الوهابية ـ مصطلح أطلقه الخبثاء لتشويه صورة أهل السنة ، كيف نشأ هذا المصطلح ؟ ولماذا ؟ ومن وراءه ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
أخوتي في الله تعلمون جيداً ، أن حركة الإصلاح الديني التي أعلنها شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ، قد قامت لتزيح عن كاهل أمة الإسلام ركاماً هائلاً من البدع والدجل والخرافة والشعوذة ، هذا الركام الذي أطفأ نور الإسلام ، وعكر صفو العقيدة ، ولوث التوحيد بالوثنية ، فأعاد إمام التوحيد الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ أن يعيد للتوحيد صفاءه ، وللعمل الصالح سنته ، وقضى على كل أشكال الدجل الكهنوتي ، وحارب كل أنواع البدع في العقائد والعبادات ، وربط الناس بخالقهم ، بعدما ربطهم شيوخ التصوف والتشيع بالحجر والشجر والقبور
ومن المعلوم أن دعوة من هذا الصنف تحيي نور الإسلام بعدما أوشك على الانطفاء،من الطبيعي
ألا تمر بسلام عند شيوخ التصوف والتشيع وشيوخ التقليد الأعمى الذين تضررت مصالحهم بعودة التوحيد إلى نقائه ، والإسلام إلى بهائه ، لأنهم يرتزقون على حساب تعكير صفو العقيدة ، وغياب التوحيد وتلويثه ، وإماتة السنة وإحياء البدعة .
فكاد هؤلاء الشيوخ الدجاجلة للشيخ محمد بن عبد الوهاب ، كل أنواع الكيد ، وحاربوه بكل ما أوتوا من قوة ، لأنه دمرهم اقتصادياً ، إذ سد عليهم كل أبواب النفع التي افتتحوها من خلال إحياء البدع الشركية والتعبدية ، إذ جعلوا من أنفسهم أوصياء الله على البشر ، وأنهم هم الجسر الذي يربط الناس بالله ، وهم الوسيلة بينهم وبين الله ، فتسللوا إلى جيوب الناس وأعراضهم
ومن جملة كيد هؤلاء الدجاجلة لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ما يلي :
1 ـ افتراؤهم على شيخ الإسلام بأنه يكره النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
2 ـ افتراؤهم على الشيخ أنه يطعن بالأولياء ويزدريهم وينتقص منهم .
3 ـ افتراؤهم على الشيخ بأنه يطعن في كل علماء الأمة السابقين والمعاصرين بما فيهم الفقهاء الأربعة وسائر أئمة السلف .
4 ـ افتراؤهم على الشيخ بأنه يكفر كل المسلمين في عصره .
5 ـ افتراؤهم بأنه الشيخ استحدث ديناً جديداً .
6 ـ افتراؤهم بأن الشيخ أراد إحياء فكر الخوارج من خلال دينه الجديد ـ لذلك أطلقوا على اسم دعوته الإصلاحية باسم (الوهابية) مع أنه هو وأتباعه يستنكرون هذه التسمية ويضيقون ذرعاً بها .
ومن هنا حُقَّ لنا أن نسأل :
(من الذي أطلق هذه التسمية ؟ ، ولماذا ؟ ، ولماذا هذه التسمية بالذات ؟) .
أولاً : من خلال ما سبق عرفنا من الذي أطلق هذا المصطلح الذي ما أريد به إلا الكيد والخبث .
إنهم شيوخ الطرق الصوفية ، وشيوخ التقليد الأعمى ، وشيوخ الأشعرية والجهمية ، والشيعة بكل فرقها الخبيثة ، وعلى رأسها الرافضة والإسماعيلية والنصيرية والدروز . ووالدولة العثمانية ، ومحمد علي باشا (حاكم مصر) ومن ورائه شيوخ الأزهر وشيوخ التصوف .
ثانياً : الهدف من إطلاق هذا الاسم على هذه الحركة الإصلاحية هو تشويه صورتها ، وتثبيط عزم أتباعها ووهنهم ، ذلك لصرف الناس عن مجرد التعرف على حقيقتها ، وإيهام الناس أن هذا دين جديد هدام ، وتسميتهم بالوهابية هي تسمية خبيثة يراد بها أنها تنتسب لرجل مخترع ديناً جديداً ، على غرار المزدكية نسبة لمزدك ، والمانوية نسبة لماني ، والزرادشتية نسبة لزرادشت ، والبهائية نسبة للبهاء عباس ، ومن ثم يقولون للناس هذه حركة وهابية نسبة لمؤسسها محمد بن عبد الوهاب ، حتى ينفِّروا الناس منها ، وهذا ما حدث مع كثير من الناس وللأسف الشديد .
ثالثاً : أما عن الجواب لماذا هذه التسمية بالذات ؟ فأقول :
إن هذا الاسم لم يطلق بشكل عفوي أو اعتباطي ، بل أتى بعد مراجعة وتخطيط ، و إنهم لو أرادوا تسمية حركة الإصلاح على اسم من نادى بها لكان الأولى بأن تسمى على اسم شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ ومن المعلوم أن اسمه محمد ، وعلى هذا فكان ينبغي أن تسمى بـ (المحمدية) وليس الوهابية ، فالوهابية موافقة لاسم أبيه (عبد الوهاب) ، ومن المعلوم أن أباه لا دخل له بحركة الإصلاح ، ولا يعرف عنها شيء .
إذن لماذا اختير لفظ الوهابية بالذات ؟
والحقيقة أنه كان في القرن الثاني الهجري دولة لبعض الخوارج في شمال أفريقيا ، اسمها (الوهابية) نسبة لمؤسسها عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم ، وكانت حركة سيئة للغاية ، حاربت أهل السنة ، وأبغضت أهل السنة والشيعة معاً ، وعطلت السنة النبوية ، كما عطلت فريضة الحج ، فمقتها سائر المسلمين ، وهاجمها كثير من علماء الأندلس والمغرب وعلماء الشرق ، وألفوا في الرد عليها الكثير من الرسائل ، وكفرها سائر علماء المسلمين ، ولهم في تفيد هذه الحركة خبيثة وتكفيرها الكثير من الفتاوى التي تزخر بها كتبهم .
وبقيت هذه الدولة حوالي مئة سنة تقريباً ، فأهلكها الله تعالى على يد أهل السنة في المغرب ، وأراح الله المسلمين من خطرها .
وعندما صدح إمام التوحيد وشيخ الإسلام الإمام محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ بدعوته الغراء ، لتنقية العقيدة والتوحيد من الوثنية ، وتنقية العبادات من البدع ، محاولاً إرجاع إلى النبع الصافي إلى عصر النبوة ، مركزاً على أهمية التمسك بالكتاب والسنة وتقديمهما على كل قول وفعل ، محاولاً ربط الناس بخالقهم بعدما ارتبطوا بالقبور والأشجار والأحجار .
هنا وجد أهل الباطل من خلال تلاقي اسم أبيه مع مؤسس الحركة الوهابية الخارجية في القرن الثاني الهجري (عبد الوهاب بم عبد الرحمن بن رستم) ، فاستغلوا تلاقي هذه الأسماء ، ومن ثم أطلقوا على دعوة الشيخ باسم الوهابية ، بطرقة هي في غاية الخبث والدهاء ، وأتوا بكتب الفقهاء السابقين التي تزخر بالفتاوى التي تكفر الوهابية وفتحوها أمام الناس العوام ، وقالوا لهم ، حقيقة كفر الوهابية ، هذه فتاوى العام فلان والشيخ فلان والعلامة فلان والإمام فلان كلها تكفر الوهابية فصدق الناس افتراءهم .
ومن هنا عرفنا من هم الذين أطلقوا هذا المصطلح ، وكيف ، ولماذا ؟ .
مع أنه في الحقيقة ليس في وقتنا الحالي شيء اسمه الوهابية ، بل هناك أناس لبوا دعوة إمام التوحيد محمد بن عبد الوهاب ، اسمهم الحقيقي أهل السنة والجماعة ، يصفون أنفسهم أحياناً بأنهم السائرون على نهج السلف الصالح في فهم العقيدة وآيات الصفات وفي العبادات) ويعبدون ربهم كما كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه الكرام يعبدون ربهم ، بلا زيادة ولا نقصان .