان أو العامة. ويكفينا حديث عيسى بن يونس: "ما رأيت الأعمش خضع إلا مرة واحدة. فإنه حدثنا بهذا الحديث: قال علي: [أنا قسيم الجنة والنار]. فبلغ ذلك أهل السنة، فجاؤوا إليه، فقالوا: أتحدث بأحاديث تقوِّي بها الروافضة والزيدية والشيعة. فقال: سمعته، فحدثت به. فقالوا: فكل شيء سمعته تحدث به!. قال: فرأيته خضع ذلك اليوم" (1). ويبدو أن تلك المضايقات اضطرت الأعمش للتراجع عن الحديث. يقول أبو بكر بن عياش: "قلت للأعمش: أنت حين تحدث عن موسى بن ظريف عن عباية عن علي: [أنا قسيم الجنة والنار]! قال: فقال: والله ما رويته إلا على جهة الاستهزاء. قال: قلت حمله الناس عنك في الصحف، وتزعم أنك رويته على جهة الاستهزاء" (2). ويقول الذهبي: "قال شبابة: حدثنا ورقاء، قال: انطلقت أنا ومسعر ـــــــــــــــــــــــ (1) الضعفاء للعقيلي 3: 416 في ترجمة عباية بن ربعي الأسدي، واللفظ له. لسان الميزان 3: 247 في ترجمة عباية بن ربعي. (2) الضعفاء للعقيلي 3: 416 في ترجمة عباية بن ربعي الأسدي، واللفظ له. لسان الميزان 3: 247 في ترجمة عباية بن ربعي. ميزان الاعتدال 4: 56 في ترجمة عباية بن ربعي. العلل المتناهية 2: 945. -[ 135 ]- إلى الأعمش نعاتبه في حديثين: [أنا قسيم الجنة والنار]، وحديث آخر: [فلان كذا وكذا على الصراط]. فقال: ما رويت هذا قط. وقال الخريبي: كنا عند الأعمش. فجاءنا يوماً وهو مغضب فقال: ألا تعجبون، موسى بن طريف يحدث عن عباية عن علي قال: [أنا قسيم الجنة والنار]" (1). وفيما تقدم من مواقفهم من فضائل أهل البيت (صلوات الله عليهم) ومناقبهم، ومثالب أعدائهم، الكثير مما يناسب ذلك. 4 ـ ثم ما أكثر كتب الحديث التي تَلَفَت نتيجة الإهمال والآفات والطوارئ، كالحريق والحروب وغيرها، كما يظهر بأدنى ملاحظة لكتب التاريخ والتراجم، ومن الطبيعي أن يكون قد ضاع بسبب ذلك حديث كثير جداً قد دون فيه، ولم يدون في غيره. بل قد أتلف بعض المحدثين كتبهم لمختلف الدواعي. ولنذكر مثالاً واحداً من ذلك. فقد قال سهل بن حصين بن مسلم الباهلي: "بعثت إلى عبد الله بن الحسن بن أبي الحسن: ابعث إليّ بكتب أبيك، فبعث إليّ: إنه لما ثقل قال: اجمعها لي، فجمعتها له، وما ندري ما يصنع بها، فأتيته بها. فقال للخادم: استجري التنور، ثم أمر بها فأحرقت، غير صحيفة واحدة، فبعث بها إليّ..." (2). والحديث في ذلك طويل لا يسعنا استقصاؤه. ويسهل التعرف عليه للباحث، خصوصاً بعد أن أفاضت في الحديث عنه بعض الكتب التي صدرت وانتشرت في هذه الأيام. ـــــــــــــــــــــــ (1) ميزان الاعتدال 4: 55 ـ 56 في ترجمة عباية بن ربعي، واللفظ له. لسان الميزان 3: 247 في ترجمة عباية بن ربعي. (2) الطبقات الكبرى 7: 175 في ترجمة الحسن بن أبي الحسن واسم أبي الحسن يسار، واللفظ له. سير أعلام النبلاء 4: 584 في ترجمة الحسن البصري. -[ 136 ]- 5 ـ أضف إلى ذلك محنة الحديث الشريف في ضوابط الجرح والتعديل والتضعيف والتصحيح التي أطلنا الكلام فيها في القسم الأول من الجواب عن هذا السؤال.
لابد مِن حلٍّ للمشكلة مِن قبَل الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبعد كل هذا لا ريب في أن الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) عالمان بما يؤول إليه أمر الأمة من الاختلاف والتفرق، والفتنة والحيرة. وقد أعلما بذلك في كثير من الآيات الكريمة، والأحاديث الشريفة. كما أنهما عالمان بما يؤول إليه أمر السنة الشريفة من الضياع والتحريف والالتباس، نتيجة العوامل المختلفة التي أشرنا إلى بعضها. أضف إلى ذلك ما يؤول إليه أمر المسلمين على الأمد البعيد، وفي القرون المتعاقبة، نتيجة حصول المستجدات، وتطور الفكر الإنساني، ونزوع الطبيعة البشرية للتحلل من قيود الماضي، والتكيف مع الحاضر، وعدم استقرار الأمور بمجملها على حال، حيث يتعرض المسلمون بسبب ذلك للتحلل من قيود الدين أو التخفيف منه، ولو بتحوير الدين، وتحريف نصوصه، وتفسيرها بما يناسب ذلك. فهل يمكن مع كل ذلك أن يهمل الله سبحانه ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) الأمر، ويتركا الدين والأمة من دون أن يضعا حلاً لهذه المشاكل ومخرجاً منها ؟! ولاسيما مع ما هو المعلوم من أن هذا الدين خاتم الأديان، ونبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) خاتم الأنبياء، فلا ينتظر أن يكون الحلّ بوحي جديد من السماء، بل لابد أن يكون مِن ضمن هذا الدين القويم، وفي جملة تشريعاته الرفيعة، التي بلغ بها النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم).ولا أظن أحداً يملك شيئاً من الإنصاف يشك - بعد التفاته لذلك- -[ 137 ]- في الحاجة لحلّ هذه المشاكل، لتفادي السلبيات والمضاعفات الخطيرة التي تنشأ عنها. بل هي حاجة تبلغ حدّ الضرورة القصوى. ولاسيما بعد ملاحظة واقع المسلمين اليوم، وشدة اختلافهم في الدين، في الأصول والفروع، وعجزهم عن الحل بأنفسهم، حيث يتجلى حجم المشكلة، وأهميتها، وشدة الحاجة لحلها.
لا حلَّ للمشكلة إلا بتعيين مرجع للأمة من قِبَل الله تعالى ولا حلّ لذلك إلا بتعيين الله تعالى للناس عَلَماً في جميع العصور يرجعون إليه في دينهم، عالِماً به على حقيقته، من أجل أن يوضح معالمه، ويرفع الخلاف فيه، ويمنع من تحويره وتحريفه، ليكون المسلمون على بينة من أمرهم، وبصيرة من دينهم، وتقوم به لله تعالى الحجة البالغة على الناس. ولم يقل أحد بذلك إلا في حق الأئمة من أهل البيت (صلوات الله عليهم). وقد سبقنا إلى ذلك الإمام أبو محمد علي بن الحسين زين العابدين صلوات الله عليه في كلام له رواه ابن حجر الهيتمي، حيث يقول (عليه السلام) : "وذهب آخرون إلى التقصير في أمرنا، واحتجوا بمتشابه القرآن، فتأولوا بآرائهم واتهموا مأثور الخبر.. فإلى مَن يفزع الى خلف هذه الأمة، وقد درست أعلام هذه الملة، و دانت الأمة بالفرقة والاختلاف، يكفر بعضهم بعضا، والله تعالى يقول: ((وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ)).فمَن الموثوق به على إبلاغ الحجة وتأويل الحكم إلى [إلا. ظ] أهل الكتاب، وأبناء ائمة الهدى ومصابيح الدجى، الذين احتج الله بهم على عباده، ولم يدع الخلق سدى من غير حجة، هل تعرفونهم أو تجدونهم إلا من فروع الشجرة المباركة، وبقايا الصفوة الذين أذهب الله -[ 138 ]- عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وبرأهم من الآفات، وافترض مودتهم في الكتاب؟!" (1). وتلك هي سنة الله تعالى في دينه، لم يكتف في الأديان السابقة بإرسال مشرعيها من الأنبياء أولي العزم صلوات الله عليهم، بل تعاهد تلك الأديان على مرّ الزمن بمَن يحملها ويعلم بها حقيقتها ويحميها من التحريف والضياع، ويكون مرجعاً لأهلها وحجة عليهم في دينهم، من الأنبياء والأوصياء (عليهم السلام). وقد روي أن آدم (عليه السلام) أوصى الى ولده شيث (عليه السلام) ـ (2)، وأوصى شيث إلى من بعده من ولده، ثم استمرت الوصية في ولد آدم إلى ان انتهت إلى نوح (عليه السلام) ـ (3). وكذلك أوصى موسى (عليه السلام) الى يوشع بن نون (عليه السلام) ـ (4)، فكان هو ـــــــــــــــــــــــ (1) الصواعق المحرقة 2: 444 الباب الحادي عشر في فضائل أهل البيت النبوي: الفصل الأول في الآيات الواردة فيهم: الآية الخاصة ((واعتصموا بحبل الله جميع)). واللفظ له. ينابيع المودة 2: 368. (2) الطبقات الكبرى 1: 37، 38 ذكر من ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنبياء. تاريخ الطبري 1: 96، 100 ذكر ولادة حواء مثبتاً ـ ص:102 ذكر وفاة آدم (عليه السلام) ـ: 518 ذكر نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر بعض أخبار آبائه وأجداده. تفسير القرطبي 6: 140. تفسير البغوي 2: 31. شذرات الذهب 2: 108 نقلاً عن السيوطي في حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة. تهذيب الأسماء 1: 236. العظمة 5: 1602. تاريخ دمشق 23: 271 في ترجمة شيث ويقال شيث بن آدم واسمه هبة الله. الكامل في التاريخ 1: 47 ذكر شيث بن آدم عليه السلام، ذكر عقب شيث. مسائل الإمام أحمد 1: 12 ذكر ترتيب كبار الأنبياء. وغيرها من المصادر (3) تاريخ الطبري 1: 101، 102 ذكر وفاة آدم عليه السلام ـ: 109 ثم رجعنا إلى ذكر اخنوخ وهو إدريس عليه السلام. الطبقات الكبرى 1: 38، 40 ذكر من ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنبياء. تاريخ دمشق 62: 241 في ترجمة النبي نوح بن لمك بن متوشلخ.... العظمة 5: 1602، 1604. (4) مجمع الزوائد 9: 113. كتاب المناقب: باب مناقب علي بن أبي طالب رضي الله عنه: باب فيما أوصى به رضي الله عنه. المعجم الكبير 6: 221 فيما رواه أبو سعيد عن سلمان رضي الله عنه. فضائل الصحابة لابن حنبل 2: 615 ومن فضائل علي رضي الله عنه من حديث أبي بكر بن مالك عن شيوخه غير عبد الله. تاريخ دمشق 430: 395 في ترجمة عبد الله ويقال عتيق بن عثمان بن قحافة... ابو بكر الصديق ـ 21: 175 في ترجمة النبي موسى بن عمران بن بصهر بن قاهت... تفسير الطبري 2: 596. تاريخ الطبري 1: 271 ذكر أمر بني إسرائيل والقوام الذين كانوا بأمرهم... وغيرها من المصادر. -[ 139 ]- القائم بعده في بني إسرائيل وجميع من اعتنق دين الله تعالى، وقام بعد يوشع كالب بن يوقنا (1)، وتعاقبت الأوصياء من بعده (2)، وأوصى داود (عليه السلام) إلى ابنه سليمان (عليه السلام)، وأقامه مقامه (3). كما أوصى عيسى (عليه السلام) إلى من بعده في الفترة التي بينه وبين نبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى قيل إن بعض المسلمين أدركوا بعض أوصيائه (4). بل روي أن الله سبحانه وتعالى أوحى إلى آدم:"إني قد استكملت نبوتك وأيامك فانظر الاسم الأكبر وميزان علم النبوة فادفعه إلى ابنك شيث، فإني لم أكن لأترك الأرض إلا وفيها عالم يدل على طاعتي وينهى ـــــــــــــــــــــــ (1) تفسير القرطبي 15: 115. تفسير الطبري 2: 596. تاريخ دمشق 50: 908 في ترجمة كالب ابن يوقنا بن بارص... تاريخ الطبري 1: 271، 272 أمر بني إسرائيل والقوم الذين كانوا بأمرهم.... (2) مسائل الإمام أحمد 1: 12 ذكر ترتيب كبار الأنبياء. تفسير الطبري 2: 596، 597. تاريخ الطبري 1: 271، 272 ذكر أمر بني إسرائيل والقوم الذين كانوا بأمرهم.... (3) تاريخ اليعقوبي 1: 56 عند ذكر داود عليه السلام. (4) تاريخ دمشق 21: 378 ـ: 459 في ترجمة سلمان بن الإسلام أبو عبد الله الفارسي. سير أعلام النبلاء 1: 512 قصة سلمان الفارسي. ميزان الإعتدال 4: 257 في ترجمة سلمان الخير أبو عبد الله بن الإسلام. تهذيب التهذيب 4: 121 في ترجمة سلمان الخير أبو عبد الله بن الإسلام. تهذيب الكمال 11: 248 ـ 255 في ترجمة سلمان الخير الفارسي أبو عبد الله بن الإسلام: تاريخ بغداد 1: 164 في ترجمة سلمان الفارسي. صفوة الصفوة 1: 555 ذكر وفاة سلمان رضي الله عنه. الإصابة 1: 489 في ترجمة جعونة ابن نضلة الأنصاري. 3: 141 في ترجمة سلمان أبو عبد الله الفارسي. وغيرها مصادر. -[ 140 ]- عن معصيتي" (1). وعلى ذلك إجماع شيعة أهل البيت، تبعاً لما رووه مستفيضًا، بل متواتراً عن النبي (ص) والأئمة من آله صلوات الله عليهم أجمعين. ومن الظاهر أن الاسلام العظيم أولى بالرعاية والحماية بعد أن كان خاتم الأديان ونبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) خاتم الأنبياء، ولا ينتظر بعده وحي جديد يكون به تصحيحه وتوضيحه على حقيقته. | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: رد: (في رحاب العقيدة)للسيد الحكيم.مفصّل سهل التناول السبت يوليو 21, 2012 4:01 pm | |
| أدلة مرجعية أهل البيت (عليهم السلام) للأمة ولو كابر المكابر مع كل ذلك، ونفى الحاجة إلى نصب المرجع في الدين من قِبَل الله تعالى، مدعياً كفاءة الأمة، واكتفاءها بنفسها، أو رضا الله تعالى لها بالاختلاف والتفرق، كفانا حجةً عليه ما ورد في مرجعية أهل البيت (عليهم السلام) للأمة بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).. 1 ـ كحديث الثقلين المشهور، على اختلاف ألسنته التي تضمنتها طرقه الكثيرة، والتي تبلغ حد التواتر، بل تزيد عليه. وقد تقدم توضيح دلالته في جواب السؤال السادس من الأسئلة السابقة. وإن كانت هي من الوضوح بحيث لا تحتاج للتوضيح. 2 ـ وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : "مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح، مَن ركبها نجا، ومَن تخلف عنها غرق" (2). حيث لا ريب في الكناية بذلك عن أن النجاة إنما تكون بالاهتداء بهديهم، والهلاك إنما يكون بالإعراض عنهم وتركهم. 3 ـ وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : "النجوم أمان لأهل الأرض مِن الغرق، وأهل ـــــــــــــــــــــــ (1) العظمة 5: 1602. (2) تقدمت مصادره في جواب السؤال الرابع في 2: 181. -[ 141 ]- بيتي أمان لأمتي مِن الاختلاف..." (1). فإن الأمان بهم من الاختلاف ليس إلا لكونهم مرجعاً في موارد الشك والحيرة. وحيث كان الاختلاف متوقعاً في كل عصر، فلابد من أن يكون فيهم في كل عصر مَن يكون أماناً مِن الاختلاف لو رجع الناس إليه، واعتصموا به. 4 ـ وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : "مَن أحب أن يحيى حياتي، ويموت ميتتي، ويدخل الجنة التي وعدني ربي، قضباناً من قضبانها غرسها بيده - وهي جنة الخلد - فليَتَوَلَّ عليّاً وذريته مِن بعده، فإنهم لن يُخرجوكم مِن باب هدى، ولن يدخلوكم في باب ضلالة" (2). فإنّ القطع عليهم (عليهم السلام) بأنهم لن يخرجوا الأمة من باب هدى، ولن يدخلوها باب ضلالة، راجع إلى ملازمتهم للحق ومعرفتهم به، بحيث لا يخطؤونه، فيتعين الرجوع لهم من أجل معرفته والوصول إليه. ونظيره حديث زيد بن أرقم، إلا أن فيه: "فليتول علي بن أبي طالب، فإنه لن يخرجكم..." (3). وإذا كان أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) مرجعًا ـــــــــــــــــــــــ (1) المستدرك على الصحيحين 3: 162 كتاب معرفة الصحابة: ومن مناقب أهل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، واللفظ له. مجمع الزوائد 9: 174 كتاب المناقب: باب في فضل أهل البيت (رضي الله عنهم). مسند الروياني 2: 253 فيما رواه أياس بن سلمة عن أبيه. المعجم الكبير 7: 22 فيما رواه أبو مريم عبدالغفار بن القاسم عن إياس بن سلمة. موضح أوهام الجمع والتفريق 2: 463. نوادر الأصول في أحاديث الرسول 3: 61 الأصل الثاني والعشرون والمائتان. الفردوس بمأثور الخطاب 4: 311. المجروحين 2: 236 في ترجمة موسى بن عبيدة بن نسطاس الربذي. كشف الخفاء 2: 177، 435. فضائل الصحابة لابن حنبل 2: 671. وغيرها من المصادر. (2) كنز العمال 11: 611 حديث:32960، واللفظ له. الإصابة 2: 587 في ترجمة زياد بن مطرف. تاريخ دمشق 42: 240 في ترجمة علي بن أبي طالب. (3) المستدرك على الصحيحين 3: 139 كتاب معرفة الصحابة: ومن مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) مما لم يخرجاه: ذكر إسلام أمير المؤمنين علي (رضي الله عنه)، واللفظ له. مجمع الزوائد 9: 108 كتاب المناقب: باب مناقب علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) : باب قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) من كنت مولاه فعلي مولاه. تاريخ دمشق 42: 242 في ترجمة علي بن أبي طالب. المعجم الكبير 5: 194 فيما رواه ثوير بن أبي فاختة عن زيد بن أرقم. حلية الأولياء 1: 86 في ترجمة علي بن أبي طالب، 4: 174 في ذكر بقية أصحاب عبدالله بن مسعود،: 349 ـ 350 في ترجمة أبي اسحاق عمرو بن عبدالله السبيعي. لسان الميزان 2: 34 في ترجمة بشر ابن مهران الخصاف. التدوين في أخبار قزوين 2: 485. ميزان الاعتدال 2: 38 في ترجمة بشر بن مهران. وغيرها من المصادر. -[ 142 ]- للأمة كفى في مرجعية الأئمة مِن ولده مِن بعده النصوص الواردة مِن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ومنه (عليه السلام) في تَعْيِينِهم (عليهم السلام). 5 ـ وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : "في كل خَلَف مِن أمتي عُدُولٌ مِن أهل بيتي ينفون عن هذا الدين تحريفَ الغالين، وانتحالَ المبطلين، وتأويلَ الجاهلين. ألا وإنَّ أئمتكم وفدكم إلى الله تعالى، فانظروا مَن تُوفِدُون" (1). فإنه صريح في أنهم (عليهم السلام) المرجع للتمييز بين الحق والباطل، وتصحيح تعاليم الدين الحنيف من الشوائب التي تطرأ عليه، نتيجة التحريف المتعمد، والخطأ غير المتعمد. 6 ـ وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: "إني وأطائب أرومتي وأبرار عترتي أحلم الناس صغارًا، وأعلم الناس كبارًا، بنا ينفي الله الكذب. وبنا يعقر الله أنياب الذئب الكلب. وبنا يفك الله عنوتكم، وينزع ربق أعناقكم، وبنا يفتح الله ويختم" (2)... إلى غير ذلك. ـــــــــــــــــــــــ (1 ) ينابيع المودة 2: 113ـ 114، واللفظ له،: 366، 439. الصواعق المحرقة 2: 441، 442، 676. جواهر العقدين في فضل الشرفين: القسم الثاني 1: 91 الرابع: ذكر حثه (صلى الله عليه وآله وسلم) الأمة على التمسك بعده بكتاب ربهم وأهل بيت نبيهم وأن يخلفوه فيهما بخير...، ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى: 17 ذكر إخباره أنهم سيلقون بعده أثرة والحث على نصرتهم وموالاتهم. (2) كنز العمال 13: 130 حديث:36413. -[ 143 ]- وهو المناسب لتطهيرهم من الرجس، الذي تضمنه قوله تعالى: ((إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)) (1). فإنّ الخطأ في الدين مِن أعظم الرجس... إلى غير ذلك مما تضمنه الكتاب المجيد والسنة الشريفة. وقد أطال فيه علماؤنا الأعلام (قدس الله أسرارهم). وقد تضمن كتاب المراجعات الواسع الانتشار للمرحوم المجاهد البحاثة السيد عبد الحسين شرف الدين (قدس سره) الكثير مِن ذلك. ومثل ذلك ما ورد في حق أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) مِن أنه مع الحق، والحق معه، وأنه عيبة علم النبي ووارثه، وباب مدينته... إلى غير ذلك مما تقدم في جواب السؤال الرابع والسادس والسابع من هذه الأسئلة وغيرها. مع ما هو المعلوم لِمَن آمَن له بذلك بأنه قد أَوْرَثَ الأئمةَ مِن ذرّيته عِلْمَه، فهو باقٍ فيهم (صلوات الله عليهم). مضافاً إلى ما يأتي في جواب السؤال التاسع من أدلة بقاء الإمامة فيهم وعدم خروجها عنهم.
بولاية أهل البيت (عليهم السلام) كمال الدين وتمام النعمة ومن ثم كان بولايتهم كمال الدين، وتمام نعمة التشريع من رب العالمين، اللذين تضمنهما قوله تعالى: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينا)) (2)، حيث تقدم عند الكلام في حديث الغدير - في جواب السؤال السابع من الأسئلة السابقة - الأحاديث الدالة على نزولها في المناسبة المذكورة. ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة الأحزاب الآية: 33. (2) سورة المائدة الآية: 3. -[ 144 ]- موقف الجمهور من أهل البيت (عليهم السلام) أما الجمهور فهم مع روايتهم ذلك كله أعرضوا عنه جملة وتفصيلاً، وفرضوا قناعاتهم مسبقًا، وجعلوها(قناعاتهم) مرجعاً في تمييز الحق والباطل، وتركوا أهل البيت (صلوات الله عليهم) وراءهم ظهريًّا.
كلام الجوزجاني في المقام قال الجوزجاني: "وكان قوم من أهل الكوفة لا يحمد الناس مذاهبهم، هم رؤوس محدثي الكوفة، مثل أبي إسحاق عمرو بن عبد الله، ومنصور، والأعمش، وزبيد بن الحارث اليامي، وغيرهم من أقرانهم، احتملهم الناس على صدق ألسنتهم في الحديث... فإذا رووا تلك الأشياء التي إذا عرضها الأمة على ميزان القسط - الذي جرى عليهم [عليه.ظ] سلف المسلمين وأئمتهم الذين هم الموئل - لم تتفق عليه، كان الوقف في ذلك عندي الصواب، لأن السلف أعلم بقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتأويل حديثه الذي له أصل عندهم. وقال وهب بن زمعة: سمعت عبدالله يقول: إنما أفسد حديث أهل الكوفة الأعمش وأبو إسحاق. قال إبراهيم وكذلك حدثني إسحاق بن إبراهيم حدثنا جرير: سمعت مغيرة يقول غير مرة: أهلك أهل الكوفة أبو إسحاق وأعيمشكم هذا. قال إبراهيم: وكذلك عندي من بعدهم إذا كانوا على مراتبهم من مذموم المذهب وصدق اللسان" (1). تعقيب كلام الجوزجاني ونقده
فهو في الوقت الذي يعترف فيه بصدق لسان هؤلاء يتوقف عن أحاديثهم إذا لم تتناسب مع ما عليه سلف المسلمين وأئمتهم. لأنه قد ـــــــــــــــــــــــ (1) أحوال الرجال: 78 ـ 81. -[ 145 ]- فرض أولئك السلف المرجع في معرفة الدين، والأعلم بقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتأويل حديثه. ولا يريد بهم إلا مَن هم على خلاف خط أهل البيت (صلوات الله عليهم) ممَن تقدم عليهم، وجرى على ذلك. ونتيجة لذلك لابد أن يكون هؤلاء النفر من رواة أهل الكوفة مذمومي المذهب، وأن يكونوا قد أفسدوا حديث أهل الكوفة، مع الاعتراف لهم بصدق اللسان. وهل هناك أطرف من أن يكون أهل صدق اللسان قد أفسدوا بأحاديثهم حديث أهل الكوفة؟! وما عشت أراك الدهر عجبا!! ولو أن هؤلاء رجعوا إلى أهل البيت (صلوات الله عليهم) الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وجعلهم هو - جل شأنه - ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) مرجعاً للأمة يعصمونها من الضلال والفرقة، لتبدلت الموازين، ولكان أهل صدق اللسان من المحدثين هم أهل المذهب الحق، ولكانت أحاديثهم هي الحق الذي يتبع، وبها صلح حديث أهل الكوفة. ولظهر أنهم أنقذوا أهل الكوفة من الضلال، ولم يهلكوهم.((قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ)) (1). والحمد لله على هدايته لدينه، والتوفيق لما دعا إليه من سبيله. وله الشكر أبداً سرمدا. وبذلك كله يظهر أن جمهور السنة لا يستغنون بما عندهم من الأحاديث عن أهل البيت (صلوات الله عليهم) وعن الرجوع للشيعة لمعرفة مذهبهم (عليهم السلام) من أجل التعرف على السنة الصحيحة منهم (صلوات الله عليهم)، وأن الأحاديث التي عند الجمهور عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لا تغنيهم في دينهم مع ما سبق من المحن التي تعرضت لها السنة الشريفة والواقع الذي هم فيه؟!. ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة الأنعام الآية: 149. -[ 146 ]- عدم قول جمهور السنة بعصمة أهل البيت (عليهم السلام) لا يبرر الإعراض المبرر الثاني: الذي تذكره لاستغناء جمهور السنة عن كتب الشيعة هو عدم قول الجمهور بعصمة الأئمة (صلوات الله عليهم). ونقول في جواب ذلك..
ما سبق شاهد بعصمة أهل البيت (عليهم السلام) أولاً: كيف لا يكونون معصومين بعد ما ورد في حقهم مِن أنهم مع الحق والقرآن، والحق والقرآن معهم. وبعد جعلهم مرجعاً للمسلمين يهدونهم للحق، ويعصمونهم مِن الضلال، ويرفعون الخلاف بينهم، وينفون عن الدين الشوائب والتحريف... إلى غير ذلك مما سبق ونحوه؟! إذ لا أقل من كونهم (صلوات الله عليهم) حينئذٍ معصومين في التبليغ بالدين، فلا يقولون بغير الحق منه. بل مقتضى آية التطهير وغيرها كونهم معصومين عن المعصية حتى في غير التبليغ. وإصرار الجمهور مع ذلك على عدم عصمتهم ردٌّ لتلك الأدلة وما جرى مجراها من دون مبرر. وثانياً: أن ما ورد عن الأئمة (صلوات الله عليهم) أمور ثلاثة..
أحاديث الأئمة (عليهم السلام) المسندة لا تَقْصُر عن مسانيد غيرهم الأول: أحاديث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يرويها الإمام عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). ومن الظاهر أنه لا يشترط العصمة في الراوي بإجماع المسلمين. وعلى ذلك فعدم قول جمهور السنة بعصمة الأئمة (صلوات الله عليهم) لا يمنع مِن أخذهم برواياتهم، والتدين بها، كما أخذوا بروايات غيرهم من غير المعصومين. بل أهل البيت (صلوات الله عليهم) أولى من غيرهم، لما هو المعلوم -[ 147 ]- مِن كونهم (عليهم السلام) القمة في الفقه والمعرفة والتقوى والورع والصدق، فالسند الذي يقتصر فيه عليهم (عليهم السلام) أجلّ الأسانيد وأثبته.
مَن صرَّح بأن أسنادهم (عليهم السلام) لو قرئ على مجنون لبرئ وقد روي عن أحمد بن حنبل أنه قال عن إسناد الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) عن آبائه (صلوات الله عليهم): "لو قرأت هذا الإسناد على مجنون لبرئ من جنّته" (1). وقال علي بن مهرويه: "قال أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي: قال أبو الصلت عبدالسلام بن صالـح الهروي: لو قرئ هذا الإسناد على مجنون لأفاق" (2). وعن محمد بن عبد الله بن طاهر قال: "كنت واقفاً على رأس أبي، وعنده أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبو الصلت الهروي، فقال أبي: ليحدث كل رجل منكم بحديث. فقال أبو الصلت: حدثني علي بن موسى الرضا - وكان والله رضا كما سمي - عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي (عليه السلام)، قال: قال رسول الله: [الإيمان قول وعمل]. فقال بعضهم: ما هذا الإسناد؟! فقال له أبي: هذا سعوط المجانين، إذا سعط به المجنون برئ" (3). وكذلك نقله أبو نعيم عن بعض السلف من المحدثين (4). وذكر الشيخ الصدوق محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن ـــــــــــــــــــــــ (1) الصواعق المحرقة 2: 595. (2) التدوين في أخبار قزوين 3: 482. (3) طبقات الشافعية الكبرى 1: 119 ـ 120، واللفظ له. عيون أخبار الرضا 2: 205. (4) حلية الأولياء 3: 192 في ترجمة محمد بن علي الباقر. -[ 148 ]- بابويه (قدس سره) حديث الإمام الرضا (عليه السلام) بسنده عن آبائه عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: "الإيمان إقرار باللسان، ومعرفة بالقلب، وعمل بالأركان". ثم قال: "قال حمزة بن محمد العلوي (رضي الله عنه): وسمعت عبد الرحمن بن أبي حاتم يقول: وسمعت أبي يقول وقد روى هذا الحديث عن أبي الصلت الهروي عبدالسلام بن صالـح، عن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) بإسناده مثله، قال أبو حاتم: لو قرئ هذا الإسناد على مجنون لبرئ" (1). وعن عبد الرحمن بن أبي حاتم هذا، قال: "كنت مع أبي بالشام، فرأيت رجلاً مصروعًا، فذكرت هذا الإسناد، فقلت: أجرب بهذا. فقرأت عليه هذا الإسناد، فقام الرجل، فنفض ثيابه، ومرّ" (2).
مراسيل الأئمة (عليهم السلام) بِحُكْم مسانيدهم الثاني: أحاديث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يصرّح الإمامُ (عليه السلام) بسنده فيها، وهي في بَدْوِ النظر مرسلة، لكنها في الحقيقة ترجع للمسانيد، لِمَا هو المعلوم مِن حالهم مِن أنَّ كل إمام إنما يأخذ عن أبيه، وإنما حذف السند للاختصار. وقد ورد منهم (عليهم السلام) التصريح بذلك.ففي حديث جابر: "قلت لأبي جعفر (عليهم السلام): إذا حدثتني بحديث فأسنده لي. فقال: حدثني أبي عن جدي عن رسول الله (صلوات الله عليهم) عن جبرئيل (عليه السلام) عن الله عزوجل. وكل ما أحدثك بهذا الإسناد" (3). وفي حديث هشام بن سالم وحماد بن عثمان وغيره، قالوا: "سمعنا أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدي، ـــــــــــــــــــــــ (1) عيون أخبار الرضا 2: 205. (2) التدوين في أخبار قزوين 3: 482. (3) بحار الأنوار 2: 178. -[ 149 ]- وحديث جدي حديث الحسين، وحديث الحسين حديث الحسن، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين، وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وحديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قول الله عز وجل..." (1). ومن الطريف ما عن سالم بن أبي حفصة قال: "لما هلك أبو جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) قلت لأصحابي: انتظروني حتى أدخل على أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهم السلام)، فأعزيه به. فدخلت عليه فعزيته. ثم قلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، ذهب والله مَن كان يقول: قال رسول الله، فلا يُسأل عمَّن بينه وبين رسول الله. لا والله لا يرى مثله أبدًا. قال: فسكت أبو عبد الله (عليه السلام) ساعة، ثم قال: قال الله تعالى: إن مِن عبادي مَن يتصدق بشق تمرة فأربيها له كما يربي أحدهم فلوه، حتى أجعلها له مثل جبل أحد. فخرجت إلى أصحابي، فقلت: ما رأيت أعجب من هذا. كنا نستعظم قول أبي جعفر: قال رسول الله بلا واسطة. فقال لي أبو عبد الله (عليه السلام) قال الله تعالى، بلا واسطة" (2).
فتاوى أئمة أهل البيت (عليهم السلام) تُقَدَّم على فتاوى غيرهم الثالث: فتاوى منهم (عليهم السلام) غير مسندة للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم). فمَن يقول بعصمتهم (عليهم السلام) يجب عليه الأخذ بها، وترك غيرها، لعلمه بكونها مِن الدين الذي يجب العمل به، وببطلان ما خالفه. ومَن لم يقل بعصمتهم (عليهم السلام) فهم في حقه كسائر المُفتين، وليست العصمة شرطاً في المفتي بإجماع المسلمين أيضًا. ولذا عمل جمهور السنة ـــــــــــــــــــــــ (1) الكافي 1: 53. بحار الأنوار 2: 179. (2) بحار الأنوار 47: 337. -[ 150 ]- بفتاوى أئمة المذاهب، من دون أن يقولوا بعصمتهم. بل يترجح أئمة أهل البيت (عليهم السلام) حينئذٍ على غيرهم لأمور.. الأول: ما استفاض عنهم (عليهم السلام) مِن أنهم (عليهم السلام) لا يفتون برأيهم، بل بما ورثوه مِن العلم عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ففي حديث الفضيل عن أبي جعفر (عليه السلام) : "قال: لو أنا حدثنا برأينا ضللنا، كما ضل مَن كان قبلنا. ولكنا حدثنا ببينة مِن ربنا، بيَّنها لنبيِّه صلى الله عليه وآله فبيَّنَها لنا" (1). وفي حديث جابر: "قال أبو جعفر (عليه السلام) : لو كنا نفتي الناس برأينا وهوانا لكنا من الهالكين. ولكنا نفتيهم بآثار من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأصولِ علمٍ عندنا نتوارثها كابراً عن كابر، نكنزها كما يكنز هؤلاء ذهبهم وفضتهم" (2). وفي حديث أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: "إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) دعا علياً في المرض الذي توفي فيه، فقال: يا علي ادن مني، حتى أسر إليك ما أسر الله إلي، واءتمنك على ما اءتمنني الله عليه. ففعل ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعلي (عليه السلام). وفعله علي (عليه السلام) بالحسن (عليه السلام)، وفعله الحسن (عليه السلام) بالحسين (عليه السلام)، وفعله الحسين (عليه السلام) بأبي (عليه السلام)، وفعله أبي (عليه السلام) بي (صلوات الله عليهم أجمعين") (3). وفي حديث عنبسة، قال: "سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام) عن مسالة، فأجابه فيها. فقال الرجل: إن كان كذا وكذا ما كان القول فيه؟ فقال له: مهما أجبتك فيه بشيء فهو عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). لسنا نقول برأينا من شيء" (4). والنصوص في ذلك كثيرة جداً على اختلاف ألسنتها بنحو تزيد على التواتر الإجمالي (5). ـــــــــــــــــــــــ (1)، (2)، (3) بحار الأنوار 2: 172، 174. (4)بحار الأنوار 2: 173. (5) الكافي 1: 221 ـ 223 باب: فرض طاعة الأئمة، والباب الذي بعده، والباب الذي بعده، وباب أن الأئمةG ورثة العلم يرث بعضهم بعضاً العلم، والباب الذي بعده، والباب الذي بعده. وغيره. وبحار الأنوار 2: 172 ـ 179. -[ 151 ]- الثاني: احتمال عصمتهم (عليهم السلام) - كما تقول الشيعة - لعدم الدليل النافي لها، وغاية ما يدعى عدم وضوح الدليل عليها عند الجمهور، بخلاف غيرهم، حيث لا قائل بعصمتهم. بل من المعلوم - بالإجماع والضرورة - عدم عصمتهم. الثالث: الأدلة التي تقدم الاستدلال بها لعصمتهم (عليهم السلام). فإنه لو فرض - جدلاً - عدم دلالتها على عصمتهم، فلا أقل من أنها تدل على لزوم الرجوع لهم، وترجيح أحاديثهم وفتاواهم على أحاديث وفتاوى غيرهم. فهم أولى من غيرهم بعلم الدين، وبالإمامة في المسلمين. يقول ابن حجر الهيتمي تعقيباً على حديث الثقلين: "وفي قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : [لا تقدموهم، فتهلكوا. ولا تقصروا عنهم، فتهلكوا، ولا تعلموهم، فإنهم أعلم منكم]. دليل على أنّ مَن تأهّل منهم للمراتب العلية، والوظائف الدينية، كان مُقدّماً على غيره..." (1). وهو المناسب لما روي عنهم (صلوات الله عليهم)، ففي خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) : "أين الذين زعموا أنهم الراسخون في العلم دوننا، كذباً وبغياً علينا، أن رفعنا الله ووضعهم، وأعطانا وحرمهم، وأدخلنا وأخرجهم، بنا يستعطى الهدى، ويستجلى العمى. إن الأئمة من قريش، غرسوا في هذا البطن من هاشم لا تصلـح على سواهم، ولا تصلـح الولاة من غيرهم" (2). وفي حديث زرارة، قال: "كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) فقال له رجل ـــــــــــــــــــــــ (1) الصواعق المحرقة 2: 654 تتمة: باب وصية النبي. (2) نهج البلاغة 2: 27. -[ 152 ]- من أهل الكوفة يسأله عن قول أمير المؤمنين (عليه السلام) : سلوني عما شئتم فلا تسألوني عن شيء إلا أنبأتكم به. قال: إنه ليس أحد عنده علم شيء إلا خرج من عند أمير المؤمنين (عليه السلام) فليذهب الناس حيث شاؤوا، فوالله ليس الأمر إلا من ههنا. وأشار بيده إلى بيته" (1). وفي حديث أبي بصير: "سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن شهادة ولد الزنا تجوز؟ فقال: لا. قلت: إن الحكم بن عتيبة يزعم أنها تجوز. فقال: اللهم لا تغفر ذنبه، ما قال الله للحكم: ((إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ))، فليذهب الحكم يميناً وشمالاً فو الله لا يؤخذ العلم إلا من أهل بيت نزل عليهم جبرئيل (عليه السلام)" (2). وفي حديث أبي مريم: "قال أبو جعفر لسلمة بن كهيل والحكم بن عتيبة: شرّقا وغرّبا فلا تجدان علماً صحيحاً إلا شيئاً خرج من عندنا أهل البيت" (3). وبالجملة: عدم القول بعصمتهم (عليهم السلام) لا يقتضي الإعراض عنهم لغيرهم، بعد عدم القول بعصمة غيرهم أيضًا. بل غاية ما يقتضي التخيير بينهم (عليهم السلام) وبين غيرهم، أو ترجيحهم على غيرهم، لما سبق. ولا يفسر إعراض جمهور السنة عن أئمة أهل البيت (صلوات الله عليهم) - مع ذلك - إلا بتفاعل الجمهور مع النواصب، وشعورهم بمباينة أئمة أهل البيت (عليهم السلام) لهم في الفقه والعقائد، بنحو يقتضي مجافاتهم لهم، كما سبق ذكر الشواهد لذلك في غير موضع مما تقدم. ـــــــــــــــــــــــ (1)، (2)، (3) الكافي 1: 399، 400. -[ 153 ]- هذا ما تسنى لنا في الجواب عن سؤالك. ونرجو أن يكون وافياً بالمطلوب، وبإيضاح الحقيقة التي تريد التعرف عليها. ونسأل الله سبحانه وتعالى بمنه وفضله أن يمدنا بالتوفيق والتسديد، ويعصمنا من الخطل والزلل، في القول والعمل. إنه أرحم الراحمين، وولي المؤمنين، ((وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ)) (1). وهو حسبنا ونعم الوكيل. ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة هود الآية: 88. | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: رد: (في رحاب العقيدة)للسيد الحكيم.مفصّل سهل التناول السبت يوليو 21, 2012 5:08 pm | |
| -[ 154 ]- س9 خبر الآحاد لا يعمل به في أصول الدين عند الشيعة، وهم لا يرون أنّ تشخيص الأئمة ثابتًا بالتواتر، فإن كان تشخيص الإمام يثبت بخبر الآحاد، فلا يجب العمل به من حيث اتباع الإمام المشخص. (....................) عمان ـ الأردن 7 / 12 / 2000م
ج: قبل الجواب عن سؤالك ينبغي التنبيه إلى أمرين:
وجوب معرفة الإمام والعلم به لا يـختص بالشيعة الأول: أن هذه المسألة لا تخص الشيعة، بل تجري في حق الجمهور وجميع المسلمين. لما هو المتسالم عليه عندهم - وأشرنا لأدلته في جواب السؤال الرابع من الأسئلة السابقة - مِن وجوب معرفة الإمام، والتسليم له، وبيعته وطاعته، وأنّ مَن ترك ذلك فميتته ميتة جاهلية. وقد تقدم في آخر جواب السؤال السابق قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : "ألا وإن أئمتكم وفدكم إلى الله تعالى، فانظروا مَن تُوفِدون". حيث يتعين حينئذٍ معرفة شخص الإمام بوجه قطعي، وذلك لا يكون إلا بالبحث عن الأدلة، والنظر فيها بوجه موضوعي منصف، بعيد عن التسامح والتشبث بالظنون والأدلة الواهية، مع تجنب اللجاجة والتكلف في رد الأدلة الواضحة. -[ 155 ]- اللازم الموازنة بين أدلة الشيعة وأدلة غيرهم وعلى ذلك فلينظر مَن يريد الخروج عن هذه المسؤولية الكبرى - لتكون ميتته ميتة إسلام، لا جاهلية - إلى ما يُقِيمُه الشيعة من الأدلة والحجج على تعيين أشخاص الأئمة (صلوات الله عليهم)، وإلى ما يُقِيمُه غيرُهم على تعيين أئمتهم، ويقارن بين الحجتين، بعد أن يضع أمام عينيه أن الله تعالى هو الرقيب عليه في حكمه، ثم يحكم وجدانه في تعيين ما هو الأقوى منهما، فيلتزم به، ويعمل عليه، ليكون معذوراً عند الله عزوجل يوم يعرض عليه ويوقف بين يديه، ويسأله عن الدين الذي افترضه عليه، وعن أئمته الذين ائتم بهم، وأخذ منهم ذلك الدين.
لا يفترض في المقام التقيد بطرق الجمهور الثاني: أنه لا يفترض في المقام التقيد بطرق جمهور السنة ورواياتهم ومبانيهم وقناعاتهم- لو كانت لهم في ذلك محصلة مضبوطة- فإنّ ذلك قد يتجه حين يحتج الشيعة على بطلان مذهب الجمهور في الإمامة، وما يقولون به مِن شرعية الخلافة بالاستيلاء على السلطة، مِن دون نَصّ مِن الله تعالى، وتبليغٍ مِن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). حيث لا يَحْسُن مِن الشيعة أن يحتجوا على الجمهور بما يختصون هم بروايته مِن دون أن يُدعم بحجج قاطعة تلزم الجمهور بالتسليم به. أما بعد تجاوز ذلك، والدخول في مرحلة لاحقة، وهي تَعْيِينُ أشخاص الأئمة (صلوات الله عليهم) - بعد الفراغ عن أنَّ الإمامة بنصٍّ مِن الله تعالى، وأنها مِن أصول الدين التي يجب فيها العلم، ولا يُكْتَفى فيها بأخبار الآحاد - فالأمْرُ يخصّ الشيعةَ أنفسهم، وعليهم أن يعتمدوا فيما يذهبون إليه على ما يوجب العلمَ لهم مِن أيِّ طريق كان، لتتم لهم معرفة -[ 156 ]- الإمام ويخرجوا عن ميتة الجاهلية إلى ميتة الإسلام. وإذا كان الجمهور لا يريدون أن يعتدُّوا بأخبار الشيعة، ويطعنونهم بالضلال، وبأنهم قد لَفَّقُوا أخبارَهم دعْماً لضلالهم، ويتجاهلون القرائنَ التي تدعم تلك الأخبار، وتوجب القطعَ بصحة مضامينها، فالشيعةُ يعرفون مِن أنفسهم أنهم على الحق، ومع النصوص المُثْبِتة لحق أهل البيت (صلوات الله عليهم)، وأنّ همَّهم الواقع، وأنهم بحقهم الصريح في غِنى عن الكذب والافتراء، وأنَّ لهم مِن القرائن العقلية والنقلية التي تدعم تلك الأخبار ما يجعل دعوتَهم مِن الحق الواضح الذي لا ريب فيه. فموقفُ الشيعة مع الجمهور نظير موقف المسلمين عموماً مع أهل الأديان الأخرى، فحينما يكونون بصدد إثبات أصل دين الإسلام، وصدق نبوة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم)، لابد لهم مِن أن يحتجوا بما يكون حجة على أهل تلك الأديان، ويكون دليلاً قاطعاً عليهم، ولا يكفيهم الاحتجاج بما يكون حجة عند المسلمين وحدهم.أمّا إذا تجاوزوا ذلك وأثبتوا صحة دين الإسلام، وصدق نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإذا أرادوا الاحتجاجَ على ما يتفرَّع على الإسلام - كالإمامة وتفاصيل المعاد - فإنه يكفيهم أن يحتجُّوا بما هو حجة عند المسلمين بعد الفراغ عن صدق الإسلام، ولا يلزمهم أن يحتجوا بما هو حجة على أهل الأديان الأخرى، لأنّ ذلك لا يخص أهل تلك الأديان، بل يخص المسلمين أنفسهم. بل إذا آمَنَ بعضُ أهل تلك الأديان بالإسلام، وصدقوا بحجّته، فاللازمُ عليهم الرجوع فيما يتفرَّع عليه إلى ما هو حجة بحسب المقاييس الإسلامية التي يتعين على المؤمنين بالإسلام الجرْيُ عليها. وكذلك الحال في المقام، فإنه إذا آمَنَ بعضُ الجمهور بما عليه الشيعة -[ 157 ]- مِن أنَّ الإمامة حق لأهل البيت (صلوات الله عليهم)، تَبَعاً للنَّص الوارد فيهم، فإنه يلزم عليه الرجوع في تعيين الأئمة منهم (عليهم السلام) ومعرفة أشخاصهم إلى ما هو حجة بمقتضى موازين الاحتجاج العقلائية المناسبة لمرجعية أهل البيت (صلوات الله عليهم) للأمة، ولحقهم في الإمامة عليهم. وليس معنى ذلك أنه لا توجد نصوص من روايات الجمهور تدعم مذهب الشيعة في تعيين الأئمة (صلوات الله عليهم)، بل هي موجودة فعلاً، وإنْ لم تكن بحيث تكفي وحدها في إثبات ذلك. إذا عرفت هذا، فحيث كانت الإمامة عند الشيعة من أصول الدين الاعتقادية - التي تتوقف النجاة على معرفتها، وتترتب الهلكة بجهلها - فاللازمُ معرفةُ الإمام بشخصه، والعلم بإمامته. ومقتضى ذلك أن الله تعالى قد أقام الدليل القاطع على إمامة الإمام، بحيث يحصل بسببه العلم بإمامته إذ لا معنى لأن يُلْزِم تعالى الناس بالمعرفة، ولايهيئ أسبابها. وبعد ذلك نقول:
تحديد المراد بالخبر المتواتر إنْ كان المراد بالخبر المتواتر هو الذي يرويه جماعة يُعْلَم بصدقهم وعدم اجتماعهم على الكذب، بسبب كثرتهم، عن جماعة كذلك، وهكذا في جميع طبقات السند - بأن يرويه مثلاً عشرون عن عشرين عن عشرين، وهكذا - فهذا - كما تقول - غير حاصل في تشخيص آحاد الأئمة (صلوات الله عليهم). لكنَّ العلم لا يتوقف على ذلك، بل لا يوجد هذا في غالب الأمور المعلومة بالضرورة من الدين أو التاريخ، بما في ذلك القضايا التي لا نَصَّ فيها، وإنما ثبتت بإجماع المسلمين بجميع مذاهبهم وفرقهم، بحيث يُعْلَم -[ 158 ]- بأخذهم لها من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). وإنْ كان المراد بالخبر المتواتر هو النقل الموجب للعلم واليقين، ولو مِن جهة تعاضد الأخبار، واحتفافها بالقرائن والمؤيدات، فهو حاصل في المقام في حقِّ أشخاص الأئمة (صلوات الله عليهم). بل قد حصل ما يزيد عليه بمراتب. وتوضيح ذلك: أن النصوص الواردة في الإمامة على طوائف..
النصوص الواردة في حق أمير المؤمنين (عليه السلام) بشخصه
الطائفة الأولى: ما ورد في حق أمير المؤمنين (عليه السلام) فقط. ولا يهمنا إطالة الكلام في هذه الطائفة، لأنه (عليه السلام) المتيقَّن هنا بعد فرض الكلام مع الشيعة، وهو (عليه السلام) أوّلُ أئمتهم. وإنما أشرنا إليها مِن أجل استيفاء طوائف الأدلة الواردة في المقام. ولا يفرق في هذا بين ما دلّ على إمامته ورئاسته وولايته ووجوب طاعته - كحديث الغدير وغيره - وما دلّ على مرجعيته للأمة في دينه، مثل ما تضمن أنه (عليه السلام) مع الحق والقرآن، وأنهما معه، وأنه (عليه السلام) الهادي للأمة المبين لها ما تختلف فيه... إلى غير ذلك. وكلا القسمين كثير جدًّا. وقد تقدم بعض منه في أجوبة الأسئلة الرابع والسادس والثامن. ولا يسعنا استقصاء الكلام فيه. بل يوكل إلى ما ذكره علماؤنا (رضوان الله تعالى عليهم)، وفصلوا الكلام فيه في كتبهم المذهبية. وهذه الطائفة بمجموعها تقتضي حجية النص الصادر منه (عليه السلام) على إمامته، وعلى ثبوت الإمامة في أهل البيت عمومًا، أو ثبوتها فيمَن بعده مِن ذريته إجمالاً، أو مع تعيينهم تفصيلاً. -[ 159 ]-
ما ورد في حق أهل البيت (عليهم السلام) عمومًا الطائفة الثانية: ما تضمن ثبوت الإمامة في أهل البيت (صلوات الله عليهم) عموماً ولزوم التمسك بهم ووجوب طاعتهم، وما تضمن جعلهم (عليهم السلام) مرجعاً للأمة، يعصمهم من الضلال والهلكة، ويهديهم إلى الرشاد، ويرفع عنهم الخلاف. وقد تقدم جملة من ذلك في جوابي السؤال الرابع والثامن. وهذا القسم وإنْ لم يصرّح فيه بأسماء مَن هو المرجع من أهل البيت (صلوات الله عليهم)، إلا أن أمير المؤمنين (عليه السلام) متيقن من هذا القسم أيضًا، لأنه سيد أهل البيت بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وسيد عترته، كما تقدم عند الكلام في دلالة حديث الثقلين على إمامته (عليهم السلام) في جواب السؤال السادس من الأسئلة السابقة. ولأن مِن جملة الموارد التي تعرض فيها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لمرجعية الثقلين واقعة الغدير التي هي نَصٌّ فيه (صلوات الله عليه). نعم، لا ريب في عدم اختصاص هذه الطائفة به (صلوات الله عليه)، لأنه واحد مِن أهل البيت، فلا معنى لاختصاصها به. ومِن ثم كان ولداه الحسن والحسين (صلوات الله عليهم)، داخلَيْن في المتيقن مِن هذه الطائفة أيضًا، لأنهما الموجودان من أهل البيت في عصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، الجاريان مجرى أمير المؤمنين (عليه السلام)، ولا يُحتمل إرادة غيرهما، دونهما. بل حيث كانت هذه الطائفة واردة لرفع اختلاف الأمة بأجمعها، وهدايتها من الضلال، فهي تقتضي مرجعية أهل البيت في جميع الأزمنة ما دام لهذه الأمة وجود، تتعرض معه للخلاف والضلال، وذلك إنما -[ 160 ]- يكون بوجود المرجع لها مِن أهل البيت (عليهم السلام) ووجوب طاعتها له بعد الحسنين (صلوات الله عليهم)، مهما تعاقبت العصور، كما أشرنا إليه في أواخر جواب السؤال الثامن عند التعرض لوجوب الرجوع في الدين لأهل البيت (عليهم السلام). بل هو المصرح به في قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : "إن في كل خلف من أمتي عدلاً من أهل بيتي ينفي عن هذا الدين تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين. وإن أئمتكم قادتكم إلى الله عزوجل، فانظروا بمن تقتدون في دينكم وصلاتكم" (1). وذيله كالصريح في أن أولئك العدول من أهل البيت هم الأئمة، الذين يجب الائتمام بهم وطاعتهم على الأمة. وبالجملة: المتيقن من هذه الطائفة هو الإمام أمير المؤمنين وولداه الحسن والحسين (صلوات الله عليهم) بأشخاصهم، وهي تشير لبقية الأئمة (صلوات الله عليهم) إجمالاً مِن دون تحديد عددهم، ولا أشخاصهم. بل لابد مِن تعيين عددهم وأشخاصهم مِن أدلة أخرى.
ما تضمن إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام) وأحد عشر من ولده الطائفة الثالثة: ما تضمن أن الأئمة اثنا عشر، وهم أمير المؤمنين وأحد عشر من ولده (صلوات الله عليهم أجمعين) مِن دون تعيين لأسمائهم، أو مع التصريح باسم الحسن والحسين (صلوات الله عليهم).
ما تضمن أنَّ الأئمة اثنا عشر تدل على انحصار الإمامة فيهم وذلك أنه اتفقت أحاديث الشيعة والجمهور في تعيين عدد الأئمة ـــــــــــــــــــــــ (1) كمال الدين وتمام النعمة: 221، واللفظ له. قرب الإسناد: 77. الكافي 1: 32. مقتضب الأثر: 16. الفصول المختارة: 325. وقد تقدمت مصادر الجمهور في جواب السؤال الثامن في (أدلة مرجعية أهل البيتG للأمة) ص: 142. -[ 161 ]- بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأنهم اثنا عشر. وأحاديث الشيعة صريحة في حصرهم باثني عشر، وأنهم لا يزيدون ولا ينقصون عن ذلك. وأما أحاديث جمهور السنة المتضمنة للعدد المذكور فهي ظاهرة في ذلك أيضًا، لأنها واردة في بيان عدد الأئمة، لا في مجرد وجود هذا العدد في ضمن الأئمة، وإن كانوا هم أكثر مِن ذلك. إذ لا فائدة في بيان وجود هذا العدد مِن الأئمة إذا كان الأئمة أكثر مِن ذلك. خصوصاً ما أطلق فيه ذكر عدد الأئمة مِن دون وصف لهم بشيء، أو مع وصفهم بأنهم من قريش. نعم، لو كان التعبير هكذا: يكون في الأئمة أو في الخلفاء بعدي اثنا عشر من قريش-مثلاً- لما كان ظاهراً في الانحصار. لكن لِسَان تلك الأحاديث ليس كذلك، ويقوى الظهور في الانحصار باثني عشر في جملة من تلك الأحاديث.. (منه): حديث عبد الله بن مسعود عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : "قال: يكون بعدي من الخلفاء عدة نقباء موسى" (1). بناء على ما هو المعلوم مِن أن نقباء موسى اثنا عشر. فإنه كالصريح في التطابق بين خلفاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ونقباء موسى (عليه السلام) المذكورين. (ومنه): حديث جابر بن سمرة: "دخلت مع أبي على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فسمعته يقول: إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة. قال: ثم تكلم بكلام خفي عليّ. قال: فقلت لأبي: ما قال؟ قال: قال: كلهم من قريش" (2). ـــــــــــــــــــــــ (1) كنز العمال 12: 33 حديث:33859، واللفظ له، 6: 89 حديث:14971. الفتن لنعيم بن حماد 1: 95 في عدة ما يذكر من الخلفاء بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في هذه الأمة. البداية والنهاية 6: 248 الإخبار عن الأئمة الاثني عشر الذين كلهم من قريش. الجامع الصغير 1: 350. (2) صحيح مسلم 3: 1452 كتاب الإمارة: باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش. -[ 162 ]- وهو كالصريح في أن الخلفاء الذين يتعاقبون على هذا الدين ما دام قائماً هم اثنا عشر. وقريب منه أحاديث أخر كثيرة. (ومنه): حديث ابن سمرة العدوي قال:"سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: لايزال الدين قائماً حتى يكون اثنا عشر خليفة من قريش. ثم يخرج كذابون بين يدي الساعة..." (1). حيث تضمن إشغال الخلفاء الاثني عشر للمدة الزمنية لظهور الدين، وأن ظهور الكذابين بعدهم مِن أشراط الساعة. ونظيره حديثه الآخر عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: "[لا تزال هذه الأمة مستقيم أمرها ظاهرة على عدوها حتى يمضي منهم اثنا عشر خليفة، كلهم من قريش]. فلما رجع إلى منزله أتته قريش، قالوا: ثم يكون ماذا؟ قال: ثم يكون الهرج" (2). (ومنه): حديث سمرة: "سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: يكون بعدي اثنا عشر خليفة، كلهم من قريش. فلما رجع إلى منزله أتته قريش، قالوا: ثم يكون ماذا؟ قال: ثم يكون الهرج" (3). ـــــــــــــــــــــــ (1) مسند أبي عوانة 4: 373 مبتدأ كتاب الأمراء: بيان عدد الخلفاء بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذين ينصرون على من خالفهم ويعز الله بهم الدين وأنهم كلهم من قريش والدليل على إبطال قول الخوارج، واللفظ له. مسند أحمد 5: 86،87 في حديث جابر بن سمرة (رضي الله عنه). المعجم الكبير 2: 199 فيما رواه عامر بن سعد بن أبي وقاص عن جابر بن سمرة. (2) المعجم الكبير 2: 253 فيما رواه الأسود بن سعيد الهمداني عن جابر بن سمرة، واللفظ له. المعجم الأوسط 6: 268. تهذيب الكمال 3: 224 في ترجمة الأسود بن سعيد الهمداني. البداية والنهاية 6: 249 الاخبار عن الأئمة الاثني عشر الذين كلهم من قريش. (3) صحيح ابن حبان 15: 43 باب إخباره (صلى الله عليه وآله وسلم) عما يكون في أمته من الفتن والحوادث: ذكر خبر أوهم من لم يحكم صناعة الحديث أن الخلفاء لا يكونون بعد المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا اثني عشر، واللفظ له. مسند أحمد 5: 92 في حديث جابر بن سمرة (رضي الله عنه). مسند ابن الجعد: 390. -[ 163 ]- لظهور سؤال قريش في أنهم فهموا الحصر، وكون الحديث مشيرًا إلى فترة زمنية تناسب أمد خلافة الاثني عشر، فأرادوا أن يعرفوا حال الدنيا بعد تلك الفترة. وحديث أنس: "لن يزال هذا الدين قائماً إلى اثني عشر من قريش فإذا هلكوا ماجت الأرض بأهلها" (1). وأظهر منها في ذلك حديث أبي الطفيل عن عبد الله بن عمرو قال: "قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا ملك اثنا عشر من بنى كعب بن لؤي كان النقف والنقاف إلى يوم القيامة" (2). وأصرح من الكل حديث مسروق، قال: "كنا جلوساً ليلة عند عبد الله يقرئنا القرآن، فسأله رجل فقال: يا أبا عبد الرحمن، هل سألتم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كم يملك هذه الأمة من خليفة. فقال عبد الله ما سألني عن هذا أحد منذ قدمت العراق قبلك. قال: سألناه، فقال: اثنا عشر، عدة نقباء بني إسرائيل" (3). فإنّ السؤال فيه عن عدد الخلفاء موجب لصراحة الجواب في حصرهم بالعدد المذكور، لا في مجرد وجود هذا العدد في ضمنهم، مع كونهم أكثر من ذلك. ـــــــــــــــــــــــ (1) كنز العمال 12: 34 حديث:33861. (2) تاريخ بغداد 6: 263 في ترجمة إسماعيل بن ذواد. المعجم الأوسط 4: 155. فتح الباري 13: 213. تحفة الأحوذي 6: 394. ميزان الاعتدال 1: 383 في ترجمة إسماعيل بن ذؤاد. الكامل في ضعفاء الرجال 3: 123 في ترجمة ذواد بن علبة الحارثي. (3) المستدرك على الصحيحين 4: 546 كتاب الفتن والملاحم، واللفظ له. مسند أحمد 1: 398 مسند عبدالله بن مسعود (رضي الله عنه). مسند أبي يعلى 8: 444، 9: 222 مسند عبدالله بن مسعود. المعجم الكبير 10: 157 ومن مسند عبدالله بن مسعود (رضي الله عنه). فتح الباري 13: 212 مختصر. تحفة الأحوذي 6: 394. تفسير ابن كثير 2: 33. وغيرها من المصادر. -[ 164 ]- ومِن هنا كانت هذه الطائفة بمجموعها دالة على انحصار الخلفاء والأئمة بالاثني عشر. وذلك لا يتناسب مع مذهب الجمهور في الإمامة، ولا ينطبق إلا على مذهب الإمامية فيها. وإنْ حاول جماعة التخلص من ذلك والخروج بهذه النصوص عن ظاهرها، بل صريحها، وتأويلها بتكلف وتمحل يأباه لسانها، كما يظهر للناظر في كلماتهم (1). ويؤكد ما ذكرنا ما في بعض هذه النصوص مِن أنّ هؤلاء الخلفاء لا يضرهم خذلان مَن خذلهم، ولا عداوة الناس لهم.كحديث جابر ابن سمرة: "سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يخطب على المنبر، وهو يقول: اثنا عشر قيّماً من قريش لا يضرهم عداوة من عاداهم..." (2). وحديثه الآخر: "كنت مع أبي عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال: يكون لهذه الأمة اثنا عشر قيماً لا يضرهم مَن خذلهم..." (3). فإنّ الخلافة إذا كانت بالسلطان القاهر - كما عليه الجمهور - أضرّ بالخليفة خذلان مَن خذله، وعداوة مَن عاداه، لأنه يضعف سلطانه بل قد يزيله، ويبطل إمامته عند الجمهور. أما إذا كانت بالنص والجعل الإلهي - كما عليه الإمامية - فلا يضر بالخليفة عداوة مَن عاداه، ولا خذلان مَن خذله، لعدم تأثيرهما على حقه. بل هما يضران بالخاذل والمعادي، لتقصيرهما في أداء وظيفتهما إزاء الإمام الحق. ـــــــــــــــــــــــ (1) راجع كلام ابن حجر في فتح الباري 13: 211 ـ 215. (2) مجمع الزوائد 5: 191 كتاب الخلافة: باب الخلفاء الاثني عشر، واللفظ له. المعجم الكبير 2: 256 فيما رواه علي بن عمارة عن جابر بن سمرة. المحدث الفاصل: 494. فتح الباري 13: 212. (3) المعجم الأوسط 3: 201، واللفظ له. المعجم الكبير 2: 196 ما أسند جابر بن سمرة: باب عامر الشعبي عن جابر بن سمرة. كنز العمال 12: 33 حديث:33857. -[ 165 ]- نظير قوله تعالى: ((لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ)) (1)، وقول أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): "لا يزيدني كثرة الناس حولي عزة، ولا تفرقهم عني وحشة" (2). وبالجملة: لا ينبغي للمنصف الإشكال في دلالة النصوص المذكورة على انحصار الأئمة بالاثني عشر، وعدم زيادتهم عليهم. هذا، وقد تضمنت جملة من هذه النصوص أنهم من قريش (3). وفي بعضها "وكلهم يعمل بالهدى ودين الحق" (4). وتضمنت نصوص أخر أن الأئمة من قريش (5) من دون تحديد بعدد. كما تضمنت جملة ثالثة من النصوص وجود خلفاء راشدين مهديين (6). ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة المائدة الآية: 105. (2) نهج البلاغة 3: 62. الإمامة والسياسة 1: 51 خروج علي من المدينة. (3) صحيح البخاري 6: 2640 كتاب الأحكام: باب الاستخلاف. صحيح مسلم 3: 1452، 1453 كتاب الإمارة: باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش. المستدرك على الصحيحين 3 كتاب معرفة الصحابة: 715 ذكر جابر بن سمرة السوائي (رضي الله عنه)،: 716 ذكر أبي جحيفة السوائي (رضي الله عنه). صحيح ابن حبان 15: 43 باب إخباره (صلى الله عليه وآله وسلم) عما يكون في أمته من الفتن والحوادث، 15: 44 ذكر خبر أوهم من لم يحكم صناعة الحديث أن الخلفاء لا يكونون بعد المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا اثني عشر، 15: 45 ذكر البيان بأن المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) أراد بقوله يكون بعدي اثنا عشر خليفة أن الإسلام يكون عزيزاً في أيامهم لا أنه أراد به نفي ما وراء هذا العدد من الخلفاء، ذكر وصف عزة الإسلام التي ذكرناها في أيام الاثني عشر. مسند أبي عوانة 4: 370، 371، 372، 373 مبتدأ كتاب الأمراء: بيان عدد الخلفاء بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذين ينصرون على من خالفهم ويعز الله بهم الدين وأنهم كلهم من قريش والدليل على إبطال قول الخوارج. سنن الترمذي 4: 501 كتاب كتاب الفتن: باب ما جاء في الخلفاء. وغيرها من المصادر الكثيرة جد. (4) فتح الباري 13: 213. فيض القدير 2: 459. تاريخ بغداد 4: 37 في ترجمة أحمد أمير المؤمنين القادر بالله. (5) تقدمت مصادره في جواب السؤال الرابع في 2: 173. (6) صحيح ابن حبان 1: 179 باب الاعتصام بالسنة وما يتعلق بها نقلاً وأمراً وزجراً: ذكر وصف الفرقة الناجية من بين الفرق التي تفترق عليها أمة المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم). المستدرك على الصحيحين 1: 174، 175، 176 كتاب العلم، وقال بعد ذكر الحديث: "هذا حديث صحيح ليس له علة". سنن الترمذي 5: 44 كتاب العلم عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع. سنن الدارمي 1: 57 باب اتباع السنة. وغيرها من المصادر الكثيرة جد. -[ 166 ]- ومقتضى الجمع بين هذه الطوائف الثلاث والطائفة الأولى هو أن الأئمة والخلفاء اثنا عشر من قريش، كلهم يعمل بالهدى ودين الحق، راشدون مهديون، وأنه لا أئمة غيرهم ممّن يُعترَف شرعيّاً بإمامتهم. وبعد هذه المحصلة لابد مِن النظر في تعيينهم بأشخاصهم مِن نصوص وأدلة أخرى. وقد تقدم في أوائل الجواب عن السؤال الرابع أنه يمتنع اقتصار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في بيان مَن له حق الإمامة والخلافة على أنها في قريش، بما لهذا العنوان مِن شمولية وسعة، بل لابد مِن التحديد بوجه أتمّ، بحيث يمنع مِن التشاحّ والخلاف. وهو ما حصل فعلاً.
ما تضمن أن الأئمة مِن بني هاشم وأنهم علويون فقد ورد في بعض طرق أحاديث الأئمة الاثني عشر أنهم من بني هاشم (1). كما أنه تقدم في جواب السؤال الثالث من هذه الأسئلة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله: "ألا وإن الأئمة من قريش قد غرسوا في هذا البطن من بني هاشم..." (2). وقد ورد بذلك أحاديث كثيرة رواها الشيعة لا مجال لاستقصائها. وهي بين ما صرّح فيه بأنهم أمير المؤمنين (عليه السلام) والأئمة مِن ولده، وما صرح فيه بأنهم أمير المؤمنين وأحد عشر مِن ولده. ـــــــــــــــــــــــ (1) ينابيع المودة 2: 315، 3: 290،292. (2) نهج البلاغة 2: 27.
-[ 167 ]- ما دل على قصر الإمامة على العلويين الفاطميين ولابد مِن حملها على خصوص الفاطميين منهم: أولاً: للنصوص الكثيرة المشار إليها آنفًا، المتضمنة لتقديم أهل البيت (عليهم السلام) وعترة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ووجوب طاعتهم، والتمسك بهم، كحديث الثقلين وغيره.لوضوح أن أهل البيت هم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين (صلوات الله عليهم). كما تضمنت ذلك أحاديث كثيرة (1)، فلا يكون الأئمة ومرجع الأمة من أهل البيت إلا مِن ذريتهم، ليصدق أهل البيت عليهم، بسبب انتسابهم لهم. وثانياً: للنصوص المتضمنة أن الأحد عشر أو الاثني عشر مِن أهل البيت (عليهم السلام). وثالثاً: للنصوص المتضمنة أن الأئمة من ذرية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعترته. وبذلك يخرج العلويون الذين ليسوا من ذرية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والحسن والحسين (عليهم السلام). والأحاديث المتضمنة للمضامين المذكورة مستفيضة، وهي أكثر من أن نحصيها. فلتطلب من مواضعها (2). وقد يدعي المدعي أن الكثرة الكاثرة من هذه الأحاديث قد رويت من طريق الأئمة (صلوات الله عليهم)، ولا يمكن الاحتجاج بقولهم على إمامتهم، بل لابد أولاً من إثبات إمامتهم من غير طريقهم، ثم بعد ذلك ـــــــــــــــــــــــ (1) تقدمت بعض مصادره في جواب السؤال السادس من الأسئلة السابقة. (2) كمال الدين وتمام النعمة الباب:22، 23، 24: 211 ـ 286. بحار الأنوار 23: 104 ـ 154، و 36: 192 ـ 373، وغيرهم. -[ 168 ]- يحتج بقولهم. لكنه يندفع: بأنا لا نحتج على إمامتهم (صلوات الله عليهم) بدعواهم الإمامة، بل برواياتهم عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما يثبت إمامتهم، ولا إشكال في أنهم (عليهم السلام) مِن أوثق الرواة وأصدقهم، إن لم يكونوا أوثقهم وأصدقهم. على أنّ دعواهم الإمامة لا يستهان بها بعد تسالم جمهور المسلمين على علمهم وورعهم وأمانتهم، مع ما هو المعلوم مِن أنّ مرادهم بالإمامة هي الإمامة بتعيين من الله تعالى، وإبلاغ من رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم). ويأتي في آخر هذا البحث ما ينفع في ذلك. وعلى كل حال تغنينا رواياتهم (صلوات الله عليهم) في المقام.
ما ورد من طرق الجمهور مما يناسب إمامة أهل البيت (عليهم السلام) ولاسيما وأن الجمهور قد رووا بعض تلك المضامين وما يرجع إليها، وما يناسبها.. 1 ـ فقد سبق في أواخر السؤال السابق قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : "في كل خلف من أمتي عدول من أهل بيتي ينفون عن هذا الدين تحريف المبطلين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين. ألا وإن أئمتكم وفدكم إلى الله، فانظروا من توفدون" (1). 2 ـ وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : "النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف" (2). وقد تقدم أن ذلك لا يكون إلا مع وجود مرجع منهم في جميع العصور يعصم من الاختلاف. ـــــــــــــــــــــــ (1)، (2) تقدمت مصادرهما في جواب السؤال الثامن في: 142، 141. -[ 169 ]- 3 ـ وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : "مَن أحب أن يحيى حياتي، ويموت ميتتي، ويدخل الجنة التي وعدني ربي، قضباناً من قضبانها غرسها بيده - وهي جنة الخلد - فليتولَّ عليّاً وذريته مِن بعده، فإنهم لن يخرجوكم من باب هدى ولن يدخلوكم في باب ضلالة" (1). 4 ـ ما رواه الموفق بن أحمد بسنده عن الإمام الباقر عن أبيه عن جده الإمام الحسين (صلوات الله عليهم): "قال: سمعت جدي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: من أحب أن يحيى حياتي، ويموت مماتي، ويدخل جنة عدن التي وعدني ربي، وغرس فيها قضيباً بيده، ونفخ فيها من روحه، فليوالِ علياً وذريته الطاهرين أئمة الهدى ومصابيح الدجى من بعده، فإنهم لن يخرجوكم من باب الهدى إلى باب الردى" (2). وقال ابن شهرآشوب: "كاتبني أبو المؤيد المكي الخطيب بخوارزم بكتاب الأربعين بالإسناد عن الحسين بن علي (عليه السلام)، قال: سمعت النبي يقول: من أحب..." وذكر الحديث المذكور بألفاظ متقاربة (3). 5 ـ وحديث جابر. قال: "قال: قال رسول الله: أنا سيد النبيين، وعلي سيد الوصيين، وإن أوصيائي بعدي اثنا عشر. أولهم علي، وآخرهم القائم المهدي" (4). 6 ـ وحديث ابن عباس قال: "قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مَن سرّه أن يحيى حياتي، ويموت ميتتي، ويسكن جنة عدن غرسها ربي، فليوالِ علياً من بعدي، وليوالِ وليَّه، وليقْتدِ بالأئمة من بعدي، فإنهم عترتي، خلقوا من ـــــــــــــــــــــــ (1) تقدمت مصادره في جواب السؤال الثامن في: 141. (2) ينابيع المودة 1: 383. (3) مناقب آل أبي طالب 1: 250. ينابيع المودة 1: 382. المناقب للخوارزمي: 75. (4) ينابيع المودة 3: 291. -[ 170 ]- طينتي، رزقوا فهماً وعلمًا. وويل للمكذبين بفضلهم من أمتي القاطعين فيهم صلتي، لا أنالهم الله شفاعتي" (1). 7 ـ وحديثه الثاني، قال: "قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : إن خلفائي وأوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي، الاثنا عشر، أولهم علي، وآخرهم ولدي المهدي..." (2). 8 ـ وحديثه الثالث، قال: "سمعت رسول الله (ص) يقول: أنا وعلي والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين مطهرون معصومون" (3). 9 ـ وحديثه الرابع: "قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : يا علي أنا مدينة العلم، وأنت بابها. ولن تؤتى المدينة إلا من قبل الباب. وكذب من زعم أنه يحبني ويبغضك، لأنك مني وأنا منك، لحمك من لحمي، ودمك من دمي، وروحك من روحي، وسريرتك من سريرتي، وعلانيتك من علانيتي، وأنت إمام أمتي، وخليفتي عليها بعدي، سعد من أطاعك، وشقي من عصاك، وربح من تولاك، وخسر من عاداك، وفاز من لزمك، وهلك من فارقك. مثلك ومثل الأئمة من ولدك بعدي مثل سفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق. ومثلكم كمثل النجوم، كلما غاب نجم طلع نجم إلى يوم القيامة" (4). 10 ـ وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) في خطبة له: "يا أيها الناس إن الفضل والشرف والمنزلة والولاية لرسول الله وذريته، فلا تذهبن بكم الأباطيل" (5). ـــــــــــــــــــــــ (1) حلية الأولياء 1: 86 في ترجمة علي بن أبي طالب، واللفظ له. وذكر مع اختصار في التدوين في أخبار قزوين 2: 485. (2) ينابيع المودة 3: 295، ورواه عن فرائد السمطين، واللفظ له،: 383. (3) ينابيع المودة 2: 316، 3: 291. (4) ينابيع المودة 1: 95، 390 ـ 391. (5) ينابيع المودة 2: 382، 465. -[ 171 ]- 11 ـ وحديث سلمان الفارسي (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وفيه: "قال لعلي (رضي الله عنه): يا علي تختَّمْ باليمين تكن من المقربين، قال: يا رسول الله، وما المقربون؟ قال: جبرئيل وميكائيل. قال: فبم أتختم يا رسول الله؟ قال: بالعقيق الأحمر، فإنه جبل أقر لله بالوحدانية، ولي بالنبوة، ولك بالوصية، ولولدك بالإمامة، ولمحبيك بالجنة، ولشيعة ولدك بالفردوس" (1). 12 ـ وحديثه الآخر قال: "دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإذا الحسين بن علي على فخذه، وهو يقبل عينيه ويلثم فاه، ويقول: أنت سيد، ابن سيد، أخو سيد. أنت إمام، ابن إمام،أخو إمام،أنت حجة،ابن حجة،أخو حجة،وأنت أبو حجج تسعة. تاسعهم قائمهم" (2). 13 ـ وقد تقدم في جواب السؤال الثامن حديث: "علي وذريته يختمون الأوصياء إلى يوم الدين" (3). وتقدم كلام الذهبي فيه، وتعقيبنا عليه. 14 ـ وفي خطبة أمير المؤمنين (عليه السلام) : "ألا إن مثل آل محمد(صلى الله عليه وآله) كمثل نجوم السماء، إذا خوى نجم طلع نجم..." (4). 15 ـ وفي حديثه (عليه السلام) المشهور مع كميل بن زياد النخعي: "اللهم بلى لن تخلو الأرض مِن قائم لله بحجة، لئلا تبطل حجج الله وبيناته. أولئك الأقلون عددًا، الأعظمون عند الله قدرًا، بهم يدفع الله عن حججه حتى يؤدوها إلى نظرائهم، ويزرعوها في قلوب أشباههم، هجم بهم العلم على حقيقة الأمر. تلك أبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى. أولئك خلفاء الله في بلاده، والدعاة إلى دينه..." (5). ـــــــــــــــــــــــ (1) المناقب للخوارزمي: 326. (2) ينابيع المودة 3: 394. (3) تقدمت مصادره في جواب السؤال الثامن ص: 68 وما بعده. (4) نهج البلاغة 1: 194، واللفظ له. ينابيع المودة 1: 95،391، 3: 450. (5) تذكرة الحفاظ 1: 11 في ترجمة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، واللفظ له. حلية الأولياء 1: 80 في ترجمة علي بن أبي طالب. تهذيب الكمال 24: 221 في ترجمة كميل بن زياد بن نهيك. نهج البلاغة 4: 37 ـ 38. كنز العمال 10: 263 ـ 264 حديث:29390. المناقب للخوارزمي: 366. ينابيع المودة 1: 89، 3: 454. تاريخ دمشق 14: 18 في ترجمة الحسين بن أحمد بن سلمة، 50: 254 في ترجمة كميل بن زياد بن نهيك. وأخرج بعضه في صفوة الصفوة 1: 331 في ترجمة أبي الحسن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) : ذكر جمل من مناقبه (رضي الله عنه). -[ 172 ]- وهو يكاد يكون صريحاً في مذهب الإمامية في الإمامة مِن كونها بعهدٍ مِن الله تعالى يبتني على حمْل الإمام العلْمَ عن الله تعالى، ثم يؤديه السابق إلى اللاحق، بحيث لا يخلو منهم زمان. 16 ـ ويأتي إن شاء الله تعالى في بقية طوائف النصوص بعض النصوص الموجودة في بعض مصادر الجمهور. وعَلِم الله تعالى كم ضاع على الجمهور أو ضيعوا من تلك الأحاديث، لمنافاتها لمبانيهم، بل لأسس دعواهم. خصوصاً بعد ما هو المعلوم من مجافاتهم لأهل البيت (صلوات الله عليهم)، وشدة موقفهم من فضائلهم ومناقبهم، كما تقدم التعرض لبعض ذلك فيما سبق، خصوصاً في جواب السؤال الثامن.
صحة الاحتجاج بما ورد عن أمير المؤمنين والحسن والحسين (عليهم السلام) وبملاحظة ما سبق يظهر صحة الاحتجاج بما ورد عن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) في تعيين الأئمة مِن بعده (1)، لأن أمير المؤمنين هو المتيقن من جميع ما ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في إمامة أهل بيته. بل يمكن الاحتجاج بما ورد عن الإمامين السبطين أبي محمد الحسن وأبي عبدالله الحسين (صلوات الله عليهم) (2). لأنهما داخلان في المتيقن ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 36: 373 ـ 383. وغيره. (2) بحار الأنوار 36: 383 ـ 385. وغيره. -[ 173 ]- أيضًا. ويأتي تمام الكلام في ذلك إن شاء الله تعالى. بقي في المقام أمران:
بشارة الأنبياء السابقين (عليهم السلام) بإمامة الاثني عشر من أهل البيت (عليهم السلام) الأول: أن في جملة من النصوص الدينية والتاريخية أن كون الأئمة اثني عشر من أهل البيت أمر قد بشرت به الأديان السابقة، على لسان أنبيائها (عليهم السلام)، وفي كتبها وصحفها في تتمة بشارتها بنبوة خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله وسلم). وأنه قد عرف ذلك علماؤها، وأقرّ به بعضهم. ولنذكر أحد هذه النصوص تيمنًا، ففي غيبة النعماني: "ابن عقدة ومحمد بن همام وعبد العزيز وعبد الواحد ابنا عبد الله بن يونس، عن عبد الرزاق بن همام، عن معمر بن راشد، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم ابن قيس الهلالي، قال: لما أقبلنا من صفين مع أمير المؤمنين (عليه السلام) نزل قريباً من دير نصراني، إذ خرج علينا شيخ من الدير جميل الوجه حسن الهيئة والسمت، معه كتاب، حتى أتى أمير المؤمنين (عليه السلام) فسلم عليه. ثم قال: إني من نسل أحد حواري عيسى بن مريم، وكان أفضل حواري عيسى الاثني عشر، وأحبهم إليه وأبرّهم عنده. وإن عيسى أوصى إليه، ودفع إليه كتبه وعلمه وحكمته.فلم يزل أهل هذا البيت على دينه، ومتمسكين عليه، لم يكفروا، ولم يرتدوا، ولم يغيروا. وتلك الكتب عندي، إملاء عيسى بن مريم، وخط أبينا بيده، فيها كل شيء يفعل الناس من بعده، أو اسم ملكٍ ملكٍ منهم. وأن الله يبعث رجلاً من العرب من ولد إبراهيم خليل الله من أرض يقال لها تهامة، من قرية يقال لها مكة، فقال: لها اثنا عشر اسمًا، وذكر مبعثه ومولده، ومهاجرته، ومن يقاتله، ومن ينصره، ومن يعاديه، وما يعيش، وما يلقى -[ 174 ]- أمته بعده، إلى أن ينزل عيسى بن مريم من السماء. وفي ذلك الكتاب ثلاثة عشر رجلاً من ولد إسماعيل بن إبراهيم خليل الله، من خير خلق الله، وأحب من خلق الله إليه. والله ولي لمن والاهم، وعدو لمن عاداهم. من أطاعهم اهتدى، ومن عصاهم ضل. طاعتهم لله طاعة، ومعصيتهم لله معصية. مكتوبة أسماؤهم وأنسابهم ونعوتهم، وكم يعيش كل رجل منهم، واحد بعد واحد، وكم رجل منهم يستتر بدينه، ويكتمه من قومه. ومن الذي يظهر منهم وينقاد له الناس، حتى ينزل عيسى بن مريم، فيصلي عيسى خلفه، ويقول: إنكم لأئمة لا ينبغي لأحد أن يتقدمكم، فيتقدم فيصلي بالناس، وعيسى خلفه. أولهم وخيرهم وأفضلهم - وله مثل أجورهم وأجور من أطاعهم واهتدى بهم - رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اسمه محمد، وعبدالله، ويس، والفتاح، والخاتم، والحاشر، والعاقب، والماحي، والقائد، ونبي الله، وصفي الله، وجنب الله. وإنه يذكر إذا ذكر، من أكرم خلق الله على الله، وأحبهم إلى الله، لم يخلق الله ملكاً مكرمًا، ولا نبياً مرسلا، من آدم فمن سواه، خيراً عند الله، ولا أحب إلى الله منه. يقعده يوم القيامة على عرشه، ويشفعه في كل من يشفع فيه. باسمه صرح القلم في اللوح المحفوظ: محمد رسول الله. وبصاحب اللواء يوم الحشر الأكبر أخيه ووصيه ووزيره وخليفته في أمته وأحب من خلق الله إليه بعده علي ابن عمه لأمه وأبيه، وولي كل مؤمن بعده. ثم أحد عشر رجلاً من ولد محمد وولده، أولهم يسمى باسم ابْنَيْ هارون شبراً وشبيرا، وتسعة من ولد أصغرهم، واحدا بعد واحدا. آخرهم الذي يصلي عيسى خلفه..." (1). ـــــــــــــــــــــــ (1) الغيبة للنعماني: 74 ـ 75. وعنه بحار الأنوار 36: 210 ـ 212، واللفظ له. -[ 175 ]- وهناك أحاديث أخر كثيرة تشهد بذلك (1). وتأتي الإشارة إلى ما يناسبها إن شاء الله تعالى.
ما ثبت في التوراة الرائجة حول ذلك وقال الطبرسي عند التعرض لبشائر الأنبياء بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : "فلقد حدثني من أثق به: قال مكتوب في خروج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من ولد إسماعيل وصفته هذه الألفاظ: لاشموعيل شهشخوا هني بيراختما أوثو هربيث أتو هربتي واتو بماد ماد شينم آسور نسيئم وأنا تيتو الكوي كادل. وتفسيره: إسماعيل قبلت صلاته، وباركت فيه، وأنميته، وكثرت عدده بولد له، اسمه محمد، يكون اثنين وتسعين في الحساب. سأخرج منه اثني عشر إماماً ملكاً من نسله. وأعطيه قوماً كثير العدد" (2). ويقول الأربلي: "وفي التوراة ما حكاه لي بعض اليهود، ورأيته أنا في توراة معربة، وقد نقله الرواة أيضاً: إسماعيل قبلت صلاته، وباركت فيه، وأنميته، وكثرت عدده بمادماد (معناه: بمحمد) وعدد حروفه اثنان وتسعون حرف. سأخرج اثني عشر إماماً ملكاً من نسله، وأعطيه قوماً كثير العدد. وأول هذا الفصل بالعبري: لا شموعيل شمعيثوخو" (3). وحدثنا بعضُ مَن أسلم من المسيحيين أن عنده نسخة مخطوطة من العهدين في حدود القرن الثامن الميلادي، تتضمن ما ذكره الطبرسي. ولم يتسن لنا حتى الآن الاطلاع عليها. ـــــــــــــــــــــــ (1) الكافي 1: 515 ـ 517، وبحار الأنوار 15: 236 ـ 239، 241 ـ 247، و 36: 212ـ213، 214، 225. (2) إعلام الورى بأعلام الهدى 1: 59. (3) كشف الغمة في معرفة الأئمة 1: 22. -[ 176 ]- كما حدثنا آخر ممّن أسلم من المسيحيين بنحو ذلك. بل بأعجب منه في أمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل البيت (عليهم السلام). ولا نريد أن نثبت حديثاً شفوياً غير مسجل. وعلى كل حال فالموجود في كتاب العهد القديم المعرب المطبوع الشايع الانتشار الآن ما يقرب من هذا المضمون. إلا أنه قد حذف منه اسم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). ففي الإصحاح السابع عشر من سفر التكوين: "وأما إسماعيل فقد سمعت قولك فيه: وها أنا ذا أباركه، وأنميه، وأكثره جداً جدا، ويلد اثني عشر رئيسا. وأجعله أمة عظيمة". وقريب منه ما حكاه المجلسي (قدس سره) عن التوراة العبرانية - حسبما حدثه به جماعة من ثقات أهل الكتاب (1) - وما يأتي من ابن كثير عن التوارة التي بأيدي أهل الكتاب (2). وكلاهما متأخر عن الطبرسي والأربلي (قدس سرهم). ومقتضى ما سبق أن يكون حذف اسم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تحريفاً قد طرأ حديثاً على الكتاب المذكور. وهو أمر غير مستبعد من أهل الكتاب. وقد كثر في القرآن المجيد التنديد بهم، لكتمانهم ما أنزل من البينات والهدى في الكتاب، وتحريفهم الكلم عن مواضعه، وافترائهم على الله تعالى ما ليس من الكتاب، ونحو ذلك. وقد وقع منهم في عصورنا القريبة ما يناسب ذلك، مما أدى إلى تبرئة اليهود من دم المسيح، على خلاف ما تضمنته تعاليمهم الدينية السابقة. وقد أكد غير واحد على اختلاف كتابهم باختلاف طبعاته، التي لابد ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 36: 214. (2) تاريخ ابن كثير 6: 250 في الأخبار عن الأئمة الاثني عشر الذين كلهم من قريش. -[ 177 ]- أن تقرها هيئاتهم الدينية الرسمية، حيث يرجع ذلك إلى حصول التحريف بتوجيه من تلك الهيئات. كما أن ذكر ولادة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للاثني عشر (عليهم السلام) - مع أنه لم يلد أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي هو أولهم وسيدهم - إما أن يبتني على التغليب، أو على الخطأ في تفسير العترة بالأولاد، بأن يكون الموجود في الكتب عترته (صلى الله عليه وآله وسلم) اثنا عشر، فتوهم المعرب أنهم أولاده. وهذا ليس غريباً في الترجمة.
كلام ابن كثير حول الموضوع وعلى كل حال فقد قال ابن كثير: "وفي التوراة التي بأيدي أهل الكتاب ما معناه: أن الله تعالى بشر إبراهيم بإسماعيل، وأنه ينميه ويكثره، ويجعل من ذريته اثني عشر عظيم. قال شيخنا العلامة أبو العباس بن تيمية: وهؤلاء المبشر بهم في حديث جابر بن سمرة. وقرر أنهم يكونون مفرقين في الأمة، ولا تقوم الساعة حتى يوجدوا. وغلط كثير ممن تشرف بالإسلام من اليهود، فظنوا أنهم الذين تدعوا إليهم فرقة الرافضة، فاتبعوهم" (1).
التعقيب على كلام ابن كثير لكن اليهود الذين تركوا دينهم وتشرفوا بالإسلام، مِن أجل العلامات والدلائل التي وجدوها في كتبهم، أعرف بما عندهم وفي كتبهم من ابن كثير. وهم أقرب للموضوعية وأبعد عن التعصب والغلط منه. كما أن ما حكاه عن ابن تيمية من أن الأئمة الاثني عشر يكونون مفرقين في الأمة لا مجال له بعد ما سبق من أن الأحاديث المتضمنة لعدد الأئمة وأنهم اثنا عشر ظاهرة في انحصار الإمامة بهم. بل بعضها صريح في ذلك. فراجع. ـــــــــــــــــــــــ (1) تاريخ ابن كثير 6: 249، 250. -[ 178 ]- الإمامة إنما تكون بعهد من الله تعالى الأمر الثاني: الذي صرح به في هذه النصوص وغيرها من النصوص الكثيرة جداً أن الإمامة أمر معهود من الله تعالى، وليست هي بتعيين الناس، بل ولا بتعيين النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو الإمام لمَن بعده، وإنما وظيفة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والإمام التبليغ بعهد الله تعالى بذلك، لا غير. وعلى ذلك يقوم كيان دعوة الشيعة الإمامية سددهم الله تعالى، ولا زالوا يؤكدون عليه في عرض دعوتهم والاستدلال عليها، حتى عرف عنهم. وبه يمتازون عن أكثر فرق المسلمين أو جميعه. والإنصاف أن ذلك هو مقتضى التأمل في نصوص الجمهور المطبقة على أن الأئمة اثنا عشر، وإن خلت أو خلا أكثرها عن التصريح به. ضرورة أنها بعد أن كانت لا تنطبق على الذين استولوا على السلطة، واعترف الجمهور بإمامتهم، فلابد أن يكون المراد بها غيرهم. وحيث لم يكن أولئك مستولين على السلطة، ولا مبايعين من قبل الناس، فلابد أن يكون ثبوت الإمامة لهم بتعيين الله تعالى. كما هو المناسب لما تقدم في بعضها من مقارنة عددهم بعدد نقباء بني إسرائيل، ومن أنه لا يضرهم خذلان من خذلهم وعداء من عاداهم، على ما ذكرناه في التعقيب على ذلك هناك. ومثلها في ذلك ما ورد من طرق الجمهور في حق أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) من أنه سيد المؤمنين وإمام المتقين، وأنه أميرهم، ووليهم أو أولى بهم... إلى غير ذلك (1) من المضامين الدالة على إمامته. ـــــــــــــــــــــــ (1) تقدمت مصادر بعضها في جواب السؤال الرابع في 2: 184. وتقدم بعضها في جواب السؤال السابع من الأسئلة السابقة. -[ 179 ]- ضرورة أنه قد أثبت له (عليه السلام) ذلك قبل بيعة الناس له. بل صرح في كثير منه بأنه بعهد من الله تعالى، كما يظهر بالرجوع لها. وذلك هو المناسب لشرف الإمامة، ورفعة شأنها وعظيم قدرها، وأهمية المسؤوليات الملقاة على عاتق الإمام، وعلى عاتق الأمة إزاءه. ونسأل الله سبحانه أن يهدينا سواء السبيل، ويثبتنا على الحق والهدى، ويعصمنا من الزيغ والضلال. | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: رد: (في رحاب العقيدة)للسيد الحكيم.مفصّل سهل التناول الأحد يوليو 22, 2012 6:24 am | |
| ما تضَمَّن تعيينَ الأئمة الاثني عشر بأشخاصهم الطائفة الرابعة: ما تضمن تعيين آحاد الأئمة الاثني عشر بأسمائهم، أو نُعُوتِهم، أو نحو ذلك. وهو أحاديث كثيرة.. 1 ـ ما روي مسنداً عن الإمام أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) في الكتاب الذي قرأه على أهل بيته بإملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وخطّ أمير المؤمنين (عليه السلام)، ويتضمن أسماء الأئمة الاثني عشر (صلوات الله عليهم) ومجمل حياتهم ووظائفهم (1). 2 ـ حديث إسحاق بن عمار عن الإمام الصادق (عليه السلام)، قال فيه: "وجدنا صحيفة بإملاء رسول الله وخط أمير المؤمنين (عليه السلام)..." وذكر الكتاب الذي أشرنا إليه عند ذكر الحديث السابق (2). 3 ـ حديث اللوح الذي رآه جابر بن عبد الله الأنصاري عند الصديقة سيدة النساء فاطمة الزهراء (عليه السلام) المشتمل على أسماء الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام)، والمتضمن ما رسم في الكتاب السابق. وقد روي بطرق متعددة عن بكر بن صالـح عن عبد الرحمن بن سالم ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 36: 201. كمال الدين وتمام النعمة: 312 ـ 313. (2) بحار الأنوار 36: 200. -[ 180 ]- عن أبي بصير عن الإمام أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) ـ (1). 4 ـ حديث اللوح أيضًا، مع الاقتصار فيه على أسمائهم (عليهم السلام) وأسماء آبائهم وأمهاتهم مِن دون تعرُّض للكتاب المتقدم. وقد روي عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه سأل جابراً عنه، فحدثه به (2). 5 ـ حديث اللوح أيضاً بوجه أخصر عن الإمام الباقر (عليه السلام) عن جابر أيضاً قال: "دخلت على فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقدامها لوح يكاد ضوؤه يغشي الأبصار فيه اثنا عشر اسماً: ثلاثة في ظاهره، وثلاثة في باطنه، وثلاثة في آخره، وثلاثة أسماء في طرفه، فعددتها فإذا هي اثنا عشر. فقلت: أسماء مَن هؤلاء؟ قالت: هذه أسماء الأوصياء، أولهم ابن عمي، وأحد عشر مِن ولدي، آخرهم القائم. قال جابر: فرأيت فيها محمداً محمداً محمداً في ثلاثة مواضع، وعلياً علياً علياً علياً في أربعة مواضع" (3). وقد روي بطريقين عن جابر بن يزيد الجعفي عن الإمام الباقر (عليه السلام). كما روي مختصراً بأربعة طرق عن الحسن بن محبوب عن أبي الجارود، عن الإمام الباقر (عليه السلام) أيضاً (4). 6 ـ حديث اللوح أيضًا، وهو يتضمن مقابلة ما كتبه جابر بن عبد الله الأنصاري مع الكتاب الموجود عند الإمام الباقر (عليه السلام)، وهما يتضمنان أسماء الأئمة الاثني عشر (صلوات الله عليهم)، مع كتاب مختصر في شرح شيء مما يتعلق بهم. وقد روي مسنداً إلى الإمام الصادق (عليه السلام) (5). ـــــــــــــــــــــــ (1) الكافي 1: 527 ـ 528. بحار الأنوار 36: 195، 198. (2) بحار الأنوار 36: 195 ـ 197. كمال الدين وتمام النعمة: 306 ـ 307. (3) بحار الأنوار 36: 201، واللفظ له. كمال الدين وتمام النعمة: 311. إعلام الورى بأعلام الهدى 2: 178. (4) بحار الأنوار 36: 201، 202. (5) بحار الأنوار 36: 202 ـ 203. الأمالي للصدوق: 291 ـ 292. -[ 181 ]- 7 ـ حديث جابر الجعفي قال: "سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري يقول: لما أنزل الله تعالى على نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ))، قلت: يا رسول الله عرفنا الله ورسوله، فمَن أولي الأمر الذي قرن الله طاعتهم بطاعتك؟ فقال (صلى الله عليه وآله) : هم خلفائي يا جابر، وأئمة المسلمين بعدي. أولهم علي ابن أبي طالب، ثم الحسن، ثم الحسين، ثم علي بن الحسين، ثم محمد بن علي، المعروف في التوراة بالباقر، وستدركه يا جابر، فإذا لقيته فاقرأه مني السلام. ثم الصادق جعفر بن محمد، ثم موسى بن جعفر، ثم علي بن موسى، ثم محمد بن علي، ثم علي بن محمد، ثم الحسن بن علي، ثم سميّي، وكنيّي حجة الله في أرضه، وبقيته في عباده ابن الحسن بن علي. ذاك الذي يفتح الله تعالى ذكره على يديه مشارق الأرض ومغاربها، وذلك الذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلا مَن امتحن الله قلبه للإيمان..." (1). 8 ـ حديث علي بن عاصم عن الإمام الجواد (صلوات الله عليه) عن آبائه (عليهم الصلاة والسلام) عن الإمام الحسين (عليه أفضل الصلاة والسلام) قال: "دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعنده أبي بن كعب...". وقد تضمن إخبار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لأبي بن كعب برفعة شأن الحسين (عليه السلام) والأئمة التسعة مِن ذريته بأسمائهم، وذكر دعاء كل منهم. وفي آخره: "قال أبي: يا رسول الله كيف بيان حال هؤلاء الأئمة عن الله عزوجل؟ قال: إن الله عزوجل أنزل علي اثنتي عشرة صحيفة، اسم كل ـــــــــــــــــــــــ (1) إعلام الورى بأعلام الهدى 2: 181 ـ 182، واللفظ له. كمال الدين وتمام النعمة: 253. بحار الأنوار 36: 249 ـ 250. -[ 182 ]- إمام على خاتمه، وصفته في صحيفته" (1). 9 ـ حديث المفضل بن عمر عن الإمام الصادق (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) : "قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : لما أسري بي إلى السماء أوحى إليّ ربي جل جلاله...". وذكر حديثاً طويلاً في فضل الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام)، ولزوم ولايتهم، وفي جملته: "فقال عزوجل: ارفع رأسك فرفعت رأسي، وإذا أنا بأنوار علي، وفاطمة، والحسن، والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد ابن علي، وجعفر بن محمد، وموسى بن جعفر، وعلي بن موسى، ومحمد ابن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي، ومحمد بن الحسن القائم في وسطهم، كأنه كوكب درّي. قلت: يا رب ومَن هؤلاء؟ قال: هؤلاء الأئمة، وهذا القائم" (2). 10 ـ ومثله في ذلك حديث أبي سلمى راعي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: "سمعت النبي يقول: ليلة أسري بي إلى السماء قال العزيز جل ثناؤه..."، وذكر حديثاً طويلاً في فضل الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام)، وأنه (صلى الله عليه وآله وسلم) رأى أشباحهم، وسمّاهم بأسمائهم، إلا أن فيه: "يا محمد هؤلاء الحجج، وهو الثائر من عترتك..." (3). ورووا عنه أيضاً حديثاً آخر لعله مختصر منه. ذكروا أنه أسنده ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 36: 204 ـ 209، واللفظ له. عيون أخبار الرضا 2: 62 ـ 65. كمال الدين وتمام النعمة: 264 ـ 269. (2) كمال الدين وتمام النعمة: 252 ـ 253، واللفظ له. بحار الأنوار 36: 245. كفاية الأثر: 152ـ153. (3) بحار الأنوار 36: 216 ـ 217، واللفظ له، و: 261 ـ 262. مائة منقبة: 37 ـ 39. مقتضب الأثر: 11. الغيبة للطوسي: 147 ـ 148. الطرائف: 173. -[ 183 ]- الخوارزمي له، وأسنده كلٌّ مِن علي بن زكريا البصري، ومحمد بن بدر، ومحمد بن جعفر القرميسي، وابن عياش بن كشمرد إلى أبي سلمة (1). 11 ـ حديث جابر الجعفي قال: "سمعت سالم بن عبد الله بن عمر ابن الخطاب يحدث أبا جعفر محمد بن علي (عليه السلام) (يعني: الإمام الباقر) بمكة. قال: سمعت أبي عبد الله بن عمر يقول: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: إن الله عزوجل أوحى إليّ ليلة أسري بي..."، وذكر حديثاً طويلاً في بيان رفعة مقام الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام)، ورؤية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لأشباحهم، وتسميته (صلى الله عليه وآله وسلم) لهم بأسمائهم واحداً واحدًا، ثم تأييد سالم للحديث المذكور بكلام كعب الأحبار، وتأييد هشام بن عبد الله الدستواني - أحد رجال سند الحديث - بكلام يهودي يكتم إسلامه للحديث أيضاً (2). 12 ـ حديث الثمالي عن الإمام الصادق (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن جبرئيل عن الله جل جلاله في رفعة مقام أمير المؤمنين والأئمة الأحد عشر من ولده (صلوات الله عليهم)، ولزوم الإقرار بهم، وفيه أن جابر بن عبد الله الأنصاري سأل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عنهم، فذكرهم (صلى الله عليه وآله وسلم) بأسمائهم وألقابهم. ثم قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : "هؤلاء يا جابر خلفائي وأوصيائي وأولادي وعترتي مَن أطاعهم فقد أطاعني، ومَن عصاهم فقد عصاني، ومَن أنكرهم أو أنكر واحداً منهم فقد أنكرني. بهم يمسك الله عز وجل السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، وبهم يحفظ الله الأرض أنْ تَمِيد بأهلها" (3). ـــــــــــــــــــــــ (1) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 3: 222. (2) بحار الأنوار 36: 222 ـ 224، واللفظ له. مقتضب الأثر: 26. (3) كمال الدين وتمام النعمة: 258 ـ 259، واللفظ له. بحار الأنوار 36: 251ـ 253. كفاية الأثر: 144 ـ 145. الاحتجاج 1: 87 ـ 88. -[ 184 ]- 13 ـ حديث الإمام أبي محمد الحسن العسكري عن آبائه (عليهم السلام): "قال علي (صلوات الله عليه): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : مَن سَرَّه أن يلقى الله عزوجل آمناً مطهرًا، لا يحزنه الفزع الأكبر، فليتَوَلَّك وليتولَّ ابنيك الحسن والحسين..." وذكر بقية الأئمة (صلوات الله عليهم)، وذكر فضل شيعتهم (1). 14 ـ حديث سليم بن قيس عن أمير المؤمنين (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في حديث طويل أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال له: "لست أتخوف عليك النسيان والجهل، ولكن اكتب لشركائك الذين مِن بعدك. قال: قلت: يا رسول الله ومَن شركائي؟... قال الذين قال الله عزوجل وتبارك وتعالى فيهم: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ)). قال: قلت يا رسول الله مَن هم؟ قال: الأوصياء من بعدي... قلت: يا رسول الله سمِّهم لي. قال: أنت يا علي، ثم ابني هذا - ووضع يده على رأس الحسن - ثم ابني هذا - ووضع يده على رأس الحسين - ثم سميك يا أخي..." ثم ذكر بقية الأئمة الاثني عشر واحداً واحداً بأسمائهم (2). 15 ـ حديث جعفر بن أحمد المصري عن عمه الحسن بن علي عن أبيه عن الإمام الصادق (عليه السلام) عن آبائه في وصية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) التي أملاها ليلة وفاته، وفيه فقال: "يا علي إنه سيكون بعدي اثنا عشر إمام..."، ثم ذكر الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) بأسمائهم وألقابهم، وفيها بعض الألقاب غير الألقاب المشهورة الآن (3). ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 36: 258، واللفظ له. مناقب آل أبي طالب 1: 252. الغيبة للطوسي: 136ـ137. (2) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 2: 453 ـ 455، واللفظ له. الاعتقادات للمفيد: 122. (3) الغيبة للطوسي: 150 ـ 151. بحار الأنوار 36: 260 ـ 261. مختصر بصائر الدرجات ص39 ـ 40. -[ 185 ]- 16 ـ حديث ابن عباس قال: "قدم يهودي على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقال له نعثل، فقال: يا محمد إني أسألك عن أشياء..."، وبعد أن أجابه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال له: "صدقت يا محمد، فأخبرني عن وصيك مَن هو؟ فما مِن نبي إلا وله وصي. وإن نبينا موسى بن عمران أوصى إلى يوشع بن نون. فقال: نعم. إنّ وصيي والخليفة من بعدي علي بن أبي طالب، وبعده سبطاي الحسن والحسين، تتلوه تسعة مِن صلب الحسين أئمة أبرار". فسأله عن أسمائهم فذكرهم (صلى الله عليه وآله وسلم) واحداً بعد واحد، ثم قال:"فهذه اثنا عشر إمامًا، على عدد نقباء بني إسرائيل..." ثم ذكر إسلام اليهودي وتتمة حديثه مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (1). 17 ـ حديث ابن عباس الآخر المتضمن دخوله على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والحسن (عليه السلام) على عاتقه، والحسين (عليه السلام) على فخذه، يلثمهما ويقبلهما، وإخبار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) له بما يلقاه الحسين (عليه السلام)، وبثواب زيارته، وفيه: "وإن الإجابة تحت قبته، والشفاء في تربته، والأئمة مِن ولده. قلت: يا رسول الله، فكم الأئمة بعدك؟ قال: بعدد حواري عيسى، وأسباط موسى ونقباء بني إسرائيل. قلت: يا رسول الله، فكم كانوا؟ قال: كانوا اثني عشر. والأئمة بعدي اثنا عشر. أولهم علي بن أبي طالب وبعده سبطاي..." ثم ذكر بقية الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) بأسمائهم (2). 18 ـ حديثه الثالث، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في ولادة الإمام الحسين (عليه السلام) واستشفاع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لبعض الملائكة به (عليه السلام) وإخبار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الصديقة فاطمة (عليه السلام) بمقتله وبكائها لذلك. وفيه: "وقالت يا ليتني لم ألده. قاتل الحسين في النار. فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 36: 283 ـ 285، واللفظ له. كفاية الأثر: 12 ـ 14. (2) بحار الأنوار 36: 285 ـ 286، واللفظ له. كفاية الأثر: 17 ـ 18. -[ 186 ]- وأنا أشهد بذلك يا فاطمة. ولكنه لا يقتل حتى يكون منه إمام يكون منه الأئمة الهادية بعده. ثم قال (عليه السلام) : والأئمة بعدي الهادي علي، والمهتدي الحسن، والناصر الحسين، والمنصور علي بن الحسين، والشافع محمد بن علي، والنَّفّاع جعفر بن محمد، والأمين موسى بن جعفر، والرضا علي بن موسى، والفعَّال محمد بن علي، والمؤتمن علي بن محمد، والعلام الحسن بن علي، ومَن يصلي خلفه عيسى بن مريم (عليه السلام) القائم (عليه السلام) فسكتت فاطمة (عليه السلام) من البكاء..." (1). 19 ـ حديثه الرابع أنه قال يوم الشورى: "كم تمنعونا حقنا؟! وربِّ البيت إنّ علياً هو الإمام والخليفة. وليملكن مِن ولده أحد عشر يقضون بالحق، أولهم الحسن بوصية أبيه إليه، ثم الحسين بوصية أخيه إليه، ثم علي بن الحسين بوصية أبيه إليه..."، وذكر الأئمة (عليهم السلام) كلهم، ووصية السابق للاحق. وفيه: "قال عليم لابن عباس: مِن أين لك هذا؟ قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أَعْلَمَ عليّاً ألف باب يفتح من كل باب ألف باب. وإن هذا مِن ثَمّ" (2). 20 ـ حديث سلمان الفارسي في خطبة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وسؤاله منه بعد الخطبة عن تفسير بعض ما فيها، وتفسير النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لها به (صلى الله عليه وآله وسلم) وبالأئمة الاثني عشر. وفيه: "ثم قال: إنهم هم الأوصياء والخلفاء بعدي أئمة أبرار عدد أسباط يعقوب وحواري عيسى. قلت: فسمهم لي يا رسول الله. قال: أولهم وسيدهم علي بن أبي طالب، وسبطاي، وبعدهما زين العابدين علي...". وذكر (صلى الله عليه وآله وسلم) بقية الأئمة بأسمائهم ثم قال: "فإنهم عترتي مِن دمي ـــــــــــــــــــــــ (1) كمال الدين وتمام النعمة: 282 ـ 284، واللفظ له. إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 2: 395. بحار الأنوار 43: 248 ـ 250. (2) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 3: 224 ـ 225. -[ 187 ]- ولحمي. عِلْمُهم علْمِي، وحكْمُهم حكْمِي. مَن آذاني فيهم فلا أناله الله تعالى شفاعتي" (1). 21 ـ حديثه الآخر عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وفيه: "إن الله لم يبعث نبياً ولا رسولاً إلا جعل له اثني عشر نقيبًا، فهل علمتَ مَن نقبائي الاثنا عشر الذين اختارهم الله للإمامة؟ فقلتُ: الله ورسوله أعلم..." إلى آخر الحديث ويتضمن ذكر الأئمة الاثني عشر (صلوات الله عليهم) بأسمائهم (2). 22 ـ حديث الإمام الرضا (عليه السلام) عن آبائه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) : "قال: قال لي أخي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : مَن أحب أن يلقى الله عزوجل وهو مقبل عليه غير معرض عنه فليتولَّ علي...". واستطرد (صلى الله عليه وآله وسلم) بذكر فضل تولِّي كلّ واحد من الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) بأسمائهم، ثم قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : "فهؤلاء مصابيح الدجى وأئمة الهدى وأعلام التقى. من أحبهم وتولاهم كنت ضامناً له على الله تعالى بالجنة" (3). 23 ـ المرفوع إلى أنس بن مالك في حديث لأبي ذر مع جماعة من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في عظيم فضل أمير المؤمنين والحسنين (صلوات الله عليهم)، ولما سألوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عنه صدّقه وأقرّه، واستطرد (صلى الله عليه وآله وسلم) في حديثه حتى ذكر معراجه (صلى الله عليه وآله وسلم). وحديث الله تعالى معه وإخباره له بعظيم فضله وفضل الأئمة من آله، وأن الله سبحانه ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 36: 289 ـ 290، واللفظ له. كفاية الأثر: 42. (2) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 3: 197، واللفظ له. الهداية الكبرى: 375 ـ 376. بحار الأنوار 53: 142 ـ 143. (3) بحار الأنوار 36: 296، واللفظ له، 27: 107 ـ 108. مقتضب الأثر: 13 ـ 14. الفضائل لابن شاذان: 167. -[ 188 ]- أراه أنوار الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام)، وذكرهم بأسمائهم، ثم ذكر أن الله تعالى قال له: "يا محمد هم الأئمة مِن بعدك المطهرون مِن صلبك..." (1). 24 ـ حديث جابر بن عبدالله الأنصاري الطويل المتضمن لدخول جندل بن جنادة اليهودي من خيبر على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وسؤاله عن بعض الأشياء، وجواب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) له، وإسلامه، ثم سؤاله عن الأوصياء بعده، وذكر الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) بأسمائهم، وأن جندل قال: "يا رسول الله قد وجدنا ذكركم في التوراة..." (2). 25 ـ حديث علقمة وسفيان بن عيينة عن الإمام الصادق (عليه السلام) عن أبيه (عليه السلام) عن جابر بن عبدالله الأنصاري أيضًا، قال: "قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) للحسين بن علي (عليه السلام) : يا حسين يخرج من صلبك تسعة أئمة، منهم مهدي هذه الأمة. فإذا استشهد أبوك فالحسن بعده، فإذا سُمّ الحسن فأنت، فإذا استشهدت فعلي ابنك..." ثم أكمل الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) بأسمائهم (3). 26 ـ حديث أنس بن مالك: "قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لما عرج بي إلى السماء رأيت على ساق العرش مكتوباً: لا إله إلا الله محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، أيدته بعلي ونصرته به، ورأيت اثنا عشر اسماً مكتوباً بالنور. فهم علي بن أبي طالب، وسبطاي، وبعدهما تسعة أسماء علي علي علي، ثلاث مرات، ومحمد ومحمد، مرتين، وجعفر وموسى والحسن والحجة يتلألأ مِن بينهم. فقلت: يا رب أسامي مَن هؤلاء؟ فنادى ربي جل جلاله: يا محمد هم الأوصياء من ذريتك. بهم أثيب، وبهم أعاقب" (4). ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 36: 301 ـ 303. الجواهر السنية: 279. كفاية الأثر: 70 ـ 73. (2) بحار الأنوار 36: 304ـ306، واللفظ له. كفاية الأثر: 57ـ61. ينابيع المودة 3: 283ـ285. (3) بحار الأنوار 36: 306 ـ 307. كفاية الأثر: 61 ـ 62. (4) بحار الأنوار 36: 310. كفاية الأثر: 74 ـ 75. الجواهر السنية: 280. -[ 189 ]- 27 ـ وقريب منه حديث أبي أمامة في المعراج أيضاً (1). 28 ـ وحديث حذيفة بن اليمان في المعراج أيضاً: "صلى بنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم أقبل بوجهه الكريم علينا، فقال: معاشر أصحابي أوصيكم بتقوى الله..." ثم ذكرهم في خطبته، ووعظهم، وحثهم على التمسك بالثقلين الكتاب والعترة. ثم قال: "فقلت: يا رسول الله على من تخلفنا؟ قال: على مَن خلف موسى بن عمران قومه؟ قلت: على وصيه يوشع بن نون. قال: فإنّ وصيي وخليفتي من بعدي علي بن أبي طالب، قائد البررة، وقاتل الكفرة، منصور من نصره، مخذول من خذله، قلت: يا رسول الله، فكم يكون الأئمة من بعدك؟ قال: عدد نقباء بني إسرائيل، تسعة من صلب الحسين... قلت: أفلا تسميهم لي يارسول الله؟ قال: نعم إنه لما عرج بي إلى السماء ونظرت إلى ساق العرش، فرأيت مكتوباً بالنور. لا إله إلا الله...". وذكر قريباً مما تقدم في حديث أنس (2). 29 ـ وحديث أبي أيوب الأنصاري حين عاتبه جماعة بعد واقعة الجمل على قتال المسلمين، فذكر أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ذكر له قتال الناكثين والقاسطين والمارقين مع أمير المؤمنين (عليه السلام)، وذكر فضل أمير المؤمنين والأئمة من ولده. وفيه: "قلنا له: فكم عهد إليك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يكون بعده من الأئمة؟ قال: اثنا عشر. قلنا: فهل سماهم لك؟ قال: نعم إنه قال صلى الله عليه وآله: لما عرج بي إلى السماء نظرت إلى ساق العرش، فإذا هو مكتوب بالنور: لا إله ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 36: 321. كفاية الأثر: 105 ـ 106. (2) بحار الأنوار 36: 331 ـ 332، واللفظ له. كفاية الأثر: 136 ــ 138. -[ 190 ]- إلا الله..."، وذكر قريباً مما تقدم في حديث أنس (1). 30 ـ وحديث أم سلمة: "قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لما أسري بي إلى السماء نظرت فإذا مكتوب على العرش: لا إله إلا الله محمد رسول الله، أيَّدتُه بعلي، ونصرته بعلي. ورأيت أنوار علي وفاطمة والحسن والحسين، وأنوار علي ابن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، وموسى بن جعفر، وعلي ابن موسى، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي، ورأيت نور الحجة يتلألأ من بينهم، كأنه كوكب دري. فقلت: يا رب من هذا؟ ومَن هؤلاء؟ فنوديت: يا محمد، هذا نور علي وفاطمة وهذا نور سبطيك الحسن والحسين، وهذه أنوار الأئمة بعدك من ولد الحسين مطهرون معصومون. وهذا الحجة الذي يملأ الدنيا قسطاً وعدلاً" (2). 31 ـ وحديث أمير المؤمنين (عليه السلام) حينما سئل عن أئمة الحق بعد أن خطب خطبة اللؤلؤة، فقال: "نعم إنه لعهد عهده إلي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إن هذا الأمر يملكه اثنا عشر إمامًا، تسعة من الحسين. ولقد قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : لما عرج بي إلى السماء نظرت إلى ساق العرش، فإذا مكتوب عليه: لا إله إلا الله محمد رسول الله. أيدته بعلي، ونصرته بعلي، ورأيت اثني عشر نورًا. فقلت: يا رب، أنوار مَن هذه؟ فنوديت: يا محمد هذه أنوار الأئمة من ذريتك. قلت: يا رسول الله أفلا تسمّيهم لي؟ قال: نعم أنت الإمام والخليفة بعدي، تقضي ديني، وتنجز عداتي. وبعدك ابناك الحسن والحسين وبعد الحسين ابنه علي زين العابدين..."، وذكر بقية الأئمة الاثني عشر بأسمائهم وألقابهم وبعضها غير الألقاب المشهورة الآن (3). ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 36: 324 ـ 326، واللفظ له. كفاية الأثر: 116 ـ 118. (2) بحار الأنوار 36: 348، واللفظ له. كفاية الأثر: 185 ـ 186. الجواهر السنية: 285. (3) بحار الأنوار 36: 354 ـ 356. كفاية الأثر: 213 ـ 219. -[ 191 ]- 32 ـ حديث غالب الجهني عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: "إن الأئمة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعدد نقباء بني إسرائيل، وكانوا اثني عشر. الفائز من والاهم، والهالك من عاداهم. لقد أخبرني أبي عن أبيه. قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لما أسري بي إلى السماء نظرت فإذا على ساق العرش مكتوب: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، أيدته بعلي..." ثم ذكر تمام الحديث بتغيير يسير (1). 33 ـ وقريب منه حديث جابر عن الإمام الباقر (عليه السلام) : "قلت له: يا ابن رسول الله، إن قوماً يقولون: إن الله تبارك وتعالى جعل الإمامة في عقب الحسن والحسين... ثم قال: يا جابر، إن الأئمة هم الذين نَصَّ عليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالإمامة، وهم الذين قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : لما أسري بي إلى السماء وجدت أساميهم مكتوبة على ساق العرش بالنور اثني عشر اسمًا. منهم علي، وسبطاه، وعلي، ومحمد، وجعفر، وموسى، وعلي، ومحمد، وعلي، والحسن، والحجة القائم. فهذه الأئمة من أهل بيت الصفوة والطهارة..." (2). ويؤكدها حديث واثلة المتضمن لأمر الله تعالى للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالوصية لأمير المؤمنين (عليه السلام) وقوله له: إن الأئمة من بعده اثنا عشر أمناء معصومون وأنه أراه أنوارهم، من دون أن يذكرهم بأسمائهم (3). 34 ـ حديث أبي هريرة في دخول الحسين (عليه السلام) على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بمحضر جماعة من الصحابة، واستبشار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) به، وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : "اللهم إني أحبه، فأحبه، وأحب من يحبه، يا حسين أنت الإمام ابن الإمام أبو الأئمة تسعة من ولدك أئمة أبرار" ثم سؤال عبدالله بن مسعود عنهم، ـــــــــــــــــــــــ (1) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 2: 558 ـ 559. كفاية الأثر: 244 ـ 245. بحار الأنوار 36: 390. (2) بحار الأنوار 36: 357. ينابيع المودة 3: 249. (3) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 2: 530. -[ 192 ]- وبيان النبي لبعضهم في ذلك المجلس بأسمائهم وبعض صفاتهم، وانقطاع الحديث، وبيانه (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد ذلك لبقيتهم بأسمائهم وبعض صفاتهم أيضاً (1). 35 ـ ما رواه الكراجكي بإسناده عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: "ليلة أسري بي إلى السماء أوحى الله إلي أن سل من أرسلنا من قبلك من رسلنا على ما بعثوا؟ قلت: على ما بعثتم؟ قالوا: على نبوتك، وولاية علي بن أبي طالب، والأئمة منكم. ثم أوحى إلي أن التفت عن يمين العرش، فالتفت فإذا علي والحسن..." وذكر جميع الأئمة الاثني عشر (صلوات الله عليهم) وآخرهم المهدي (2). ولعله عين ما روي عن الجارود بن المنذر حينما قدم على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وحدثه بحديث قس بن ساعدة، وذكره لأسماء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته (عليهم السلام)، وسؤال الجارود من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عنهم (3). 36 ـ ما رواه الكراجكي أيضاً بإسناده عن أمير المؤمنين (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في القصور التي رآها (صلى الله عليه وآله وسلم) ليلة الإسراء، ووصفها. وفيه: "فقال لي جبرئيل: هذه القصور خلقها الله لشيعة أخيك علي، وخليفتك من بعدك على أمتك، وهم السواد الأعظم، ولشيعة ابنه الحسن من بعده، ولشيعة أخيه الحسين من بعده، ولشيعة ابنه علي ابن الحسين من بعده..."، وذكر بقية الأئمة (صلوات الله عليهم) كلهم بأسمائهم. ثم قال: "يا محمد فهؤلاء الأئمة من بعدك أعلام الهدى ومصابيح الدجى" (4). ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 36: 312 ـ 314. كفاية الأثر: 30. (2) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 3: 97 ـ 98. مقتضب الأثر: 38. كنز الفوائد: 258. بحار الأنوار 15: 247، 18: 297، 26: 301 ـ 302. (3) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 3: 202 ـ 204. (4) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 3: 103 ـ 104. نوادر المعجزات: 77. دلائل الإمامة: 476. -[ 193 ]- 37 ـ حديث أبي سليمان عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). وفيه: أن الله أوحى إليه ليلة الإسراء: "يا محمد إني خلقتك وخلقت علياً وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ولده من نور من نوري... يا محمد تحب أن تراهم؟ قال [قلت.ظ]: نعم يا رب. فقال لي: التفت عن يمين العرش، فالتفت، فإذا أنا بعلي وفاطمة والحسن والحسين..."، وذكر الأئمة كلهم وآخرهم المهدي. ثم قال: "يا محمد هؤلاء الحجج، وهو الثائر من عترتك، والحجة الواجبة لأوليائي" (1). 38 ـ وما ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) من مناشدته، وهو على المنبر في بعض ما ورد فيهم (عليهم السلام)، وفي جملته حديث الثقلين. وفيه: "فقام اثنا عشر رجلاً من الجماعة بدريون، فقالوا: نشهد أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حين خطب في اليوم الذي قبض فيه قام عمر بن الخطاب شبه المغضب، فقال: يا رسول الله أكلُّ أهل بيتك؟ قال: لا، ولكن للأوصياء منهم: علي أخي ووزيري، ووارثي، وخليفتي من أمتي، وولي كل مؤمن بعدي، وأحد عشر من ولده، هو أولهم وخيرهم، ثم ابناي هذان - وأشار بيده إلى الحسن والحسين - ثم وصيّ ابني يُسمّى باسم أخي علي..." وذكر الأئمة الاثني عشر بأسمائهم (2). 39 ـ ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) بطرق متعددة قال: "كنت عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في بيت أم سلمة إذ دخل عليه جماعة من أصحابه..."، وفيه سؤال سلمان للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الأوصياء، وبيانه (صلى الله عليه وآله وسلم) لأوصياء الأنبياء في كلام طويل. ـــــــــــــــــــــــ (1) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 3: 175 ـ 176. الطرائف: 173. (2) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 3: 114 ـ 118.كتاب سليم بن قيس: 300. -[ 194 ]- وفيه: "وأنا أدفعها إلى علي بن أبي طالب. فقال علي (عليه السلام) : فقلت: يا رسول الله، فهل بينهم أنبياء وأوصياء أخر؟ قال: نعم أكثر من أن تحصي، ثم قال: وأنا أدفعها إليك يا علي، وأنت تدفعها إلى ابنك الحسن، والحسن يدفعها إلى أخيه الحسين، والحسين يدفعها إلى ابنه علي..." وذكر (صلى الله عليه وآله وسلم) بقية الأئمة الاثني عشر بأسمائهم يدفعها السابق إلى اللاحق...إلى أن قال: "والحسن يدفعها إلى ابنه القائم. ثم يغيب عنهم إمامهم ما شاء الله، وتكون له غيبتان، إحداهما أطول من الأخرى..." (1). 40 ـ حديث عيسى بن موسى الهاشمي عن أبيه عن آبائه عن الإمام الحسين (عليه السلام) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: "دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في بيت أم سلمة، وقد نزلت عليه هذه الآية: ((إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا )). فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يا علي هذه الآية نزلت فيك وفي سبطَيَّ، والأئمة من ولدك. قلت: يا رسول الله، وكم الأئمة بعدك؟ قال: أنت يا علي، ثم ابناك الحسن والحسين، وبعد الحسين علي ابنه..." ثم ذكر بقية الأئمة الاثني عشر ولداً عن والد. ثم قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : "هكذا وجدت أساميهم مكتوبة على ساق العرش، فسألت الله عزوجل عن ذلك، فقال: يا محمد، هم الأئمة بعدك، مطهرون معصومون. وأعداؤهم ملعونون" (2). 41 ـ حديث الإمام الحسن الطويل المتضمن لخطبة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بحديث الثقلين، وأن الأرض لا تخلو عن حجة، ظاهر ليس بمطاع، أو خائف مغمور، ثم سؤاله (عليه السلام) من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وجواب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بذكر الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) بأسمائهم مرتبين مع بيان شيء من أحوالهم ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 36: 333 ـ 335، واللفظ له. كفاية الأثر: 146 ـ 151. (2) بحار الأنوار 36: 336 ـ 337، واللفظ له. كفاية الأثر: 156. الجواهر السنية: 284. -[ 195 ]- وما يتعلق بهم (عليهم السلام) (1). 42 ـ حديثه (عليه السلام) الآخر: "سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول لعلي (عليه السلام) : أنت وارث علمي، ومعدن حكمي، والإمام بعدي، فإذا استشهدت فابنك الحسن..." ثم ذكر الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) بأسمائهم مرتبين (2). 43 ـ حديث الإمام الحسين عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : "قال: أخبرني جبرئيل (عليه السلام) لما أثبت الله تبارك وتعالى اسم محمد في ساق العرش قلت: يا رب هذا الاسم المكتوب في سرداق العرش أرى أعز خلقك عليك، قال: فأراه الله اثني عشر أشباح، أبداناً بلا أرواح، بين السماء والأرض. فقال: يا رب بحقهم عليك إلا أخبرتني من هم؟ فقال: هذا نور علي بن أبي طالب وهذا نور الحسن..." ثم ذكر بقية الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام). وفي آخره: "وهذا نور الحجة القائم المنتظر. قال: فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: ما أحد يتقرب إلى الله عزوجل بهؤلاء القوم إلا اعتق الله رقبته من النار" (3). 44 ـ حديث له (عليه السلام) آخر قال: "قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام) : أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم أنت يا علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم بعدك الحسن أولى بالمؤمنين منهم بأنفسهم..." وذكر بقية الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) بأسمائهم، وأنهم أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم قال: "أئمة أبرار، هم مع الحق، والحق معهم" (4). 45 ـ حديث ثالث له (عليه السلام) أنه قال: "لما أنزل الله تبارك وتعالى: ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 36: 338 ـ 340، واللفظ له. كفاية الأثر: 163 ـ 166. (2) بحار الأنوار 36: 340، واللفظ له. كفاية الأثر: 167. (3) بحار الأنوار 36: 341، واللفظ له. كفاية الأثر: 170. (4) بحار الأنوار 36: 345، واللفظ له. كفاية الأثر: 177. -[ 196 ]- ((وَأُوْلُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ)) سألت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن تأويلها. فقال: والله ما عنى بها غيركم، وأنتم أولوا الأرحام، فإذا متُّ فعلي أبوك أولى بي وبمكاني، فإذا مضى أبوك فأخوك الحسن أولى به، فإذا مضى الحسن فأنت أولى به، قلت: يا رسول الله، مَن بعدي؟ قال: ابنك علي..." ثم ذكر بقية الأئمة بأسمائهم. ثم قال: "فإذا مضى الحسن وقعت الغيبة في التاسع من ولدك. فهذه الأئمة التسعة من صلبك..." (1). 46 ـ حديث رابع له (عليه السلام) في تعداد الأئمة الاثني عشر بعد أن سأل أعرابي عن أسمائهم، قال الراوي: "فأطرق الحسين مليًّا، ثم رفع رأسه، وقال: نعم أخبرك يا أخا العرب. إن الإمام والخليفة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) والحسن، وأنا، وتسعة من ولدي، منهم علي ابني، وبعده محمد ابنه..." ثم ذكرهم واحداً بعد واحد بأسمائهم (2). وقد تقدم عند الكلام في الطائفة الثالثة أن الإمام الحسين (عليه السلام) داخل في المتيقن من أهل البيت (صلوات الله عليهم) فيكون قوله حجة في تعيين الأئمة (عليهم السلام) وإن لم ينسبه للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم). بل لا ريب في أنه (صلوات الله عليه) لا يخبر في مثل هذا الأمر التوقيفي إلا عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). 47 ـ وحديث سهل بن سعد الأنصاري: "سألت فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الأئمة، فقالت: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول لعلي (عليه السلام) : يا علي أنت الإمام والخليفة بعدي، وأنت أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضيت فابنك الحسن أولى بالمؤمنين من أنفسهم..." وذكر بقية الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) ـــــــــــــــــــــــ (1) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 2: 545 ـ 546. كفاية الأثر: 175 ـ 176. (2) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 2: 556. بحار الأنوار 36: 384 ـ 385. -[ 197 ]- على نحو ما تقدم في حديثي الإمام الحسين (عليه السلام) الثاني والثالث (1). 48 ـ وقريب منها حديث محمد بن مسلم عن الإمام الباقر (عليه السلام)، قال: "قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) : يا علي أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم أنت يا علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم الحسن، ثم الحسين، ثم علي بن الحسين..." وذكر بقية الأئمة الاثني عشر بأسمائهم (2). 49 ـ حديث يحيى بن زيد بن علي بن الحسين قال: "سألت أبي عن الأئمة، فقال: الأئمة اثنا عشر: أربعة من الماضين، وثمانية من الباقين. قلت: فسَمِّهم يا أبه. قال: أما الماضون فعلي بن أبي طالب، والحسن والحسين، وعلي بن الحسين، ومن الباقين محمد أخي الباقر، وبعده جعفر الصادق ابنه، وبعده موسى ابنه، وبعده علي ابنه، وبعده محمد ابنه، وبعده علي ابنه، وبعده الحسن ابنه، وبعده الحجة المهدي. قلت: يا أبه، فَلَسْتَ منهم؟ قال: لا. ولكني من العترة. قلتُ: فمِن أين عرفتَ أساميهم؟ قال: عهد معهود إلينا من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) " (3). ويناسبه حديث إبراهيم بن عبد الله بن العلا عن زيد بن علي بن الحسين، وفيه: "قال: منا المصطفى، والمرتضى. ومنا يكون المهدي قائم هذه الأمة. قلت: هل عهد إليكم نبيكم متى يقوم قائمكم؟ قال: إنك لن تلحقه. وإن الأمر يليه ستة مِن الأوصياء بعد هذا(بعد الإمام الباقر)، ثم يعجل الله خروج قائمنا. فيملؤها قسطاً وعدلا، كما ملئت جوراً وظلما. قلت: يا ابن رسول الله، ألستَ صاحب هذا الأمر؟ قال: أنا من العترة. فعدتُ، فعاد إليّ، فقلتُ: هذا الذي تقوله عنك أو عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ قال: ولو كنت أعلم ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 36: 251 ـ 252. كفاية الأثر: 195. (2) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 3: 94 ـ 95. (3) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 2: 565. كفاية الأثر: 304. بحار الأنوار 46: 198. -[ 198 ]- الغيب لاستكثرت من الخير. لا، ولكن عهد عهده إلينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) " (1). 50 ـ ما روي بطرق متعددة عن أبي سلمة، عن عائشة أنه قال لها: هل عهد إليكم نبيكم كم يكون من بعده من الخلفاء؟ فقالت: نعم. وفتحت الكتاب، وقالت: "كان لنا مشربة، وكان النبي إذا أراد لقاء جبرئيل (عليه السلام) لقيه فيها، فلقيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مرة، وأمرني أن لا يصعد إليه أحد، فدخل عليه الحسين بن علي (عليه السلام)، ولم نعلم حتى غشاه..." ثم ذَكَرَت إخبارَ جبرئيل (عليه السلام) للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بقتل الحسين (عليه السلام) وانتقام الله تعالى بقائم أهل البيت (عليهم السلام)، ثم بيان نسب القائم بذكر الأئمة من ذرية الحسين واحداً بعد واحد بأسمائهم، ثم قالت: "اكْتُمْهُ عليَّ يا أبا سلمة ما دمتُ حية". فكتمتُ عليها. فلما كان بعد مضيِّها دعاني علي (عليه السلام)، فقال: أرني الخبر الذي أَمْلَتْ عليك عائشة. قلت: وما الخبر يا أمير المؤمنين؟ قال: الذي فيه أسماء الأوصياء بعدي، فأخرجتُه إليه حتى سمعه (2). وقد يبدو الخبر غريبًا، لكن يؤيده ما عن المفيد بسنده عن محمد بن عبد الرحمن بن شردين الصنعاني، عن ابن مثنى عن أبيه، عن عائشة، قال: "سألتها: كم خليفة يكون لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ فقالت: أخبرني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه يكون بعده اثنا عشر خليفة. قال: فقلت لها: من هم؟ فقالت: أسماؤهم عندي مكتوبة بإملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). فقلت لها: فاعرضيها، فأَبَتْ" (3)، فإنّ إباءها يناسب كون الخلفاء مِمّن لا يعجبها بيانهم. 51 ـ ما روي بطرق كثيرة عن البرقي عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري عن الإمام أبي جعفر محمد بن علي الجواد (عليه السلام) المتضمن محاورة ـــــــــــــــــــــــ (1) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 2: 563 ـ 564. كفاية الأثر: 300. بحار الأنوار 46: 202. (2) بحار الأنوار 36: 348 ـ 350. كفاية الأثر: 187 ـ 190. (3) بحار الأنوار 36: 300، واللفظ له. إعلام الورى بأعلام الهدى 2: 164. -[ 199 ]- الخضر مع أمير المؤمنين (عليه السلام) بحضور الإمام الحسن (عليه السلام)، وسؤاله منه عن مسائل ثلاث، وطلب أمير المؤمنين (عليه السلام) من الحسن (عليه السلام) أن يجيبه، فلما أجابه شهد الشهادتين، ثم قال: "وأشهد أنك وصي رسول الله والقائم بحجته - وأشار إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) - ولم أزل أشهد به. وأشهد أنك وصيه والقائم بحجته، وأشار إلى [أبي محمد] الحسن (عليه السلام). وأشهد أن الحسين بن علي (عليه السلام) وصي أبيك والقائم بحجته بعدك. وأشهد على علي ابن الحسين (عليه السلام) أنه القائم بأمر الحسين (عليه السلام) بعده..." ثم شهد لبقية الأئمة من ذرية الحسين (صلوات الله عليهم) بأسمائهم بقيامهم مقام آبائهم، حتى انتهى للحجة المنتظر المهدي (عجل الله فرجه)، فقال: "وأشهد على رجل من ولد الحسن بن علي (عليه السلام) لا يسمى ولا يكنى حتى يظهر أمره فيملؤها عدلاً كما ملئت جوراً أنه القائم بأمر الحسين بن علي (1). والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته" (2). 52 ـ المرفوع إلى عبدالله بن أبي أوفى عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وفيه أن الله تعالى كشف عن بصر إبراهيم الخليل (عليه السلام) فرأى أنوار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين وفاطمة (عليهم السلام) والحسن والحسين (صلوات الله عليهم)، فسأل الله تعالى عنهم، فعرفه سبحانه بهم، ثم رأى تسعة أنوار أحدقت بتلك الأنوار، وفيه: "فقال: إلهي وسيدي أرى تسعة أنوار أحدقوا بالخمسة الأنوار. قال: يا إبراهيم، هؤلاء الأئمة من ولدهم. فقال: إلهي وسيدي فبمَن يعرفون؟ قال: يا إبراهيم أولهم علي بن الحسين، ومحمد ولد علي، وجعفر ولد محمد، وموسى ولد جعفر، وعلي ولد موسى، ومحمد ولد علي، ـــــــــــــــــــــــ (1) في إعلام الورى بأعلام الهدى: ((أنه القائم بأمر الحسن بن علي))، وهو أقرب. (2) بحار الأنوار 36: 414 ـ 416، واللفظ له. كمال الدين وتمام النعمة: 213 ـ 215. الإمامة والتبصرة: 106ـ108. عيون أخبار الرضا 2: 67ـ69. الاستنصار: 31ـ33. الغيبة للطوسي: 154 ـ 155. وغيرها من المصادر. -[ 200 ]- وعلي ولد محمد، والحسن ولد علي، ومحمد ولد الحسن، القائم المهدي" (1). 53 ـ وقريب منه باختلاف يسير حديث جابر عن الإمام الباقر (عليه السلام) وفيه: "إن الله لما خلق إبراهيم كشف له عن بصره، فرأى نورًا إلى جنب العرش..." وقد تضمن أنوار أمير المؤمنين، والصديقة فاطمة الزهراء والأئمة من ذريتهما (صلوات الله عليهم). إلا أنه لم يذكر فيه نور النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). لكن الظاهر أنه سقط من الحديث، لاشتماله على أن الأنوار خمسة قد حفت بها تسعة، وذلك يناسب أنه رأى نور النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أيضاً (2). 54 ـ ويلحق بذلك ما رواه ابن عياش عن محمد بن أحمد بن عبيدالله الهاشمي، قال: "أخبرني به بسر من رأى سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة. قال: حدثني عم أبي موسى بن عيسى، عن الزبير بن بكار، عن عتيق بن يعقوب، عن عبدالله بن ربيعة رجل من أهل مكة، قال: قال لي أبي: إني محدثك الحديث، فاحفظه عني، واكتمه علي ما دمتُ حيًّا، أو يأذن الله فيه ما يشاء: كنت مع ابن الزبير في الكعبة. حدثني أن ابن الزبير أمر العمال أن يبلغوا في الأرض. قال: فبلغنا صخراً أمثال الإبل، فوجدت على تلك الصخور كتاباً موضوعًا، فتناولته، وسترت أمره، فلما صرتُ إلى منزلي تأملته، فرأيت كتاباً لا أدري مِن أي شيء هو، ولا أدري الذي كتب به ما هو، إلا أنه ينطوي كما ينطوي الكتب، فقرأت فيه: باسم الله الأول، لا شيء قبله. لا تمنعوا الحكمة أهلها فتظلموهم، ولا تعطوها غير مستحقها، فتظلموها. إن الله يصيب بنوره من يشاء. والله يهدي من يشاء. والله فعال لما يريد. باسم الأول لا نهاية له، القائم على كل نفس بما كسبت. كان عرشه ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 36: 213 ـ 214. الفضائل لشاذان: 158. (2) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 3: 85 ـ 86. بحار الأنوار 36: 151. -[ 201 ]- على الماء. ثم خلق الخلق بقدرته، وصورهم بحكمته، وميزهم بمشيئته كيف شاء، وجعلهم شعوباً وقبائل وبيوتًا، لعلمه السابق فيهم، ثم جعل من تلك القبائل قبيلة مكرمة سماها قريش، وهي أهل الأمانة.ثم جعل من تلك القبيلة بيتاً خصه الله بالنبأ والرفعة، وهم ولد عبدالمطلب حفظة هذا البيت وعماره وولاته وسكانه. ثم اختار من ذلك البيت نبياً يقال له: (محمد) ويدعى في السماء (أحمد) يبعثه الله تعالى في آخر الزمان نبيًّا، ولرسالته مبلغًا، وللعباد إلى دينه داعيًا، منعوتاً في الكتب، تبشر به الأنبياء ويرث علمه خير الأوصياء... يؤيده بنصره، ويعضده بأخيه وابن عمه وصهره وزوج ابنته، ووصيه في أمته من بعده، وحجة الله على خلقه، ينصبه لهم علماً عند اقتراب أجله، هو باب الله..." ثم ذكر ما يلقاه أمير المؤمنين (عليه السلام)، وقيام الأئمة الأحد عشر من بعده واحداً بعد واحد بأسمائهم، مع بعض التفاصيل عنهم. والكتاب طويل لا يسعنا ذكره بتمامه (1). ويؤيد هذه الأحاديث ما ذكره ابن شهرآشوب، قال: "عن عبد الله ابن محمد البغوي بسنده عن عبد الله بن عمر، قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : يا علي أنا نذير أمتي، وإنك هاديها، والحسن قائدها، والحسين سائقها، وعلي بن الحسين جامعها، ومحمد بن علي عارفها، وجعفر بن محمد كاتبها، وموسى ابن جعفر محصيها، وعلي بن موسى معبرها ومنجيها، وطارد مبغضيها، ومدني مؤمنيها، ومحمد بن علي قائدها وسائقها، وعلي بن محمد سايرها وعالمها، والحسن بن علي نادبها ومعطيها، والقائم الخلف ساقيها وناشدها وشاهدها.((إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ)). وقد روى ذلك جماعة عن جابر بن عبد الله عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 36: 217 ـ 219. -[ 202 ]- الأعمش، عن أبي إسحاق، عن الحارث بن سعيد بن قيس، عن علي ابن أبي طالب، وعن جابر الأنصاري كليهم، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: أنا واردكم على الحوض، وأنت يا علي الساقي، والحسن الذائد، والحسين الآمر، وعلي ابن الحسين الفارط، ومحمد بن علي الناشر، وجعفر بن محمد السائق، وموسى بن جعفر محصي المحبين والمبغضين، وقامع المنافقين، وعلي بن موسى مزين المؤمنين، ومحمد بن علي منزل أهل الجنة في درجاتهم، وعلي ابن محمد خطيب شيعتهم ومزوجهم الحور، والحسن بن علي سراج أهل الجنة يستضيئون به، والهادي المهدي شفيعهم يوم القيامة، حيث لا يأذن إلا لمن يشاء ويرضى" (1). وعن الطرائف: "روى أخطب خوارزم موفق بن أحمد المالكي في كتابه عن محمد بن الحسين البغدادي عن أبي طالب الحسين بن محمد، عن محمد بن أحمد بن شاذان، عن أحمد بن محمد بن عبدالله، عن علي بن شاذان الموصلي، عن محمد بن علي بن الفضل، عن محمد بن قاسم، عن عباد بن يعقوب عن موسى بن عثمان عن الأعمش عن أبي إسحاق عن الحارث وسعيد بن أبي بشير عنه (عليه السلام) مثله" (2). فإنَّ هذين الحديثين وان لم يصرَّح فيهما بإمامة الأئمة الاثني عشر المذكورين إلا أن إثبات مناقبهم هذه لهم بأسمائهم يناسب تميزهم عن الأمة، وإمامتهم لها بالنحو المناسب لما يقوله الإمامية. ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 36: 270، واللفظ له. مناقب آل أبي طالب 1: 251 ـ 252. الاستنصار: 23. الطرائف: 174. (2) بحار الأنوار 36: 270 ـ 271.
-[ 203 ]- بعض التساؤلات حول هذه الأحاديث والجواب عنه هذا وقد يقال: إنّ كثيراً من هذه الأحاديث قد رُوِيَت عن كثير مِن الصحابة مِمَّن يروي عنهم الجمهور، بل قد يُكثرون الرواية عنهم. مع أنه لا وجود لها مِن طرق الجمهور، ولم يعرفوا طرقها. لكن يظهر الجواب عن ذلك مما سبق في آخر الكلام في جواب السؤال الثامن، فإنّ مخالفة هذه الأحاديث لأصول الجمهور ا | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: رد: (في رحاب العقيدة)للسيد الحكيم.مفصّل سهل التناول الأحد يوليو 22, 2012 6:58 am | |
| -[ 203 ]- بعض التساؤلات حول هذه الأحاديث والجواب عنه
هذا وقد يقال: إن كثيراً من هذه الأحاديث قد رويت عن كثير من الصحابة ممن يروي عنهم الجمهور، بل قد يكثرون الرواية عنهم. مع أنه لا وجود لها من طرق الجمهور، ولم يعرفوا طرقه. لكن يظهر الجواب عن ذلك مما سبق في آخر الكلام في جواب السؤال الثامن. فإن مخالفة هذه الأحاديث لأصول الجمهور التي أصلوها، ومسلماتهم التي جروا عليها، قد تحملهم على الإعراض عنها في جملة ما أعرضوا عنه من الأحاديث التي رووها ولم يثبتوها في كتب الحديث، كما قد يحمل ذلك رواة هذه الأحاديث على الامتناع من روايتها للجمهور، حَذَراً مِن رميهم لهم بقوارص القول، ونبزهم لهم بالكذب والبهتان والوضع، كما صنعوه مع من روى دون هذه الأحاديث في مخالفة وجهة الجمهور. ومثله ما قد يدعى من أن في جملة هؤلاء الرواة من عرفوا بإعراضهم عن أهل البيت (صلوات الله عليهم) وبموالاة من تقدم عليهم من الأولين، وذلك لا يتناسب مع روايتهم لهذه الأحاديث. لاندفاعه بأن كثيراً من هؤلاء وأمثالهم رووا في حق أهل البيت (صلوات الله عليهم) ما لا يقصر عن مضامين هذه النصوص، كحديث الثقلين ونحوه مما يدل على خسران من خالفهم. وما تضمن ولاية أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) ونحو ذلك.
ما روي عن الأئمة (عليهم السلام) في تعداد الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) وهناك أحاديث أخر تتضمن تعداد الأئمة الاثني عشر مِن قبَل الأئمة (صلوات الله عليهم) أنفسهم، مِن دون أن ينسبوا ذلك للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويرووه عنه. وربما يدعى أنها لا تنهض حجةً على إمامتهم. -[ 204 ]- لكن مِن المعلوم أنّ مثل هذه التعاليم توقيفية لا يمكن الإخبار بها عن اجتهاد وحدس، بل لابد أن تنتهي إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، كما سبق من زيد بن علي (رضي الله عنه). فهي مضامين أحاديث نبوية مرسلة منهم (صلوات الله عليهم) لا تقصر عن المسانيد. لما هو المعلوم من حالهم (عليهم السلام) من أنّ كلاً منهم يحدِّث عن أبيه عن آبائه عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). كما تقدم في جواب السؤال الثامن. ولاسيما وأنها تشتمل على المُعْجِز وهو الإخبار الغيبي الصادق من الإمام بوجود مَن بعده من الأئمة الذين لم يولدوا بعد على ترتيبهم الذي حصل بعد ذلك. حيث يشهد ذلك بصدقهم (عليهم السلام) في الأحاديث المذكورة. ولو غض النظر عن ذلك نفعت هذه الأحاديث في إثبات إمامة الأئمة الذين هم بعد الإمام الذي رويت عنه، لأنها بمثابة نصٍّ منه على إمامتهم، فإذا ثبتت إمامة مَن رويت عنه كانت كسائر النصوص الواردة عنه، المتضمنة لإمامة مَن بعده. ومن ثم يحسن إثباتها في جملة تتمة الطائفة الرابعة التي نحن فيها وهي عدة أحاديث. 55 ـ حديث الكميت عن الإمام الباقر (عليه السلام) حينما أنشده أبياتاً قال: "فلما بلغت قولي: متى يقوم الحق فيكم متى *** يقوم مهديُّكم الثاني فقال: سريعاً إن شاء الله. ثم قال: [إن قائمنا هو التاسع من ولد الحسين، لأن الأئمة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اثنا عشر، الثاني عشر هو القائم]. قلت: يا سيدي، فمن هؤلاء الاثنا عشر؟ فقال: أولهم علي بن أبي طالب، وبعده الحسن..." وذكر بقية الأئمة (عليهم السلام) بأسمائهم (1). ـــــــــــــــــــــــ (1) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 2: 560. بحار الأنوار 36: 391. -[ 205 ]- 56 ـ حديث جابر الجعفي: "سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن تأويل قول الله عزوجل: ((إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَشَهْرً...)) قال: فتنفس سيدي الصعداء، ثم قال: أما السنة فهي جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وشهورها اثنا عشر: أمير المؤمنين، (...)إليّ وإلى ابني جعفر، وابنه موسى، وابنه علي، وابنه محمد، وابنه علي، وإلى ابنه الحسن، وإلى ابنه محمد الهادي المهدي، اثنا عشر إماماً حجج الله في خلقه، وأمناؤه على وحيه وعلمه..." (1). وهو وإن كان تفسيراً منه (عليه السلام). إلا أنه من المعلوم أنه تفسير بالباطن مأخوذ عن آبائه عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). ويؤيده ما عن داود الرقي عن الإمام الصادق (عليه السلام) في حديث أنه أخرج له صحيفة، وقال له: "اقرأ هذه مما أخرجه إلينا أهل البيت، نرثه كابراً عن كابر من لدن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقرأته، فإذا فيها: ((إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَشَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ)) علي بن أبي طالب، والحسن، والحسين، وعلي بن الحسين..."، وذكر بقية الأئمة الاثني عشر (2). وهو وإن لم يصرح فيه بإمامتهم (عليهم السلام)، إلا أن من المعلوم أن تميزهم بذلك يناسب إمامتهم ووجوب طاعتهم وأحاديثهم (عليهم السلام) يفسر بعضها بعضًا. 57 ـ حديث الأعمش عن الإمام الصادق (عليه السلام) في بيان مَن تجب له الإمامة، وعلاماته. وفيه: "ذاك علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وإمام المتقين... وبعده الحسن، ثم الحسين، سبطا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ابنا خيرة النسوان، ثم علي بن الحسين..." وذكر بقية الأئمة الاثني عشر (صلوات الله عليهم) (3). ـــــــــــــــــــــــ (1) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 2: 463 ـ 464. الغيبة للطوسي: 149. بحار الأنوار 24: 240. (2) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 3: 202. بحار الأنوار 46: 174. مقتضب الأثر: 31. (3) كمال الدين وتمام النعمة: 336 ـ 337، واللفظ له. إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 2: 323ـ325. بحار الأنوار 36: 397. -[ 206 ]- 58 ـ حديث عاصم بن حميد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أيضاً في دعاء التوسل: "اللهم إني أتقرب إليك بنبيك ورسولك... وأتقرب إليك بوليك وخيرتك من خلقك وصي نبيك... اللهم وأتقرب إليك بالولي البار الإمام ابن الإمام الحسن بن علي...، وأتقرب إليك بالقتيل المسلوب، قتيل كربلاء الحسين بن علي، وأتقرب إليك بسيد العابدين..." وذكر التوسل بالأئمة واحداً بعد واحد حتى انتهى إلى الحجة المنتظر (عجل الله فرجه). وفي جملة ما قال عنه: "والمؤدي عن النبيين وخاتم الأوصياء النجباء الطاهرين (صلوات الله عليهم أجمعين)"ـ (1). 59 ـ حديث ثالث عن الإمام الصادق (عليه السلام) يقول فيه: "وأسألك بالحق الذي جعلته عند محمد وآل محمد وعند الأئمة علي والحسن والحسين وعلي..." وذكر بقية الأئمة الاثني عشر (صلوات الله عليهم) (2). 60 ـ حديث مسعدة بن صدقة عنه (عليه السلام) أنه قال بعد التعرض لحديث الثقلين: "إن قائمنا يخرج من صلب الحسن، والحسن يخرج من صلب علي، وعلي يخرج من صلب محمد، ومحمد يخرج من صلب علي، وعلي يخرج من صلب ابني هذا - وأشار إلى موسى (عليه السلام) - وهذا خرج من صلبي، ونحن اثنا عشر إمام، كلنا معصومون مطهرون..." (3). 61 ـ حديث علقمة بن محمد الحضرمي عنه (عليه السلام) قال: "قال: الأئمة اثنا عشر. قلت: يا ابن رسول الله فسمهم لي. قال: من الماضين علي والحسن والحسين وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي (عليه السلام). ثم أنا. قلت: فمن بعدك؟ ـــــــــــــــــــــــ (1) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 2: 472 ـ 473. مصباح المتهجد: 328. بحار الأنوار 87: 32. (2) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 2: 473. مصباح المتهجد: 332. بحار الأنوار 87: 39. (3) إثبات الهداةبالنصوص والمعجزات 2: 562.كفايةالأثر: 266.بحار الأنوار 36: 408 ـ 409. -[ 207 ]- قال: إني قد أوصيت إلى ولدي موسى، وهو الإمام بعدي، قلت: فمن بعد موسى؟ قال: علي ابنه يدعى بالرضا، ومن بعد علي ابنه محمد، ثم بعد محمد علي ابنه، وبعد علي الحسن ابنه، والمهدي من ولد الحسن..." (1). 62 ـ حديث يونس بن ظبيان عن الإمام الصادق (عليه السلام) : "قال: يا يونس إذا أردت العلم الصحيح فعندنا أهل البيت، فإنا ورثناه..." ثم ذكر الأئمة الاثني عشر، قال: "قلت: سمهم لي يا ابن رسول الله. قال: أولهم علي بن أبي طالب، وبعده الحسن والحسين، وبعده علي ابن الحسين..." ثم ذكر تمام الأئمة الاثني عشر بأسمائهم (2). 63 ـ حديث عبد الله بن جندب عن الإمام الكاظم (عليه السلام) أنه قال: "تقول في سجدة الشكر: اللهم إني أشهدك وأشهد ملائكتك وأنبياءك ورسلك وجميع خلقك: إنك أنت الله ربي، والإسلام ديني، ومحمداً نبيي، وعلياً والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والحجة بن الحسن بن علي أئمتي بهم أتولى ومن أعدائهم أتبرأ..." (3). 64 ـ حديث شرايع الدين التي كتبها الإمام الرضا (عليه السلام) للمأمون العباسي، وفيه بعد ذكر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : "وأن الدليل بعده، والحجة على المؤمنين، والقائم بأمر المسلمين، والناطق عن القرآن، والعالم بأحكامه، أخوه، وخليفته، ووصيه، ووليه، والذي كان منه بمنزلة هارون من موسى، علي بن أبي طالب (عليه السلام) أمير المؤمنين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، ـــــــــــــــــــــــ (1) إثبات الهداةبالنصوص والمعجزات 2: 563.كفاية الأثر: 267.بحار الأنوار 36: 409 ـ410. (2) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 2: 561. كفاية الأثر: 258 ـ 259. مختصر بصائر الدرجات: 122 ـ 123. بحار الأنوار 36: 403 ـ 405. (3) من لا يحضره الفقيه 1: 329 ـ 330، واللفظ له. إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 2: 471ـ472. -[ 208 ]- وأفضل الوصيين، ووارث علم النبيين والمرسلين، وبعده الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، ثم علي بن الحسين زين العابدين..." وذكر بقية الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) بأسمائهم، ثم قال: "أشهد لهم بالوصية والإمامة، وأن الأرض لا تخلو من حجة لله تعالى على خلقه في كل عصر وأوان، وأنهم العروة الوثقى، وأئمة الهدى، والحجة على أهل الدنيا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. وأن كل من خالفهم ضال مضل باطل، تارك للحق والهدى، وأنهم المعبرون عن القرآن، والناطقون عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بالبيان، ومن مات ولم يعرفهم مات ميتة جاهلية..." (1). وربما لم نستوف الأحاديث الواردة في ذلك. وفيما ذكرناه كفاية. | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: رد: (في رحاب العقيدة)للسيد الحكيم.مفصّل سهل التناول الأحد يوليو 22, 2012 7:23 am | |
| النصوص الواردة في كل إمام إمام الطائفة الخامسة: ما تضمن نَصَّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو الإمام على مَن بعده، واحداً كان أو أكثر. واستيعاب ذلك صعب جدًّا، غير أنا نذكر ما تيسر لنا الاطلاع عليه. ولا ينبغي لنا أن نطيل في ذكر النصوص على أمير المؤمنين (صلوات لله عليه)، فإنه المتيقن في دعوى النص التي عليها يبتني مذهب التشيع، والتي أسهب الشيعة في الاستدلال عليه، واستوفوا الكلام في أدلته. وخصوصاً الأدلة المشهورة التي تعم أهل البيت (عليهم السلام) أو تخص أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، كحديث الثقلين، وحديث الغدير. مضافاً إلى أحاديث الطائفة الرابعة المتقدمة.
ما ورد في إمامة الإمامين الحسن والحسين (عليهم السلام) معًا وأما الإمامان السبطان أبو محمد الحسن الزكي وأبو عبدالله الحسين ـــــــــــــــــــــــ (1) عيون أخبار الرضا 1: 129 ـ 130. بحار الأنوار 65: 261 ـ 262. -[ 209 ]- الشهيد (صلوات الله عليهما)، فهما وإنْ كانا دون أمير المؤمنين (عليه السلام) في الظهور، إلا أنهما.. أولاً: داخلان في المتيقَّن أيضاً مِن نصوص الطائفة الأولى الواردة في أهل البيت (عليهم السلام) عمومًا، على ما ذكرناه آنفًا، كما قد صُرّح بإمامتهما في أحاديث الطائفة الرابعة المتقدمة. وثانياً: داخلان في إجماع أهل البيت - الذين فيهم الإمامة، بمقتضى ما سبق - وإجماع شيعتهم، فإنهم مهما اختلفوا مُجْمِعُون على إمامة أمير المؤمنين والحسنين (صلوات الله عليهم)، وأنّ إمامتهم بالاستحقاق. ويضاف لذلك مجاميع مِن الأحاديث.. المجموعة الأولى: بعض الأحاديث الخاصة بهم. كقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : "الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا" (1). وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : "أنتما الإمامان. ولأمّكما الشفاعة" (2). وفي حديث ثالث أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) دفع لهما (عليهم السلام) الحصى، فسبح في أيديهما، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : "الحصى لا يسبحن إلا في يد نبي أو وصي نبي، ـــــــــــــــــــــــ (1) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 5: 129، واللفظ له، و: 134، 142. وقد رواه الصدوق بسنده في علل الشرائع 1: 211، ورواه الخزاز القمي بسند آخر في كفاية الأثر: 36، وبسند آخر في: 117، ورواه ابن شهراشوب بسند آخر في المناقب 3: 163، وقال الشيخ المفيد في النكت في مقدمات الأصول: 48 "واتفقوا على أنه (عليه السلام) قال في الحسن والحسين (صلوات الله عليهم): ابناي هذان إمامان..."، وقد روي أيضاً في دعائم الإسلام 1: 37، والفصول المختارة للمفيد: 303، والمسائل الجارودية للمفيد: 35، والإرشاد: 30، والتعجب للكراجكي: 52، وروضة الواعظين: 156، وإعلام الورى بأعلام الهدى 1: 407، 421، وكشف الغمة 2: 156، ومجمع البيان 2: 311، وغنية النزوع: 299، 323، والطرائف: 196، وبحار الأنوار 16: 307، 36: 289، 291، 325، 44: 2. (2) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 5: 141. كشف الغمة 2: 129. -[ 210 ]- والحسن والحسين من عترتي وأوصيائي وخلفائي" (1). وقول أمير المؤمنين (عليه السلام) لهما: "أنتما إمامان بعدي، وسيدا شباب أهل الجنة، والمعصومان. حفظكما الله، ولعنة الله على من عاداكما" (2). وحديث الأصبغ بن نباتة: "أن علياً (عليه السلام) لما ضربه الملعون ابن ملجم دعا بالحسن والحسين، فقال: إني مقبوض في ليلتي هذه، فاسمعا قولي: وأنت يا حسن وصيي، والقائم بالأمر [من] بعدي. وأنت يا حسين شريكه في الوصية، فاصْمُت، وكُنْ لأمره تابعاً ما بَقِيَ، فإذا خرج مِن الدنيا فأنت الناطق مِن بعده، والقائم بالأمر عنه" (3). ومثله في الوصية للإمامين الحسن والحسين (عليهم السلام) حديثا أبي بصير عن الإمام الصادق (عليه السلام) (4)، وحديث محمد ابن الحنفية مع الإمام زين العابدين (عليه السلام) (5)، وغير ذلك. المجموعة الثانية: الأحاديث الثلاثة المتضمنة لطبع الإمام بخاتمه على الحصى، التي تأتي عند التعرض لنصوص إمامة الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين، والإمام الحسن بن علي العسكري (صلوات الله عليهم). فإنها تضمنت طبعهما (عليهم السلام) بخاتمهما على الحصى، كسائر الأئمة (عليهم السلام). المجموعة الثالثة: أنه قد اشتمل جملة من أحاديث الطائفة الثانية وغيرها مما تضمن ذكر بعض الأئمة (عليهم السلام) على التصريح باسمهما الشريفين، ولا يسعنا ذكرها لكثرتها، إلا أنا نذكر منها ما اشتمل على النص على بعض ـــــــــــــــــــــــ (1) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 5: 139. (2) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 5: 133. بحار الأنوار 43: 265.كفاية الأثر: 222. (3) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 5: 140. (4) الكافي 1: 286 ـ 288، و: 291 ـ 292. (5) الكافي 1: 348. -[ 211 ]- مَن بعدهما من الأئمة (عليهم السلام)، لينفع في إثبات إمامتهم، وهي.. 1 ـ حديث سليم بن قيس عن عبد الله بن جعفر الطيار في مجلس معاوية بن أبي سفيان قال: "سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم أخي علي بن أبي طالب (عليه السلام) أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا استشهد فابني الحسن أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم ابني الحسين (عليه السلام) أولى بالمؤمنين من أنفسهم. فإذا استشهد فابني علي بن الحسين أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وستدركه يا علي، ثم ابني محمد بن علي الباقر أولى بالمؤمنين من أنفسهم. وستدركه يا عبد الله، وتكمله اثني عشر إماماً تسعة من ولد الحسين. قال عبد الله: ثم استشهدت الحسن والحسين (عليهم السلام) وعبد الله بن عباس وعمر بن أبي سلمة وأسامة بن زيد، فشهدوا لي عند معاوية، قال سليم بن قيس: وقد كنت سمعت ذلك من سلمان وأبي ذر والمقداد وأسامة أنهم سمعوا من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) " (1). 2 ـ حديث وصية الإمام الصادق (عليه السلام) لمحمد بن النعمان الأحول وفيه: "يا ابن النعمان إن العالم لا يقدر أن يخبرك بكل ما يعلم، لأنه سرّ الله الذي أسرَّه إلى جبرئيل، وأسره جبرئيل إلى محمد صلى الله عليه وآله وأسره محمد إلى علي، وأسره علي إلى الحسن، وأسره الحسن إلى الحسين، وأسره الحسين إلى علي، وأسره علي إلى محمد، وأسره محمد إلى مَن أسره" (2). 3 ـ حديث سليم بن قيس عن أمير المؤمنين (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: "قد استجاب لي فيك وفي شركائك الذين يكونون من بعدك. ـــــــــــــــــــــــ (1) عيون أخبار الرضا 2: 52 ـ 53، واللفظ له. بحار الأنوار 36: 231.الإمامة والتبصرة: 110ـ111. الكافي 1: 529. كمال الدين وتمام النعمة: 270. الغيبة للنعماني: 95 ـ 96. الغيبة للطوسي: 138. (2) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 2: 488.تحف العقول: 310.بحار الأنوار 75: 289. -[ 212 ]- فقلت: يا رسول الله ومن شركائي من بعدي؟ قال: الذين قرنهم الله عزوجل بنفسه وبي، فقال: ((أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ))، فقلت: يا رسول الله ومن هم؟ قال: الأوصياء مني إلى أن يردوا عليّ الحوض، كلهم هاد مهتد... قلت: يا رسول الله سمهم لي. فقال: ابني هذا- ووضع يده على رأس الحسن- ثم ابني هذا -ووضع يده على رأس الحسين (عليه السلام)- ثم ابن له يقال له علي، وسيولد في حياتك، فاقرأه مني السلام، ثم تكملة اثني عشر..." (1). وفي طريق آخر لهذا الحديث زاد: "ثم ابن علي اسمه محمد بن علي، ثم تكملة..." (2). 4 ـ حديث ابن عباس، قال: "نزل جبرئيل (عليه السلام) بصحيفة من عند الله على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيها اثنا عشر خاتماً من ذهب. فقال له: إن الله تعالى يقرأ عليك السلام، ويأمرك أن تدفع هذه الصحيفة إلى النجيب من أهلك من بعدك، يفك منها أول خاتم ويعمل بما فيه، فإذا مضى دفعها إلى وصيه بعده، وكذلك الأول يدفعها إلى الآخر واحداً بعد واحد. ففعل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما أمر. ففك علي بن أبي طالب أوله، وعمل بما فيه، ثم دفعها إلى الحسن (عليه السلام)، ففك خاتمه، وعمل بما فيه، ثم دفعها بعده إلى الحسين (عليه السلام)، ثم دفعها الحسين إلى علي بن الحسين (عليه السلام)، ثم واحداً بعد واحد، حتى ينتهي إلى آخرهم (صلوات الله عليهم") (3). 5 ـ ومثله في ذلك حديث العمري عن الإمام الصادق (عليه السلام) : "قال: ـــــــــــــــــــــــ (1) كمال الدين وتمام النعمة: 284 ـ 285، واللفظ له. إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 2: 395،396. (2) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 3: 36 ـ 37. (3) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 2: 459 ـ 460. الغيبة للطوسي: 135. بحار الأنوار 36: 209. -[ 213 ]- إن الله عزوجل أنزل على نبيه كتاباً قبل وفاته، فقال: يا محمد هذه وصيتك إلى النجبة من أهلك، قال: وما النجبة يا جبرئيل؟ فقال: علي بن أبي طالب وولده (عليه السلام). وكان على الكتاب خواتيم من ذهب. فدفعه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، وأمره أن يفك خاتماً منه ويعمل بما فيه، ففك أمير المؤمنين (عليه السلام) خاتماً وعمل بما فيه، ثم دفعه إلى ابنه الحسن (عليه السلام)، ففك خاتماً وعمل بما فيه، ثم دفعه إلى الحسين (عليه السلام)، ففك خاتمًا، فوجد فيه أن اخرج بقوم إلى الشهادة... ففعل، ثم دفعه إلى علي بن الحسين (عليه السلام) ففك خاتمًا، فوجد فيه أن أطرق واصمت... ففعل، ثم دفعه إلى ابنه محمد بن علي (عليه السلام)، ففك خاتماً فوجد فيه: حدث الناس وأفتهم... [ففعل] ثم دفعه إلى ابنه جعفر، ففك خاتماً فوجد فيه: حدث الناس وأفتهم... ثم دفعه إلى ابنه موسى (عليه السلام). وكذلك يدفعه موسى إلى الذي بعده. ثم كذلك إلى قيام المهدي (صلى الله عليه") (1). 6 ـ ونحوه في انتقال الكتاب في الأئمة (عليهم السلام) واحداً بعد واحد إلى الإمام الكاظم (عليه السلام) حديث معاذ بن كثير عنه (عليه السلام) ـ (2). 7 ـ وكذا حديث الكناني عن جده عنه (عليه السلام) ـ (3). وفي حديثي جعفر بن سماعة (4) و يونس بن يعقوب (5) عنه (عليه السلام) التصريح باسم الحسن والحسين (عليهم السلام) وأشير إلى من بعد الحسين (عليه السلام) من الأئمة من دون ذكر أسمائهم (عليهم السلام). ـــــــــــــــــــــــ (1) الكافي 1: 280 ـ 281. الأمالي للصدوق: 486. كمال الدين وتمام النعمة: 669. الأمالي للطوسي: 441. المناقب لابن شهراشوب 1: 257. بحار الأنوار 36: 192 ـ 193. وغيرها من المصادر. (2) الكافي 1: 279 ـ 280. بحار الأنوار 48: 27 ـ 28.الغيبة للنعماني: 52.الجواهر السنية: 216. (3) بحار الأنوار 36: 192 ـ193.كمال الدين وتمام النعمة: 669 ـ 670. (4) بحار الأنوار 36: 203 ـ 204. (5) بحار الأنوار 36: 210. -[ 214 ]- 8 ـ ما روي بأسانيد متعددة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: "إني قد تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله عزوجل، وأهل بيتي. فقيل له: أكلُّ أهل بيتك؟ فقال: لا، ولكن لأوصيائي منهم: علي أخي، ووصيي، ووارثي، وخليفتي من أمتي، وولي كل مؤمن بعدي. وهو أولهم وخيرهم. ثم وصيه ابني هذا - وأشار إلى الحسن - ثم وصيه ابني هذا - ثم أشار إلى الحسين - ثم وصيه ابني سمي أخي، ثم وصيه بعده سميّي، ثم سبعة من ولده، واحداً بعد واحد، شهداء الله في أرضه وحججه على خلقه..." (1). 9 ـ حديث عبدالصمد بن بشير عن الإمام الباقر (عليه السلام) : "قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) دعا علياً (عليه السلام) في المرض الذي توفى فيه، فقال: يا علي ادن مني حتى أسر إليك ما أسره الله إلي، واءتمنك على ما اءتمنني الله عليه. ففعل ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعلي (عليه السلام)، وفعله علي بالحسن، وفعله الحسن بالحسين، وفعله الحسين بعلي، وفعله أبي بي" (2). 10 ـ حديث سليم الشامي أنه سمع علياً (عليه السلام) يقول: "إني وأوصيائي من ولدي أئمة مهتدون، كلنا مُحَدَّثُون. قلت: يا أمير المؤمنين من هم؟ فقال: الحسن والحسين، ثم ابني علي بن الحسين - قال وعلي يومئذٍ رضيع - ثم يليه مَن بعده واحدًا بعد واحد..." (3). 11 ـ حديث محمد بن مسلم:"سألت الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) عن خاتم الحسين بن علي (عليهم السلام) إلى مَن صار؟... إن الحسين (عليه السلام) أوصى إلى ـــــــــــــــــــــــ (1) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 3: 35.الغيبة للنعماني: 73. (2) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 2: 500. بصائر الدرجات: 398. الهداية الكبرى: 243. (3) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 2: 499، واللفظ له. بحار الأنوار 26: 79. بصائر الدرجات: 392. الاختصاص: 329. -[ 215 ]- ابنه علي بن الحسين (عليه السلام)، وجعل خاتمه في إصبعه، وفوض إليه أمره، كما فعله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بأمير المؤمنين (عليه السلام)، وفعله أمير المؤمنين بالحسن (عليه السلام)، وفعله الحسن بالحسين (عليه السلام)، ثم صار ذلك الخاتم إلى أبي(الباقر) (عليه السلام) بعد أبيه(السجاد)، ومنه صار إليّ، فهو عندي..." (1). 12 ـ حديث سليم بن قيس قال: "شهدت وصية أمير المؤمنين (عليه السلام) حين أوصى إلى ابنه الحسن (عليه السلام)، وأشهد على وصيته الحسين (عليه السلام) ومحمداً وجميع ولده ورؤساء شيعته وأهل بيته. ثم دفع إليه الكتاب والسلاح. وقال لابنه الحسن (عليه السلام) : يا بني أمرني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن أوصي إليك، وأن أدفع إليك كتبي وسلاحي، كما أوصى إليّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ودفع إليّ كتبه وسلاحه. وأمرني أن آمرك إذا حضرك الموت أن تدفعها إلى أخيك الحسين (عليه السلام). ثم أقبل على ابنه الحسين (عليه السلام) فقال: وأمرك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن تدفعها إلى ابنك هذا. ثم أخذ بيد علي بن الحسين (عليه السلام)، ثم قال لعلي بن الحسين: وأمرك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن تدفعها إلى ابنك محمد بن علي، واقرأه من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومني السلام" (2). 13 ـ وحديث جابر عن الإمام أبي جعفر الباقر (عليه السلام) نحوه، مع زيادة (3). 14 ـ ومثلهما في وصية أمير المؤمنين للحسنين (عليه السلام) ووصية الحسين (عليه السلام) لعلي بن الحسين ثم انتقال الوصية للإمام الباقر (عليه السلام) حديث أبي الجارود عنه (عليه السلام) وفي آخره: "ثم إن حسيناً حضره الذي حضره فدعا ابنته الكبرى فاطمة بنت الحسين (عليه السلام) فدفع إليها كتاباً ملفوفاً ووصية ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 46: 17. الأمالي للصدوق: 207 ـ 208. (2) الكافي 1: 297 ـ 298، واللفظ له. بحار الأنوار 43: 322. دعائم الإسلام 2: 348. من لايحضره الفقيه 4: 189. تهذيب الأحكام 9: 176. كتاب سليم بن قيس: 444. (3) الكافي 1: 298 ـ 299. بحار الأنوار 42: 250. -[ 216 ]- ظاهرة، وكان علي بن الحسين (عليه السلام) مبطوناً لا يرون إلا أنه لما به، فدفعت فاطمة الكتاب إلى علي بن الحسين ثم صار والله ذلك الكتاب إلينا" (1). وفي بعض طرقه: "لما حضر الحسين ما حضر دعا فاطمة بنته فدفع إليها كتاباً ملفوفاً ووصية ظاهرة، فقال: يا بنتي ضعي هذا في أكابر ولدي، فلما رجع علي بن الحسين دفعته إليه. وهو عندنا" (2). 15 ـ وقريب منه حديث حمران عنه (عليه السلام) (3). 16 ـ وحديث المعلى بن خنيس عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: "إن الكتب كانت عند علي (عليه السلام)، فلما سار إلى العراق استودع الكتب أم سلمة، فلما مضى علي (عليه السلام) كانت عند الحسن، فلما مضى الحسن كانت عند الحسين، فلما مضى الحسين (عليه السلام) كانت عند علي بن الحسين (عليه السلام)، ثم كانت عند أبي" (4). 17 ـ ومثلهما مع تعاقب ميراث العلم والإمامة إلى الإمام الصادق حديث عمر بن أبان، قال: "سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عما يتحدث الناس أنه دفع إلى أم سلمة صحيفة مختومة فقال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لما قبض، ورث علي (عليه السلام) علمه وسلاحه وما هناك، ثم صار إلى الحسن، ثم صار إلى الحسين (عليه السلام). قال: قلت: ثم صار إلى علي بن الحسين، ثم صار إلى ابنه، ثم انتهى إليك؟ فقال: نعم" (5). 18 ـ وقريب منه حديث العلاء بن سيابة (6). ـــــــــــــــــــــــ (1) الكافي 1: 290 ـ 291. (2) بحار الأنوار 26: 50. (3) الكافي 1: 235. بحار الأنوار 26: 207. (4) بحار الأنوار 26: 50. بصائر الدرجات: 182، 187. (5) الكافي 1: 235 ـ 236. بصائر الدرجات: 206. روضة الواعظين: 210. الإرشاد 2: 189. (6) بحار الأنوار 26: 209. -[ 217 ]- 19 ـ ومثلها في ذلك، مع تعاقب الوصية إلى الإمام الكاظم (عليه السلام) حديث فيض بن المختار عن الإمام الصادق (عليه السلام) (1) الآتي في النصوص على إمامة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام). 20 ـ وكذا حديث أبي الجارود المتقدم في أواخر جواب السؤال الثامن المتضمن تعاقب الوصية إلى الإمام أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، فراجع.
ما ينفرد به الإمام الحسن (عليه السلام) وبعد كل ذلك ينفرد الإمام الحسن (صلوات الله عليه) بعدد من الأحاديث تتضمن وصية أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه) له (2)، وبحديث أبي سعيد عقيصاً قال: "لما صالـح الحسن بن علي (عليهم السلام) معاوية بن أبي سفيان دخل عليه الناس، فلامه بعضهم على بيعته. فقال (عليه السلام) : ويحكم ما تدرون ما علمت! والله الذي عملت خير لشيعتي مما طلعت عليه الشمس أو غربت. ألا تعلمون أني إمامكم مفترض الطاعة عليكم، وأحد سيدي شباب أهل الجنة، بنص من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ قالوا: بلى..." (3). مضافاً إلى أمرين.. الأول: ما هو المعلوم من قيامه بعد أمير المؤمنين (عليه السلام). وذلك لا يكون إلا بالنص، كما تقدم في ذيل الكلام في الطائفة الثالثة من أحاديث الباب وغيره. كما أن شيعة أهل البيت (عليهم السلام) قد أجمعوا على ذلك، وعلى نص جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأبيه أمير المؤمنين (عليه السلام) عليه. ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 48: 26 ـ 27. اختيار معرفة الرجال 2: 642 ـ 643. (2) الكافي 1: 298. بحار الأنوار 43: 322. إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 5:130ـ140. (3) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 5: 128. كمال الدين وتمام النعمة: 316. كفاية الأثر: 225. الاحتجاج 2: 9. بحار الأنوار 44: 19، 51: 132. -[ 218 ]- وقد اعترف ببعض ذلك بعض الجمهور، فقد قال ابن كثير عند الكلام في تعيين الأئمة الاثني عشر الذين تضمنتهم الأحاديث المشهورة عند الجمهور: "الخلفاء الأربعة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، خلافتهم محققة... ثم بعدهم الحسن بن علي كما وقع، لأن علياً أوصى إليه، وبايعه أهل العراق..." (1). بل خطبته (عليه السلام) بعد وفاة أمير المؤمنين تشير إلى حقه وحق أهل البيت (عليهم السلام) بالأمر. حيث قال فيها: "أيها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي. وأنا ابن النبي. وأنا ابن الوصي. وأنا ابن البشير. وأنا ابن النذير. وأنا ابن الداعي إلى الله بإذنه. وأنا ابن السراج المنير. وأنا من أهل البيت الذي كان جبريل ينزل إلينا ويصعد من عندنا وأنا من أهل البيت الذي أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وأنا من أهل البيت الذي افترض الله مودتهم على كل مسلم فقال تبارك وتعالى لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) : ((قُل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنا)) فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت" (2). وعن ابن عباس أنه قام بعد هذه الخطبة فقال: "معاشر الناس هذا ابن نبيكم ووصي إمامكم فبايعوه" (3). ـــــــــــــــــــــــ (1) البداية والنهاية 6: 249 الإخبار عن الأئمة الاثني عشر الذين كلهم من قريش. (2) المستدرك على الصحيحين 3: 188 كتاب معرفة الصحابة: ومن فضائل الحسن بن علي بن أبي طالب، وذكر مولده ومقتله، واللفظ له. الذرية الطاهرة: 74. ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى 1: 138 أذكار تتضمن نبذاً من فضائل وأخبار تختص بالحسن: ذكر خطبته يوم قتل أبوه علي بن أبي طالب. مقاتل الطالبيين: 33. شرح نهج البلاغة 16: 30. نظم درر السمطين: 148. ينابيع المودة 1: 40 ـ 41، 2: 212 ـ 213، 3: 363 ـ 364. بحار الأنوار 43: 361. وغيرها من المصادر. (3) الإرشاد 2: 8. إعلام الورى في أعلام الهدى: 407. بحار الأنوار 43: 362. -[ 219 ]- وفي رواية أخرى أنه قال في خطبته: "ولقد حدثني حبيبي جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن الأمر يملكه اثنا عشر إماماً من أهل بيته وصفوته، ما منا إلا مقتول أو مسموم" (1). الثاني: أن أخاه الإمام الحسين (عليه السلام) قد سلم له بالإمامة، فيدل على إمامته جميع ما يدل على إمامة الحسين مِن الأحاديث الواردة من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين. | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: رد: (في رحاب العقيدة)للسيد الحكيم.مفصّل سهل التناول الأحد يوليو 22, 2012 7:37 am | |
| ما ينفرد به الإمام الحسين (عليه السلام) أما الإمام الحسين (عليه السلام) فينفرد.. 1 ـ بالنصوص الواردة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) المتضمنة أن الإمامة في ذريته وهي على قسمين..
الأول: ما تضمن إمامة أمير المؤمنين والحسن والحسين وذرية الحسين. وهذا داخل في الطائفة الثانية والثالثة اللتين تقدم الكلام فيهما، ولا يختص بالحسين (عليه السلام). الثاني: ما اقتصر فيه على أن الأئمة من ذرية الحسين (عليه السلام)، وأن الإمامة فيهم. وهي نصوص كثيرة (2). نعم، ورد كثير مِن ذلك عن الأئمة مِن ولده (عليه السلام). وقد يُدّعى أنها لا تصلـح للاحتجاج، لأن الاحتجاج بها فرْعُ إمامتهم. لكنه يندفع بأنَّ كثيراً منها ظاهِرٌ في أنهم (عليهم السلام) يروون ذلك عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وليست هي دعوى يَدَّعونها مِن قِبَل أنفسهم، وروايتهم (عليهم السلام) لا تَقْصُر عن روايات ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 43: 364. (2) بحار الأنوار 25: 254، 255، 260، و 43: 245، 254، و 44: 221 ـ 222، 232، 233 ـ 234. وغيره. -[ 220 ]- غيرهم، بل هي أعلى شأنًا. كما ذكرناه غير مرة. مضافاً إلى ما سبق ويأتي مِن أهمية دعواهم في المقام. وكيف كان، فهذه النصوص وإنْ لم يصرح فيها بإمامة الحسين (عليه السلام) إلا أنها دالة على إمامته بالملازمة، لوضوح أنَّ إمامةَ ذرّيتهِ تبتني على انتقال الإمامة منه (عليه السلام) إليهم (عليهم السلام)، كما صُرّحَ به في بقية النصوص. 2 ـ ببعض الأحاديث الخاصة. كحديث المفضل بن عمر المتضمن إرسال الإمام الحسن (عليه السلام) خلف أخيه محمد ابن الحنفية، وتأكيده بمحضره على إمامة الحسين (عليه السلام) من بعده، وإذعان محمد بذلك، وإقراره بفضل الحسين (عليه السلام) ورفيع مقامه (1). وما روي من أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خُيِّر بين أن يبقى ولده إبراهيم ويكون إمامًا، وأن يبقى الحسين (عليه السلام) ويكون إمامًا، فاختار الحسين (عليه السلام) (2)... إلى غير ذلك. وبعد كل ذلك لا يظن بأحد أن يشك في إمامة الإمامين السبطين أبي محمد الحسن الزكي، وأبي عبدالله الحسين الشهيد (صلوات الله عليهم). | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: رد: (في رحاب العقيدة)للسيد الحكيم.مفصّل سهل التناول الأحد يوليو 22, 2012 8:59 am | |
| نصوص إمامة التسعة مِن ذرِّية الحسين (عليه السلام) ويبقى الكلام في نصوص إمامة بقية الأئمة الاثني عشر (صلوات الله عليهم). وقد أشرنا للنصوص الكثيرة المتضمنة أنهم مِن ذرية الإمام الحسين (عليه السلام) وهي نصوص كثيرة جدًّا،(متواترة، بل ) قد تزيد على التواتر. ـــــــــــــــــــــــ (1) الكافي 1: 300 ـ 302. بحار الأنوار 44: 174 ـ 176. (2) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 5: 174. -[ 221 ]- وقد تضمن بعضها (1) الاستدلال على ذلك مِن القرآن الشريف. وحاصله: أنَّ مقتضى قوله تعالى: ((وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)) (2) هو انتقال الإمامة مِن الإمام السابق إلى أقرب الناس إليه، وهو ولده الصلبي. إلا أنَّ ذلك لم يَجْرِ قبل الحسين (عليه السلام)، لأنَّ آية التطهير ونحوها مما ورد في الكتاب المجيد قد فسرها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأمير المؤمنين والحسنين (صلوات الله عليهم)، كما أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قد نَصَّ عليهم ثلاثتهم وأعلنَ ذلك للأمة بوجه عام، فثبتت الإمامة فيهم ثلاثتهم، ولم يتقدم أحدهم على الآخر إلا بمقتضى رُتبَتِه وسِنِّه. ولم يكن لأمير المؤمنين (عليه السلام) أن يوصي بالإمامة إلى غير الحسن والحسين (عليهم السلام) مِن ولده عملاً بآية أولي الأرحام، لأن الحسنين (عليهم السلام) قد استحقَّا الإمامةَ مثله بالنص مِن الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي بلغ للناس بوجه عام. كما لم يكن للإمام الحسن (عليه السلام) أن يوصي بالإمامة لولده عملاً بالآية المذكورة، لأنَّ الحسين (عليه السلام) قد استحق الإمامةَ مثله بالنص المذكور أيضًا. أما الإمام الحسين (عليه السلام) فلم يكن له حين أقدم على الشهادة مِن يشركه في النص المذكور، ليَمْنَعَ مِن جريان حكم الآية الكريمة فيه، فيتعيّن انتقال الإمامة في صُلْبِه، عملاً بالآية الكريمة بعد عدم المانع مِن العمل بها. ومِن الطبيعي أنّ هذا الاستدلال إنما يحتاج له عامة الناس مِمَّن لم تبلغه النصوص على الأئمة الباقين (عليهم السلام) بأسمائهم، لأنها ليست في الظهور والانتشار كالنصوص الواردة في حق أمير المؤمنين (عليه السلام) والحسنين (عليهم السلام). ـــــــــــــــــــــــ (1) الكافي 1: 286، 287، 291 ـ 292. (2) سورة الأنفال الآية: 75. -[ 222 ]- ولاسيما مع ما سبق مِن دخولهم في المتيقن مِن النصوص الخاصة والعامة المشهورة، كأحاديث الثقلين، والأحاديث المتضمنة أن الأئمة اثنا عشر من عترة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ونحوها. كما أنه بذلك يظهر أن الآية الكريمة تصلـح دليلاً على أن الإمامة بعد الحسين (عليه السلام) تجري في الأعْقَاب، وتنتقل مِن كل إمام إلى ولده لأنهم الأقرب إليه، لا إلى إخوته، أو بني عمه. وبذلك أيضاً استفاضت النصوص عن الأئمة (صلوات الله عليهم) (1). إذا عرفت هذا فلنتعرض للنصوص الواردة في حق كل إمام من الأئمة التسعة من ذرية الحسين (صلوات الله عليهم)، زيادة على النصوص المتقدمة في الطائفة الرابعة المتضمنة أسماء الأئمة الاثني عشر كلهم.
نصوص إمامة الإمام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) 1ـ الإمام أبو محمد علي بن الحسين السجاد زين العابدين (صلوات الله عليه). ويدل على إمامته ما تقدم مِن النصوص الواردة في الإمامين الحسن والحسين (صلوات الله عليهم). وهي عشرون حديثاً قد صرح فيها باسمه (عليه السلام)، وحديثان قد أشير فيهما إليه (عليه السلام) مِن دون تصريح باسمه، فلاحظها. ويضاف إلى ذلك.. 1 ـ حديث الفضيل عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال: "لما توجه الحسين (عليه السلام) إلى العراق دفع إلى أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الوصية والكتب وغير ذلك. وقال لها: إذا أتاك أكبر ولدي فادفعي إليه ما دفعت إليك. فلما قتل الحسين (عليه السلام) أتى علي بن الحسين أم سلمة، فدفعت إليه كل شيء ـــــــــــــــــــــــ (1) الكافي 1: 285، 286. بحار الأنوار 25: 249 ـ 261، وغيرها من المصادر. -[ 223 ]- أعطاها الحسين (عليه السلام)" (1). 2 ـ ونحوه حديث أبي بكر الحضرمي عن الإمام الصادق (عليه السلام) (2). وهما لا ينافيان ما في حديث أبي الجارود المتقدم في النصوص على إمامة الحسن والحسين (عليهم السلام) من دفع الوصية لفاطمة بنت الحسين (عليهم السلام). لإمكان أن يكون للحسين (عليه السلام) وصيتان ظاهرة دفعت لفاطمة، وخفية دفعت لأم سلمة. 3 ـ ما عن محمد بن وهبان، عن أحمد بن محمد الشرقي، عن أحمد ابن الأزهر، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله ابن عتبة. قال: "كنت عند الحسين بن علي (عليهم السلام)، إذ دخل علي بن الحسين الأصغر، فدعاه الحسين (عليه السلام)، وضمه إليه ضمًّا، وقبّل ما بين عينيه، ثم قال: بأبي أنت ما أطيب ريحك، وأحسن خلقك. فتداخلني من ذلك. فقلت: بأبي أنت وأمي يا بن رسول الله إن كان ما نعوذ بالله أن نراه فيك، فإلى مَن؟ قال: علي ابني هذا هو الإمام أبو الأئمة. قلت: يا مولاي هو صغير السن. قال: نعم. إن ابنه محمد يؤتم به وهو ابن تسع سنين، ثم يطرق، ثم يبقر العلم بقراً" (3). 4 ـ حديث جعفر بن زيد بن موسى عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام) قالوا: "جاءت أم أسلم يوماً إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو في منزل أم سلمة... فقالت أم أسلم: بأبي أنت وأمي يا رسول الله إني قد قرأت الكتب، وعلمت كل ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 46: 18. الغيبة للطوسي: 195 ـ 196. (2) الكافي 1: 304. بحار الأنوار 46: 19. المناقب لابن شهراشوب 3: 308. إعلام الورى بأعلام الهدى 1: 483. (3) بحار الأنوار 46: 19. كفاية الأثر: 234 ـ 235. -[ 224 ]- نبي ووصي... فمَن وصيك يا رسول الله؟ قال لها: يا أم أسلم مَن فَعَل فعلي هذا فهو وصيّي، ثم ضرب بيده إلى حصاة من الأرض ففركها باصبعه، فجعلها شبه الدقيق، ثم عجنها، ثم طبعها بخاتمه. ثم قال: مَن فعل فعلي هذا فهو وصيّي في حياتي وبعد مماتي. فخرجت مِن عنده، فأتيت أمير المؤمنين (عليه السلام). فقلت: بأبي أنت وأمي، أنت وصي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ قال: نعم يا أم أسلم. ثم ضرب بيده إلى حصاة ففركها، فجعلها كهيئة الدقيق، ثم عجنها، وختمها بخاتمه. ثم قال: يا أم أسلم من فعل فعلي هذا فهو وصيي. فأتيت الحسن (عليه السلام) وهو غلام، فقلت له: يا سيدي أنت وصي أبيك؟ فقال: نعم يا أم أسلم، وضرب بيده، وأخذ حصاة، ففعل بها كفعلهم. فخرجت من عنده، فأتيت الحسين (عليه السلام) وإني لمستصغرة لسنه، فقلت له: بأبي أنت وأمي، أنت وصي أخيك؟ فقال: نعم يا أم أسلم ائتيني بحصاة، ثم فعل كفعلهم. فعمرت أم أسلم حتى لحقت بعلي بن الحسين بعد قتل الحسين (عليه السلام) في منصرفه، فسألته: أنت وصي أبيك؟ فقال: نعم. ثم فعل كفعلهم صلوات الله عليهم أجمعين" (1). وإنما نذكر هذا ونحوه في النصوص على الإمامة، مع أنه من سنخ الكرامة والمعجزة، لأنه يتضمن النص على أن من قام بهذه الكرامة والمعجزة فهو الوصي. 5 ـ ومثله حديث حبابة الوالبية قالت: "رأيت أمير المؤمنين (عليه السلام) ـــــــــــــــــــــــ (1) الكافي 1: 355 ـ 356. ورواه بطرق أخرى ـ منها من طرق الجمهور ـ بتفاصيل أكثر في بحار الأنوار 25: 185 ـ 190. -[ 225 ]- في شرطة الخميس... فلم أزل أقفو أثره حتى قعد في رحبة المسجد. فقلت له: يا أمير المؤمنين، ما دلالة الإمامة يرحمك الله؟ قالت: فقال: ائتيني بتلك الحصاة، وأشار بيده إلى حصاة، فأتيته بها، فطبع لي فيها بخاتمه. ثم قال لي: يا حبابة إذا ادَّعَى مُدَّعٍ الإمامةَ، فقدر أن يطبع كما رأيت، فاعلمي أنه إمام مفترض الطاعة. والإمام لا يعزب عنه شيء يريده. قالت: ثم انصرفت حتى قبض أمير المؤمنين (عليه السلام)، فجئت إلى الحسن (عليه السلام)، وهو في مجلس أمير المؤمنين (عليه السلام)، والناس يسألونه، فقال: يا حبابة الوالبية. فقلت: نعم يا مولاي، فقال: هاتي ما معك، قالت: فأعطيته، فطبع فيها، كما طبع أمير المؤمنين (عليه السلام). قالت: ثم أتيت الحسين (عليه السلام) وهو في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقرب ورحب. ثم قال لي: إن في الدلالة دليلاً على ما تريدين، أفتريدين دلالة الإمامة؟ فقلت: نعم يا سيدي. فقال: هاتي ما معك، فناولته الحصاة، فطبع لي فيها. قالت: ثم أتيت علي بن الحسين (عليه السلام) وقد بلغ بي الكبر إلى أن أرعشت، وأنا أعد يومئذ مائة وثلاث عشرة سنة، فرأيته راكعاً ساجداً ومشغولاً بالعبادة، فيئست من الدلالة، فأومأ إلي بالسبابة، فعاد إليَّ شبابي، قالت: فقلت: يا سيدي كم مضى من الدنيا، وكم بقي؟ فقال: أما ما مضى فنعم، وأما ما بقي فلا. قالت: ثم قال لي: هاتي ما معك، فأعطيته الحصاة، فطبع لي فيها. ثم أتيت أبا جعفر (عليه السلام)، فطبع لي فيها، ثم أتيت أبا عبدالله (عليه السلام) فطبع لي فيها. ثم أتيت أبا الحسن موسى (عليه السلام)، فطبع لي فيها، ثم أتيت الرضا (عليه السلام) فطبع لي فيها" (1). ـــــــــــــــــــــــ (1) الكافي 1: 346 ـ 347، واللفظ له. بحار الأنوار 25: 175 ـ 177. كمال الدين وتمام النعمة: 536 ـ537. المناقب لابن شهراشوب 1: 257. إعلام الورى بأعلام الهدى 1: 408 ـ 409. كشف الغمة 2: 157. -[ 226 ]- قال الكليني: "وعاشت حبابة بعد ذلك تسعة أشهر، على ما ذكر محمد بن هشام". 6 ـ ومثلهما في ذلك حديث أبي هاشم الجعفري، الذي يأتي إن شاء الله تعالى عند التعرض للنصوص الدالة على إمامة أبي محمد الحسن بن علي العسكري (صلوات الله عليه) (1). 7 ـ ما روي بعدة طرق عن الإمام الباقر (عليه السلام) من الحديث المتضمن لاختلاء محمد ابن الحنفية مع الإمام زين العابدين (عليه السلام)، وطلبه منه أن لا ينازعه في الإمامة. وفيه: "فقال له علي بن الحسين (عليه السلام) : يا عمّ، اتّقِ الله، ولا تدّعِ ما ليس لك بحق إني أعظك أن تكون من الجاهلين. إن أبي يا عم (صلوات الله عليه) أوصى إليّ قبل أن يتوجه إلى العراق، وعهد إليّ في ذلك قبل أن يستشهد بساعة. وهذا سلاح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عندي... إن الله عزوجل جعل الوصية والإمامة في عقب الحسين (عليه السلام). فإذا أردت أن تعلم ذلك فانطلق بنا إلى الحجر الأسود حتى نتحاكم إليه، ونسأله عن ذلك... فانطلقا حتى أتيا الحجر الأسود... فابتهل محمد في الدعاء، وسأل الله، ثم دعا الحجر، فلم يجبه... فدعا اللهَ عليُّ بن الحسين (عليه السلام) بما أراد، ثم قال: أسألك بالذي جعل فيك ميثاق الأنبياء وميثاق الأوصياء، وميثاق الناس أجمعين، لما أخبرتنا من الوصي والإمام بعد الحسين بن علي (عليه السلام)؟ قال: فتحرك الحجر حتى كاد أن يزول عن موضعه، ثم انطقه الله عزوجل بلسان عربي مبين، فقال: اللهم إن الوصية والإمامة بعد الحسين بن علي (عليه السلام) إلى علي بن الحسين بن علي بن ـــــــــــــــــــــــ (1) الكافي 1: 347. بحار الأنوار 50: 302 ـ 303. الغيبة للطوسي: 203 ـ 204. الثاقب في المناقب: 561 ـ 562. الخرائج والجرائح 1: 428. إعلام الورى بأعلام الهدى 2: 139. كشف الغمة 3: 228 ـ 229. -[ 227 ]- أبي طالب، وابن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). قال: فانصرف محمد بن علي، وهو يتولى علي بن الحسين (عليه السلام)" (1). وبلغ مِن ظهور هذه الحادثة أن نظم فيها السيد الحميري عدة أبيات، منها: عجبت لِكَرِّ صروف الزمان *** وأمر أبي خالد ذي البيـان ومن رده الأمر لا ينثــني *** إلى الطيب طهر نور الجنان علي وما كان من عمــــه *** برد الأمانة عطف البيــان وتحكيمه حجراً أســـــود *** وما كان من نطقه المستبـان (2) وهو وإن كان من سنخ الكرامة والمعجزة، ولا يتضمن نصاً مِن إمام سابق، إلا أنّ النص مِن الحجر - الذي أودع مواثيق الأنبياء والذي يبعث يوم القيامة ويشهد لمن وافاه بالموافاة (3)- لا يقصر عن النص من الإمام. 8 ـ حديث جابر عن الإمام الباقر (عليه السلام) في الحديث عن أم الإمام زين العابدين، وكيفية وصولها لأبيه الحسين (عليه السلام)، وفيه: "فقال لها أمير المؤمنين: ما اسمك؟ فقالت: جهان شاه. فقال لها أمير المؤمنين (عليه السلام) : بل شهربانويه. ثم قال للحسين: يا أبا عبد الله لتلدن لك منها خير أهل الأرض" (4). ـــــــــــــــــــــــ (1) الكافي 1: 348، واللفظ له. بحار الأنوار 46: 111، 92: 160. بصائر الدرجات: 522. مختصر بصائر الدرجات: 15. الاحتجاج 2: 46 ـ 47. إعلام الورى بأعلام الهدى 1: 485. (2) إعلام الورى بأعلام الهدى 1: 486. مناقب آل أبي طالب لابن شهراشوب 3: 288. (3) المستدرك على الصحيحين 1: 628 أول كتاب المناسك. شعب الإيمان 3: 451. شرح الزرقاني 2: 408. أخبار مكة 1: 92. نصب الراية 3: 38. التدوين في أخبار قزوين 3: 151. وغيرها من المصادر الكثيرة جد. علل الشرائع 2: 423، 424، 425، 426. كمال الدين وتمام النعمة: 3. تهذيب الأحكام 5: 102. مختصر بصائر الدرجات: 218، 219، 220. الأمالي للطوسي: 477.الثاقب في المناقب: 349 بحار الأنوار 5: 245،246، 30: 690. وغيرها من المصادر الكثيرة جدًّا. (4) الكافي 1: 466 ـ 467، واللفظ له. بحار الأنوار 46: 9. -[ 228 ]- بناء على ما عليه الشيعة مِن أنَّ خير أهل الأرض هو الإمام عليهم. بل عن بعض الكتب روي الحديث هكذا: "فستلد لك خير أهل الأرض في زمانه بعدك، وهي أم الأوصياء، الذرية الطيبة" (1).
مجموع نصوص إمامة الإمام زين العابدين (عليه السلام)
هذا ما عثرنا عليه عاجلاً من الأحاديث الخاصة المتضمنة إمامة الإمام زين العابدين (عليه السلام). وإذا أضيف ذلك إلى ما تقدم في الطائفة الثانية من النص على الأئمة الاثني عشر بأسمائهم يظهر أن ما تضمن النص عليه (عليه السلام) أكثر مِن ثمانين حديث. ويضاف إلى ذلك ما أشرنا إليه عند التعرض للنصوص الدالة على إمامة الحسين (صلوات الله عليه) من النصوص الكثيرة جداً المتضمنة أن الأئمة من ذرية الحسين (صلوات الله عليه). ومنها ما تضمن الاستدلال على ذلك بقوله تعالى: ((وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ)) (2)، فراجع. ومِن المعلوم انحصار ذرية الإمام الحسين (عليه السلام) بعد قتله بالإمام زين العابدين (عليه السلام). ومنه عَقِبُه (عليه السلام). نصوص إمامة الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السلام) 2ـ الإمام أبو جعفر محمد بن علي الباقر (صلوات الله عليه). ويدل على إمامته ما تقدم في النصوص الواردة في الإمامين الحسن والحسين (صلوات الله عليهم). وقد صرح باسمه في سبعة عشر منها، وأشير إليه من دون ذكر اسمه في اثنين منها. وكذا ما تقدم في حديث حبابة ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 46: 11. (2) سورة الأنفال الآية:75. -[ 229 ]- الوالبية الذي تقدم في نصوص إمامة أبيه الإمام زين العابدين (عليه السلام)، وفي حديث أبي هاشم الجعفري الآتي في نصوص إمامة الإمام أبي محمد الحسن العسكري (عليه السلام). ويضاف إلى ذلك.. 1 ـ حديث عثمان بن خالد قال: "مرض علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) في مرضه الذي توفي فيه، فجمع أولاده: محمداً والحسن وعبد الله وعمر وزيداً والحسين، وأوصى إلى ابنه محمد بن علي، وكَنَّاه الباقر، وجعل أمرهم إليه، وكان فيما وعظه في وصيته أن قال: يا بني إن العقل رائد الروح..." (1). 2 ـ حديث مالك بن أعين الجهني قال: "أوصى علي بن الحسين (عليه السلام) ابنه محمد بن علي (عليه السلام) فقال: بني إني جعلتك خليفتي من بعدي، لا يدّعي فيما بيني وبينك أحدٌ إلا قلده الله يوم القيامة طوقاً من نار. فاحمد الله على ذلك، واشكره. يا بني اشكر لمن أنعم عليك..." (2). 3 ـ حديث الزهري قال: "دخلت على علي بن الحسين (عليه السلام) في المرض الذي توفي فيه... ثم دخل عليه محمد ابنه، فحدثه طويلاً بالسر، فسمعته يقول فيما يقول: عليك بحسن الخلق. قلت: يا ابن رسول الله، إن كان مِن أمْر الله ما لابد لنا منه - ووقع في نفسي أنه قد نعى نفسه - فإلى مَن يُخْتَلَف بعدك؟ قال: يا أبا عبدالله، إلى ابني هذا - وأشار إلى محمد ابنه - إنه وصيي، ووارثي، وعيبة علمي، معدن العلم... قلت: يا ابن رسول الله، هلا أوصيت إلى أكبر أولادك؟ قال: يا أبا عبدالله ليست الإمامة بالصغر والكبر. هكذا عهد إلينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهكذا وجدناه مكتوباً في اللوح والصحيفة. قلت: يا ابن رسول الله، فكم عهد إليكم نبيكم أن يكون ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 46: 230 ـ 231. كفاية الأثر: 239 ـ 240. (2) بحار الأنوار 46: 331 ـ 332. كفاية الأثر: 241. -[ 230 ]- الأوصياء من بعده؟ قال: وجدنا في الصحيفة واللوح اثنا [كذا] عشر أسامي مكتوبة بإمامتهم وأسامي آبائهم وأمهاتهم. ثم قال: يخرج مِن صلب محمد ابني سبعة من الأوصياء فيهم المهدي (صلوات الله عليهم)" (1). 4 ـ حديث عيسى بن عبدالله عن أبيه عن جده، قال: "التفت علي ابن الحسين (عليهم السلام) إلى ولده، وهو في الموت، وهم مجتمعون عنده، ثم التفت إلى محمد بن علي، فقال: يا محمد هذا الصندوق اذهب به إلى بيتك. قال: أما إنه لم يكن فيه دينار ولا درهم، ولكن كان مملوءاً علماً" (2). 5 ـ وقريب منه حديث إسماعيل بن محمد بن عبد الله بن علي ابن الحسين عن الإمام أبي جعفر الباقر (عليه السلام) (3)، وفيه: "وكان في الصندوق سلاح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ". 6 ـ وحديث عيسى بن عبد الله بن عمر عن الإمام أبي عبدالله الصادق (عليه السلام)، وفيه: "وكان في الصندوق سلاح رسول الله وكتبه" (4). 7 ـ حديث أبي بصير عنه (عليه السلام) قال: "قال أبو جعفر: كان فيما أوصى أبي إليّ: إذا أنا متُّ فلا يلي غسلي أحد غيرك، فإن الإمام لا يغسله إلا إمام..." (5). 8 ـ حديث أبان بن عثمان عن الإمام الصادق (عليه السلام)، قال في حديث: "إن جابراً دخل على علي بن الحسين (عليه السلام)، فوجد ابنه محمد بن علي (عليه السلام) عنده غلامًا. فقال له: مَن هذا؟ قال: هذا ابني، وصاحب الأمر بعدي محمد الباقر" (6). ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 46: 332 ـ 333. كفاية الأثر: 241 ـ 243. (2) الكافي 1: 305، واللفظ له. بحار الأنوار 46: 229. بصائر الدرجات: 185. (3) الكافي 1: 305. المناقب لابن شهراشوب 3: 341. (4) بحار الأنوار 46: 229. بصائر الدرجات: 201. (5) بحار الأنوار 46: 269، واللفظ له. إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 5: 264 ـ 265. (6) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 5: 263، واللفظ له. الأمالي للصدوق: 435. -[ 231 ]- 9 ـ حديث أبي خالد الكابلي الطويل عن الإمام زين العابدين (عليه السلام). وفيه: "فقلت له: يا سيدي روي لنا عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: لا تخلو الأرض من حجة الله على عباده، فمَن الحجة والإمام بعدك؟ فقال: ابني محمد. واسمه في التوراة، باقر، يبقر العلم بقرًا، هو الحجة والإمام بعدي، ومن بعد محمد ابنه جعفر. واسمه عند أهل السماء الصادق..." (1).
مجموع نصوص إمامة الإمام الباقر (عليه السلام)
هذا ما تيسر لنا عاجلاً ذكره مِن الأحاديث الخاصة المتضمنة إمامة الإمام أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام). وإذا أضيف إلى ذلك ما تقدم في الطائفة الرابعة، المتضمنة إمامة الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) بأسمائهم يظهر أن ما تضمن النص على إمامته أكثر من ثمانين حديثًا. أضف إلى ذلك ما تضمن أن الإمامة في ذرية الحسين (عليه السلام)، لانحصار ذرية الإمام الحسين (عليه السلام) بالإمام الباقر واخوته، ولا يظهر من إخوته من تُدْعَى له الإمامة بالنَّصّ، لأنَّ الزيدية وإنْ قالوا بإمامة زيد، إلا أنَّ منشأ إمامته عندهم خروجه بالسيف، لا النَّصِّ عليه. مع أنَّ خروجه بالسيف متأخرٌ كثيراً عن وفاة الإمام زين العابدين (عليه السلام).فلو لم يكن الإمام الباقر (عليه السلام) هو الإمام بعد أبيه لزم عدم وجود إمام في الأرض مدة طويلة، وهو خلاف ما استفاضت به النصوص مِن عدم خلوّ الأرض مِن إمام حجة على الناس، وقد تقدمت الإشارة إليها في جواب السؤال الرابع من الأسئلة السابقة. ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 36: 386، 47: 9. كمال الدين وتمام النعمة: 319. إعلام الورى بأعلام الهدى 2: 195. -[ 232 ]- نصوص إمامة الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) 3 ـ الإمام أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق (صلوات الله عليه). وقد ذكر اسمه الشريف في سبعة من الأحاديث المتقدمة في النصوص على إمامة الإمامين الحسن والحسين (صلوات الله عليهم)، وأشير إليه في ثلاثة منه. كما ذكر في حديث حبابة الوالبية المتقدم في نصوص إمامة جده علي بن الحسين (صلوات الله عليه)، وحديث أبي خالد الكابلي المتقدم في نصوص إمامة أبيه الإمام محمد الباقر (صلوات الله عليه). كما أنه مذكور في حديث أبي هاشم الجعفري الآتي في نصوص إمامة الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السلام). ويضاف إلى ذلك.. 1 ـ حديث أبي الصباح الكناني قال: "نظر أبو جعفر (عليه السلام) إلى أبي عبد الله (عليه السلام) يمشي، فقال: ترى هذا؟ هذا من الذين قال الله عزوجل: ((وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ))" (1). 2 ـ وحديث طاهر المروي بطرق متعددة، قال: "كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) فأقبل جعفر (عليه السلام)، فقال أبو جعفر (عليه السلام) : هذا خير البرية، أو أخير" (2). 3 ـ حديث جابر بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: "سئل ـــــــــــــــــــــــ (1) الكافي 1: 306. الإرشاد 2: 180. (2) الكافي 1: 306، 307. الإمامة والتبصرة: 65. الإرشاد 2: 180. إعلام الورى بأعلام الهدى 1: 518. كشف الغمة 2: 380. -[ 233 ]- عن القائم (عليه السلام)، فضرب بيده على أبي عبد الله (عليه السلام). فقال: هذا والله قائم آل محمد صلى الله عليه وآله. قال عنبسة: فلما قبض أبو جعفر (عليه السلام) دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فأخبرته بذلك. فقال: صدق جابر. ثم قال: لعلكم ترون أن ليس كل إمام هو القائم بعد الإمام الذي كان قبله" (1). 4 ـ حديث عبد الأعلى عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: "إن أبي (عليه السلام) استودعني ما هناك، فلما حضرته الوفاة، قال: ادع لي شهودًا، فدعوت له أربعة من قريش، فيهم نافع مولى عبد الله بن عمر. فقال: اكتب: هذا ما أوصى به يعقوب بنيه ((يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)). وأوصى محمد بن علي إلى جعفر ابن محمد، وأمره أن يكفنه في برده الذي كان يصلي فيه الجمعة، وأن يعممه بعمامته، وأن يربع قبره، ويرفعه أربع أصابع، وأن يحل عنه أطماره عند دفنه، ثم قال للشهود: انصرفوا رحمكم الله. فقلت له: يا أبت - بعد ما انصرفوا - ما كان في هذا بأن تشهد عليه، فقال: يا بني كرهت أن تُغْلَب، وأن يقال: إنه لم يُوصَ إليه، فأردت أن تكون لك الحجة" (2). والذي يتضمن النص هو قوله (عليه السلام) في صدر الحديث: "إن أبي استودعني ما هناك". وبقية الحديث تشهد بأن وصية الإمام لمَن بعده ولو بأموره الخاصة من علامات الإمامة للموصى له. ومن أجل ذلك استشهد الإمام الباقر (عليه السلام) الشهود الأربعة على وصيته للإمام الصادق (عليه السلام) مع أن الأمور التي استشهدهم عليها ليست مهمة بحيث تحتاج للإشهاد. ـــــــــــــــــــــــ (1) الكافي 1: 307. الهداية الكبرى: 243. إعلام الورى بأعلام الهدى 1: 518. (2) الكافي 1: 307. روضة الواعظين: 208. الإرشاد 2: 181. إعلام الورى بأعلام الهدى 1: 518 ـ 519. المناقب لابن شهراشوب 3: 398. كشف الغمة 2: 380ـ381. -[ 234 ]- وبذلك صرحت نصوص أخر ففي حديث عبد الأعلى: "قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : المتوثب على هذا الأمر المدعي له ما الحجة عليه؟ قال: يسأل عن الحلال والحرام. قال: ثم أقبل علي، فقال: ثلاثة من الحجة لم تجتمع في أحد إلا كان صاحب هذا الأمر: أن يكون أولى الناس بمن كان قبله، ويكون عنده السلاح، ويكون صاحب الوصية الظاهرة، التي إذا قدمت المدينة سألت عنها العامة والصبيان: إلى من أوصى فلان؟ فيقولون: إلى فلان بن فلان" (1). وبذلك تكون الوصية المذكورة من جملة مؤيدات النص من الإمام على من بعده. 5 ـ حديث عبد الغفار بن القاسم عن الإمام الباقر (عليه السلام) في حديث قال: "قلت: إن كان من هذا كائن يا ابن رسول الله فإلى من بعدك؟ قال: إلى جعفر هذا سيد أولادي، وأبو الأئمة، صادق في قوله وفعله" (2). 6 ـ حديث محمد بن مسلم: "كنت عند أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) إذ دخل جعفر ابنه... إلى أن قال: ثم قال لي: يا محمد هذا إمامك بعدي، فاقتد به، واقتبس من علمه. والله إنه هو الصادق الذي وصفه لنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)..." (3). 7 ـ حديث ابن نافع قال: "قال أبو جعفر (عليه السلام) : إذا فقدتموني فاقتدوا هذا، فإنه الإمام والخليفة بعدي" (4). ـــــــــــــــــــــــ (1) الكافي 1: 284. بحار الأنوار 25: 138. الإمامة والتبصرة: 138. الخصال: 117. (2) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 5: 328. كفاية الأثر: 252. بحار الأنوار 36: 359. (3) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 5: 328. كفاية الأثر: 253 ـ 254. (4) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 5: 329. كفاية الأثر: 254. بحار الأنوار 47: 15.
-[ 235 ]- مجموع نصوص إمامة الإمام الصادق (عليه السلام)
هذا ما تيسر لنا عاجلاً ذكره من النصوص الخاصة الدالة على إمامة الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام). وربما يظهر ذكره في أحاديث أخر، فإذا أضيف إلى ما تقدم في الطائفة الرابعة المتضمنة للنص على الأئمة الاثني عشر (صلوات الله عليهم) جميعاً بأسمائهم تجاوزت النصوص عليه السبعين. ويضاف إلى ذلك مجموعتان من النصوص..
ما تضمن أن تكون الإمامة في الأعقاب المجموعة الأولى: ما أشرنا إليه آنفاً من الأحاديث المستفيضة عن الأئمة (صلوات الله عليهم) بأن الإمامة بعد الحسن والحسين (عليه السلام) تجري في الأعقاب من الوالد لولده، ولا تنتقل إلى أخ أو عم أو خال. إن قلت: إن الكثير من هذه الأحاديث قد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) والأئمة من أولاده (عليهم السلام)، ولا مجال للاستدلال بأقوالهم على إمامتهم. قلت.. أولاً: من المعلوم أن أقوالهم في مثل هذا الأمر التوقيفي لا تكون إلا بأخذهم له عن آبائهم (عليه السلام)، فتكون أقوالهم فيه بحكم أحاديثهم وروايتهم عن آبائهم (عليهم السلام)، وتضاف إلى بقية الأحاديث السابقة. وثانياً: أن الإمام الباقر (عليه السلام) قد ثبتت إمامته بمقتضى ما سبق، ولذا صح منا الاستدلال بالنص على إمامة ولده الإمام الصادق. وقد ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام) عدة من هذه الأحاديث، ففي حديث أبي حمزة عنه (عليه السلام) قال: "قال: يا أبا حمزة إن الأرض لن تخلو إلا وفيها عالم منا، فإن زاد الناس قال: قد زادوا، وإن نقصوا قال: قد نقصوا. ولن يخرج الله ذلك العالِم حتى يرى في ولده مَن يعْلَم مثل علْمه، أو ما شاء الله" (1). ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 25: 250 ـ 251. الغيبة للطوسي: 222 ـ 223. -[ 236 ]- وفي حديث أبي بصير عنه (عليه السلام) : "في قوله عزوجل: ((وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ)) إنها في الحسين (عليه السلام) ينتقل من ولد إلى ولد، ولا ترجع إلى أخ ولا عم" (1)، وقد يستفاد من غيرهما. وعلى ذلك لم يَظْهَر للإمام الصادق (عليه السلام) منازعٌ في الإمامة مِن اخوته، بل لم يظهر له منازع في دعوى النص حتى مِن غير إخوته، وإنما قالت الزيدية بإمامة عمه زيد، لدعوى أن الإمامة فيمَن خرج بالسيف من أهل البيت (عليهم السلام)، لا بالنص. ويظهر بطلان ذلك مما سبق.
ما تضمن أن سلاح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يكون إلا عند الإمام المجموعة الثانية: الأحاديث الكثيرة المتضمنة أنّ سلاح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يكون إلا عند الإمام (عليه السلام) والمهم هنا ما ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام) كحديث صفوان عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) : "قال: كان أبو جعفر (عليه السلام) يقول: [إنما مثل السلاح فينا مثل التابوت في بني إسرائيل، حيثما دار التابوت أُوتُوا النبوة. وحيثما دار السلاح فينا فثَمَّ الأمْر]، قلت: فيكون السلاح مزايلاً للعلم؟ قال: لا" (2). وفي حديث الحسن بن أبي سارة عن أبي جعفر (عليه السلام) : "قال: [السلاح فينا بمنزلة التابوت، إذا وُضِع التابوت على باب رجل من بني إسرائيل علمَ بنو إسرائيل أنه قد أُوتِي الملك. وكذلك السلاحُ حيثما دارت دارت الإمامة]" (3). وغيرهما مما ورد عنه وعمّن بعده من الأئمة (عليهم السلام) (4). ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 25: 253. علل الشرايع 1: 207. (2) الكافي 1: 238. بحار الأنوار 26: 219. (3) بحار الأنوار 26: 221. (4) راجع الكافي 1: 232 ـ 238، وبحار الأنوار 26: 201 ـ 222. -[ 237 ]- حيث تصلـح هذه الأحاديث لإثبات إمامة الإمام الصادق (عليه السلام) بضميمة الأحاديث الكثيرة المتضمنة أن سلاح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان عنده (عليه السلام) كحديث عبدالأعلى بن أعين قال: "سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: عندي سلاح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا أنازع فيه..." (1). وفي حديث سعيد السمان عنه (عليه السلام) أنه قال: "... وإن عندي لسيف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وإن عندي لراية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ودرعه ولامته ومغفره... وإن عندي لراية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المغلبة..." (2). ونحوهما غيرهما (3). ومن هنا تضاف هاتان المجموعتان من الأحاديث للأحاديث السابقة المتضمنة للنص على إمامة الإمام الصادق (صلوات الله عليه)، وتؤكده. وإن كانت الأحاديث السابقة وافية بالمطلوب، لكثرتها، ووضوح دلالتها.(بل،إنّ أحاديث السلاح تُضَاف للاستدلال على كلِّ إمام ممَّن ثبت أن عنده سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله). بل يبدو من جملة من الأحاديث أن شخصيته (عليه السلام) قد فرضت في المجتمع الإسلامي على أنه الشخص الوحيد الذي يمتلك الحق بالنص والوصية عند القائلين بهما. 1ـ فالمنصور الدوانيقي يقول: "إن جعفراً كان ممَّن قال الله فيه: ((ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا)) وكان ممّن اصطفاه الله، وكان مِن السابقين بالخيرات" (4). 2 ـ وقال المنصور لابن مهاجر - بعد أن نقل له الرجل كرامة للإمام ـــــــــــــــــــــــ (1) الكافي 1: 234. بصائر الدرجات: 204، 206. الإرشاد 2: 188. (2) الكافي 1: 232 ـ 233. الإرشاد 2: 187. بحار الأنوار 26: 201 ـ 202. كشف الغمة 2: 384 ـ 385. (3) الكافي 1: 232 ـ 237. بحار الأنوار 26: 201 ـ 222. (4) تاريخ اليعقوبي 2: 383. -[ 238 ]- الصادق (عليه السلام) -: "يا ابن مهاجر اعلم أنه ليس من أهل بيت النبوة إلا وفيه مُحدَّث، وإن جعفر بن محمد مُحدَّثنا اليوم" (1). وهناك تصريحات أخر يجدها المتتبع لا يسعنا استقصاؤها. | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: رد: (في رحاب العقيدة)للسيد الحكيم.مفصّل سهل التناول الأحد يوليو 22, 2012 6:09 pm | |
| نصوص إمامة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) 4 ـ الإمام أبو إبراهيم موسى بن جعفر الكاظم (صلوات الله عليه). وقد يُكنّى بأبي الحسن، أو أبي الحسن الأول، كما قد يُلقَّب بالعبد الصالـح. وقد ذُكر باسمه في أحاديث العمري ومعاذ بن كثير والكناني المتضمنة لكتاب الوصية لكل إمام بوظيفته التي يعمل عليها. وقد تقدمت في نصوص إمامة الإمامين الحسن والحسين (صلوات الله عليهم). كما ذكر (عليه السلام) في حديث حبابة الوالبية المتقدم في النصوص على إمامة الإمام زين العابدين (عليه السلام)، وحديث أبي هاشم الجعفري الآتي في النصوص على إمامة الإمام أبي محمد الحسن بن علي العسكري، المتضمنين طبْعَ الأئمة على الحصى.ويضاف لذلك نصوص كثيرة، وهي.. 1 ـ حديث أبي بصير المتضمن ولادة الإمام الكاظم (عليه السلام) مِن أمه حميدة، وفيه: "فقام أبو عبد الله فرحاً مسرورًا، فلم يلبث أن عاد إلينا، حاسراً عن ذراعيه، ضاحكاً سنه. فقلنا: أضحك الله سنك، وأقر عينك، ما صنعت حميدة؟ فقال: وهب الله لي غلامًا، وهو خير مَن بَرَأ الله. ولقد خَبَّرَتْنِي عنه بأمر كنت أعلم به منها. قلت: جعلت فداك، وما خبرتك عنه حميدة؟ قال: ذكرت أنه لما وقع ـــــــــــــــــــــــ (1) الكافي 1: 475، باب مولد جعفر بن محمد. -[ 239 ]- من بطنها وقع واضعاً يديه على الأرض رافعاً رأسه إلى السماء، فأخبرتها أن تلك أمارة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمارة الإمام مِن بعده... فدُونَكم، فهو والله صاحبكم مِن بعدي" (1). وقريب منه خبره الآخر (2). 2 ـ حديث المعلى بن خنيس عن الإمام الصادق (عليه السلام) : "قال: حميدة مصفاة من الأدناس كسبيكة الذهب. ما زالت الأملاك تحرسها حتى أُدِّيَت إليّ، كرامة من الله لي والحجة من بعدي" (3). 3 ـ حديث يزيد بن سليط قال: "لقينا أبا عبدالله (عليه السلام) في طريق مكة ونحن جماعة، فقلت له: بأبي أنت وأمي، أنتم الأئمة المطهرون، والموت لا يعرى منه أحد، فأحدث إليّ شيئاً ألقيه إلى من يخلفني، فقال لي: نعم هؤلاء ولدي، وهذا سيدهم - وأشار إلى ابنه موسى (عليه السلام) وفيه علم الحكم والفهم والسخاء والمعرفة بما يحتاج الناس إليه فيما اختلفوا فيه من أمر دينهم... يخرج الله تعالى منه غوث هذه الأمة وغياثها.... قال يزيد: ثم لقيت أبا الحسن - يعني موسى بن جعفر (عليه السلام) - بعد، فقلت له: بأبي أنت وأمي إني أريد أن تخبرني بمثل ما أخبر به أبوك... فضحك ثم قال: أخبرك يا أبا عمارة إني خرجت من منزلي فأوصيت في الظاهر إلى بَنِيَّ، وأشركتهم مع علي ابني، وأفردتُه بوصيتي في الباطن. ولقد رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في المنام وأمير المؤمنين (صلوات الله عليه) معه، ومعه خاتم وسيف... ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : والأمر يخرج إلى علي ابنك... ثم قال يا يزيد إني أؤخذ في هذه السنة وعلي ابني سميّ علي بن أبي طالب، ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 48: 2 ـ3. بصائر الدرجات: 461. (2) بحار الأنوار 48: 3 ـ 4. (3) الكافي 1: 477. بحار الأنوار 48: 6. المناقب لابن شهراشوب 1: 228. -[ 240 ]- وسمي علي بن الحسين (عليه السلام)، أعطي فهم الأول وعلمه ونصره ورداءه. وليس له أن يتكلم إلا بعد هارون بأربع سنين، فإذا مضت أربع سنين فسَلْه عما شئت يجبك إن شاء الله تعالى" (1). وهذا الحديث كما يتضمن نص الإمام الصادق (عليه السلام) على ولده الكاظم (عليه السلام) يتضمن نص الإمام الكاظم (عليه السلام) على ولده الإمام الرضا (عليه السلام) بل هو يتضمن أن غوث هذه الأمة - وهو الإمام المهدي الثاني عشر مِن الأئمة وخاتمهم مِن ذرية الإمام الكاظم (عليه السلام)- فيؤكد ما تضمنته الأحاديث الكثيرة التي أشرنا إليها آنفاً من بقاء الإمامة بعد الحسن والحسين (عليهم السلام) في الأعقاب، وأنها تنتقل من الإمام إلى ولده، لا إلى أخيه وعمه. 4 ـ ومثله في الأمْرَين حديث إبراهيم الكرخي: "دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام)، فإني لجالس عنده إذ دخل أبو الحسن موسى بن جعفر، وهو غلام، فقمت إليه فقبلته، وجلست. فقال أبو عبدالله (عليه السلام) : يا إبراهيم أما إنه صاحبك من بعدي... أما ليخرجن الله من صلبه خيرَ أهل الأرض في زمانه، سميّ جده ووارث علمه وأحكامه وفضائله معدن الإمامة، ورأس الحكمة، يقتله جبار بني فلان بعد عجائب طريفة، حسداً له. ولكن الله بالغ أمره ولو كره المشركون. يخرج من صلبه تمام اثني عشر مهدياً اختصهم الله بكرامته، وأحلهم دار قدسه، المقر بالثاني عشر منهم كالشاهر سيفه بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يذب عنه..." (2). 5 ـ ومثله في النص على الإمام الرضا أيضاً حديث نصر بن قابوس. قال: "قلت لأبي إبراهيم موسى بن جعفر (عليهم السلام) إني سألت أباك (عليه السلام) : مَن ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 48: 12 ـ 14. الإمامة والتبصرة: 77 ـ 81. (2) بحار الأنوار 48: 15 ـ 16. كمال الدين وتمام النعمة: 334. الغيبة للنعماني: 90 ـ 91. إعلام الورى بأعلام الهدى 2: 235. -[ 241 ]- الذي يكون بعدك؟ فأخبرني أنك أنت هو. فلما توفي أبو عبدالله (عليه السلام) ذهب الناس يميناً وشمالاً، وقلت أنا وأصحابي بك، فأخبرني مَن الذي يكون بعدك؟ قال: ابني علي (عليه السلام) ـ" (1). 6 ـ وحديث داود بن كثير: "قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : جعلت فداك، وقدمني للموت قبلك، إنْ كان كوْنٌ فإلى مَن؟ قال: إلى ابني موسى. فكان ذلك الكون، فوالله ما شككت في موسى (عليه السلام) طرفة عين قط. ثم مكثت نحواً من ثلاثين سنة، ثم أتيت أبا الحسن موسى (عليه السلام)، فقلت له: جعلت فداك، إنْ كان كوْنٌ فإلى مَن؟ قال: فإلى علي ابني. قال: فكان ذلك الكون، فوالله ما شككت في علي (عليه السلام) طرفة عين قط" (2). ونحوه باختصار حديثه الآخر (3). 7 ـ ومثله في بيان أن المهدي من صلب الإمام الكاظم (عليه السلام) حديث عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: "قلت له: إنْ كان كوْنٌ - ولا أراني الله ذلك - فبمَن أءتَمّ؟ قال: فأومأ إلى ابنه موسى (عليه السلام). قلت: فإن حدث بموسى حدث فبمَن أءتم؟ قال: بولده. قلت: فإن حدث بولده حدث، وترك أخاً كبيراً وابناً صغيراً فبمَن أءتم؟ قال: بولده، ثم قال: هكذا أبدًا..." (4). 8 ـ وحديث المفضل بن عمر: "دخلت على سيدي جعفر بن محمد (عليهم السلام) فقلت: يا سيدي لو عهدت إلينا في الخلف من بعدك. فقال لي: يا مفضل الإمام من بعدي ابني موسى. والخلف المأمول المنتظر محمد بن ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 48: 23 ـ 24. عيون أخبار الرضا 2: 39 ـ 40. الإرشاد 2: 251. الغيبة للطوسي: 38. (2) بحار الأنوار 48: 14. عيون أخبار الرضا 2: 33. (3) الكافي 1: 312. (4) الكافي 1: 309، واللفظ له. بحار الأنوار 48: 16. الإرشاد 2: 218. كشف الغمة 3: 11. -[ 242 ]- الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى" (1). 9 ـ حديث الفيض بن المختار: "قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : خذ بيدي مِن النار، مَن لنا بعدك؟ فدخل عليه أبوإبراهيم (عليه السلام)،وهو يومئذٍ غلام،فقال: هذا صاحبكم، فتمسَّك به" (2). 10 ـ حديث معاذ بن كثير عن الإمام الصادق (عليه السلام) : "قلت له: أسأل الله الذي رزق أباك منك هذه المنزلة أن يرزقك مِن عَقِبِك قبل الممات مثله، فقال: قد فعل الله ذلك. قال: قلت: من هو جعلت فداك؟ فأشار إلى العبد الصالـح، وهو راقد، فقال: هذا الراقد، وهو غلام" (3). 11 ـ حديث إسحاق بن جعفر قال: "كنت عند أبي يومًا، فسأله علي ابن عمر بن علي، فقال: جعلت فداك إلى من نفزع ويفزع الناس بعدك؟ فقال: إلى صاحب الثوبين الأصفرين والغديرتين - يعني: الذؤابتين - وهو الطالع عليك من هذا الباب، يفتح البابين بيده جميعًا. فما لبثنا أن طلعت علينا كفان آخذة بالبابين، ففتحهما، ثم دخل علينا أبو إبراهيم" (4). ـــــــــــــــــــــــ (1) كمال الدين وتمام النعمة: 334، واللفظ له. بحار الأنوار 48: 15. واقتصر على صدره في إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 5: 479. (2) الكافي 1: 307. ولايبعد أن يكون هذا الحديث ذيل الحديث الطويل الآتي المتضمن لكتاب الوصية وانتقاله من الأئمة (صلوات الله عليهم) واحداً بعد واحد، وقد تقدمت الإشارة إليه في النصوص الدالة على إمامة الحسن والحسين (صلوات الله عليهم) وقد رواه الكليني بسند آخر غير سند الحديث الطويل. وليس هو حديثاً آخر غيره. وروي في روضة الواعظين: 213، والإرشاد 2: 217، وبحار الأنوار 48: 18، وإعلام الورى بأعلام الهدى 2: 10، وكشف الغمة 3: 11. (3) الكافي 1: 308. روضة الواعظين: 213. الإرشاد 2: 217. بحار الأنوار 48: 17. إعلام الورى بأعلام الهدى 2: 9. كشف الغمة 3: 10. (4) الكافي 1: 308، واللفظ له. بحار الأنوار 48: 20. الإرشاد 2: 220. إعلام الورى بأعلام الهدى 2: 14. كشف الغمة 3: 12. -[ 243 ]- 12 ـ حديث صفوان الجمال عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: "قال له منصور بن حازم: بأبي أنت وأمي إن الأنفس يغدا عليها ويراح، فإذا كان ذلك فمَن؟ فقال أبو عبدالله (عليه السلام) : إذا كان ذلك فهو صاحبكم، وضرب بيده على منكب أبي الحسن (عليه السلام) - الأيمن فيما أعلم - وهو يومئذٍ خماسي، وعبد الله بن جعفر جالس معنا" (1). 13 ـ حديث المفضل بن عمر قال: "ذكر أبو عبدالله (عليه السلام) أبا الحسن (عليه السلام) - وهو يومئذٍ غلام - فقال: هذا المولود الذي لم يولد فينا مولود أعظم بركة على شيعتنا منه. ثم قال لي: لا تجفوا إسماعيل" (2). ومن الظاهر أن هذا كناية عن الإمامة إذ لا يمكن أن يكون غير الإمام أعظم بركة منه. ولا سيما مع قوله (عليه السلام) : "لا تجفوا إسماعيل" حيث كان هو الأكبر، ومِن الطبيعي أن تتوجه له توقعات الشيعة، فيعظمونه ويكرمونه، فأراد (عليه السلام) أن ينبههم إلى أن عدم صدق توقعاتهم في إمامته لا يقتضي إعراضَهم عنه وجفاءَهم له. 14 ـ حديثه الآخر: "كنت عند أبي عبدالله (عليه السلام) فدخل أبو إبراهيم (عليه السلام)، وهو غلام، فقال: استوصِ به، وضع أمره عند مَن تثق به مِن أصحابك" (3). 15 ـ حديث يعقوب السراج: "دخلت على أبي عبدالله وهو واقف على رأس أبي الحسن موسى، وهو في المهد، فجعل يسارّه طويلاً، فجلست حتى فرغ، فقمت إليه، فقال لي: ادن من مولاك فسلم، فدنوت، فسلمت عليه، فرد عليّ السلام بلسان فصيح ثم قال لي: اذهب فغيِّر اسم ابنتك التي ـــــــــــــــــــــــ (1) الكافي 1: 309. الإرشاد 2: 218. بحار الأنوار 48: 18. كشف الغمة 3: 11. (2) الكافي 1: 309. (3) الكافي 1: 308، واللفظ له. بحار الأنوار 48: 17. الإرشاد 2: 216 ـ 217. إعلام الورى بأعلام الهدى 2: 10. كشف الغمة 3: 10. -[ 244 ]- سمّيتها أمس... فقال أبو عبدالله (عليه السلام) : انته إلى أمره ترشد..." (1). 16 ـ حديث سليمان بن خالد قال: "دعا أبو عبد الله (عليه السلام) أبا الحسن (عليه السلام) يوماً ونحن عنده فقال لنا: عليكم بهذا، فهو والله صاحبكم بعدي" (2). 17 ـ حديث صفوان الجمال قال: "سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن صاحب هذا الأمر، فقال: إن صاحب هذا الأمر لا يلهو ولا يلعب. وأقبل أبو الحسن موسى، وهو صغير، ومعه عناق مكية، وهو يقول لها: اسجدي لربك، فأخذه أبو عبد الله (عليه السلام) وضمَّه إليه، وقال: بأبي وأمي من لا يلهو ولا يلعب" (3). 18 ـ حديث فيض بن المختار قال: "إني لعند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ أقبل أبو الحسن موسى (عليه السلام) وهو غلام، فالتزمته وقبلته، فقال أبو عبد الله (عليه السلام) : أنتم السفينة، وهذا ملاحها. قال: فحججت من قابل، ومعي ألفا دينار، فبعثت بألف إلى أبي عبدالله (عليه السلام)، وألف إليه. فلما دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) قال: يا فيض عدلته بي؟ قلت: إنما فعلت ذلك لقولك. فقال: أما والله ما أنا فعلت ذلك، بل الله عزوجل فعله به" (4). 19 ـ حديث علي بن جعفر قال: "سمعت أبي جعفر بن محمد (عليهم السلام) يقول لجماعة من خاصته وأصحابه: استوصوا بموسى ابني خيرًا، فإنه أفضل ولدي، ومَن أخلف من بعدي، وهو القائم مقامي، والحجة لله عزوجل على كافة خلقه مِن بعدي" (5). ـــــــــــــــــــــــ (1) الكافي 1: 310، واللفظ له. بحار الأنوار 48: 19. الإرشاد 2: 219. الثاقب في المناقب: 433. المناقب لابن شهراشوب 3: 407. إعلام الورى بأعلام الهدى 2: 14. كشف الغمة 3: 12. (2) الكافي 1: 310، واللفظ له. بحار الأنوار 48: 19. الإرشاد 2: 219. إعلام الورى بأعلام الهدى 2: 12. (3) الكافي 1: 311، واللفظ له. بحار الأنوار 48: 19. المناقب لابن شهراشوب 3: 432. (4) الكافي 1: 311. (5) بحار الأنوار 48: 20، واللفظ له. إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 5: 485 ـ 486. مسائل علي بن جعفر: 18. الإرشاد 2: 220. إعلام الورى بأعلام الهدى 2: 14 ـ 15. كشف الغمة 3: 13. -[ 245 ]- 20 ـ حديث زرارة بن أعين أنه دخل على الإمام الصادق (عليه السلام) وقد تُوُفِّي ابنه إسماعيل، وعن يمينه الإمام موسى الكاظم (عليه السلام)، فاستشهد جماعةً من أصحابه على وفاة إسماعيل، وكرَّروا إقرارهم بوفاته مرة بعد أخرى، حتى وُضِع في قبره. وقال زرارة: "فقال(الإمام الصادق): اللهم اشهد، واشهدوا، فإنه سيرتاب المبطلون، يريدون إطفاء نور الله بأفواههم - ثم أومأ إلى موسى - والله متم نوره ولو كره المشركون. ثم حثوا عليه التراب، ثم أعاد علينا القول، فقال: الميت المكفن المحنط المدفون في هذا اللحد من هو؟ قلنا: إسماعيل. قال: اللهم اشهد، ثم أخذ بيد موسى (عليه السلام)، وقال: هو حق، والحق معه ومنه، إلى أن يرث الله الأرض ومَن عليها" (1). 21 ـ حديث الوليد بن صبيح عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنه قال له: "إن عبدالجليل حدثني بأنك أوصيت إلى إسماعيل في حياته قبل موته بثلاث سنين، فقال: يا وليد، لا والله. فإن كنت فعلت فإلى فلان. يعني أبا الحسن موسى (عليه السلام)، وسماه" (2). 22 ـ حديث حماد الصائغ: "سمعت المفضل بن عمر يسأل أبا عبد الله (عليه السلام)... ثم طلع أبو الحسن موسى (عليه السلام)، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام) : يسرك أن تنظر إلى صاحب كتاب علي، فقال له المفضل: وأي شيء يسرني إذاً أعظم من ذلك؟ فقال: هو ذا صاحب كتاب علي، الكتاب المكنون، الذي قال الله عزوجل: ((لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ))" (3). ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 48: 21. المناقب لابن شهراشوب 1: 229. (2) بحار الأنوار 48: 22. الغيبة للنعماني: 326. (3) بحار الأنوار 48: 22 ـ 23. الغيبة للنعماني: 326 ـ327. -[ 246 ]- 23 ـ حديث إسحاق: "دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فسألته عن صاحب الأمر من بعده، فقال لي: صاحب البهمة، وكان موسى (عليه السلام) في ناحية الدار صبي، ومعه عناق مكية، وهو يقول لها: اسجدي لله الذي خلقك" (1). 24 ـ حديث سلمة بن محرز قال: "قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : إن رجلاً من العجلية قال لي: كم عسى أن يبقى لكم هذا الشيخ؟ إنما هو سنة أو سنتين (كذا في المصدر) حتى يهلك، ثم تصيرون ليس لكم أحد تنظرون إليه. فقال أبو عبد الله (عليه السلام) : ألا قلتَ له: هذا موسى بن جعفر قد أدرك ما يدرك الرجال، وقد اشترينا له جارية تباح له، فكأنك به إن شاء الله وقد ولد له فقيه خلف" (2). 25 ـ حديث عيسى شلقان قال: "دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) وأنا أريد أن أسأله عن أبي الخطاب، فقال لي مبتدئاً قبل أن اجلس: يا عيسى، ما منعك أن تلقى ابني فتسأله عن جميع ما تريد؟ قال عيسى: فذهبت إلى العبد الصالـح (عليه السلام)... فقال لي مبتدئاً: يا عيسى إن الله تبارك وتعالى أخذ ميثاق النبيين على النبوة... وأعار قوماً الإيمان، ثم يسلبهم إياه، وإن أبا الخطاب ممن أعير الإيمان ثم سلبه الله تعالى. فضممته إليّ، وقبلت بين عينيه، ثم قلت: بأبي أنت وأمي ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم. ثم رجعت إلى أبي عبد الله (عليه السلام) فقال لي: ما صنعت يا عيسى؟ قلت له: بأبي أنت وأمي أتيته، فأخبرني مبتدئاً من غير أن أسأله عن جميع ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 48: 23، واللفظ له. إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 5: 481 ـ 482. الغيبة للنعماني: 327. (2) بحار الأنوار 48: 23. عيون أخبار الرضا 2: 38. -[ 247 ]- ما أردت أن أسأله عنه، فعلمت والله عند ذلك أنه صاحب هذا الأمر. فقال: يا عيسى، إن ابني هذا الذي رأيت لو سألته عما بين دفتي المصحف لأجابك فيه بعِلْم..." (1). 26 ـ حديث مسمع كردين عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: "دخلت عليه وعنده إسماعيل. قال: ونحن إذ ذاك نأتم به بعد أبيه..." وذكر في حديث طويل أنه سمع رجل من الإمام الصادق (عليه السلام) خلاف ذلك، وأن ذلك الرجل أتى رجلين من أهل الكوفة كانا يقولان ذلك في إسماعيل، فأخبرهما بما سمعه من الإمام الصادق (عليه السلام)، فقبل أحد الرجلين ذلك، وأراد الآخر أن يسمع ذلك من الإمام الصادق (عليه السلام) نفسه، فلما دخل عليه قال الإمام (عليه السلام) له: "...إن الذي أخبرك به فلان الحق. قال: جعلت فداك إني اشتهي أن أسمعه منك، قال: إن فلاناً إمامك وصاحبك من بعدي - يعني: أبا الحسن (عليه السلام) - فلا يدعيها فيما بيني وبينه إلا كالب [كاذب.ظ] مُفْتَرٍ..." (2). 27 ـ حديث أبي بصير عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: "سألته وطلبت وقضيت إليه أن يجعل هذا الأمر إلى إسماعيل، فأبى الله إلا أن يجعله لأبي الحسن موسى (عليه السلام) ـ" (3). 28 ـ وروي نحوه باختلاف يسير عن علي بن أبي حمزة عنه (عليه السلام) ـ (4). 29، 30 ـ وقريب منه في ذلك حديثان لزيد النرسي عنه (عليه السلام) ـ (5). ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 48: 24. قرب الإسناد: 334 ـ 335. الخرائج والجرائح 2: 653. (2) بحار الأنوار 48: 24 ـ 25. بصائر الدرجات: 359 ـ 360. (3) بحار الأنوار 48: 25. بصائر الدرجات: 492. (4) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 5: 484 ـ 485. (5) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 5: 493. بحار الأنوار 47: 269. -[ 248 ]- 31 ـ حديث فيض بن المختار الطويل عن الإمام الصادق (عليه السلام) وقد سأله فيه عمّن يأتم به بعده، وكان قد دخل عليه الإمام موسى (عليه السلام) وهو ابن خمس سنين. وفيه: "فقال أبو عبدالله (عليه السلام) يا فيض إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أُفْضِيَت إليه صحف إبراهيم وموسى (عليهم السلام)، فاءتمن عليها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليًّا، واءتمن عليها علي (عليه السلام) الحسن (عليه السلام)، واءتمن عليها الحسن (عليه السلام) الحسين (عليه السلام)، واءتمن عليها الحسين (عليه السلام) علي بن الحسين (عليه السلام)، واءتمن عليها علي بن الحسين (عليه السلام) محمد بن علي (عليه السلام)، واءتمنني عليها أبي، فكانت عندي. ولقد ائتمنت عليها ابني هذا على حداثته، وهي عنده. فعرفت ما أراد. فقلت له: جعلت فداك زدني. قال: يا فيض إن أبي كان إذا أراد أن لا ترد له دعوة أقعدني على يمينه، فدعا وأمنت، فلا ترد له دعوة، وكذلك أصنع بابني هذا... فقلت له: يا سيدي زدني. قال: يا فيض إن أبي إذا كان سافر وأنا معه، فنعس وهو على راحلته، أدنيت راحلتي من راحلته، فوسدته ذراعي الميل والميلين حتى يقضي وطره من النوم. وكذلك يصنع بي ابني هذا. قال: قلت جعلت فداك، زدني. قال: إني لأجد بابني هذا ما كان يجد يعقوب بيوسف. قلت: يا سيدي زدني. قال: هو صاحبك الذي سألت عنه، فأقر له بحقه، فقمت حتى قبلت رأسه، ودعوت الله له" (1). 32 ـ حديث عبد الله بن الفضل الهاشمي، قال: "كنت عند أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) فدخل عليه رجل من أهل طوس، فقال له: يابن رسول الله، ما لمن زار قبر أبي عبد الله الحسين بن علي (عليه السلام)؟ فقال له: يا طوسي، من زار قبر أبي عبد الله الحسين بن علي (عليه السلام) وهو يعلم أنه إمام من الله مفترض الطاعة على العباد، غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 48: 26 ـ 27. الغيبة للنعماني: 324 ـ 326. اختيار معرفة الرجال 2: 643ـ644. -[ 249 ]- وقبل شفاعته في سبعين مذنب، ولم يُسأل الله عزوجل عند قبره حاجة إلا قضاها له. قال: فدخل موسى ابن جعفر (عليه السلام)، فأجلسه على فخذه، وأقبل يقبل ما بين عينيه، ثم التفت إليه، فقال له: يا طوسي، إنه الإمام والخليفة والحجة بعدي، وإنه سيخرج من صلبه رجل يكون رضا الله عزوجل في سمائه، ولعباده في أرضه، يقتل في أرضكم بالسم ظلماً وعدوانًا، ويدفن بها غريبًا، ألا فمن زاره في غربته، وهو يعلم أنه إمام بعد أبيه مفترض الطاعة من الله عزوجل، كان كمن زار رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) " (1). 33 ـ حديث هارون بن خارجة، قال: "قال لي هارون بن سعد البلخي: قد مات إسماعيل الذي كنتم تمدون إليه أعناقكم، وجعفر شيخ كبير، يموت غداً أو بعد غد، فتبقون بلا إمام، فلم أدر ما أقول له. فأخبرت أبا عبد الله (عليه السلام) بمقالته. فقال: هيهات هيهات! أبى الله. والله لا ينقطع هذا الأمر حتى ينقطع الليل والنهار. فإذا رأيته فقل له: هذا موسى بن جعفر يكبر فيزوجه، فيولد له، فيكون خلفاً إن شاء الله" (2). 34 ـ حديث ابن أبي يعفور قال: "كنت عند الصادق (عليه السلام) إذ دخل موسى، فجلس، فقال أبو عبد الله (عليه السلام) : يا ابن أبي يعفور هذا خير ولدي وأحبهم إليّ..." (3). 35 ـ ويأتي في نصوص إمامة الإمام الرضا (عليه السلام) حديث حمزة بن حمران عن الإمام الصادق (عليه السلام) يتضمن النص منه (عليه السلام) على إمامة الإمام ـــــــــــــــــــــــ (1) الأمالي للصدوق: 684، واللفظ له. تهذيب الأحكام 6: 108. بحار الأنوار 99: 42ـ43. (2) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 5: 479. كمال الدين وتمام النعمة: 657. الغيبة للطوسي: 41 ـ42. بحار الأنوار 49: 26. (3) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 5: 491. بحار الأنوار 48: 268. اختيار معرفة الرجال 2: 762. -[ 250 ]- الرضا (عليه السلام). ومن المعلوم انتقال الإمامة للإمام الرضا (عليه السلام) من أبيه الإمام الكاظم (عليه السلام).
مجموع نصوص إمامة الإمام الكاظم (عليه السلام) هذا ما تيسر لنا عاجلاً ذكره من النصوص الخاصة الدالة على إمامة الإمام أبي إبراهيم موسى بن جعفر الكاظم (صلوات الله عليه). وإذا أضيفت إلى ما تقدم في الطائفة الرابعة - المتضمنة للنص على الأئمة الاثني عشر (صلوات الله عليهم جميع) بأسمائهم - زادت النصوص عليه على مائة حديث. هذا مضافاً إلى المجموعتين من النصوص اللتين تقدم التعرض لهما في الكلام في نصوص إمامة الإمام الصادق (عليه السلام).
ما تضمن أن الإمامة تجري في الأعقاب
الأولى: النصوص الكثيرة المتضمنة أن الإمامة بعد الحسن والحسين (صلوات الله عليهم) تجري في الأعقاب من الوالد لولده، ولا تنتقل إلى أخ ولا عم ولا خال. وقد ورد كثير من هذه النصوص عن الإمامين الباقر والصادق (صلوات الله عليهم) اللذين ثبتت إمامتهما بالنصوص السابقة. حيث لم يَدَّعِ أحد الإمامة بعد الإمام الصادق (عليه السلام) لأحدٍ من أولاده غير الإمام الكاظم إلا إسماعيل، وعبد الله الأفطح. إلا أنه يبطل إمامة إسماعيل موته في حياة أبيه الإمام الصادق (عليه السلام)، ولا إمامة له في حياة أبيه (عليه السلام)، لتنتقل في عقبه. بل صرح بعدم إمامته في كثير من النصوص، وقد تقدم بعضها. مع أن القائلين بإمامته يزيدون في عدد الأئمة على الاثني عشر، فيبطل قولهم الأحاديث الكثيرة التي رواها الشيعة والجمهور، والتي تزيد على التواتر. وقد تقدمت الإشارة إليه. -[ 251 ]- وأما عبد الله الأفطح فيبطل إمامته أن لا قائل بالإمامة في عقبه، بل مَن قال بإمامته إما أن يتوقف بالإمامة عنده، أو ينتقل بالإمامة منه إلى أخيه الإمام الكاظم (عليه السلام). ويُبْطِل الأولَ النصوصُ المشار إليها، المتضمنة أن الأئمة اثنا عشر، على اختلاف ألسنتها. كما يُبْطِل الثاني أمورٌ.. 1 ـ نصوص جريان الإمامة في الأعقاب، وأنها لا تنتقل إلى الأخ والعم والخال. 2 ـ أن من بعده من الأئمة (عليهم السلام) مُجْمِعُون على بطلان إمامته، كما يشهد بذلك النصوص الواردة عنهم في تعداد الأئمة (عليهم السلام)، وإجماع شيعتهم. 3 ـ أنه لو كان إماماً متوسطاً بين أبيه وأخيه (عليهم السلام) لزم كون الإمام الثاني عشر هو الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، وهو باطل قطعًا.. أولاً: للإجماع والنصوص الكثيرة التي رواها الشيعة والجمهور المتضمنة أن الإمام الثاني عشر اسمه اسم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). وكذا النصوص الكثيرة الدالة على أن المهدي اسمه اسم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). وثانياً: لأنه (عليه السلام) قد توفي، فيلزم خلو الأرض عن الإمام، وهو ممتنع بمقتضى النصوص الكثيرة التي أشرنا إليها في جواب السؤال الرابع من الأسئلة السابقة، وغيره. 4 ـ أن هذه الطائفة قد انقرضت، ولم يبق لها جماعة ظاهرة تحمل دعوتها، ويأتي إن شاء الله تعالى عند الكلام في القرائن العاضدة للنصوص في الإمامة أنَّ ذلك شاهد ببطلان الدعوة. وبذلك يتعين انتقال الإمامة من الإمام الصادق (عليه السلام) إلى الإمام الكاظم (عليه السلام) رأساً مِن دون توسط عبد الله في البين. -[ 252 ]- ما تضمن أن سلاح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يكون إلا عند الإمام الثانية: الأحاديث الكثيرة المشار إليها آنفاً الواردة عن الإمامين الباقر والصادق (عليه السلام) المتضمنة أن سلاح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يكون إلا عند الإمام بضميمة ما تضمن أنه كان عند الإمام الكاظم (عليه السلام)، كحديث محمد بن حكيم عن أبي إبراهيم (عليه السلام) : "قال: السلاح موضوع عندنا مدفوع عنه..." (1)، ونحوه ما يأتي مما تضمن أنه كان عند الإمام الرضا (عليه السلام)،لظهور أنه إنما وصل إليه من أبيه (عليه السلام)، لعهد أبيه (عليه السلام) له بالإمامة. والحمد لله رب العالمين. | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: رد: (في رحاب العقيدة)للسيد الحكيم.مفصّل سهل التناول الثلاثاء يوليو 24, 2012 7:23 am | |
| نصوص إمامة الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) 5 ـ الإمام أبو الحسن علي بن موسى الرضا (صلوات الله عليه). وقد تضمنت النصَّ عليه أحاديثُ يزيد بن سليط وإبراهيم الكرخي ونصر بن قابوس وداود بن كثير وعبد الله بن الفضل الهاشمي المتقدمة في النصوص على إمامة أبيه الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام). كما أنّ الإمام الرضا (عليه السلام) مذكور في حديث حبابة الوالبية المتقدم في النصوص على إمامة جده الإمام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام)، وحديث أبي هاشم الجعفري الآتي في النصوص على إمامة الإمام الحسن ابن علي العسكري (عليه السلام)، المتضمنين طبْع الإمام على الحصى. ويضاف لذلك نصوص كثيرة، وهي.. 1 ـ حديث نجمة أم الرضا (عليه السلام) قالت: "لما حملت بابني علي لم أشعر بثقل الحمل، وكنت أسمع في منامي تسبيحاً وتهليلاً وتمجيداً من بطني، ـــــــــــــــــــــــ (1) الكافي 1: 235. بصائر الدرجات: 201. -[ 253 ]- فيفزعني ذلك ويهولني، فإذا انتبهت لم أسمع شيئًا، فلما وضعته وقع على الأرض، واضعاً يده على الأرض، رافعاً رأسه إلى السماء يحرك شفتيه كأنه يتكلم، فدخل إليّ أبوه موسى بن جعفر (عليه السلام)، فقال لي: هنيئاً يا نجمة كرامة ربك، فناولته إياه في خرقة بيضاء، فأذن في إذنه اليمنى، وأقام في اليسرى، ودعا بماء الفرات فحنكه به، ثم رده إليّ، وقال: خذيه، فإنه بقية الله تعالى في أرضه" (1). 2 ـ حديث محمد بن سنان، قال: "دخلت على أبي الحسن موسى (عليه السلام) من قبل أن يقدم العراق بسنة، وعلي ابنه جالس بين يديه... قال: مَن ظلم ابني هذا حقه، وجحد إمامتَه مِن بعدي كان كمَنْ ظلم علي ابن أبي طالب حقه، وجحد إمامته بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). قال: قلت: والله لئن مد الله لي في العمر لأسلمن له حقه، ولأقرنّ له بإمامته. قال: صدقت يا محمد. يمد الله في عمرك، وتسلم له حقه، وتقر له بإمامته، وإمامة من يكون من بعده، قال: قلت: ومن ذاك؟ قال: محمد ابنه. قال: قلت: له الرضا والتسليم" (2). وهو نص في إمامة الإمام أبي جعفر محمد بن علي الجواد (عليه السلام) أيضًا. 3 ـ حديث الحسين بن نعيم الصحاف قال: "كنت أنا وهشام بن الحكم وعلي بن يقطين ببغداد. فقال علي بن يقطين: كنت عند العبد الصالـح جالسًا، فدخل عليه ابنه علي، فقال لي: يا علي بن يقطين، هذا علي سيد ولدي. أما إني قد نحلته كنيتي. فضرب هشام بن الحكم براحته جبهته، ثم قال: ويحك كيف قلت؟ فقال علي بن يقطين: سمعت والله منه كما قلت. فقال هشام: أخبرك أنَّ الأمر فيه مِن بعده" (3). ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 49: 9. عيون أخبار الرضا 2: 29 ـ 30. كشف الغمة 3: 90. (2) الكافي 1: 319، واللفظ له. بحار الأنوار 49: 21. الإرشاد 2: 253. الغيبة للطوسي: 32 ـ33. كشف الغمة 3: 65 ـ66. (3) الكافي 1: 311، واللفظ له. بحار الأنوار 49: 13. عيون أخبار الرضا 2: 32. كفاية الأثر: 271. -[ 254 ]- وفي حديث لعلي بن يقطين ذكر فيه كلمة الإمام الكاظم (عليه السلام) المذكورة في ولده الرضا، إلا أن فيه: "قال: فضرب هشام - يعني ابن سالم - يده على جبهته فقال: إنا لله. نعى والله إليك نفسه" (1). وروي ذلك عن علي بن يقطين بألفاظ متقاربة (2). 4 ـ حديث علي بن يقطين الآخر عن الإمام الكاظم (عليه السلام) قال: "كتب إليّ من الحبس: إن فلاناً ابني سيد ولدي، وقد نحلته كنيتي" (3). وعلي بن يقطين وإن لم يصرح باسم الإمام الرضا (عليه السلام) إلا أن مِن المعلوم أنّ الإمام الكاظم (عليه السلام) لم ينص على غيره، بل غاية ما قيل - كما يأتي - أنه (عليه السلام) لم ينص على أحد بالإمامة، لأنه القائم الغائب. كما أنّ من المعلوم عن علي بن يقطين أنه لم يتولَّ أحداً من ولد الإمام الكاظم (عليه السلام) غير الإمام الرضا (عليه السلام). على أنَّ إيراد علمائنا الحديث في باب إمامة الإمام الرضا (عليه السلام) دال على أنهم فهموا مِن علي بن يقطين ذلك. 5 ـ حديث نعيم القابوسي عن الإمام الكاظم (عليه السلام) أنه قال: "إن ابني علياً أكبر ولدي، وأبرّهم عندي، وأحبهم إليّ، وهو ينظر معي في الجفر، ولم ينظر فيه إلا نبي، أو وصي نبي" (4). 6 ـ حديث داود الرقي، قال: "قلت لأبي إبراهيم (عليه السلام) : جعلت فداك، إني قد كبر سني فخذ بيدي من النار. قال: فأشار إلى ابنه أبي ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 49: 13. عيون أخبار الرضا 2: 31. كشف الغمة 3: 91. (2) بحار الأنوار 49: 23. (3) الكافي 1: 313. (4) الكافي 1: 311 ـ 312، واللفظ له. بحار الأنوار 49: 20. الإرشاد 2: 249 ـ 250. الغيبة للطوسي: 36. المناقب لابن شهراشوب 3: 476. إعلام الورى بأعلام الهدى 2: 44. كشف الغمة 3: 64. -[ 255 ]- الحسن (عليه السلام) فقال: هذا صاحبكم من بعدي" (1)، ونحوه حديثه الآخر (2). 7 ـ حديث محمد بن إسحاق بن عمار قال: "قلت لأبي الحسن الأول (عليه السلام) : ألا تدلني إلى مَن آخذ عنه دِيني؟ فقال: هذا ابني علي..." (3). 8 ـ حديث زياد بن مروان القندي - وكان من الواقفة، الذين قالوا بغيبة الإمام الكاظم (عليه السلام) وأنه لم يمت، بل هو القائم المنتظر - قال: "دخلت على أبي إبراهيم، وعنده ابنه أبو الحسن (عليه السلام) فقال لي: يا زياد، هذا ابني فلان كتابه كتابي، وكلامه كلامي، ورسوله رسولي، وما قال فالقول قوله" (4). 9 ـ حديث المخزومي - وكانت أمه من ولد جعفر بن أبي طالب (عليه السلام) - قال: "بعث إلينا أبو الحسن موسى (عليه السلام)، فجمعنا، ثم قال لنا: أتدرون لِمَ دعوتكم؟ فقلنا: لا. فقال: اشهدوا أن ابني هذا وصيي، والقيّم بأمري، وخليفتي من بعدي. من كان له عندي دين فليأخذه من ابني هذا، ومن كان له عندي عدة فلينجزها منه، ومن لم يكن له بد من لقائي فلا يلقني إلا بكتابه" (5). 10 ـ حديث داود بن سليمان، قال: "قلت لأبي إبراهيم (عليه السلام) : إني أخاف أن يحدث حدث ولا ألقاك، فأخبرني مَن الإمام بعدك؟ فقال: ابني ـــــــــــــــــــــــ (1) الكافي 1: 312. الإرشاد 2: 248. الغيبة للطوسي: 34. إعلام الورى بأعلام الهدى 2: 44. كشف الغمة 3: 63. بحار الأنوار 49: 23 ـ 24. (2) بحار الأنوار 49: 15. (3) الكافي 1: 312، واللفظ له. بحار الأنوار 49: 24. الإرشاد 2: 248 ـ 249. الغيبة للطوسي: 34 ـ 35. إعلام الورى بأعلام الهدى 2: 44 ـ 45. (4) الكافي 1: 312، واللفظ له. بحار الأنوار 49: 19. عيون أخبار الرضا 2: 39. روضة الواعظين: 222. الإرشاد 2: 250. الغيبة للطوسي: 37. إعلام الورى بأعلام الهدى 2: 45. كشف الغمة 3: 64. (5) الكافي 1: 312، واللفظ له. بحار الأنوار 49: 16. إعلام الورى بأعلام الهدى 2: 45. -[ 256 ]- فلان. يعني: أبا الحسن (عليه السلام)" (1). 11 ـ حديث داود بن رزين قال: "كان لأبي الحسن موسى (عليه السلام) عندي مال، فبعث فأخذ بعضه، وترك عندي بعضه، وقال: من جاءك بعدي يطلب ما بقي عندك فإنه صاحبك. فلما مضى أرسل إليّ علي ابنه (عليهم السلام): ابعث إليّ بالذي عندك، وهو كذا وكذا، فبعثت إليه ما كان له عندي" (2). 12 ـ حديث داود بن زربي، قال: "جئت إلى أبي إبراهيم (عليه السلام) بمال، فأخذ بعضه، وترك بعضه، فقلت: أصلحك الله، لأي شيء تركته عندي؟ قال: إن صاحب هذا الأمر يطلبه منك. فلما جاءنا نعيه بعث إليّ أبو الحسن (عليه السلام) ابنه، فسألني ذلك المال، فدفعته إليه" (3). 13 ـ حديث إسماعيل بن الفضل الهاشمي،قال:"دخلت على أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام)، وقد اشتكى شكاية شديدة، وقلت له: إن كان ما أسأل الله أن لا يريناه، فإلى مَن؟ قال: إلى علي ابني. وكتابه كتابي. وهو وصيي وخليفتي من بعدي" (4). 14 ـ حديث علي بن يقطين، قال: "قال موسى بن جعفر (عليه السلام) ابتداء منه: هذا أفقه ولدي - وأشار بيده إلى الرضا (عليه السلام) - وقد نحلته كنيتي" (5). ونحوه أحاديث له أخر (6). ـــــــــــــــــــــــ (1) الكافي 1: 313، واللفظ له. بحار الأنوار 49: 24 ـ 25. الإرشاد 2: 251. الغيبة للطوسي: 28. إعلام الورى بأعلام الهدى 2: 46. كشف الغمة 3: 65. (2) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 6: 23. عيون أخبار الرضا 1: 237. بحار الأنوار 49: 23. (3) الكافي 1: 313، واللفظ له. بحار الأنوار 49: 23. الإرشاد 2: 252. الغيبة للطوسي: 39. المناقب لابن شهراشوب 3: 476. كشف الغمة 3: 65. (4) بحار الأنوار 49: 13. عيون أخبار الرضا 2: 31. (5) بحار الأنوار 49: 14. عيون أخبار الرضا 2: 32. (6) بحار الأنوار 49: 23. -[ 257 ]- 15 ـ حديث منصور بن يونس بزرج، قال:"دخلت على أبي الحسن - يعني موسى بن جعفر (عليه السلام) - يومًا، فقال لي: يا منصور، أما علمت ما أحدثت في يومي هذا؟ قلت: لا. قال: قد صيرت علياً ابني وصيي، والخلف من بعدي. فادخل عليه، وهنئه بذلك..." (1). 16 ـ حديث سليمان المروزي، قال: "دخلت على أبي الحسن موسى ابن جعفر (عليه السلام) وأنا أريد أن أسأله عن الحجة على الناس بعده، فابتدأني، وقال: يا سليمان، إن علياً ابني، ووصيي، والحجة على الناس بعدي. وهو أفضل ولدي. فإنْ بقيت بعدي فاشهد له بذلك عند شيعتي، وأهل ولايتي، والمُسْتَخْبِرِين عن خليفتي من بعدي" (2). 17 ـ حديث علي بن عبدالله الهاشمي، قال: "كنا عند القبر نحو ستين رجلاً منا ومن موالينا، إذ أقبل أبو إبراهيم موسى بن جعفر (عليه السلام)، ويد علي ابنه في يده، فقال: أتدرون من أنا؟ قلنا: أنت سيدنا وكبيرنا. قال: سَموني، وانسبوني، فقلنا: أنت موسى بن جعفر. فقال: مَن هذا معي؟ قلنا: هذا علي بن موسى بن جعفر. قال: فاشهدوا أنه وكيلي في حياتي، ووصيي بعد موتي" (3). 18 ـ حديث عبد الله بن مرحوم، قال: "خرجت من البصرة أريد المدينة، فلما صرت في بعض الطريق لقيت أبا إبراهيم (عليه السلام)، وهو يذهب به إلى البصرة، فأرسل إليّ، فدخلت عليه، فدفع إليّ كتبًا، وأمرني أن أوصلها بالمدينة. فقلت: إلى من أدفعها جعلت فداك؟ قال: إلى ابني علي، فإنه وصيي، والقيّم بأمري، وخير بَنِيَّ" (4). ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 49: 14. عيون أخبار الرضا 2: 32. اختيار معرفة الرجال 2: 768. (2) بحار الأنوار 49: 15. (3) بحار الأنوار 49: 15. عيون أخبار الرضا 2: 31. (4) بحار الأنوار 49: 15 ـ 16، واللفظ له. إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 6: 17 ورواه عن عبدالله بن مخزوم. -[ 258 ]- 19 ـ حديث حيدر بن أيوب عن محمد بن زيد الهاشمي "قال: الآن يتخذ الشيعة علي بن موسى (عليه السلام) إمامًا. قلت: وكيف ذلك؟ قال: دعاه أبو الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) فأوصى إليه" (1). وقد فصل ذلك في حديثه الآخر قال: "كنا بالمدينة في موضع يعرف بالقب، فيه محمد بن زيد بن علي، فجاء بعد الوقت الذي كان يجيئنا فيه. فقلنا له: جعلنا فداك ما حبسك؟ قال: دعانا أبو إبراهيم (عليه السلام) اليوم سبعة عشر رجلاً من ولد علي وفاطمة (صلوات الله عليهم)، فأشهدنا لعلي ابنه بالوصية والوكالة في حياته وبعد موته، وأن أمره جائز عليه وله. ثم قال محمد بن زيد: والله يا حيدر لقد عقد له الإمامة اليوم، وليقولن الشيعة به مِن بعده. قال حيدر: قلت: بل يبقيه الله، وأي شيء هذا؟ قال: يا حيدر، إذا أوصى إليه فقد عقد له الإمامة..." (2). 20 ـ حديث يزيد بن سليط، قال: "دعانا أبو الحسن (عليه السلام) وأشهدنا - ونحن ثلاثون رجلاً من بني هاشم - أنّ علياً ابنه وصيُّه، وخليفته من بعده" (3). 21 ـ حديث عبدالرحمن بن الحجاج، قال: "أوصى أبو الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) إلى ابنه (عليه السلام)، وكتب له كتاباً أشهد فيه ستين رجلاً من وجوه أهل المدينة" (4). 22 ـ حديث حسين بن بشير، قال: "أقام لنا أبو الحسن موسى بن ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 49: 16. (2) بحار الأنوار 49: 16 ـ 17. عيون أخبار الرضا 2: 37. (3) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 6: 30. (4) بحار الأنوار 49: 17. عيون أخبار الرضا 2: 37. -[ 259 ]- جعفر (عليه السلام) ابنه علياً (عليه السلام) كما أقام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) علياً (عليه السلام) يوم غدير خم، فقال: يا أهل المدينة، أو قال: يا أهل المسجد، هذا وصيي من بعدي" (1). 23 ـ حديث الحسن بن علي الخزاز، قال: "خرجنا من مكة، ومعنا علي بن أبي حمزة، ومعه مال ومتاع، فقلنا: ما هذا؟ قال: للعبد الصالـح (عليه السلام) أمرني أن أحمله إلى علي ابنه (عليه السلام). وقد أوصى إليه" (2). 24 ـ حديث جعفر بن خلف، قال: "سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر (عليهم السلام) يقول: سعد امرء لم يمت حتى يرى منه خلف. وقد أراني الله من ابني هذا خلف. وأشار إليه- يعني: إلى الرضا (عليه السلام) -" (3). 25 ـ ومثله حديث موسى بن بكر، قال: "كنت عند أبي إبراهيم (عليه السلام) فقال لي: إن جعفراً (عليه السلام) كان يقول: سعد امرء لم يمت حتى يرى خلفه من نفسه. ثم أومأ بيده إلى ابنه علي، فقال: هذا وقد أراني الله خلفي من نفسي" (4). 26 ـ حديث الحسين بن المختار، قال: "خرجت إلينا ألواح من أبي إبراهيم موسى (عليه السلام) وهو في الحبس، فإذا فيها مكتوب: عهدي إلى أكبر ولدي" (5). ونحوه حديثه الآخر، قال: "لما مر بنا أبو الحسن (عليه السلام) بالبصرة خرجت إلينا منه ألواح مكتوب فيها بالعرض: عهدي إلى أكبر ولدي" (6). ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 49: 17. عيون أخبار الرضا 2: 37. (2) بحار الأنوار 49: 17. عيون أخبار الرضا 2: 37 ـ 38. (3) بحار الأنوار 49: 18. عيون أخبار الرضا 2: 39. (4) بحار الأنوار 49: 26. كفاية الأثر: 273. الغيبة للطوسي: 41. (5) بحار الأنوار 49: 18 ـ 19. الإرشاد 2: 250. الغيبة للطوسي: 36 ـ 37. إعلام الورى بأعلام الهدى 2: 46. (6) بحار الأنوار 49: 19. -[ 260 ]- 27 ـ حديث المفضل بن عمر، قال: "دخلت على أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام)، وعلي ابنه (عليه السلام) في حجره، وهو يقبله، ويمص لسانه، ويضعه على عاتقه، ويضمه إليه، ويقول: بأبي أنت ما أطيب ريحك، وأطهر خلقك، وأبين فضلك! قلت: جعلت فداك، لقد وقع في قلبي لهذا الغلام من المودة ما لم يقع لأحد إلا لك. فقال لي: يا مفضل هو مني بمنزلتي من أبي (عليه السلام) ((ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)). قال: قلت: هو صاحب هذا الأمر من بعدك؟ قال: نعم. من أطاعه رشد، ومن عصاه كفر" (1). 28 ـ حديث الحسن بن الحسن، قال فيه: "قلت لأبي الحسن موسى (عليه السلام) : أسألك. فقال: سل إمامك. فقلت: من تعني؟ فإني لا أعرف إماماً غيرك. قال: هو علي ابني، قد نحلته كنيتي. قلت: سيدي، أنقذني من النار، فإن أبا عبد الله قال: إنك القائم بهذا الأمر! قال: أو لم أكن قائمًا؟ [ثم] قال: يا حسن، ما مِن إمام يكون قائماً في أمة إلا وهو قائمهم، فإذا مضى عنهم فالذي يليه هو القائم والحجة حتى يغيب عنهم، فكلنا قائم. فاصرف جميع ماكنت تعاملني به إلى ابني علي،والله والله ما أنا فعلت ذاك به، بل الله فعل به ذاك حبّاً" (2). 29 ـ حديث علي بن جعفر، قال: "كنت عند أخي موسى بن جعفر - فكان والله حجة في الأرض بعد أبي (عليه السلام) - إذ طلع ابنه علي، فقال لي: يا علي هذا صاحبك. وهو مني بمنزلتي من أبي، فثبتك الله على دينه. فبكيت، وقلت في نفسي: نعى والله إلي نفسه. فقال: يا علي لابد أن يمضي مقادير الله فيَّ. وليَ برسول الله أسوة، وبأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين. وكان ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 49: 20 ـ 21. عيون أخبار الرضا 2: 40. (2) بحار الأنوار 49: 25 ـ 26. الغيبة للطوسي: 41. -[ 261 ]- هذا قبل أن يحمله هارون الرشيد في المرة الثانية بثلاثة أيام..." (1). 30 ـ حديث نصر بن قابوس، قال: "كنت عند أبي الحسن في منزله، فأخذ بيدي، فوقفني على بيت من الدار، فدفع الباب، فإذا علي ابنه (عليه السلام)، وفي يده كتاب ينظر فيه. فقال لي: يا نصر تعرف هذا؟ قلت: نعم، هذا علي ابنك. قال: يا نصر، أتدري ما هذا الكتاب الذي في يده ينظر فيه؟ فقلت: لا. قال: هذا الجفر الذي لا ينظر فيه إلا نبي أو وصي نبي" (2). 31 ـ حديث الحسن بن موسى قال: "كان نشيط وخالد يخدمان أبا الحسن (عليه السلام) (يعني: الإمام الكاظم (عليه السلام) ) قال: فذكر الحسن عن يحيى بن إبراهيم عن نشيط عن خالد الجوان. قال: لما اختلف الناس في أمر أبي الحسن (عليه السلام) قلت لخالد: أما ترى ما قد وقعنا فيه من اختلاف الناس؟ فقال لي خالد: قال لي أبو الحسن: عهدي إلى ابني علي، أكبر ولدي، وخيرهم، وأفضلهم" (3). 32 ـ حديث حمزة بن حمران عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: "يقتل حفدتي بأرض خراسان في مدينة يقال لها طوس. مَن زاره إليها عارفاً بحقه أخذته بيدي يوم القيامة وأدخلته الجنة، وإن كان من أهل الكبائر. قال: قلت له: جعلت فداك: وما عرفان حقه؟ قال: تعلم إنه إمام مفترض الطاعة، غريب شهيد..." (4). ومن المعلوم أن المراد بذلك الإمام الرضا (عليه السلام)، فيكون نصاً في إمامته. ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 49: 26 ـ 27. مسائل علي بن جعفر: 21 ـ 22. الغيبة للطوسي: 42. (2) بحار الأنوار 49: 27. (3) بحار الأنوار 49: 27 ـ 28. (4) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 6: 10 ـ 11. من لا يحضره الفقيه 2: 584. عيون أخبار الرضا 1: 290. الأمالي للصدوق: 183. -[ 262 ]- 33 ـ حديث بكر بن صالـح قال: "قلت لإبراهيم بن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) : ما قولك في أبيك؟ قال: حي. قلت: فما قولك في أخيك أبي الحسن؟ قال: هو عالم ثقة صدوق. قلت: فإنه يقول: ان أباك قد مضى. قال: هو أعلم بما يقول. فأعدت عليه، فأعاد عليّ. قلت: فأوصى أبوك؟ قال: نعم. قلت: إلى من أوصى؟ قال: إلى خمسة منا، وجعل علياً المقدم علينا" (1). 34 ـ حديث علي بن أبي حمزة عن الإمام الكاظم (عليه السلام)، وفيه: "أن علي بن يقطين قال له: من لنا بعدك يا سيدي؟ قال: علي هذا، هو خير من أخلف بعدي، هو مني بمنزلتي من أبي. هو لشيعتي عدة، عنده علم ما يحتاجون إليه. سيد في الدنيا، وسيد في الآخرة، وإنه لمن المقربين" (2). 35 ـ حديث أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي عن الإمام الرضا (عليه السلام)، قال: "دخلت عليه بالقادسية، فقلت له: جعلت فداك، إني أريد أن أسألك عن شيء... إني سألت أباك، وهو نازل في هذا الموضع عن خليفته من بعده، فدلني عليك" (3). 36 ـ حديث إسحاق بن موسى بن جعفر أن أباه موسى (عليه السلام) كان يقول لبنيه: "هذا أخوكم علي بن موسى عالم آل محمد، فسلوه عن أديانكم، واحفظوا ما يقول لكم، فإني سمعت أبي جعفر بن محمد غير مرة يقول لي: إن عالم آل محمد لفي صلبك، وليتني أدركته، فإنه سمي أمير المؤمنين (عليه السلام) ـ" (4). ـــــــــــــــــــــــ (1) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 6: 22، واللفظ له. بحار الأنوار 49: 22 ـ 23. عيون أخبار الرضا 2: 46. (2) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 6: 25 ـ 26. الغيبة للطوسي: 66. (3) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 6: 27. بحار الأنوار 23: 67. (4) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 6: 28. بحار الأنوار 49: 100. إعلام الورى بأعلام الهدى 2: 64 ـ 65. كشف الغمة 3: 111. -[ 263 ]- 37 ـ حديث محمد بن الفضيل الهاشمي، وفيه: "أتيت موسى بن جعفر (عليه السلام) قبل وفاته بيوم واحد. فقال لي: إني ميت لا محالة، فإذا واريتني في لحدي فلا تقيمنّ وتوجه إلى المدينة بودائعي هذه، فأوصلها إلى ابني علي الرضا، فهو وصيي، وصاحب الأمر بعدي" (1). 38 ـ حديث عمرو بن واقد في قتل الإمام الكاظم (عليه السلام) بالسم في السجن، وفيه: "ثم إن سيدنا دعا بالمسيب... فقال له: يا مسيب... إني ظاعن هذه الليلة إلى المدينة... لأعهد إلى علي ابني ما عهده إليّ أبي، وأجعله وصيي، وخليفتي، وأمره أمري... قال: فبكيت. فقال لي: لا تبك يا مسيب، فإن علياً ابني هو إمامك ومولاك بعدي، فاستمسك بولايته، فإنك لن تضل ما لزمته..." (2).
مجموع نصوص إمامة الإمام الرضا (عليه السلام) هذا ما تيسر لنا عاجلاً ذكره من النصوص على إمامة الإمام أبي الحسن علي بن موسى الرضا (صلوات الله عليه)، وهناك نصوص أخر يحتاج توضيح دلالتها إلى كلام لا يسعنا فعلاً، ولا يهم ذكرها، لوفاء ما سبق بالمطلوب. فإنه لو أضيف له ما تقدم في الطائفة الرابعة من النصوص الكثيرة المتضمنة للنص على الأئمة الاثني عشر (صلوات الله عليهم) جميعاً بأسمائهم فالنصوص على إمامته (صلوات الله عليه) تزيد على مائة حديث. مضافاً إلى المجموعتين من الأحاديث اللتين تقدم التعرض لهما عند الكلام في نصوص إمامة الإمام الصادق (عليه السلام). ـــــــــــــــــــــــ (1) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 6: 28. الثاقب في المناقب: 187. الخرائج والجرائح 1: 341. بحار الأنوار 49: 73. (2) عيون أخبار الرضا 2: 94 ـ 96. -[ 264 ]- الأولى: الأحاديث الكثيرة التي وردت عن آبائه (صلوات الله عليهم) المتضمنة بأن الإمامة بعد الحسن والحسين (صلوات الله وسلامه عليهم) تجري في الأعقاب من الوالد لولده، ولا تنتقل إلى أخ أو عم أو خال، ومنها بعض النصوص المتقدمة في إمامة أبيه الإمام الكاظم (عليه السلام). لظهور أنه لم يدع أحد الإمامة لأحد من ولد الكاظم غير الإمام الرضا (عليه السلام).وإنما وقع الخلاف في إمامته من الواقفة الذين أنكروا موت الإمام الكاظم (عليه السلام)، وادعوا أنه غاب ولم يمت، وأنه الإمام المهدي المنتظر (عجل الله فرجه). ويبطل دعواهم أمور: الأول: القطع بموت الإمام الكاظم (عليه السلام) بنحو يلحق بالبديهيات. الثاني: الأحاديث الكثيرة التي أشرنا إليها آنفًا، والتي تزيد على التواتر، المتضمنة أن الأئمة اثنا عشر، وأن المهدي (عجل الله فرجه) آخرهم وخاتمهم، والثاني عشر منهم. الثالث: الأحاديث الكثيرة المشار إليها آنفاً المتضمنة أن الإمام المهدي اسمه اسم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). الرابع: أن هذه الطائفة قد انقرضت، ولم يبق لها مَن يحمل دعوتها. وذلك دليل على بطلانها، كما يأتي، وأشرنا إليه في تعقيب نصوص إمامة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام).
الثانية: الأحاديث المتضمنة أن سلاح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يكون إلا عند الإمام، بضميمة أن السلاح كان عند الإمام الرضا (عليه السلام)، كحديث سليمان بن جعفر، قال: "كتبت إلى أبي الحسن الرضا (عليه السلام) : عندك سلاح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). فكتب إلي بخطه الذي أعرفه: هو عندي" (1). ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 26: 211. بصائر الدرجات: 205. -[ 265 ]- وحديث أحمد بن أبي عبدالله عنه (عليه السلام) : "سألته عن ذي الفقار سيف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من أين هو؟ قال: هبط به جبرئيل (عليه السلام) من السماء، وكانت حليته من فضة. وهو عندي" (1). | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: رد: (في رحاب العقيدة)للسيد الحكيم.مفصّل سهل التناول الثلاثاء يوليو 24, 2012 8:00 am | |
| نصوص إمامة الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السلام) 6 ـ الإمام أبو جعفر محمد بن علي الجواد (صلوات الله عليه). ويدل على إمامته حديثا إبراهيم الكرخي وعيسى بن عبدالله المتقدمان في جملة النصوص على إمامة جده أبي إبراهيم موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام). كما يدل على إمامته أيضاً حديث ابن سنان المتقدم في نصوص إمامة أبيه الإمام أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام). وحديث أبي هاشم في الطبْع على الحصى الآتي في نصوص إمامة الإمام أبي محمد الحسن العسكري (عليه السلام). ويضاف لذلك.. 1 ـ حديث معمر بن خلاد، قال: "سمعت الرضا (عليه السلام) وذكر شيئًا، فقال: ما حاجتكم إلى ذلك؟! هذا أبو جعفر قد أجلستُه مجلسي، وصيَّرتُه مكاني، وقال: إنا أهل بيت يتوارث أصاغرنا عن أكابرنا القذة بالقذة" (2). 2 ـ حديث الحسين بن بشار [يسار]، قال: "كتب ابن قياما إلى أبي الحسن (عليه السلام) كتاباً يقول فيه: كيف تكون إماماً وليس لك ولد؟! فأجابه أبو الحسن الرضا (عليه السلام) شبه المغضب: وما علمك أنه لا يكون لي ولد؟!. والله لا تمضي الأيام والليالي حتى يرزقني الله ولداً ذكراً يفرق به بين الحق والباطل" (3). ـــــــــــــــــــــــ (1) الكافي 1: 234. بصائر الدرجات: 200. عيون أخبار الرضا 1: 55. الأمالي للصدوق: 364. بحار الأنوار 42: 65. (2) الكافي 1: 320، واللفظ له. بحار الأنوار 50: 21. الإرشاد 2: 276. الاختصاص: 279. إعلام الورى بأعلام الهدى 2: 93. كشف الغمة 3: 144. (3) الكافي 1: 320. بحار الأنوار 50: 22. الإرشاد 2: 277. إعلام الورى بأعلام الهدى 2: 94. -[ 266 ]- 3 ـ حديث ابن قياما، قال: "دخلت على علي بن موسى (عليه السلام)، فقلت له: أيكون إمامان؟ قال: لا، إلا وأحدهما صامت. فقلت له: هوذا أنت ليس لك صامت- ولم يكن ولد له أبو جعفر (عليه السلام) بعد- فقال لي: والله ليجعلن الله مني ما يثبت به الحق وأهله، ويمحق به الباطل وأهله- فولد له بعد سنة أبو جعفر (عليه السلام) -" (1). 4 ـ حديثه الآخر، قال: "دخلت على أبي الحسن الرضا (عليه السلام) وقد ولد له أبو جعفر (عليه السلام) فقال: إن الله قد وهب لي مَن يرثني ويرث آلَ داود" (2). 5 ـ حديث الحسين بن يسار، قال: "استأذنت أنا والحسين بن قياما على الرضا (عليه السلام) في صري، فأذن لنا. فقال: افرغوا من حاجتكم. فقال له الحسين: تخلو الأرض مِن أنْ يكون فيها إمام؟ فقال: لا. قال: فيكون فيها اثنان؟ قال: لا، إلا وأحدهما صامت لا يتكلم. فقال: فقد علمت أنك لست بإمام. قال: ومن أين علمت؟ قال: إنه ليس لك ولد، وإنما هي في العقب. قال: فقال له: فوالله لا تمضي الأيام والليالي حتى يولد لي ذكر مِن صلبي، يقوم مثل مقامي، يحق الحق، ويمحق الباطل" (3). 6 ـ حديث ابن أبي نصر، قال: "قال لي ابن النجاشي: من الإمام بعد صاحبك؟ فأشتهي أن تسأله حتى أعلم. فدخلت على الرضا (عليه السلام) فأخبرته. قال: فقال لي: الإمام ابني. ثم قال: هل يتجرأ أحد أن يقول: ابني، وليس له ولد؟!(لأن الإمام الجواد لم يولد بعْدُ)" (4). ـــــــــــــــــــــــ (1) الكافي 1: 321، واللفظ له. بحار الأنوار 50: 22 ـ 23. بحار الأنوار 50: 21. الإرشاد 2: 277. كشف الغمة 3: 144. (2) بحار الأنوار 50: 18. بصائر الدرجات: 158. (3) بحار الأنوار 50: 34. (4) الكافي 1: 320، واللفظ له. بحار الأنوار 50: 20، 22. الإرشاد 2: 277. المناقب لابن شهراشوب 3: 449. إعلام الورى بأعلام الهدى 2: 93 ـ 94. كشف الغمة 3: 144. -[ 267 ]- 7 ـ حديث صفوان بن يحيى، قال: "قلت للرضا (عليه السلام) : قد كنا نسألك قبل أن يهب الله لك أبا جعفر (عليه السلام). فكنت تقول: يهب الله لي غلامًا. فقد وهبه الله لك، فأقر عيوننا. فلا أرانا الله يومك، فإن كان كَوْنٌ فإلى مَن؟ فأشار بيده إلى أبي جعفر (عليه السلام)، وهو قائم بين يديه. فقلت: جعلت فداك، هذا ابن ثلاث سنين! فقال: وما يضرّه مِن ذلك؟! فقد قام عيسى (عليه السلام) بالحجة وهو ابن ثلاث سنين" (1). 8 ـ حديث عبدالله بن جعفر: "دخلت على الرضا (عليه السلام) أنا وصفوان ابن يحيى، وأبو جعفر (عليه السلام) قائم قد أتى له ثلاث سنين، فقلنا له: جعلنا الله فداك، إن - وأعوذ بالله - حَدَثَ حَدَثٌ فمَن يكون بعدك؟ قال: ابني هذا-وأومأ إليه- قال: فقلنا له: وهو في هذا السن؟ قال: نعم وهو في هذا السن. إن الله تبارك وتعالى احتج بعيسى (عليه السلام) وهو ابن سنتين" (2). 9 ـ حديث معمر بن خلاد، قال: "سمعت إسماعيل بن إبراهيم يقول للرضا (عليه السلام) : إن ابني في لسانه ثقل، فأنا أبعث به إليك غدًا، تمسح على رأسه، وتدعو له، فإنه مولاك. فقال: هو مولى أبي جعفر، فابعث به غداً إليه" (3). 10 ـ حديث الخيراني عن أبيه، قال: "كنت واقفاً بين يدي أبي الحسن (عليه السلام) بخراسان، فقال له قائل: يا سيدي إن كان كونٌ فإلى من؟ قال: إلى أبي جعفر ابني. فكأن القائل استصغر سن أبي جعفر (عليه السلام). فقال أبو الحسن (عليه السلام) : إن الله تبارك وتعالى بعث عيسى بن مريم رسولاً نبياً صاحب ـــــــــــــــــــــــ (1) الكافي 1: 321، واللفظ له. بحار الأنوار 50: 21. الإرشاد 2: 276. إعلام الورى بأعلام الهدى 2: 93. كشف الغمة 3: 144. (2) بحار الأنوار 50: 35. كفاية الأثر: 279. (3) الكافي 1: 321. بحار الأنوار 50: 36. -[ 268 ]- شريعة مبتدأة في أصغر من السن الذي فيه أبو جعفر (عليه السلام) ـ" (1). 11 ـ ونحوه حديث إبراهيم بن أبي محمود (2). 12 ـ حديث علي بن جعفر (عليه السلام) عم الإمام الرضا (عليه السلام)، قال: "والله لقد نصر الله أبا الحسن الرضا (عليه السلام)... فقمت فمصصت ريق أبي جعفر (عليه السلام) ثم قلت له: أشهد أنك إمامي عند الله فبكى الرضا (عليه السلام)، ثم قال: يا عم ألم تسمع أبي وهو يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : بأبي ابن خيرة الإماء ابن النوبية الطيبة الفم المنتجبة الرحم... أفيكون هذا يا عم إلا منِّي؟ فقلت: صدقت جعلت فداك" (3). 13 ـ حديث جعفر بن محمد النوفلي، قال: "لقيت الرضا (عليه السلام)... فسلمت عليه ثم جلست، فقلت: جعلت فداك، إن أناساً يزعمون أن أباك حي. فقال: كذبوا لعنهم الله... قلت: فما تأمرني؟ قال: اقْتَدِ بابني محمد مِن بعدي..." (4). 14 ـ حديث مسافر، قال: "أمرني أبو الحسن (عليه السلام) بخراسان، فقال: الْحَقْ بأبي جعفر، فإنه صاحبك" (5). 15 ـ حديث محمد بن إسماعيل بن بزيع عن الإمام الرضا (عليه السلام) : "أنه سئل أتكون الإمامة في عم أو خال؟ فقال: لا. فقلت: ففي أخ؟ قال: لا. قلت: ففي مَن؟ قال: في ولدي. وهو يومئذٍ لا ولد له" (6). ـــــــــــــــــــــــ (1) الكافي 1: 322، واللفظ له. بحار الأنوار 50: 23 ـ 24. روضة الواعظين: 237. الإرشاد 2: 279. إعلام الورى بأعلام الهدى 2: 94. كشف الغمة 3: 145. (2) بحار الأنوار 50: 34 ـ 35. كفاية الأثر: 277 ـ 278. (3) الكافي 1: 322 ـ 323، واللفظ له. بحار الأنوار 50: 21. مسائل علي بن جعفر: 322. (4) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 6: 161، واللفظ له. بحار الأنوار 50: 18. عيون أخبار الرضا 1: 233. إعلام الورى بأعلام الهدى 2: 59. (5) بحار الأنوار 50: 34. اختيار معرفة الرجال 2: 795. (6) الكافي 1: 286، واللفظ له. بحار الأنوار 50: 35. الإمامة والتبصرة: 59. -[ 269 ]- 16 ـ حديث عقبة بن جعفر، قال: "قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام) : قد بلغت ما بلغت وليس لك ولد. فقال: يا عقبة إن صاحب هذا الأمر لا يموت حتى يرى خلفه من بعده" (1). 17 ـ حديث يحيى الصنعاني، قال: "دخلت على أبي الحسن الرضا (عليه السلام) وهو بمكة، وهو يقشر موزًا، ويطعمه أبا جعفر (عليه السلام)، فقلت له: جعلت فداك، هذا المولود المبارك؟ قال: نعم يا يحيى هذا المولود الذي لم يولد في الإسلام مثله مولود أعظم بركة على شيعتنا منه" (2). فإنَّ سؤال السائل ظاهر في انتظار المولود الموعود به للإمامة، ويناسبه الجواب. 18 ـ حديث ابن نافع، قال: "سألت علي بن موسى الرضا (عليه السلام) : من صاحب هذا الأمر بعدك؟ فقال: يا ابن نافع يدخل عليك مِن هذا الباب مَن ورث ما ورثته مِن قبلي، وهو حجة الله تعالى من بعدي. فبَيْنَا أنا كذلك إذ دخل علينا محمد بن علي (عليه السلام)... ثم دخل علينا أبو الحسن (عليه السلام) فقال لي: يا ابن نافع، سلم وأذعن له بالطاعة، فروحه روحي، وروحي روح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) " (3). 19 ـ حديث زكريا بن آدم، قال: "إني لعند الرضا إذ جيء بأبي جعفر (عليه السلام) وسنه أقل من أربع سنين... فاستدناه وقبَّل بين عينيه، ثم قال بأبي أنت وأمي، أنت لها. يعني: الإمامة" (4). 20 ـ حديث دعبل الخزاعي الشاعر، قال: "أنشدت مولاي علي بن موسى الرضا (عليه السلام) قصيدتي التي أولها: ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 50: 35. كفاية الأثر: 279. (2) الكافي 6: 260، 361، واللفظ له. بحار الأنوار 50: 35. (3) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 6: 165. المناقب لابن شهراشوب 3: 494. (4) بحار الأنوار 50: 59. -[ 270 ]- مدارس آيات خلت من تلاوة ** ومنزل وحي مقفر العرصات فلما انتهيت إلى قولي: خروج إمام لا محالة خارج *** يقوم على اسم الله والبركـات يميز فينا كل حق وباطل *** ويجزي على النعماء والنقمات بكى الرضا (عليه السلام) بكاء شديدًا، ثم رفع رأسه إلي فقال لي: يا خزاعي، نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين. فهل تدري من هذا الإمام؟ ومتى يقوم؟ فقلت: لا يا مولاي، إلا أني سمعت بخروج إمام منكم يطهر الأرض من الفساد، ويملؤها عدلًا. فقال: يا دعبل الإمام بعدي محمد ابني، وبعد محمد ابنه علي، وبعد علي ابنه الحسن، وبعد الحسن ابنه الحجة القائم المنتظر في غيبته..." (1). 21 ـ حديث أبي الحسين بن محمد بن أبي عباد، وكان يكتب للإمام الرضا (عليه السلام) قال: "ما كان (عليه السلام) يذكر محمداً ابنه إلا بكنيته، يقول: كتب إليّ أبو جعفر (عليه السلام)، وكنت أكتب إلى أبي جعفر (عليه السلام)، وهو صبي بالمدينة، فيخاطبه بالتعظيم. وترد كتب أبي جعفر (عليه السلام) في نهاية البلاغة والحسن، فسمعته يقول: أبو جعفر وصيي، وخليفتي في أهلي من بعدي" (2). بناء على أن المراد بالوصية الوصية الراجعة للإمامة، كما يظهر من مجموع النصوص الواردة عنهم (عليهم السلام). 22 ـ حديث هرثمة بن أعين في وفاة الإمام الرضا (عليه السلام)، وفيه أن ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 49: 237 ـ 238. عيون أخبار الرضا 1: 297. كمال الدين وتمام النعمة: 372. كفاية الأثر: 275 ـ 277. (2) عيون أخبار الرضا 1: 266. -[ 271 ]- الإمام الرضا (عليه السلام) قال له عن المأمون: "فإنه سيشرف عليك ويقول لك: يا هرثمة أليس زعمتم أن الإمام لا يغسله إلا إمام مثله، فمَنْ يغسل أبا الحسن علي بن موسى وابنه محمد بالمدينة من بلاد الحجاز ونحن بطوس؟ فإذا قال ذلك فأجبه، وقل له: إنا نقول أن الإمام لا يجب أن يغسله إلا إمام مثله، فإنْ تعدَّى مُتَعَدٍّ، فغسَّل الإمامَ، لم تبطل إمامة الإمام لِتَعَدِّي غاسله، ولا بطلت إمامةُ الإمام الذي بِعَهْدِه بأَنْ غُلِب على غسْل أبيه. ولو ترك أبو الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) بالمدينة لغسله ابنه محمد ظاهراً مكشوفاً ولا يغسله الآن أيضاً إلا هو مِن حيث يخفى" (1). 23 ـ حديث أبي الصلت الهروي في وفاة الإمام الرضا (عليه السلام) أيضاً المتضمن لدعوى الإمام الجواد (عليه السلام) الإمامة وإقرار الإمام الرضا (عليه السلام) له على ذلك، وتعامله معه بما يناسبه وظهور دلائل الإمامة منه (عليه السلام) ـ (2). نعم، هذان الحديثان مختلفان اختلافاً شديداً في كيفية وفاة الإمام الرضا (عليه السلام) وتجهيزه بنحو يصعب معه الجمع بينهما. إلا أن ذلك أمر خارج عما نحن بصدده من ذكر نصوص الإمامة.
مجموع النصوص الدالة على إمامة الإمام الجواد (عليه السلام) هذا ما عثرنا عليه من النصوص الدالة على إمامة الإمام أبي جعفر محمد بن علي الجواد (صلوات الله عليه). وربما تكون هناك نصوص أخر يحتاج دلالتها إلى كلام لا يسعنا في هذه العجالة، وإذا أضيفت إلى نصوص الطائفة الرابعة، المتضمنة لذكر الأئمة الاثني عشر (صلوات الله عليهم) بأسمائهم قاربت النصوص الدالة على إمامته (عليه السلام) التسعين حديثًا. ـــــــــــــــــــــــ (1) عيون أخبار الرضا 1: 276. (2) عيون أخبار الرضا 1: 271 ـ 274. -[ 272 ]- أحاديث ثبوت الإمامة في الأعقاب
ويؤكد ذلك أمران: الأول: النصوص الكثيرة عن آبائه (صلوات الله عليهم) - الذين ثبتت إمامتهم بما سبق - المتضمنة أن الإمامة بعد الحسن والحسين (صلوات الله عليهم) في الأعقاب وأعقاب الأعقاب. ولا تنتقل إلى أخ أو عم أو خال. وقد تقدم التعرض لها ولمصادرها عند الكلام في نصوص إمامة الإمام الصادق (عليه السلام)، وهي وإن كانت تنفع فيمَن سبقه مِن الأئمة أيضاً - كما ذكرناه آنفاً - إلا أنها فيه وفيمَن بعده مِن الأئمة مِن ولده أوضح، لِتكثُّر النصوص المتضمنة لذلك تدريجياً بتعاقب الأئمة (عليهم السلام). بل في جملة منها التأكيد على أنّ استمرار الإمامة في عقب الإمامين الكاظم والرضا (عليه السلام)، وأن المهدي مِن ذريتهما نتيجة ذلك، وقد تقدم بعضها. ومن أجل ذلك كان ظاهر جملة من الأحاديث المتقدمة المتضمنة للنص على الإمام الجواد (عليه السلام) المفروغية عن ذلك بين الشيعة في عصر الإمام الرضا (عليه السلام)، وتسالمهم عليه، وأنهم كانوا ينتظرون ولادة ولدٍ له، مع مفروغيتهم عن ثبوت الإمامة في عقبه، وأنّ خصومه كانوا يحاولون الإنكار على دعواه الإمامة - قبل ولادة الإمام الجواد (عليه السلام) - بأنه لا عقب له. ومن المعلوم أن الإمام الرضا (عليه السلام) لم يعقِّب حين وفاته غير الإمام أبي جعفر الجواد، فيكون هو المتعين للإمامة. ولاسيما مع عدم دعوى غيره الإمامة بالنص. ومِن هنا كان الظاهر مفروغية الشيعة عن إمامة الإمام الجواد بعد أبيه، وإنما كان السؤال من بعضهم إما قبل ولادته، لتحيُّرهم في الأمر، أو بعد ولادته، للتأكد والتثبت، والجمود على التشبُّث بالنص. -[ 273 ]- ولذا روى أحمد بن محمد بن عيسى عن الإمام الجواد (صلوات الله عليه) نفسه حديثاً طويلاً قال فيه: "فقال لي أبو جعفر (عليه السلام) ابتداء منه: ذهبت الشبهة، ما لأبي ولدٌ غيري. قلت: صدقت، جعلت فداك" (1).
صغر سن الإمام الجواد (عليه السلام) مِن شواهد التسديد الإلهي
الثاني: أنّ مِن المعلوم أهمية الإمامة عند الشيعة وقدسيتها، تبعاً لمَا ورد عن أئمتهم (عليهم السلام) مِن تميُّز الإمام بالكرامة على الله تعالى ورفعة الشأن عنده، حتى مَكَّنَه مِن مفاتيح علمه ووَرَّثَه مواريثَ الأنبياء (صلوات الله عليهم)، وسَلَّطه على التصرف في الكَوْن، بنَحْوٍ يستطيع خرْقَ نواميس الطبيعة بالمُعْجِز، وأوجب على الناس طاعته والتسليم له، والخضوع لحكمه. كما أنّ هذا المنصب مما يضيق به الجمهور الذين هم على خلاف خطِّ أهل البيت (صلوات الله عليهم)، وخصوصاً ذوي السلطان منهم، حيث يرون فيه إنكاراً لشرعية خلافتهم وسلطانهم. ومِن الظاهر أن الإمام الجواد (صلوات الله عليه) قد تقلد هذا المنصب العظيم في الثامنة من عمره الشريف. وهو عمر لا يؤهل الإنسان العادي لتحمل مسؤولية بيت واحد، بل ولا لتحمُّل مسؤولية شخصه وحده. فلو لم يكن (صلوات الله عليه) حقيقاً بهذا المنصب الرفيع، ومورداً للعناية الربانية والتسديد الإلهي، لانهار أمام هذه المسؤولية العظمى، وفضح أمام الناس خاصتهم وعامتهم، وكانت نهاية منصب الإمامة، وفشل دعوتها، على يديه.لكنه (صلوات الله عليه) قد قام على قدميه، وفرض شخصيته واحترامه على القريب والبعيد، والعدو والصديق، وكان له كيانه المعتد به ـــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأنوار 50: 67 ـ 68. اختيار معرفة الرجال 2: 859. -[ 274 ]- عند السلطة، وعند الجمهور، فضلاً عن شيعته ومواليه. ومِن الملفت للنظر حقّاً خضوعُ بعض مشايخ الطالبيين له ممَّن يشاركونه في النسب، ويتقدمون عليه في الطبقة، حيث لا يظهر لهم داع لذلك إلا الإذعان لأمر الله تعالى فيه، والبخوع لحكمه، لكونهم على بصيرة من حقه (عليه السلام)، كعمه الحسين بن موسى بن جعفر، وعم أبيه السيد الجليل علي بن جعفر العريضي.يقول الحسين بن موسى: "كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) بالمدينة، وعنده علي بن جعفر، وأعرابي مِن أهل المدينة جالس. فقال لي الأعرابي: مَن هذا الفتى؟ وأشار بيده إلى أبي جعفر (عليه السلام). قلت: هذا وصي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). قال: يا سبحان الله! رسول الله قد مات منذ مائتي سنة وكذا وكذا سنة، وهذا حدث، كيف يكون هذا وصي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟! قلت: هذا وصي علي بن موسى، وعلي وصي موسى بن جعفر، وموسى وصي جعفر بن محمد، وجعفر وصي محمد بن علي، ومحمد وصي علي بن الحسين، وعلي وصي الحسين، والحسين وصي الحسن، والحسن وصي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وعلي بن أبي طالب وصي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). قال: وردنا الطبيب ليقطع له العرق، فقام علي بن جعفر، فقال: يا سيدي يبدأني، لتكون حدة الحديد فيَّ قبلك، قال: قلت (يعني للأعرابي الذي كان يحدثه): يهنك. هذا عم أبيه. قال: فقطع له العرق. ثم أراد أبو جعفر (عليه السلام) النهوض، فقام علي بن جعفر، فسوى له نعليه حتى يلبسهما" (1). ـــــــــــــــــــــــ (1) معجم رجال الحديث 12: 316 ـ 317 في ترجمة علي بن جعفر، واللفظ له. اختيار معرفة الرجال 2: 729. -[ 275 ]- وعن علي بن جعفر أنه قال: "قال لي رجل أحسبه من الواقفة: ما فعل أخوك أبو الحسن؟ قلت: قد مات. قال: وما يدريك بذاك؟ قال: قلت: اقتسمت أمواله، وأنكحت نساؤه، ونطق الناطق من بعده. قال: ومَن الناطق مِن بعده؟ قلت: ابنه علي. قال: فما فعل؟ قلت له: مات. قال: وما يدريك أنه مات؟ قلت: قسمت أمواله، ونكحت نساؤه، ونطق الناطق من بعده. قال: ومن الناطق من بعده؟ قلت: أبو جعفر ابنه. قال: فقال له: أنت في سنك وقدرك، وابن جعفر بن محمد، تقول هذا القول في هذا الغلام؟! قال: قلت: ما أراك إلا شيطانًا. قال: ثم أخذ بلحيته فرفعها إلى السماء، ثم قال: فما حيلتي إن كان الله رآه أهلاً لهذا، ولم يَرَ هذه الشيبة لهذا أهلاً؟" (1). وعن محمد بن الحسن بن عمار قال: "كنت عند علي بن جعفر بن محمد جالساً بالمدينة. وكنت أقمت عنده سنتين أكتب عنه ما يسمع من أخيه - يعني: أبا الحسن (عليه السلام) - إذ دخل عليه أبو جعفر محمد بن علي الرضا (عليه السلام) المسجد، مسجد الرسول صلى الله عليه وآله،فوثب علي بن جعفر بلا حذاء ولا رداء، فقبل يده وعظمه. فقال له أبو جعفر (عليه السلام) : يا عم اجلس رحمك الله، فقال: يا سيدي كيف أجلس وأنت قائم؟ فلما رجع علي بن جعفر إلى مجلسه جعل أصحابه يوبخونه، ويقولون: أنت عم أبيه وأنت تفعل به هذا الفعل! فقال: اسكتوا إذا كان الله عزوجل - وقبض على لحيته - لم يؤهل هذه الشيبة، وأهّل هذا الفتى، ووضعه حيث وضعه أنكر فضله؟! نعوذ بالله مما تقولون بل أنا له عبد" (2). والإنصاف أن ذلك من أقوى الأدلة على إمامته (عليه السلام) وإمامة ـــــــــــــــــــــــ (1) اختيار معرفة الرجال 2: 728، واللفظ له.معجم رجال الحديث 12: 316 في ترجمة علي بن جعفر. (2) الكافي 1: 322. معجم رجال الحديث 12: 317 في ترجمة علي بن جعفر. -[ 276 ]- آبائه (عليهم السلام) من قبله، لأن إمامته فرع إمامتهم، وأصدق البراهين على حقية دعوة الإمامة الظافرة وسلامتها، وعلى عناية الله تعالى بها ورعايته لها، وقد ((كَتَبَ اللهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ)) (1). ويجري هذا بعينه في الإمام الهادي (عليه السلام) الذي تسنَّم هذا المنصب العظيم في مثل سن أبيه الإمام الجواد (عليه السلام)، على ما يأتي التعرض له. بل الإنصاف أن هذا يجري في جميع الأئمة الاثني عشر (صلوات الله عليهم)، كما يأتي إن شاء الله تعالى عند ذكر القرائن المؤيدة للنصوص. إلا أنَّ للإمامين الجواد وولده الهادي (صلوات الله عليهم) تميُّزهما بسبب صغر السن، ومن ثم خصصناهما بهذا الحديث. | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: رد: (في رحاب العقيدة)للسيد الحكيم.مفصّل سهل التناول الثلاثاء يوليو 24, 2012 8:12 am | |
| نصوص إمامة الإمام أبي الحسن علي بن محمد الهادي (عليه السلام) 7 ـ الإمام أبو الحسن علي بن محمد الهادي (صلوات الله عليه). ويدل على إمامته حديث دعبل المتقدم في جملة النصوص على إمامة أبيه الإمام أبي جعفر محمد الجواد (صلوات الله عليه) وحديث أبي هاشم المتضمن الختم على الحصى الذي يأتي في جملة نصوص إمامة ولده الإمام أبي محمد الحسن العسكري (صلوات الله عليه). ويضاف لذلك..1 ـ حديث الخيراني أنّ أباه كان يلزم باب الإمام أبي جعفر الجواد (عليه السلام) للخدمة، وكان أحمد بن محمد بن عيسى يجيء في السحر في كل ليلة، ليعرف خبر علة الإمام الجواد (عليه السلام)، قال: "وكان الرسول الذي يختلف بين أبي جعفر (عليه السلام) وبين أبي إذا حضر قام أحمد، وخلا به أبي، فخرجت ذات ليلة، وقام أحمد عن المجلس، وخلا أبي بالرسول، واستدار أحمد، فوقف حيث يسمع الكلام، فقال الرسول لأبي: إنَّ مولاك يقرأ عليك السلام، ويقول ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة المجادلة الآية:21. -[ 277 ]- لك: إني ماضٍ، والأمر صائر إلى ابني علي، وله عليكم بعدي ما كان لي عليكم بعد أبي. ثم مضى الرسول، ورجع أحمد إلى موضعه، وقال لأبي: ما الذي قد قال لك؟ قال: خيرًا. قال: قد سمعت ما قال، فلِمَ تكتمه؟! وأعاد ما سمع. فقال له أبي... فاحفظ الشهادة، لعلنا نحتاج إليها يوماً ما، إياك أن تظهرها إلى وقتها. فلما أصبح أبي كتب نسخة الرسالة في عشر رقاع، وختمها، ودفعها إلى عشرة من وجوه العصابة، وقال: إن حدث بي حدث الموت قبل أن أطالبكم بها، فافتحوها، واعملوا بما فيها. فلما مضى أبو جعفر (عليه السلام) ذكر أبي أنه لم يخرج من منزله حتى قطع على يديه نحو من أربعمائة إنسان. واجتمع رؤساء العصابة عند محمد بن الفرج يتفاوضون هذا الأمر، فكتب محمد بن الفرج إلى أبي يعلمه باجتماعهم عنده، وأنه لولا مخافة الشهرة لصار معهم إليه، ويسأله أن يأتيه، فركب أبي وصار إليه، فوجد القوم مجتمعين عنده، فقالوا لأبي: ما تقول في هذا الأمر؟ فقال أبي لمَن عنده الرقاع: أحضروا الرقاع. فأحضروها. فقال لهم: هذا ما أمرت به. فقال بعضهم: قد كنا نحب أن يكون معك في هذا الأمر شاهد آخر. فقال لهم: قد أتاكم الله عزوجل به. هذا أبو جعفر الأشعري يشهد لي بسماع هذه الرسالة، وسأله أن يشهد بما عنده... قال: قد سمعت ذلك... فلم يبرح القوم حتى قالوا بالحق جميعاً" (1). 2 ـ حديث إسماعيل بن مهران، قال: "لما خرج أبو جعفر (عليه السلام) من المدينة إلى بغداد، في الدفعة الأولى من خرجتيه، قلت له عند خروجه: جعلت فداك، إني أخاف عليك في هذا الوجه، فإلى من الأمر بعدك؟ ـــــــــــــــــــــــ (1) الكافي 1: 324، واللفظ له. بحار الأنوار 50: 119 ـ 121. -[ 278 ]- فكرّ بوجهه إليَّ ضاحكًا، وقال: ليس الغيبة حيث ظننت في هذه السنة. فلما أخرج به الثانية إلى المعتصم صرت إليه، فقلت له: جعلت فداك، أنت خارج، فإلى من هذا الأمر من بعدك؟ فبكى حتى اخضلت لحيته. ثم التفت إليّ، فقال: عند هذه يُخاف عليّ. الأمر من بعدي إلى ابني علي" (1). 3 ـ حديث الصقر بن أبي دلف، قال: "سمعت أبا جعفر محمد بن علي الرضا (عليه السلام) يقول: إن الإمام بعدي ابني علي، أمره أمري، وقوله قولي، وطاعته طاعتي. والإمام بعده ابنه الحسن، أمره أمر أبيه، وقوله قول أبيه، وطاعته طاعة أبيه. ثم سكت. فقلت له: يا ابن رسول الله، فمَن الإمام بعد الحسن؟ فبكى (عليه السلام) بكاء شديدًا، ثم قال: إنّ مِن بعد الحسن ابنه القائم بالحق المنتظر. فقلت له: يا ابن رسول الله، لِمَ سمي القائم؟ قال: لأنه يقوم بعد موت ذكره، وارتداد أكثر القائلين بإمامته. فقلت له: ولِمَ سمي المنتظر؟ قال: لأن له غيبة يكثر أيامها، ويطول أمدها. فينتظر خروجه المخلصون، وينكره المرتابون، ويستهزئ بذكره الجاحدون، ويكذب فيها الوقاتون، ويهلك فيها المستعجلون، وينجو فيها المسلمون" (2). 4 ـ حديث محمد بن عيسى: "أن أبا جعفر (عليه السلام) لما أراد الخروج من المدينة إلى العراق ومعاودتها أجلس أبا الحسن في حجره بعد النص عليه، وقال له: ما الذي تحبّ..." (3). 5 ـ حديث أمية بن علي القيسي، قال: "قلت لأبي جعفر الثاني (عليه السلام) : من الخلف بعدك؟ فقال: ابني علي..." (4). ـــــــــــــــــــــــ (1) الكافي 1: 323، واللفظ له. بحار الأنوار 50: 118. (2) كمال الدين وتمام النعمة: 378، واللفظ له. كفاية الأثر: 283. وذكره باختصار في بحار الأنوار 50: 30، 157ـ158. (3) بحار الأنوار 50: 123. عيون المعجزات: 119. (4) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 6: 209 ـ 210. الغيبة للنعماني: 185. -[ 279 ]- 6 ـ حديث محمد بن إسماعيل بن بزيع، قال: "قال لي أبو جعفر (عليه السلام) : يفضي هذا الأمر إلى أبي الحسن وهو ابن سبع سنين. ثم قال: نعم، وأقل من سبع سنين، كما كان عيسى" (1). 7 ـ حديث محمد بن عثمان الكوفي عن الإمام الجواد (عليه السلام) : "أنه قال له: إن حدث بك - وأعوذ بالله - حادث فإلى من؟ فقال: إلى ابني هذا. يعني: أبا الحسن..." (2). 8 ـ حديث علي بن مهزيار، قال: "قلت لأبي الحسن (عليه السلام) : إني كنت سألت أباك عن الإمامة، فنصَّ عليك، ففيمَن الإمامة بعدك، فقال (عليه السلام) : في أكبر ولدي، ونصّ على أبي محمد (عليه السلام)، فقال: إن الإمامة لا تكون في أخوين بعد الحسن والحسين" (3).
مجموع نصوص إمامة الإمام الهادي (عليه السلام) هذا ما عثرنا عليه عاجلاً من النصوص على إمامة الإمام أبي الحسن علي بن محمد الهادي (صلوات الله عليه). وهناك بعض الأحاديث التي تحتاج دلالتها إلى شرح لا يسعنا ذكره. وإذا أضيفت هذه الأحاديث إلى ما سبق في الطائفة الرابعة من النصوص المتضمنة لذكر الأئمة الاثني عشر بأسمائهم تزيد الأحاديث الدالة على إمامته (عليه السلام) على سبعين حديثًا. ويؤكدها الأمران اللذان سبق منا سوقهما لتأكيد إمامة أبيه الإمام الجواد (عليه السلام). لمشاركته (عليه السلام) لأبيه فيهما، بل هما فيه أظهر، لأن الضوابط العامة كلما تكرر العمل عليها تزداد وضوحاً وتركزاً في النفوس. ولعله لِذا قلَّ ما وصل إلينا من الأسئلة من معاصري أبيه (عليه السلام) عن إمامته، ـــــــــــــــــــــــ (1)، (2) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 6: 211. (3) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 6: 279. عيون المعجزات: 123. -[ 280 ]- لاستغنائهم بتلك الضوابط. نعم يفترق الإمام الهادي (عليه السلام) عن أبيه الإمام الجواد (عليه السلام) بأنَّ للإمام الجواد (عليه السلام) ولداً آخر هو موسى المبرقع، بينما انحصر عقب الإمام الرضا (عليه السلام) بالإمام الجواد (عليه السلام)، كما سبق. إلا أن موسى المبرقع لم يدع الإمامة، ولم يدعها أحد له، ليكون طرفاً في الترديد، ويحتاج في ترجيح الإمام الهادي (عليه السلام) عليه للدليل. | |
|
| |
تراب أقدام المهدي المدير العام
عدد الرسائل : 303 العمر : 47 الموقع : الشرق الأوسط تاريخ التسجيل : 02/04/2012
| موضوع: رد: (في رحاب العقيدة)للسيد الحكيم.مفصّل سهل التناول الثلاثاء يوليو 24, 2012 8:31 am | |
| نصوص إمامة الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) 8 ـ الإمام أبو محمد الحسن بن علي العسكري (صلوات الله عليه). ويدل على إمامته حديث دعبل بن علي الخزاعي الشاعر المتقدم في أحاديث النص على إمامة جده الإمام أبي جعفر الجواد (صلوات الله عليه). وحديث الصقر بن أبي دلف وعلي بن مهزيار المتقدمان في أحاديث النص على إمامة أبيه الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السلام). ويضاف لها..1 ـ حديث سعد بن عبدالله عن جماعة من بني هاشم - منهم الحسن بن الحسن الأفطس - أنهم حضروا يوم توفي أبو جعفر محمد بن الإمام علي الهادي، وقد بُسِط للإمام الهادي (عليه السلام) في صحن داره، والناس جلوس حوله، فقالوا: "قدرنا أن يكون حوله مِن آل أبي طالب وبني هاشم وقريش مائة وخمسون رجلاً، سوى مواليه وسائر الناس، إذ نظر إلى الحسن بن علي قد جاء مشقوق الجيب، حتى قام عن يمينه، ونحن لا نعرفه. فنظر إليه أبو الحسن (عليه السلام) بعد ساعة، فقال: يابني أَحْدِثْ لله عزوجل شكرًا، فقد أحدث فيك أمرًا، فبكى الفتى، وحمد الله، واسترجع، وقال: الحمد لله رب العالمين. وأنا أسأل الله تمام نعمه لنا فيك. وإنا لله وإنا إليه راجعون. فسألنا عنه، فقيل: هذا الحسن ابنه. وقدرنا له في ذلك الوقت -[ 281 ]- عشرين سنة، أو أرجح. فيومئذٍ عرفناه، وعلمنا أنه قد أشار إليه بالإمامة، وأقامه مقامه" (1). 2 ـ ونحوه خبر علي بن جعفر، قال: "كنت حاضراً أبا الحسن (عليه السلام) لما توفي ابنه محمد، فقال للحسن: يا بني أَحْدِث لله شكرًا، فقد أحدث فيك أمراً" (2). 3 ـ وحديث أحمد بن محمد بن عبد الله بن مروان الأنباري، قال: "كنت حاضراً عند [مضي] أبي جعفر محمد بن علي (عليهم السلام)، فجاء أبو الحسن (عليه السلام)، فوضع له كرسي، فجلس عليه، وحوله أهل بيته، وأبو محمد(الإمام العسكري) قائم في ناحية، فلما فرغ من أمر أبي جعفر التفَتَ إلى أبي محمد (عليه السلام)، فقال(الإمام الهادي): يا بني أحدث لله تبارك وتعالى شكرًا، فقد أحدث فيك أمراً" (3). 4 ـ وحديث محمد بن أبي الصهبان، قال: "لما مات أبو جعفر محمد بن علي بن محمد بن علي بن موسى (عليهم السلام) وضع لأبي الحسن علي بن محمد (عليه السلام) كرسي، فجلس عليه، وكان أبو محمد الحسن بن علي (عليهم السلام) قائماً في ناحية، فلما فرغ من غسل أبي جعفر التفت أبو الحسن (عليه السلام) إلى أبي محمد (عليه السلام)، فقال: يا بني أحدث لله شكرًا، فقد أحدث فيك أمراً" (4). 5 ـ حديث أبي هاشم الجعفري، قال: "كنت عند أبي الحسن (عليه السلام) بعدما مضى ابنه أبو جعفر، وإني لأفكر في نفسي أريد أن أقول: كأنهما - أعني أبا جعفر وأبا محمد - في هذا الوقت كأبي الحسن موسى وإسماعيل ابني ـــــــــــــــــــــــ (1) الكافي 1: 326 ـ 327، واللفظ له. بحار الأنوار 50: 245. الإرشاد 2: 318 إعلام الورى بأعلام الهدى 2: 135. كشف الغمة 3: 201. (2) الكافي 1: 326. بحار الأنوار 50: 244. (3) الكافي 1: 326، واللفظ له. بحار الأنوار 50: 240. الإرشاد 2: 316. إعلام الورى بأعلام الهدى 2: 134. (4) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 6: 277. الغيبة للطوسي: 203. بحار الأنوار 50: 243. -[ 282 ]- جعفر بن محمد (عليهم السلام)، وإن قصتهما كقصتهما، إذ كان أبو محمد المرجى بعد أبي جعفر (عليه السلام). فأقبل عليَّ أبو الحسن قبل أن أنطق. فقال: نعم يا أبا هاشم، بدا لله في أبي محمد بعد أبي جعفر ما لم يكن يعرف له، كما بدا له في موسى بعد مضي إسماعيل ما كشف به عن حاله. وهو كما حدثتك نفسك، وإن كره المبطلون. وأبو محمد ابني الخلف من بعدي، عنده علم ما يُحتاج إليه، ومعه آلة الإمامة" (1). 6 ـ حديث علي بن عمرو العطار، قال: "دخلت على أبي الحسن العسكري (عليه السلام) وأبو جعفر ابنه في الأحياء، وأنا أظن أنه هو، فقلت له: جعلت فداك مَنْ أَخُصّ مِن ولدك؟ فقال: لا تخصوا أحداً حتى يخرج إليكم أمري. قال: فكتبت إليه بعد: فيمن يكون هذا الأمر؟ قال: فكتب إليّ: في الكبير من ولدي. قال: وكان أبو محمد أكبر مِن أبي جعفر" (2). 7 ـ حديث علي بن عمر النوفلي، قال: "كنت مع أبي الحسن (عليه السلام) في صحن داره، فمر بنا محمد ابنه، فقلت له: جعلت فداك، هذا صاحبنا بعدك؟ فقال: لا. صاحبكم بعدي الحسن" (3). 8 ـ حديث أحمد بن عيسى العلوي، قال: "دخلت على أبي الحسن (عليه السلام) بصري، فسلمنا عليه، فإذا نحن بأبي جعفر وأبي محمد قد دخلا، فقمنا إلى أبي جعفر لنسلم عليه. فقال أبوالحسن (عليه السلام): ليس هذا صاحبكم.عليكم بصاحبكم- وأشار إلى أبي محمد (عليه السلام) -" (4). ـــــــــــــــــــــــ (1) الكافي 1: 327، واللفظ له. بحار الأنوار 50: 241. الإرشاد 2: 319. (2) الكافي 1: 326، واللفظ له. بحار الأنوار 50: 244. (3) الكافي 1: 325 ـ 326، واللفظ له. بحار الأنوار 50: 242. (4) بحار الأنوار 50: 242. للغيبة للطوسي: 199. -[ 283 ]- 9 ـ حديث شاهويه بن عبدالله الجلاب، قال: "كتب إليّ أبو الحسن في كتاب: أردتَ أن تسأل عن الخلف بعد أبي جعفر، وقلقت لذلك، فلا تغتم، فإن الله عزوجل لا يضل قوماً بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون. وصاحبك بعدي أبو محمد ابني وعنده ما تحتاجون إليه. يقدم ما يشاء الله، ويؤخر ما يشاء الله ((مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَ)). قد كتبت بما فيه بيان وقناع لذي عقل يقظان" (1). 10 ـ حديث علي بن مهرياز، قال: "قلت لأبي الحسن (عليه السلام) : إن كان كونٌ - وأعوذ بالله- فإلى مَن؟ قال: عهدي إلى الأكبر من ولدي" (2). 11 ـ حديث داود بن القاسم أبي هاشم الجعفري قال: "سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: الخلف من بعدي الحسن. فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف، فقلت: ولِمَ جعلني الله فداك؟ فقال: إنكم لا ترون شخصه، ولا يحل لكم ذكره باسمه. فقلت: فكيف نذكره؟ فقال: قولوا: الحجة من آل محمد (عليهم السلام)" (3). وقريب منه أو عينه حديثه الآخر (4). 12 ـ حديث يحيى بن يسار، قال: "أوصى أبو الحسن (عليه السلام) إلى ابنه الحسن قبل مضيه بأربعة أشهر، وأشهدني على ذلك، وجماعة من الموالي" (5). 13 ـ حديث عبد الله بن محمد الأصفهاني، قال: "قال أبو الحسن (عليه السلام) : صاحبكم بعدي الذي يصلي عليّ. قال: ولم نعرف أبا محمد قبل ذلك. قال: فخرج أبو محمد، فصلى عليه" (6). ـــــــــــــــــــــــ (1) الكافي 1: 328، واللفظ له. بحار الأنوار 50: 242 ـ 243. (2) الكافي 1: 326، واللفظ له. بحار الأنوار 50: 244. (3) الكافي 1: 328، واللفظ له. بحار الأنوار 50: 240. (4) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 6: 274. (5) الكافي 1: 325، واللفظ له. بحار الأنوار 50: 346. (6) الكافي 1: 326، واللفظ له. بحار الأنوار 50: 243 ـ 244. -[ 284 ]- 14 ـ حديث عبدالعظيم الحسني المتضمن أنه عرض دينه على الإمام أبي الحسن علي بن محمد الهادي، فذكر الأئمة (عليهم السلام) واحداً بعد واحد، حتى انتهى إليه، فقال (عليه السلام) : "ومِن بعدي الحسن ابني، فكيف للناس بالخلف مِن بعده؟! قال: فقلت: وكيف ذاك يا مولاي؟ قال: لأنه لا يرى شخصه، ولا يحل ذكره باسمه، حتى يخرج، فيملأ الأرض قسطاً وعدلا، كما ملئت جوراً وظلماً" (1). 15 ـ حديث الصقر بن أبي دلف، قال: "سمعت علي بن محمد بن علي الرضا (عليه السلام) يقول: إن الإمام بعدي الحسن ابني، وبعد الحسن ابنه القائم الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلا، كما ملئت جوراً وظلماً" (2). 16 ـ حديثه الآخر عنه (عليه السلام) في تعيين أيام الأسبوع للأئمة (عليهم السلام). وفيه قال (عليه السلام) : "والخميس ابني الحسن، والجمعة ابن ابني، وإليه تجتمع عصابة الحق، وهو الذي يملؤها قسطاً وعدلا، كما ملئت جوراً وظلما..." (3). 17 ـ حديث أحمد بن محمد بن رجا صاحب الترك، قال: "قال أبو الحسن (عليه السلام) : الحسن ابني القائم من بعدي" (4). 18 ـ حديث أبي بكر الفهفكي، قال: "كتب إليَّ أبو الحسن (عليه السلام) : أبو محمد ابني أنصح آل محمد غريزة، وأوثقهم حجة، وهو الأكبر من ولدي، وهو الخلف، وإليه ينتهي عرى الإمامة وأحكامها. فما كنت سائلي فسله ـــــــــــــــــــــــ (1) كمال الدين وتمام النعمة: 379 ـ 380، واللفظ له. بحار الأنوار 50: 239. إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 6: 274. (2) كمال الدين وتمام النعمة: 383، واللفظ له. بحار الأنوار 50: 239. (3) كمال الدين وتمام النعمة: 382 ـ 383. كفاية الأثر: 291. روضة الواعظين: 392. بحار الأنوار 24: 239. (4) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 6: 276. الغيبة للطوسي: 199. بحار الأنوار 50: 242. -[ 285 ]- عنه، فعنده ما يُحتاج إليه" (1). 19 ـ حديث محمد بن عيسى بإسناده عن الإمام الهادي (عليه السلام) : "أنه قال: أبو محمد ابني الخلف من بعدي" (2). 21 ـ حديث إسحاق بن محمد النخعي عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري، قال: "كنت عند أبي محمد (عليه السلام)، فاستؤذن لرجل من أهل اليمن عليه. فدخل رجل عبل طويل جسيم، فسلم عليه بالولاية، فرد عليه بالقبول، وأمره بالجلوس، فجلس ملاصقاً لي: فقلت في نفسي: ليت شعري مَن هذا؟ فقال أبو محمد (عليه السلام) : هذا من ولد الأعرابية صاحبة الحصاة التي طبع آبائي (عليهم السلام) فيها بخواتيمهم، فانطبعت، وقد جاء بها معه يريد أن أطبع فيها. ثم قال: هاتها، فأخرج حصاة، وفي جانب منها موضع أملس، فأخذها أبو محمد (عليه السلام)، ثم أخرج خاتمه، فطبع فيها، فانطبع، فكأني أرى نقش خاتمه الساعة: (الحسن بن علي). فقلت لليماني: رأيته قبل هذا قط؟ قال: لا والله. وإني لمنذ دهر حريص على رؤيته، حتى كأن الساعة أتاني شاب لست أراه، فقال لي: قم فادخل، فدخلت. ثم نهض اليماني وهو يقول: رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت. ذرية بعضها من بعض. أشهد بالله أن حقك لواجب، كوجوب حق أمير المؤمنين (عليه السلام)، والأئمة من بعده (صلوات الله عليهم أجمعين). ثم مضى، فلم أره بعد ذلك". قال إسحاق: قال أبو هاشم الجعفري: "وسألته عن اسمه، فقال: ـــــــــــــــــــــــ (1) الكافي 1: 327 ـ 328، واللفظ له. بحار الأنوار 50: 345. (2) إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 6: 279. -[ 286 ]- اسمي مهجع بن الصلت بن عقبة بن سمعان بن غانم بن أم غانم. وهي الأعرابية اليمانية صاحبة الحصاة التي طبع فيها أمير المؤمنين (عليه السلام) والسبط إلى وقت أبي الحسن (عليه السلام)" (1).
مجموع نصوص إمامة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) هذا ما عثرنا عليه عاجلاً من النصوص على إمامة الإمام أبي محمد الحسن بن علي العسكري (صلوات الله عليه). وإذا أضيفت إلى ما تقدم في الطائفة الرابعة - من النصوص المتضمنة لذكر الأئمة الاثني عشر (صلوات الله عليهم) بأسمائهم - قاربت النصوص الدالة على إمامته التسعين حديثًا. ويؤكدها النصوص المستفيضة بأن الإمامة تجري في الأعقاب وأعقاب الأعقاب، ولا تصير إلى أخ أو عم أو خال، مع ما هو المعلوم من عدم دعوى الإمامة بعد أبيه بالنص لغيره من اخوته.
الكلام حول دعوى الإمامة لجعفر بن الإمام الهادي (عليه السلام) نعم، ادعاها أو ادعيت لجعفر أخيه بعد مضيه (عليه السلام)، لدعوى أن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) لا ولد له. إما على أن يكون جعفر هو الإمام مِن بعد أخيه الإمام الحسن (عليه السلام)، وإما على أن يكون موت الإمام الحسن (عليه السلام) مِن دون ولد كاشفاً عن بطلان إمامته، إذ لابد في الإمام قبل الثاني عشر مِن وجود عقب له، لأن الإمامة بعد الحسن والحسين (عليه السلام) تجري في الأعقاب، ولا تنتقل إلى أخ ولا عم ولا خال، فلابد من انتقال الإمامة من الإمام علي الهادي (عليه السلام) إلى جعفر رأسًا. وعلى كل حال لم يدع أحد النص على جعفر ابتداءً. لكن حيث ثبت بالأدلة القاطعة وجود الخلف للإمام الحسن ـــــــــــــــــــــــ (1) الكافي 1: 347. الغيبة للطوسي: 203 ـ 204. -[ 287 ]- العسكري (عليه السلام) وإمامته، تعيّن بطلان الشبهة المذكورة التي تبتني عليها إمامة جعفر. ويؤكد ذلك أمران: الأول: ما ثبت من عدم أهلية شخص جعفر للإمامة، فضلاً عن أن تكون الإمامة في عقبه. الثاني: أن القائلين بإمامة جعفر قد انقرضوا، ولم يبق لهذه الدعوة مَن يحملها ويدعو لها. وقد أشرنا عند الكلام في إمامة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) أن ذلك دليل على بطلانها. ومِن هنا لا مخرج عما يقضي بإمامة الإمام أبي محمد الحسن العسكري (صلوات الله عليه). | |
|
| |
| (في رحاب العقيدة)للسيد الحكيم.مفصّل سهل التناول | |
|