عايش المدير العام
عدد الرسائل : 116 تاريخ التسجيل : 14/06/2011
| موضوع: الشيعة الإمامية وتحريف القرآن ، كتاب إعلام الخلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السلف ، القسم الأوّل الأحد يوليو 24, 2011 12:50 am | |
| بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى أهل بيته الطاهرين ، وبعد : ننقل ــ حرفيا دون بتر ولا حذف ولا تدليس ــ للإخوة القراء والمتابعين صفحات عن كتاب ( إعلام الخلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السلف ) لأبي عمر العلائي . وأرجو من القراء والمتتبعين الباحثين عن الحقيقة أن يصبروا معنا في قراءة هذه الصفحات ــ وسنضطر إلى تقسيمها إلى حلقات ، لا على غرار ذاك قيصر أومالي ، وإنما لطولها ، وأنا أعلم أن الإخوة لا مشكلة لديهم مع النصوص (والمقالات) الطويلة ولا عقدة لديهم مثل هؤلاء الوهابية الخوارج العجزين عن القراءة والتتبع ، وفهم النصوص وسياقاتها ومدلولاتها إما لكسلهم وإما لجهلهم ، فهم تعوّدوا قراءة تلك ( الكتب ) التي تحمل ملاحظة يهدى ولا يباع ، وأما ما ينقلونه هنا عن تلك الادعاءات فما هي إلا بفضل الأنترنت فهم مجرّد ملصقين ( كمثل الحمار يحمل أسفارا ) كما قال تعالى في سورة الجمعة المدنية . فالمطلوب قراء يفهمون . لا هؤلاء الذين سيحاولون جهدهم أن يجدوا زلة أو ثغرة ينفذون منها أو شجيرة يحجبون بها الغابة كلها . أو حبة ليجعلوا منها قبة كعادتهم ، فهؤلاء المطلوب منهم عدم النظر في هذه الصفحات لأنهم لا ولن ينتفعوا منها ، ولا تهمهم بقدر ما يهم محاولة إسقاط مذهب أهل البيت عليهم السلام . فاقرأوا معي من هذا الكتاب ما يلي :
((
إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف - ص 12
الفصل الأول : الشيعة الإمامية وتحريف القرآن التهمة القديـمة المتهالكـة ! من تلك التهم السائرة الدائرة على مر الأيام التي مني بـها مذهب آل الله وآل رسوله صلى الله عليه وعليهم أجمعين فرية تحريف القرآن ، بدعوى أن الشيعة من مذهبهم القول بسقوط بعض آيات من القرآن ، وكثير من الكتيبات التي كتبتها أيادي الفرقة تريد حشر هذه التهمة في رأس السذج والبسطاء . ولا شك أن ناشر هذه الفرية ليس إلا صلف الوجه لا يعبأ بما يقال فيه ، كيف لا ! والشيعة ليست من الفرق البائدة التي لا يخبر عنها إلا في الكتب العتيقة وبين صفحات التراجم سحيقة العهد ، فهذه أعيانـهم في كل مكان وعلماؤهم بين أظهرنا وكتبهم ظاهرة سهلة المنال وكلمات محققيهم ومراجعهم لا تخفى إلا على ميت الأحياء ، والقول الفصل عند مراجعهم كلهم أجمعين أكتعين أن القرآن الذي نزل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو هذا المصحف الموجود في بيوتنا وبيوتات المسلمين بجميعه وتمامه لا نقيصة فيه ولا زيادة ، وهذا واضح عند من دار في شوارع المسلمين أو مرّ في أضيق أزقتهم . * الشذوذ عن فكر المذهب : وكون التحريف فرية واضحة على مذهب أهل البيت عليهم السلام لا ينفي شذوذ بضع نفر عما ذهب له الجمهرة والسواد الأعظم وهذا واضح لدى من امتلك شيئا من العقل ، فبعض علماء الشيعة شذوا عن رأي الطائفة حيث قالوا بعدم صيانة القرآن من التحريف وحالهم كحال من شذ عن مذهب أهل السنة وقال بوقوع التحريف في القرآن وعدم صيانته منه ( 1 ) ، وهذه القلة من الشيعة ذات ميول خاصة ومبان انفردت بـها وخالفت سوادهم الأعظم ، وقد انقرضت تلك الفئة مع ما شذوا به . هامش:( 1 ) سيأتي ذكر أسمائهم وأقوالهم بإذنه تعالى .
- ص 13 - ومن الدعاوى العريضة أن نقول إن الشيعة انقسموا في الاتجاه والمشرب الفقهي إلى قسمين ، لكل منهما أصوله في استنباط الأحكام الشرعية إذ الفرع الذي ألقى بذرتـه الأمين الإستر آبادي رضوان الله تعالى عليه قبل أربعمائة سنة ثم انكسر واجتث بعد مائتي سنة من بزوغه لا يقسم الشيعة الإمامية في مذهبهم الاستنباطي السائر منذ ألف سنة إلى قسمين أحدهما ظهر قريبا وانتهى بمدة مئتي عام ! وقد كان للإخبارية ( 1 ) قواعد ترتكز عليها مدرستهم وصارت من معالمها ، وهذه المدرسة لا وجود لها اليوم كتيار له منظّرون بما للكلمة من معنى وذلك لانقضاء أمر هذا التيار على يد مراجع الطائفة رضوان الله تعالى عليهم حينما تصدوا لهم فنقضوا أصولهم وبينوا عوارها حتى قضي الأمر واستوت الطائفة وعادت نمرقةً وسطى كما كانت على يد الوحيد البهبهاني رضوان الله تعالى عليه .
* أسسٌ افترق بـها هذا التيار الـمحدَث عن فكر المذهب :
من أهم مباني الإخبارية التي شذوا بـها عن جمهرة الإمامية القول بعدم حجية ظواهر القرآن ، واعتمادهم على الأخبار فقط أي السنة الواردة من أهل البيت عليهم الصلاة والسلام فلذلك سموا إخبارية . وسبب قولهم بعدم حجية ظواهر القرآن ( 2 ) دعوى أن كلام الله عز وجل أجل وأرفع من أن يناله عقل البشر العاديين ، فإن كلام رب الناس لا تدركه عقول الناس ! ومن الإجحاف بساحته جل وعلا أن يدرك مرام كلامه ويفقه مغزاه البشر العادي ، لذا على الفقهاء إيكال فهم ظواهر القرآن إلى من خوطب به وهم الراسخون في العلم أي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأئمة أهل البيت عليهم السلام وهم عِدل القرآن بنص حديث الثقلين المتواتر ( 3 ) . هامش: ( 1 ) مفهوم الإخباري كان متداولا منذ زمن بعيد ومتداولا بين قدماء علماء الطائفة ، ولكن كلامنا عن التيار ذي المرتكزات والقواعد التي أسسها الأمين الإسترآبادي رحمه الله فالكلام على وجه الخصوص . ( 2 ) الظاهر هو ما كانت دلالته مظنونة لرجحانـها ، النص أو المحكم هو ما لا يحتمل إلا وجها وحدا ، والمتشابه هو ما احتمل على وجهين فصاعدا أي يكون مجملا مرددا بين معان مختلفة . ( 3 ) فأراد الإخباريون بكلامهم هذا تنـزيه كتاب الله عز وجل عن أذهان البشر العاديين الذين ليسوا من الراسخين في العلم ، فالمانع من فهم ظواهر كتاب الله عز وجل ليس في الله عز وجل بل فينا أي لعجز في القابل لا لعجز في الفاعل ، وهي وإن كانت مقالة باطلة ، لكن من غير الإنصاف أن ينسب بعض الوهابية للإخبارية أنـهم قالوا بذلك لأن الله عز وجل عجز عن بيان أحكامه بصورة واضحة ! ، بل قال بعضهم إن الأئمة –عليهم السلام- عند الشيعة أفصح بيانا من الله عز وجل لأنـهم قالوا إن ( القرآن لا يكون حجة إلا بقيم ) ! ، =>
- ص 14 - وننقل هنا أقوال بعض مراجع الطائفة الحقة في كتبهم الأصولية التي هي المعتمد الحق في بيان ما شذت به الإخبارية ، قال السيد البروجردي رضوان الله تعالى عليه في تقريرات بحثه : " ما يظهر من الطائـفـة المنتـحلـة إلى الإمامية رضوان الله عليهم ، المعروفين بالإخبارية وهو عدم حجية ظواهر القرآن .
تابع للهامش السابق: => وهذا قول أحد الوهابية ممن ألفوا رسالة دكتوراه في الافتراء على الشيعة ، قال (ناصر.ق) في أصول مذهب الشيعة ج1ص128 : ( فماذا يعنون بـهذه العقيدة : أيعنون بذلك أن النص القرآني لا يمكن أن يحتج به إلا بالرجوع لقول الإمام ؟ وهذا يعني أن الحجة هي في قول الإمام لا قول الرحمن (!!) ، أم يعنون أن القرآن لا يؤخذ بنظامه إلا بقوة السلطان وهو القيم على تنفيذه ؟ ولكن ورد عندهم في تتمة النص ما ينفي هذا الاحتمال وهو قولهم : " فنظرت في القرآن فإذا هو يخاصم به المرجئ والقدري والزنديق الذي لا يؤمن به حتى يغلب الرجال بخصومته فعرفت أن القرآن لا يكون حجة إلا بقيم ". ومعنى هذا أن قول الإمام هو أفصح من كلام الرحمن ، ويظهر من هذا أنـهم يرون أن الحجة في قول الإمام لأنه الأقدر على البيان من القرآن ). لكن لو رجعنا إلى نص الرواية كاملة لعلمنا أن أهل السنة لم يستنكروا هذه المقالة من منصور بن حازم بل أقروه على لزوم وجود قيم للقرآن في الصحابة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لكن الوهابي (ناصر.ق) دلس وبتر الرواية ليتسنى له التشنيع على الشيعة فقط لقولهم بفكرة صحيحة يقبلها كل مسلم ، وهذا نصها في الكافي ج1ص188 : ( عن منصور بن حازم قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : إن الله أجل وأكرم من أن يعرف بخلقه ، بل الخلق يعرفون ، بالله ، قال : صدقت ، قلت : إن من عرف أن له ربا ، فينبغي له أن يعرف أن لذلك الرب رضا وسخطا وأنه لا يعرف رضاه وسخطه إلا بوحي أو رسول ، فمن لم يأته الوحي فقد ينبغي له أن يطلب الرسل فإذا لقيهم عرف أنـهم الحجة وأن له الطاعة المفترضة . وقلت للناس : تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان هو الحجة من الله على خلقه ؟ قالوا : بلى ، قلت : فحين مضى رسول الله عليه السلام من كان الحجة على خلقه ؟ قالوا : القرآن ! ، فنظرت في القرآن فإذا هو يخاصم به المرجئ والقدري الزنديق الذي لا يؤمن به حتى يغلب الرجال بخصومته ، فعرفت أن القرآن لا يكون حجة إلا بقيم ، فما قال فيه من شيء كان حقا ، فقلت لهم : من قيم القرآن ؟ فقالوا ابن مسعود قد كان يعلم وعمر يعلم وحذيفة يعلم ، قلت : كله ؟ قالوا : لا ! فلم أجد أحدا يقال : إنه يعرف ذلك كله إلا عليا عليه السلام ، وإذا كان الشيء بين القوم فقال هذا : لا أدري ، وقال هذا : لا أدري ، وقال هذا : لا أدري . وقال هذا : أنا أدري . فأشهد أن عليا عليه السلام كان قيم القرآن ، وكانت طاعته مفترضة وكان الحجة على الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وأن ما قال في القرآن فهو حق ، فقال –عليه السلام- : رحمك الله ) ، فاتضح أن معنى القيم هنا هو المبين لـجميع ما في الكتاب من مجمل ومتشابه ومبهم وكما قال المولى المازندراني رضوان الله تعالى عليه في شرحه للحديث : ( والمراد به هنا من يقوم بأمر القرآن ويعرف ظاهره وباطنه ومجمله ومؤوله ومحكمه ومتشابـهه وناسخه ومنسوخه بوحي إلهي أو بإلهام رباني أو بتعليم نبوي ) ، وهو من يمكنه إثبات المصداق العملي لقوله تعالى { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ }(النحل/89) ، فلا ريب أن أحكام الله عز وجل كلها في القرآن ولكنها تخفى علينا وعلى الوهابي السابق ، فهلا قال لنا : من يتكفل ببيانـها وتفصيلها من آيات القرآن ؟ حتما سيقول هو الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بمفاد قوله تعالى { وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا }(الحشر/7) ، فهلا قال الوهابي لنا كيف صار كلام الرسول أفصح وأوضح من كلام الله عز وجل ؟! وكيف صار الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أقدر على البيان من الله سبحانه ؟! والمورد هو المورد !!
ثم بزغ لنا بعض براعم الوهابية ك ( عثمان خميس ) الذي صار يردد نفس كلمات الوهابي السابق ، فكان عيالا عليه في كل شيء حتى في التعبيرات والجمل ! قال في شريطه ( الشيعة والقرآن ) : " فإنـهم –الشيعة- يعتقدون أن القرآن ليس حجة بنفسه فعن منصور بن حازم أنه قال لأبي عبد الله –عليه السلام- إن القرآن لا يكون حجة إلا بقيم ، يقول فأقره أبو عبد الله ، وهذا في الكافي الجزء الأول صفحة ثمان وثمانين ومئة ، وقولهم هذا يعني أن الحجة في قول الإمام لا في القرآن لأنه الأقدر على البيان ". فانظر بالله عليك كيف نقل الرواية بالمعنى وصار يردد كلمات سيده الأول كالببغاء !! ، ولـهذا البرعم هرج ولغط كثير في شريطه سنتناول بعضه ونترك أغلبه لمن له طول بال ووقت يضيعه .
- ص 15 - اعلم أن حجية ظواهر الكتاب كانت معروفة غير محتاج إلى الاستدلال ، لأنه كتاب نزل به الروح الأمين على قلبه صلى الله عليه وآله ليكون بشيرا ونذيرا للعالمين ، ويكون به هداية الناس والجنة أجمعين ، وبه انقلب الجهل إلى العلم في جزيرة العرب بحيث صار موردا لتعجب العقلاء والمتمدنين والفصحاء المتكلمين فلا شبهة أنه كتاب أنزل لإفهام المطالب الـحقة لجميع الناس وإيصالهم إلى الكمالات اللائقة بحالهم ولم يشك فيه أحد من الناس إلا شــرذمـة قـليـلـة من الذين أشرنا إليهم في صـدر الـعنـوان . وعمدة ما وجه أو يوجه به قولهم ونظرهم أمور خمسة : أحدها : كونه مشتملا على المضامين العالية التي لا تصل إليها إلا أفهام الأوحدي من الناس . وفيه : أولا …" ( 1 ) . فبدأ رضوان الله تعالى عليه بتوجيه الأدلة لكسر مقالتهم الشاذة . وقال السيد الحكيم رضوان الله تعالى عليه : " وأما ما ذهب إليه جمهور الإخباريين من عدم حجية ظواهر الكتاب ، فقد ذكر له في الكفاية وجوها خمسة : الأول : ما ورد من النصوص الدالة على أن القرآن لا يعرفه إلا أهله ومن خوطب به ، وهم النبي والأئمة عليهم أفضل الصلاة والسلام . الثاني : أن القرآن يحتوي على مطالب عالية شامخة ومضامين غامضة ، فلا يستطيع أن يفهمه كل أحد ، فان فيه علم كل شئ . ولا يستطيع كل أحد أن يصل بفكره إلى ما اشتمل عليه القرآن " ( 2 ) . وقال السيد محمد سعيد الحكيم حفظه الله تعالى وسدد خطاه في المحكم في أصول الفقه بعدما بين فساد أدلة الإخبارية : " وبـهذا يظهر حال بقية الوجوه التي استدل بـها للإخباريين ، فقد استدل لهم بوجوه كثيرة لا مجال للتعويل عليها بعد ما عرفت من إجـمـاع الأصحـاب وتسـالـمـهم على حجية ظواهر الكتاب . مع أنـها في أنفسها غير صالحة للاستدلال " ( 3 ) .
وننقل هنا ما قاله أحد الأفاضل في كتابه دروس في أصول فقه الإمامية : " ومضافا إلى إن سيرة المسلمين في التعامل مع ظواهر القرآن بالأخذ بـها والاعتماد على مؤدياتـها دليل حجية ظهورات القرآن بخاصة . هذا هو رأي جمهور المسلمين بما يكاد يرقي إلى مستوى الضرورة ومنهم أصحابنا
هامش: ( 1 ) تقريرات في أصول الفقه ص254-255 ، للشيخ علي الاشتهاردي . ( 2 ) منتقى الأصول ، تقرير بحث الروحاني للحكيم رضوان الله تعالى عليهما ج4ص217 ، للزيادة راجع حقائق الأصول ج2ص85-90 للسيد محسن الحكيم رضوان الله تعالى عليه . ( 3 ) المحكم في أصول الفقه ج3ص179.
- ص 16 - الأصولية من الإمامية ( 1 ) ، وفي مقابل هذا الرأي ذهب أكثر الأخبارية من الإمامية إلى عدم جواز الأخذ بظواهر القرآن إلا عن طريق ما فسر به من أحاديث رويت عن أئمة أهل البيت عليهم السلام " ( 2 ) .
وحيث أن الأصوليين لا ينعزلون عن روايات أهل البيت عليهم السلام حين استنباط الأحكام الشرعية من ظواهر القرآن فلا يظهر الخلاف واضحا بين المسلكين ، ويظهر في حال عدم وجود مانع من الروايات يمنع من التمسك بظهور الآيات القرآنية فحينها يعتمد الأصوليون على ظواهر القرآن لأنـها حجة في نفسها ، بخلاف الإخباريين ففي هذه الحالة لا يتمسكون بظواهر القرآن لأنـها ليست بحجة في نظرهم بدعوى أن عقولنا أقل شأنا من إدراك ظاهر كلام المولى عز وجل ، فتكون ظواهر الآيات من المتشابه ولا يسعهم حينها إلا الاسترجاع وتلاوة قوله تعالى { وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فأَمّا الَّذينَ في قُلوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وابْتِغاءَ تَأْويلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ }(آل عمران/7).
قال في مصادر الاستنباط : " وقد أجاب المحدث الاسترآبادي عن عمل الإخباريين في الظواهر القرآنية مثل قوله تعالى {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}(المائدة/1) وقوله تعالى {أَوْ لاَمَسْتُمْ النِّسَاءَ}(النساء/43) وقوله تعالى { إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ …}(المائدة/6) وفي ظواهر السنن النبوية مثل قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( لا ضرر ولا ضرار في الإسلام ) حيث قال - أي المحدث - : نحن نوجب الفحص عن أحوالهما بالرجوع إلى كلام العترة الطاهرة عليهم السلام فإذا ظفرنا بالمقصود وعلمنا حقيقة للحال علمنا بـها وإلا أوجبنا التوقف والتثبت " ( 3 ) .
ومن مبانيهم المسلمة القول بصحة كل الروايات الوارد في الكتب الأربعة أي الكافي ومن لا يحضره الفقيه والاستبصار والتهذيب ، فلا داعي لمناقشة السند فيها ، وهذا رأي غير مقبول عند الشيعة اليوم .
وهناك كثير من الأمور التي شذ بـها الإخباريون عن الجمهور ، وقد : " أنـهى الشيخ عبد الله بن صالح السماهيجي هذه الفروق إلى ثلاثة وأربعين فرقا ، وقد تتبع الشيخ يوسف البحراني هذه الفروق فاقتصر على ذكر ثمانية منها وأخذ بمناقشتها ، وانتهى إلى عدم وجود فرق جوهري بين الطرفين
هامش: ( 1 ) وهم كل الشيعة اليوم إن لم نعبأ بالنادر الذي لا يذكر . ( 2 ) دروس في أصول فقه الإمامية ص144. ( 3 ) مصادر الإستنباط بين الأصولين والإخباريين ص 80 ط دار الهادي .
- ص 17 - حيث قال : فلأن ما ذكروه من وجوه بينهما جلّـه أو كله لا يثمر فرقا في المقام . ولعل الشيخ البحراني قد بالغ في عدم الفرق فإن الفروق موجودة ، غير أنه قد شرح وجهة نظره بأن هذه الفروق لا توجب تشنيعا ولا قدحا لأنه نظير الاختلاف الحاصل بين علماء الطائفة . أما الشيخ جعفر كاشف الغطاء فقد ألف كتابا خاصا في هذا الموضوع أطلق عليه أسم ( الحق المبين في تصويب المجتهدين وتخطئة الأخباريين ) حيث ذكر الفروق فأنـهاها إلى ثمانين فرقاً وإذا انتقلنا إلى المحقق الخونساري فإننا نجده يذكر من الفروق تسعة وعشرين فرقا ، كما أنـهى محمد بن فرج الله الدسقوري هذه الفروق إلى ستة وثمانين فرقا وأغلب ما ذكر هو في الفروع التي يختلف فيها الأصوليون أنفسهم فلا تشكل فروقا حقيقية " ( 1 ) .
وما ذهب إليه الإخبارية فُند بأدلة أقامها محققو الطائفة المحقة رضوان الله تعالى عليهم ، وهنا يمكننا القول إن الإخبارية لهم أصولهم وعالمهم الخاص في التعامل مع الأدلة والمغاير لما عليه جمهور الشيعة ، ونادرا ما تجدهم في حالة وفاق ، حتى أن بعضهم كان يتهجم على البعض الآخر بشدة وحدة غريبتين حتى وصل الأمر إلى السباب والشتائم في بعض الأحيان ! والأصوليون بطابع عام يتبرؤون من أفكار هذا التيار ، ولا بأس هنا بنقل تقييم الشهيد مطهري رضوان الله تعالى عليه لهذه المباني والمرتكزات التي قام عليها التيار الإخباري : " قبل أربعة قرون تقريبا ظهرت بيننا نحن الإمـامية فرقة باسم الفرقة الإخبارية ، وهي في قبال الأصولية القائلة بالاجتهاد ، وقد سيطرت على أفكار الناس ما يقارب القرنين أو الثلاثة قرون ، ولم تترك عملا شنيعا إلا وارتكبته من إشعال حربٍ وقتل وأمثالـهما ، أما اليوم فان عدد الإخباريين قليل جدا " ( 2 ) . وقال رضوان الله تعالى عليه : " هذا هو التيار الإخباري وتعصبه الأحمق اللامحدود الذي جعل أصحابه يعتبرون الصحيح والضعيف من الأحاديث على حدٍّ سواء ، إنّه تيار فكري خطر ظهر في دنيا الإسلام ، وتـمخض عن جمود فكري لا زلنا نعاني من تبعاته إذ سرت عدواه إلى أوساطنا " ( 3 ) .
هامش: ( 1 ) مصادر الاستنباط ص66 ط دار الهادي . ( 2 ) الإسلام ومتطلبات العصر ص116 ط دار الأمير . ( 3 ) ن. م ص122-123 . | |
|