الشناوي احمد المدير العام
عدد الرسائل : 506 تاريخ التسجيل : 20/02/2012
| موضوع: ليس الخمس إلا في الغنائم خاصَّة الجزء الاول يا شيعه الإثنين أغسطس 20, 2012 2:46 pm | |
| ليس الخمس إلا في الغنائم خاصَّة الجزء الاول
قال الصادق عليه السلام: ليس الخمس إلا في الغنائم خاصَّة.«من لا يحضره الفقيه» مقدِّمة بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبيِّنا محمّدٍ وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار الأبرار الميامين أجمعين، وبعد،
فإن مسألة وجوب دفع خمس أرباح المكاسب والتجارات والصناعات والزراعات وغيرها من المكاسب.. من المسائل التي اختص بها فقه المذهب الإمامي الاثني عشري وفارق بها سائر المذاهب الإسلامية حتى الشيعية منها وهي مسألة هامة وذات آثار كبيرة، منهم من قال بدفنه أو رميه في البحر إلى حين ظهور الإمام المهدي!! هذا في حين ذهب معظم المتأخرين إلى إعطائه كاملاً للمراجع المجتهدين.
فما هي قصة هذا الخمس وما أصلها؟ ومتى بدأ أخذه؟ وهل له مستند شرعي في الكتاب والسنة؟ وما مدى صحة الأخبار المنسوبة إلى الأئمة من آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بشأنه؟ وهل في الإسلام فعلاً تمييزٌ لأسرة أو نسب معين – مثل ذرية بني هاشم أو ذرية النبي صلى الله عليه وآله وسلم - على سائر المسلمين بحق ماليٍّ؟ وهل في سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه وسيرة علي بن أبي طالب عليه السلام ما يشهد لمثل هذا الخمس الذي يتحدثون عنه؟ وإن لم يكن كذلك فمن وضع هذه الفكرة؟ ولماذا وكيف؟
هذه أسئلة هامة ربما تدور في خلد كثير من المسلمين بل من الشيعة أنفسهم وتبحث عن جواب شافٍ، قال تعالي ﴿لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلا الحَقَّ ﴾ (النساء/171) لقد ميَّز اللهُ الإنسانَ وحدَه عن جميع كائنات الكرة الأرضية من جمادات ونباتات وحيوانات بالعقل والذكاء واختصَّه بالقدرة على التمييز بين الأمور. وهذه الميّزة هي التي منحته القدرة المنفردة على تسخير الطبيعة واستغلال ثرواتها وذخائرها، فأخضع جميع كائنات الأرض البسيطة لسيطرته وجعلها مطيعة له. أجل لقد منح هذا الامتياز الإنسان تسلطاً على الكائنات والموجودات الأخرى في هذا العالم فاستغلها لمنافعه أو استخدمها لتحقيق أغراضه وأهوائه واستفاد منها في تلبية حاجاته وتحقيق آماله ، وقد أنقذ الإسلام جسم الإنسان بتخليصه من الأعمال الشاقة كما أنقذه من رجس وخبائث الأطعمة والأشربة وهداه إلى الراحة والرفاه بطيبات ملذات الحياة من طعام ونكاح، كما أنقذ الإسلام روح الإنسان التي كانت مكبلة بقيود الشرك والوثنية وأسيرةً للخضوع لكائنات حية من أمثاله أو للفراعنة والجبابرة وعبادتها فحرَّرها من تلك العبوديات وأوصل كرامة الإنسان وشرفه إلى مقام مسجود الملائكة الذي سُخِرت له الكواكب السماوية وكائنات عالم الوجود كلها كما قال تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً..﴾ (لقمان/20) وقال: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ (الإسراء/70) فعليه أن يعرف قدر نفسه وأن يطوي سير كماله بالتوجه إلى ذات خالق العالم ويسعى إلى لقاء رب الوجود جاعلاً هذا الهدف نصب عينيه حيث بُشِّر بلذَّات النفس والروح إلى ما لا يمكن تصوره وبالرضوان الإلهي الذي يوصله إلى عندية الذات اللامتناهية التي هي غيب الكمال ويمنحه نعماً وبركاتٍ أخرى لا تُحصى ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا..﴾ (إبراهيم/34). إحدى تعاليم الإسلام الأصيلة والعظيمة والرفيعة فريضة «الزكاة»، حيث أن العمل بهذه الفريضة الإلهية كفيلٌ بحل مشاكل الحرمان والحاجة الاجتماعية والإنسانية التي لا مفر منها في الحياة في هذا العالم. فقد حدَّد الله تعالى للمسلمين في كتابه السماوي المجيد ميزانيةَ الزكاة لتأمين مصاريف ثمانية أقسامٍ من حاجات المجتمع ((((إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60)))) · فأمر بصرفها للفقراء · والمساكين كي يستطيعوا العيش بكرامته، · ثم للعاملين على جمعها · ثم للمؤلفة قلوبهم الذين يميلون نحو حقيقة الإسلام · ثم للمفلسين الذين ركبتهم الديون كي ينجوا من ذلك الوضع الذي وقعوا فيه · ثم للعبيد حيث أن العبودية كانت عاراً حلّ بالبشرية فأراد الإسلام بهذه الوسيلة أن يرفع هذا العار تدريجياً، ثم أمر بصرفها في قضاء جميع الحاجات الاجتماعية للبلدان الإسلامية · وفي الجهاد وفي كل ما فيه قوة وصلاح لمجتمع المسلمين حسب مقتضيات · وفي النهاية أمر بصرفها لتأمين خاطر أبناء السبيل المسافرين الذين تقطَّعت بهم السبل لمساعدتهم في العودة إلى بلدانهم. وقد جاء في أكثر من مائة آية من آيات القرآن المجيد الأمر بالإنفاق مما رُزِقه الإنسان أي مما كسبه من عمله وتجارته وغلات أرضه ومواشيه والمعادن وغيرها. قال تعالى: ﴿أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ...﴾ (البقرة/254) و﴿أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأرْضِ..﴾ (البقرة/267) و﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ...﴾ (البقرة/3) وأمثالها. ولكن يد الفضول والجهل والهوى والغرض لعبت بهذه الميزانية العظيمة فحصرتها في تسعة أشياءٍ أكثرها لم يعد رائجاً بين أبناء البشر في زماننا. والشيعه صرفوا النظر عن جميع آيات كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وسيرة مسلمي صدر الإسلام التي تبيّن بوضوح أن الزكاة كانت تؤخذ من جميع المحاصيل والمداخيل والإيرادات الناتجة عن غلات الأراضي الزراعية والبساتين والحقول وعن المواشي وأرباح التجارة والكسب والإيرادات الناجمة عن استغلال المعادن والمراتع والأموال المخلوطة بالحرام والكنوز ، وتعلقوا بعدد من الأحاديث والروايات الضعيفة المذكورة في كتب الأحاديث والأخبار، والتي يرويها، لحسن الحظ أو لسوئه، أسوأ الرواة سمعةً... فمثلا يستند القول بانحصار الزكاة في الأشياء التسعة في كتب حديث الشيعة إلى ستة أحاديث خمسة منها مروية عن أحد أسوء رواة الأخبار سمعةً وهو «علي بن فضال» الذي قال عنه صاحب السرائر(((صاحب السرائر هو الفقيه محمد بن إدريس الحلي، من كبار فقهاء الإمامية في القرن السادس الهجري وصاحب كتاب السرائر الذي عُرِفَ فيه بآرائه الجديدة الجريئة في الفقه وانتقاده لمن سبقه من الفقهاء، توفي سنة 598هـ))) «عليُّ بن فضّال ملعونٌ ورأس كل ضلال هو وأبوه»(انظر ابن إدريس الحلي، كتاب «السرائر» (ج1/ص495) حيث قال في معرض تعليقه على روايتين مرسلتين: «وراوي أحدهما فطحي المذهب، كافر ملعون، وهو الحسن بن الفضال، وبنو فضال كلهم فطحية، والحسن رأسهم في الضلال..».). هكذا لعبوا بسائر الفرائض والقوانين والأحكام الإسلامية حتى خرجت جميع أحكام الإسلام المحيية للمجتمعات والكفيلة بتأمين سعادتها من دائرة العمل وأصبحت نسياً منسياً، واذا أراد المسلمون اليوم أن يسعوا إلى تطبيق أيٍّ من تلك الأمور والأحكام بصورتها الحقيقيَّة في المجتمع الشيعي سارع أعداء شريعة سيد المرسلين الحقيقيون الذين يتسمى بعضهم لسوء الحظ باسم العلماء والمراجع إلى الحكم على من يريد تطبيق تلك الأحكام بالكفر والزندقة والخروج من الدين! ولا يقتصر الأمر على إدانة من يريد تطبيق تلك الأمور بل يتعدّاه إلى إدانة من يتكلّم بوجوبها وربّما حكموا بقطع لسانه وحرقه في النار!! ومن الناحية الأخرى تم إحداث وتقوية البدع الرائجة والضلالات الموجودة والخرافات الشائعة والأوهام المتبعة · مثل عبادة الأشخاص ورفع بعض مشاهير رجال الإسلام إلى مصاف الآلهة أو أبناء الله مما يفوق شرك الجاهلية، · وابتداع مراسم وطقوس عزاء غير مشروعة وتوسلات شركية وزيارات للمراقد خاطئة تشبه تردُّد المجوس وأهل الجاهلية إلى معابد النيران والأصنام،
· وتعمير المشاهد على القبور وتزيين الأضرحة وترغيب الناس بالاعتكاف بها والإقامة عندها وكله مما نهى عنه العقل والشرع، ووقف الأرضي على مثل تلك الأمكنة والبقاع لتقوية تلك المزارات وتزيينها،
· وإحياء التفاخر بالنسب والعرق والقومية التي حاربها الإسلام بكل قوَّة وشدَّة، وتعيين حقوق ومزايا خاصة لِنَسَبٍ خاص (بنو هاشم) ومن جملة ذلك «الخمس» الذي شاع بين الشيعة الإمامية بنفس القوة والشدة التي شاعت بها البدع الأخرى بل بقوَّةٍ أشد...
إن «الخمس» بنص القرآن الصريح وطبقاً لسنة نبي آخر الزمان الواضحة ولسيرة عامة المسلمين اسمٌ للخمس الذي يؤخذ من غنائم الحرب التي تقع بين المسلمين والمشركين
وتعود لجيش المسلمين المجاهد، فللحاكم وقائد تلك الحرب أن يأخذ خمس الغنائم ثم يوزع أربعة أخماسها الباقية طبقاً لشريعة الإسلام على المجاهدين. هذا «الخمس» تحول إلى ضريبة ظالمةٍ تؤخذ لا من أموال المشركين بل من عرق جبين الشرائح الغنية والفقيرة من شيعة أمير المؤمنين المخلصين الأوفياء وكدِّ يمينهم، تأخذها طبقة من الطفيليين الذين لا يرحمون حتى الضعفاء فيأخذون منهم هذه الضريبة بعد أن يخوِّفوهم من عذاب الله إن لم يؤدوها لهم، ليديروا بها مجالس السرور والانبساط للمعممين والمراجع . وباختصار جميع ما له عنوان المال والقيمة، فكل ذلك يجب أن يؤدى خمسه من أي نوع كان ليُعطى لطبقة خاصة ذات امتياز كي يقوم الشيخ أو ما يُسمَّى بالمرجع · بصرف نصفها في أمور لا يسأل عنها · ويعطي النصف الآخر إلى مساكين السادة [أي الأشراف من بني هاشم] وأيتامهم وأبناء السبيل منهم (مع أن هؤلاء يمكنهم أن يستفيدوا من الزكوات والصدقات من أمثالهم من الأشراف وأحياناً من غيرهم أيضاً). وَيُعْطَوْنَ منه حتى لو كانوا أغنياء، وفي الواقع يبقى المساكين والفقراء من أصحاب هذا النسب في مأمن من الفقر والعوز جميع حياتهم!! حيث يقوم السيد [أي الهاشمي أو علوي النسب] بأخذ المال سنةً بعد سنة حسب حاله كي يعيش كل سنته مرتاح البال وينشغل بتكثير نسل الكسالى والمتواكلين أمثاله! لنضع أمامك أيها القارئ العزيز هذا البحث المختصر إن كنت طالباً للحق وباحثاً عن الحقيقة كي ترى منصفاً ماذا فعلوا بشريعتك التي هي عين حياة سعادتك في الدارين؟! ومن هذا النموذج ستدرك أي مصائب وكوارث أوقعوها بهذه الشريعة! عسى أن تنهض أنت أيضاً وتقوم بالبحث والتحقيق بقدر وسعك في دينك العزيز لتنقذه من مخالب حراس الطلاسم والسحر والخرافات كي تصل قبل حلول أجلك لمنبع الحقيقة فترحل عن هذه الدنيا إلى الحياة الأبدية برفقة كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإجماع جميع مسلمي العالم. فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي هو مؤسس شريعة الإسلام المقدسة لم يجمع في جميع مدة حياته ديناراً ولا درهماً ولم يأخذ لنفسه من أحدٍ حبةً أو فلساً باسم خمس الأرباح أو يختصها لنفسه بوصفه إمام المسلمين أو يعطيها لأهل بيته الطاهرين،
ورغم أن الوضاعين نسبوا إليه كثيراً من الأكاذيب حتى قام في زمن حياته فقال: «قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ الْكَذَّابَةُ فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» الكليني، أصول الكافي، 1/62. وجاء نحوه في نهج البلاغة، الخطبة 210.) رغم ذلك لم نجد، لحسن الحظ، حديثاً واحداً بل نصف حديث ولو موضوعاً ومكذوباً لدى جميع المسلمين يفيد أخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم لمثل هذا الخمس من مكاسب الناس وأرباحهم!
والواقع أن ظهور هذه البدعة يعود إلى قرنٍ ونصف بعد هجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم حيث وضعها الغلاة والكذابون من أمثال 1- «علي بن أبي حمزة البطائني» 2- و«علي بن فضال» الضال المضل 3- و«أحمد بن هلال» 4- و«سهل بن زياد» 5- و«سماعة بن مهران» 6- و«علي بن مهزيار»
الذين كانوا يعدون أنفسهم ممثلين ونواباً للأئمة المعصومين فكانوا يأخذون ذلك الخمس بهذه الحجة من شيعة الأئمة. وسنطلع في هذا الكتاب على الهوية الحقيقية لأولئك الرواة. لكن الذي أدى إلى حيرة فقهاء الشيعة هو أن هناك أحاديثَ عن خمس غنائم الحرب وهذا «الخُمْس» كان يؤخذ زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أموال المشركين التي يتم غنيمتها في الحرب
وكذلك سأل بعض الشيعة من الأئمة المعصومين سلام الله عليهم عن هذه المسائل وأجاب أولئك الكرام بأنه الخمس. مثل هذه الأحاديث أدت إلى أن يخلط بعض الناس زكاة المعادن التي مقدارها الخمس ومصارفها هي مصارف الزكاة عينها بالخمس الذي مصارفه مصارف خمس غنائم الحرب،
وإلا فإن الأئمة لم يخترعوا شريعة في مقابل شريعة سيد المرسلين ولم يقولوا بأي حكم سوى ما بيّنه القرآن المجيد وسنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ونسبة مثل هذا الأمر والعياذ بالله إلى الأئمة الكرام أسوأ ألف مرة من قتلهم بالسيف والسنان لأنه في مثل هذه الصورة يجب اعتبارهم مدّعين لنبوة جديدة بعد خاتم الأنبياء والعياذ بالله أو محرفين لكتاب الله ومثل هذه العقيدة والقول كفر صريح.
إذا كان أساس الدين كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإن كتاب الله وسنة رسول الله لا يعرفان شيئاً من مثل هذا الخمس الذي يتكلمون عنه وإلا فإن طريق الضلال واسعٌ!
إن دليل حكم «الخُمْس» ومستنده من كتاب الله (القرآن الكريم) هو الآية الكريمة 41 من سورة الأنفال التي تقول: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِـلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ باللهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [الأنفال/41] وقد بيَّنَتْ الآيات التي تلت هذه الآية تلك الأمور التي حدثت في ذلك اليوم الذي أشارت إليه – أي يوم الفرقان – والتي كانت أحداث معركة بدر
. كما أن الآيات التي تسبق الآية المذكورة تتعلق أيضاً بالحرب والجهاد وهو ما سنشرحه عن قريب إنشاء الله خلال بياننا لآيات الغنائم.
يجمع أكثرية المفسرين والمؤرخين وأرباب السير على أن نزول هذه الآية كان عقب معركة بدر التي يتفق المؤرخين على أنها وقعت في السنة الثانية للهجرة،
وأن الآية الكريمة نزلت لرفع الاختلاف وإنهاء النزاع الذي وقع بين المجاهدين حول تقسيم الغنائم التي وقعت بأيدي المسلمين إِثْر تلك المعركة.
وقد عمل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمقتضى هذه الآية. وهناك أقوال أخرى أيضاً ترى أن المراد من غنيمة الحرب في هذه الآية ليس غنائم معركة بدر فقط بل غنائم الغزوات الأخرى قبلها أو بعدها، ولكن لما كان هذا الخلاف غير مؤثر في موضوعنا لذا لن نتعرض له. هنا نرى من الضروري لأجل توضيح الموضوع والوصول إلى الحقيقة بشأن مسألة الخمس أن نقدم له بذكر عدَّة نقاط:
| |
|
الشناوي احمد المدير العام
عدد الرسائل : 506 تاريخ التسجيل : 20/02/2012
| موضوع: رد: ليس الخمس إلا في الغنائم خاصَّة الجزء الاول يا شيعه الإثنين أغسطس 20, 2012 2:50 pm | |
| يتبع
ليس الخمس إلا في الغنائم خاصَّة الجزء االثاني قال الصادق عليه السلام: ليس الخمس إلا في الغنائم خاصَّة.«من لا يحضره الفقيه»
هنا نرى من الضروري لأجل توضيح الموضوع والوصول إلى الحقيقة بشأن مسألة الخمس أن نقدم له بذكر عدَّة نقاط:
1- النقطة الأولى: كانت الآية المذكورة أول حكم يتعلق بموضوع الأموال وحقوق الله ورسوله بشأن تقسيمها، كما كانت أول ما تم تنفيذه في هذا المجال. فرغم أن الآيات المتعلقة بالزكاة قد نزلت في عدد من السور المكية في مكة المكرمة أي قبل الهجرة إلى المدينة إلا أنها كانت دون بيانٍ لكيفية تقسيمها أو تحديدٍ لمصارفها أو لمقدار نصابها، وذلك لأن آيات الزكاة لم تأخذ طريقها إلى العمل في ذلك الوقت [حيث لم تقم دولة الإسلام بعد] ولم يكن لها ملاك محدد. واستمر ذلك حتى السنة التاسعة أو العاشرة بعد هجرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عندما نزل أمر الله سبحانه وتعالى الذي يقول: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا..﴾ (التوبة/103)، ونزلت الآية التي تحدد مصارفها وهي قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِينِ وَالعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ (التوبة/60). بعد نزول هذه الآيات نفذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما أمره به ربه وأرسل العمال لأخذ الزكاة إلى القبائل والبلاد. هذا في حين أن خمس الغنائم بدأ العمل به منذ السنة الثانية للهجرة. 2- النقطة الثانية: لكي نعرف لماذا تأخر العمل بحكم الزكاة رغم نزول الأمر بها في الآيات المكية (قبل الهجرة)، في حين تمَّ العمل فوراً بآية الخمس،لا بد أن نلاحظ وضع المسلمين المالي في تلك الأيام، حيث كان أكثر المسلمين في تلك الفترة فقراء مساكين، لأن جميع المهاجرين الذين تركوا مكة خائفين فارِّين بدينهم خلَّفوا وراءهم كل ما كانوا يملكونه من مال وأرض ومتاع وخرجوا لينجوا بأنفسهم فقط إلى المدينة أو إلى بلاد أخرى (الحبشة وغيرها)، فصار المهاجرون ضيوفاً على إخوانهم في الدين «الأنصار». كما كان أكثر الذين آمنوا من أهل المدينة من الفقراء فمثلاً: كانت كل ثروة أبي أيوب الأنصاري مضيف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عبارة عن منزل صغير مؤلف من غرفتين إحداهما فوق الأخرى حيث أعطى الغرفة العلوية لرسول الله واختار هو البقاء في الغرفة السفلية ولكن الرسول اختار الغرفه السفليه ولم يكن حال بقية المسلمين أفضل من حال أبي أيوب بكثير. وإذا ألقينا نظرة على عدة المسلمين في معركة بدر والتي كانت كما ذكر المؤرخون فرسان وسبعة سيوف وسبعون جملاً فقط أدركنا جيِّداً وضع الفقر والعوز الذي كانوا يعيشون فيه. والأكثر دلالة من كل ذلك، الدعاء الذي دعا به نبيّ الله للمسلمين لدى خروجه بهم إلى «بدر»
كما ذكره الواقدي في «المغازي» (1/26) ورُوِيَ في السنن الكبرى للبيهقي (6/305): «عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو: أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- خَرَجَ يَوْمَ بَدْرٍ في ثَلاَثِمِائَةٍ وَخَمْسَةَ عَشَرَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «اللَّهُمَّ إِنَّهُمْ حُفَاةٌ فَاحْمِلْهُمُ اللَّهُمَّ إِنَّهُمْ عُرَاةٌ فَاكْسُهُمُ اللَّهِمَّ إِنَّهُمْ جِيَاعٌ فَأَشْبِعْهُمْ». وكذلك جاء في كتاب «المصنَّف» القيِّم لعبد الرزاق الصنعاني (ج5/ ص209، ح9402) ما نصُّه: «عبد الزراق عن معمر يعني عن أيوب عن بن سيرين عن عبيدة قال: نزل جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر فقال: إن ربك يخيِّرك إن شئت أن تقتل هؤلاء الأسارى وإن شئت أن تفادي بهم وتقتل من أصحابك مثلهم فاستشار أصحابه فقالوا نفاديهم ونتقوَّى بهم ويكرم الله بالشهادة من يشاء ».
3- النقطة التي يجب أن ننتبه إليها في مسألة الخمس هي أن آية الخمس الكريمة (في سورة الأنفال) التي ذكرناها أول الفصل صُدِّرَت بقوله تعالى ﴿وَاعْلَمُوا..﴾ وهذه الكلمة إذا تأملناها بدقة لاحظنا أن لحنها ولهجتها ليست لهجة أمرٍ أو مطالبة بأخذٍ بل لجتها لهجة إعلام وإرشاد أي أنها لم تأتِ على النحو الذي جاءت به آيات الأمر بالصلاة والزكاة والتي جاءت بصيغة الأمر الواضح.
والسبب هو أن غانم الغنيمة ليس مالكاً لها قبل تقسيمها حتى يتوجه إليه وجوب دفعها. وهذه النقطة تفطَّن إليها كثير من فقهاء الشيعة الكبار في مسألة خمس الغنائم واعترف بها وأشار إليها(ولذلك نلاحظ الفرق بين هذه الآية وبين آيات الزكاة التي تتصدر بصيغة الأمر كقوله تعالى: ﴿وَآَتُوا الزَّكَاةَ﴾ [البقرة/43] ﴿وَآَتُوا حَقَّهُ﴾ [الأنعام/141] ﴿أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ﴾ [البقرة/254] ﴿أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ﴾ [البقرة/267] -﴿وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي آَتَاكُمْ﴾ [النور/33]
وقد جاء عقب أكثر آيات الزكاة التهديد المنكرين والمخالفين بالعذاب الشديد، وأمثالها من الآيات التي تهدِّد بعذاب الله في نار جهنم. أما في الآية الكريمة المتعلِّقة بالخمس فقد جاء الكلام بلهجةٍ وصيغةٍ إعلامية وإرشادية فابتدأ بقوله: ﴿وَاعْلَمُوا..﴾والتي لا يخفى على أهل الأدب والعارفين بلغة العرب ما فيها من لطف واختلاف عن تلك الأوامر، وذلك لأن المسألة هنا مسألة علمية وليست عمليةً، ومسألة اعتقادية وليست اكتسابية ومعرفية لا مسألة أمر بإعطاء وإيجاب لدفع؛ لذا بدأت بعبارة ﴿وَاعْلَمُوا..﴾ وليس بعبارة "وآتُوا أو وأدُّوا" واختتمت بعبارة ﴿إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الفُرْقَانِ﴾ [الأنفال/41]. حيث تستدعي الآية قوة الإيمان وعقيدة المجاهدين والغانمين لتدعوهم إلى التسليم بتقسيم الغنائم! وإذا لاحظنا جميع الآيات التي ذُكرت فيها كلمة ﴿وَاعْلَمُوا..﴾ لرأينا أن جميعها ذا جانب إرشادي وخاصية وعظية إرشادية تدعو مخاطبيها إلى الإيمان والتقوى، كما نلاحظ ذلك في الآيات التالية: ﴿وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ المُتَّقِينَ﴾ [البقرة/194] ﴿وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [البقرة/196] ﴿وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [البقرة/231] ﴿وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ [البقرة/203] ﴿وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ﴾ [البقرة/223] ﴿وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ [البقرة/233] ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ﴾ [البقرة/235] حيث أنه بعد الأمر بالتقوى يأتي الإعلام بطريقة الوعظ والإرشاد بحقيقة إيمانية اعتقادية، كما نجد ذلك في الآية التالية من سورة الأنفال التي تبتدئ بقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِـلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾، ليأتي بعدها مباشرةً قوله تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ [الأنفال/24] حيث جاء الإعلام بمسألة اعتقادية. واللطيفة في هذه النقطة هي أنه في الآيات الكريمة التي استعملت فيها كلمة ﴿وَاعْلَمُوا..﴾ جاء قبلها أو بعدها أمرٌ بالتقوى كما نجد ذلك الأمر مباشرة في الآية التي تلت الآية الأخيرة من سورة الأنفال أي قوله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [الأنفال/25]. ثم نجد قوله تعالى في السورة ذاتها بعد آيتين: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ [الأنفال/28]. ونقرأ بعدها:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ [الأنفال/29]. ونقرأ في سورة الحديد: ﴿اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا..﴾ [الحديد/17]. فنلاحظ أنه في جميع هذه الآيات كانت كلمة ﴿وَاعْلَمُوا..﴾ ذات جانب وعظي وإرشادي وإعلامٍ بمسألة اعتقادية ولم يأتِ في أي منها أمرٌ بحكم عبادي. وعلى هذا الأساس نجد أن الآية الكريمة: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِـلَّهِ خُمُسَهُ... الآية﴾ [الأنفال/41] إنما تُعْلِمُ بحقيقة اعتقادية ولا تبيِّن وجوب الإتيان بأمرٍ، أي أنه إذا عَزَل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الخمس من غنائم الحرب ليعطيه لأرباب الخمس فإن على المجاهدين وغانمي الغنائم أن يعلموا أن هذا حق خاصٌّ بالله وليس لأحد الحقُّ في الاعتراض عليه. ولم يؤمر المسلمون أبداً بدفعه لأن خمس الغنائم بل جميعها هو ملكٌ لرسول الله أو قادة المعركة قبل التقسيم فلا يملك الآخرون شيئاً حتى يؤمروا بدفعه! وكان من عادة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو قادة المعارك [النائبين عنه] أن يجمعوا الغنائم ثم يُخرجوا منها الخمس ويقسِّموا البقيةَ بين المجاهدين ولذلك فإن هذا العمل لم يكن بحاجة لصيغة أمرٍ بالأداء والدفع، وكل ما كان مطلوباً هو أن يعلم المسلمون أن خمس الغنائم ملكٌ لِـلَّهِ تعالى. ولا توجد أيَّة آيةٍ في القرآن تأمر المسلمين بأداء خمس الغنائم ودفعها أو أداء الأنفال لأنه لم يكن شيءٌ منها ملكٌ لهم، كما نلاحظ أن سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخلفائه تعكس هذه الحقيقة وتبينها بوضوح. في صدر الإسلام لم يقم أي مسلم بدفع الخمس بالصورة التي أصبحت رائجةً الآن! في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي زمن خلفائه، كان الرسول وخلفاؤه إذا اعتبروا أن مالاً ما يشمله حكم الخمس يقومون بأنفسهم بحجز ذلك المال ليكون تحت تصـرفهم [لعزل الخمس منه ثم تقسيمه] قبل أن يملك الآخرون منه شيئاً. وهذا خلاف لأمر الزكاة التي كان المسلمون مأمورين بدفعها فوراً وإذا أهملوا دفعها أو غفلوا عنه طولبوا بذلك بكل شدة، فإذا تأخروا عن أدائها أو توقفوا عنه هُدِّدوا بإعلان الحرب وأخذها منهم بكل شدة. في الخمس وتوزيع الغنائم كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو المعطي والمسلمون المجاهدون هم الآخذون، كما تدل على ذلك الآية الكريمة: ﴿وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ...﴾ [الحشر/7]
والأكثر وضوحاً في هذه النقطة أنه كلما جاء في الآيات الكريمة ذكرٌ للغنائم كان المسلمون هم الآخذون وليسوا المعطين كما نجد ذلك في الآيات التالية: ﴿سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ﴾ [الفتح/15] ﴿وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا﴾ [الفتح/19] ﴿وَعَدَكُمُ اللهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا﴾ [الفتح/20] ﴿مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ﴾ [الحشر/7] ﴿وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر/7] أي ما أعطاكم إياه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم (من الغنائم) فخذوه. أما في الزكاة فكان المسلمون هم المعطون، لذلك نجد قوله تعالى: ﴿وَآَتُوا الزَّكَاةَ﴾ [البقرة/43] -﴿وَآَتُوا حَقَّهُ﴾ [الأنعام/141] ﴿أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ﴾ [البقرة/254] ﴿أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ﴾ [البقرة/267] ﴿وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي آَتَاكُمْ﴾ [النور/33].
وكان الله ورسوله هما الآخذان كما يقول سبحانه: ﴿يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ﴾ [التوبة/104] ويقول: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً﴾ [التوبة/103].
أما إذا رأينا عبارات فيها الأمر بأداء الخمس في بعض رسائل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم التي كتبها إلى رؤساء القبائل وشيوخ العشائر أو الولاة كما نجد ذلك مثلاً في رسالته إلى شرحبيل بن عبد کلال التي جاءت فيها هذه الجملة: · وأعطيتم من المغانم خمس الله أو في رسالته إلى عمرو بن معبد الجهنی التي كتب إليه فيها يقول: وأعطي من المغانم الخمس. · ومثلها قوله لمالکبن الأحمر: وأدوا الخمس من المغنم. · وفي رسالة النبيِّ لعبد يغوث: وأعطي خمس المغانم فی الغزو، · وفي رسالة النبيِّ لجنادة وقومه: وأعطي الخمس من المغانم خمسَ الله، فالسبب في ذلك أن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم لم يحضر تلك المعارك بنفسه لذا كان يطالب أولئك القادة الذين كانوا نواباً عنه بأن يؤدوا خمس غنائمها، وإلا فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذاته كان يأخذ خمس غنائم الحروب بذاته الشريفة عندما يكون حاضراً في المعركة. كما جاء في كتاب «التهذيب» [للشيخ الطوسي] بسنده عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْجَارُودِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ حضرة الصادق عليه السلام قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله إِذَا أَتَاهُ المَغْنَمُ أَخَذَ صَفْوَهُ وَكَانَ ذَلِكَ لَهُ ثُمَّ يَقْسِمُ مَا بَقِيَ خَمْسَةَ أَخْمَاسٍ وَيَأْخُذُ خُمُسَهُ ثُمَّ يَقْسِمُ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسٍ بَيْنَ النَّاسِ الَّذِينَ قَاتَلُوا عَلَيْهِ ثُمَّ قَسَمَ الْخُمُسَ الَّذِي أَخَذَهُ خَمْسَةَ أَخْمَاسٍ يَأْخُذُ خُمُسَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لِنَفْسِهِ ثُمَّ يَقْسِمُ الْأَرْبَعَةَ الْأَخْمَاسَ بَيْنَ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَأَبْنَاءِ السَّبِيلِ يُعْطِي كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَمِيعاً وَكَذَلِكَ الْإِمَامُ يَأْخُذُ كَمَا أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم ». 3- : جاءت في الآية الكريمة کلمة: ﴿ غَنِمْتُمْ..﴾ [الأنفال:41] فتشبَّث بها بعضهم واعتبرها مستنداً ومستمسكاً به فيما يذهب إليه [من شمول الخمس لكل ما يكتسبه الإنسان]، في حين أن كلمة الغنيمة في اللغة إنما تُستعمل في الشيء الذي يحصل عليه الإنسان دون مشقةٍ كما جاء في القاموس: «والمَغْنَمُ والغَنيمَةُ والغُنْمُ: الفَيءُ، غَنِمَ غُنْماً وغَنيمَةً: الفَوْزُ بالشّـَيْءِ بلا مَشَقَّةٍ» أما في اصطلاح الشرع فتُطْلَق «الغنيمة» على الأموال التي ينالها المسلمون من المشـركين بقهرهم والتغلب عليهم في القتال. وفيما يلي بعض النصوص الفقهية في ذلك: ألف - قال الشافعي في كتابه «الأم» (4/64): «والغنيمة هی الموجَف عليها بالخيل والرکاب، والفيء هو ما لم يوجف عليه بخيل ولا رکاب!». ب - وقال يحيى بن آدم في کتاب «الخراج» (ص 17): «سمعنا أن الغنيمة ما غلب عليه المسلمون بالقتال حتى يأخذوه عنوة(العنوة: القهر والغلبة.)، وأن الفيء ما صولحوا عليه.». ج - وقال الماورديُّ في «الأحكام السلطانية» (ص 121): «الغنيمة والفيء يفترقان فی أن الفيء مأخوذٌ عفواً ومال الغنيمة مأخوذٌ قهراً.».
هذا رغم أن هناك خلاف بين الفقهاء في معنى «الفيء» إذْ اعتبره بعضهم بمعنى الغنيمة أيضاً. د - وكتب أبو وسف القاضي في كتابه «الخراج» (ص 18-19) في بيان معنى «الغنيمة» : «أما ما سألت عنه يا أمير المؤمنين من قسمت الغنائم إذا أصيبت من العدو..، فإن الله تبارك وتعالى قد أنزل بيان ذلك في كتابه فقال. . ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِـلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ.. الآية﴾ فهذا - والله أعلم – فيما يصيب المسلمون من عساكر أهل الشرك، وما أجلبوا به من المتاع والسلاح والكراع فإن في ذلك الخمس لمن سمى الله عز وجل في كتابه العزيز،أربعة أخماس بين الجند الذين أصابوا ذلك... ». ه - ويقول الشيخ الطوسي (ره) في تفسير (التبيان) (ج1/ص797 من طبعة طهران الحجرية أو ج5/ص117من الطبعة الجديدة) بعد ذكره لآية الخمس الكريمة من سورة الأنفال: «الغنيمة ما أخذ من أموال أهل الحرب من الکفار بقتال وهي هبة من الله للمسلمين. والفيء ما أخذ بغير قتال في قول عطاء بن السائب، وسفيان الثوري وهو قول الشافعي، وهو المروي في أخبارنا.». و - وقال الطوسي في الكتاب ذاته (ج2/ص666، أو ج9 / ص548): «والذي نذهب إليه أن مال الفيء غير مال الغنيمة، فالغنيمة كل ما أخذ من دار الحرب بالسيف عنوةً مما يمكن نقله إلى دار الإسلام، وما لا يمكن نقله إلى دار الإسلام، فهو لجميع المسلمين ينظر فيه الإمام ويصرف انتفاعه إلى بيت المال لمصالح المسلمين. ». ز - ويقول الشيخ الطبرسي في تفسيره مجمع البيان (ج4/ص543، طبع المطبعة الإسلامية) ذيل تفسيره لآية الخمس من سورة الأنفال: «الغنيمة ما أخذ من أموال أهل الحرب من الكفار بقتال وهي هبة من الله تعالى للمسلمين والفيء ما أخذ بغير قتال وهو قول عطاء ومذهب الشافعي وسفيان وهو المرويُّ عن أئمتنا عليهم السلام». ح - ونقل المرحوم المقدّس الأردبيلي في كتابه «زبدة البيان» عين هذه العبارة عن تفسير «مجمع البيان» وارتضاها وقَبِلَ بها. ط - وقال المرحوم «الفاضل الجواد الكاظمي» في «مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام» لدى تفسيره لآية الخمس من سورة الأنفال (2/76 -81): «ظاهر «الغنيمة»: ما أخذت من دار الحرب، ويؤيّده الآيات السابقة واللاحقة، وعلى ذلك حملها أكثر المفسّرين، والظاهر من أصحابنا أنّهم يحملونها على الفائدة مطلقا، وإن لم يكن من دار الحرب..... [إلى قوله:] والحقّ أنّ استفادة ذلك من ظاهر الآية بعيدة بل الظاهر منها كون الغنيمة غنيمة دار الحرب.». ي- ونقل العلامة المجلسي في «مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول» (ج1/ص441) عن «المقدس الأردبيلي» قوله: «و الذي ينبغي أن يذكر هنا مضمون الآية فهي تدل على وجوبه في غنائم دار الحرب مما يصدق عليه شيء أي شيء كان منقولا وغير منقول.. فإن المتبادر من الغنيمة هنا هي ذلك. ويؤيده تفسير المفسرين به، وكون ما قبل الآية وما بعدها في الحرب.». هذا هو المعنى الذي ذكره فقهاء الإسلام من العامة والخاصة لكلمة «الغنيمة» وكما لاحظنا ليس بينهم خلاف في حقيقة معناها ولا ينبغي أن يكون هناك خلاف، لأن جميع الآيات القرآنية المباركة التي وردت فيها هذه الكلمة، يُفهم من سياقها وما جاء قبلها وبعدها من آيات أنها غنيمة دار الحرب: ألف - في الآية الكريمة ذاتها: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيءٍ...﴾ [الأنفال/41] نجد أن الآيتين اللتين سبقتاها مباشرةً هما: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِـلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ. وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ المَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ﴾ [الأنفال/39-40]، ثم عُطِف عليهما بواو العطف قوله: ﴿وَاعْلَمُوا...﴾ مما يدل بوضوح على أن الغنيمة المذكورة تتعلق بدار الحرب، هذا إضافة إلى أنه في الآية الكريمة ذاتها ذكر يوم الفرقان ﴿يَوْمَ الفُرْقَانِ يَوْمَ التَقَى الجَمْعَانِ﴾ [الأنفال/41] أي اليوم الذي تميز فيه الحق من الباطل، وهو اليوم الذي التقى فيه المسلمون بالكفار في وقعة بدر. ونجد في الآية التالية مباشرة قوله تعالى: ﴿إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ..﴾ [الأنفال/42] والتي تصور لنا صورة اصطفاف المؤمنين أمام الكفار في ذلك اليوم المشهود. ب- في الآية 69 من ذات السورة المباركة يذكر الله تعالى أحد مشتقات «الغنيمة» فيقول: ﴿فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا...﴾ [الأنفال/69] والآيات التي قبلها متعلقة بشكل كامل وواضح بأحكام دار الحرب، بدءاً من الآية 55 من سورة الأنفال وحتى يصل تعالى إلى قوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ المُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ..﴾ [الأنفال/65]، ثم إلى قوله: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ..﴾ [الأنفال/67]. ج - وذكرت كلمة «الغنائم» في سورة الفتح أيضاً في قوله عز من قائل: ﴿سَيَقُولُ المُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ... ﴾ [الفتح/15] وجميع الآيات السابقة على هذه الآية من سورة الفتح تتكلم بشكل عام عن واقعة الحديبية والبشارة بفتح مكة وإشارة إلى ما سيمنحه الله للمسلمين من مغانم في معركة حُنَيْن وأمثال ذلك. والآيات التالية للآية المذكورة تتعلق أيضاً بموضوعات الحرب والمتخلفين عن القتال وعن الأنصار والمجاهدين في سبيل الله. د - وجاءت كلمة «مغانم» في سورة النساء أيضاً في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَـتـَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ...﴾ [النساء/94]. هنا إضافة لكون نص الآية ذاته شاهد على أن هذا الحكم متعلق بالحرب والقتال، فإن الآيات التي تسبق هذه الآية المباركة بدءاً من الآية 71 فما بعد بل حتى ما قبل ذلك تتعلق جميعاً بأحكام الحرب والدفاع وقتل العمد وقتل الخطأ. ثم الآيات التي تتلو الآية المذكورة مباشرةً تتكلم أيضاً عن أحكام الحرب والقتال، كما يقول تعالى: ﴿لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ المُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً...﴾ [النساء/95] وهكذا يستمر الكلام عن أحكام الجهاد والقتال في سبيل الله بشكل عام حتى الآية 104 من السورة المباركة. إذن تعميم كلمة «غنمتم» لتشمل كل دخل وإيراد مالي يكسبه الإنسان من أرباح المكاسب وغيرها حتى الكسب الناجم عن حمل الحطب وتقطيعه والعمل كنس الطرق وغزل الخيوط! ليس سوى سفسطة وفراراً من الحقيقة، سوء استخدام لهذه الكلمة المباركة ليس له من هدف سوى المطالبة الظالمة بالخمس. وذلك لأننا لا نشاهد لا في كتاب الله ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا في سيرة من خلفوه بحق أو بباطل ولا في عمل مسلمي صدر الإسلام شيئاً من مثل هذه المطالبة. وبمعزلٍ عن سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخلفائه الراشدين لا نجد ذلك حتى في سيرة ملوك بني أمية وبني العباس أنهم كانوا يأخذون الخمس من أموال المسلمين خاصة من أرباح مكاسبهم وتجاراتهم، هذا في حين أنه لو وجد أولئك الخلفاء أدنى مستند ودليل وحجة على ذلك لسارعوا للتمسك به وطالبوا المسلمين بخمس مكاسبهم بكل شدة، ولبين التاريخ لنا ذلك بكل وضوح، كما نقل لنا التاريخ حال أخذ الزكاة وجباية الخلفاء للخراج. أما خمس غنائم دار الحرب فقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذاته يأخذها زمن حياته كان خلفاؤه بعد رحيله يأخذونها بأنفسهم؛ فوجوبه – هذا إن صح أن نستخدم هنا كلمة الوجوب – كان مختصاً بغنائم دار الحرب.
والأحاديث الواردة عن أهل البيت تؤيد هذه الحقيقة بأن الخمس يشمل فقط غنائم دار الحرب،
| |
|
الشناوي احمد المدير العام
عدد الرسائل : 506 تاريخ التسجيل : 20/02/2012
| |
الشناوي احمد المدير العام
عدد الرسائل : 506 تاريخ التسجيل : 20/02/2012
| موضوع: رد: ليس الخمس إلا في الغنائم خاصَّة الجزء الاول يا شيعه الإثنين أغسطس 20, 2012 2:53 pm | |
|
يتبع
7- وفي كتاب «عيون أخبار الرضا» للشيخ الصدوق/23- باب ذكر مجلس الرضا (ع) مع المأمون في الفرق بين العترة والأمة (ج1/ص237-238)، قال الإمام الرضا (ع) ضمن مناظرة بينه وبين العلماء، شارحاً آية ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ...﴾ [الأنفال/41]: «و أما قوله وَالْيَتامى وَالمَساكِينِ فإن اليتيم إذا انقطع يتمه خرج منالغنائم ولم يكن له فيها نصيب وكذلك المسكين إذا انقطعت مسكنته لم يكن له نصيب من المغنم ولا يحل له أخذه..». ففي هذا الحديث ذكر الإمام اليتامى والمساكين بشكل مطلق دون قيد مما يبين شمولهما لكل اليتامى والمساكين من المسلمين أيَّاً كان نسبهم. 8- وأيضاً روى الصدوق في «عيون أخبار الرضا»/59- باب الأسباب التي من أجلها قتل المأمون علي بن موسى الرضا (ع) بالسم (ج2/ص 238-239)، بسنده إلى علي بن إبراهيم بن هاشم عَنْ أَبيهِ: «عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ مَوْلَايَ الرِّضَا (ع) بِخُرَاسَانَ وكَانَ المَأْمُونُ يُقْعِدُهُ عَلَى يَمِينِهِ إِذَا قَعَدَ لِلنَّاسِ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ ويَوْمَ الخَمِيسِ فَرُفِعَ إِلَى المَأْمُونِ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الصُّوفِيَّةِ سَرَقَ فَأَمَرَ بِإِحْضَارِهِ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ وَجَدَهُ مُتَقَشِّفاً بَيْنَ عَيْنَيْهِ أَثَرُ السُّجُودِ فَقَالَ سَوْأَةٌ لِهَذِهِ الْآثَارِ الجَمِيلَةِ ولِهَذَا الْفِعْلِ الْقَبِيحِ أَتُنْسَبُ إِلَى السَّرِقَةِ مَعَ مَا أَرَى مِنْ جَمِيلِ آثَارِكَ وظَاهِرِكَ؟؟ قَالَ فَعَلْتُ ذَلِكَ اضْطِرَاراً لَا اخْتِيَاراً حِينَ مَنَعْتَنِي حَقِّي مِنَ الخُمُسِ وَالْفَيْءِ! فَقَالَ المَأْمُونُ: وَأَيُّ حَقٍّ لَكَ فِي الخُمُسِ والْفَيْءِ؟؟ قَالَ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ قَسَمَ الخُمُسَ سِتَّةَ أَقْسَامٍ وَقَالَ: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِـلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ باللهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الجَمْعَانِ...﴾ [الأنفال/41] وقَسَمَ الْفَيْءَ عَلَى سِتَّةِ أَقْسَامٍ فَقَالَ عَزَّ وجَلَّ: ﴿ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ ولِلرَّسُولِ ولِذِي الْقُرْبى والْيَتامى والْمَساكِينِ وابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ﴾ (الحشر/7) قَالَ: بِمَا مَنَعْتَنِي وأَنَا ابْنُ السَّبِيلِ مُنْقَطَعٌ بي ومِسْكِينٌ لَا أَرْجِعُ إِلَى شَيْءٍ ومِنْ حَمَلَةِ الْقُرْآنِ فَقَالَ لَهُ المَأْمُونُ أُعَطِّلُ حَدّاً مِنْ حُدُودِ اللهٍ وحُكْماً مِنْ أَحْكَامِهِ فِي السَّارِقِ مِنْ أَسَاطِيرِكَ هَذِهِ فَقَالَ الصُّوفِيُّ ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَطَهِّرْهَا ثُمَّ طَهِّرْ غَيْرَكَ وأَقِمْ حَدَّ اللهٍ عَلَيْهَا ثُمَّ عَلَى غَيْرِكَ فَالْتَفَتَ المَأْمُونُ إِلَى أَبِي الحَسَنِ (ع) فَقَالَ مَا تَقُولُ فَقَالَ إِنَّهُ يَقُولُ سَرَقْتَ فَسَرَقَ فَغَضِبَ المَأْمُونُ غَضَباً شَدِيداً ثُمَّ قَالَ لِلصُّوفِيِّ وَاللهِ لَأَقْطَعَنَّكَ فَقَالَ الصُّوفِيُّ أَ تَقْطَعُنِي وأَنْتَ عَبْدٌ لِي فَقَالَ المَأْمُونُ وَيْلَكَ ومِنْ أَيْنَ صِرْتُ عَبْداً لَكَ قَالَ لِأَنَّ أُمَّكَ اشْتُرِيَتْ مِنْ مَالِ المُسْلِمِينَ فَأَنْتَ عَبْدٌ لِمَنْ فِي المَشْرِقِ والْمَغْرِبِ حَتَّى يُعْتِقُوكَ وأَنَا لَمْ أُعْتِقْكَ ثُمَّ بَلَعْتَ الخُمُسَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا أَعْطَيْتَ آلَ الرَّسُولِ حَقّاً ولَا أَعْطَيْتَنِي ونُظَرَائِي حَقَّنَا والْأُخْرَى أَنَّ الخَبِيثَ لَا يُطَهِّرُ خَبِيثاً مِثْلَهُ إِنَّمَا يُطَهِّرُهُ طَاهِرٌ ومَنْ فِي جَنْبِهِ الحَدُّ لَا يُقِيمُ الحُدُودَ عَلَى غَيْرِهِ حَتَّى يَبْدَأَ بِنَفْسِهِ أَ مَا سَمِعْتَ اللهَ عَزَّ وجَلَّ يَقُولُ أَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ فَالْتَفَتَ الْمَأْمُونُ إِلَى الرِّضَا (ع) فَقَالَ مَا تَرَى فِي أَمْرِهِ فَقَالَ (ع): إِنَّ اللهَ جَلَّ جَلَالُهُ قَالَ لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم فَلِلَّهِ الحُجَّةُ الْبالِغَةُ وهِيَ الَّتِي تَبْلُغُ الجَاهِلَ فَيَعْلَمُهَا بِجَهْلِهِ كَمَا يَعْلَمُهَا الْعَالِمُ بِعِلْمِهِ والدُّنْيَا والْآخِرَةُ قَائِمَتَانِ بِالحُجَّةِ وقَدِ احْتَجَّ الرَّجُلُ فَأَمَرَ المَأْمُونُ عِنْدَ ذَلِكَ بِإِطْلَاقِ الصُّوفِي». في هذا الحديث الشريف، ادعى الرجل الصوفي الذي لم يكن بداهةً من بني هاشم حقه من خمس وسهم المساكين وأبناء السبيل، وقد صدَّقه حضرة الرضا (عليه السلام) وأدان المأمون. مما يبين بوضوح أن المسكين وابن السبيل في آية خمس المغانم هم مساكين وأبناء سبيل عامة المسلمين. 9- جاء في مسند حضرة الإمام زيد بن علي بن الحسين (عليه السلام) لأبي خالد الواسطي (ص356، طبع بيروت) في باب الخمس والأنفال: «سألتُ زيدَ بن علي (عليه السلام) عن الخمس قال: هو لنا ما احتجنا إليه فإذا استغنينا فلا حق لنا فيه، ألم تر إن الله قرننا مع اليتامى والمساكين وابن السبيل فإذا بلغ اليتيم واستغنى المسكين وأمن ابن السبيل فلا حق لهم وكذلك نحن إذا استغنينا فلا حق لنا.». في هذا الحديث جعل الإمام زيد، الذي كان نفسه من ذرية بني هاشم وذوي قربى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومن كبار أهل البيت الطاهرين، جعل من نفسه قريناً ليتامى ومساكين وأبناء سبيل سائر المسلمين وفرَّق بين نفسه وبينهم بكلمة لنا ولهم، والتي يتبين منها أن اليتامى والمساكين وابن السبيل هم من عموم المسلمين لا من بني هاشم وذرية رسول الله فقط! 10- جاء في تفسير «تنوير المقباس» لحبر الأمة عبد الله بن عباس المطبوع في حاشية تفسير «الدر المنثور» للسيوطي، طبع مصر (ج2/ص64) ذيل تفسيره لآية خمس المغانم ما نصه: «﴿واعلموا﴾ يا معشر المؤمنين ﴿أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ﴾ من الأموال ﴿فَأَنَّ لِـلَّهِ خُمُسَهُ﴾ يخرج خمس الغنيمة لقبل الله ﴿وَلِلرَّسُولِ﴾ لقبل الرسول ﴿وَلِذِي القربى﴾ولقبل قرابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ﴿واليتامى﴾ ولقبل اليتامى غير يتامى بني عبد المطلب ﴿والمساكين﴾ ولقبل المساكين غير مساكين بني عبد المطلب ﴿وابن السبيل﴾ولقبل الضيف والمحتاج كائناً من كان وكان يقسم الخمس في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم على خمسة أسهم سهم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو سهم الله وسهم للقرابة لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يعطي قرابته لقبل الله وسهم لليتامى وسهم للمساكين وسهم لابن السبيل فلما مات النبي صلى الله عليه وآله وسلم سقط سهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم والذي كان يعطى للقرابة لقول أبي بكر سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول «لكل نبيٍّ طعمة في حياته فإذا مات سقطت فلم يكن بعده لأحد»وكان يقسم أبو بكر وعمرو وعثمان وعليّ في خلافتهم الخمس على ثلاثة أسهم سهم لليتامى غير يتامى بني عبد المطلب وسهم للمساكين غير مساكين بني عبد المطلب وسهم لابن السبيل للضيف والمحتاج». ومما يجدر التنبيه إليه أن استدلالنا بالأحاديث المذكورة هو فقط بسبب كونها نصاً قاطعاً على أن اليتامى والمساكين وابن السبيل المذكورين في الآية يعمُّون جميع المسلمين ولا يختصون ببني هاشم، وأما كلمة «ذي القربى» فعلى فرض أن المقصود منها قرابة رسول الله فإنها تشمل عموم بني هاشم لا أفراداً خاصين مثل علي وفاطمة والحسين عليهم السلام، وكما ذكرنا سابقاً المُراد بذي القربى – على هذا الفرض – أقرباء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك اليوم والذين لم يعد لهم أي مصداق اليوم بدليل ما مر من الدلائل، وقد أتينا بهذه الأحاديث من باب إسكات الخصم وإتمام الحجة فقط.
([1]) جاء في وسائل الشيعة للحر العاملي (9/491): «الْعَيَّاشِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ وَأَبِي الْحَسَنِ (ع) قَالَ سَأَلْتُ أَحَدَهُمَا عَنِ الْخُمُسِ فَقَالَ: لَيْسَ الْخُمُسُ إِلَّا فِي الْغَنَائِمِ».
([2])من جملة بالآيات التي تدل على الماضي في موضوع الزكاة الآيات: 177 و277 من سورة البقرة. ومن الآيات التي تدل على الأمر في الزمن الحاضر: الآية 110 من سورة البقرة، والآية 77 من سورة النساء، والآية 7 من سورة الحج، والآية 56 من سورة النور. وأما الآيات التي جاءت بصيغة المضارع بمعنى المستقبل فمنها: الآية 55 من سورة المائدة والآية 71 من سورة التوبة والآية 156 من سورة الأعراف.
([3])قال المرحوم الفاضل الجواد الكاظمي في كتابه «مسالك الأفهام» (ج2/ص20) حول هذا الموضوع ما محصله: أن المراد من القرابة (في آية خمس الغنائم) قرابة الشخص، فأمرت بصلة الرحم بالمال والروح، أو المراد الإنفاق الواجب على ذوي القربى، ومقتضى الآية الكريمة ﴿للرسول ولذي القربى﴾ العموم (فلا تختص بفرد أو أفراد معينين). وقال المرحوم الشيخ الطوسي أيضاً في تفسيره «التبيان» (ج2/ص521، طبع طهران) ذيل تفسيره للآية الكريمة: ﴿وآتِ ذا القربى حقَّه﴾: (وروي عن ابن عباس والحسن أنهم قرابة الإنسان).
([4]) النص المذكور هو من رواية الواقدي في المغازي، أما الصنعاني فقد رواه مختصراً، كما رواه مختصراً أبو بكر عبد الله بن أبي شيبة الكوفي في كتابه «المصنَّف في الأحاديث والآثار» ح (33450). (المترجم)
([5])الخِيَاط هنا: الخيط، وَالْمِخْيَطَ: الإبرة. (المترجم)
([6]) الشنار: العيب. (النهاية، ج2/ ص238). (المترجم)
([7]) روى البخاري حديث أبي هريرة في تعظيم الغلول، وقوله لا ألفين أحدكم يوم القيامة...على رقبته فرس له حمحمة...الخ (6 /113) والحمحمة: صوت الفرس عند العلف وهو دون الصهيل. (المترجم)
([8])روى عبد الرزاق الصنعاني في كتابه «المصنف» (ج5/ص239، رقم 9485): «كان سهم النبيّ صلى الله عليه وسلم يدعى الصفيّ، إن شاء عبداً، وإن شاء فرساً، يختاره قبل الخمس، ويضرب له سهمه، إن شهد، وإن غاب، وكانت صفية بنت حيي من الصفيّ.»
([9]) الماوردي، الأحكام السلطانية، مختصراً. (المترجم)
([10]) المصدر السابق. (المترجم)
([11]) الْكُرَاعُ: اسمٌ لجميع الخيل. (النهاية لابن الأثير). (المترجم)
([12]) «حبساً»: أي وقفاً. و«لنوائبه»: من النوائبُ: جمع نائبة، وهي ما يَنوبُ الإنسانَ: أي يَنْزِل به من المِهمّات والحوادث. (النهاية لابن الأثير). (المترجم)
([13])ذكر أبو عبيد القاسم بن سلام البغدادي (224هـ) في كتابه «الأموال»روايةً «عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قال: كانت الغنيمة تقسم على خمسة أخماس، فأربعة منها لمن قاتل عليها، وخمس واحد يقسم على أربعة، فربع لِـلّهِ وللرسول ولذي القربى، يعني قرابة النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فما كان لِـلّهِ وللرسول منها فهو لقرابة النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يأخذ النبي صلى الله عليه وسلم من الخمس شيئا، والربع الثاني لليتامى، والربع الثالث للمساكين، والربع الرابع لابن السبيل، وهو الضيف الفقير الذي ينزل بالمسلمين».
([14]) روى الحر العاملي في «وسائل الشيعة» [ج 9/ص530-531، ح (12643)] قال: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الْمُرْتَضَى فِي «رِسَالَةِ المُحْكَمِ وَالمُتَشَابِهِ» نَقْلًا مِنْ تَفْسِيرِ النُّعْمَانِيِّ بِإِسْنَادِهِ الْآتِي «عَنْ عَلِيٍّ (ع)، بَعْدَ مَا ذَكَرَ الْخُمُسَ وَأَنَّ نِصْفَهُ لِلْإِمَامِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ لِلْقَائِمِ بِأُمُورِ المُسْلِمِينَ بَعْدَ ذَلِكَ الْأَنْفَالَ الَّتِي كَانَتْ لِرَسُولِ اللهِ (ص) قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ﴿يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِـلّهِ وَالرَّسُولِ﴾ وَإِنَّمَا سَأَلُوا الْأَنْفَالَ لِيَأْخُذُوهَا لِأَنْفُسِهِمْ فَأَجَابَهُمُ اللهُ بِمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ أَيِ الْزَمُوا طَاعَةَ اللهِ فِي أَنْ لَا تَطْلُبُوا مَا لَا تَسْتَحِقُّونَهُ فَمَا كَانَ لِـلّهِ وَلِرَسُولِهِ فَهُوَ لِلْإِمَام». ورغم ذلك لا يستنبط من هذا الحديث أن رئيس المسلمين ومن بيده زمام أمورهم له حقٌّ خاصٌّ وشخصيٌّ في الأنفال، مثلما أننا لا نستنبط وجود مثل ذلك الحق الخاص لرسول الله (ص). وقد جاء في كتب العامة أن رسول الله (ص) كان يأخذ من غنائم الحرب ما يكفيه لمؤونته ومؤونة أهله لمدة سنة ويصرف البقية في مصالح المسلمين كما نجد ذلك في «بداية المجتهد» لابن رشد (ج1/ص38) ونهاية المحتاج (ج5/ص 106) «البحر الزخار» (ج5/ص440)، و«تفسير المنار» (ج10/ص7)، و«تفسير القرطبي» (ج8/ص11) ولفقهاء العامة والخاصة آراء ووجهات نظر مختلفة في موضوع سهم رسول الله (ص) من خمس الغنائم لكن مؤدى ونتيجة أقوالهم قول واحد! فالشافعي يرى أن سهم رسول الله (ص) من الغنائم يُصـرف بعد رحيله على مصالح المسلمين وسهم ذوي القربى يصرف بين أغنيائهم وفقرائهم للذكر مثل حظ الأنثيين وبقية المال يفرق ثلاثة أسهم على اليتامى والمساكين وأبناء السبيل من عامة المسلمين. أما أبو حنيفة فيرى أن سهم رسول الله (ص) يسقط بعد وفاته صلى الله عليه وآله وسلم وكذلك سهم ذوي القربى فإذا كان ذوو القربى هؤلاء فقراء فإن لهم حصة من الزكاة ومن بيت المال مثل في ذلك مثل سائر فقراء المسلمين وبالتالي فإن خمس الغنائم يقسم فقط على اليتامى والمساكين وأبناء السبيل من جميع المسلمين. أما مالك فيرى أن أمر خمس الغنائم مفوض لرأي الإمام ورئيس المسلمين. فالنتيجة أن آراءهم جميعاً تنتهي إلى رأي واحد هو أن خمس الغنائم يحوَّل – بعد رحيل النبي (ص) - إلى بيت مال المسلمين.
([15]) راجع تخريجه ص 22 من هذا الكتاب. ([16])ثمة حديث مرفوع روي من طريق العامة في مراسيل ابن داود (ص 12) ومن طريق الخاصة في «المصنف» لعبد الرزاق الصنعاني (ج5/ص188): «إذا مات الرجل بعدما يدخل أرض العدو، ويخرج من أرض المسلمين وأرض الصلح، فإن سهمه لأهله».
([17]) قال ابن عبد البر في «الاستيعاب في معرفة الأصحاب» وابن الأثير في «أسد الغابة» في ترجمة «المقداد بن عمرو بن الأسود الكندي» (وهو قديم الإسلام من السابقين، وهاجر إلى أرض الحبشة. ثم عاد إلى مكة، فلم يقدر على الهجرة إلى المدينة لما هاجر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبقي إلى أن بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبيدة بن الحارث في سرية [إلى ثنية المرة]، فلقوا جمعاً من المشركين عليهم عكرمة بن أبي جهل، وكان المقداد وعتبة بن غزوان قد خرجا مع المشركين ليتوصلا إلى المسلمين، فتوافقت الطائفتان، ولم يكن قتال، وهرب عتبة بن غزوان والمقداد بن الأسود يومئذ إلى المسلمين..».
([18]) ابن شعبة الحراني، «تحف العقول» (ص 340-341)، والنوري الطبرسي، مستدرك الوسائل (ج7/306-307). ([19]) لم أجد هذه الجملة الأخيرة في تتمة الحديث الذي ذكره ولا في غيره من الأحاديث ولا أدري من أين أتى بها المؤلف والله تعالى أعلم.
([20]) أو ج93/ص 201، من طبعة بيروت، مؤسسة الوفاء، 1404هـ في 110 مجلدات.
| |
|