يا مدلس
افهم واقرأ الرد جيدا
لماذا لاتحرر عقلك ايها الشيعي من معممي أسواق الباطل وحوانيت الضلال والبدع والخرافات والأوهام وترجع الي لباس التوحيد
أكد أمير المؤمنين علي عليه السلام نفسه، أكثر من مرة، أن الشورى حق المهاجرين والأنصار،
1.لم يرو أحدٌ أن علياً لما بايع أبا بكر في النهاية، كفَّر عن يمينه،
2. الأهم: أن هناك رواياتٌ موثَّقةٌ متعددةٌ تؤكّد أنه كان هناك عهدٌ من عليٍّ (ع) لرسول الله صلى الله عليه وسلم على أنه في حال حصول نزاع حول إمارة المسلمين أن يرضى علي ويبايع من رضيه أكثرية المسلمين وبايعوه.
3. الخطبة رقم 37 من نهج البلاغة
من ذلك ما ورد عن علي أنه قال متحدثاً عن بيعته لأبي بكر:
«.. فنظرتُ في أمري فإذا طاعتي قد سَبَقَتْ بيعتي وإذا الميثاقُ في عنقي لغيري»
4. في كتابه "كشف المحجة"، طبع النجف – يروي السيد ابن طاووس (من مشاهير علماء الإمامية) عن علي (ع) حديثاً يقول فيه «لقد أتاني رهطٌ منهم ابنا سعيد والمقداد بن الأسود وأبو ذر الغفاري وعمار بن ياسر وسلمان الفارسي والزبير بن العوام والبراء بن الغازب (العازب) يعرضون النصر عليَّ، فقلت لهم إن عندي من نبي الله صلى الله عليه وسلم عهداً وله إليَّ وصيَّة ولست أخالف ما أمرني به. »
5. و في الكتاب نفسه، وكذلك في مستدرك نهج البلاغة (الباب الثاني، ص 30)جاء عن علي (ع) أنه قال:
«وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلي عهداً فقال: يا ابن أبي طالب! لك ولاء أمتي، فإن ولَّوْك في عافية وأجمعوا عليك بالرضا فقم في أمرهم وإن اختلفوا عليك فدعهم وما هم فيه، فإن الله يجعل لك مخرجاً».
6. و كذلك يروي ابن بكار في "الأخبار الموفقيات" إشارةَ الفضل بن العباس لهذا العهد، خلال حديث يعرب فيه عن استيائه وعدم رضائه عن إعراض الناس عن بيعة علي، فيقول:
«لكانت كراهة الناس لنا أعظم من كراهتهم لغيرنا، حسداً منهم لنا وحقداً علينا، وإنا لنعلم أن عند صاحبنا عهد هو ينتهي إليه».
و بناء عليه فلا يمكن أن يُقْسِمَ الإمامُ على أمر يخالف عهده للنبي صلى الله عليه وسلم !
أما سبب تأخر الإمام عن البيعة لأبي بكر فسببه أن الصحابة استعجلوا في رأيه في هذا الأمر ولم يؤدوه على نحو المطلوب - ولعل الظروف العصيبة التي تلت انتقال النبي صلى الله عليه وسلم وخشية شر المرتدين كالأسود العنسي ومسيلمة والدهشة لوفاته صلى الله عليه وسلم وخشية وقوع فرقة بين الأنصار والمهاجرين، هي التي أدت لهذا الاستعجال حتى كانت البيعة السريعة لأبي بكر "فلتةً" كما وصفها عمر - إذ كان من الواجب أن يشارك في هذا الأمر الخطير جميع كبار الصحابة وأصحاب السابقة في الإسلام لا سيما آل النبي صلى الله عليه وسلم الذين في صدرهم الإمام علي ( عليه السلام ) نفسه، وأن لا تتم البيعة إلا بمشورتهم ورأيهم حتى تكون مشروعيتها كاملةً وتمنع القيل والقال، ولهذا فإن امتناع الإمام عن البيعة في البداية كان اعتراضاً على الطريقة التي تمت فيها وتنبيهاً على عيبها وتوجيهاً لضرورة اتباع المشورة الكاملة والإجماع للبيعة الصحيحة، ثم إن الإمام بايع بعد ذلك فرأب الصدع وببيعته أتم النقص الذي حصل وأكمل مشروعية خلافة أبي بكر على نحو تام.
7. و الحقيقة أن أمير المؤمنين علياً عليه السلام كان شديد الإصرار على رعاية مبدأ الرضا والشورى الكاملة كمبدأ أساسي لمشروعية الحكم، لذلك لما قُتِلَ عثمان وانهال الناس عليه ليبايعوه، فإنه - بدلاً من ذكر أي شيء عن كونه منصوصاً عليه من الله - قال لهم: «.. فإن بيعتي لا تكون خفياً ولا تكون إلا عن رضا المسلمين..» (انظر تاريخ الطبري، طبعة دار التراث، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، ج4/ص 427،
8. وتاريخ ابن أعثم الكوفي: ص 161)، ثم قال لهم قبل أن يبايعوه: «..فأمهلوا تجتمع الناس ويشاورون..» (تاريخ الطبري: 4/433)،
9. وبدلاً من الإشارة إلى أن الإمامة السياسية مقامٌ إلهيٌّ غير مفوّض لانتخاب العامة قال:
«إنما الخيار للناس قبل أن يبايعوا» (انظر بحار الأنوار للمجلسي: ج8 / ص272، طبع تبريز، والإرشاد للشيخ المفيد: ص 115، طبع 1320، وكتاب مستدرك نهج البلاغة، ص 88) .
10. وقال كذلك: «أيها الناس عن ملأٍ وأُذُنٍ أمْرُكُم هذا، ليس لأحد حق إلا من أمَّرتم»
( تاريخ الطبري: 4/435، الكامل لابن الأثير: 4/ 127، وبحار الأنوار للمجلسي: ج8/ص367)
11. (إضافةً إلى عدم احتجاج حضرة أمير المؤمنين بحديث غدير خم، فإن كلام الأنصار هذا نفسه لدليل واضح أن لا أحد منهم كان يرى في خطبة غدير خم نصباً ونصَّاً إلهياً على إمارة وخلافة علي (ع)، وإلا فمن الواضح من كلامهم أنه لم تكن لديهم عداوةٌ خاصةٌ ضدَّ عليٍّ تجعلهم يكتمون ذلك النص الإلهي المزعوم ويتعمَّدون تجاهله، بل من الواضح من كلامهم وموقفهم هذا أنهم مالوا بعد تمام البيعة إلى أن يكونوا قد بايعوا علياً بدلاً من أبي بكر، مما يوضح أنهم لم يكونوا يأبون إمارة علي ولا كان عندهم إصرار على عدم انتخابه
12. حسبما أورده المسعودي في كتابه "إثبات الوصية قول أمير المؤمنين نفسه
أنه عليه السلام، لما سمع أن الناس بايعوا أبا بكر رضي الله عنه قال:
[إن تكن الإمامة في قريش فأنا أحق قريش وإن لم تكن في قريش فالأنصار على دعواهم]، واعتزل الناس دون أن يذكر أي بيان أو احتجاج آخر!
فهل وظيفة المنصوص عليه من قبل الله تعالى ورسوله هي أن يذهب ويعتزل في بيته دون أن يقوم بأي دعوة أو مطالبة؟؟؟؟
13 . وأورد الكشي في رجاله (ص 164 من طبعة النجف)
قصة نقاشٍ وقع بين مؤمن الطاق وزيد بن علي يدل على أنه لم يكن في أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) علم بشيء اسمه الإمامة المنصوص عليها من الله،
قال: [إن مؤمن الطاق قيل له: ما جرى بينك وبين زيد بن علي في محضر أبي عبد الله؟
قال: قال زيد بن علي: يا محمد بن علي! بلغني أنك تزعم أن في آل محمد إماماً مـفترض الطاعة!
قال: قلت نعم، وكان أبوك علي بن الحسين أحدهم.
قال (أي زيد): وكيف وقد كان يؤتى بلقمة وهي حارة فيبرِّدها بيده ثم يلقمنيها، أفترى يشفق علي من حر اللقمة ولا يشفق علي من حر النار؟](رجال الكشي، ص164 (طبعة النجف). أو اختيار معرفة الرجال، طبعة مشهد: ص 187، الحديث 329.)،
أي أن زيداً رضي الله عنه يؤكد أن والده لم يخبره بموضوع وجود إمام مفترض الطاعة من الله!
مما يفيد أن زيداً كان يرى في علي إماماً في الحلال والحرام فحسب، أي أنه إذا قضى بشيء من أحكام الشرع كان ذلك حجة يجب على المؤمنين العمل بها باعتباره كان أعلم أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بأحكام الحلال والحرام.
14. و هذا المعنى جاء أيضاً في رواية طويلة أوردها فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره (ص 181 طبع النجف) فيما يلي نصها:
[قال: حدثنا أحمد بن القاسم معنعنا: عن أبي خالد الواسطي قال: قال أبو هاشم الرماني - وهو قاسم بن كثير!
(أبو هاشم الرماني الواسطي اسمه يحيى توفي سنة 122 وقيل 145هـ. ، وأما قاسم بن كثير فكنيته أبو هاشم ونسبته الخارفي الهمداني بياع السابري روى عنه سفيان الثوري، لهما ترجمة في التهذيب وهما ثقتان) –
لزيد بن علي: يا أبا الحسين بأبي أنت وأمي هل كان علي صلوات الله عليه مفترض الطاعة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قال: فضرب رأسه ورقَّ لذكر رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: ثم رفع رأسه فقال:
يا أبا هاشم كان رسول الله صلى الله عليه وآله نبياً مرسلاً فلم يكن أحد من الخلائق بمنزلته في شيء من الأشياء إلا أنه كان من الله للنبي قال:
﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ﴾ [الحشر:7]
وقال: ﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ الله ﴾ [النساء:80]
وكان في علي أشياء من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان علي صلوات الله عليه من بعده إمام المسلمين في حلالهم وحرامهم وفي السنة عن نبي الله وفي كتاب الله، فما جاء به عليٌّ من الحلال والحرام أو من سنة أو من كتاب فرد الراد على علي وزعم أنه ليس من الله ولا رسوله كان الراد على عليٍّ كافرا، فلم يزل كذلك حتى قبضه الله على ذلك شهيدا، ثم كان الحسن والحسين فوالله ما ادعيا منزلة رسول الله صلى الله عليه وآله ولا كان القول من رسول الله فيهما ما قال في علي غير أنه
قال: "سيدي شباب أهل الجنة"
فهما كما سمى رسول الله كانا إمامي المسلمين أيهما أخذت منه حلالك وحرامك وبيعتك فلم يزالا كذلك حتى قُبِضا شهيدين، ثم كنا ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من بعدهما ولدهما ولد الحسن والحسين،
فوالله ما ادعى أحد منا منزلتهما من رسول الله ولا كان القول من رسول الله فينا ما قال في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم السلام، غير أنا ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله، يحق مودتنا وموالاتنا ونصرتنا على كل مسلم،
غير أنا أئمتكم في حلالكم وحرامكم يحق علينا أن نجتهد لكم ويحق عليكم أن لا تدعوا أمرنا من دوننا، فوالله ما ادعاها أحد منا لا من ولد الحسن ولا من ولد الحسين أن فينا إمام مفترض الطاعة علينا وعلى جميع المسلمين.
فوالله ما ادعاها أبي علي بن الحسين في طول ما صحبته حتى قبضه الله إليه وما ادعاها محمد بن علي فيما صحبته من الدنيا حتى قبضه الله إليه فما ادعاها ابن أخي من بعده لا والله ولكنكم قوم تكذبونفالإمام يا أبا هاشم منا المفترض الطاعة علينا وعلى جميع المسلمين: الخارج بسيفه، الداعي إلى كتاب الله وسنة نبيه، الظاهر على ذلك، الجارية أحكامه، فأما أن يكون إمام مفترض الطاعة علينا وعلى جميع المسلمين متكئ فراشه مرجئ على حجته مغلق عنه أبوابه يجري عليه أحكام الظلمة فإنا لا نعرف هذا يا أبا هاشم](تفسير فرات بن ابراهيم الكوفي (و هو من أعلام الغيبة الصغرى ومعاصر للمحدث الكليني والحافظ ابن عقدة، قيل أنه كان زيدياً) ص 474 - 475 (من الطبعة التي حققها محمد كاظم، طبع طهران،1410ه/ 1990).).
هذا هو الكلام المتين والبرهان المبين الذي تفضل به جناب زيد بن علي بن الحسين عليه السلام الذي يرى أن عليّاً إنما هو إمام المسلمين في بيان أحكام الإسلام من الحلال والحرام
15. من ذلك ما جاء في أحد رسائله لمعاوية (كما أوردها عنه الشريف الرضي في
نهج البلاغة، الرسالة رقم 6، ورواها أيضاً نصر بن مزاحم المنقري في كتابه "صفين" ص 29)
أنه عليه السلام قال:
«إنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليه. فلم يكن للشاهد أن يختار ولا للغائب أن يرد، وإنما الشورى للمهاجرين الأنصار فإن اجتمعوا على رجل وسموه إماماً كان ذلك لِـلَّـهِ رضىً».:
وكلام أمير المؤمنين هذا تؤيده الآية القرآنية الكريمة:
((وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)) التوبة / 101،
وقد وصف الله تعالى أولـئك السابقين من المهاجرين والأنصار بأنهم: ((..وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ))الشورى/38،
فإذا جلس مجموعة من أهل الجنة ليتشاوروا في أمر الإمارة واختاروا أميراً عليهم أفلن يكون ذلك حتماً رضىً لِـلَّـه؟؟
16. علاوة على ذلك فإن عليّاً عليه السلام كان يقول: «والله ما كانت لي في الخلافة رغبة ولا في الولاية إربة، ولكنكم دعوتموني إليها وحملتموني عليها»
(نهج البلاغة / الخطبة رقم 196).
فهل يعقل أن يكون عليا قد أمر من قبل الله تعالى بتولي منصب الخلافة، ثم يقول مقسماً بالله أنه ليس له رغبة بالخلافة ولا إربة بها؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!
أليس لعليٍّ رغبة بتنفيذ أمر الله؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!
17. هل يصح القول مثلاً أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يكن له رغبة ولا إربة بالنبوة بعد أن حمله الله تعالى أمانتها؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟والعياذ بالله.
18. لو كان علي منصوباً حقاً من قبل الله تعالى لمنصب الخلافة والإمارة فلماذا قال - عندما هجم الناس على بيته ليبايعوه:
«فأقبلتم إلي إقبال العوذ المطافيل على أولادها، تقولون: البيعة البيعة! قبضت كفي
فبسطتموها، ونازعتكم يدي فجاذبتموها» ( نهج البلاغة / الخطبة 137 و229)،
19. لو كانت خلافته عليه السلام أمراً إلـهـياً، لوجب عندما وجد المقتضي لاستلامها وانتفى المانع وعاد الحق إلى صاحبه، لوجب على الأقل ألا يمتنع عنها ويظهر عدم ميله لها،
هذا إن لم يجب عليه الإسراع لأخذها والقيام بأعبائها، لا أن يقول - كما روي عنه في النهج - «دعوني والتمسوا غيري! أنا لكم وزيراً خيراً لكم مني أميراً، وإن تركتموني فأنا كأحدكم وأسمعكم وأطوعكم!» (نهج البلاغة/الخطبة 91).
20. و لو أن علياً عليه السلام نُصِّب فعلا من قبل الله عز وجل لأمر الخلافة، فلماذا بدلاً من تحذيره الناس صبحاً ومساء من مغبة مخالفتهم لأمر اللهتعالى وتذكيرهم صبحاً ومساء بخلافته الإلـهية، وسعيه بكل جهده لإحراز الخلافة التي أمره اللهُ القيام بأعبائها، وزجره الخلفاء الذين سبقوه عن غصبهم خلافته، وإعلانه للجميع أن خلافتهم غير مشروعة ومحرمة، أو على أقل تقدير يمتنع عن تأييدها ويسكت عن مدحها، لماذا نجده عليه السلام، بشهادة آثار قدماء الإمامية، يثني على الخلفاء الذين سبقوه ويمتدح خلافتهم فيقول عن أبي بكر مثلاً:
a. «فتولى أبو بكر فقارب واقـتـصد» [كشف المحجة لثمرة المهجة، سيد ابن طاووس، طبع النجف، 1370هـ، ص 177]
b. ، ويقول عن عمر مثلاً: «تولى عمر الأمر فكان مرضي السيرة ميمون النقيـبة» [الغارات، أبو اسحـق الثقفي، ج1/ص307]
c. ويقول عنهما كليهما في مقام آخر: «أحسنا السيرة وعدلا في الأمة» [كتاب وقعة صفين، ص 201]،
e. ولماذا رضي أن يصاهره عمر في ابنته أم كلثوم [انظر منتهى الآمال، للشيخ عباس القمي، ص 186، كتاب "الإرشاد" للشيخ المفيد، وفي "وسائل الشيعة" للحر العاملي، : كتاب الميراث، ج17/ ص 594]،
f. وكان يقتدي بالشيخين في الصلاة [وسائل الشيعة: كتاب الصلاة، ج 5/ ص 383]
g. وسمى ثلاثة من أولاده بأسماء الخلفاء أبي بكر وعمر وعثمان [الإرشاد للشيخ المفيد، دار المفيد للطباعة، ج1/ص 354 ومنتهى الآمال، ص 188 و382] .
21. ما جاء عن الشيخين (رضي الله عنهما)، في رسالته التي بعث بها إلى أهالي مصر مع قيس بن سعد بن عبادة واليه على مصر،كما أوردها إبـراهيم بن هلال الثقفي فـي كتـابـه: "الغارات" (ج1/ص210) والسيد علي خان الشوشتري في كتابه " الدرجات الرفيعة " (ص 336) والطبري في تاريخ الأمم والملوك (ج3/ص550)
قال: [.. فلما قضى من ذلك ما عليه قبضه الله عز وجل صلى الله عليه ورحمته ركاته ثم
إن المسلمين استخلفوا به أميرين صالحين عملا بالكتاب والسنة وأحسنا
السيرة ولم يعدُوَا لِسُنـَّتِهِ ثم توفّاهما الله عز وجل رضي الله عنهما]
22. وفي الخطبة 228 من نهج البلاغة قال عليه السلام عن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب: [..فلقد قوَّم الأود وداوى العمد وأقام السنة وخلَّف الفتنة، ذهب نقيَّ الثوب، قليل العيب، أصاب خيرها وسبق شرَّها، أدَّى إلى الله طاعته واتَّقاه بحقِّه.]
23. وجاء كذلك في الخطبة 164 من نهج البلاغة، أنه لما اجتمع الناس إليه وشكوا ما نقموه على عثمان وسألوه مخاطبته لهم واستعتابه لهم، فدخل عليه فقال:
[إن الناس ورائي وقد استسفروني بينك وبينهم، ووالله ما أدري ما أقول لك!
ما أعرف شيئا تجهله، ولا أدلك على أمر لا تعرفه. إنك لتعلم ما نعلم،
ما سبقناك إلى شيء فنخبرك عنه، ولا خلونا بشيء فنبلغكه، وقد رأيتَ كما
رأينا، وسمعتَ كما سمعنا، وصحبتَ رسول الله - صلى الله عليه وآله – كما صحبنا. وما ابن أبي قحافة ولا ابن الخطاب بأولى بعمل الحق منك...] فشهدلهما بأنهما عملا بالحق
24. كذلك خلافة الحسن بن علي المجتبى عليه السلام لم تتم بالاستناد إلى نص، سواء كان من الرسول (صلى الله عليه وآله) أو من علي عليه السلام، كما جاء في مروج الذهب للمسعودي وتاريخ الطبري والبداية والنهاية لابن كثير أن عليّاً لما ضربه ابن ملجم دخل عليه الناس يسألونه فقالوا:
[يا أمير المؤمنين، أرأيت إن فقدناك، ولا نفقدك، أنبايع الحسن؟
فأجاب: لا آمركم ولا أنهاكم، أنتم أبصر]( مروج الذهب: للمسعودي: ج2 / ص 425، وتاريخ الأمم والملوك: للطبري: ج5/ص 146-ـ 147، والبداية والنهاية: لابن كثير: ج7 / ص 327)،
وأنه لما أخبر أهل الكوفة - قبل أن يضربه ابن ملجم - بشهادته كانوا يقولون له: [ألا تستخلف؟ فيقول: لا ولكن أترككم كما ترككم رسول الله]( مروج الذهب: ج 2 /ص 425، والبداية والنهاية: ج 7 /ص323 إلى 324 من عدة طرق. (ت))،
وأنه لما أخبر الحسنُ الناسَ بوفاة أبيه الجليل
قام ابن عباس وقال: [إن أمير المؤمنين توفي وقد ترك لكم خلفاً فإن أحببتم خرج إليكم وإن كرهتم فلا أحد على أحد،
فبكى الناس وقالوا: بل يخرج إلينا].
هذا في حين أنه لو كان لمسألة الإمامة المنصوص عليها، على النحو الذي يدَّعونه، حقيقة، للزم ووجب أن يقوم علي عليه السلام أثناء فترة حكمه التي دامت خمس سنوات، ببيان هذا الأصل الأصيل والتأكيد عليه قبل أي شيء آخر، وذلك في كل مناسبة وخطبة من خطبه البليغة،
وأن يقوم ابنه الحسن المجتبى بذلك أيضاً ليعلم الناس أمر دينهم وتتم الحجة عليهم ويعرفوا أنه:
أولاً: الإمامة وحكومة المسلمين منحصرة باثني عشر إمام بنص من الله تعالى عليهم لا أكثر ولا أقل (حتى لا يشتبه الأمر على عشرات الفرق التي قالت بإمامة أكثر أو أقل منهم كالشيعة الإسماعيلية والكيسانية والزيدية و.. و..)
وثانياً: أنه - باستثناء إمامة الحسين بعد أخيه الحسن - لا تنتقل الإمامة إلا بنحو عامودي من الأب لابنه، وأنها - باستثناء موردين هما إسماعيل بن جعفر ومحمد بن علي الهادي - تكون للابن الأرشد بعد أبيه.
وثالثاً: أن الأئمة من ولده معصومون مفترضو الطاعة... وأن... وأن...الخ.
24. بعد شهادة الحسين عليه السلام، طبقاً لاتفاق جميع التواريخ المعتبرة، قام أخوه من أبيه محمد بن علي المعروفبمحمد بن الحنفية بتولي منصب الإمامة وعرف أتباعه الذين قالوا بإمامته بالكيسانية، وكتب الملل والنحل وأحاديث الشيعة مليئة بالحديث عن هذا الأمر،
كما روى "الطبرسي" في كتابه "أعلام الورى" (ص152) و"الكليني" في "الكافي" و"الطبرسي أحمد بن علي" في "الاحتجاج"
كلهم عن أبي عبيدة وزرارة كلاهما عن حضرة الباقر عليه السلام قال:
[لما قتل الحسين أرسل محمد بن الحنفية إلى علي بن الحسين فخلا به وقال يا ابن أخي قد علمت أن رسول الله دفع الوصية والإمامة من بعده إلى علي ثم إلى الحسن ثم إلى الحسين وقد قتل أبوك ولم يوص وأنا عمك وصنو أبيك وولادتي من علي وأنا في سني وقدمي أحق بها منك في حداثتك...]( وانظره أيضاً في الأصول من الكافي للكليني: كتاب الحجة: باب ما يفصل به بين دعوى المحق والمبطل في أمر الإمامة، حديث 5، ج1/ ص 348.)،
ومهما كان هذا الحديث مخدوش سنداً ومتناً وعقلا سيما ما ذكر فيه من تحاكم علي بن الحسين إلى الحجر الأسود ليحكم بينه وبين محمد بن الحنفية! والذي من الواضح أنه من اختلاق الوضاعين الذين لا يتورعون عن الكذب في سبيل تأييد مذهبهم، أو من وضع أشخاص أرادوا إيجاد الفرقة بين المسلمين،
لكن أيا كان الأمر فإنه من مسلمات التاريخ أنه بعد شهادة الحسين وجدت الفرقة الكيسانية القائلة بإمامة محمد بن الحنفية ثم تفرعت عنها بعده عدة فرق أخرى أيضاً، ووجود هذه الفرقة وغيرها وإن كان بلا شك وليدا للصراعات السياسية والنزاعات على السلطة، لكنه بحد ذاته يتناقض مع مسألة النص أي مع وجود نص معروف على أسماء الأئمة بأعينهم، إذ لو كان ذلك معروفاً فعلاً، لما صار أحد للإيمان بإمامة محمد بن الحنفية،
ومن العجيب أن نفس أولئك الذين رووا مثل الحديث السابق الذي يقول فيه "ابن الحنفية" لابن أخيه من أبيه "علي بن الحسين": [أنا عمك وصنو أبيك وولادتي من علي وأنا في سني وقدمي أحق بها منك]، ويذكرون أن المختار بن عبيدة الثقفي (قائد ثورة التوابين) وغيره، بقوا، لسنوات مديدة، يدعون لإمامة ابن الحنفية، هم أنفسهم يروون عن نفس محمد بن الحنفية ما يؤيد النص على الأئمة!،
كما روى الكشي في رجاله عن أبي خالد الكابلي الذي كان يقوم بخدمة محمد بن الحنفية، أنه قال له يوماً: [جعلت فداك إن لي خدمة ومودةً وانقطاعاً، أسألك بحرمة رسول الله وأمير المؤمنين إلا ما أخبرتني: أنت الذي فرض الله طاعتـه على خلقه؟
قال: لا، الإمام علي بن الحسـين، عليَّ وعلى كل مسـلمٍ]!
و أيا كان فمن الواضح تماماً أنه لم يكن عند أهل بيت النبوة نصٌّ معروفٌ صريحٌ على الإمامة والخلافة وإلا لما ادَّعى الإمامة أبداً رجل عُرِفَ بالعلم والزهد والشجاعة والتقوى كمحمد ابن الحنفية، ولتبرَّأ من الذين قالوا بإمامته، مع أنه لم يُسمَع منه أبداً أنه ردّ على القائلين بإمامته أو أنكرها، إذن فلم يكن هناك نصٌّ نبويٌ معيّنٌ يحدِّد مَن هم الأئمة.
دليل آخر على عدم وجود النص على أئمة محددين
ثورات عديد من أئمة آل البيت
1 - بيعة أهل الكوفة لجناب زيد بن علي بن الحسين من القضايا الواضحة في تاريخ الإسلام وخروج ذلك الجناب باسم الإمامة من مسلمات التاريخ ذلك أن عقيدته كانت أن الإمام هو من قام بالسيف، من أولاد علي وفاطمة، لأجل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدفاع عن الديـن وردّ الظالمين وإقامة حكم الكتاب والسنة. وهذا من أوضح عقائد وحجج حضرته ودليل على أن ذلك الجناب كان منكراً تماماً لوجود نص يعين أشخاصاً محددين للإمامة والخلافة في أهل بيت النبوة، كما مما رواه فرات ابن إبراهيم الكوفي في تفسيره المعروف بتفسير فرات ابن إبراهيم والذي يعد من كتب الشيعة الموثقة المعتبرة.
وروى الكليني في أصول الكافي (كتاب الحجة: ج1/ ص348) عن علي بن الحكم عن أبَّان وكذلك الكشي في رجاله (ص164) عن أبي خالد الكابلي:
حواراً بين زيد بن علي بن الحسين وأبي جعفر الأحول المعروف بمؤمن الطاق، حول موضوع الإمامة بالنص والنص على الأئمة،
يؤكد رأي الإمام زيد المذكور فيما رواهفرات ابن إبراهيم في تفسيره، خلاصته
أن زيد بن علي يقول لمؤمن الطاق: [بلغني أنك تزعم أن في آل محمد إماماً مفترض الطاعة؟
قال: نعم وكان أبوك علي بن الحسين أحدهم.
قال: وكيف وقد كان يؤتى بلقمة وهي حارة فيبردها بيده ثم يلقمنيها، أفترى يشفق علي من حر اللقمة ولا يشفق علي من حرّ النار؟!
(أي لا يخبرني عن الإمام المفترض الطاعة؟!)].
وهذا الحديث رواه الكشي من طريق آخر أيضاً عن أبي مالك الأحمسي عن مؤمن الطاق. وعليه فإن جناب زيد بن علي بن الحسين الذي نبأ رسول الله عنه وعن شهادته ومدحه وأثنى عليه حسبما أورده القاضي الحسين بن أحمد السياغي الصنعاني في كتابه: "الروض النضير شرح مجموع الفقه الكبير" (ج1/ص58
وما ورد في كتاب "المنهاج" و"هداية الراغبين" كما أثنى عليه حضرة أمير المؤمنين وحضرة الإمام الحسين حسبما رواه ابن طاووس في كتابه الملاحم (ص74 و96 من طبعة النجف)
وما رواه الصدوق في عيون أخبار الرضا (ج1/ ص225-229) والكشي فيرجاله، والذي أثنى عليه أخوه الإمام الباقر وابن أخيه الإمام الصادق وسائر الأئمة عليهم السلام أيضاً،
زيد هذا لم يكن يعتقد أبداً بإمام منصوص عليه سلفا من أهل بيت النبوة،بل كان يعتبر الإمام من يخرج بسيفه فعلا للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإحياء الدين وكان يقول: [ليس الإمام منا من جلس في بيته وأرخى عليه ستره وثبط عن الجهاد ولكن الإمام منا من منع حوزته وجاهد في سبيل الله حق جهاده ودفع عن رعيته وذب عن حريمه]( الأصول من الكافي: كتاب الحجة: باب ما يفصل به بين دعوى..حديث 16في ج1/ص357)،
ونفس خروجه وبيعة الناس له بالإمامة أوضح دليل على عدم وجود النص، مهما حاول القائلون بالنص أن يؤولوا خروج زيد هذا ويفسروه بتفسيرات من قبيل تفسير القول بما لا يرضى به صاحبه!
و العجيب أن مختلقي النص وواضعي الأحاديث فيه، لم يكفوا بلاءهم عن زيد أيضاً، رغم أن عقيدته في عدم النص على الأئمة في غاية الوضوح، بل وضعوا الأحاديث التي تثبت معرفته بالنص!،
كما روى ذلك علي بن محمد القمي في كتابه "كفاية الأثر في النصوص على الأئمة الاثني عشر" فقال: [ويحدث عمر بن موسى الرجهي عن زيد قال: كنت عند أبي علي بن الحسين إذ دخل عليه جابر بن عبد الله الأنصاري فبينا هو يحدثه إذ خرج أخي (أي محمد الباقر) من بعض الحجر فأشخص جابر ببصره نحوه (!)
فقام إليه وقال: أقبل! فأقبل، أدبر! فأدبر، فقال: شمائل كشمائل رسول الله، ما اسمك يا غلام؟
قال: محمد..إلى آخر الحديث]، وقد بينا في نقدنا للحديث الأول من أحاديث النص أن جابرا توفي فيما بين 74 و78هـ في حين كانت ولادة زيد سنة 80 هـ!!
ويكفي هذا لمعرفة مقدار ما يتمتع به الحديث من الصدق والصحة! إضافةً إلى ما تقدَّم من أن جابرَ كُفَّ بصره في آخر عمره فكيف استطاع أن يدقق النظر إلى حضرة الباقر؟!
إن واضعي هذه الأحاديث كانوا مغرمين ومتعلقين بإثبات موضوع النص من الله تعالى على إمامة الأئمّة لدرجة أنهم كانوا يختلقون دون تفكير أي حديث كان، لإثبات مدعاهم، فيقعون دون أن ينتبهوا في أخطاء تاريخية فاضحة!.
2- من القضايا المسلمة في التاريخ قيام محمد بن عبد الله بن الحسن المثنى بن الحسن المجتبى المعروف بـ"النفس الزكية" الذي كان من أكابر أهل بيت النبوة وأجلتهم فضلاً وعلما ًوتقوىً، وتصدِّيه للإمامة، وبيعة الناس - لا سيما عترة الرسول وبنو هاشم - له بالإمامة، إلى حد أن حضرة جعفر الصادق نفسه - الذي تنسب إليه أكثر أحاديث النص هذه - دُعي إلى بيعته،وحسب بعض الأحاديث أنه أعانه في قيامه، كما جاء في كتاب "مقاتل الطالبيين" لأبي الفرج الأصفهاني (ص252) عن سليمان بن نهيك أنه قال:
[كان موسى وعبد الله ابنا جعفر، عند محمد بن عبد الله (أي النفس الزكية) فأتاه جعفر (أي الصادق) فسلم ثم قال:
تحب أن يصطلم أهل بيتك؟
قال: ما أحب ذلك. قال: فإن رأيت أن تأذن لي فقد عرفت علتي.
قال: قد أذنت لك، ثم التفت محمد بعد ما مضى جعفر، إلى موسى وعبد الله ابني جعفر فقال:
الحقا بأبيكما فقد أذنت لكما، فانصرفا. فالتفت جعفر فقال: ما لكما؟ قالا: قد أذن لنا.
فقال جعفر: ارجعا فما كنت بالذي أبخل بنفسي وبكما عنه. فَرَجَعا فشهدا محمداً.].
وفي (ص389) من الكتاب روى: [حدثنا الحسن بن الحسين عن الحسين بن زيد قال: شهد مع محمد بن عبد الله بن الحسن (أي النفس الزكية) من وُلْدِ الحسين أربعة:
أنا وأخي وموسى وعبد الله ابنا جعفر بن محمد عليهم السلام]. وكذلك روى في (ص407):[خرج عيسى بن زيد مع محمد بن عبد الله (النفس الزكية)
فكان يقول له: من خالفك أو تخلف عن بيعتك من آل أبي طالب فأمكنّي منه أضرب عنقه]
و يروي الكليني في أصول الكافي (كتاب الحجة: باب ما يفصل به بين دعوى المحق والمبطل في أمر الإمامة) عدة أحاديث تبين أن محمد بن عبد الله (النفس الزكية) طلب من الصادق أن يبايعه بالإمامة،
منها حديث طويل يبـين إصرار محمد بن عبد الله على بيعة الصادق له أكثر من مرة، حتى وصل الأمر إلى قوله له:
[وَالله لَتُبَايِعُنِي طَائِعاً أَوْ مُكْرَهاً وَلا تُحْمَدُ فِي بَيْعَتِكَ! فَأَبَى (أي الإمام الصادق) عَلَيْهِ إِبَاءً شَدِيداً وَأَمَرَ بِهِ إِلَى الْحَبْسِ فَقَالَ لَهُ عِيسَى بْنُ زَيْدٍ أَمَا إِنْ طَرَحْنَاهُ فِي السِّجْنِ وَقَدْ خَرِبَ السِّجْنُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ الْيَوْمَ غَلَقٌ خِفْنَا أَنْ يَهْرُبَ مِنْهُ فَضَحِكَ أَبُو عَبْدِ الله (عَلَيْهِ السَّلام) ثُمَّ قَالَ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِالله الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ أَ وَتُرَاكَ تُسْجِنُنِي؟ قَالَ نَعَمْ وَالَّذِي أَكْرَمَ مُحَمَّداً (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) بِالنُّبُوَّةِ لأسْجِنَنَّكَ وَلأشَدِّدَنَّ عَلَيْكَ فَقَالَ عِيسَى بْنُ زَيْدٍ احْبِسُوهُ فِي المَخْبَإِ....الحديث]( الأصول من الكافي: كتاب الحجة: باب ما يفصل به بين دعوى.. ج1/ص363، ح 17).
فلو كان هناك نصٌّ نبويٌّ في تعيين ونصب أئمة معينين؛ لعلمه قبل أي أحد آخر هذا السيد الجليل القدر الزاهد المجاهد من أهل بيت النبوة هو وسائر أكابر العترة من آل علي وبالتالي لم يدَّعِ الإمامةَ، لا هو ولا زيد بن علي ولا غيره من سادات الآل، هذا من جهة،
ومن جهة أخرى لقام حضرة الصادق، أو غيره ممن يعرف النص النبوي على الأئمة، بإطلاع زيد ومحمد النفس الزكية وغيرهما من سادات العلويين عليه!.
و من العجب العجاب أن واضعي الحديث وضعوا على لسان والد محمد النفس الزكية هذا الذي كان ابنه يصر كل ذلك الإصرار على مبايعة الصادق له، حديثاً في النص على إمامة الأئمة الاثني عشر! ويرويه عنه الحسين بن زيد بن علي، الذي كان هو وأخوه عيسى بن زيد بن علي أيضاً من أنصار النفس الزكية وممن بايعه بالإمامة وجاهـد بتفان تحت رايته!
والحديث أورده الحر العاملي في " إثبات الهداة " (ج2/ص540) نقلا عن كتاب كفاية الأثر قال: [عن الحسين بن زيد بن علي عن عبد الله بن جعفر بن إبراهيم الجعفري قال حدثنا عبد الله المفضل مولى عبد الله بن جعفر بن أبي طالب قال:
لما خرج الحسين بن علي المقتول بفخ(فخ: بئر بين التنعيم ومكة، والحسين هذا هو الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي عليهما السلام وأمه زينب بنت عبد الله بن الحسن، خرج في المدينة سنة 199هـ في أيام الخليفة العباسي موسى الهادي بن المهدي بن أبي جعفر المنصور، وخرج معه جماعة كثيرة من العلويين وبايعوه بإمارة المؤمنين ثم استشهد بفخ.)واحتوى على المدينة دعا موسى بن جعفر (أي الكاظم) إلى البيعة فأتاه فقال له : يَا ابْنَ عَمِّ لا تُكَلِّفْنِي مَا كَلَّفَ ابْنُ عَمِّكَ (يقصد النفس الزكية) عَمَّكَ أَبَا عَبْدِ الله (الصادق) فَيَخْرُجَ مِنِّي مَا لا أُرِيدُ كَمَا خَرَجَ مِنْ أَبِي عَبْدِ الله مَا لَمْ يَكُنْ يُرِيدُ... الحديث]( وهو أيضاً في أصول الكافي:كتاب الحجة: باب ما يفصل به بين دعوى المحق ج1/ص366).
والحقيقة أن مطالبة الحسين بن علي شهيد الفخ من موسى بن جعفر أن يبايعه، بحد ذاتها دليل واضح على عدم وجود كل تلك النصوص الكثيرة في النص على أسماء الأئمة والتي سبقت دراسة بعضها.
كما أن هناك في أصول الكافي حديث آخر عن نفس عبد الله بن جعفر بن إبراهيم الجعفري هذا، يذكر فيه أن يحيى بن عبد الله بن الحسن، الذي قام بأمر الإمامة بعد شهادة أخيه محمد بن عبد الله بن الحسن (النفس الزكية)، كتب رسالة إلى موسى بن جعفر عليه السلام قال فيها:
[أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أُوصِي نَفْسِي بِتَقْوَى الله وَبِهَا أُوصِيكَ فَإِنَّهَا وَصِيَّةُ الله فِي الاوَّلِينَ وَوَصِيَّتُهُ فِي الاخِرِينَ خَبَّرَنِي مَنْ وَرَدَ عَلَيَّ مِنْ أَعْوَانِ الله عَلَى دِينِهِ وَنَشْرِ طَاعَتِهِ بِمَا كَانَ مِنْ تَحَنُّنِكَ مَعَ خِذْلانِكَ وَقَدْ شَاوَرْتُ فِي الدَّعْوَةِ لِلرِّضَا مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه) وَقَدِ احْتَجَبْتَهَا وَاحْتَجَبَهَا أَبُوكَ مِنْ قَبْلِكَ وَقَدِيماً ادَّعَيْتُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ وَبَسَطْتُمْ آمَالَكُمْ إِلَى مَا لَمْ يُعْطِكُمُ الله فَاسْتَهْوَيْتُمْ وَأَضْلَلْتُمْ وَأَنَا مُحَذِّرُكَ مَا حَذَّرَكَ الله مِنْ نَفْسِهِ..الحديث](وهو أيضاً في أصول الكافي:كتاب الحجة: الحديث 19 في: ج1 / ص 366 - 367.).
فنلاحظ في هذا الحديث أن يحيى بن عبد الله ينكر أي نص على الأئمة،
وليس هذا فحسب بل يقول للكاظم أنه ادعى هو وأبوه من قبل (أي الصادق) الإمامة مع عدم استحقاقهم لها وأنهما طمحا إلى ما لم يعطهما الله!
هذا ويدعي القائلون بالنص أن قيام هؤلاء السادة العلويين الأجلاء لم يكن للدعوة لإمامة أنفسهم بل للدعوة للرضا من آل محمد وهو إمام الوقت من الأئمة الاثني عشر، وهذا الادعاء لا صحة، نعم هم دعوا لإمامة الرضا من آل محمد أي لمن يرتضيه الناس للإمامة من آل محمد، وهو ليس شخصاً مجهولاً بل هو نفس القائم لا غيره، كما يظهر جليا في نفس تلك الرسالة المشار إليها، حيث يقول يحيى بن عبد الله للكاظم:
[وقد شاورتك في الدعوة لرضا من آل محمد وقد احتَجَبْتَها واحتَجَبَهَا أبوك من قبلك] أي رفضتها كما رفضها أبوك من قبلك، فيا ترى لو كانت الدعوة لإمامة الكاظم أو الصادق نفسهما فكيف يرفضونها وهل كانا يرفضان إمامة أنفسهما؟
ثم كيف يجتمع الادعاء بأن القائمين من العترة كانوا يدعون لإمام الوقت من الأئمة الاثني عشر مع قول يحيى بن عبد الله للكاظم في رسالته:
[وَقَدِيماً ادَّعَيْتُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ وَبَسَطْتُمْ آمَالَكُمْ إِلَى مَا لَمْ يُعْطِكُمُ الله..!]، بل لننظر بما أجاب الكاظم على رسالة يحي، قال له: [..أَتَانِي كِتَابُكَ تَذْكُرُ فِيهِ أَنِّي مُدَّعٍ وَأَبِي مِنْ قَبْلُ وَمَا سَمِعْتَ ذَلِكَ مِنِّي وَسَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ!]( تتمة نفس الحديث السابق).
و أيّاً كان الأمر فالذي نستنتجه من هذه الروايات وأمثالها أنه لم يكن في وسط أهل بيت الرسول وآل علي شيء اسمه أحاديث النص على أئمة بأعيانهم،
وإلا لما ادَّعى أمثال زيد بن علي بن الحسين ومحمد بن عبد الله ويحيى بن عبد الله والحسين بن علي بن الحسن وعشرات من أئمة العترة الأجلاء الآخرين الإمامة، إلى حد أن يُبَايَع محمد بن جعفر الصادق، في وقت من الأوقات في مكة المكرمة، بالخلافة وإمارة المؤمنين
حتى يقول الأصفهاني في مقاتل الطالبيين: [ظهر محمد بن جعفر بن محمد بالمدينة ودعا إلى نفسه وبايع له أهل المدينة بإمرة المؤمنين وما بايعوا عليها بعد الحسين بن علي (شهيد فخ) أحداً سوى محمد بن جعفر بن محمد!](مقاتل الطالبيين: ص 537.
ووقعت بينه وبين هارون الرشيد معارك ثم أرسل له حضرة "علي بن موسى الرضا" ليقنعه بالعدول عن إمارته وإطفاء نار الحرب، لكن "محمد بن جعفر" رفض وساطة الرضا وثبت بكل بسالة على موقفه حتى وافته الشهادة.
وكذلك مشاركة حضرة موسى بن جعفر - أي أحد الأئمة المدعى أنه منصوص عليه من الله تعالى ورسوله - مع أخيه "محمد بن جعفر" بأمر من أبيهما "جعفر الصادق"، في جهاد وثورة الإمام محمد بن عبد الله النفس الزكية (رحمه الله) الذي قام لنيل منصب الخلافة، والذي سبقت الإشارة إليه. فهل يجوز لإمام منصوصعليه من الله، أن يقوم بنصرة وتأييد شخص آخر يدعي الإمامة والخلافة بلا حق وبنحو غير مشروع؟!
أفلا تدلّ كل هذه الحوادث وادعاءات الإمامة من أبناء علي وتأييد عض الأئمة الاثني عشر لهم في ثوراتهم أو على الأقل سكوتهم عن إعلان أحاديث النص، على أن أحاديث النص تلك مكذوبةٌ موضوعةٌ لا أساس لها؟