وما كان لهم من العز والظهور عل القبائل وكيف تناولوا الملك من أيدي الأغالبة بدعوة الشيعة هذا القبيل من قبائل البربر بالمغرب وأشدهم بأساً وقوة وأطولهم باعاً في الملك عند نسابة البربر من ولد كتام بن برنس ويقال كتم ونسابة العرب يقولون إنهم من حمير ذكر ذلك ابن الكلبي والطبري. وأول ملوكهم أفريقش بن قيس بن صيفي من ملوك التبابعة وهو الذي افتتح إفريقية وبه سميت وقتل ملكها جرجير وسمي البربر بهذا الاسم كما ذكرناه. ويقال أقام في البربر من حمير صنهاجة وكتامة فهم إلى اليوم فيهم وتشعبوا في المغرب وانبثوا في نواحيه إلا أن جمهورهم كانوا لأول الملة بعد تهييج الردة وطيخة تلك الفتن موطنين بأرياف قسطنطينية إلى تخوم غرباً إلى جبل أوراس من ناحية القبلة. وكانت بتلك المواطن بلاد مذكورة أكثرها لهم وبين ديارهم ومجالات تقلبهم مثل أبكجان وسطيف وباغاية ونقاوس ويلزمة وميلة وقسطنطينة والسيكرة والقل وجيجل من حدود جبل أوراس إلى سيف البحر ما بين بجاية وبونة. وكانت بطونهم كثيرة يجمعها كلها غرسن ويسودة ابنا كتم بن برنس فمن يسوده فلاسة ودنهاجة ومتوسة ووريسن كلهم بنو بسودة بن كتم. وإلى دنهاجة ينسب كتامة بالمغرب لهذا العهد. ومن غرسن مصالة وقلان وما وطن ومعاذ بنو غرسن ولهيصة وجيملة ومسالته بنو يناوة بن غرسن وإجانة وغسمان وأوفاس بنو ينطاسن بن غرسن وملوسة من أيان بن غرسن. ومن ملوسه هؤلاء بنو زلدوي أهل الجبل المطل على قسطنيطينة لهذا العهد. وبعد البرابرة من كتامة بنو يستيتن وهشتيوة ومصالة وبني وعد ابن حزم منهم زواوة بجميع بطونهم وهو الحق على ما تقدم. وكان من هذه البطون بالمغرب الأقصى كثير منتدبون عن مواطنهم وهم بها إلى اليوم ولم يزالوا بهذه المواطن وعلى هذه الحالة من لدن ظهور الملة وملك المغرب إلى دولة الأغالبة. ولم تكن الدولة تسومهم بهضيمة ولا ينالهم تعسف لاعتزازهم بكثرة جموعهم كما ذكره ابن الرقيق في تاريخه إلى أن كان من قيامهم في دعوة الشيعة ما ذكرناه في دولتهم عند ذكر دولة الفاطميين إثر دولة بني العباس فأنظره هنالك وتصفحه تجد تفصيله. ولما صار لهم الملك بالمغرب زحفوا إلى المشرق فملكوا الإسكندرية ومصر والشام واختطوا القاهرة أعظم الأمصار بمصر وارتحل المعز رابع خلفائهم وارتحل معه كتامة على قبائلهم واستفحلت الدولة هنالك وهلكوا في ترفها وبذخها. وبقي في مواطنهم الأولى بجبل أوراس وجوانبه من البسائط بقايا من قبائل أسمائها وألقابها والآخرون بغير لقبهم وكلهم رعايا معبدون للمغارم إلا من اعتصم بفتنة الجبل مثل بني زلدوي بجبالهم وأهل جبال جيجل وزواوة وزواوة أيضاً في جبالهم. وأما البسائط فأشهر من فيها منهم قبائل سدويكش ورئاستهم في أولاد سواق. ولاأدري إلى من يرجعون من قبائل كتامة المسمين في هذا الكتاب. إلا أنهم منهم باتفاق من أهل الأخبار. ونحن الآن ذاكرون ما عرفناه من أخبارهم المتأخرة بعد دولة كتامة والله تعالى ولي العون. سدويكش الخبر عن سدويكش ومن إليهم من بقايا كتامة في مواطنهم هذا الحي لهذا العهد وما قبله من العصور يعرفون بسدويكش وديارهم في مواطن كتامة ما بين قسطنطينة وبجاية في البسائط منها ولهم بطون كثيرة مثل سيلين وطرسون وطرغيان وموليت وبني فتنة وبني لمائي وكايارة وبني زغلان والبؤرة وبني مروان وواركسن وسكرال وبني عياد وفيهم من لماية ومكلاتة وريغة والرياسة على جميعهم في بطن منهم يعرفون أولاد سواق لهم جمع وقوة وعدد وعدة. وكان جميع هذه البطون وعيالهم غارمة فيمتطون الخيل ويسكنون الخيام ويظعنون على الإبل والبقر ولهم مع الدول في ذلك الوطن استقامة. وهذا شأن القبائل الأعراب من العرب. لهذا العهد. وهم ينتفون من نسب كتامة ويفرون منه لما وقع منذ أربعمائة سنة من النكير على كتامة بانتحال الرافضة وعداوة الدولة بعدهم فيتفادون بالانتساب إليهم. وربما انتسبوا في سليم من قبائل مضر وليس ذلك بصحيح. وإنما هم من بطون كتامة وقد ذكرهم مؤرخو صنهاجة بهذا النسب ويشهد لذلك الموطن الذي استوطنوه من إفريقية. ويذكر نسابتهم ومؤرخوهم أن موطن أولاد سواق منهم كان في قلاع بني بو خصرة من نواحي قسطنطينة ومنه انتقلوا وانتشروا في سائر تلك الجهات. وأولاد سواق بطنان وهم: أولاد علاوة بن سواق وأولاد يوسف بن حمو بن سواق. فأما أولاد علاوة فكانت الرئاسة على قبائل سدويكش لهم فيما سمعناه من مشيختنا وأن ذلك كان لعهد دولة الموحدين وكان منهم علي بن علاوة وبعده ابنه طلحة بن علي وبعده أخوه يحيى بن علي وبعده أخوهما منديل بن وعزل تاريز ابن أخيه طلحة. ولما بويع السطان أبو يحيى بقسطنطينة سنة عشر من هذه المائة وقع من تاريز انحراف عن طاعته واعتلق بطاعة ابن الخلوف ببجاية فقدم عوضاً منه عمه منديل. ثم استبدل منهم أجمعين بأولاد يوسف فشمروا في طاعته وأبلوا وغلب السلطان على بجاية وقتل ابن الخلوف ظهر أولاد يوسف وزحموا أولاد علاوة وأخرجوهم من الوطن فصاروا إلى عياض من أفاريق هلال وسكنوا في جوارهم بجبلهم الذي أوطنوه المطل على المسيلة. واتصلت الرئاسة على سدويكش في أولاد يوسف. وهم لهذا العهد أربع قبائل: بنو محمد بن يوسف وبنو المهدي وبنو إبراهيم بن يوسف والعزيزيون وهم بنو منديل وظافر وجري وسيد الملوك والعباس وعيسى والستة أولاد يوسف وهم أشقاء وأمهم تاعزيزت فنسبوا إليها. وأولاد محمد والعزيزيون يوطنون بنواحي بجاية وأولاد المهدي وإبراهيم بنواحي قسطنطينة. وما زالت الرئاسة في هذه القبائل الأربع تجتمع تارة في بعضهم وتفترق أخرى إلى هذا العهد. وكانت الأخرى دولة مولانا السلطان أبي يحيى اجتمعت رئاستهم لعبد الكريم بن منديل بن عيسى بن العزيزيين. ثم افترقت واستقل كل بطن من هؤلاء الأربعة برئاسة وأولاد علاوة في خلال هذا كله بجبل عياض. ولما تغلب بنو مرين على إفريقية أنكر السلطان أبو عنان أولاد يوسف ورماهم بالميل إلى الموحدين وصرف الرئاسة على سدويكش إلى مهنا بن تاريز بن طلحة من أولاد علاوة فلم يتم له ذلك وقتله أولاد يوسف. ورجع أولاد علاوة إلى مكانهم من جبل عياض. وكان رئيسهم لهذه العصور عدوان بن عبد العزيز بن زروق بن علي بن علاوة وهلك ولم تجتمع رئاستهم بعده لأحد. وفي بطون سدويكش هؤلاء بطن مرادف أولاد سواق في الرئاسة على أحيائهم وهم بنو سكين. ومواطنهم في جوار لواتة بجبل تابور وما إليه من نواحي بجاية ورياستهم في بني موسى بن ثابر منهم. أدركنا ابنه صخر بن موسى واختصه السلطان أبو يحيى بالرئاسة على قومه وكان له مقامات في خدمته. ثم عرف. بعده في الوفاء ابنه الأمير أبو حفص فلم يزل معه إلى أن وقع به بنو مرين بناحية قابس وجيء به مع أسرى الوقيعة فقطعه السلطان أبو الحسن من خلاف وهلك بعد ذلك وقام برئاسته ابنه عبد الله وكان له فيها وفي خدمة السلطان ببجاية شأن إلى أن هلك لأعوام ثمانين وولي ابنه محمد من بعده والله وارث الأرض ومن عليها.