الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فَرجه الشريف)
الاسم: الإمام محمد المهدي (ع)
اسم الأب: الإمام الحسن العسكري (ع)
اسم الأم: نرجس
تاريخ الولادة: 15 شعبان سنة 255 للهجرة
محل الولادة: سامرّاء
مدة الغيبة الصغرى: 69 سنة
البشارة النبوية
بسم الله الرحمن الرحيم
في أواخر سني حياته، قصد رسول الله صلّى الله عليه وآله مكة حاجّاً، يرافقه حشد كبير من المسلمين، يتلقون عنه - كعادتهم كل عام - آداب الحج وأحكامه، وفي منى وقف فيهم خطيباً، يدعوهم إلى الحرص على المحبة والمساواة والاتّحاد، ثم ختم خطابه بقوله: «الإئمة بعدي اثنا عشر - ثمّ أردف - كلهم من قريش».
وفي موقف آخر قال: «الأئمة بعدي اثنا عشر، أولهم علي، وآخرهم القائم». (أي قائم أهل البيت، المهدي عليه السلام). وقال أيضاً في موقف ثالث: «المهدي منا أهل البيت . . . يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، بعد ما ملئت ظلماً وجوراً».
كما بين أيضاً أنّ المهدي من ولد فاطمة ومن ذرية الحسين، وذلك حينما ضرب بيده على منكب الحسين وقال: «من هذا مهدي هذه الأمة» عليهم جميعاً أفضل السلام. كانت هذه البشارة من رسول الله (ص) إلى أمّته، موضع اهتمام وانتشار بين الناس، إذ أتت على لسان رسول ربّ العالمين صريحة قاطعةً، تضع الحق في نصابه، وتحدد للأمة الإسلامية قادتها بالحق، فتناقلتها القلوب قبل الألسنة، ودوّنها كتّاب الحديث على اختلافهم، ونقلوها إلينا أحاديث نبوية قدسية، واشترك في روايتها جميع المسلمين، السني منهم والشيعي، كيف لا وهو الإمام المنتظر، والمخلص الموعود، والقائد المظفر، أعدّه الله سبحانه ليظهر به دينه على الدين كله ولو كره المشركون.
أم الإمام المنتظر
ولد الامام الحجة لأبيه من أم رومية، تعرف بين أفراد عائلة الإمام باسم «نرجس». ويروى أنّها كانت بنت ملك من ملوك الروم، وأنّ أمها تنتهي بالنسب إلى «شمعون الصفا» أحد حواريي المسيح عليه السلام.
وقعت «نرجس» في أسر المسلمين بعد معركة جرت بين المسلمين وبين قومها الروم في مدينة تدعى «عمورية»، انتهت المعركة بانتصار كبير للمسلمين، ووقع عدد كبير من الروم أسرى جيء بهم إلى بغداد. وقد جرت العادة أن يباع الأسرى في سوق تسمّى سوق النخاسة، وكان بيع الأسرى يتم لتأمين أماكن لسكناهم ورعايتهم، وكذلك على أساس المعاملة بالمثل، كما كان يجري للأسرى المسلمين، الذين يقعون في أيدي خصومهم من غير المسلمين.
أرسل الإمام الهادي عليه السلام أحد النخاسين واسمه «بشر» إلى بغداد، ليشتري الفتاة الرومية الأسيرة، ويحضرها إليه. فحملها النخاس إلى سامراء حيث يقيم الإمام (ع)، الذي بشرها بمولودها المبارك، المهدي المنتظر، الذي يملك الدنيا، ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً.
سرت «نرجس» لهذه البشرى، وأقامت لدى الإمام قريرة العين. وكانت من الصالحات الناسكات، وحين حملت بالمهدي عليه السلام، خفي حملها على أكثر النساء اللواتي كن قريبات منها، وشاء الله لها أن تكون أماً لأكرم مولود، حارت به الظنون وضلّت به العقول، وصدق به المؤمنون برسالة جده المصطفى، وآبائه أئمة الهدى؛ عليهم جميعاً أفضل الصلاة والسلام. {ونريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين} القصص: الآية 5.
الخامس عشر من شعبان
حلت ليلة النصف من شهر شعبان سنة 255 للهجرة، فطلب الإمام الحسن العسكري من عمته السيدة حكيمة أن تلازم «نرجس» في تلك الليلة ولا تفارقها. فقد شاءت العناية الإلهية أن تكون هذه الليلة المباركة، ليلة الخامس عشر من شعبان، هي الليلة الموعودة، لولادة المنتظر الموعود، ووضعت «نرجس» وليدها المبارك، تحيطه العناية برعايتها، وتحفّ الملائكة بمهده. وأسماه أبوه - إنفاذ لمشيئة الله - محمداً المهدي. وطبقاً للحديث القدسي عن رسول الله (ص):
«لا تذهب الدنيا حتى يلي أمتي رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي». (أي يماثل اسمه اسمي).
ومعنى كلمة «المهدي» هو كل من تلبس بالهدى والصلاح، ودعا إلى الحق والخير والصراط المستقيم. وأصبح هذا الاسم علماً على الإمام الثاني عشر عليه السلام. ويعني إضافة إلى ذلك أنّه سيقود الثورة على الظالمين والجائرين، ويحارب الطغاة والجبابرة، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما ملئت ظلماً وجوراً.
مهدي هذه الأمة
توفي الإمام الحسن العسكري عليه السلام متأثراً بالسم، سنة 260 للهجرة. وكانت سن الإمام المهدي عليه السلام خمس سنوات. ولم يكن يظهر إلاّ للخاصّة المقربين من أنصار أبيه، وذلك حرصاً على حياته، لأنّ العباسيين كانوا جادين في البحث عنه بتحريض من عمه جعفر الكذّاب، رغم إعلانهم بأن الإمام العسكري عليه السلام، توفي دون أن يترك ذرية. وكانوا يدركون مقدار كذبتهم، ويأملون بالعثور عليه والتخلص منه؛ كي يخلو الجو إلى صنيعتهم عمه جعفرٍ.
وقف جعفر يتلقى التعزية بأخيه الإمام (ع)، وحين همّ بالصلاة عليه وتهيأ للتكبير . . ظهر غلام أسمر اللون، وتقدم منه قائلاً:
«تأخّر يا عم، أنا أحق منك بالصلاة على أبي».
بهت جعفر واصفرّ لونه، لكنّه لم يملك إلاّ أن يتنحّى مفسحاً المكان لابن أخيه، الذي صلّى على أبيه، ثم خرج من المكان دون أن يستطيع أحد الإمساك به. وأسقط في يد جعفر، هذا المنحرف الذي ترك خطّ آبائه واختار طريق المنكر والسوء، وصدقت فيه كلمة أبيه الإمام الهادي عليه السلام إذ قال:
«تجنبوا ولدي جعفراً، فإنّه مني بمنزلة ابن نوح، الذي قال الله فيه: {يا نوح إنّه ليس من أهلك، إنّه عمل غير صالح}.