الشناوي احمد المدير العام
عدد الرسائل : 506 تاريخ التسجيل : 20/02/2012
| موضوع: الي الشيعه لماذا استحل المعمم عرضك واهلك وسلب منك الخمس باسم الدين الإثنين أغسطس 20, 2012 4:25 pm | |
| أقوال علماء الشيعة في المقصود من اليتامى والمساكين وابن السبيل في آية خمس الغنائم: لقد تبين عقلاً ونقلاً من الآيات الكريمة والأحاديث المروية عن أهل البيت عليهم السلام [أو المنسوبة] أن اليتامى والمساكين وابن السبيل في آية الخمس يشملون عامة المسلمين ولا يختصون باليتامى والمساكين وأبناء السبيل من بني هاشم فقط، وهذا الأمر نص عليه أيضاً بعض فقهاء الشيعة استناداً إلى بعض الروايات، وفيما يلي نذكر بعض آراء وأقوال عددٍ من علماء الشيعة الكبار في هذا الصدد: 1-قال الكليني صاحب الكافي في كتابه «الكافي»: «فَجُعِلَ لِمَنْ قَاتَلَ مِنَ الْغَنَائِمِ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَلِلرَّسُولِ سَهْمٌ وَالَّذِي لِلرَّسُولِ صلى الله عليه وآله وسلم يَقْسِمُهُ عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ ثَلَاثَةٌ لَهُ وَثَلَاثَةٌ لِلْيَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ»(الكليني، أصول الكافي، بَابُ الْفَيْءِ وَالْأَنْفَالِ وَتَفْسِيرِ الْخُمُسِ وَحُدُودِهِ وَمَا يَجِبُ فِيهِ، ج1/ص358.).فذكر اليتامى والمساكين وابن السبيل على سبيل الإطلاق دون أي قيد
2-وقال المرحوم الشيخ الطبرسي في تفسيره «مجمع البيان» (ج9/ص612)، طبع إسلامية، طهران: «و روى المنهال بن عمرو عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال قلت قوله: ﴿.. وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ..﴾ [الأنفال/41] قال: هم قربانا ومساكيننا وأبناء سبيلنا.
3- وقال جميع الفقهاء: هم يتامى الناس عامة وكذلك المساكين وأبناء السبيل، وقد روي أيضاً ذلك عنهم (عليهم السلام) وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال كان أبي يقول لنا سهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسهم ذي القربى ونحن شركاء الناس فيما بقي».
4- وقال يوسف البحراني في كتابه «الحدائق الناضرة» (ج12/ص387) طبع النجف، والمحقق الحلي في كتابه «المعتبر»، والحاج آغا رضا الهمداني في كتابه «مصباح الفقيه» (ج1/ص145): جميعاً أن ابن جنيد قال إن أسهم اليتامى والمساكين وابن السبيل التي تشكل نصف الخمس تتعلق بمن كانوا من أهل تلك الصفات سواءً كانوا من ذوي قربى النبي أم لم يكونوا من ذوي قرباه بل من سائر المسلمين إذا استغنى عنه [من كانوا على تلك الصفة من] ذوي القربى(بعد أن نقل المرحوم صاحب المدارك ذلك القول عن ابن جنيد قال: والظاهر أن هذا القيد (إذا استغنى عنها ذوو القربى) على سبيل الأفضلية على سبيل التعيين ويدل على ما ذكره إطلاق الآية الشريفة). 5- قال الشيخ الجليل محمد بن علي ابن شهرآشوب في كتابه «متشابهات القرآن ومختلفه» (ج2/ص175 من الطبعة الجديدة) ذيل تفسيره لآية ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِـلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ...﴾ [الأنفال/41] ما نصه: «ولفظ اليتامى والمساكين وابن السبيل عامٌّ في المشرك والذمي والغني والفقير».
6- - حكى في مصباح الفقيه (ج2/ص144) عن صاحب الشرائع والعلامة عن بعض علماء الشيعة قولاً يفيد أن خمس الله خمسة أقسام: أحدها سهم رسول الله والثاني سهم ذوي القربى والأسهم الثلاثة الباقية هي لليتامى والمساكين وأبناء السبيل وأكثر العلماء على هذا القول.
7- - نقل صاحب «الحدائق» (ج12/ص382) وفي (ص387) عن قول صاحب المدارك قوله: «والظاهر أن ما ذكر في بعض الأخبار من قيد يتامى آل محمد على سبيل الأفضلية لا على سبيل التعيين». ثم قال: «والدليل إطلاق الآية الشريفة وصحيحة ربعي».
8- - قال المحقق السبزواري في كتاب «ذخيرة العباد» في باب الخمس حول هذا الموضوع: «إن المراد باليتامى والمساكين في الآية: الجنس، لتعذر الحمل على الاستغراق، ويؤيده صحيحة محمد بن أبي نصر».
9- - وقال الملا محمد تقي المجلسي الأول (1070هـ) في كتابه: «اللوامع الصاحب قرانية»( ويُسَمَّى أيضاً «اللوامع القدسية شرح كتاب من لا يحضره الفقيه» وهو بالفارسية طبع في مجلدين كبيرين. )
شرح كتاب من لا يحضره الفقيه [بالفارسية] (ج2/ص50) في شرح حديث عيون أخبار الرضا «ظاهره أن اليتامى والمساكين هم من غير السادات».
10- وروى صاحب الرياض عن الإسكافي أنه لم يكن يشترط في صرف سهم اليتامى والمساكين وابن السبيل من الخمس أن يكونوا منتسبين لبني عبد المطلب بل أجاز صرفه لغيرهم من المسلمين إذا استغنى [من كانوا على تلك الصفة من] ذوي القربى.
11- وذكر الشيخ يوسف البحراني نفسه في «الحدائق» (ج12/ص377) ذيل خبر زكريا بن مالك الجعفي الذي أوردناه تحت الرقم 3 من الأحاديث المروية عن أهل البيت والذي روي فيه عن الإمام قوله: «وأما المساكين وأبناء السبيل فقد عرفتَ أن لا نأكل الصدقة» فقال الشيخ يوسف البحراني ما نصه: «وأمَّا قوله في تتمَّة الخبر «وأما المساكين وأبناء السبيل فقد عرفتَ أنا لا نأكل الصدقة.. إلى آخره»: فيحتمل أن يكون المعنى فيه الاستدراك لما ورد في آية الزكاة من دخول المساكين وأبناء السبيل فيها فربما يتوهم عمومها للهاشميين أيضاً فأراد (عليه السلام) دفع هذا الوهم بأنهم وإن دخلوا في عموم اللفظين المذكورين لكن قد عرفت أن الزكاة محرمة علينا أهل البيت فلا تدخل مساكيننا وأبناء سبيلنا فيها فلابد لهم من حصة من الخمس عوض الزكاة التي حرمت عليهم.».
تلك كانت آراء وأقوال وفتاوى عشرة من علماء الشيعة الكبار حول شمول اليتامى والمساكين وأبناء السبيل لعامة المسلمين
فالذي ذهب إليه بعض فقهاء الشيعة من أن المراد من اليتامى والمساكين وابن السبيل في الآية يتامى ومساكين وأبناء السبيل من آل محمد وبني هاشم فقط قولٌ بعيد عن الحقيقة ومنافٍ للعقل والإنصاف،
فلا يعقل أن يقوم رسول الله بعد حصوله على أول غنيمة وأموال بالاهتمام فقط بأقربائه وباليتامى والمساكين وأبناء السبيل من قرابته فقط ولا يقرر حقاً ليتامى شهداء ميدان المعركة ومساكين الأمة المحرومين من المهاجرين والأنصار وأبناء سبيلهم بل يكل سد حاجاتهم إلى الزكاة التي ستؤخذ وتجبى بعد تسع سنوات! كم هو سوءٌ للظن وقلّة وجدان أن ننسب مثل هذه النسبة إلى نبي الرحمة الحريص على أمته الرؤوف بهم: معاذ الله!! معاذ الله!! كيف وقد قال الله تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة/128]. فهل يمكن لمثل هذا النبيّ الكريم أن ينسى جميع المسلمين بمجرد أن يصل إلى يديه مالٌ ومنالٌ ولا يفكر إلا باليتامى والمساكين وأبناء السبيل من أقربائه الذين لم يكن لهم وجود بعد؟!!
إن أسوأ قتلة الأنبياء والأولياء هم الذين ينسبون مثل هذه التهم الباطلة له ويحرفون آيات الكتاب!
بعد أن ذكرنا في الصفحات السابقة ما جاء في الأحاديث المروية عن أهل البيت عليهم السلام وفي أقوال علماء الشيعة وفقهائهم الكبار بشأن اليتامى والمساكين وابن السبيل في آية خمس الغنائم،
ننتقل إلى ذكر ما جاء في هذا الباب من طرق [أي أهل السنة] كي يعلم القراء أن ذلك التقسيم الذي ذهب إليه بعض الفقهاء بجعل الخمس ستة أسهم: سهمٌ لِـلَّهِ وسهمٌ لرسول الله وسهمٌ لذي القربى وسهمٌ لليتامى وسهمٌ للمساكين وسهمٌ لابن السبيل، لم يكن له وجود زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بل كان خمس غنائم الحرب في تصرف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعطيه لكل من وجده بحاجة واستحقاق(قال أبو عبيد القاسم بن سلام المتوفى سنة 224 هجرية أي المعاصر للأئمة «من حضرة الصادق إلى حضرة الهادي» في كتابه الأموال (ص457): «أن الخمس إنما هو من الفيء، والفيء والخمس جميعاً أصلهما من أموال أهل الشرك، فرأوا رد الخمس إلى أصله عند موضع الفاقة من المسلمين إلى ذلك .». ثم قال بشأن الزكاة: «ومعنى هذا أن الصدقة إنما هي من أموال المسلمين خاصة ، فحكمها أن تؤخذ من أغنيائهم، فترد في فقرائهم، فلا يجوز منها نفل ولا عطاء: فهذه من أموال المسلمين، وذاك من أموال أهل الكفر ، فافترق حكم الخمس والصدقة لما ذكرنا.».فمن وجهة نظر «أبي عبيد» لما كان الخمس مأخوذاً من أموال المشركين والكفار كان في وسع الإمام أن يتصدق به ويهب منه أو يصرفه في الأمور السياسية، بعكس الزكاة التي لما كانت من أموال المسلمين وبيت مالهم وجب صرفها في مصارفها الخاصة. ولكن بعض الفقهاء لا يرون للإمام مثل هذا الحق). جاء في السنن الكبرى للبيهقي (ج6/ص340) بشأن غنائم خيبر رواية عن عبد الله بن عمر يصل فيها إلى القول:
«وَكَانَ الثَّمَرُ يُقْسَمُ عَلَى السُّهْمَانِ مِنْ نِصْفِ خَيْبَرَ وَيَأْخُذُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم الخُمُسَ وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يُطْعِمُ كُلَّ امْرَأَةٍ مِنْ أَزْوَاجِهِ مِنَ الخُمُسِ مِائَةَ وَسْقٍ تَمْراً وَعِشْرِينَ وَسْقاً شَعِيراً».
ثم يقول البيهقي في حديث آخر: «ثُمَّ قَسَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم خُمُسَهُ بَيْنَ أَهْلِ قَرَابَتِهِ وَبَيْنَ نِسَائِهِ وَبَيْنَ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ مِنَ المُسْلِمِينَ أَعْطَاهُمْ مِنْهَا فَقَسَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم لاِبْنَتِهِ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ مِئَتَيْ وَسْقٍ وَلِعَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مِائَةَ وَسْقٍ وَلأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ مِئَتَي وَسْقٍ مِنْهَا خَمْسُونَ وَسْقًا نَوًى وَلِعِيسَى بْنِ نُقِيمٍ مِئَتَيْ وَسْقٍ وَلأَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مِئَتَيْ وَسْقٍ فَذَكَرَا جَمَاعَةً مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ قَسَمَ لَـهُمْ مِنْهَا.»(البيهقي، السنن الكبرى، ج6/ص340. وقارن ابن هشام، السيرة النبوية، قسمة أسهم خيبر، ج2/ص 350 – 352.). وكتب الطبري في تاريخه (ج2/ص306) ضمن بيان حوادث سنة 7 للهجرة والكلام عن تقسيم غنائم خيبر: «كانت الكتيبة خمس الله عز وجل وخمس النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسهم ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل، وطعم أزواج النبيّ، وطعم رجال مشوا بين رسول الله وبين أهل فدك بالصلح؛ منهم محيصة ابن مسعود، أعطاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منها ثلاثين وسق شعير، وثلاثين وسق تمر.».
فلا يستنبط من هذا الحديث أن خمس غنائم الحرب كان تحت تصرف رسول الله يعطيه لمن يرى في إعطائه مصلحة أو ضرورة أعم من أن يكون الآخذون من بني هاشم أو من غير بني هاشم، فلم يكن هذا المال أبداً مختصاً بأصحاب نسب محدد من الناس،
وكان عليه الصلاة والسلام قد ذهب في الإعطاء من هذا المال إلى حد جرأ جفاة الأعراب على أن يحيطوا به ويجذبوا ثيابه ويحاصروه إلى شجرة سمرا حتى وقع الرداء عن كتفه الشريفة وهم يطالبونه قائلين: «مُرْ لنا من مال الله الذي عندك».
جاء في كتب السير والتواريخ أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حصل بعد فتح مكة وغزوة حنين سنة 8 للهجرة على غنائم بلغت أربعين ألف رأس غنم وأربعة وعشرين ألف رأس جمل وعدة آلاف أوقيات من الفضة فأعطى أكثرها لسهم المؤلفة قلوبهم بما في ذلك إعطائه أبي سفيان مائة ناقة وإعطائه يزيد بن أبي سفيان مائة ناقة أيضاً وإعطائه معاوية بن أبي سفيان مائة ناقة كذلك. وجاء في صحيح البخاري (ج2/ص121) طبع اسطنبول: «إِنِّى أُعْطِى قُرَيْشًا أَتَأَلَّفُهُمْ، لأَنَّهُمْ حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ». وقد اغتم المهاجرون والأنصار الذين كانوا يشكلون النواة المركزية للإسلام وحزَّ في أنفسهم ما قام به النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال قائلهم (والله إن هذا لهو العجب إن سيوفنا تقطر من دماء قريش وغنائمنا ترد عليهم)!! سمع بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأحضرهم وسألهم: (ما الذي بلغني عنكم؟) وكانوا لا يكذبون، فقالوا: (هو الذي بلغك). فقال لهم صلى الله عليه وآله وسلم: «أَوَجَدْتُمْ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ فِي أَنْفُسِكُمْ فِي لُعَاعَةٍ مِنْ الدّنْيَا تَأَلّفْت بِهَا قَوْمًا لِيُسْلِمُوا. وَوَكَلْتُكُمْ إلَى إسْلَامِكُمْ؟؟
أَلَا تَرْضَوْنَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَنْ يَذْهَبَ النّاسُ بِالشّاةِ وَالْبَعِيرِ وَتَرْجِعُوا بِرَسُولِ اللّهِ إلَى رِحَالِكُمْ؟ ...»(ابن هشام، السيرة النبوية، ج2/ص 497. وسبل الهدى والرشاد، 3/185.).
قال «جرجي زيدان» النصراني في الجزء الأول من كتابه القيم «تاريخ التمدن الإسلامي» حول موضوع غنائم معركة بدر: «كاد يقع نزاع بين المسلمين حول تقسيم الأموال لكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قسَّمَها بينهم تقسيماً عادلاً ولم يأخذ لنفسه شيئاً منها ومنع بتدبيره هذا التنازع بين المسلمين».
والواقع إنه مما لا يُعْقَل ولا يمكن أن يُقْبَلَ أساساً أن يقوم النبيٌّ صلى الله عليه وآله وسلم الذي كان شعاره منذ أول بعثته المباركة ﴿يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا﴾ [هود/51]. وكان يحترز على الدوام ويحذر من أن يتهمه أحد بأنه قام برسالته سعياً لجلب المال والوصول للرئاسة، ثم عند أول حصول على مال ووصول لغنيمة يختص ذلك المال بذاته وبأقربائه دون أن يفكر بحال الفقراء والمحرومين الآخرين ويقول إن خمس غنائم الحرب لي ولأقربائي فقط، هذا مع أنه لم يكن أحد يعرف في ذلك الوقت أي أحد من اليتامى والمساكين وأبناء السبيل من أقربائه!!
وإذا وجدنا في بعض الأحاديث قولاً لأحد الأئمة (ع) اعتبر فيه نفسه يتيماً كالحديث التالي الذي رواه الصدوق في «من لا يحضره الفقيه» (ج2/ص41):
«عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ (ع): أَصْلَحَكَ اللهُ! مَا أَيْسَرُ مَا يَدْخُلُ بِهِ الْعَبْدُ النَّارَ؟ قَالَ: مَنْ أَكَلَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ دِرْهَماً، وَنَحْنُ الْيَتِيمُ». فهذا الحديث الذي يبدو أنه قيل في تفسير الآية الكريمة: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ اليَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعيراً﴾ [النساء/10]،
وأضيفت إليه كلمة «وَنَحْنُ الْيَتِيمُ» فإن هذا لا يتعلَّق أبداً باليتامى والمساكين وابن السبيل الذين ذُكروا في آية خمس الغنائم. فضلاً عن أنه من البعيد جداً أن يعتبر حضرة الإمام الباقر نفسه يتيماً، لاسيما أن هذا الحديث مروي عن «علي بن أبي حمزة البطائني» الذي لا يوجد أسوء منه سمعةً في كتب الرجال إلى الحد الذي قال عنه ابن الغضائري «عليُّ بن حمزة لعنه الله أصل الوقف وأشدّ الخلق عداوةً للمولى «يعني الرضا - عليه السلام -»» وهذا الرجل كان من مؤسسي ذلك الخمس [الذي عُرف بين الإمامية] حيث أخذ أموالاً طائلة من الشيعة باسم حضرة الإمام موسى بن جعفر عليه السلام. ثم استولى على تلك الأموال بعد وفاة الإمام موسى بن جعفر واستولى حتى على الإماء اللواتي أخذهن باسم الإمام وابتدع مذهب الواقفة(الواقفة: فرقة من الشيعة وقفت على إمامة الإمام السابع موسى الكاظم بن جعفر الصادق عليهما السلام فقالت إن موسى بن جعفر لم يمت ولم يحبس، وأنه غاب واستتر، وهو القائم المهدي، وأنه في وقت غيبته استخلف على الأمة محمد بن بشير وجعله وصيه وأعطاه خاتمه وعلمه جميع ما يحتاج إليه رعيته... فهو الإمام، وزعموا أن علي بن موسى الرضا وكل من ادعى الإمامة من ولده وولد موسى بن جعفر مبطلون كاذبون، غير طيبي الولادة ونَفَوْهُم عن أنسابهم، وكَفَّروهم لدعواهم الإمامة وكَفَّروا القائلين بإمامتهم... وقالوا بإباحة المحارم وبالتناسخ ومذاهبهم في التفويض مذاهب الغلاة المفرطة. (من كتاب المقالات والفرق لسعد بن عبد الله الأشعري، وكتاب فرق الشيعة للنوبختي))، ولعله وضع هذا الحديث ليكون حجة له ومستمسكاً!.
وأما الأحاديث التي جاء فيها أن اليتامى والمساكين وابن السبيل في آية خمس الغنائم هم من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم خاصة فلا يصح أي واحد منها ومعظمها مروية عن رواة من أمثال «علي بن أبي حمزة» و«علي بن فضال» و«الحسن بن فضال» الضالين المضلين الذين بينا سوء أحوالهم
فمثلاً جاء في كتاب «تهذيب الأحكام» للشيخ الطوسي (رض) (ج4/ص125) طبع النجف في باب (تمييز أهل الخمس ومستحقه) في آخر الحديث (361)يتفق علماء الرجال على أن علي بن فضال كان فطحي المذهب يقول بإمامة «عبد الله بن جعفر الصادق»، حتى أنه – كما يصرح بذلك « النجاشي» في رجاله (ص196، طبع طهران) – ألف كتاباً في إثبات إمامة «عبد الله»، ولما لم يعش «عبد الله» هذا بعد وفاة أبيه الإمام الصادق أكثر من سبعين يوماً ونيِّف، فلا صحة لما قاله بعضهم من أن «علي بن فضال» رجع عن القول بإمامة «عبد الله بن جعفر» لأنه من المسلم به أن «علي بن فضال» لم يؤلف كتابه ذاك في فترة السبعين يوماً تلك! بل من المؤكد المقطوع به أنه ألفه بعد وفاة «عبد الله بن جعفر» وبقي «علي بن فضال» على القول بإمامته حتى آخر حياته، كما يرى ذلك أكثر أرباب الرجال، وبعد ذلك ذهب «علي بن فضال» إلى القول بإمامة «جعفر الكذَّاب»، وبالتالي فطبقاً لموازين وقواعد علماء الرجال كل من لم يكن إمامياً وأدرك أحداً من الأئمة الإثني عشر فلم يؤمن بإمامته بل كان منحرفاً عنه، ضالٌّ ومضلٌّ، وأحاديثه غير مقبولة أو فاقدة للصحة. وإليكم الآن أقوال علماء الرجال بشأنه: 1- قال «النجاشي» في رجاله (ص195): «علي بن الحسن بن علي بن فضال... كان فطحياً، ولم يرو عن أبيه شيئاً وقال كنت أقابله وسنِّيْ ثمان عشرة سنة بكتبه ولا أفهم إذ ذاك الروايات ولا أستحل أن أرويها عنه.». 2- وقال العلامة الحلي عنه: ألف- في رجاله (ص 93، طبع النجف): «وكان فطحي المذهب! وقد أثنى عليه محمد بن مسعود أبو النصر كثيراً وقال: إنه ثقة، وكذا شهد له بالثقة الشيخ الطوسي والنجاشي، فأنا أعتمد على روايته، وإن كان مذهبه فاسداً». ب- وفي كتابه «منتهى المطلب» (ص 534) قال عنه خلال مناقشته لرواية إعطاء الزكاة لنبي هاشم: «وفي طريقه ابن فضال وهو ضعيف». وفي الكتاب ذاته (ص524) قال معلقاً على حديثٍ: «وفي طريقه علي بن فضال وهو ضعيف». ج- وفي كتابه «مختلف الشيعة» (ج2/ ص7، الطبعة القديمة) [أو(ج3/ ص 184) من الطبعة الجدية في 9 أجزاء] قال عنه في تعليقه على رواية رواها علي بن فضال عن محمد بن مسلم وأبو بصير وبريد والفضيل أنهم سألوا الإمام الصادق عن الأشياء التسعة، فقال: «والرواية ممنوعة السند، فإن في طريقها علي بن فضال، وفيه قول.». د- وأيضا في كتابه «منتهى المطلب» (ص 492، و535) اعتبره ضعيفاً. 3- وأورده ابن أبي داود الحلي في رجاله (ص483) في قسم المجروحين والمجهولين. 4- وأما الفقيه «محمد بن إدريس الحلي» -الذي يعد من أعيان علماء الشيعة - فقد انتقد في باب تقسيم الخمس من كتابه «السرائر» (ج1/ص495) الشيخَ الطوسيَّ بشدَّة لروايته عن «علي بن فضال» وقال عنه في معرض تعليقه على روايتين مرسلتين: «وراوي أحدهما فطحي المذهب، كافر ملعون، وهو الحسن بن الفضال، وبنو فضال كلهم فطحية، والحسن رأسهم في الضلال..». 5- والمرحوم المحقق السبزواري في كتابه «ذخيرة العباد» كلما جاء ذكر لـ «علي بن فضال» قال عنه أنه ضعيف. 6- وكذلك اعتبره صاحب المدارك في عدة مواضع من كتابه ضعيفاً. 7- و8- اعتبره كل من المحقق الحلي في كتابه «شرائع الإسلام» والشهيد الثاني في كتابه «مسالك الأفهام» ضعيفاً. 9 – واعتبره المرحوم يوسف البحراني في كتابه«الحدائق الناضرة» (ج12/ص380) وص 253، ضعيفاً، نقلا عن صاحب الملل والنحل وعن قول المحقق. 10 – واعتبره صاحب كتاب «نزهة الناظر» (ص 86) ضعيفاً.
العبارة التالية: «وَالْيَتَامَى يَتَامَى آلِ الرَّسُولِ وَالمَسَاكِينُ مِنْهُمْ وَأَبْنَاءُ السَّبِيلِ مِنْهُمْ فَلَا يُخْرَجُ مِنْهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ». وهذا الحديث يرويه «أَحْمَدُ بْنُ الحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ عَنِ أَبِيه الحَسَنِ بن عَلِيِّ بنِ فَضَّال» عن الإمام. و«الحسَنُ بنُ عليِّ بن فَضَّال» هذا، قال عنه المرحوم صاحب السرائر أنه كافر وملعون ورأس كل ضلال.
والحديث الآخر، أي الحديث الثالث في الباب ذاته من كتاب «التهذيب» في (ج4/ص 128-129) جاء في آخره جملة: «وَ نِصْفُ الخُمُسِ الْبَاقِي بَيْنَ أَهْلِ بَيْتِهِ سَهْمٌ لِأَيْتَامِهِمْ وَسَهْمٌ لِمَسَاكِينِهِمْ وَسَهْمٌ لِأَبْنَاءِ سَبِيلِهِمْ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى الْكَفَافِ وَالسَّعَةِ مَا يَسْتَغْنُونَ بِهِ فِي سَنَتِهِمْ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْهُمْ شَيْءٌ يَسْتَغْنُونَ عَنْهُ فَهُوَ لِلْوَالِي وَإِنْ عَجَزَ أَوْ نَقَصَ عَنِ اسْتِغْنَائِهِمْ كَانَ عَلَى الْوَالِي أَنْ يُنْفِقَ مِنْ عِنْدِهِ بِقَدْرِ مَا يَسْتَغْنُونَ بِهِ وَإِنَّمَا صَارَ عَلَيْهِ أَنْ يَمُونَهُمْ لِأَنَّ لَهُ مَا فَضَلَ عَنْهُمْ. وَإِنَّمَا جَعَلَ اللهُ هَذَا الخُمُسَ خَاصَّةً لَـهُمْ دُونَ مَسَاكِينِ النَّاسِ وَأَبْنَاءِ سَبِيلِهِمْ عِوَضاً لَـهُمْ مِنْ صَدَقَاتِ النَّاسِ تَنْزِيهاً لَـهُمْ مِنَ اللهِ لِقَرَابَتِهِمْ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم وَكَرَامَةً لَـهُمْ عَنْ أَوْسَاخِ النَّاسِ فَجَعَلَ لَـهُمْ خَاصَّةً مِنْ عِنْدِهِ مَا يُغْنِيهِمْ بِهِ عَنْ أَنْ يُصَيِّرَهُمْ فِي مَوْضِعِ الذُّلِّ وَالمَسْكَنَة..».
ومتن هذا الحديث بحد ذاته دليل على بطلانه كما سنبين ذلك إنشاء الله، وسنده يصل إلى «عليِّ بن فضال» الذي بينا حاله بشكل مفصل ورأينا أن صاحب السرائر اعتبره هو وأباه من الملعونين. وهذا الحديث مضطرب مشوش إلى درجة لا يمكن معها أن ننسبه إلى المعصوم، هذا أن رغم أن بعض مضامينه المتعلقة بوظائف الحكومة الإسلامية تنسجم مع مضامين سائر الأحاديث الصحيحة.
وفي ختام هذا المبحث ينبغي أن نذكر
أن جميع الأخبار والروايات التي وردت في كتب الحديث في تفسير وتعيين اليتامى والمساكين وابن السبيل وذكرت أنهم اليتامى والمساكين وابن السبيل من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم فقط، خمسة أحاديث فقط، ثلاثة منها مروية عن بني الفضال لعنهم الله، كما مر معنا. والحديث الرابع (التهذيب: 4/125) فيدل على عكس ما يذهب إليه من يتمسكون بهلأن الحديث المنسوب إلى حضرة الإمام الصادق يقول: «وَ أَمَّا المَسَاكِينُ وَابْنُ السَّبِيلِ فَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّا لَا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ وَلَا تَحِلُّ لَنَا فَهِيَ لِلْمَسَاكِينِ وَأَبْنَاءِ السَّبِيل» والذي يقصد من مساكين وأبناء سبيل عامة المسلمين كما شرحنا ذلك سابقاً.
والحديث الخامس يرويه «محمد بن الحسن الصفار» وهو حديث مجهول ومنقطع ولا قيمة له ولا يمكن التعويل عليه.
والأهم والأوضح من كل ذلك هو تاريخ وسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم التي تشهد بكذب هذه النسبة لأنه بمعزل عن أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يؤثر قرابته ولم يختصهم أو يميزهم عن سائر المسلمين وأن نسبة مثل هذه التهمة إليه ظلم كبير،
فإنه لم يكن هناك أساساً، حين نزول الآية، يتامى أو مساكين أو أبناء سبيل مسلمين من قرابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلم يقرِّر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مثل هذا السهم لأقربائه بل كان يصرف الغنائم بين أيتام عامة المسلمين ومساكينهم وأبناء سبيلهم وينفقها في حاجات المسلمين الضرورية
﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً﴾ [يونس/17].
والسؤال لماذا ياخذ المعممين الخمس
| |
|