صدرت من أعلام أهل السنة وأئمة مذاهبهم فتاوى غريبة ، وأحكام عجيبة ، صارت محل تندّر وتفكّه من غيرهم ، حتى نظمها الشعراء في أشعار ساخرة ، وقصائد لاذعة.
فقال ابن الحجاج :
الشافعيُّ مـن الأئمــةِ قائــلٌ * اللعْبُ بالشطرنـجِ غيــرُ حـرامِ
وأبو حنيفةَ قالَ وهـو مصــدَّقٌ * فيما يبلِّغُــه منَ الأحــكـــامِ
شُرْبُ المثلّثِ والمنصَّفِ جائــزٌ * فاشربْ على طرَبٍ من الأيـــامِ
وأباحَ مالكٌ الفُقـاعَ تطـرّقـــاً * وبه قوامُ الديـنِ والإســـلامِ (3)
والحَبْرُ أحمدُ حلَّ جَلْـدَ عميرة (2) * وبذاك يُستغنى عـن الأرحـــامِ
فاشربْ ولُط وازنِ وقامرْ واحتجِجْ * في كل مسألـةٍ بقــول إمـــامِ
وقال الزمخشري :
إذا سألوا عن مذهبـي لم أبُــحْ به * وأكتمُـهُ كتمانُــهُ لي أســلَـمُ
فإن حنفيًّاً قلــتُ قالـوا بأننــي * أبيح الطلا وهو الشـرابُ المحرَّمُ
وإن مالكيًّاً قلـتُ قالـوا بأنـنــي * أبيحُ لهم أكلَ الكــلابِ وهمْ هـمُ
وإن شافعيًّاً قلتُ قالــوا بأننــي * أبيحُ نكاحَ البنتِ والبنتُ تحــرمُ
وإن حنبليًّاً قلتُ قالــوا بأننـي * ثقيـلٌ حلولـي بغيضٌ مجسِّــمُ
وإن قلتُ من أهلِ الحديثِ وحزبِه * يقولون تَيْسٌ ليس يدري ويفهمُ (1)
والفتاوى الغريبة عندهم كثيرة جداً ، إلا أنا نذكر اليسير ، ومن أراد المزيد فلينظر في أقوالهم ، وليتتبَّع فتاواهم فسيجد الكثير.